بل الذين كفروا في عزة و شقاق
هدى من الآيات من أهم العوامل التي تدعو الناس الى الكفر بالرسالة ، و محاربتها و بالتالي الانحراف عن الخط المســتقيم ، هو تقديس الواقع القائم أو ما يسمى بالتقليد ، حيث يعتقد المجتمع بأن ما لم يكن لا ينبغي أن يكون ، فالواقع يجب أن يبقى . و يقوي هذا العامل أمران ؛ الاول أنه واقع قائم بينما الرسالة فكرة جديدة لما تتحول الى واقع ، و الثاني أن بعضا من أفراد المجتمع و خاصة الوجهاء و أصحاب المصالح ، يدافعون عن الواقع القائــم و يحاربــون الرسالة ، لانهم يخشون على مصالحهم من أي تبدل أو تحول .
و قد يكون عامل البقاء على الحالة الراهنة ، نابعا من اعتزاز الانسان المبالغ بواقعه و المتمثل في الاصرار و العناد الاعمى على المحافظة عليه ، و هو ما يعبر عنه السياق القرآني مرة بكلمة عزة ، و مرة أخرى بما قاله الكفار لبعضهم إذ تآمروا على العناد و الصبر على الباطل .
و لعلاج هذه الحالة ينبغي بيان الضعف للانسان ، و أن الذي يملكه الآن لا يعد شيئا إذا قورن بما يغنمه لو تقبل الرسالة و اصلح اوضاعه ، و بالتالي دعوته الى التغير نحو حياة أفضل . و هذا من أهم أساليب الانبياء في التغيير ، قال نوح (ع) وهو يشير الى أساليبهفي الدعوة : " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و يمددكم باموال و بنين ويجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا " (1) ، و في موقع آخر من القرآن نجد تجلي صريح لهذا الامر أيضا . يقول تعالى مشجعا الناس على الايمان برسالته : " ولو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الارض ، و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون " (2) |