يا داود : إنا جعلناك خليفة
هدى من الآيات إن فتنة القوة في الحياة فتنة كبيرة و خطيرة ، و من تخلص من غرورها فانه يتغلب على سائر الفتن بصورة أٍسهل ، ذلك أن الانسان يقتحم الصعاب و يركب الاهوال و المخاطر من أجل السلطة ، فاذا تنازل عنها أو بلغها و لم يسخرها إلا في سبيل الخير ، فإنه آنذاك ينتصرعلى أهوائه ، و على الضغوط التي تحيط به .
وفي الوقت الذي حدثتنا هذه السورة عمن صرعتهم هذه الفتنة ، فراحوا يعتزون بقوتهم و يتحدون ربهم و يعتزون بآلهتهم التي تمثل رموز سلطتهم ، و يخالفون ولاية الله باسمها وهم الملأ من الكفار ، يضرب لنا هذا الدرس القرآني مثلا حيا من واقع داود (ع) الذي تجاوز هذه الفتنة . فبالرغم من أنه امتلك القوة الظاهرية في الارض ، كما سخرت له الطيور و الجبال و الحديد ، إلا أنه لم يغتر بقوته بل صار يتقرب إلى الله اللحظة بعد اللحظة من خلال تسبيحه المستمر وآنئذ جعله الله خليفة في الارضتشريعيا و واقعيا .
و نستوحي من اعطاء الله السلطة و ولاية الامر لنبيه داود (ع) بعد استقامته على الحق ، أنه تعالى لا يعطي ولايته الى كل سلطان ، انما للذين يمتلكون ناصية الملك ولا تمتلكهم .
|