ولا يرضى لعباده الكفر
هدى من الآيات يتابع السياق القرآني في هذا الدرس الحديث عن الشرك بالله ، و أن الإنسان إذا مسه الضر دعا ربه منيبا إليه دون الأنداد ، و يحتج الرب عليهم بحجة وجدانية بالغة هي أن الأنداد لا يضرون شيئا ولا ينفعون فلماذا الشرك بهم ، وهم ينسون نسيانا عند الضرورات ، ممايدل على أنهم ليسوا شفعاء الى الله كما يزعمون ، و تكاد آيات القرآن جميعا تحدثنا عن التوحيد و نفي الشرك ، و ذلك لأن الشرك ليس لونا واحدا ، بل ألوانا شتى ، إذ الشرك هو الإستسلام لجاذبية المادة بشتى صورها ، فقد تكون المادة أرضا أو شخصا أو خوفا أو طمعا ، لذلك فإن التخلص من الشرك و أغلاله ينبغي أن يكون بالتخلص عن كل جاذبية تجذب الإنسان نحو الأرض ، كي يحلق بعيدا في سماء التوحيد .
من هنا نجد القرآن العظيم يحدثنا في قضية التوحيد عن ضرورة التخلص من الشرك ، وفي كل مرة يحدثنا عن بعض ألوان الشرك ، ثم إن الناس في خضوعهمللمادة مختلفون ، فمنهم من يخضع بكل صراحة ، و منهم من يستخدم سلاح التبرير ، و هكذا كان نسف قواعد التبرير من أبرز أهداف القرآن الحكيم ، و بما أن التبريرات تختلف من قوم لآخر ، بل حتى بين الأفراد أنفسهم الذين ينتمون الى مذهب شركي واحد ، لذا يعالج القرآن الحكيم كل تبرير بصفة مستقلة و مختلفة .
و في هذا الدرس يعرض الله نموذجين من الناس : الكافرين المشركين الذين يجأرون لله بالدعاء حال الشدة و الضر ، و المؤمنين الذين يقنتون لله آناء الليل ساجدين قائمين ، فرقين من الآخرة ، و يبعدون الله مخلصين ، مسلمين له ، لكي ينسف التمنيات التي يعتمد عليهاالبعض في ارتكاب المعاصي ، فيزعمون - مثلا - أن الأنداد يشفعون لهم فلماذا التقوى من الذنب .
|