الاطار العام
الإسم لم يكن لقمان نبيا و لكنه كان رجلا حكيما ، و كانت حكمته الهية ، و قد خلدها الذكر الحكيم في آياته لتكون نبراسا و هدى ، و سمى السورة باسمه ليضرب مثلا من واقع عبد شكر الله فشكره الله ، و آتاه الحكمة بفضله .
جملة معارف سورة لقمان التنويه بحكمة الله التي تجلت في الكتاب و تتجلى في قلوب المحسنين و لا ينتفع بها المستكبرون .
و لقد آتاها ربنا لقمان ، و لخصها في كلمة هي شكر الله ، و فصلها لقمان لابنه في عشر وصايا تنبعث من الشكر . أولها معرفة الخالق و آخرها عدم التكبر على المخلوقين .
و تبين السورة بتفصيل آيات الله التي تهدي الى توحيده ، و توحيد الله و حدود شكر عباده ، اي لا يجوز ان يطيع الفرد والديه إذا إمراه بالشرك بالله .
و ضمن هذا الاطار تنتظم موضوعات سورة لقاما و فيما يلي بعض التفصيل :
الف : ان حكمة الكتاب تنفع المحسنين فتكون لهم هدى و رحمة ، و هم الذين يقيمون الصلاة ، و يؤتون الزكاة ، و يوقنون بالآخرة ، فهم أصحاب الهداية و الفلاح ، بينما هنالك أناس يشترون بأعمارهم و اموالهم لهو الحديث ، من افكار باطلة ، و ممارسات ماجنة كالغناء ،و هدفهم الضلالة عن سبيل الله ، و يحذر القرآن بأن لهذه الطائفة عذابا مهينا .
بينما أعد ربنا للصالحين جنات النعيم . أوليس ربنا حكيما ، يعطي كل فريق جزاءه العادل وهو القوي العزيز ؟!
و لكي نعرف حمكة الله و بالتالي نشكره ليرزقنا من حكمته يذكرنا السياق بخلق السماوات بغير عمد يرى ، و وضع الجبال في مراسيها لتحافظ على استقرار الارض ، و خلق كل دابة ( ممكنة التصور ) و رزقها عبر النبات الذي ينبته في الارض بالغيث ، و يجعله زوجا كريما ( بحكمته البالغة ) هذا ما خلقه الله ، و هكذا خلقه ، فماذا خلق الشركاء . كلا .. ان الظالمين في ضلال مبين (1 / 11) .
و يعود السياق لبيان آيات الله (20 / 30) بعد ان يذكرنا بمفردات الحكمة التي آتاها لقمان و لخصها في كلمة واحدة ( شكر الله ) ذلك لأن شكر الله لا يتم الا بمعرفته و معرفة الائه و نعمائه علينا ، و أول ما يذكره ان الشكر لله يعود الى نفس الشاكر ، لان اللهغني حميد ، ثم يذكرنا بأن شرط الشكر اجتناب الشرك ، و ينبغي ان يشكر الانسان والديه و لكن في حدود شكر الله ، فاذا أمراه بالشرك فلا يجوز اطاعتهما .
و لابد ان يعرف الانسان انه مسؤول عن أعماله ، و أنه حتى لو كان العمل بوزنخردلة أتى الله به أنى كان ( و هكذا تعود الى الانسان أعماله ) .
و من مفردات الشكر و بالتالي الحكمة اقامة الصلاة ، و الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر ، و الصبر ، و من مفرداته المشي هونا ، و عدم المشي مرحا ، و اجتناب الاختيال و الفخر ، و القصد في المشي ، و الغض من الصوت (12 / 19) .
ثم يذكرنا السياق بنعم الله علينا و التي تستدعي الشكر . أوليس كل شيء نقدر عليه فانما سخره الله لنا ، و اسبغ النعم ظاهرة و باطنة ، بيما نجد البعض يجادل في الله بغير اثارة من علم أو هدى أو كتاب منير .
و هم يتبعون آباءهم الذين اتبعوا الشيطان ، و أكد ربنا ان الخوف من الآباء لا اساس له ، لان التسليم لله وحده ، و الاحسان الى العباد يجعل العبد مصونا من الأشرار ، لانه العروة الوثقى ، و لأن لله عاقبة الأمور .
أما الكفار فانهم لا يحزنون المؤمنين لأن عاقبتهم الى الله الذي يجازيهم ، بلى . يمتعهم في الدنيا قليلا ( دون ان يدل ذلك على قربهم الى الله ) ثم يضطرهم الى عذاب غليظ .
و يذكر السياق بعشر اسماء حسنى لرب العالمين مع تقديم شواهد حق عليها ، لترسيخ قواعد الايمان في قلوبهم ، فالله هو الخالق الذي لا ينكر احد ذلك ، و هو الغني الحميد ، فله ما في السماوات و الارض و هو العزيز الحكيم الذي لا تحصى كلماته و هو السميع البصير .
و هو الخبير الذي يولج الليل في النهار ، و النهار في الليل ، و قد سخر الشمس و القمر و أجراهما في المسير المحدد لهما .
و هــو الحق الذي لا يزال ملكه ، بينما يبطل ما يدعون من دونه و هو العلي الكبير .
و اللـــه يهدي الناس عبر آياته ، و لكن الذين يعيشون الصبر و الشكر يهتدون بها ، و يعرض ربنا سبحانه الناس لبعض الساعات الحرجة ليتضرعوا اليه ، و لكنهم بعدها ينقسمون فريقين فمنهم مقتصد و منهم جاحد ، و الجاحد هو كل ختار كفور ، و هو الذي لا يفي بوعده ولا يشكر نعماء ربه .
و يحذر ربنا الناس من يوم القيامة حين لا تنفع العلاقات النسبية الحميمة ، و يؤكد لهم ان وعده حق ، فلا تغرنهم الدنيا و أهلها ( و بذلك يلخص الرب التحذير من عوامل الانحراف ) .
و في الخاتمة يذكرنا بعلمه المحيط و قدرته الواسعة .
|