فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[55] تحدثنا هذه الآية عن بعض حدود الحجاب الاجتماعية ، و بيان من


(1) الفرقان / 74


يستثنى من هذا الحكم ممن يمكن لنساء النبي عدم التحجب معهم .

[ لا جناح عليهن ]

اي لا عتب ولا ذنب على نساء النبي ، لولم يتحجبن عمن تشير اليهم الآية و هم :

[ في ءابآئهن و لا ابنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ]ان يتحدثن معهم من دون حجاب ، ثم تضيف الآية :

[ ولا نسائهن ]

اي النساء اللواتي يتحدث معهن في الدين ، ثم يستثني القرآن الاخريات من النساء في وضع خاص ، و ذلك إذا كن اماء تحت أيديهن .

[ و لا ما ملكت أيمانهن ]

من غير نسائهن ( المؤمنات ) فعموم النساء غير المؤمنات يجب التحجب عنهن الا الأماء ، و ذلك للحرج و الوقوع فيما لا يطاق ، و لأن الأمة مقطوعة عن مجتمعها الكافر فهي لا تكون نافذة عليه ، و في الآية التفافة لطيفة يتعرض لها المفسرون و هي سكوتها عن الخال والعم ، و يرجعون ذلك لحرمة جلوس نساء النبي لهذين الاثنين مــن غير حجاب ، و السبب ان ابناء العم و الخال يجوز لهم الزواج من ابناء العمة و الخالة ، فمن الممكن ان يحكي العم و الخال لاولادهم حال بنت اخوهما أو اختهما ، مما يمكنهما تشجيعهم على الزواج منها بعد طلاقها أو وفاة زوجها ، بينما يحرم ذلك بقاعدة خاصة على المؤمنين جميعا من نساء النبي (ص) فوجب عليهنالتحجب عن اخوالهن و اعمامهن من دون سائر المؤمنات . (1)و الذي يؤيد هذا الرأي ان ما تعرضت لهم الآية من الذكور لا يجوز لهم الزواج من نساء النبي و ان نزلوا ، و هناك رأي آخر يقول : ان ترك الخال و العم كان لدلالة السياق عليهما ذلك ان الآية ذكرت ابناء الاخوان و ابناء الاخوات ، و هم الذين تصبح المرأة بالنسبةاليهم عمة أو خالة ، فدل على حرمة العم و الخال لأنها ذات العلاقة ، و لا فرق بين العم و العمة و الخال و الخالة . (2)و لم تذكر الآية ايضا والد الزوج أو ابنه لانهما - بالنسبة الى نساء النبي - لم يكونا موجودين عملا .

و بعد هذه المجموعة من الاحكام المتقدمة يحث القرآن نساء النبي على التقوى قائلا :

[ و اتقين الله ]

و هذا التأكيد على التقوى لسببين :

الاول : حتى لا تزعم أي زوجة للرسول ان مجرد انتمائها اليه يعفيها عن المسؤوليات الدينية ، أو يجعلها أرفع درجة من غيرها . كلا .. بل الأهم من الانتماء الظاهري انتماؤها الواقعي للنبي بالتقوى .

الثاني : لان التقوى افضل وازع نفسي عن تعدي حدود الشريعة ، و مالم يسع المؤمن نحو إيجاد روح التقوى في نفسه فانه لن يستطيع الإلتزام بكثير من الأحكام ،(1) تفسير مجمع البيان / ج 8 / ص 368 / عن الشعبي و عكرمة .

(2) تفسير نمونة / ج 17 - ص 412 .


ذلك أن من طبيعة البشر أنه يريد ان يكون مطلقا كما يهوى ، و ليس من شيء يواجه هذه الطبيعة كالتقــوى لما توجده من أحساس بالرقابة الالهية الدائمة و جاء في أحد التفاسير : " و اتقين الله " في نقل الكلام من الغيبة الى الخطاب دلالة على فضل تشديد فيماأمرن به من الاحتجاب و الاستتار ، أي و اسلكن طريق التقوى فيما امرتن به ، و احتطن فيه . (1)[ ان الله كان على كل شيء شهيدا ]


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس