ص 405
الكشاف وغيرهما.. له إقبال على استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، وحاشيته على
الكشاف هي أنفس حواشيه على الإطلاق، مع ما فيها من الكلام على الأحاديث في بعض
الحالات إذا اقتضى ذلك على طريقة المحدثين، مما يدل على ارتفاع طبقته في علمي
المعقول والمنقول 1. 5 - القنوجي: إمام مشهور وعالم مبرور.. 2. *(122)*
إثبات
شمس الدين الخلخالي

أثبت حديث الثقلين حيث قال: قوله بماء يدعى خما أي سمي ذلك
الماء خما، بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم. قوله يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب
أخبر النبي عليه السلام الناس عن وفاته الثقلين قال في شرح السنة: قيل سماهما
ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، لأن الكتاب عظيم القدر والعمل بمقتضاه
ثقيل، وكذا محافظة أهل بيته واحترامهم وانقيادكم لهم إذا كانوا خلفاء بعدي 3.
وقال فيه: قوله: على ناقته القصوى ، قيل إنها ناقة تلقب بالجدعاء وتارة بالعضباء
وأخرى بالقصوى على حسب ما خيل للناظرين. قوله كتاب الله وعترتي ، بيان ما في
ما أخذتم به أو بدل، و أهل بيتي بيان عترتي. يريد بأهل بيتي نسله وعصابته
الأدنين وأزواجه. وقوله من السماء إلى الأرض المراد من السماء الربوبية وبالأرض
الخلق. و لن يتفرقا أي كتاب الله وعترتي 4.
(هامش)
1. البدر الطالع 1 / 229. 2. التاج المكلل: 373. 3. المفاتيح في شرح المصابيح -
مخطوط. 4. المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط. (*)
ص 406
.
ترجمته

1 - الأسنوي: كان إماما في العلوم النقلية والعقلية ذا تصانيف كثيرة
مشهورة، منها (شرح المصابيح) و(مختصر ابن الحاجب) و(المفتاح) و(التلخيص في علم
البيان) وصنف أيضا في المنطق 1. 2 - وابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية 3 / 87).
3 - والجلال السيوطي في (بغية الوعاة 106). 4 - وابن حجر العسقلاني في (الدرر
الكامنة 4 / 260) بمثل ما تقدم. *(123)*
تصحيح شمس الدين الذهبي

قال الشيخاني
القادري ما نصه: وأخرج أبو عوانة عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم (أمر بدوحات)
فقممن، ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي
أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم
قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت
مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنه. قال
الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح 2. أقول: ووافق الحاكم على تصحيحه في (تلخيص
المستدرك 3 / 109).
(هامش)
1. طبقات الشافعية 1 / 505. 2. الصراط السوي - مخطوط. (*)
ص 407
.
ترجمته

1 - ابن شاكر الكتبي في (فوات الوفيات 3 / 315). 2 - وتاج الدين السبكي في
(طبقات الشافعية 5 / 216). 3 - وجمال الدين الأسنوي في (طبقات الشافعية 1 / 558). 4
- وابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية 2 / 72). 5 - وابن حجر العسقلاني في (الدرر
الكامنة في أعيان المائة الثامنة 4 / 426). 6 - والجلال السيوطي في (طبقات الحفاظ
517). 7 - وغياث الدين المدعو خواندمير في (حبيب السير). 8 - (الدهلوي) في (بستان
المحدثين) و(التحفة). 9 - والقنوجي في (التاج المكلل 413). ونكتفي هنا بما ذكره
الشوكاني وهذا نصه: محمد بن أحمد بن عثمان ابن قايماز بن عبد الله التركماني
الأصل، الفارقي ثم الدمشقي، أبو عبد الله شمس الدين الذهبي، الحافظ الكبير المؤرخ،
صاحب التصانيف السائرة في الأقطار، ولد ثالث شهر ربيع الآخر سنة 673، وأجاز له في
سنة مولده جماعة بعناية أخيه من الرضاع، وطلب بنفسه بعد سنة 690 فأكثر عن ابن عساكر
وطبقته، ثم رحل إلى القاهرة وأخذ عن الدمياطي وابن الصواف وغيرهما وخرج لنفسه
ثلاثين بلدا، ومهر في فن الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة. قال ابن حجر:
حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا، وجمع (تاريخ الإسلام) فأربى فيه على من تقدمه بتحرير
أخبار المحدثين خصوصا - إنتهى. أي لا باعتبار تحرير غيرهم، فإن غيره أبسط منه.
واختصر منه مختصرات كثيرة منها (النبلاء) و(العبر) و(تلخيص التاريخ) و(طبقات
الحفاظ) و(طبقات القراء). ولعل (تاريخ الإسلام) في زيادة على عشرين مجلدا وقفت منه
على أجزاء، و(النبلاء) في نحو العشرين مجلدا وقفت منه على أجزاء، وهو مختصر من
(تاريخ الإسلام) باعتبار أن الأصل لمن لم ينبل
ص 408
في الغالب و(النبلاء) ليس إلا لمن نبل، لكنه أطال تراجم النبلاء فيه بما لم يكن في
تاريخ الإسلام. ومن مصنفاته (الميزان في نقد الرجال) جعله مختصا بالضعفاء الذين قد
تكلم فيهم متكلم (وإن كانوا غير ضعفاء في الواقع، ولهذا ذكر فيه مثل ابن معين وعلي
بن المديني باعتبار أنه قد تكلم فيهما متكلم) وهذا كتاب مفيد في ثلاث مجلدات كبار.
وله كتاب (الكاشف) المعروف، ومختصر (سنن البيهقي) الكبرى، ومختصر (تهذيب الكمال)
لشيخه المزي، وخرج لنفسه (المعجم الكبير) و(الصغير) و(المختص بالمحدثين)، فذكر فيه
غالب الطلبة من أهل ذلك العصر، وعاش الكثير منهم بعده إلى نحو أربعين سنة، وخرج
لغيره من شيوخه وأقرانه وتلامذته. وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها، رحل إليه الناس
لأجلها، وأخذوا عنه وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته وطارت في جميع بقاع الأرض،
وله فيها تعبيرات رائقة وألفاظ رشيقة غالبا، لم يسلك فيها مسلكه أهل عصره ولا من
قبلهم ولا من بعدهم. وبالجملة فالناس في التاريخ من أهل عصره فمن بعدهم عيال عليه،
ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره. قال البدر النابلسي في (مشيخته):
كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم جيد الفهم ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الاطناب
فيه - إنتهى 1. *(124)*
رواية جمال الدين الزرندي المدني الأنصاري

روى حديث
الثقلين في كتاب (نظم درر السمطين) حيث قال:
(هامش)
1. البدر الطالع 2 / 110. (*)
ص 409
ذكر وصاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بيته وفضل مودتهم وأن محبتهم من
الإيمان بالله ورسوله: روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحبوا
الله لما يغدوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي. وعن عبد الرحمن
بن عوف (رض) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بعترتي خيرا، وإن موعدكم
الحوض. وعن زيد بن أرقم (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم
ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من
السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف
تخلفوني فيهما. وورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من أحب أن ينسأ له في أجله وأن يمتع بما خوله الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة،
فمن لم يخلفني فيهم بتلك عمره، وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه. وفي رواية عن زيد
بن أرقم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا بماء يدعى خما بين مكة
والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك
أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى
والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. وفي رواية: كتاب الله هو حبل من
اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. قوله صلى الله عليه وسلم: وأنا
تارك فيكم الثقلين سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل والمحافظة على رعايتهما
ثقيل، وقد جعلهما ثقلين لأن كان نفيس وخطير ثقيل، ومنه الثقلان الإنس والجن، لأنهما
فضلا بالتمييز والعقل على سائر الحيوان، وكل شيء له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل،
وسماهما بذلك إعظاما لقدرهما. وفسروا قوله تعالى: *(إنا سنلقي عليك قولا
ص 410
ثقيلا)* أن أوامر الله تعالى وفرائضه ونواهيه لا يؤدى إلا بتكلف ما يثقل، وقيل أي
له وزن. قال زيد بن أرقم رضي الله عنه: أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة
بعده: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به
لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض،
وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض - غريب. وعن جابر رضي
الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته
القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس، إني تركت فيكم ما أخذتم به لن تضلوا،
كتاب الله وعترتي أهل بيتي. ورواه بلفظ آخر عن زيد بن أرقم أيضا 1. وقال نور
الدين السمهودي ضمن طرق الحديث: روى الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي
المدني في كتابه (نظم درر السمطين) حديث زيد من غير إسناد ولا عزو، ولفظه: روى زيد
بن أرقم قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: إني فرطكم على
الحوض وإنكم تبعي، وإنكم توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم عن ثقلي كيف خلفتموني
فيهما. فقام رجل من المهاجرين فقال: ما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله سبب
طرفه بيد الله وسبب طرفه بأيديكم فتمسكوا به، والأصغر عترتي، فمن استقبل قبلتي
وأجاب دعوتي فليستوص بهم خيرا. أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا
تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، وإني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني أن
يردوا علي الحوض كتين - أو قال كهاتين - فأشار بالمسبحتين، ناصرهما لي ناصر،
وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدو.
(هامش)
1. نظم درر السمطين - 231 - 232. (*)
ص 411
وقال الحافظ جمال الدين المذكور، وورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: من أحب أن ينسأ له في أجله وأن يمتع بما خوله الله فليخلفني في
أهلي خلافة حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه
1.
ترجمته

: ترجم له وأثنى عليه ونقل عنه جماعة من كبار العلماء، منهم: 1 - شمس
الدين الكرماني في (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري). 2 - وابن حجر العسقلاني
في (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 4 / 295). 3 - وشهاب الدين أحمد في
(توضيح الدلائل - مخطوط). 4 - وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة). 5 - ونور
الدين السمهودي في (جواهر العقدين - مخطوط). 6 - ومحمد بن يوسف الشامي في (سبل
الهدى والرشاد في سيرة خير العباد). 7 - وأحمد بن محمد بن الفضل بن باكثير المكي في
(وسيلة المآل - مخطوط). 8 - وميرزا محمد خان البدخشاني في (مفتاح النجا - مخطوط). 9
- وأحمد العجيلي في (ذخيرة المآل - مخطوط). وبمراجعة هذه المصادر وغيرها يتبين شأن
هذا الرجل واعتماد أبناء السنة عليه.
(هامش)
1. جواهر العقدين - مخطوط. (*)
ص 412
*(125)*
رواية سعيد الدين الكازروني

روى حديث الثقلين في كتابه (المنتقى في سيرة
المصطفى) وهذا نص كلامه: ومن توقيره صلى الله عليه وسلم بره وبر آله وذريته
وأمهات المؤمنين، قال رسول الله: أنشدكم الله في أهل بيتي - ثلاثا. قال الراوي:
قلنا لزيد: من أهل بيته؟ قال: آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس. وقال صلى الله
عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما . وقال فيه أيضا: ومن طعن في نسب شخص من أولاد فاطمة
رضي الله عنها بأن قال: أفنى الحجاج بن يوسف ذريتها ولم يبق أحد منهم وليس في الناس
أحد يصح نسبه إليها. فقد ظلم وكذب وأساء، فإن تعمد ذلك بعد ما نشأ في بلاد علماء
الدين كاد يكون كافرا، لأنه يخالف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ثبت
في الترمذي عن زيد بن أرقم أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك
فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من
السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف
تخلفوني فيهما. وقد تقدم في حديث المباهلة قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم هؤلاء
أهل بيتي. قال مؤلف هذا الكتاب سعيد بن مسعود الكازروني - جعله الله ممن دخل في
العلم من طريق الباب حتى يفوز بالسداد والصواب: فما دام القرآن باقيا فأولاد فاطمة
باقون، لظاهر الحديث الصحيح .
ترجمته

: 1 - ابن حجر العسقلاني: محمد بن مسعود بن
محمد ابن خواجة إمام
ص 413
مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الشيخ أبي علي الدقاق البلياني
الكازروني. ذكره ابن الجزري في (مشيخة الجنيد البلياني).. ثم قال: كان سعيد الدين
محدثا فاضلا سمع الكثير، وأجاز له المزي صاحب (تهذيب الكمال) وجماعة، وخرج
(المسلسل) وألف (المولد النبوي) فأجاد، ومات في أواخر جمادى الآخرة سنة 758 1. 2
- محيي الدين محمد بن الخطيب القاسم: في (حاشية روض الأخبار المنتخب من ربيع
الأبرار - مخطوط): كان شيخا محدثا في وقته، كتب إجازة بعض تلامذته سنة ثمان
وثلاثين وثمانمائة (سبعمائة ظ) بهراة، وروى عنه الشيوخ، منهم الشيخ شمس الدين محمد
بن محمد بن محمد الجزري الشافعي، وكان الجزري شيخ المحدثين في أوانه وإمام القراء
في زمانه . 3 - وترجم له محمد بن أحمد بن محمد السمرقندي في مقدمة كتابه (ترجمة
المنتقى) ترجمة مفصلة. وهذا المقدار باختصار يكفي لمعرفة عظمة سعيد الدين
الكازروني. *(126)*
رواية ابن كثير الدمشقي

روى حديث الثقلين في تفسير قوله تعالى
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، رواه في تفسير هذه
الآية عن مسلم بسنده عن زيد بن أرقم 2. ورواه في تفسير آية المودة عن أحمد بن حنبل
بسنده عن زيد أيضا، ثم
(هامش)
1. الدرر الكامنة 4 / 255. 2. تفسير ابن كثير 5 / 457. (*)
ص 414
قال بعده: وهكذا رواه مسلم في (الفضائل) والنسائي من طرق (عن) يزيد بن حيان به .
ورواه أيضا عن الترمذي كذلك ثم قال: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن
أرقم وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم 1. وقال أيضا: وقد ثبت في الصحيح أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بغدير خم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض 2. هذا، وقد تقدم في ابن عساكر أن
ابن كثير قد روى حديث الثقلين في (تاريخه) أيض.
ترجمته

: 1 - الذهبي في (المعجم
المختص - مخطوط). 2 - وابن حجر العسقلاني في (الدرر الكامنة في أعيان المائة
الثامنة 1 / 399). 3 - وابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية 2 / 113). 4 - وجلال
الدين السيوطي في (طبقات الحفاظ 529). 5 - والداودي المالكي في (طبقات المفسرين 1 /
110). وللاختصار نكتفي بما يلي: قال الداودي: إسماعيل بن عمر بن كثير.. كان قدوة
العلماء والحفاظ، وعمدة أهل المعاني والألفاظ، تفقه على الشيخين برهان الدين
الفزاري وكمال الدين ابن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه وأخذ
عنه وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية، وقرأ
(هامش)
1. تفسير ابن كثير 6 / 200. 2. تفسير ابن كثير 6 / 199. (*)
ص 415
الأصول على الاصفهاني، وسمع الكثير وأقبل على حفظ القرآن ومعرفة الأسانيد والعلل
والرجال والتاريخ حتى برع في ذلك وهو شاب، وصنف في صغره كتاب الأحكام على أبواب
التنبيه والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير وكتابا في جمع المسانيد العشرة
واختصر تهذيب الكمال وأضاف إليه ما تأخر في الميزان سماه التكميل وطبقات الشافعية
ومناقب الإمام الشافعي وخرج الأحاديث الواقعة في مختصر ابن الحاجب وسيرة صغيرة،
وشرع في أحكام كثيرة حافلة كتب منها مجلدات إلى الحج، وشرح قطعة من البخاري وقطعة
كبيرة من التنبيه، وولي مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي، وبعد موت السبكي مشيخة دار
الحديث الأشرفية مدة يسيرة، ثم أخذت منه. وذكره شيخه الذهبي في المعجم المختص فقال:
فقيه متفنن ومحدث متقن ومفسر نقاد. وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين ابن حجر: كان
أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بتخريجها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان
أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئا كثيرا من الفقه والتاريخ، قليل
النسيان، وكان فقيها جيد الفهم صحيح الذهن، ويحفظ (التنبيه) إلى آخر وقت، ويشارك في
العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت به مع كثرة ترددي إليه إلا
واستفدت منه. وقال غيره: كانت له خصوصية بالشيخ تقي الدين ابن تيمية ومناضلة عنه
واتباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، وامتحن بسبب ذلك
وأوذي. مات في يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ودفن
بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية وقال القنوجي في (أبجد العلوم): الفقيه
الشافعي الحافظ عماد الدين ابن الخطيب شهاب الدين المعروف بالحافظ ابن كثير، ولد
سنة سبعمائة وقدم دمشق وله نحو سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه.. وذكره الذهبي في
ص 416
معجمه المختص فقال: الإمام المحدث المفتي البارع ووصفه بحفظه المتون وسمع من ابن
عساكر وغيره.. وصنف التصانيف الكثيرة في التفسير والتاريخ والأحكام. وقال ابن حبيب
فيه: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف وأطرب الاسماع
بأقواله وشنف، وحدث وأفاد وطارت أوراق فتاواه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير،
وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.. . *(127)*
رواية السيد علي
الهمداني

روى حديث الثقلين في كتابه (المودة في القربى) حيث قال ما نصه: عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم
الثقلين، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وأهل بيتي - ويروي عترتي - لم
(لن ظ) يفترقا حتى يردا علي الحوض . وقال فيه: وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألست بوليكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله ربي وعترتي أهل
بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .
ترجمته

: ترجم له، واعتمد عليه عدة من الأعلام،
مما يدل على جلالته، نذكر من ذلك: 1 - نور الدين جعفر البدخشاني في (خلاصة المناقب
- مخطوط). 2 - عبد الرحمن الجامي في (نفحات الإنس 447). 3 - الكفوي في (كتائب أعلام
الأخيار - مخطوط). 4 - مجد الدين البدخشاني في (جامع السلاسل - مخطوط).
ص 417
5 - شهاب الدين أحمد في (توضيح الدلائل - مخطوط). 6 - حسين الميبدي في (الفواتح). 7
- القشاشي في (السمط المجيد). 8 - الدهلوي (والد الدهلوي) في (الانتباه). 9 -
الفاضل الرشيد الدهلوي (تلميذ الدهلوي) في (إيضاح لطافة المقال). *(128)*
إثبات
السيد محمد الطالقاني في كتابه (رسالة قيافة نامه)

- على ما نقل عنه مجد الدين
البدخشاني في كتابه (جامع السلاسل - مخطوط) بترجمة السيد علي الهمداني. قال في كلام
له في معنى حبل الله : وقال بعضهم: إن المراد من حبل الله هو عترة النبي صلى
الله عليه وسلم، كما قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ألا فتمسكوا
بهما، فإنهما حبلان لا ينقطعان إلى يوم القيامة .
ترجمته

: ترجم له مجد الدين
البدخشاني في كتابه (جامع السلاسل - مخطوط). وقد أثنى عليه الثناء البالغ، ووصفه
بالأوصاف الجميلة التي قلما يصفون أحدا بها. *(129)*
إثبات سعد الدين التفتازاني

أثبت حديث الثقلين حيث قال ما نصه: فإن قيل: قال الله تعالى: *(إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل
ص 418
البيت ويطهركم تطهيرا)*. وقال عليه الصلاة والسلام: إني تركت فيكم ما أخذتم به لن
تضلوا، كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي. وقال عليه السلام: إني تارك فيكم الثقلين،
كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره.
قلنا: لاتصافهم بالعلم والتقوى وشرف النسب، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام قرنهم
بكتاب الله تعالى في كون التمسك بهما منقذا عن الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب
إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية: فكذا في العترة، ولهذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم: من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه 1.
ترجمته

: وقد ترجم للتفتازاني
جماعة من أعيان العلماء، أمثال: 1 - الجلال السيوطي في (بغية الوعاة 391). 2 - وابن
حجر العسقلاني في (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 5 / 119). 3 - والداودي
في (طبقات المفسرين 2 / 319). 4 - والقنوجي في (التاج المكلل 471). 5 - والشوكاني
في (البدر الطالع 2 / 303) وهذا نص كلام الشوكاني: مسعود بن عمر التفتازاني،
الإمام الكبير، صاحب التصانيف المشهورة المعروف بسعد الدين، ولد بتفتازان في صفر
سنة 722، وأخذ عن أكابر أهل العلم في عصره كالعضد وطبقته، وفاق في النحو والصرف
(هامش)
1. شرح المقاصد 2 / 221. (*)
ص 419
والمنطق والمعاني والبيان والأصول والتفسير والكلام وكثير من العلوم، وطار صيته
واشتهر ذكره ورحل إليه الطلبة، وشرع في التصنيف وهو في ست عشرة سنة، فصنف الزنجانية
وفرغ منها في شعبان سنة 738، وفرغ من شرح التلخيص الكبير في صفر سنة 748 بهراة، ومن
مختصره سنة 756، ومن شرح التوضيح في ذي القعدة سنة 758 بكاشان، ومن شرح العقائد في
شعبان سنة 768، ومن حاشية العضدي في ذي الحجة سنة 770، ومن رسالة الارشاد سنة 774،
كلها بخوارزم، ومن المقاصد وشرحه في ذي القعدة سنة 784 بسمرقند، ومن تهذيب الكلام
في رجب منها، ومن شرح المفتاح في شوال سنة 789 بسمرقند أيضا. وشرع في فتاوى الحنفية
يوم الأحد التاسع من ذي القعدة سنة 769 بهراة، وفي تأليف مفتاح الفقه سنة 772، وفي
شرح تلخيص المفتاح سنة 786 كليهما بسرخس، وفي حاشية الكشاف في ثامن ربيع الآخر سنة
789 بظاهر سمرقند. هكذا ذكر ملا زادة تاريخ ما فرغ منه من مؤلفاته وما شرع فيه ولم
يكمل وقال في أول الترجمة ما لفظه: أستاذ العلماء المتأخرين وسيد الفضلاء المتقدمين
مولانا سعد الملة والدين، معدل ميزان المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع والأصول،
أبي سعيد مسعود ابن القاضي الإمام فخر الملة والدين عمر ابن المولى الأعظم سلطان
العارفين الغازي التفتازاني.. وبالجملة، فصاحب الترجمة متفرد بعلومه في القرن
الثامن، لم يكن له في أهله نظير فيها، وله من الحظ والشهرة والصيت في أهل عصره فمن
بعدهم ما لا يلحق به غيره . *(130)*
رواية حسام الدين حميد المحلي

روى حديث
الثقلين في كتابه (محاسن الأزهار في تفصيل مناقب
ص 420
العترة الأخيار الأطهار) كما ذكره العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في (الروضة
الندية) في سياق طرق الحديث الغدير حيث قال ما نصه: وذكر الخطبة بطولها الفقيه
العلامة حميد المحلي في (محاسن الأزهار) في شرح قول الإمام المنصور بالله: أيهما نص
بها أجملا * له على المكي واليثربي بسنده إلى زيد بن أرقم قال: أقبل نبي الله صلى
الله عليه وسلم في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بدوحات
فقم ما تحتهن من شوك، ثم نادى الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم في يوم شديد الحر، إن منا من يضع بعض ردائه على رأسه وبعضه على قدمه من شدة
الرمضاء، حتى أتينا إلى رسول الله، فصلى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا فقال: الحمد لله
نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا عبده ورسوله. أما بعد، أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا النصف من
عمر الذي قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد شرعت في العشرين،
ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم فماذا أنتم
قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلغت
رسالته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خيرا
ما جزى نبيا عن أمته. فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى. فقال: إني أشهد
أن صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم
حين تلقوني عن ثقلي كيف
ص 421
خلفتموني فيهما. قال: فأعضل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين
قال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله وما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله، سبب
طرف بيد الله وطرف بأيديكم، تمسكوا به ولا تزالوا ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي،
من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فإني قد
سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، وناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل ووليهما لي ولي
وعدوهما لي عدو، ألا فإنها لن تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبيها
وتقتل من قام بالقسط. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورفعها وقال: من كنت
مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .
.
ترجمته

وترجم له جماعة من العلماء، ومما يدل على عظمته وجلالته استناد العلامة
الأمير إلى كتابه (محاسن الأزهار)، ونقله عنه كثيرا في كتابه (الروضة الندية)، مع
وصفه ب العلامة الفقيه وتارة الفقيه العلامة حميد الشهيد رحمه الله . وكذا
رواية القاضي الشوكاني لكتابه المذكور، فإنه يعد بذلك من جملة مشايخ الشوكاني في
الإجازة، قال الشوكاني: محاسن الأزهار لحميد الشهيد، أرويها بالإسناد المتقدم في
الديباج إلى الداودي عن القاسم بن أحمد ابن حميد عن المؤلف 1.
(هامش)
1. إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: 78. (*)
ص 422
*(131)*
رواية نور الدين الهيثمي

روى الهيثمي حديث الثقلين في كتابه (مجمع الزوائد
ومنبع الفوائد) - وهو الكتاب الذي جمع فيه زوائد الكتب الستة من (مسند أحمد) و(مسند
البزار) و(مسند أبي يعلى) و(المعاجم الثلاثة للطبراني) - على ما نص عليه المناوي إذ
قال في شرح الحديث: قال الهيثمي رجاله موثقون، ورواه أيضا أبو يعلى بسند لا بأس
به، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وزاد أنه قال في حجة الوداع، ووهم من زعم ضعفه
كابن الجوزي. قال السمهودي: وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة 1.
ترجمته

: 1
- شمس الدين السخاوي: علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر ابن عمر بن صالح، نور
الدين أبو الحسن الهيثمي القاهري الشافعي الحافظ، ويعرف بالهيثمي، كان أبوه صاحب
حانوت بالصحراء، فولد له هذا في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، فنشأ فقرأ القرآن،
ثم صحب الزين العراقي وهو بالغ، ولم يفارقه سفرا وحضرا حتى مات.. وهو مكثر سماعا
وشيوخا، ولم يكن الزين يعتمد في شيء من أموره إلا عليه، حتى أنه أرسله مع ولده
الولي لما ارتحل بنفسه إلى دمشق، وزوجه ابنته خديجة ورزق منها عدة أولاد. وكتب
الكثير من تصانيف الشيخ، بل قرأ عليه أكثرها، وتخرج به في الحديث، بل دربه في إفراد
زوائد كتب كالمعاجم الثلاثة للطبراني والمسانيد لأحمد والبزار وأبي يعلى على الكتب
الستة. وابتدأ أولا بزوائد أحمد فجاء في مجلدين، وكل واحد من الخمسة الباقية في
تصنيف مستقل إلا الطبراني
(هامش)
1. فيض القدير - شرح الجامع الصغير 3 / 15 وانظر: مجمع الزوائد 9 / 163. (*)
ص 423
الأوسط والصغير منهما في تصنيف، ثم جمع الجميع في كتاب واحد محذوف الأسانيد سماه
(مجمع الزوائد). وكذا أفرد زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين، ورتب أحاديث الحلية
لأبي نعيم على الأبواب، ومات عنه مسودة فبيضه وأكمله شيخنا في مجلدين، وأحاديث
الغيلانيات والخلعيات وفوائد أبي تمام والأفراد للدار قطني أيضا على الأبواب في
مجلدين. ورتب كلا من ثقات ابن حبان والعجلي على الحروف.. وكان عجبا في الدين
والتقوى والزهد والاقبال على العلم والعبادة والأوراد، وخدمة الشيخ وعدم مخالطة
الناس في شيء من الأمور، والمحبة في الحديث وأهله، وحدث بالكثير رفيقا للزين، بل قل
أن حدث الزين بشيء إلا وهو معه، وكذلك قل أن حدث هو بمفرده، لكنهم بعد وفاة الشيخ
أكثروا عنه، ومع ذلك فلم يغير حاله ولا تصدر وتمشيخ.. وقد ترجمه ابن خطيب الناصرية
في ذيل تاريخ حلب، والتقي الفاسي في ذيل التقييد، وشيخنا في معجمه وأنبائه ومشيخة
البرهان الحلبي، والغرس خليل الأقفهسي في معجم ابن ظهيرة، والتقي ابن فهد في معجمه
وذيل الحفاظ وخلق كالمقريزي في عقوده. قال شيخنا في معجمه: وكان خيرا ساكنا لينا
سليم الفطرة، شديد الانكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محبا في الحديث
وأهله.. وقال في أنبائه: إنه صار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة، وكان
هينا لينا دينا خيرا محبا في أهل الخير، لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ وكتابة
الحديث، سليم الفطرة كثير الخير والاحتمال والأذى، خصوصا عن جماعة الشيخ، وقد شهد
لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني خيرا. وقال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن
القاهرة. وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار صالحا خيرا..
ص 424
وقال الأقفهسي: كان إماما عالما حافظا زاهدا متواضعا متوددا إلى الناس، ذا عبادة
وتقشف وورع - إنتهى. والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدا، بل هو في ذلك
كلمة اتفاق، وأما في الحديث فالحق ما قاله شيخنا.. 1. 2 - الجلال السيوطي:
الهيثمي الحافظ.. قال الحافظ ابن حجر: كان خيرا ساكنا صينا لينا سليم الفطرة شديد
الانكار للمنكر لا يترك قيام الليل، مات في تاسع عشرين رمضان سنة 807 2. 3 -
الجلال السيوطي أيضا في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده، كما تقدم 3. 4 -
والشوكاني بمثل ما تقدم 4. *(132)*
رواية المجد الفيروز آبادي

روى حديث الثقلين
قائلا: والثقل محركة متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون، ومنه الحديث: إني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي 5.
ترجمته

: 1 - ابن قاضي شهبة في (طبقات
الشافعية 4 / 79). 2 - وتقي الدين الفاسي في (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين).
(هامش)
1. الضوء اللامع 5 / 200. 2. طبقات الحفاظ: 541. 3. حسن المحاضرة 1 / 362. 4. البدر
الطالع 1 / 44. 5. القاموس المحيط 3 / 343. (*)
ص 425
3 - والسخاوي في (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 10 / 79). 4 - والجلال السيوطي في
(بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة 117 - 118). 5 - والشوكاني في (البدر
الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 2 / 280). 6 - والقنوجي في (التاج المكلل 817)
وغيرهم. وبملاحظة هذه المصادر يتبين شأن المجد الشيرازي الفيروز آبادي لدى أبناء
السنة. *(133)*
رواية الحافظ البخاري

المعروف ب (خواجة بارسا) روى حديث الثقلين في
كتابه (فصل الخطاب) فقد قال فيه ما نصه: وقال الشيخ الإمام العارف الولي أبو عبد
الله محمد بن علي الحكيم الترمذي قدس الله تعالى روحه في كتاب (نوادر الأصول في
معرفة أخبار الرسول) في الأصل الموفي خمسين: حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، قال
حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه رضي الله عنهما، عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة
وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس قد تركت ما إن أخذتم به لن
تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي. حدثنا نصر، قال حدثنا زيد بن الحسن، قال حدثنا
معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي
الله عنه قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع خطب فقال: يا
أيها الناس إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه
من قبل، وإني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني فرطكم على الحوض، وإني سائلكم حين
تردون علي عن الثقلين، فانظروا
ص 426
كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عزو جل، سبب طرفه بيد الله سبحانه وطرفه
بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا. وعترتي أهل بيتي، فإني قد نبأني
اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض . وقال فيه نقلا عن جامع
الأصول: وقال زيد بن أرقم رضي الله عنه: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ووعظ وذكر
ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني
تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله عزو جل فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. أخرجه مسلم رحمه الله تعالى. قال زيد رضي الله عنه:
أهل بيته صلى الله عليه وسلم من حرم الصدقة بعده، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل
عباس رضي الله عنهم. قيل لزيد: أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته،
ولكن أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده - كذا أخرجه مسلم رحمه الله .
.
ترجمته

1 - الكفوي: محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري المعروف بخواجه محمد
بارسا. أعز خلفاء الشيخ الكبير خواجه بهاء الدين نقشبند قدس الله أرواحهما. كان من
نسل حافظ الدين الكبير تلميذ شمس الأئمة الكردري قد نص عليه في ذكر محمود الأنجير
الماضي في قلب الكتيبة الحادي عشر. ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة، وقرأ العلوم على
علماء عصره، وقد كان قد بهر على أقرانه في دهره، وحصل الفروع والأصول، وبرع في
المعقول
ص 427
والمنقول، وكان شابا. أخذ الفقه عن قدوة وبقية أعلام الهدى الشيخ الإمام الشيخ
العارف الولي أبو الطاهر محمد بن الحسن بن علي الطاهر، ووقع منه الإجازة في أواخر
شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة في بخارى. وروي عن خواجه محمد بارسا أنه قال: أجازني
بقية أعلام الهدى أبو الطاهر أني أروي عنه ما قرأت عليه وما سمعت من الفروع
والأصول، وأدرس ما أحرزته من المعقول والمنقول على الشرط المشروط عند النقلة
والرواة، وقد أكملت في تلك السنة عشرين، وذلك في أواخر شعبان سنة ست وسبعين
وسبعمائة. وأخذ أبو الطاهر عن الشيخ الإمام مولانا صدر الشيعة عبيد الله البرهاني
المحبوبي، ووقع الإجازة منه في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمائة. وهو أخذ عن جده
تاج الدين محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين عبيد الله المحبوبي، عن أبيه
أحمد عن أبيه جمال الدين، عن الشيخ الإمام المفتي إمام زاده صاحب الشرعة، عن العماد
الزرنجري عن أبيه شمس الأئمة الزرنجري عن شمس الأئمة السرخسي، عن شمس الأئمة
الحلواني عن أبي علي النسفي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن أبي الفضل، عن عبد
الله السدموني عن أبي عبد الله عن أبي حفص الكبير، عن أبيه عن محمد عن أبي حنيفة
رحمة الله عليهم أجمعين. وأخذ الفروع والأصول عنه المولى العالم الكامل الياس بن
يحيى بن حمزة الرومي، وأجازه ببخارى يوم الجمعة الحادي والعشرين من شعبان سنة إحدى
وعشرين وثمانمائة، وأخذ عنه أيضا ولده المولى العارف الرباني حافظ الدين محمد بن
محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري الشهير بخواجه أبو نصر بارسا 1. 2 - غياث
الدين المدعو ب (خواندمير) في تاريخه (حبيب السير في
(هامش)
1. كتائب أعلام الأخيار. (*)
ص 428
أخبار أفراد البشر): كان من أولاد عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهما، توجه
في محرم سنة 822 لأداء فريضة الحج وزيارة قبر خير الأنام عليه الصلاة والسلام..
وكلما دخل بلدة أو قرية تلقاه أهلها وعلماؤها بالإكرام والإعزاز، وعندما وصل مكة
وفرغ من المناسك ابتلي بمرض شديد حتى إنه طاف الطواف الأخير وهو محمول. ثم إنه توجه
إلى المدينة على ما هو عليه من الضعف والمرض، فبينما هو في بعض الطريق إذ أمر أحد
أصحابه بكتابة هذه الكلمات: بسم الله الرحمن الرحيم. جاءني سيد الطائفة الجنيد قدس
الله سره في ضحوة يوم السبت التاسع عشر من ذي؟؟ لحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة
عند انصرافنا من مكة المكرمة زادها الله تعالى تكريما، ونحن نسير مع الركب وأنا بين
النوم واليقظة، فقال لي: زيارة وبشارة، القصد مقبول. فحفظت هذه الكلمة وسررت بها،
ثم استيقظت من الحالة الواقعة بين النجوم واليقظة، والحمد لله على ذلك. حتى وصل
المدينة المنورة يوم الأربعاء في الثالث والعشرين من الشهر نفسه، فتوفي يوم الخميس،
فصلى عليه مولانا شمس الدين الفناري، وأهل الركب ليلة الجمعة، ودفن في تلك الليلة
بجوار العباس رضي الله عنه. ومن مؤلفات الخواجة محمد پارسا كتاب (فصل الخطاب) وهو
الكتاب الذي لا ينظر إليه علماء الشيعة بنظر الاعتبار . 3 - ومجد الدين البدخشاني
في (جامع السلاسل - مخطوط). 4 - وعبد الرحمن الجامي كما تقدم 1. وهذا المقدار كاف
لمعرفة عظمة الرجل..
(هامش)
1. نفحات الإنس: 392. (*)
ص 429
*(134)*
رواية ملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي

روى حديث الثقلين بطرق عدة من
الكتب المعتبرة في الأخبار والسنة، مع بيانات له تؤكد معنى الحديث وتصريح بما هو
الحق الذي لا ريب فيه. قال في الجلوة الأولى فيما جاء في تمسكهم: وفي (دستور
الحقائق) للإمام فخر الدين الهانسوي رحمه الله: روى عن زيد بن أرقم قال: لما رجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل عند غدير خم - وهو اسم موضع بين
مكة والمدينة - فأخر أن يجمع رحال الإبل، فجعلها كالمنبر فصعد عليها وقال: إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي. وفيه أيضا: من
أراد أن يتمسك بالحبل فليحب عليا وذريته. وفي (المشارق) في باب أما و(المصابيح) عن
زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا بماء يسمى خما بين
مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد أيها الناس، إنما
أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. وفي (العمدة) و(الدرر) و(تاج الأسامي): إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن تضلوا أبدا إن تمسكتم بهما. وفي (الأربعين عن
الأربعين) و(كتاب الشفاء) و(نصاب الأخبار) و (المصابيح) و(مشكاة الأنوار)
و(النسائية): أنا محمد بن المثنى، قال نبأ يحيى (بن حماد، قال أنا أبو عوانة، عن
سليمان، قال ثنا حبيب) بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لما رجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ثم
قال: إني
ص 430
دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر وأكبر، كتاب الله حبل
ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما. وفي (المصابيح) في الحسان: عن جابر رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناقة القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها
الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي 1. ثم إنه تكلم
على هذا الحديث وأحاديث أخرى بما لا مزيد عليه، إذ شرحها شرحا يكشف عن أسرارها
ويوضح مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الأقوال، كلمة كلمة. ثم إنه رواه في
الجلوة الثالثة والخامسة والسادسة من كتابه المذكور. كما رواه في كتابه الآخر
(مناقب السادات).
ترجمته

: 1 - الشيخ عبد الحق الدهلوي في (أخبار الأخيار). 2 -
ومحمد محبوب عالم في (تفسير شاهي) حيث ينقل عنه. 3 - وولي الله الدهلوي (والد
الدهلوي) في (المقدمة السنية). 4 - والكاتب الجلبي في (كشف الظنون) حيث ذكر كتبه. 5
- وغلام علي آزاد في (سبحة المرجان في علماء هندوستان 39). 6 - ورشيد الدين خان
الدهلوي في (إيضاح لطافة المقال) و(غرة الراشدين). وهذا تعريب ما ذكره الشيخ عبد
الحق الدهلوي في ترجمة الدولت آبادي: القاضي شهاب الدين الدولت آبادي، أوصافه
أشهر من أن تذكر،
(هامش)
1. هداية السعداء - مخطوط. (*)
ص 431
فإنه - وإن كان في عصره علماء وأساتذة كثيرون - اشتهر من بينهم ونال القبول التام
في أهل زمانه دونهم. ومن تصانيفه (حواشي الكافية) وهو في غاية اللطافة والمتانة،
وقد اشتهر في زمانه وانتشر في الأقطار، و(الارشاد) في النحو، وقد التزم فيه التمثيل
في ضمن التعبير، ورتبه ترتيبا جيدا، وهو أيضا فريد من نوعه، و(بديع البيان) في علم
البلاغة، وقد تقيد فيه بالسجع، و(البحر المواج) وهو تفسير للقرآن الكريم
بالفارسية.. وله (شرح أصول البزودي) إلى مباحث الأمر.. ورسائل وكتب أخرى بالعربية
والفارسية. وله رسالة في تقسيم العلوم، وأخرى في (الصنائع) بالفارسية. وكان ينظم
الشعر أيضا. توفي في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وقبره في مدينة (جونبور). وللقاضي
شهاب الدين رسالة تسمى ب (مناقب السادات) ذكر فيها وجوب محبة أهل البيت عليهم
السلام، وأسأله تعالى أن يسعده في الآخرة ببركاتها 1. *(135)*
رواية ابن الصباغ
المالكي

روى حديث الثقلين حيث قال: وروى الترمذي أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه. هذا اللفظ
بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه. وزاد غيره - وهو الزهري - ذكر اليوم والزمان
والمكان، قال: لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وعاد قاصدا المدينة
قام بغدير خم - وهو ما بين مكة والمدينة - وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة
(هامش)
1. وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر 3 / 19. (*)
ص 432
الحرام وقت الهاجرة وقال: أيها الناس إني مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلغت ونصحت؟
قالوا: نشهد أنك بلغت ونصحت. ثم قال: وأنا أشهد أني قد بلغت ونصحت. ثم قال: أيها
الناس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله
وأنك رسول الله. قال: وأنا أشهد مثل ما شهدتم. ثم قال صلى الله عليه وسلم أيها
الناس قد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي، ألا وإن
اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وسعة حوضي ما بين بصري
وصنعاء، عدد آنيته عدد النجوم، إن الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وفي أهل بيتي.
ثم قال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين؟ قالوا: الله ورسوله أولى بالمؤمنين
يقول ذلك ثلاث مرات. ثم قال في الرابعة - وأخذ بيد علي رضي الله عنه -: من كنت
مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - يقولها ثلاث مرات - ألا
فليبلغ الشاهد الغائب 1.
ترجمته

: وقد ترجم له ونقل عنه معتمدا عليه جماعة من
مشاهير العلماء منهم: 1 - نجم الدين عمر بن فهد المكي في (إتحاف الورى بأخبار أم
القرى). 2 - وشمس الدين السخاوي في (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 5 / 283). 3 -
ونور الدين السمهودي في (جواهر العقدين - مخطوط). 4 - ونور الدين الحلبي في (السيرة
الحلبية). 5 - والشيخاني القادري في (الصراط السوي - مخطوط). 6 - وعبد الرحمن
الصفوري في (نزهة المجالس).
(هامش)
1. الفصول المهمة: 23. (*)
ص 433
7 - ومحمد محبوب عالم في (تفسير شاهي). 8 - وإكرام الدين الدهلوي في (سعادة
الكونين). 9 - ومحمد الصبان في (إسعاف الراغبين). 10 - والعجيلي في (ذخيرة المآل -
مخطوط). 11 - والعدوي الحمزاوي في (مشارق الأنوار). 12 - والشبلنجي في (نور
الأبصار). والخلاصة: إن الرجل من كبار علماء أهل السنة البارزين الذين اعتمدوا على
كتبهم ونقلوا رواياتهم. *(136)*
رواية شمس الدين السخاوي الشافعي

روى حديث الثقلين
بطرق وأسانيد متكثرة، فقال في بيان تفسير آية المودة: وإذ قد بان لك الصحيح في
تفسير هذه الآية فأقول: قد جاءت الوصية الصريحة بأهل البيت في غيرها من الأحاديث،
فعن سليمان بن مهران الأعمش عن عطية بن سعيد العوفي وحبيب بن أبي ثابت، أولهما عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وثانيهما عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما
أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن
يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أخرجه الترمذي في جامعه
وقال: حسن غريب - إنتهى. وحديث أبي سعيد عند أحمد في مسنده من حديث الأعمش، وكذا من
حديث أبي إسرائيل الملائي إسماعيل بن خليفة وعبد الملك بن سليمان، ورواه الطبراني
في الأوسط من حديث كثير النواء أربعتهم عن عطية، ورواه
ص 434
أبو يعلى وآخرون. وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية، بل أعجب من
ذلك قوله: إنه حديث لا يصح، مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في صحيح مسلم، فقد أخرج
في صحيحه حديث زيد من طريق سعيد بن مسروق وأبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان كلاهما
واللفظ الثاني - عن يزيد بن حيان عن ثانيهما عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام
فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد
الله وأثنى عليه ووعظ ثم ذكر ثم قال: أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن
يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى النور،
فخذوا بكتاب الله واستمسكوا فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي ثلاثا. فقيل لزيد: من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال:
نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟ قال: هم آل علي
وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
وفي لفظ: قيل لزيد رضي الله عنه: من أهل بيته؟ نساؤه؟ فقال: لا أيم الله إن المرأة
تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أمها. وفي رواية غيره: إلى أبيها
وأمها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. أخرجه مسلم أيضا، وكذلك
النسائي باللفظ الأول، وأحمد والدارمي في مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه، وآخرون
كلهم من حديث أبي حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان. وأخرجه الحاكم
في المستدرك من حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن
زيد بن أرقم رضي الله عنه. ومن حديث سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل أيضا.
وحديث أبي الضحى مسلم بن صبيح عن زيد بن أرقم رضي الله عنه. وقال عقب كل طريق من
الطرق الثلاثة: إنه صحيح على شرط
ص 435
الشيخين ولم يخرجاه. وكذا أخرجه من طريق يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم، وافقه على
تخريج هذه الطريق الطبراني في الكبير.. وأخرجه الطبراني أيضا من حديث حكيم بن جبير
عن أبي الطفيل عن زيد.. وفي الباب عن جابر، وحذيفة بن أسيد، وخزيمة بن ثابت، وسهل
بن سعد، وضميره، وعامر بن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عباس وعبد
الله بن عمر، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وعلي بن أبي طالب، وأبي ذر، وأبي رافع،
وأبي الشريح الخزاعي، وأبي قدامة الأنصاري، وأبي هريرة، وأبي الهيثم به التيهان
ورجال من قريش، وأم سلمة وأم هاني ابنة أبي طالب الصحابية رضوان الله عليهم. أما
حديث جابر فرواه الترمذي في (جامعه) من طريق زيد بن الحسن.. ورواه أبو العباس ابن
عقدة في (الولاية) من طريق يونس بن عبد الله بن أبي فروة.. وأما حديث حذيفة بن أسيد
الغفاري فرواه الطبراني في (معجمه الكبير) من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل عنه
وزيد بن أرقم.. ومن هذا الوجه أورده الضياء في (المختارة). ورواه أبو نعيم في
(الحلية) وغيره من حديث زيد بن الحسن الأنماطي عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن
حذيفة وحده به. وأما حديث خزيمة فهو عند ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي
الجارود كلاهما عن أبي الطفيل أن عليا رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال: أنشدكم الله من شهد غدير خم إلا قام، ولا يقوم رجل يقول نبئت أو بلغني إلا رجل
سمعت أذناه ووعاه قلبه. فقام سبعة عشر رجل منهم: خزيمة ابن ثابت وسهل بن سعد وعدي
بن حاتم وعقبة بن عامر وأبو أيوب الأنصاري أبو سعيد الخدري وأبو شريح الخزاعي وأبو
قدامة الأنصاري وأبو ليلى وأبو الهيثم بن التيهان ورجال من قريش، قال علي رضي الله
عنه وعنهم:
ص 436
هاتوا ما سمعتم. فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة
الوداع حتى إذا كان الظهر خرج رسول الله، فأمر بشجرات شذبن وألقي عليهن ثوب ثم نادى
بالصلاة، فخرجنا فصلينا، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما أنتم
قائلون؟ قالوا: قد بلغت. قال: اللهم اشهد - ثلاث مرات. قال: إني أوشك أن أدعى
فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون. ثم قال: ألا إن أموالكم ودماءكم حرام كحرمة يومكم
هذا وحرمة شهركم هذا، أوصيكم بالنساء، أوصيكم بالجار، أوصيكم بالمماليك، أوصيكم
بالعدل والاحسان. ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، نبأني بذلك اللطيف الخبير. وذكر الحديث
في قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه . فقال علي رضي الله عنه:
صدقتم وأنا على ذلك من الشاهدين. وأما حديث زيد فرواه أحمد في (مسنده).. وأما حديث
سهل فقد تقدم مع خزيمة. وأما حديث ضميرة الأسلمي فهو في (الموالاة) من حديث إبراهيم
بن محمد الأسلمي عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده رضي الله عنه... وأما
حديث عامر فأخرجه ابن عقدة في (الموالاة) من طريق عبد الله ابن سنان عن أبي الطفيل
عن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما... ومن طريق ابن عقدة أورده
أبو موسى المديني في (ذيله) في الصحابة وقال: إنه عزيز جدا. وأما حديث عبد الرحمن
بن عوف فهو عند ابن أبي شيبة، وعند أبي يعلى في (مسنديهما)، وكذا أخرجه البزار في
(مسنده) أيضا... وأما حديث ابن عباس فأشار إليه الديلمي في (مسنده).
ص 437
وأما حديث ابن عمر فهو في (المعجم الأوسط) للطبراني بلفظ: آخر ما تكلم به رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أخلفوني في أهل بيتي. وأما حديث عدي بن حاتم وعقبة بن عامر فقد
تقدم حديثهما في خزيمة. وأما حديث علي فهو عند إسحاق بن راهويه في (مسنده) من طريق
كثير بن زيد عن محمد بن عمر بن علي أبي طالب.. وكذا رواه الدولابي في (الذرية
الطاهرة). ورواه الجعابي من حديث عبد الله بن موسى عن أبيه عن عبد الله بن حسن عن
أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه. ورواه البزار... وأما حديث أبي ذر فأشار إليه
الترمذي في (جامعه)، وأخرجه ابن عقدة من حديث سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن
أبي ذر رضي الله عنه... وأما حديث أبي رافع فهو عند ابن عقدة أيضا من طريق محمد بن
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه
وسلم... وأما حديث أبي شريح وأبي قدامة فقد تقدما في خزيمة. وأما حديث أبي هريرة
فهو عند البزار في (مسنده)... وأما حديث الهيثم ورجال من قريش فقد تقدموا في خزيمة.
وأما حديث أم سلمة فحديثها عند ابن عقدة من حديث هارون بن خارجة عن فاطمة ابنة علي
عن أم سلمة رضي الله عنها... وأما حديث أم هاني فحديثها عنده أيضا من حديث عمر بن
سعيد عن عمر ابن جعدة بن هبيرة عن أبيه . 1.
(هامش)
1. استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط. (*)
ص 438
.
ترجمته

ذكرنا ترجمته مفصلة عن جماعة في مجلد حديث (مدينة العلم)، وهنا نكتفي
بخلاصة ما ذكره هو بترجمة نفسه: ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة،
وأدخله أبوه المكتب بالقرب من الميدان عند المؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسي
الناسخ، فأقام عنده يسيرا جدا، ثم نقله لزوج أخيه الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد
الأزهري أحد أصحاب العارف بالله يوسف الصفي، فقرأ عنده القرآن وصلى به الناس
التراويح في رمضان، ثم توجه به أبوه لفقيه المجاور لمسكنه المفيد النفاع القدوة
الشمس محمد بن أحمد التحريري الضرير مؤدب البرهان ابن خضر والجلال ابن الملقن، وابن
أسد، وغيرهم من الأئمة، ولزم الأستاذ الفريد البرهان ابن خضر، وكذا قرأ على أوحد
النحاة الشهاب أبي العباس الحناوي. وأخذ العربية أيضا عن الشهاب الأبدي المغربي،
والجمال ابن هشام الحنبلي حفيد سيبويه وقته الشهير وغيرهما، وحضر عند الشمس
الوقائي.. وكذا أخذ اليسير من الفقه عن العلم صالح البلقيني... وحضر تقسيم البهجة
بتمامه عند الشرف المناوي وتقسيم المهذب أو غالبه عند الزين البوتنجي، وتردد إليه
في الفرائض وغيرها، بل أخذ عن الشهاب ابن المجدي، وقرأ الأصول عن الكمال ابن إمام
الكاملية، وحضر كثيرا من دروس التقي الشمني، وأخذ دروسا كثيرة عن الأمين الأقصرائي،
وكثير من التفسير وغيره عن السعد ابن الديري، ومن شرح ألفية العراقي عن الزين
السندبيسي، بل قرأ الشرح بتمامه على الزين العراقي، وأخذ قطعة من القاموس في اللغة
تحريرا واتقانا مع المحب ابن الشحنة، ولزم الشمس الطبنداني الحنفي إمام مجلس
التدرسية فيها أياما، ولبس الخرقة مع التلقين من المحيوي حفيد الكمال يوسف العجمي،
وأبي محمد مدين الأشموني، وأبي الفتح الفوي وعمر التنيسي في آخرين في هذه العلوم
وغيرها كابن الهمام، وأبي القاسم النويري، والعلاء القلقشندي، والجلال المحلي،
والمحب
ص 439
الأقصرائي. وقبل ذلك كله سمع مع والده الكثير من الحديث على شيخه إمام الأئمة
الشهاب ابن حجر، حتى صار أكثر أهل العصر مسموعا وأوسعهم دراية. ومن محاسن من أخذ
عنه من عنده الصلاح ابن أبي عمر، وابن أميلة، وابن النجم، وابن الهبل، والشمس ابن
المحب، والفخر ابن يسارة، وابن الخوجي، والمنبجي، والزيتاوي، والبياني، والسوقي
والطبقة، ثم من عنده القاضي العز ابن جماعة، والتاج السبكي، وأخوه البهاء، الجمال
الأسنائي، والشهاب الأذرعي، والكرماني، والصلاح الصفدي، والقيراطي، والحراوي، ثم
الحسين التكريتي، والأميوطي، والباجي، وأبو البقاء السبكي، والنشاوري، وابن الذهبي،
وابن العلائي، والآمدي، والنجم ابن الكشك، وأبو اليمن، وابن الكويك، وابن الخشاب،
وابن حاتم، والمليحي، وابن رزين، والبدر ابن الصاحب، ثم السراج الهندي، وأكمل الدين
البلقيني، وابن الملقن، والعراقي، والهيثمي، والأبناسي، والبرهان ابن فرحون. وهكذا
سمع من أصحاب أبي طاهر ابن الكويك، والعز ابن جماعة، وابن خير، ثم من أصحاب الولي
العراقي، والفوي، وابن الجزري، ثم من يليهم، والبرهان الزمزمي، والتقي ابن فهد،
والزين الأمياطي، والشهاب الشوابطي، وأبي السعادات، وابن ظهيرة، وابن حامد بن
العيناء، والبدر عبد الله بن فرحون، والشهاب أحمد بن النور المحلي، وابن الفرج
المراغي، والثغر الاسكندري. ولهذا كله زاد عدد من أخذ عنه من الأعلى والدون
والمساوي حتى الشعراء ونحوهم على ألف ومائتين، والأماكن التي تحمل فيها من البلاد
والقرى على الثمانين. واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف. وهي
تتنوع أنواعا:
ص 440
أحدها: ما رتب على الأبواب الفقهية ونحوها، وهي كثيرة جدا. ثانيها: ما رتب على
المسانيد. ثالثها: ما هو على الأوامر والنواهي. رابعها: ما هو على الحروف في أول
كلمات الأحاديث. خامسها: ما هو في الأحاديث الطوال خاصة. سادسها: ما يقتصر فيه على
أربعين حديثا فقط. سابعها: ما هو على الشيوخ. ثامنها: ما هو على الرواة. تاسعها: ما
يقتصر فيه على الأفراد والغرائب. عاشرها: ما لا تقيد فيه بشيء مما ذكر. حادي عشرها:
ما لا إسناد فيه بل اقتصر فيه على المتون مع الحكم عليها. إلى غيرها من المسموعات
التي لا تقيد فيها بالحديث كالشاطبية والرائية في علم القراءة والرسم والألفية في
علمي النحو والصرف وجمع الجوامع في الأصلين التصوف. كما أنه ليس المراد بما ذكر من
الأنواع الحصر، إذ لو سرد كل نوع منه لطال ذكره وعسر الآن حصره، بل لو سرد مسموعه
ومقروءه على شيخه فقط لكان شيئا عجبا. وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرسول
صلى الله عليه وسلم بالسند المتماسك فيه عشرة أنفس. وشرع في التصنيف والتخريج قبيل
الخمسين وهلم جرا. ومما صنفه في علوم هذا الشأن: فتح المغيث بشرح ألفية الحديث،
الغاية في شرح منظومة ابن الجوزي الهداية في مجلد لطيف، والايضاح في شرح نظم
العراقي للاقتراح في مجلد لطيف أيضا، والنكت على الألفية وشرحها بيض منه نحو ربعه
في مجلد وشرح التقريب للنووي في مجلد، وبلوغ الأمل بتلخيص كتاب الدار قطني في العلل
كتب منه الربع مع زوائد مفيدة، وتكملة تلخيص شيخنا للمتفق والمفترق ومنه في الشروح
تكملة شرح الترمذي للعراقي كتب منه أكثر
ص 441
من مجلدين في عدة أوراق من المتن، وحاشية في أماكن من شرح البخاري لشيخه وغيره من
تصانيفه، وشرح الشمائل النبوية للترمذي ويسمى أقرب الوسائل كتب منه نحو مجلد،
والقول المفيد في إيضاح شرح العمدة لابن دقيق العيد، والضوء اللامع لأهل القرن
التاسع، والذيل على دول الإسلام للذهبي، والقول المنبي في شرح ابن عربي في مجلد
حافل، واستجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي الشرف. وفرض أشياء من تصانيفه
غير واحد من أئمة المذاهب، فمن الشافعية شيخه والعلاء القلقشندي والجلال المحلي
والعلم البلقيني. وأئمة الأب: منهم الشهاب الحجازي وابن صالح وابن حنطة. ومن
الحنفية: العيني وابن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي والزين قاسم وأبو الوقت
المرشدي المكي. ومن المالكية: البدر ابن النيبسي قاضي مصر، وابن المخلطة قاضي
اسكندرية والحسام ابن جرير قاضي مصر أيضا. ومن الحنابلة: العز الكتاني. وأفرد مجموع
ذلك ونحوه في تأليف، اجتمع فيه منهم نحو المائتين، أجلهم شيخه فقرض له على غير واحد
من تصانيفه، وكان من دعواته له قوله: والله المسؤول أن يعينه على الحصول حتى يتعجب
السابق من اللاحق، وأثنى خطا ولفظا بما أثبته في التأليف المشار إليه، وضبط عنه غير
واحد من أصحابه تقديمه على سائر جماعته.. ومنهم الحافظ محدث الحجاز التقي ابن فهد
الهاشمي، حيث وصفه بأشياء منهم: زين الحفاظ، وعمدة الأئمة الإيقاظ. وكان ولده
الحافظ النجم عمر لا يقدم عليه أحدا، ومما كتبه الوصف: شيخنا الإمام العلامة الأوحد
الحافظ الفهامة المتقن، العلم الزاهر والبحر الزاخر عمدة الحفاظ وخاتمتهم، من بقاؤه
نعمة يجب الاعتراف بقدرها ومنة لا يقام شكرها، وهو حجة لا يسع الخصم لها الجحود،
وآية تشهد بأنه إمام
ص 442
الوجود، وكلامه غير محتاج إلى شهود. والحافظ الرحلة الزين القاسم الحنفي، ومن بعض
كتابته الوصف بالواصل إلى دقائق هذا الفن وجليله والمروي فيه من الصدى جمع غليله.
والعلامة الموفق أبو ذر ابن البرهان الحلبي الحافظ، فوصف بمولانا وشيخنا العلامة
الحافظ الأوحد، قدم علينا حلب فأفاد وأجاد، كان الله له. بل صرح بما هو أعلى منه.
والبرهان البقاعي: إن ممن ضرب في الحديث بأوفر نصيب وأوفى سهم مصيب المحدث البارع
الأوحد المفيد الحافظ الأمجد... والعز الحنبلي، ومنه الوصف بالامام العلامة الحافظ
الأستاذ الحجة المتقن المحقق شيخ السنة حافظ الأمة إمام العصر أوحد الدهر، مفتي
المسلمين محيي سنة سيد الأولين والآخرين، أبقاه الله للمعارف علما ولمعالم العلم
إماما مقدما، وأحيى بحياته الشريفة مآثر شيخه شيخ الإسلام، وجعله خلفا عن السلف
الأئمة الأعلام، ويحرسه من حوادث الزمان وغدره ويأمنه من كيد العدو ومكره، برسوله
محمد صلى الله عليه وسلم. والمعز البليغ البرهان الباعوني شيخ أهل الأدب، فكان مما
قال: الشيخ الإمام الحائز لأنواع الفضل على التمام، الحافظ لحديث النبي، أمتع الله
بحياته وأعاد على المسلمين من بركاته، هو الآن من الأفراد في علم الحديث الذي اشتهر
فيه فضله، وليس بعد شيخ الإسلام ابن حجر فيه مثله، وقد حصل الاجتماع بخدمته، والفوز
ببركته والاقتباس من فوائده، والاستماع بفرائده. وقاضي القضاة العلم البلقيني، فمن
وصفه قوله: الشيخ الفاضل العلامة الحافظ، جمع فأوعى واهتم بهذا الفن، ولم يزل يرعى
وصرح غير مرة بالانفراد. وفقيه المذهب الشرف المناوي، ومما كتبه أنه لما أشرف علم
الحديث على الاندراس من التدريس حتى لم يبق منه إلا الأثر والانفصال من
ص 443
التأليف حتى لم يبق منه الخبر، انتدب لذلك الأخ في الله تعالى الإمام العالم
العلامة، والحافظ الناسك الألمعي الفهامة، الحجة في السنن على أهل زمانه، والمشمر
في ذلك عن ساعد الاجتهاد في سره وإعلانه. وحافظ المذهب السراج العبادي فقال: هو
الذي انعقد على تفرده بالحديث النبوي الإجماع، وإنه في كثرة اطلاعه وتحقيقه لفنونه
بلغ ما لا يستطاع، ودونت تصانيفه واشتهرت وثبتت في هذا الفن النفيس وتقررت، ولم
يخالف أحمد من العقلاء في جلالته ووفور ثقته، وديانته وأمانته، بل صرحوا بأجمعهم
بأنه هو المرجوع إليه في التعديل والتجريح والتحسين والتصحيح بعد شيخه شيخ مشائخ
الإسلام ابن حجر، حامل راية العلوم والأثر. والعلامة فريد الأدباء الشهاب الحجازي،
فكان مما قاله: الإمام العلامة حافظ عصره ومسند شامه ومصره، هو بحر طاب موردا وسيد
صار لطالبي اتصال متون الحديث على الحالين سندا 1. *(137)*
رواية الحسين الكاشفي
الواعظ

روى حديث الثقلين بقوله: في فضيلة أهل البيت الكرام الذين هم أئمة الدين
والمقتدون في العلم واليقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي.. وفي تكراره أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا دليل واضح
على وجوب تعظيم أهل البيت ومحبتهم ومتابعتهم، وأهل بيت الرسول هم علي وفاطمة والحسن
والحسين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، يدل على ذلك ما جاء في الصحيحين من أنه لما
نزل
(هامش)
1. الضوء اللامع 7 / 1 - 32. (*)
ص 444
قوله تعالى تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم جمع
النبي عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي 1. وقال في تفسيره
في تفسير قوله تعالى: *(سنفرغ لكم أيها الثقلان)* قال: إن العرب تسمي كل شيء ثقيل
ونفيس بثقل إني تارك فيكم الثقلين .
ترجمته

: ترجم له واعتمد على تفسيره وذكره: 1
- الشيخ أحمد الحنفي الصالحي - المعروف ب ملاجيون الذي تجد ترجمته في (سبحة
المرجان) في تفسيره (تفسير أحمدي). 2 - والمولوي تراب على في كتابه (التدقيقات
الراسخات في شرح التحقيقات الشامخات). 3 - ومحمد محبوب عالم في مواضع عديدة من
(تفسير شاهي). 4 - (الدهلوي) نفسه في كتابه (التحفة) في الجواب عن المطعن الحادي
عشر من مطاعن أبي بكر. 5 - والكاتب الچلبي القسطنطيني في (كشف الظنون 878). *(138)*
رواية جلال الدين السيوطي

روى حديث الثقلين في عدة كتب من مصنفاته بطرق عديدة
وألفاظ متنوعة فقد قال في (إحياء الميت).
(هامش)
1. الرسالة العلية في الأحاديث النبوية: 29 - 30. 2. المواهب العلية = تفسير حسيني
2 / 368. (*)
ص 445
الحديث الخامس: أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله في أهل بيتي - الحديث. الحديث السادس: أخرج
الترمذي وحسنه والحاكم عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. الحديث السابع: أخرج عبد بن حميد
في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم
الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض. الحديث الثامن: أخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير خبرني أنهما لن يتفرقا حتى يردا على
الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما 1. قال: الحديث الثاني والعشرون، أخرج البزار
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خلفت فيكم اثنين لن
تضلوا بعدهما، كتاب الله ونسبي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض 2. ورواه أيضا عن
البزار عن علي، وهو الحديث الثالث والعشرون 3. ورواه أيضا عن الترمذي عن جابر، وهو
الحديث الأربعون 4.
(هامش)
1. إحياء الميت بفضائل أهل البيت: 11 - 12. 2. المصدر: 19. 3. المصدر: 19. 4.
المصدر: 26. (*)
ص 446
ورواه أيضا عن الطبراني عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه، وهو الحديث الثالث
والأربعون 1. ورواه أيضا عن الباوردي عن أبي سعيد، وهو الحديث الخامس والخمسون 2.
ورواه أيضا عن أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت، وهو الحديث السادس والخمسون 3. ورواه
في كتابه (نهاية الافضال) في الحديث التاسع منه عن زيد بن أرقم.. برواية الترمذي
التي حسنها أيضا 4. ورواه في كتابه (الأساس) عن مسلم والنسائي عن زيد بن أرقم كل
بلفظه ثم قال: رواه الترمذي وقال حديث حسن، والحاكم في المستدرك وقال صحيح على
شرط البخاري ومسلم ثم روى حديث جابر عن الترمذي، والذي قال فيه: حديث حسن 5. هذا،
ويقول السيوطي في مقدمة كتابه (الأساس) هذا: الحمد لله الذي وعد هذه الأمة
المحمدية بالعصمة من الضلالة ما إن تمسكت بكتابه وعترة نبيه، وخص آل البيت النبوي
من المناقب الشريفة ما قامت عليه الأحاديث الصحيحة لساطع البرهان وجليه.. . ورواه
في كتابه (الإنافة) عن الطبراني عن عبد الله بن حنطب 6. ورواه في (البدور السافرة)
عن ابن أبي عاصم عن زيد بن ثابت 7. ورواه في تفسيره بتفسير قوله تعالى: *(واعتصموا
بحبل الله جميعا)*
(هامش)
1. إحياء الميت 27. 2. المصدر: 30. 3. المصدر: 30. 4. نهاية الافضال في تشريف الآل
- مخطوط. 5. الأساس في فضائل بني العباس - مخطوط. 6. الإنافة في رتبة الخلافة 10.
7. البدور السافرة عن أمور الآخرة 16. (*)
ص 447
عن أحمد عن زيد بن ثابت، عن الطبراني عن زيد بن أرقم، وعن ابن سعد وأحمد والطبراني
جميعا عن أبي سعيد الخدري 1. وفيه بتفسير قوله تعالى: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا
المودة في القربى)* عن الترمذي - قال وحسنه - وابن الأنباري عن زيد بن أرقم 2.
ورواه في كتابه (الجامع الصغير): أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن
يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، من
استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا
به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. حم وعبد بن
حميد، حم عن زيد بن أرقم، ورواه فيه عن حم طب عن زيد بن ثابت 3. ورواه في كتابه
(الخصائص الكبرى) عن الترمذي قال: وحسنه، وعن الحاكم قال: وصححه عن زيد بن أرقم أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي 4. ورواه
في كتابه (النثير) في مختصر نهاية ابن الأثير في ثقل قال: إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وعترتي، سماهما ثقلين لعظم قدرهما، ويقال لكل نفيس خطير ثقل، أو
لأن الأخذ بهما والعمل ثقيل .
ترجمته

: وممن ترجم للسيوطي أو نقل عنه معتمدا عليه
وواصفا إياه بالصفات الجليلة: 1 - الشعراني في (لواقح الأنوار).
(هامش)
1. الدر المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 60. 2. المصدر 6 / 7. 3. الجامع الصغير من
أحاديث البشير النذير بشرح المناوي 2 / 174 4. الخصائص الكبرى 2 / 266. (*)
ص 448
2 - والثعالبي في (مقاليد الأسانيد). 3 - والنخلي في (رسالة الأسانيد). 4 - والمقري
في (فتح المتعال). 5 - والمناوي في مقدمة (فيض القدير). 6 - والشنواني في (الدرر
السنية). 7 - وولي الله الدهلوي في (الارشاد إلى أمهات الاسناد) و(الانتباه في
سلاسل أولياء الله . 8 - والشوكاني في (البدر الطالع 1 / 328). 9 - وحسن زمان في
(القول المستحسن). 10 - والقنوجي في (التاج المكلل 349). 11 - و(الدهلوي) نفسه في
(بستان المحدثين) و(رسالة في أصول الحديث). ولقد ترجم السيوطي لنفسه في كتاب (حسن
المحاضرة) ترجمة مطولة نكتفي هنا بشيء مما قال: كان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد
مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب،
ورجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي فبرك علي، ونشأت يتيما، فحفظت
القرآن ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت العمدة ومنهاج الفقه والأصول وألفية ابن مالك.
وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من
الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساجي الذي كان
يقال إنه بلغ السن العالية وجاوز المائة بكثير، والله أعلم بذلك. قرأت عليه في شرحه
على المجموع. وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين.
ص 449
وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته (شرح الاستعاذة والبسملة) وأوقفت عليه
شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا. ولازمته في الفقه إلى أن
مات ملازمة ولده، وأجازني بالتدريس والافتاء من ست وسبعين وحضر تصديري، فلما توفي
سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي. ولزمت في الحديث والعربية
شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا
على (شرح ألفية ابن مالك) وعلى (جمع الجوامع) في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرة
بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات. ولزمت شيخنا
العلامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من
التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة. وحضرت عند الشيخ
سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه وتلخيص المفتاح
والعضد. وشرعت في التصنيف سنة ست وستين وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى
ما غسلته ورجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند
والمغرب والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم لأمور، منها أن أصل في الفقه إلى
رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر. وأفتيت من
مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين. ورزقت
التبحر في سبعة علوم: التفسير: والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان،
والبديع، - على طريقة العرب والبلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. والذي
أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم الستة سوى الفقه، والنقول التي اطلعت عليها
فيها، لم يصل إليه ولا وقف
ص 450
عليه أحد من أشياخي فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه.. وأما مشايخي
في الرواية سماعا وإجازة فكثير، أوردتهم في (المعجم) الذي جمعتهم فيه وعدتهم نحو
مائة وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية.
وهذه أسماء مصنفاتي لتستفاد: فن التفسير وتعلقاته والقراءات: الاتقان في علوم
القرآن، الدر المنثور في تفسير المأثور، ترجمان القرآن في التفسير، المسند، أسرار
التنزيل يسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار لباب النقول، في أسباب النزول. فن
الحديث وتعلقاته: كشف المغطى في شرح الموطأ، إسعاف المبطأ برجال الموطأ، التوشيح
على الجامع الصحيح، الديباج على صحيح مسلم ابن الحجاج، مرقاة الصعود على سنن أبي
داود، قوت المغتذي على جامع الترمذي، زهر الربى على المجتبى، مصباح الزجاج شرح ابن
ماجة، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، شرح ألفية العراقي، عين الإصابة في معرفة
الصحابة، كشف التلبيس عن قبل أهل التدليس، توضيح المدرك في تصحيح المستدرك، اللآلي
المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، البدور السافرة عن أمور الآخرة، الأساس في مناقب
بني العباس. فن العربية وتعلقاته: شرح ألفية ابن مالك يسمى البهجة المرضية في شرح
الألفية، الفريدة في النحو والصرف والخط، النكت على الألفية، الكافية، الشافية،
الشذور، النزهة، الفتح القريب على مغني اللبيب، شرح شواهد المغني جمع الجوامع، شرحه
يسمى همع الهوامع، شرح اللمحة. فن الأصول والبيان والتصوف: شرح لمعة الاشراق في
الاشتقاق الكوكب الساطع في نجم جمع الجوامع، شرحه، شرح الكوكب الوقاد، في الاعتقاد،
نكت على التلخيص يسمى الافصاح، عقود الجمان في المعاني والبيان، شرحه، شرح أبيات
تلخيص المفتاح، مختصره، نكت على حاشية
ص 451
المطول للمقيري رحمه الله تعالى، الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والأبدال،
مختصر الإحياء، المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة. فن التاريخ والأدب: تاريخ
الصحابة وقد مر ذكره، طبقات الحفاظ، طبقات النحاة الكبرى، والوسطى، والصغرى، طبقات
المفسرين، طبقات الأصوليين، طبقات الكتاب، حلية الأولياء، طبقات شعراء العرب، تاريخ
الخلفاء، تاريخ مصر هذا، تاريخ أسيوط، معجم شيوخي الكبير.. الملتقط من الدرر
الكامنة، تاريخ العمر وهو ذيل على أنباء الغمر.. ديوان خطب، ديوان شعر، المقامات،
الرحلة القيومية، الرحلة المكية، الرحلة الدمياطية، الوسائل إلى معرفة الأوائل،
مختصر معجم البلدان لياقوت، الشماريخ في علم التواريخ، الجمانة، رسالة في تفسير
الألفاظ المتداولة.. 1. *(139)*
رواية نور الدين السمهودي

روى حديث الثقلين في
كتابه (جواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم الجلي والنسب العلي - مخطوط) فقال:
الذكر الرابع في حثه صلى الله عليه وسلم الأمة على التمسك بعده بكتاب ربهم وأهل
بيت نبيهم، وأن يخلفوه فيهما بخير، وسؤاله من يرد عليه الحوض عنهما، وسؤال ربه عز
وجل الأمة كيف خلفوا نبيهم فيهما، ووصيته بأهل بيته، وأن الله تعالى أوصاه بهم،
وقوله استوصوا بأهلي خيرا، فإني أخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصيمه أخصمه، ومن
أخصمه دخل النار ، وحثه على حفظهم والتجاوز عن مسيئهم . ثم روى حديث الثقلين عن
الترمذي عن زيد بن أرقم، وعن أحمد عن أبي سعيد، ثم أشار إلى رواية الطبراني في
الأوسط وأبي يعلى وغيرهما فقال:
(هامش)
1. حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1 / 335 - 344. (*)
ص 452
وسنده لا بأس به . ثم روى عن معالم العترة النبوية للحافظ أبي محمد عبد العزيز
بن الأخضر حديث السفينة وحديث باب حطة ثم قال ما نصه: ومن العجيب ذكر ابن الجوزي
له في العلل المتناهية، فإياك أن تغتر به، وكأنه لم يستحضره حينئذ إلا من تلك الطرق
الواهية ولم يذكر بقية طرقه، بل في صحيح مسلم وغيره عن زيد بن أرقم قال: قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله
وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي
رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا
بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقيل لزيد:
من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل
بيته من حرم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس
رضي الله عنهم. قيل: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. أخرجه مسلم في صحيحه من طرق
ولفظه في أحدها: قلنا - أي لزيد رضي الله عنه - من أهل بيته، نساؤه؟ فقال: لا أيم
الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها،
أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. وأخرجه الحاكم في المستدرك من ثلاث
طرق وقال في كل منها: إنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.. وروى الحافظ جمال
الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني في كتابه نظم درر السمطين حديث زيد من غير إسناد
ولا عزو.. . وقال في (جواهر العقدين) أيضا - بعد أن أورد مؤيدات حديث الثقلين -
وفي الباب عن زيادة على عشرين من الصحابة رضوان الله عليهم
ص 453
فجعل يروي رواية كل واحد عن الصحاح والمسانيد والجوامع، كما تقدم في رواية السخاوي.
.
ترجمته

ترجم له أو اعتمد على كتابه وأكثر من النقل عنه: 1 - السخاوي في (الضوء
اللامع 5 / 245). 2 - وجار الله المكي في (ذيل الضوء اللامع). 3 - وأحمد بن الفضل
بن محمد باكثير في (وسيلة المآل - مخطوط). 4 - والشيخاني القادري في (الصراط السوي
- مخطوط). 5 - وعبد الحق الدهلوي في (جذب القلوب). 6 - ورضي الدين الشامي في (تنضيد
العقود السنية). 7 - والبرزنجي في (النواقض) و(الاشاعة). 8 - والبدخشاني في (مفتاح
النجا - مخطوط). 9 - والشوكاني في (البدر الطالع 1 / 470). 10 - والعجيلي في (ذخيرة
المآل - مخطوط). وإليك خلاصة ما ذكره السخاوي. ولد في صفر سنة أربع وأربعين
وثمانمائة بسمهود ونشأ بها، فحفظ القرآن والمنهاج، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثا
مع شرحه للمحلي وشرح البهجة لكن النصف الثاني منه سماعا وجمع الجوامع وغالب ألفية
ابن مالك، بل سمع عليه جل البخاري ومختصر مسلم للمنذري وغير ذلك، وقدم القاهرة معه
وبمفرده غير مرة، أولها سنة ثمان وخمسين. لازم أولا الشمس الجوجري في الفقه وأصوله
والعربية، وأكثر من ملازمة المناوي، وقرأ على النجم ابن قاضي عجلون، وعلى الزين
زكريا، وعلى الشمس الشرواني، وحضر عند العلم البلقيني من دروسه في قطعة الأسنائي،
وعند الكمال إمام الكاملية دروسا، وألبسه الخرقة ولقنه الذكر،
ص 454
وقرأ عمدة الأحكام بحثا على السعد ابن الديري، وأذن له في التدريس هو والبامي
والجوجري، وفيه وفي الافتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته
معه، وفيهما أيضا زكريا وكذا المحلي والمناوي. ثم إنه استوطن القاهرة، وكنت هناك
فكثر اجتماعنا، وكتب بخطه مصنفي الابتهاج وسمعه مني، وكذا سمع مني غيره من تصانيفي،
وكان على خير كبير وفارقه بمكة بعد أن حججنا، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة
ثلاث وسبعين، ولازم وهو فيها الشهاب الأبشيطي وحضر دروسه، وأكثر من السماع هناك على
أبي الفرج المراغي، بل قرأ على العفيف عبد الله بن القاضي ناصر الدين ابن صالح
أشياء بالاجازة، وألبسه خرقة التصوف بلباسه من عمر الأعرابي، وكذا كان سمع بمكة على
كمالية ابنة محمد بن أبي بكر المرجاني، وشقيقها الكمال أبي الفضل محمد والنجم عمر
بن فهد في آخرين. وصنف في مسألة فرش البسط المنقوشة، ردا على من نازعه، وقرض له
أئمة القاهرة، وكذا عمل للمدينة النبوية تاريخا، وكذا ألف غير ما ذكر، ومن ذلك
حاشيته على الايضاح للنووي في المناسك. وبالجملة فهو إنسان فاضل متفنن متميز في
الفقه والأصلين، مديم للعمل والجمع والتأليف، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة،
قوي الجلادة على ذلك طلق العبارة فيه، مغرم به، مع قوة نفس وتكلف، خصوصا في مناقشات
لشيخنا في الحديث ونحوه . وأضاف تلميذه جار الله في ذيله أقول: وبعد المؤلف عاش
نحو عشر سنين وصار مجمعا عليه فيما يقوله ويؤلفه، واجتمعت به رفقة والدي في عام تسع
وتسعمائة بالمدينة، وسمعت عليه تاريخه (الوفا) وفتاواه المجموعة وغيرهما من كتب
الحديث، وأجاز لي روايتها فاغتبطت.. ومات يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة عام إحدى
عشرة وتسعمائة.. ولم يخلف بالمدينة مثله .
ص 455
*(140)*
رواية الفضل بن روزبهان

روى حديث الثقلين في (شرح عقائده) التي كتبها
بالفارسية بأمر عبد الله خان أوزبك والي بخارا، قال - على ما نقل عنه - قوله
ونعتقد بوجوب تعظيم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوب الاقتداء بهم. أقول: أما
تعظيم أهل بيت رسول الله فنعتقد أنه فرض، لو رود الأحاديث الصحيحة في ذلك، ومنها
قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: يا أيها الناس إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي إلى آخره.
وقال في حديث آخر: أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرات. ويستفاد من ذلك وجوب
تعظيمهم واحترامهم ورعاية حقوقهم. وكذا من قوله صلى الله عليه وسلم ما إن تمسكتم
بهما لن تضلوا أبدا فإنه أمر بالاقتداء بهم، والمراد من أهل البيت هم الذين حرموا
الصدقة .
ترجمته

: ترجم له أو اعتمد عليه: 1 - السخاوي في (الضوء اللامع 6 / 171).
2 - ورشيد الدهلوي في (غرة الراشدين). 3 - وحيدر علي في (منتهى الكلام).. وغيرهم.
وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلد حديث الطير. *(141)*
رواية شهاب الدين القسطلاني

روى حديث الثقلين في (المواهب اللدنية) في تحقيق أهل البيت قائلا: