نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثاني

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثاني

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 53

الحديث الخامس : قال شيخنا أدام الله أيامه: أنا محمد بن ناصر قال: أنا محمد بن علي بن ميمون قال: أنا أبو عبد الله محمد بن علي العلوي قال: ثنا القاضي محمد بن عبد الله الجعفي قال: ثنا الحسين بن محمد الفزاري قال: ثنا الحسن بن علي بن بزيع قال: ثنا يحيى بن حسن بن فرات قال: ثنا أبو عبد الرحمان المسعودي عن الحارث بن حصيرة عن صخر بن الحكم عن حبان بن الحارث الأزدي عن الربيع بن جميل الضبي عن مالك بن ضمرة: عن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يرد علي الحوض راية علي أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، وأقدم وآخذ بيده في بياض وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه، فأقول: ردوا رواءا، فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبدا، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء. قال الشيخ: اشهدوا علي عند الله إن أبا الفضل بن ناصر حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن أبا الغنائم بن النرسي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن أبا عبد الله محمد بن علي العلوي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن القاضي محمد بن عبد الله حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن الحسين بن محمد بن الفرزدق حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن الحسن بن علي بن بزيع حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن يحيى بن حسن حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله أن أبا عبد الرحمن حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن الحارث بن حصيرة حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن صخر بن الحكم حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن حبان بن الحارث حدثني بهذا، قال: اشهدوا علي عند الله إن الربيع بن جميل الضبي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن مالك بن ضمرة حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن أبا ذر الغفاري حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله إن

ص 54

جبرئيل عليه السلام حدثني بهذا عن الله جل وجهه وتقدست أسماؤه .

ص 55

*(3)* قدح ابن تيمية

 قال ابن تيمية في كتابه الذي ألفه ردا على العلامة الحلي رضي الله عنه: قال الرافضي: العاشر - ما رواه الجمهور من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق. وهذا يدل على وجوب التمسك بقول أهل بيته وعلي سيدهم، فيكون واجب الطاعة على الكل فيكون هو الإمام. والجواب من وجوه: أحدها - إن لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فقال: أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب

ص 56

ربي، وإني تارك فيكم ثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. وهذا اللفظ يدل على أن الذي أمر بالتمسك به وجعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله، وهكذا جاء في غير هذا الحديث كما في صحيح مسلم عن جابر في حجة الوداع لما خطب يوم عرفة وقال: قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد إنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: اللهم اشهد - ثلاث مرات. وأما قوله وعترتي فإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فهذا رواه الترمذي، وقد سئل عنه أحمد، وضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا أنه لا يصح. وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على إن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة قالوا: ونحن نقول بذلك، كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلى وغيره، لكن أهل البيت لم يتفقوا ولله الحمد على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرؤن المنزهون عن التدنس بشيء منه 1. وهذا الكلام يشتمل على أباطيل:

 1 - دعوى عدم دلالة الحديث على وجوب التمسك بالعترة أما ما زعمه من دلالة لفظ حديث الثقلين في (صحيح مسلم) على وجوب التمسك بالكتاب فقط، وأنه لا دلالة فيه على وجوب التمسك بالعترة، فهو - بالاضافة إلى بعده عن دأب المحدثين وأهل الكلام - يفيد سوء فهمه وكثرة وهمه. ولما كان كلام الشيخ محمد أمين بن محمد معين السندي - وهو

(هامش)

1. منهاج السنة 4 / 104 - 105. (*)

ص 57

من أكابر محدثي أبناء السنة المتأخرين - حول رواية مسلم المذكورة كافيا في الرد على هذا الزعم الفاسد، فإننا ننقله بنصه: تحقيق محمد أمين السندي في معنى الحديث ووجدنا في أهل البيت سلام الله تعالى عليهم أجمعين وتحيته، حديث التمسك المشهور، وفتشنا عن مخرجيه، فإذا هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه، ولفظه من حديث زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أيها الناس إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه، وإني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به، وحث فيه ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرات - الحديث. فنظرنا فيه فوجدناه يعبر عن القرآن وأهل البيت بالثقلين، وهو كل نفيس خطير مصون، ففهمنا نفاسة أهل البيت وخطرهم وصونهم من قبيل كل تلك الأوصاف التي للقرآن، للجمع بينهما بذلك، وعلمنا أن هذه الأوصاف وغيرها للقرآن، يرجع عمدتها إلى إفادة علوم المعارف الإلهية والأحكام الشرعية، فظننا أنها في أهل البيت على منوالها في القرآن راجعة إلى إفادة تلك العلوم، وقد اعتضدنا في هذا بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه وإني تارك فيكم الثقلين ، فإن النبي لا يوصي أمته بعده إلا بالقيام على الحق والسنة، فترك الثقلين فيها والوصية بهما ليس إلا لكونهما خليفتين منه صلى الله عليه وسلم في الارشاد إلى ذلك. فظننا أنه كما وقع التصريح بالتمسك بكتاب الله فكذا المراد التمسك بأهل البيت، إن كان قوله أهل بيتي عطفا على أولهما بتقدير لفظ ثانيهما بقرينة القرين أو فهمه من غير تقدير، ولا صحة لعطفه على كتاب الله

ص 58

للزوم كونهما أولين وعدم ذكر الثاني رأسا، فحملنا قوله أذكركم الله على مبالغة التثليث فيه على التذكير بالتمسك بهم والردع عن عدم الاعتداد بأقوالهم وأحوالهم وفتياهم وعدم الأخذ بمذهبهم. وإن كان عطفا على بكتاب الله في قوله: فتمسكوا بكتاب الله - وهو القريب الظاهر من الوجه الأول - وفيهم كونه ثاني الأمرين من الأمر بالتمسك كالأول، كان التصريح بالتمسك بهم في حديث مسلم هذا كالتمسك بالقرآن. وهذا كله في لفظ هذا الحديث بناءا على ظاهر الكلام، فانتظرنا لفظا في هذا الحديث يفسر حديث مسلم على ما فهمنا، فإذا الترمذي أخرج - وقال حسن غريب - أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. فنظرنا فإذا هو مصرح بالتمسك بهم، وبأن اتباعهم كاتباع القرآن على الحق الواضح، وبأن ذلك أمر متحتم من الله تعالى لهم، ولا يطرأ عليهم في ذلك ما يخالفه حتى الورود على الحوض، وإذا فيه حث بالتمسك بهما بعد حث على وجه أبلغ، وهو قوله: فانظروا كيف تخلفوني فيهما فقلنا حديث مسلم حديث صحيح ظاهر في معنى فسره على ذلك المعنى حديث حسن آخر، فثبت معناه نصا من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فآمنا به في نظائره من صحاح الأحاديث، والحمد لله رب العالمين. ومع هذا لم نال جهدا في طلب الطرق الأخرى تزيد الصحة على الصحة ويؤيد بعضها بعضا، فوجدنا أخرج أحمد في مسنده ولفظه: إني أوشك أن أدعي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بما تخلفوني فيهما وسنده لا بأس به.

ص 59

فازددنا منه أن كل إخباراته صلى الله عليه وسلم - وإن كان وحيا من الله سبحانه - لكن هذا وحي أظهره به وأسنده إلى الله سبحانه فقال: أخبرني اللطيف الخبير ، وفيه من تأكد أخبار كونهم على الحق كالقرآن، وصونهم أبدا عن الخطأ كالوحي المنزل ما لا يخفى على الخبير. وفيه أن قوله صلى الله عليه وسلم: إنهما لن يفترقا ليس بدعاء مجرد - على بعد أن يكون مرادا - بل هو إخبار من الله سبحانه وتعالى، وإن قوله في بعض الروايات إني سألت لهما ذلك دعاء مجاب متحتم بإخبار اللطيف تعالى. ومن تجلي لفاظ لطفه أن سرى روح القدس الحق في علومهم كسرايته في القرآن، أو سرى سر الاتحاد بين مداركهم وبين القرآن فنيطت به أشد نياط لن يتفرقا بسببه أبدا، وإلى ذلك التلويح باختيار اللطيف هاهنا من بين أسماء الله تعالى. وعدم الافتراق هذا بينهما إنما هو في الحكم، فلا يحكمون بحكم لا يحكم به الكتاب، والسنة في هذا الحديث داخل في الكتاب على ما صرحوا به، فظاهر الحث بالتمسك بهم التمسك بأخذ الأحكام الإلهية منهم، دليله قرانهم في ذلك بكتاب الله والأخبار بترتب عدم الضلال عليه كما بالتمسك بالكتاب، فلا احتمال لأن يحمل التمسك بهم من حيث المودة والصلة بهم في هذا الحديث وكان ذلك ظاهر من هذا الحديث كما ذكرنا كالنص به. ولكن مع هذا انتظرنا ما يدل على تصريح التمسك بهم في أخذ العلوم من حديث آخر، فيفسر هذا الحديث ويعينه في ظاهره، فإذا قد ورد في خبر قريش: وتعلموا منهم فإنهم أعلم منكم ، فقلنا إذا ثبت هذا العموم في علماء قريش فأهل البيت أولى منهم بذلك، لأنهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا تشاركهم فيها بقيتهم. ولما كان هذا بطريق دلالة النص انتظرنا نصا فيهم يدلنا على إمامتهم في العلم، فوجدنا قوله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت فعلمنا أنهم الحكماء العارفون العلماء الوارثون الذين وقع الحث

ص 60

على التمسك في دين الله تعالى وأخذ العلوم عنهم، وأيدنا في ذلك ما أخرج الثعلبي في تفسير قوله تعالى: * [واعتصموا بحبل الله جميعا] * عن جعفر الصادق رضي الله عنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى: * [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا] * إنتهى. وكيف لا وهم أحد الثقلين، فكما أن القرآن حبل ممدود من السماء فكذلك أهل هذا البيت المقدس صلوات الله تعالى وتسليماته عليهم أجمعين. وقد قال قائلهم (ع) مخبرا عن نفسه القدسي وسائر رهطه المطهرين: وفينا كتاب الله أنزل صادقا * وفينا الهدى والوحي والخير يذكر ومما نزل فيهم من الكتاب الآية المتقدمة، وقد ذكر جملة ما نزلت فيهم من الآيات الشيخ أبو الفضل ابن حجر في الصواعق فليطلب فيه. وكذلك أيدنا فيه ما ثبت عن سيد الساجدين عليه وعلى آبائه التسليمات الناميات المباركات والتحيات الطيبات الزاكيات: أنه إذا كان تلى قوله تعالى * [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين] * يقرأ دعاءا طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية، وعلى وصف المحن وما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمة الدين والشجرة النبوية، ثم يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر إلى أن قال: فإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام الملة ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول: * [ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات] *، فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الحكم، إلا أهل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين احتج الله تعالى بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وبرأهم من الآفات، وافترض مودتهم في الكتاب إنتهى. وذكره ابن حجر في الصواعق.

ص 61

فعلمنا من كلام الأئمة عليهم رضوان الله معنى التمسك بهم لا ريبة فيه إلا لمن ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون. ومع هذا كله قلنا: وهل يدخل في أهل بيته نساؤه أو يتمحض ذلك بالصدق على ولده صلى الله عليه وسلم، ففتشنا عن ذلك فوجدنا في صحيح مسلم برواية يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. وهذه الرواية عن زيد بن أرقم رضي الله عنه تفسر رواية أخرى عنه في مسلم أيضا، فقيل لزيد: من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم عليهم الصدقة بعده - الحديث. وتبين أن معنى قوله: بلى إن نساءه من أهل بيته إن نساءه من أهل بيت سكناه الذين امتازوا بكرامات وخصوصيات كثيرة، لا من أهل بيت نسبه وإنما أولئك من حرمت عليهم الصدقة، صرح بذلك الآبي في شرح مسلم جمعا بين الروايات، بل تصحيحا للاستدراك في الرواية الواحدة بقوله: ولكن أهل بيته الخ. وهذا التحقيق في تفسير أهل البيت بالحديث الصحيح يعين المراد منهم في آية التطهير، مع نصوص كثيرة من الأحاديث الصحاح المنادية على أن المراد منهم الخمسة الطاهرة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. ولنا وريقات في تحقيق ذلك مجلد في دفترنا يجب على طالب الحق الرجوع إليه. ولما وجدنا هذا في صحيح مسلم علمنا أنهم أبناؤه صلى الله عليه وسلم، فإذا انضم إلى ذلك ما ورد من الأخبار في الأئمة الاثنى عشر مما بسطنا أكثرها في المقامات الأربعة من كتابنا المسمى ب‍ مواهب سيد البشر في حديث الأئمة الاثنى عشر بالترتيب بسطناها.

ص 62

وما اجتمع عليه السلف والخلف من غزارة علوم هذا العدد المبارك وخرقهم العوائد، وما اختصوا به من المزايا الباهرة من بين سائر الرجال الأبطال من هذه الفئة الفائقة على معاصريها في كل عصر، تيقن بأنهم الأولى بصدق أحاديث التمسك عليهم من غيرهم، وإن كانت فيها الإشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى القيامة، كما أن الكتاب العزيز - وهو الثقل الآخر القرين بهم - كذلك قاله ابن حجر. وقال: ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما جاء به الحديث، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي. وقال: ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ومن ثم قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: علي عترة رسول الله أي الذي حث على التمسك بهم، فخصه لما قلناه - انتهى كلامه. ثم لما فرغنا من تخريج الحديث وما دل عليه، وما تعين فيه ممن هو المراد من أهل البيت، نظرنا في تعدد طرقه فوجدنا له طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا، وفحصنا أيضا عن أنه أين ورد، فوجدنا في بعض طرقه قال ذلك بحجة الوداع وبعرفة، وفي آخر أنه قال بغدير خم، وفي آخر أنه قال بالمدينة في مرضه صلى الله عليه وسلم وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي آخر أنه قال لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف. فعلمنا أن لهذا الحديث شأنا عظيما، فإنه لم يذكر وروده أحد من الرواة إلا في مشهد معتنى به غاية الاعتناء. ولكنا طلبنا لهذه الروايات المتضادة في الورود جمعا، فوجدنا قد سبق أهل الخبر بالهام الجمع فقال: ولا تنافي في ذلك، إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن كلها، اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة، وفي رواية عند الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه إن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم: أخلفوني في أهل بيتي إنتهى. فازداد بعد الجمع شأنا على شأن لترداده في هذه المشاهد بأجمعها - كما لا يخفى على من له

ص 63

حس. وإذ قد ثبت صحة هذا الحديث وما مر عليك مما ينوط به لفظا ومعنى ودلالة، وانضمت إليه آية التطهير بتفسيرها التي يدل عليها الأحاديث الصحيحة فلا وجه لأن يمتري من له أدنى إنصاف في أن من صدق عليهم هذا الحديث والآية من غير شائبة، وهم الأئمة الاثنا عشر من أهل البيت وسيدة نساء العالمين بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الأئمة الزهراء الطاهرة، على أبيها وعليها الصلاة والسلام، لا شائبة في كونهم معصومين كالمهدي منهم عليه السلام بما يخصه من حديث قفاء الأثر وعدم الخطأ على ما تمسك به الشيخ الأكبر رضي الله عنه 1...

 2 - تحريف زيد بن أرقم الحديث وبعد الاطلاع على هذا الكلام المتين، لا بد من التنبيه على أن ما جاء في صحيح مسلم من لفظ حديث الثقلين الذي اغتر به ابن تيمية، إنما كان تصرفا وتحريفا من زيد بن أرقم عند القاء الحديث إلى يزيد بن حيان والحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم، وهذا غير مستبعد من مثل زيد بن أرقم الذي كتم حديث: من كنت مولاه عندما استشهد به أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، كما أسلفنا ذلك في مجلد حديث الغدير، حتى ابتلاه الله بما دعا (ع) عليه به في دار الدنيا، والآخرة أدهى وأمر. بل عدم وجود من كنت مولاه في حديث الثقلين برواية مسلم - رغم كون سياقه شارحا لقضية الغدير - يؤيد ذلك، مع أن تفسيره لفظ أهل البيت في هذا الحديث ب‍ كل من حرم عليه الصدقة إنما هو تفسير من عنده، ولذلك قال الحافظ الكنجي الشافعي بعد حديث زيد ابن أرقم ما نصه: قلت: إن تفسير زيد أهل البيت غير مرضي، لأنه قال:

(هامش)

1. دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب 231 - 227. (*)

ص 64

أهل البيت من حرم الصدقة. وهم لا ينحصرون في المذكورين، فإن بني المطلب يشاركونهم في الحرمان، ولأن آل الرجل غيره على الصحيح، فعلى قول زيد يخرج أمير المؤمنين رضي الله عنه عن أن يكون من أهل البيت، بل الصحيح أن أهل البيت علي وفاطمة والحسنان رضي الله عنهم، كما رواه مسلم بأسناده عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات غدوة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين بن علي فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. وهذا دليل على أن أهل البيت هم الذين ناداهم الله تعالى بقوله: أهل البيت وأدخلهم الرسول في المرط. وأيضا روى مسلم بأسناده أنه لما نزلت آية المباهلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي 1. هذا إلى غيره من شواهد تحريفه في هذا الرواية، كما لا يخفى على الناظر البصير. ومع ذلك فإن الحق لا بد أن يعلو ويظهر، ولذلك فإن زيدا نفسه قد روى حديث الثقلين عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه الأمر بالتمسك بأهل بيته عليهم السلام واتباعهم، والنهي عن التقدم عليهم والتخلف عنهم، كما لا يخفى على ناظر (صحيح الترمذي) و(كتاب المصاحف) لابن الأنباري و(المعجم الكبير) للطبراني و(المستدرك) للحاكم و(المناقب) لابن المغازلي وغيرها. 3 - الحديث عن جابر عند مسلم محرف وأما تمسكه بحديث جابر الذي جاء في (صحيح مسلم) مدعيا بأن

(هامش)

1. كفاية الطالب 54. (*)

ص 65

النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر إلا بالتمسك بالكتاب، فهو أيضا باطل واضح. لأن حديث جابر - وإن جاء في مسلم محرفا كما ذكر - جاء في رواية الترمذي، وفيه الأمر الصريح بالتمسك بأهل البيت عليهم السلام. وهذا نصه: حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، نا زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي 1. ولقد كان الاحرى به ألا يتطرق إلى هذا الحديث بلفظه الذي جاء في مسلم فضلا عن الاحتجاج به، ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت . 4 - دعوى ضعف وعترتي فإنهما لن يفترقا... وأما قوله: وأما قوله وعترتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فهذا رواه الترمذي، وقد سئل عنه أحمد، وضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا: إنه لا يصح ، فيشتمل على غرائب وأباطيل: الأول: يفيد كلامه أن أمره صلى الله عليه وآله باتباع عترته جاء في رواية الترمذي خاصه، ومفهومه أنه لم يروه غيره، وقد علمت سابقا رواية جمهور علمائهم حديث الثقلين الأمر بتمسك واتباع الكتاب وعترته. الثاني: يفيد كلامه أن رواية قوله صلى الله عليه وآله: فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض خاصة بالترمذي، لكن قد علمت رواية أكثر علمائهم الكبار حديث الثقلين مشتملا على هذه العبارة، ومنهم: ركين الفزاري، وعبد الملك العزرمي، والأعمش، وابن إسحاق، وإسرائيل بن يونس

(هامش)

1. صحيح الترمذي 2 / 219. (*)

ص 66

السبيعي، وعبد الرحمن المسعودي، ومحمد بن طلحة اليامي، واليشكري، وشريك، والضبي جرير بن عبد الحميد، ومحمد بن الفضيل الضبي، وعبد الله ابن زهير الهمداني، وأبو أحمد الزبيري، وأبو عامر العقدي، وأسود بن عامر الشامي، ويحيى بن حماد الشيباني، وابن سعد، والمخرمي، وابن بقية الواسطي، وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد الكشي، وعباد بن يعقوب الأسدي، والجهضمي، والعنزي، والطريقي، والرقاشي، ومحمد بن أبي العوام الرياحي، والحكيم الترمذي، وعبد الله بن أحمد، والبزار، والقباني، والنسائي، وأبو يعلي، والطبري، والباغندي، الأسفراييني، والبغوي، وابن الأنباري، وابن عقدة والجعابي، والطبراني، والقطيعي، والأزهري، والذهبي، والحاكم والثعلبي، وأبو نعيم، وابن عساكر، والضياء المقدسي... الثالث: قوله سئل عنه أحمد لم نفهم معناه، وهل السؤال عن حديث يفيد القدح فيه؟ ألم يخرجه أحمد في مسنده كما تقدم؟ ألم يخرجه في كتاب مناقب علي كما تقدم؟ ومن كان السائل؟ وما كان جواب أحمد عن هذا السؤال؟ وما المقتضى للإعراض عن إيراد جوابه؟ هذه أسئلة تتوجه إلى كلامه. وهنا نقول: إن جواب أحمد لا يخلو إما أنه كان تضعيفا للحديث أو تصحيحا له، وعلى كلا الحالين كان يجب عليه ذكر الجواب، لأنه إن كان تضعيفا فلم لم يذكره وهو يؤيد زعمه؟ وإن كان تصحيحا فلم أعرض عنه وأسقطه وهو خيانة؟.. وعلي أي حال فإن كلامه هذا عجيب جدا، ويكفي في الجواب عنه رواية الإمام أحمد حديث الثقلين مصححا إياه في (المسند) و(المناقب). الرابع: وأما قوله فضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا إنه لا يصح فكذب وزور، يأباه أقل الناس فضلا عن شيخ الإسلام! وباختصار: إنه لا يجد أحد - بعد الفحص والتتبع التام - أحدا ينكر هذا القسم من حديث الثقلين، وقد علمت سابقا نسبة البخاري إنكار أصل

ص 67

الحديث وتمامه إلى أحمد، وكذلك طعن ابن الجوزي في الحديث من أصله.. إلا أنه لم ينكر أحد منهم هذه الفقرة من الحديث، التي زعم ابن تيمية أن جماعة من أهل العلم قالوا إنه لا يصح. ولم لم يذكر ابن تيمية - رغم إطنابه في جميع المقامات وكثرة تكلمه في كل شيء - أهل العلم المضعفين لهذه الجملة من الحديث؟ وليته ذكر واحدا منهم - إن كان يطلب الاختصار.. إن هذا لعجيب. ولقد علمت - والحمد لله - صحة هذا القسم من الحديث - ضمن حديث الثقلين - فيما تقدم من الكتاب، بل ثبت إجماعهم على صحته، بالاضافة إلى تصريح جملة منهم بذلك، فراجع. كلام آخر لابن تيمية ومما هو جدير بالذكر هنا أن ابن تيمية قال في الجواب عن حديث الغدير بعد كلام له: ولما لم يذكر في حجة الوداع إمامة علي ولا ما يتعلق بالامامة أصلا، ولم ينقل أحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه في حجة الوداع ذكر إمامة علي بل ولا ذكر عليا في شيء من خطبه، وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام، علم أن إمامة علي لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه، بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يذكر في إمامته، والذي رواه مسلم (في صحيحه) أنه بغدير خم قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله. فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال: وعترتي أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاثا - وهذا مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري، وقد رواه الترمذي وزاد فيه: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقالوا إنها ليست من الحديث، والذين اعتقدوا صحتها قالوا إنما تدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم كلهم لا يتفقون على ضلالة، وهذا قد قاله طائفة من أهل

ص 68

السنة، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره. والحديث الذي في صحيح مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله، وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال: أذكركم الله في أهل بيتي ، فتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من اعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم، وهذا أمر تقدم بيانه قبل غدير خم فعلم أنه لم يكن في إمامته [فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمر بشرع نزل إذ ذاك، لا في حق علي ولا في حق غيره لا إمامته ولا غيرها] 1. الرد عليه من وجوه والجواب عنه بوجوه: الأول: قوله لم يذكر في حجة الوداع إمامة علي ولا ما يتعلق بالامامة أصلا، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه في حجة الوداع ذكر إمامة علي مردود، إذ لا يخفى على المتتبع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كرر حديث الثقلين - بغض النظر عن غيره من النصوص - في حجة الوداع مرارا، وهذا يثبت إمامة علي أمير المؤمنين عليه السلام.... الثاني: قوله ولا ذكر عليا في شيء من خطبه وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام يكذبه ذكر النبي صلى الله عليه وآله إياه في خطبه في هذه الحجة ضمن أهل البيت. هذا بالاضافة إلى أنه صلى الله عليه وآله خطب في حجة الوداع خطبة خاصه ذكر فيها عليا وأثبت عصمته وأفضليته بها. قال ابن الأثير ما نصه: وبعث علي بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقاتهم وجزيتهم ويعود، ففعل وعاد ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في

(هامش)

1. منهاج السنة 4 / 85. (*)

ص 69

حجة الوداع، واستخلف على الجيش الذين معه رجلا من أصحابه وسبقهم إلى النبي فلقيه بمكة، فعمد الرجل إلى الجيش فكساهم كل رجل حلة من البز الذي مع علي، فلما دنا الجيش خرج علي ليتلقاهم فرأى عليهم الحلل فنزعها عنهم، فشكاه الجيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام النبي خطيبا فقال: أيها الناس لا تشكوا عليا فهو لأخشن في ذات الله وفي سبيل الله 1. ورواه أيضا ابن هشام 2. وأبو جرير الطبري 3. الثالث: قوله إن إمامة علي لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يذكر في إمامته مردود بما يأتي: أولا - دعوى عدم ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إمامة أمير المؤمنين عليه السلام في حجة الوداع باطلة كما مر. ثانيا - دعوى عدم ذكره صلى الله عليه وآله عليا في شيء من خطبه فيها باطلة أيضا كما مر. ثالثا - دعوى كونه صلى الله عليه وآله مأمورا بالتبليغ العام - بمعنى أنه صلى الله عليه وآله أمر بتبليغ كافة الأوامر الشرعية في حجة الوداع - ممنوعة، وذلك لعدم اشتمال خطبته على جميع الأحكام النازلة من أول بعثته إلى حين حجته كما لا يخفى ذلك على من راجعها. سلمنا لكن لا دليل على إن ما بلغه صلى الله عليه وآله بعد ذلك بأمر الله لم يكن من الدين في شيء، إذ لا يتفوه بهذا الكلام ذو مسكة وشعور، لكن ابن تيمية لا يهمه إخراج حديث الغدير وحديث الثقلين من الدين المأمور بالتبليغ به، بل من الدين الإسلامي

(هامش)

1. الكامل 2 / 126. 2. السيرة النبوية 2 / 602 - 603. 3. تاريخ الطبري 2 / 401 - 402. (*)

ص 70

مطلقا، وذلك لفرط بغضه وعداوته لأهل البيت وسيدهم أمير المؤمنين عليه السلام. رابعا - دعوى عدم ذكر حديث الغدير في حجة الوداع من الأكاذيب الواضحة، يدل على ذلك مراجعة روايات أئمة مذهبه، وقد فصلنا ذلك في مجلد حديث الغدير. خامسا - دعوى عدم ذكر حديث الثقلين في حجة الوداع جهل أو تجاهل، لما قد علمت سابقا أن النبي صلى الله عليه وآله قال ذلك يوم عرفة من حجة الوداع، وكذا يوم غدير خم ضمن خطبته، وبرغم أنك سمعت إيراده صلى الله عليه وآله له يوم عرفة نقلا عن (صحيح) الترمذي فإن من المناسب نقل خطبته تلك بكاملها. خطبة الغدير في العقد الفريد قال ابن عبد ربه: خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: أن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على طاعة الله، استفتح بالذي هو خير. أما بعد، يا أيها الناس! اسمعوا مني أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقعي هذا. أيها الناس! إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. الأهل بلغت؟ اللهم اشهد، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها. وإن ربى الجاهلية موضوع، وإن أول ربى أبدأ به ربى عمي العباس بن عبد المطلب. وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحرث بن

ص 71

عبد المطلب. وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة والسقاية، والعمد قود، وشبه العمد قود، ما قتل بالعصا والحجر ففيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية. أيها الناس! إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم. أيها الناس! إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عده ما حرم الله، وإنما الزمان قد استدار كهيئته في خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات وواحد فرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. أيها الناس! إن لنسائكم عليكم حقا وإن لكم عليهن حقا، لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم غيركم، ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإن النساء عندكم عوار لا يملكن لأنفسهن شيئا، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا. أيها الناس! إنما المؤمنون أخوة، فلا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفسه. الأهل بلغت؟ اللهم اشهد. فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وأهل بيتي. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد منكم الغائب.

ص 72

أيها الناس؟ إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا يجوز لوارث وصية في أكثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر، من دعا إلى غير أبيه أو تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1. هذا بالاضافة إلى ظهور ذلك من روايات عديدة، فقد قال السمهودي بعد ذكر طرق حديث الثقلين: وأخرجه الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر في (معالم العترة النبوية) وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حجة الوداع . 2 وقال الحافظ الزرندي بعد أن روى الحديث: روى زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع 3. ولقد أورد السمهودي في (جواهر العقدين) والشيخاني القادري في [الصراط السوي] رواية الزرندي المشار إليها. وذكر الأئمة الأعلام من محققي أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وآله قال ذلك في حجة الوداع، وبذلك تنطق الروايات الماضية. فقد قال السمهودي 4 في التنبيهات التي ذكرها بعد سياق حديث الثقلين: خامسها - قد تضمنت الأحاديث المتقدمة الحث البليغ على التمسك بأهل البيت النبوي وحفظهم واحترامهم والوصية بهم، لقيامه صلى الله عليه وسلم بذلك خطيبا يوم غدير خم كما في أكثر الروايات المتقدمة، مع ذكره لذلك في خطبته يوم عرفة على ناقته كما في رواية الترمذي عن جابر، وفي خطبته لما قام خطيبا بعد انصرافه من حصار الطائف كما في رواية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وفي مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه كما

(هامش)

1. العقد الفريد 2 / 110 - 111. 2. جواهر العقدين - مخطوط. 3. نظم درر السمطين 223. 4. جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 73

سبق في رواية أم سلمة . وقال ابن حجر في (الصواعق) بعد نقل حديث الثقلين والتمسك بهما بطرق كثيرة، ثم ذكر أنها وردت عن نيف وعشرين صحابيا، قال: وفي بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة . وقال فيه بعد أن نقله عن أحمد: وفي رواية إن ذلك كان في حجة الوداع . وقال الشيخاني القادري في (الصراط السوي) بعد ذكر حديث الثقلين برواية أبي سعيد: قالوا أنه قال ذلك في حجة الوداع . وقد أثبت السندي في (دراسات اللبيب) - كما عرفت - أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد ذكر حديث الثقلين في حجة الوداع. الرابع: لقد ذكر ابن تيمية في كلامه هذا حديث الثقلين الذي جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم، وقد علم أن زيدا قد حرف الحديث وتصرف فيه، لكن ابن تيمية لم تعط نفسه أن يكتفي بذلك فأكثر من تحريفه وبتره. الخامس: يحسب ابن تيمية أن تفرد مسلم في إخراج حديث الثقلين وإعراض البخاري عنه يحدث ضعفا في الحديث، ولكنه لا يعلم أن عدم تخريج الحديث يعد من معائب البخاري وصحيحه، لا أنه يفيد ما تخيله. على أنه لو أعرض البخاري ومسلم كلاهما عن حديث الثقلين ولم يخرجاه بل حتى لو طعنا فيه وضعفاه، فإن ذلك لا يصغى إليه ولا يعتنى به، إذ لا قيمة له في مقابل رواية أولئك الأعلام الأعاظم هذا الحديث الشريف المتواتر. ولقد علمت سابقا - ولله الحمد - من (المستدرك) للحاكم أن لحديث الثقلين - بغض النظر عن سياق صحيح مسلم - ألفاظا عديدة وطرقا سديدة جاء كل منها صحيحا على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وبالجملة فإن إعراض البخاري عن إخراج حديث الثقلين على

ص 74

العموم وسياق مسلم على الخصوص جناية كبيرة، اللهم إلا أن يوجه إعراضه عن سياق مسلم بالخصوص، لأنه جاء محرفا من زيد بن أرقم، ويدل عليه قول زيد نفسه في أول الحديث: والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي.. فلعل البخاري التزم جانب الاحتياط فلم يروه، لكن من المستبعد أن يستند أهل السنة - المعدلين لزيد بن أرقم وغيره من الصحابة - إلى هذا التوجيه في مقابلة أهل الحق، ولو سلمنا ذلك فلا يبقى وجه يعتذر به لإعراضه عن الألفاظ والطرق التي رواها الحاكم في (المستدرك) وصححها على شرط الشيخين. ومن هذا وأمثاله يعلم أن مسلما قد يظهر طرفا من الحق ولا يعرض عنه كالبخاري تماما، وهذا هو السبب في تأخر رتبة كتابه عن رتبة كتاب البخاري عند أولئك المتعصبين المتعندين، الذين لا يروق لهم ذكر أي فضيلة لأهل البيت عليهم السلام ولأمير المؤمنين عليه السلام خاصة. السادس: لقد نسب مرة أخرى رواية جملة: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض إلى الترمذي فقط، وقد علمت بطلانها قريبا، وأحرزت أنه قد رواها قبل الترمذي وبعده كثير من الحفاظ والمحدثين العظام، وأصحاب الصحاح والآثار وشيوخ الحديث والرواية. السابع: لقد طعن في جملة: وإنهما لن يفترقا.. زاعما طعن غير واحد فيها، رغم أنه لم يذكر أحد أولئك العلماء الذين طعنوا فيها، لكن قد أثبتنا سابقا صحة هذه الفقرة من حديث الثقلين أيضا، وبينا بطلان طعنه هذا وكذبه في دعواه هذه، عند رد كلام ابن الجوزي سابقا، وكذا في دفع كلام ابن تيمية نفسه المتقدم قريبا. ومع ذلك نقول: إنه قد أخرج أبو عوانة هذه العبارة الكريمة ضمن حديث الثقلين برواية زيد بن أرقم في كتابه (المسند الصحيح) كما تقدم، وبالاضافة إلى أن مجرد إخراج أبي عوانة دليل على صحتها - كما عرفت - لكون كتابه مستخرجا على صحيح مسلم، فإنه لا شك في صحتها، لاقتصار

ص 75

أصحاب المستخرجات على الروايات الصحيحة في زياداتهم على الصحيحين كما مر سابقا عن كتاب (تدريب الراوي) للسيوطي. وقال ابن الصلاح: ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشتهرة لأئمة الحديث، كأبي داود السجستاني وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي بكر ابن خزيمة، وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم منصوصا على صحته فيها، ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي، وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره، ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة، وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبي عوانة الأسفراييني، وكتاب أبي بكر الاسماعيلي، وكتاب أبي بكر البرقاني، وغيرها، من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين، وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي 1. وقال: ثم إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان: إحداهما علو الاسناد، والثانية الزيادة في قدر الصحيح لما يقع منها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث تثبت صحتها بهذه التخاريج، لأنها واردة بالأسانيد الثابتة في الصحيحين أو أحدهما، وخارجة من ذلك المخرج الثابت. والله أعلم 2. وقال الزين العراقي: ويؤخذ الصحيح أيضا من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط، كصحيح أبي بكر محمد ابن إسحاق بن خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حيان البستي المسمى بالتقاسيم والأنواع، وكتاب

(هامش)

1. علوم الحديث بشرح العراقي 27 - 28. 2. علوم الحديث 31. (*)

ص 76

المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمة، فهو محكوم بصحته كما سيأتي في بابه 1. وتعطينا هذه الكلمات والنصوص: أن الزيادات في المستخرجات صحيحة، وعلى هذا فلما كان قوله صلى الله عليه وآله: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض موجودا في كتاب أبي عوانه الأسفراييني مع حديث الثقلين فهو صحيح بلا ريب، ومعدود من كتاب صحيح مسلم، فإذا سلم ابن تيمية صحة حديث الثقلين الموجود في صحيح مسلم كان عليه الاعتراف بصحة تلك الجملة المذكورة لا إنكارها. وأخرج إمام المحدثين أبو عبد الله الحاكم حديث الثقلين في (المستدرك على الصحيحين) بروايات اشتملت على قوله صلى الله عليه وآله: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وقال بعد كل واحدة منها: صحيح الاسناد على شرط الشيخين . وقد بان لك من قول الزين العراقي المتقدم أن (المستدرك) من الكتب التي يؤخذ منها الزيادات الصحيحة على الصحيحين، فلا يبقى أي شك - عند أي منصف - في صحة قول النبي صلى الله عليه وآله المذكور، وظهر أنه صحيح كسائر الأحاديث التي اتفق الشيخان على صحتها، سواء أخرجاها أو لم يخرجاها. هذا بالاضافة إلى حكم محمد بن طاهر المقدسي، كما في (تدريب الراوي) للسيوطي بقطعية صدور ما كان على شرط الشيخين وإن لم يخرجاه. فبالنظر إلى ما تقدم وغيره لا مانع من دعوى التواتر في قوله صلى الله عليه وآله وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ويدل على ذلك ما مر في رواية استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام عن ابن عقدة والسخاوي والسمهودي

(هامش)

1. شرح ألفية الحديث 1 / 54. (*)

ص 77

وغيرهم عن سبعة عشر رجلا من الصحابة في حديث الثقلين المشتمل على هذه الكلمة، ثم تصديق أمير المؤمنين عليه السلام لهم وشهادته بصحة ما شهدوا عليه. ومما لا ريب فيه أن هذا العدد كاف لدعوى تواتر الحديث، بل هذا العدد أكثر بكثير من عدد التواتر، لأن ابن حجر المكي ادعى في (الصواعق) التواتر في صلاة أبي بكر في مرض النبي صلى الله عليه وآله، بزعم وروده عن ثمانية من الصحابة، بل ادعى ابن حزم في (المحلى) في حرمة بيع الماء تواتر حديث الحرمة، وقد رواه أربعة من الصحابة. فرواية سبعة عشر رجلا من الصحابة حديث: وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يفيد تواتره قطعا، ولهذا صرح المقبلي في (ملحقات الأبحاث المسددة) بعد أن ذكر حديث الثقلين باللفظ المشتمل على هذه الجملة، صرح بتواتره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. الثامن: قوله والحديث الذي في صحيح مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله، وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك ، يفيد عدم جزمه بصحة ما في صحيح مسلم من حديث الثقلين، لأن قوله إذا كان النبي قد قاله ظاهر في التشكيك بثبوت هذا أيضا. إن ابن تيمية يحاول كتم الحق وإنكار الحقائق، ولكن سعيه يذهب أدراج الرياح. قال الله تعالى: * [يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون] *. التاسع: قوله فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله خطأ واضح، لأن عبارات العلماء الأعلام ومحدثيهم العظام صريحة في وصيته صلى الله عليه وآله وسلم باتباع الكتاب وأهل البيت معا، راجع منها ما تقدم من تحقيق السندي في (دراسات اللبيب). وأما قوله وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك

ص 78

فلقد علمت من البيانات السابقة - والحمد لله - أنه صلى الله عليه وآله لم يوص باتباع كتاب الله فحسب، بل إنه أمر يوم عرفة وغيره باتباع أهل بيته الطاهرين مع كتاب الله، وكيف يأمر صلى الله عليه وآله باتباع كتاب الله تعالى فحسب وقد تحقق عدم افتراق الثقلين بنصه صلى الله عليه وآله حتى يردا عليه الحوض، وذلك ظاهر لا يحتاج إلى مزيد بيان. العاشر: قوله بعد ذلك: وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال أذكركم الله في أهل بيتي . والجواب عنه بوجوه: أولا - إن النبي صلى الله عليه وآله أمر باتباع عترته في مواضع وخطب ووصايا لا تحصى كثرة، وفي حديث الثقلين أمر باتباعهم على وجه الخصوص، كما تقدم ذلك مرارا عديدة، وهو ثابت أيضا في حديث صحيح مسلم - وإن لم يكن يسلم من التحريف والاسقاط كما تقدم - وهذا بوحده كاف لاستيصال أصل الشبهة. بل نقول: إنه لو لم يكن في صحيح مسلم سوى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم الثقلين لكفى دليلا على وجوب التمسك بأهل البيت عليهم السلام كوجوب التمسك بكتاب الله، ويؤيد ذلك ما ذكره محققوهم في بيان وجه تسميه الكتاب والعترة بالثقلين: قال الأزهري في (تهذيب اللغة) على ما نقل عنه ابن منظور في (لسان العرب): قال ثعلب: سميا ثقلين لأن الأخذ بهما ثقيل، والعمل بهما ثقيل . وقال ابن الأثير في (النهاية): سماها ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل . وقال السخاوي في (استجلاب ارتقاء الغرف): إنما سماهما بذلك إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما، فإنه يقال لكل شيء خطير نفيس ثقل، وأيضا فلأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ومنه قوله تعالى: * [سنلقي عليك

ص 79

قولا ثقيلا] * أي له وزن وقدر، أو لأنه لا يؤدى إلا بتكلف ما يثقل . وقال القاري في (المرقاة في شرح المشكاة 5 / 593): وفي (شرح السنة) سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل . إلى غيرها من كلمات العلماء العظام من أهل السنة، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما إني تارك فيكم أمرين الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. وذلك ظاهر، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر إذا باتباع العترة كذلك. ثانيا - لم يكن قوله صلى الله عليه وآله: أذكركم الله في أهل بيتي مجرد تذكير للأمة، بل أمر باتباع العترة مع التأكيد عليه، وقد كرر صلى الله عليه وآله وسلم هذا التأكيد لمزيد الاهتمام بوجوب اتباعهم، وقد اعترف بهذا المعنى علماء أهل السنة الأكابر: قال الزرقاني في (شرح المواهب اللدنية) بشرح حديث مسلم في شرح هذه الجملة: قال الحكيم الترمذي حض على التمسك بهم، لأن الأمر لهم معاينة، فهم أبعد عن المحنة . وقال المولوي مبين في (وسيلة النجاة) في شرحها: أي اخشوا الله واحفظوا حقوقهم، واتخذوا طاعتهم ومحبتهم شعارا لكم، فكما أن امتثال أحكام كتاب الله فرض فكذلك إطاعة أهل البيت والانقياد لأوامرهم بالجوارح والأركان، ومحبتهم والاعتقاد بهم بالقلب والجنان فرض . وقال القنوجي في (السراج الوهاج): والأخذ بكتاب الله أن يتلوه آناء الليل والنهار، ويعمل بما فيه من الحلال والحرام وغيرهما مما اشتمل عليه، ولا يتخذه مهجورا، والذكرى في أهل البيت أن يعرف فضلهم ويحترمهم بما يصل إليه يده ويجتنب أذاهم وحطهم، ويقتدى بهم فيما يوافق الكتاب السنة ويوقرهم ويعززهم، لا سيما العلماء الصلحاء منهم، فإنهم بضعة الرسول ومضغة البتول وأحباء الله وأبناء رسوله . وقال فيه أيضا: تحريم الزكاة على أهل البيت لها موضع غير هذا

ص 80

الموضوع، والمقصود هنا بيان فضيلتهم وأنهم قسيم كتاب الله في التعظيم والاكرام، وفي التسمية بالثقل وإنه لا بد من الأخذ بهما، فإنهما لا يفترقان حتى يردا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحوض . وقال محمد أمين السندي في (دراسات اللبيب): فحملنا قوله أذكركم الله على مبالغة التثليث فيه على التذكير بالتمسك بهم والردع من عدم الاعتداد بأقوالهم وأعمالهم وأحوالهم وفتياهم وعدم الأخذ بمذهبهم . ثالثا - لقد أمر صلى الله عليه وآله الأمة باتباع أهل بيته والتمسك بهم قبل يوم غدير خم وقبل حجة الوداع وبعدها، فزعم عدم تقدم ذلك - كما هو فحوى كلامه - من أبين الأباطيل.. رابعا - قوله وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من اعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم يفيد أن اتباع أهل البيت عليهم السلام ليس داخلا في حقوقهم التي أمرت الأمة بإعطائهم إياها. وإن مخالفتهم ليست داخلة في ظلمهم الذي أمروا بالامتناع منها، وهذا جور عظيم وظلم كبير.. خامسا - قوله وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خم فعلم أنه لم يكن في إمامته لا ربط له بكون التذكير المذكور في حديث مسلم أو في مطلق حديث الثقلين لم يكن في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام كما تفوه به هذا الناصب، وبما أنه قد ثبت أمره صلى الله عليه وآله وسلم في المواقع الجليلة والمواقف العظيمة قبل يوم الغدير وبعده، فإن ما في صحيح مسلم المشتمل على بيان واقعة يوم غدير خم بالنسبة لأهل البيت عليهم السلام يلزم أن يكون في إيجاب طاعة أمير المؤمنين عليه السلام ولزوم الانقياد له وفرض إمامته على الأمة، وهذا واضح. كلام للجاحظ في مدح أهل البيت وإذ رأيت بطلان كلمات ابن تيمية ظهر لك أنه لا ينبغي لمؤمن أن

ص 81

يشك في ثبوت حديث الثقلين، فضلا عن أن يطعن فيه كالبخاري وابن الجوزي وابن تيمية. وكيف يقدم أدنى مسلم على ذلك مع رواية أساطين علماء أهل السنة لحديث الثقلين بكامله؟! ولهذا قال عمرو بن بحر الجاحظ في (رسالة مدح أهل البيت) ما نصه: إعلم أن الله تعالى لو أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس لما أبان منهم ذوي القربى، ولما قال: * [وانذر عشيرتك الأقربين] * وقال تعالى: * [وإنه لذكر لك ولقومك] *، وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم فكل من كان أقرب كان أرفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة، وما هذا التحريم إلا لإكرامهم، ولذلك قال للعباس حين طلب ولاية الصدقات، لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والانفاق على زوار الله. ولهذا كان رباه أول ربا وضع، ودم ابن ربيعة ابن الحارث أول دم هدر، لأنهما القدوة في النفس والمال، ولهذا قال علي على منبر الجماعة: نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد من الناس. وصدق كرم الله وجهه. كيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلى الله عليه وآله والأطيبان علي وفاطمة، والسبطان الحسن والحسين، والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر، وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج العباس. والنجدة والخير فيهم، والأنصار أنصارهم والمهاجرون من هاجر إليهم ومعهم، والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم، وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم. وقال عليه السلام: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . وإذا كان الجاحظ - على ما هو عليه من المساوئ والقبائح - يذكر حديث الثقلين استدلالا به على فضل أهل البيت عليهم السلام، فهل يشك مسلم في صحة هذا الحديث، أو في جملة وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي

ص 82

الحوض ؟ وقال الجاحظ أيضا على ما نقله الحصري: فالعرب كالبدن وقريش روحها، وقريش روح وبنو هاشم سرها ولبها وموضع غاية الدين والدنيا منها، وهاشم ملح الأرض وزينة الدنيا وحمى العالم والسنام الأضخم والكاهل الأعظم، ولباب كل جوهر كريم، وسر كل عنصر شريف، والطينة البيضاء، والمغرس المبارك، والنصاب الوثيق، ومعدن الفهم وينبوع العلم، وثهلان ذو الهضاب في الحلم، والسيف الحسام في العزم مع الأناة والحزم، والصفح عن الجرم، والقصد بعد المعرفة، والصفح بعد المقدرة وهم الأنف المقدم، والسنام الأكرم، كالماء الذي لا ينجسه شيء، وكالشمس التي لا تخفي بكل مكان، وكالذهب لا يعرف بالنقصان، وكالنجم للحيران، والبارد للظمآن. ومنهم الثقلان والأطيبان والسبطان والشهيدان وأسد الله وذو الجناحين وذو قرنيها وسيد الوادي وساقي الحجيج، وحليم البطحاء والبحر والحبر، والأنصار أنصارهم والمهاجرون من هاجر إليهم أو معهم، والتصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الباطل والحق فيهم، والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا لهم أو فيهم أو معهم أو يضاف إليهم، وكيف لا يكونون كذلك ومنهم رسول رب العالمين، وإمام الأولين والآخرين، ونجيب المرسلين، وخاتم النبيين، والذي لم يتم لنبي نبوة إلا بعد التصديق به والبشارة بمجيئه، الذي عم برسالته ما بين الخافقين، وأظهره الله على الدين كله ولو كره المشركون 1.

(هامش)

1. زهر الآداب - هامش العقد الفريد 1 / 62 - 63. (*)

ص 83

ملحق: سند حديث الثقلين للعلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي

ص 85

بسم الله الرحمن الرحيم لا ريب أن سيد الطائفة صاحب كتاب (عبقات الأنوار) هو رائد الباحثين المحققين في هذا النهج الفني للنقاش العلمي في مجال الصراع العقيدي، فقد أسس منهجه على الاستيعاب الشامل والتتبع الهائل، ودراسة كل مسألة خلافية من شتى جوانبها ومعالجة جميع نواحيها علاجا جذريا مما يراه القارئ الكريم في مؤلفات هذا العملاق العظيم. وقد كرس حياته في الدفاع عن الحق والجهاد في سبيله ونصرة الدين وإعلاء كلمته والنصح للمسلمين وتوحيد كلمتهم، وقد أدى رسالته رحمه الله مرابطا مجاهدا، وخلف تراثا علميا هائلا ينير للأجيال، وكتابه عبقات الأنوار إحدى حسناته وأحد مآثره الخالدة. وحيث أن كتاب التحفة كان باللغة الفارسية كان من الطبيعي أن يؤلف السيد في الرد عليه كتاب العبقات أيضا بالفارسية. إلى أن قيض الله سبحانه الشاب المهذب الفاضل العلامة الميلاني فنقله إلى اللغة العربية وسد الثلمة وملأ الفراغ.

ص 86

وبلغ من شوقي إليه أن تناولت ملازمه المطبوعة قبل أن يكمل طبعه فقرأت فيها وتصفحتها بتلهف واشتياق. ثم عن لي أن أتصفح مذكراتي ومجموعاتي وأراجع ما في متناول يدي من مطبوعات ومصورات لعلي أجمع من الأوابد والشوارد ما يمكن أن يضاف إلى مصادر الحديث (حديث الثقلين) وطبقات رواته. وهذا كل ما تيسر لي من ذلك على سبيل الاستعجال في فترة قصيرة، وأترك الاستقصاء التام والتنقيب الحثيث عن مصادر هذا الحديث وأسناده إلى مجال أوسع وفرصة أخرى، فإني أقدم هذا الجهد الضئيل مؤمنا بأن سوف يجد الباحث المنقب في طيات الكتب والمصادر مطبوعها ومخطوطها أضعاف ما جمعته في هذه الفترة القصيرة. وأسأل الله التوفيق والقبول. عبد العزيز الطباطبائي

ص 87

رواة حديث الثقلين

 رواته من الصحابة

 ذكر كل من السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف 1 والسمهودي في جواهر العقدين بعد أن أوردا حديث الثقلين من حديث زيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري عن مسلم والترمذي في صحيحيهما، والدارمي، والنسائي، وأبي يعلى، وابن خزيمة، والطبراني، والحاكم، والضياء المقدسي. أورداه بالتفصيل عن أكثر من عشرين صحابيا.

(هامش)

1. استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي الشرف تأليف شمس الدين أبي الخير محمد بن عبد الرحمان السخاوي القاهري الشافعي نزيل الحرمين الشريفين المتوفى سنة 902، ترجم لنفسه في كتابه الضوء اللامع 8 / 2 - 32 ترجمة مبسوطة وعد في ص 18 في مؤلفاته كتاب الاستجلاب هذا، وألف في ترجمة حياته بنفسه كتابا حافلا كبيرا سماه إرشاد الغاوي إلى ترجمة السخاوي، رأيت منه نسخة قديمة في المكتبة السليمانية وانتقيت منه فوائد لا يحضرني الآن رقمه وتاريخه، وعد كتابه الاستجلاب هذا هناك أيضا في عداد مؤلفاته. ومن الاستجلاب نسخ في الهند ومصر وتركيا، منها نسخة بأول مجموعة رقم 2787 في مكتبة عاطف أفندي باستنبول كتبت 1143 وقد صورتها لمكتبتي، أرجو الله أن يوفقني لنشره، وهذا الذي أنقله منه ذكره في الورقة 21 / أ. (*)

ص 88

أما السخاوي فقد قال - بعد إيراد ما تقدم - وفي الباب: 3 - عن جابر 4 - وحذيفة بن أسيد 5 - وخزيمة بن ثابت 6 - وزيد بن ثابت 7 - وسهل بن سعد 8 - وضمرة [الأسلمي] 9 - وعامر بن ليلى [الغفاري] 10 - وعبد الرحمن بن عوف 11 - وعبد الله بن عباس 12 - وعبد الله بن عمر 13 - وعدي بن حاتم 14 - وعقبة بن عامر 15 - وعلي بن أبي طالب 16 - وأبي ذر 17 - وأبي رافع 18 - وأبي شريح الخزاعي 19 - وأبي قدامة الأنصاري 20 - وأبي هريرة 21 - وأبي الهيثم بن التيهان 22 - ورجال من قريش 23 - وأم سلمة [أم المؤمنين] 24 - وأم هاني ابنة أبي طالب، الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. فأما حديث جابر فرواه الترمذي في جامعه... وهكذا عنونهم على التتالي واحدا بعد واحد، وذكر المصادر التي روت

ص 89

حديثه، ثم أورد حديثه بنصه. وأما السمهودي فقال في جواهر العقدين 1: وفي الباب عن زيادة على عشرين من الصحابة رضوان الله عليهم. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال... فأخذ يعدد المذكورين من الصحابة واحدا واحدا، ويورد حديثهم، ثم يذكر المصدر الذي روى حديثهم.

(هامش)

1. السمهودي، نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسنى المدني الشافعي المتوفى سنة 911 له ترجمة في الشذرات 8 / 50 وفي النور السافر ص 58 وترجم له معاصره شمس الدين السخاوي في التحفة اللطيفة ترجمة موسعة في سبع صحائف كبار وهي أوسع ترجمة في الكتاب وهي أضعاف سائر تراجم الكتاب، رأيت منه نسخة كاملة في قطعتين يكمل بعضها بعضا في مكتبة طوبقپوسراي، أثنى عليه فيه كثيرا وحكى ثناء الأعلام وقد نقلت ترجمته منه ملخصا ذكر فيه: وقد صحبته من سنة بضع وستين ثم كثرت خلطتي به.. وكذا سمع غيره من تصانيفي وكان على خير وعبادة وسكون... ويستمد مما لعله يقف عليه من تصانيفي كالقول البديع وارتقاء الغرف.. وقد وقفت له على عدة تصانيف منها (جواهر العقدين) في فضل الشرفين شرف العلم وشرف النسب.. وتصانيفه حسبما كتبه لي بخطه: اقتفاء الوفا.. وجواهر العقدين. وكتاب التحفة اللطيفة للسخاوي طبع منه ثلاث مجلدات وبلغ إلى حرف العين ووقف طبعه لماذا؟ لا أدرى ككتاب تهذيب تاريخ ابن عساكر طبع منه سبع مجلدات تباعا فلما بلغ حرف العين وترجمة علي بن أبي طالب فيه وقف طبعه! وأما جواهر العقدين، فنسخه كثيرة شائعة رأيت منها أربع نسخ في مكتبة الأوقاف ببغداد، ومنه نسخة في دار الكتب الظاهرية ونسخ في مكتبات تركيا منها نسخة بخط تلميذه شمس الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن أحمد اللواتي المغربي المالكي التونسي [ترجم له السخاوي في الضوء اللامع 8 / 166]، وقد فرغ منه المؤلف 18 ربيع الثاني 897 وقد فرغ من هذه النسخة تلميذه الناسخ 17 جمادى الآخرة من السنة نفسها أي بعد تأليفه بشهرين ثم قرأها على المؤلف فأجاز له المؤلف بآخر النسخة وكتب له فيها إجازة بخطه تاريخها 25 شعبان من السنة نفسها في 26 مجلسا وعليها إضافات وتصحيحات بخط المؤلف. وهذه النسخة في مكتبة أيا صوفيا رقم 3171 في المكتبة السليمانية بإسلامبول وصورت عليها لمكتبتي ومنها انقل من الورقة 85 / أ. (*)

ص 90

رواة الحديث من التابيعن

 وأما رواته من التابيعن فكثيرون يمر عليك أسماؤهم خلال رواياتهم في الصحاح والمسانيد والمراجع الحديثية، ولكي لا نخلي هذا الحقل منهم نشير إلى بعضهم. فمنهم: 1 - أبو الطفيل عامر بن واثلة، وعداده في الصحابة 2 - عطية بن سعيد العوفي 3 - حنش بن المعتمر 4 - الحارث الهمداني 5 - حبيب بن أبي ثابت 6 - علي بن ربيعة 7 - القاسم بن حسان 8 - حصين بن سبرة 9 - عمرو بن مسلم 10 - أبو الضحى مسلم بن صبيح 11 - يحيى بن جعدة 12 - الأصبغ بن نباتة 13 - عبد الله بن أبي رافع 14 - المطلب بن عبد الله بن حنطب 15 - عبد الرحمان بن أبي سعيد 16 - عمر بن علي بن أبي طالب 17 - فاطمة ابنة علي بن أبي طالب 18 - الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 19 - زين العابدين علي بن الحسين

ص 91

أسماء المخرجين لحديث الثقلين

 وأما من رواه من بعد الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أعلام الأمة، وحفاظ الحديث ومشاهير الأئمة عبر القرون، عدا ما مر في الأصل، فإليك أسماءهم حسب الطبقات: القرن الثاني 1 - حبيب بن أبي ثابت المتوفى 119 2 - أبو إسحاق السبيعي المتوفى 129 3 - محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 4 - حكيم بن جبير 5 - زكريا بن أبي زائدة المتوفى 148 6 - فطر بن خليفة المخزومي 7 - كثير بن زيد المتوفى 158 8 - معروف بن خربوذ المكي 9 - أبو الجحاف داود بن أبي عوف التميمي 10 - صالح بن أبي الأسود الليثي 11 - أبو الجارود زياد بن المنذر العبدي 12 - حاتم بن إسماعيل المتوفى 186 13 - أبو الحسن علي بن مسهر القرشي المتوفى 189 14 - علي بن ثابت الجزري 15 - كثير النوا 16 - عبد الله بن سنان الزهري 17 - هارون بن سعد العجلي 18 - يونس بن أرقم الكندي 19 - عثمان بن المغيرة الثقفي

ص 92

20 - زيد بن الحسن الأنماطي القرن الثالث 21 - جعفر بن عون المخزومي المتوفى 206 22 - يزيد بن هارون الواسطي المتوفى 206 23 - يعلى بن عبيد الطنافسي المتوفى 209 24 - عبيد الله بن موسى العبسي 25 - تليد بن سليمان المحاربي 26 - هاشم بن القاسم أبو النضر الكناني 27 - أبو غسان الهندي مالك بن إسماعيل المتوفى 219 28 - محمد بن سعيد بن سليمان ابن الاصبهاني المتوفى 220 29 - محمد بن كثير العبدي 30 - سعيد بن سليمان الواسطي المتوفى 225 31 - عبد الله بن بكير الغنوي 32 - سعيد بن منصور الخراساني المتوفى 227 33 - داود بن عمرو الضبي 34 - عمار بن نصر المروزي المتوفى 229 35 - منجاب بن الحارث التميمي المتوفى 231 36 - عبد الرحمن بن صالح الأزدي المتوفى 235 37 - بشر بن الوليد الكندي المتوفى 238 38 - جعفر بن حميد القرشي المتوفى 240 39 - إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي المتوفى 245 40 - سفيان بن وكيع بن الجراح المتوفى 247 41 - محمد بن يزيد أبو كرخوبه الواسطي 42 - يوسف بن موسى القطان المتوفى 253

ص 93

43 - أحمد بن المنصور الرمادي المتوفى 265 44 - أحمد بن يونس أبو العباس الضبي المتوفى 268 45 - إبراهيم بن مرزوق بن دينار المتوفى 270 46 - الحسين بن علي بن جعفر 47 - محمد بن عبد الوهاب أبو أحمد الفراء المتوفى 272 48 - الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي المتوفى 277 49 - إبراهيم بن إسحاق القاضي أبو إسحاق الزهري المتوفى 277 50 - محمد بن الفضل أبو جعفر السقطي المتوفى 288 51 - فهد بن سليمان النحاس المصري 52 - أحمد بن القاسم الجوهري المتوفى 293 53 - الحافظ صالح جزره المتوفى 294 54 - أحمد بن يحيى الحلواني المتوفى 296 55 - الحافظ أبو جعفر المطين محمد بن عبد الله بن سليمان المتوفى 297 القرن الرابع 56 - الحافظ الحسن بن سفيان النسوي المتوفى 303 57 - الحافظ أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي المتوفى 307 58 - العباس بن أحمد أبو حبيب البرتي المتوفى 308 59 - أبو بكر بن أبي داود السجستاني المتوفى 316 60 - الحسن بن مسلم الصنعاني 61 - الحافظ الطحاوي أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلمة المتوفى 321 62 - أبو جعفر العقيلي محمد بن عمرو بن حماد المتوفى 322 63 - الحسن بن يعقوب أبو الفضل البخاري المتوفى 342 64 - أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الشيباني المتوفى 344

ص 94

65 - أبو محمد عبد الله بن جعفر الاصبهاني المتوفى 346 66 - محمد بن أحمد بن تميم الخياط القنطري المتوفى 348 67 - أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني المتوفى 351 68 - الحافظ أبو الشيخ ابن حبان البستي المتوفى 369 69 - محمد بن أحمد بن بالويه المتوفى 374 70 - محمد بن أحمد بن حمدان أبو عمرو الحيري المتوفى 376 71 - عبد الله بن أحمد بن حمويه الحموئي المتوفى 381 72 - الحافظ أبو الحسن علي بن عمر بن شاذان السكري المتوفى 386 القرن الخامس 73 - أبو عبيد الهروي صاحب الغريبين المتوفى 401 74 - يحيى بن إبراهيم أبو زكريا المزكى النيسابوري المتوفى 414 75 - القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي المتوفى 414 76 - أبو الفرج محمد بن عبد الله بن أحمد بن شهريار الاصبهاني 77 - أبو سعد الگنجرودي محمد بن عبد الرحمان المتوفى 453 78 - أبو بكر أحمد بن عبيد الله بن خلف الشيرازي 79 - ابن الغريق أبو الحسين ابن المهتدي بالله المتوفى 465 80 - أبو الحسن الداودي البوشنجي المتوفى 467 القرن السادس 81 - أبو بكر المزرفي محمد بن الحسين الشيباني المتوفى 527 82 - أبو عبد الله محمد بن العمركي المتوثي البوشنجي 83 - محمد بن حمويه الجويني المتوفى 530 84 أبو نصر الطوسي أحمد بن علي المعروف بابن العراقي 85 - زاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي المستملي المتوفى 533

ص 95

86 - جار الله الزمخشري المتوفى 538 87 - القاضي أبو محمد ابن عطية المحاربي الغرناطي المتوفى 546 88 - أبو الفضل ابن ناصر السلامي البغدادي المتوفى 550 89 - الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني المتوفى 569 90 - عمر بن عيسى الخطيبي الدهلقي القرن السابع 91 - الحافظ محيي الدين النووي المتوفى 676 92 - شرف الدين أبو محمد عمر بن محمد بن عبد الواحد الموصلي 93 - أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي الأنصاري المتوفى 656 94 - عز الدين عبد الحميد بن هبة الله ابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى 656 95 - القاضي ناصر الدين البيضاوي المتوفى 685 القرن الثامن 96 ظهير الدين عبد الصمد الفارقي الفارابي 97 - زين العرب علي بن عبد الله بن أحمد 98 - بدر الدين أبو محمد الحسن بن حبيب الحلبي 99 - ابن تيمية الحراني المتوفى 728 100 - أثير الدين أبو حيان الأندلسي المتوفى 745 101 - علاء الدين ابن التركماني الحنفي المتوفى 749 102 - شمس الدين محمد بن الحسن الواسطي المتوفى 776 القرن التاسع 103 - أبو العباس تقي الدين المقريزي المتوفى 845

ص 96

104 - عثمان بن حاجي بن محمد الهروي 105 - الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 القرن العاشر 106 - الحافظ ابن الديبع الشيباني المتوفى 943 107 - شمس الدين ابن طولون الدمشقي المتوفى 953 القرن الحادي عشر 108 - محمد بن محمد بن سليمان السوسي المغربي المتوفى 1094 القرن الثاني عشر 109 - عبد الملك العصامي المكي المتوفى 1111 110 - محمد أمين المحبي المتوفى 1111 111 - ابن حمزة الحسيني المتوفى 1120 112 - عبد الغني النابلسي المتوفى 1143 113 - إبراهيم الشبراوي المتوفى 1162 القرن الثالث عشر 114 - مير غني الحسيني المتوفى 1207 القرن الرابع عشر 115 - أحمد زيني دحلان 116 - أحمد ضياء الدين الكمشخانوي 117 - مؤمن بن حسن الشبلنجي 118 - بهجت بهلول أفندي

ص 97

119 - الشيخ منصور علي ناصف المصري 120 - يوسف بن إسماعيل النبهاني 121 - العباس بن أحمد اليمني 122 - محمد بن عبد الرحمان المباركفوري 123 - أحمد البنا الساعاتي 124 - عبد الله الشافعي 125 - محمود أبو رية 126 - توفيق أبو علم 127 - حبيب الرحمان الأعظمي

ص 98

*(1)* رواية حبيب بن أبي ثابت

 رواه عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ورواه عنه الأعمش، أخرجه النسائي 1 وأورده ابن كثير 2 عن النسائي في سننه (الكبرى) ثم قال: قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح . ورواه أيضا عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم، ورواه عنه أبو العلاء كامل بن العلاء التيمي السعدي. أخرجه الحاكم بإسناده عنه بلفظ آخر، وصححه هو والذهبي على شرط الشيخين 3.

(هامش)

1. خصائص أمير المؤمنين ص 15 من الطبعة المصرية. وتقدم في ج 1 / 133. 2. البداية والنهاية 5 / 209. 3. المستدرك 3 / 533. (*)

ص 99

ترجم له ابن حجر: حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار. الأسدي مولاهم أبو يحيى الكوفي، روى عن ابن عمر وابن عباس وأنس ابن مالك وزيد بن أرقم وأبي الطفيل.. قال العجلي كوفي تابعي ثقة، وقال ابن معين والنسائي ثقة، وقال ابن أبي مريم عن ابن معين ثقة حجة، قيل له: ثبت؟ قال: نعم.. وقال أبو حاتم: صدوق ثقة.. قال أبو بكر ابن عياش وغيره مات سنة 119.. 1.

 *(2)* رواية أبي إسحاق السبيعي

 روى حديث الثقلين عن حنش بن المعتمر عن أبي ذر. ورواه عنه الأعمش ويونس بن أبي إسحاق ومفضل بن صالح وإسرائيل أخرج روايتهم الحافظ الدارقطني المتوفى 2385 ففي كتاب العلل 3 ج 2 الورقة 78 ب 3: وسئل: عن حديث حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ومثلهما مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا؟ فقال: يرويه أبو إسحاق السبيعي عن حنش، قال ذلك الأعمش ويونس بن أبي إسحاق ومفضل بن صالح. وخالفهم إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق عن رجل عن حنش، والقول عندي قول إسرائيل. إنتهى.

(هامش)

1. تهذيب التهذيب 2 / 178. 2. المتقدم في ص 163 ج 1. 3. مصورة في مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الأشرف عن معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة على نسخة كتبت سنة 708 في دار الكتب المصرية رقم 394 حديث. (*)

ص 100

ترجم له: وهو أبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي الهمداني المتوفى 9 / 8 / 126 من رجال الستة مجمع على توثيقه. ابن حجر العسقلاني فقال: وقال ابن معين والنسائي ثقة، وقال ابن المديني أحصينا مشيخته نحوا من ثلاثمائة شيخ وقال مرة أربعمائة، وقد روى عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره. وقال العجلي كوفي تابعي ثقة والشعبي أكبر منه بسنتين.. وقال أبو حاتم ثقة وهو أحفظ من أبي إسحاق الشيباني وشبه الزهري في كثرة الرواية واتساعه في الرجال.. 1. وابن سعد في (الطبقات 6 / 313).

 *(3)* رواية محمد بن عمر بن علي

 رواه عن جده أمير المؤمنين عليه السلام مرسلا، أو عن أبيه عنه عليه السلام على اختلاف الروايات في المصادر. ورواه عنه أبو محمد كثير بن زيد الأسلمي ثم السهمي مولاهم المتوفى سنة 158، أخرجه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة، يأتي بالإسناد واللفظ في الرقم (7). وأورده العباس بن أحمد الصنعاني قال: وعن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب... أخرجه ابن جرير وصححه 2.

(هامش)

1. تهذيب التهذيب 8 / 63. 2. تتمة الروض النضير 5 / 344. (*)

ص 101

ترجم له: 1 - ابن حجر: حيث أنه من رجال الترمذي فقال: محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي أمه أسماء بنت عقيل، روى عن جده مرسلا وأبيه وعمه محمد بن الحنفية وابن عمه علي بن الحسين بن علي. روى عنه أولاده عبد الله وعبيد الله وعمر، وابن جريح وابن إسحاق ويحيى ابن أيوب وهشام بن سعد وغيرهم. قال ابن سعد: قد روى عنه، وكان قليل الحديث وكان قد أدرك أول خلافة بني العباس، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عن علي 1. 2 - الذهبي: فقال: (ثقة) 2.

 *(4)* رواية حكيم بن جبير

 روى حديث الثقلين عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ورواه عنه عبد الله بن بكير الغنوي، أخرج حديثه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير فقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي [مطين] نا جعفر بن حميد، نا عبد الله ابن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لكم فرط وإنكم واردون علي الحوض، عرضه ما بين صنعاء إلى بصري، فيه عدد الكواكب من قدحان الذهب والفضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟ فقام رجل فقال: يا رسول الله وما الثقلان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به لن تزالوا ولا تضلوا. والأصغر عترتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض

(هامش)

1. تهذيب التهذيب 9 / 321. 2. الكاشف 3 / 82. (*)

ص 102

وسألت لهما ذلك ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم 1. ترجم له: 1 - ابن حجر: فإنه من رجال الأربعة فقال: حكيم بن جبير الأسدي ويقال مولى الحكم بن أبي العاص الثقفي الكوفي روى عن أبي جحيفة وأبي الطفيل... وعنه الأعمش والسفيانان وزائدة وفطر بن خليفة وشعبة وشريك وعلي بن صالح وجماعة. 2. ثم حكى عن جماعة تضعيفه، ولا ذنب له سوى روايته بعض فضائل آل محمد عليهم السلام، راجع ترجمته في الميزان، وإلا فهو من رجال السنن الأربعة، ويكفيه رواية السفيانين وشعبة عنه. 2 - عده ابن سعد في الطبقة الثالثة من الكوفيين 3. 3 - البخاري: في (التاريخ الكبير 3 / 16) رقم 65.

 *(5)* رواية زكريا بن أبي زائدة

 رواه عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري ورواه عنه يزيد بن هارون الواسطي، أخرج حديثه أبو عبد الله المحاملي في أماليه 4 قال: حدثنا أخو كرخويه قال حديثا يزيد بن هارون ثنا زكريا عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر:

(هامش)

1. المعجم الكبير 3 رقم 2681. 2. تهذيب التهذيب 2 / 445. 3. طبقات ابن سعد 6 / 326. 4. في الورقة 38 ب الجزء الثالث من نسخة قيمة في دار الكتب الظاهرية بدمشق. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثاني

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب