نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 3

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

ص 5

معنى من كنت مولاه فعلي مولاه

ص 7

وإذ فرغنا من ذكر نصوص عبارات طائفة من أئمة القوم وعلمائهم في إخراج حديث الغدير، وروايته بالألفاظ المتنوعة والأسانيد المختلفة، فلنشرع في تفنيد مناقشات (الدهلوي)، والرد على مزاعمه في الجواب عن دلالة هذا الحديث الشريف جملة جملة... وبالله التوفيق: قوله: الأول: حديث غدير خم، الذي يذكرونه في كتبهم مع التبجح الكثير به، ويجعلونه نصا قطعيا على هذا المدعى . أقول: إنا نمر على هذا الكلام مر الكرام، ونكتفي بالقول بأن الإمامية إنما يعتمدون في وجه دلالة الحديث الشريف - بعد إثبات تواتره وقطعية صدوره - على كلمات أئمة العربية، وتصريحات أساطين اللغة والأدب، ويستشهدون لذلك بالأدلة والآثار المتقنة الثابتة، كما سيتضح كل ذلك بالتفصيل، بحيث تنقطع ألسنة الجاحدين وتستأصل شبهات المشككين، ونحن نقول الحمد لله رب

ص 8

العالمين. قوله: وحاصله: إنه قد روى بريدة بن الحصيب الأسلمي... . أقول: لقد علم مما تقدم انفراد بريدة بن الحصيب الأسلمي برواية حديث الغدير، بل رواه الجم الغفير والجمع الكثير، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجاوز عددهم المائة بكثير. فجعل رواية هذا الحديث من حديث بريدة فقط - كما هو ظاهر العبارة - غريب جدا. كما علم مما تقدم أن لهذا الحديث الشريف ألفاظا تشتمل على فوائد ومطالب جليلة، لها الأثر البالغ في دلالة الحديث وثبوت المرام، فإعراض (الدهلوي) عن نقل أحد تلك الألفاظ واقتصاره بهذا اللفظ غريب أيضا. قوله: قالوا: إن (المولى) بمعنى (الأولى بالتصرف) والأولوية بالتصرف عين (الإمامة) . أقول: إن لمحققي الإمامية بحوثا مطولة واستدلالات مفصلة في بيان وجه دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، فليت (الدهلوي) ذكر عن أحدهم وجه الاستدلال، ثم أجاب عنه بزعمه، ولم يكتف بهذه الكلمة الوجيزة التي تقل عن السطر الواحد....

ص 9

قوله: إن أول ما في هذا الاستدلال هو: أن أهل العربية قاطبة ينكرون أن يكون (المولى) قد جاء بمعنى (الأولى)... . أقول: أول ما في هذا الكلام أن (الدهلوي) يدعي إنكار قاطبة أهل العربية مجئ (المولى) بمعنى (الأولى)، وهذا كذب بحت، فإن أهل العربية لم ينكروا ذلك أبدا، بل لم يثبت إنكار واحد منهم، فكيف بإنكار جميعهم!! إن هذا الذي ذكره (الدهلوي) كذب فاحش وشنيع جدا، وإن كنت في ريب من ذلك فإليك البيان:

ص 11

مجئ (المولى) بمعنى (الأولى)

ص 13

إن استعمال (المولى) بمعنى (الأولى) في الكتاب والسنة وأشعار العرب شائع، وقد صرح بذلك ونص عليه جمع كبير من أئمة اللغة والأدب والتفسير، ونحن نذكر أسماء طائفة منهم، ثم نصوص كلماتهم، إتماما للحجة وإفحاما للخصوم المكابرين، فمنهم:

ذكر من نص على ذلك

 1 - محمد بن السائب الكلبي. 2 - أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري اللغوي. 3 - أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري. 4 - أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش المجاشعي. 5 - أحمد بن يحيى بن سيار أبو العباس المعروف بثعلب. 6 - أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي البصري المعروف بالمبرد. 7 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الزجاج. 8 - أبو بكر محمد بن القاسم المعروف بابن الأنباري. 9 - محمد بن عزيز السجستاني العزيزي.

ص 14

10 - أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني. 11 - أبو النصر إسماعيل بن حماد الفارابي الجوهري. 12 - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري. 13 - أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي. 14 - أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى الشنتمري. 15 - القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد الزوزني. 16 - أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد الشيباني التبريزي. 17 - الحسين بن مسعود الفراء البغوي. 18 - جار الله محمود بن عمر الزمخشري. 19 - أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي. 20 - أحمد بن الحسن بن أحمد الزاهد الدرواجكي. 21 - نظام الدين حسن بن محمد القمي النيسابوري. 22 - أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي. 23 - شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي. 24 - القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي. 25 - أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي المعروف بابن السمين. 26 - محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي. 27 - جلال الدين أحمد الخجندي. 28 - عبد الله بن أحمد النسفي. 29 - عمر بن عبد الرحمن القزويني. 30 - الشيخ نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي. 31 - جلال الدين محمد بن أحمد المحلي. 32 - الحسين بن علي الواعظ الكاشفي. 33 - أبو السعود بن محمد العمادي.

ص 15

34 - سعيد الحلبي. 35 - الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي. 36 - الشيخ سليمان جمل. 37 - الملا جار الله الإله آبادي. 38 - محب الدين الأفندي. 39 - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني. 40 - عبد الرحيم بن عبد الكريم. 41 - رشيد النبي بن حبيب النبي. 42 - السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي.

ص 16

*(1)* محمد بن السائب الكلبي قال محمد بن يوسف أبو حيان

* ترجم له الصلاح الصفدي بقوله: محمد ابن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، الشيخ الإمام الحافظ العلامة، فريد العصر وشيخ الزمان، وإمام النحاة، أثير الدين أبو حيان الغرناطي... لم أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه، لأني لم أره إلا يسمع أو يشغل أو يكتب ولم أره على غير ذلك... وهو ثبت فيما ينقله، محرر لما يقوله عارف باللغة ضابط لألفاظها، وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا فيهما، لم يذكر معه في أقطار الأرض غيره في العربية، وله اليد الطولي في التفسير والحديث والشروط والفروع وتراجم الناس... وله التصانيف التي سارت وطارت، وانتشرت وما انتثرت، وقرئت ودرست ونسخت وما نسخت، أخملت كتب الأقدمين وألهت المقيمين بمصره والقادمين، وقرأ الناس عليه وصاروا أئمة وأشياخا في حياته... (1)* بتفسير قوله تعالى *(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)*(2) قال ما نصه:

(هامش)

(1) الوافي بالوفيات 5 / 267. (2) سورة التوبة: 51. (*)

ص 17

هو مولانا. أي ناصرنا وحافظنا، قاله الجمهور. وقال الكلبي: أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة، وقيل: مالكنا وسيدنا، فلهذا يتصرف كيف شاء فيجب الرضا بما يصدر من جهته. وقال *(ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم)* فهو مولانا الذي يتولانا ويتولاهم (1). وقد نقل القمولي أيضا عن الكلبي تفسير (المولى) ب‍ (الأولى)، كما سيجئ فيما بعد إن شاء الله تعالى. ترجمة الكلبي أثنى عليه الحافظ ابن عدي بقوله: هو معروف بالتفسير وليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه، وبعده مقاتل، إلا أن الكلبي يفضل على مقاتل، لما قيل في مقاتل من المذاهب الردية، وحدث عن الكلبي: شعبة والثوري وهشيم، والثقات، ورضوه في التفسير... (2). وقال الذهبي: وللكلبي غير ما ذكرت أحاديث صالحة خاصة عن أبي صالح، وهو معروف بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشبع، وبعده مقاتل بن سليمان إلا أن الكلبي يفضل على مقاتل بن سليمان، لما قيل في مقاتل من المذاهب الردية، وحدث عن الكلبي: الثوري وشعبة وإن كانا حدثا عنه بالشئ اليسير غير المسند وحدث عنه: ابن عيينة وحماد بن سلمة وهشيم، وغيرهم من ثقات الناس، ورضوه في التفسير (3). ترجمة ابن عدي والحافظ ابن عدي الذي أثنى على الكلبي من كبار الحفاظ الاثبات،

(هامش)

(1) البحر المحيط 5 / 52. (2) تذهيب التهذيب للذهبي: ترجمة الكلبي. (3) حاشية الكاشف مخطوط. (*)

ص 18

ترجم له: 1 - السمعاني: أبو أحمد عبد الله بن محمد الجرجاني، المعروف بابن القطان، الحافظ من أهل جرجان، كان حافظ عصره... روى عنه: الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، وأبو بكر أحمد بن الحسن الحيري وغيرهم... وكان حافظا متقنا، لم يكن في زمانه مثله... وكانت ولادته يوم السبت غرة ذي القعدة سنة 277، وهي السنة التي مات فيها أبو حاتم الرازي، وتوفي غرة جمادى الآخرة، سنة 365 بجرجان... (1). 2 - ياقوت الحموي: ... أحد أئمة أصحاب الحديث والمكثرين منه، والجامعين له، والرحال فيه... وكان مصنفا حافظا، ثقة، على لحن كان فيه... (2). 3 - الذهبي: ابن عدي الإمام الحافظ الكبير... كان أحد الأعلام... وهو المصنف في الكلام على الرجال، عارفا بالعلل قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه... قال حمزة السهمي: كان حافظا متقنا، لم يكن في زمانه مثله... قال الخليلي: كان عديم النظير حفظا وجلالة... (3). 4 - الأسنوي: الحافظ أبو أحمد بن عدي بن محمد الجرجاني الإمام المشهور (4). 5 - ابن قاضي شهبة: الحافظ الكبير، يعرف بابن القطان، أحد الأئمة الأعلام، وأركان الإسلام... (5).

(هامش)

(1) الأنساب - الجرجاني. (2) معجم البلدان 2 / 121. (3) تذكرة الحفاظ 2 / 940. وانظر: العبر ودول الإسلام له حوادث 365. (4) طبقات الشافعية 2 / 206. (5) طبقات الشافعية 1 / 140. (*)

ص 19

تراجم الرواة عن الكلبي لقد علم من عبارة الذهبي أن سفيان بن عيينة، وحماد بن سلمة، وهشيم وغيرهم من ثقات الناس حدثوا عن الكلبي ورضوه في التفسير، فنقول: إن هؤلاء الثلاثة من أكابر أساطين القوم، فأما (سفيان بن عيينة) فستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى. ترجمة حماد بن سلمة وأما (حماد بن سلمة) فقد ترجم له ابن حجر العسقلاني بقوله: حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة مولى تميم، ويقال: مولى قريش، وقيل: غير ذلك... قال أحمد: حماد بن سلمة أثبت في ثابت من معمر، وقال أيضا في الحمادين: ما منها إلا ثقة... وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة... وقال الأصمعي عن عبد الرحمن بن مهدي: حماد بن سلمة صحيح السماع، حسن اللقاء، أدرك الناس، لم يتهم بلون من الألوان، ولم يلتبس بشيء، أحسن ملكة نفسه ولسانه ولم يطلقه على أحد فسلم حتى مات. وقال ابن المبارك: دخلت البصرة فما رأيت أحدا أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة، وقال أبو عمر الحرمي: ما رأيت فقيها أفصح من عبد الوارث، وكان حماد بن سلمة أفصح منه. وقال شهاب بن معمر البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم. تزوج سبعين امرأة فلم يولد له، وقال عفان: قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة، ولكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة... مات سنة 167. زاد ابن حبان في ذي الحجة. استشهد به البخاري، وقيل: إنه روى له حديثا واحدا عن أبي الوليد عنه عن ثابت.

ص 20

قلت: الحديث المذكور في مسند أبي بن كعب من رواية ثابت عن أنس عنه، ذكره المزي في الأطراف ولفظه: قال لنا أبو الوليد فذكره. وقد عرض ابن حبان بالبخاري لمجانبة حديث حماد بن سلمة حيث يقول: لم ينصف من عدل عن الاحتجاج به إلى الاحتجاج بفليح وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. واعتذر أبو الفضل بن طاهر عن ذلك لما ذكر أن مسلما أخرج أحاديث أقوام ترك البخاري حديثهم قال: وكذلك حماد بن سلمة إمام كبير مدحه الأئمة وأطنبوا، ولما تكلم بعض منتحلي المعرفة أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه لم يخرج عنه البخاري معتمدا عليه، بل استشهد به في مواضع، ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم. ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا [فيه] وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم، ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أهل النقل على ثقته وأمانته. إنتهى...... وقد حدث عنه من هو أكبر منه سنا، وله أحاديث كثيرة، وأصناف كثيرة ومشايخ، وهو كما قال ابن المديني: من تكلم في حماد بن سلمة فاتهموه في الدين. فقال الساجي: كان حافظا ثقة مأمونا. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وربما حدث بالحديث المنكر. وقال العجلي: ثقة رجل صالح حسن الحديث... (1). ترجمة هشيم بن بشير وأما (هشيم بن بشير) فقد ترجم له الذهبي قوله: هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار، أبو معاوية بن أبي حازم السلمي الواسطي، نزيل بغداد، أحد الحفاظ الأعلام... وقال حماد بن زيد: ما رأيت في المحدثين بأنبل من هشيم،

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 3 / 11 - 16. (*)

ص 21

وقال محمد بن عيسى بن الطباع: قال عبد الرحمن بن مهدي: كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري، كان يقوى من الحديث على شيء لم يكن يقوى عليه سفيان، وسمعت وكيعا يقول: نحوا عني هشيما وهاتوا من شئتم - يعني في المذاكرة -. وقال ابن مهدي: هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة، وقال علي بن حجر: هشيم وأبو بشر مثل ابن عيينة في الزهري. وقال عيينة بن سعيد عن ابن المبارك قال: من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم، وقال العجلي: هشيم ثقة يدلس، وسئل أبو حاتم عن هشيم ويزيد بن هارون فقال: هشيم أحفظ منه ومن أبي عوانة (1). عود إلى ترجمة الكلبي وقد أثنى أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي عن الكلبي، وجعله من أقران مجاهد والسدي حيث قال في ديباجة تفسيره: وفرقة جردوا التفسير دون الأحكام وبيان الحلال والحرام، والحل عن العويصات المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات، كمشايخ السلف الماضين والعلماء السابقين من التابعين وأتباعهم، مثل مجاهد، ومقاتل، والكلبي، والسدي، رضي الله عنهم أجمعين، ولكل من أهل الحق منهم غرض محمود وسعي مشكور (2). وقال ابن جزلة: قال الحسن بن عثمان القاضي: وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة: علم أبي حنيفة، وتفسير الكلبي، ومغازي محمد بن إسحاق (3). وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن علي العامري: قد خرجت هذا من التفاسير التي سمعتها من الأئمة رحمهم الله، منها: ما سمعت من الأستاذ الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الأسفرايني رحمه الله، مثل تفسير مقاتل بن سليمان

(هامش)

(1) تذهيب التهذيب - مخطوط. (2) الكشف والبيان - مخطوط. (3) مختصر تاريخ بغداد - مخطوط. (*)

ص 22

والحلبي والكلبي وغيرهما... ولم أعتمد إلا بما صح عندي بتواتر واستفاضة أو روي في الصحاح بغير طعن الطاعن، والله الموفق لذلك (1). وقال ابن قتيبة: الكلبي صاحب التفسير، وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، ويكنى أبا النضر... وكان نسابا عالما بالتفسير، وتوفي بالكوفة سنة 146 (2). وقال البغوي: وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمة، ومن بعده من التابعين، أئمة السلف مثل: مجاهد، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، رضي الله عنه، وقتادة، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن حبان، ومقاتل بن سليمان، والسدي، وغيرهم فأكثره مما أخبرني الشيخ أبو سعيد أحمد بن محمد الشريحي المذكور... (3). وقال صديق حسن القنوجي: وجمعته جمعا حسنا، بعبارة سهلة، وألفاظ يسيرة، مع تعرض للترجيح بين التفاسير المتعارضة في مواضع كثيرة، وبيان المعنى العربي الأعرابي واللغوي، مع حرص على إيراد صفوة ما ثبت عن التفسير النبوي، وعن عظماء الصحابة وعلماء التابعين، ومن دونهم من سلف الأئمة وأئمتها المعتبرين، كابن عباس حبر هذه الأمة ومن بعده من الأئمة، مثل مجاهد وعكرمة، وعطاء، والحسن، وقتادة، وأبي العالية، والقرظي، والكلبي والضحاك، ومقاتل، والسدي، وغيرهم من علماء اللغة والنحو كالفراء، والزجاج، وسيبويه، والمبرد، والخليل، والنحاس (4). وقال علي بن محمد البزدوي: ليس من اتهم بوجه ما يسقط به كل حديثه

(هامش)

(1) الناسخ والمنسوخ - مخطوط. (2) المعارف 535 - 536. (3) معالم التنزيل 1 / 3 هامش تفسير الخازن. (4) فتح البيان في مقاصد القرآن 1 / 17. (*)

ص 23

مثل الكلبي وأمثاله، ومثل سفيان الثوري وأصحابه، مع جلالة قدره وتقدمه في العلم والورع (1). وقال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في شرح كلام البزدوي المذكور ما نصه: قوله: مثل الكلبي. هو أبو سعيد محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير، ويقال له أبو النضر أيضا، طعنوا فيه بأنه يروي تفسير كل آية عن النبي صلى الله عليه وسلم ويسمى زوائد الكلبي، وبأنه روى حديثا عند الحجاج، فسأل عمن يرويه فقال: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلما خرج قيل له: هل سمعت ذلك من الحسن؟ فقال: لا ولكني رويت عن الحسن غيظا له. وذكر في الأنساب: إن الثوري ومحمد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. قال: وكان الكلبي سبائيا من أصحاب عبد الله ابن سبأ، من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة، ويملؤها عدلا كما ملئت جورا، وإذا رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها، والرعد صوته والبرق سوطه، حتى تبرأ واحد منهم وقال: ومن قوم إذا ذكروا عليا * يصلون الصلاة على السحاب مات الكلبي سنة 146. وأمثاله. مثل عطاء بن السائب، والربيعة، وعبد الرحمن، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم، اختلطت عقولهم فلم يقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط، وقبلت الروايات التي قبله. فإن قيل: ما نقل عن الكلبي يوجب الطعن عاما، فينبغي أن لا يقبل رواياته جميعا.

(هامش)

(1) أصول الفقه 3 / 72 بشرح عبد العزيز البخاري. (*)

ص 24

قلنا: إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضا، إلا أن ذلك يورث شبهة في الثبوت، وبالشبهة ترد الحجة، وينتفي ترجح الصدق في الخبر، فلذلك لم يثبت أو معناه. ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث، مثل الكلبي، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة، وسفيان الثوري وغيرهم، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه، ولكن علو درجتهم في الدين، وتقدم رتبتهم في العلم والورع، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن رد حديثهم به، إذ لو رد حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار، إذ لم يوجد بعد الأنبياء عليهم السلام من لا يوجد فيه أدنى شيء مما يجرح إلا من شاء الله تعالى، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن، فيحمل على أحسن الوجوه، وهو قصد الصيانة (1). ترجمة عبد العزيز البخاري وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي، من مشاهير الأئمة الكبار، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في (الجواهر المضية في طبقات الحنفية) ومحمود بن سليمان الكفوي في (كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار)، والكاتب الجلبي في (كشف الظنون).

(هامش)

(1) كشف الأسرار في شرح أصول الفقه 3 / 72. (*)

ص 25

*(2)* يحيى بن زياد الفراء وفسر يحيى بن زياد الفراء

 (المولى) ب‍ (الأولى) كما قال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى: *(هي مولاكم وبئس المصير)*: مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير. وفي لفظ المولى ههنا أقوال: أحدها - قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: أن المولى موضع الولي وهو القرب، فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه. والثاني قال الكلبي: يعني أولى بكم. وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة... (1). ترجمة الفراء 1 ابن خلكان: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء، الديلمي الكوفي، مولى بني أسد، وقيل مولى بني منقر. كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لولا الفراء لما كانت العربية، لأنه خلصها وضبطها، ولو لا الفراء لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع، ويدعيها كل من أراد، ويتكلم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم. فتذهب. وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو والأحمر المقدم ذكره من أشهر

(هامش)

(1) التفسير الكبير 29 / 227. (*)

ص 26

أصحابه وأخصهم به. ولما عزم الفراء على الاتصال بالمأمون كان يتردد إلى الباب، فبينما هو ذات يوم على الباب، إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمري المعتزلي - وكان خصيصا بالمأمون - قال: فرأيت أبهة أديب، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفاتشته عن النحو فوجدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا، فقلت: من تكون وما أظنك إلا الفراء؟ قال: أنا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به... وقال الخطيب في تاريخ بغداد: إن الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية... وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ في كتاب المعاني، وقال الراوي: وأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب المعاني فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا، فلم يزل يمليه حتى أتمه... وكان سبب إملائه كتاب المعاني: أن أحد أصحابه - وهو عمر بن بكير - كان يصحب الحسن بن سهل المقدم ذكره، فكتب إلى الفراء أن الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني فيها جواب، فإن رأيت أن تجمع لي أصولا، وتجعل في ذلك كتابا يرجع إليه فعلت. فلما قرأ الكتاب قال لأصحابه: إجتمعوا حتى أملي عليكم في القرآن، وجعل لهم يوما، فلما حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء، فقال له: إقرأ. فقرأ فاتحة الكتاب، ففسرها حتى مر في القرآن كله على ذلك، يقرأ الرجل والفراء يفسره، وكتابه هذا نحو ألف ورقة، وهو كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن لأحد أن يزيد عليه. وكان المأمون قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو، فلما كان يوما أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدمانها له، فتنازعا أيهما

ص 27

يقدمانها له، فاصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردا فقدماها... وقال الخطيب أيضا: كان الفقيه محمد بن الحسن ابن خالة الفراء، وكان الفراء يوما جالسا عنده فقال له الفراء: قل رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية، فأسألك عن باب من أبواب الفقه، فقال: هات على بركة الله تعالى. قال: ما تقول في رجل صلى فسهى فسجد سجدتين للسهو فسهى فيهما؟ ففكر الفراء فيهما ساعة ثم قال: لا شيء عليه. فقال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام الصلاة وليس للتمام تمام. فقال محمد: ما ظننت آدميا يلد مثلك... وقال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفراء كيف كان يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه. ومولد الفراء بالكوفة... وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في طريق مكة، وعمره ثلاثة وستون سنة، رحمه الله تعالى... (1). 2 - اليافعي: وفيها الإمام البارع النحوي، يحيى بن زياد الفراء الكوفي، أجل أصحاب الكسائي، كان رأسا في النحو واللغة، أبرع الكوفيين وأعلمهم بفنون الأدب، على ما ذكر بعض المؤرخين، وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لولا الفراء... (2). 3 - الذهبي: الفراء أخباري علامة نحوي، كان رأسا في قوة الحفظ. أملى تصانيفه كلها حفظا، مات بطريق مكة سنة 207. عن ثلاث وستين سنة. اسمه يحيى بن زياد (3).

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 5 / 225 - 230. (2) مرآة الجنان حوادث 207. (3) تذكرة الحفاظ 1 / 372. (*)

ص 28

4 - الذهبي أيضا: ... وهو أجل أصحاب الكسائي، وكان رأسا في النحو واللغة (1). 5 - ابن الوردي: ... أبرع الكوفيين نحوا وأدبا، وله كتاب الحدود وكتاب المعاني، وكتابان في المشكل، وكتاب النهي، وغير ذلك. توفي بطريق مكة، وعمره نحو ثلاث وستين، كان يفري الكلام فلقب بذلك (2).

*(3)* أبو زيد اللغوي

 وأما تصريح أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري اللغوي بورود (المولى) بمعنى (الأولى)، فقد اعترف به (الدهلوي) نفسه في كلامه، كما جاء في كلام غلام محمد بن محيي الدين بن عمر الأسلمي في ترجمة (التحفة الاثنا عشرية) حيث قال في الجواب عن حديث الغدير: ولا يخفى أن أول الغلط في هذا الاستدلال هو إنكار أهل العربية قاطبة ثبوت ورود المولى بمعنى الأولى، بل قالوا لم يجئ قط المفعل بمعنى أفعل في موضع ومادة أصلا، فضلا عن هذه المادة بالخصوص، إلا أن أبا زيد اللغوي جوز هذا متمسكا بقول أبي عبيدة في تفسير *(هي مولاكم)* أي أولى بكم . وستأتي ترجمة أبي زيد اللغوي في الكتاب إن شاء الله تعالى.

(هامش)

(1) العبر حوادث 207. (2) تتمة المختصر حوادث 207. (*)

ص 29

*(4)* أبو عبيدة

 وأما تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنى البصري (المولى) ب‍ (الأولى) فقد نص عليه الفخر الرازي في (نهاية العقول) أيضا كما سيأتي قريبا، وفي (التفسير) كما عرفت من عبارته الماضية، وكذا ذكره ابن الجوزي في (زاد المسير)، واعترف به (الدهلوي) كذلك، وصرح به الأسلمي المذكور في (الترجمة العبقرية). ترجمة أبي عبيدة 1 - الذهبي: أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري، اللغوي الحافظ، صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروبة وأبي عمرو بن شيبة. وعنه: أبو عثمان المازني وأبو العيناء وخلق. قال الحافظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وذكره ابن المبارك فصحح رواياته. مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، وقيل سنة تسع (1). 2 - الذهبي أيضا: أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي، العلامة الأخباري صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروة وأبي عمر بن العلا وكان أحد أوعية العلم. وقيل توفي سنة إحدى عشرة (2). 3 - وذكر ابن الأثير في خطبة كتابه (النهاية) القول بأن أبا عبيدة أول من

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 371. (2) العبر حوادث 210. (*)

ص 30

ألف في فن غريب الحديث بعد اختلاط الألسن وتداخل اللغات، حيث قال: فلما أعضل الداء وعز الدواء ألهم الله جماعة من أولى المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم، وجانبا من رعايتهم، فشرعوا فيه للناس موارد، ومهدوا فيه لهم معاهد، حراسة لهذا العلم الشريف من الضياع، وحفظا لهذا المهم العزيز من الاختلال، فقيل: إن أول من جمع في هذا الفن شيئا وألفه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتابا... (1). 4 - وقال السيوطي نقلا عن أبي الطيب اللغوي بعد ذكر الخليل: وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم، عنهم أخذ جل ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كله، وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي، وكلهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر، ورووا عنه القراءة. ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمرو أبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم وكان أبو زيد أحفظ الناس للغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية وأكثرهم أخذا عن البادية، وقال ابن منادر: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها... وأبو زيد من الأنصار، وهو من رواة الحديث، ثقة عندهم مأمون، وكذلك حاله في اللغة، وقد أخذ عنه اللغة أكابر الناس منهم سيبويه وحسبك، قال أبو حاتم عن أبي زيد: كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان قال: فإذا سمعته يقول: وحدثني من أثق بعربيته فإنما يريدني. وكبر سن أبي زيد حتى اختل حفظه ولم يختل عقله، ومن جلالة أبي زيد في اللغة ما حدثنا به جعفر بن محمد حدثنا محمد بن الحسن الأزدي عن أبي حاتم عن

(هامش)

(1) النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب. (*)

ص 31

أبي زيد قال: كتب رجل من أهل رامهرمز إلى الخليل يسأله كيف يقال: ما أوقفك ههنا ومن أوقفك؟ فكتب إليه: هما واحد. قال أبو زيد: ثم لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له: إنما يقال من وقفك وما أوقفك. قال: فرجع إلى قولي. وأما أبو عبيدة فإنه كان أعلم الثلاثة بأيام العرب وأخبارهم وأجمعهم لعلومهم، وكان أكمل القوم، قال عمر بن شيبة: كان أبو عبيدة يقول: ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلا عرفتهما وعرفت فارسيهما، وهو أول من ألف في غريب الحديث... . وقال السيوطي نقلا عن أبي الطيب: أخبرنا جعفر بن محمد أخبرنا إبراهيم ابن حمد قال قال أبو حاتم: إذا فسرت حروف القرآن المختلف فيها وحكيت عن العرب شيئا فإنما أحكيه عن الثقات منهم، مثل أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة ويونس، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم... (1).

 *(5)* أبو الحسن الأخفش

 وممن نص على مجئ (المولى) بمعنى (الأولى): أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش... قال الفخر الرازي: إن أبا عبيدة وإن قال في قوله تعالى *(مأواكم النار هي مولاكم)* معناه: هي أولى بكم. وذكر هذا أيضا الأخفش والزجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد... (2).

(هامش)

(1) المزهر في اللغة 2 / 249. (2) نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول - مخطوط. (*)

ص 32

ترجمة الأخفش 1 - ابن خلكان: أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط. أحد نحاة البصرة... من أئمة العربية، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا وعرضه علي وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه... وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى... (1). 2 - اليافعي: وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية... (2). 3 - السيوطي: ... وقال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب. قال: وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل... (3).

 *(6)* أبو العباس ثعلب

 وأما تفسير أبي العباس ثعلب أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي (المولى) ب‍ (الأولى) فقد ذكره الحسين بن أحمد الزوزني في شرح المعلقات السبع حيث قال: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها الفرج موضع المخافة، والفرج ما بين قوائم الدواب، فما بين اليدين فرج

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 2 / 122. (2) مرآة الجنان حوادث 215. (3) بغية الوعاة 1 / 590. (*)

ص 33

وما بين الرجلين فرج، والجمع فروج. وقال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشئ كقوله تعالى *(مأواكم النار هي مولاكم)* أي هي الأولى بكم... (1). مصادر ترجمة ثعلب ولقد ترجم لأبي العباس ثعلب بكل ثناء وتبجيل في المصادر التالية: 1 - وفيات الأعيان 1 / 84 - 87. 2 - تاريخ بغداد 5 / 204. 3 - مرآة الجنان حوادث سنة 291. 4 - العبر في خبر من غبر حوادث سنة 291. 5 - تتمة المختصر في أخبار البشر حوادث سنة 291. وقد أوردنا في الكتاب سابقا ترجمته عن هذه الكتب. وقال الذهبي بترجمته في (تذكرة الحفاظ): ثعلب - العلامة المحدث شيخ اللغة والعربية... حدث عنه: نفطويه ومحمد بن العباس اليزيدي وعلى الأخفش ومحمد بن الأعرابي وأحمد بن كامل وأبو عمرو الزاهد ومحمد بن مقسم وآخرون. مولده سنة 200. وابتدأ بالطلب سنة ست عشرة حتى برع في علم الأدب، ولو سمع إذ ذاك لسمع من عفان ودونه. وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من القواريري مائة ألف حديث. وقال الخطيب. وقال الخطيب: كان ثعلب ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالحفظ... قال المبرد: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفراء فقال: لا يعشره... (2).

(هامش)

(1) شرح المعلقات للزوزني: 91. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 666. (*)

ص 34

*(7)* أبو العباس المبرد

 وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضى رضي الله عنه حيث قال: قال أبو العباس بالمبرد في كتابه المترجم عن صفات الله تعالى: أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق، ومثله المولى (1). مصادر ترجمة المبرد وللمبرد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل، وقد أشرنا سابقا إلى ترجمته في عدة من المصادر، مثل: 1 - وفيات الأعيان 4 / 314. 2 - العبر في خبر من غبر حوادث: 285. 3 - تاريخ بغداد 3 / 380 - 387. 4 - مرآة الجنان حوادث: 285. 5 - بغية الوعاة 1 / 269. 6 - المنتظم في تاريخ الأمم 7 / 9 - 11. وقد نص جلال الدين السيوطي على وثاقته حيث قال: وكان فصيحا بليغا مفوها ثقة أخباريا علامة صاحب نوادر وظرافة (2).

(هامش)

(1) الشافي في الإمامة: 123. (2) بغية الوعاة 1 / 269. (*)

ص 35

ترجمة الشريف المرتضى وأما السيد المرتضى الذي نقل عن المبرد كلامه المذكور فمن كبار علمائنا الذي أطراهم علماء السنة وأثنوا عليهم الثناء البالغ، وذكروا فضائلهم وأوصافهم الحميدة في معاجم الرجال ومصادر التراجم... وقد تقدم سابقا في الكتاب طرف من كلماتهم في حقه. فراجع.

 *(8)* أبو إسحاق الزجاج

 وأما حكم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فهو صريح كلام الفخر الرازي في (نهاية العقول) وقد نقلناه آنفا. ترجمة الزجاج 1 - السمعاني: والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج، صاحب كتاب معاني القرآن. كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، حميد المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب... (1). 2 - النووي: أبو إسحاق الزجاج الإمام في العربية، مذكور في الروضة في الشرط في الطلاق، فيمن علق طلاقها بأول ولد، هو أبو إسحاق [إبراهيم] بن السري بن سهل البصري النحوي، صاحب كتاب معاني القرآن قال الخطيب في

(هامش)

(1) الأنساب - الزجاج. (*)

ص 36

تاريخ بغداد. كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد وحسن المذهب، له مصنفات حسان في الأدب. روى عنه علي بن عبد الله بن المغيرة وغيره... وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة 311 (1). 3 - ابن خلكان: كان من أهل العلم بالأدب والدين (2). 4 - اليافعي: ... كان من أهل العلم بالأدب والدين المتين، وله من التصانيف في معاني القرآن وعلوم الأدب والعربية... (3).

*(9)* ابن الأنباري

 وأما تصريح محمد بن القاسم الأنباري بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فقد نقله السيد المرتضى حيث قال: وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه في القرآن المعروف بالمشكل: والموالي في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام، أولهن المولى المنعم المعتق، ثم المنعم عليه المعتق، والمولى الولي والمولى الأولى بالشئ، وذكر شاهدا عليه الآية التي قدمنا ذكرها، وبيت لبيد، والمولى الجار، والمولى ابن العم، والمولى الصهر، والمولى الحليف، واستشهد على كل واحد من أقسام مولى بشيء من الشعر، لم نذكره لأن غرضنا سواه (4).

(هامش)

(1) تهذيب الأسماء واللغات 2 / 170. (2) وفيات الأعيان 1 / 31 - 33. (3) مرآة الجنان، حوادث 310. (4) الشافي في الإمامة: 134. (*)

ص 37

ترجمة ابن الأنباري 1 - السمعاني: أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ابن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي، صاحب التصانيف، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا... روى عنه: أبو الحسن الدارقطني، وأبو عمر ابن حيويه الخزاز، وأبو الحسين بن البواب وطبقتهم. وكان صدوقا فاضلا دينا برا خيرا من أهل السنة، وصنف كتبا كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العام‍؟، وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وكان يملي من حفظه، وما كتب عنه الاملاء قط إلا من حفظه. وكانت ولادته في رجب سنة 271. وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة 328 (1). 2 - ابن الأثير: ثم صنف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم: شمس بن حمدويه، وأبو العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأحمد بن الحسن الكندي، وأبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب وغيرهم. هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث... (2). 3 - ابن خلكان: ... كان علامة وقته في الأدب، وأكثر الناس حفظا لها، وكان صدوقا ثقة دينا خيرا من أهل السنة... (3).

(هامش)

(1) الأنساب - الأنباري. (2) النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب. (3) وفيات الأعيان 3 / 363. (*)

ص 38

4 - الذهبي: ابن الأنباري الحافظ شيخ الإسلام... كان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصدق والدين. قال الخطيب: كان صدوقا دينا من أهل السنة... (1). 5 - الصفدي: محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلامة... كان إماما في نحو الكوفيين، وأملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ورقة... (2). 6 - ابن الجزري: ... الإمام الكبير والأستاذ الشهير... قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان ثقة صدوقا، وكان أحفظ من تقدم من الكوفيين. وقال حمزة بن محمد بن ماهر: كان زاهدا متواضعا. وقال الداني فيه: إمام في صناعته مع براعة فه‍؟؟ وسعة علمه وصدق لهجته. وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى قط من دفتر... قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه، حدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا. قال التميمي: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدثت عنه أنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها... (3). 7 - السيوطي: ... قال الزبيدي: كان من أعظم الناس علما بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا، سمع من ثعلب وخلق، وكان صدوقا فاضلا دينا خيرا من أهل السنة... (4).

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 3 / 842. (2) الوافي بالوفيات 4 / 344. (3) طبقات القراء 2 / 230. (4) بغية الوعاة 1 / 212. (*)

ص 39

*(10)* محمد بن عزيز السجستاني

 وأما تصريح محمد بن عزيز السجستاني العزيزي بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فقد جاء في تفسيره لغريب القرآن المسمى (نزهة القلوب) حيث قال: مولانا. أي: ولينا. والمولى على ثمانية أوجه: المعتق والمعتق والولي والأولى بالشئ وابن العم والصهر والجار والحليف . نزهة القلوب وهذا التفسير أوله: الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله وسلم تسليما، هذا تفسير غريب القرآن ألف على حروف المعجم ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده. وبالله التوفيق والعون . ذكره القاضي الشوكاني بقوله: تفسير السجستاني المسمى نزهة القلوب أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد ابن علي المؤذن عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن أبي الحسن عبد الباقي به فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المقري عن المؤلف (1). ترجمة العزيزي السجستاني 1 - السيوطي: محمد بن عزيز أبو بكر العزيزي السجستاني بزائين

(هامش)

(1) إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: 25. (*)

ص 40

معجمتين كما ذكره الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما. وقيل: الثانية مهملة نسبة لبني عزرة، ورد بأن القياس فيه العزري لا العزيري. كان أديبا فاضلا متواضعا، أخذ عن أبي بكر الأنباري، وصنف غريب القرآن المشهور فجوده، ويقال: إنه صنفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه الأنباري يصلح فيه مواضع. رواه عنه ابن سحنون وغيره. مات سنة 303. وقال ابن النجار في ترجمته: كان عبدا صالحا، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطة العكبري وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزان، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقري وغيرهم. قال: والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء. هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ، وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين. وذكر لي شيخنا أبو محمد الأخضر أنه رأى نسخة بغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها: كتبه محمد بن عزير بالراء المهملة (1). 2 - السيوطي: أيضا: النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه، أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم: أبو عبيدة وأبو عمرو الزاهد وابن دريد. ومن أشهرها: كتاب العزيزي فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري (2). 3 - السمعاني: وكتاب غريب القرآن للعزيري، وهو: محمد بن عزير السجستاني المعروف بالعزيري لأنه من بني عزرة. هكذا ذكره القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن أبي البقاء القاضي، وروى الكتاب عن أبي موسى الأندلسي

(هامش)

(1) بغية الوعاة 1 / 171. (2) الاتقان في علوم القرآن 1 / 115. (*)

ص 41

عن أبي الفتح بن أبي الفارس الحافظ عن أبي عمرو عثمان بن أحمد ابن سمعان الرزاز عن محمد بن عزير العزيري. ومن قال بالزائين فقد أخطأ (1).

 *(11)* علي بن عيسى الرماني

 وأما تفسير علي بن عيسى الرماني (المولى) ب‍ (الأولى) فقد علمته من كلام الفخر الرازي المتقدم سابقا. ترجمة الرماني 1 - السمعاني: أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني، النحوي المتكلم صاحب التصانيف، يروي عن أبي بكر بن دريد وأبي بكر السراج وغيرهما، روى عنه أبو القاسم التنوخي وأبو محمد الجوهري، وكان من أهل المعرفة، متقنا في علوم كثيرة، من الفقه والقرآن والنحو واللغة والكلام على مذهب المعتزلة، وكانت ولادته في سنة 296. ووفاته في جمادى الأولى سنة 384 (2). 2 - ابن خلكان: ... النحوي المتكلم، أحد الأئمة المشاهير، جمع بين علم الكلام والعربية، وله تفسير القرآن الكريم... (3). 3 - الذهبي: والرماني شيخ العربية، أبو الحسن علي بن عيسى النحوي ببغداد، وله ثمان وثمانون سنة، له قريب من مائة مصنف، أخذ عن ابن دريد وأبي بكر ابن السراج، وكان متقنا في علوم كثيرة، من القرآن والفقه والنحو والكلام

(هامش)

(1) الأنساب 4 / 188. (2) الأنساب - الرماني. (3) وفيات الأعيان 2 / 461. (*)

ص 42

على مذهب المعتزلة والتفسير واللغة (1). 4 - السيوطي: ... كان إماما في العربية، علامة في الأدب... قال أبو حيان التوحيدي: لم ير مثله قط علما بالنحو، وغزارة بالكلام، وبصرا بالمقالات واستخراجا للعويص، وإيضاحا للمشكل، مع تأله وتنزه ودين وفصاحة وعفافة ونظافة... (2).

*(12)* أبو نصر الجوهري

 وأما تفسير أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (المولى) ب‍ (الأولى) فقد جاء في كتابه (صحاح اللغة) [الذي نص في خطبته على أنه قد أودع في هذا الكتاب ما صح عنده من اللغة العربية] حيث قال: وأما قول لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخالفة خلفها وأمامها يريد: أنه أولى موضع أن يكون فيه الخوف (3). ترجمة الجوهري 1 - أبو منصور الثعالبي: كان الجوهري من أعاجيب الزمان، وهو إمام في اللغة، وله كتاب الصحاح... (4).

(هامش)

(1) العبر - حوادث 384. (2) بغية الوعاة 2 / 180. (3) صحاح اللغة وتاج العربية: ولي. (4) يتيمة الدهر 4 / 406. (*)

ص 43

2 - الذهبي: والجوهري صاحب الصحاح، أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي اللغوي، أحد أئمة اللسان، وكان في جودة الخط في طبقة ابن مقلة ومهلهل، أكثر الترحال، ثم سكن بنيسابور... (1). 3 - السيوطي: إسماعيل بن حماد الجوهري صاحب الصحاح، الإمام أبو نصر الفارابي، قال ياقوت: كان من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما، وأصله من فاراب من بلاد الترك، وكان إماما في الأدب، واللغة، وخطه يضرب به المثل لا يكاد يفرق بينه وبين خط ابن مقلة، وهو مع ذلك من فرسان الكلام والأصول... وصنف كتابا في العروض ومقدمة في النحو، والصحاح في اللغة وهو الكتاب الذي بأيدي الناس اليوم وعليه اعتمادهم، أحسن تصنيفه وجود تأليفه... (2). 4 - السيوطي أيضا بعد أن ذكر كتاب المحكم والمحيط الأعظم لابن سيدة، وكتاب العباب للصغاني، وكتاب القاموس: ولم يصل واحد من هذه الثلاثة في كثرة التداول إلى ما وصل إليه الصحاح، ولا نقصت رتبة الصحاح ولا شهرته بوجود هذه، وذلك لالتزامه ما صح، فهو في كتب اللغة نظير صحيح البخاري في كتب الحديث، وليس المدار في الاعتماد على كثرة الجمع بل على شرط الصحة (3).

*(13)* أبو إسحاق الثعلبي

 وأما تفسير أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (المولى)

(هامش)

(1) العبر حوادث سنة 398. (2) بغية الوعاة 1 / 446. (3) المزهر في اللغة 1 / 62. (*)

ص 44

ب‍ (الأولى) فهو في تفسيره حيث قال: *(أنت مولانا)* أي: ناصرنا وحافظنا وولينا وأولى بنا (1). وقال: *(مأواكم النار هي مولاكم)* أي: صاحبتكم وأولى بكم وأحق بأن تكون مسكنا لكم. قال لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها (2)

*(14)* أبو الحسن الواحدي

 وأما تفسير أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي (المولى) ب‍ (الأولى) فهو في تفسيره حيث قال: *(مأواكم النار هي مولاكم)* هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب. والمعنى: أنها هي التي تلي عليكم، لأنها قد ملكت أمركم، فهي أولى بكم من كل شيء (3).

*(15)* الأعلم الشنتمري

 وأما تفسير أبي الحجاج يوسف بن سليمان الأعلم الشنتمري (المولى)

(هامش)

(1) الكشف والبيان في تفسير القرآن - مخطوط. (2) الكشف والبيان - مخطوط. (3) التفسير الوسيط - مخطوط. (*)

ص 45

ب‍ (الأولى) فقد قال في شرح أبيات كتاب سيبويه (الذي أملاه سنة 456 على المعتضد بالله أبي عمرو عباد بن محمد بن عباد) بشرح بيت لبيد ما نصه الشاهد فيه رفع خلفاه وأمامها اتساعا ومجازا، والمستعمل فيهما الظرف ورفعهما على البدل من كلا. والتقدير: فغدت خلفها وأمامها تحسبهما مولى المخافة. وكلا في موضع رفع بالابتداء وتحسب مع ما بعدها في موضع الخبر، والهاء من أنه عائدة على كلا، لأنه اسم واحد في معنى التثنية، فحمل ضميره على لفظه. ومولى المخافة خبر، لأن معناه موضع المخافة ومستقرها من قول الله عز وجل *(مأواكم النار هي مولاكم)* أي: هي مستقركم الأولى بكم. وصف بقرة فقدت ولدها أو أحسست بصائد، فهي خائفة حذرة، تحسب كلا طريقها من خلفها وأمامها مكمنا له يغترها منه، والفرج ههنا موضع المخافة وهو مثل الثغر، وثناه لأنه أراد ما تخاف منه خلفها وأمامها (1). ترجمة الأعلم الشنتمري 1 - ابن خلكان: ... كان عالما بالعربية واللغة ومعاني الأشعار، حافظا لجميعها، كثير العناية بها، حسن الضبط لها، مشهورا بمعرفتها وإتقانها، أخذ الناس عنه كثيرا، وكانت الرحلة في وقته إليه... وتوفي سنة 476... (2). 2 - السيوطي كذلك (3).

(هامش)

(1) تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب. (2) وفيات الأعيان 6 / 79. (3) بغية الوعاة 2 / 356 وترجم له في مرآة الجنان فيمن مات سنة 496 وهو سهو. (*)

ص 46

*(16)* القاضي الزوزني

وأما تفسير حسين بن أحمد الزوزني (المولى) ب‍ (الأولى) فهو في شرح المعلقات، بشرح بيت لبيد المذكور حيث قال: ... وقال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشئ، كقوله *(مأواكم النار هي مولاكم)* أي: هي الأولى بكم يقول: فغدت البقرة وهي تحسب أن كلا فرجيها مولى المخافة، أي موضعها وصاحبها أو تحسب أن كل فرج من فرجيها هو الأولى بالمخافة... (1). ترجمة الزوزني قال السيوطي: الحسين بن أحمد الزوزني القاضي أبو عبد الله قال عبد الغافر: إمام عصره في النحو واللغة والعربية. مات سنة 486 (2).

 *(17)* أبو زكريا الخطيب

وأما تصريح يحيى بن علي أبو زكريا ابن الخطيب التبريزي بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فقد جاء بشرح الحماسي:

(هامش)

(1) شرح المعلقات 91. (2) بغية الوعاة 1 / 531. (*)

ص 47

(ألهفي بقرى سحبل حين أجلت * علينا الولايا والعدو المباسل) حيث قال: والمولى على وجوه، هو: العبد والسيد وابن العم والصهر والجار والحليف والولي والأولى بالشئ (1). ترجمة أبي زكريا التبريزي 1 - السمعاني: أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام الشيباني التبريزي قاطن بغداد، أحد أئمة اللغة وكانت له معرفة تامة بالأدب والنحو، قرأ على أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري وغيره من الشاميين... وحدث عنه الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب وغيره... ومات في جمادى الآخرة سنة 502 ببغداد ودفن بتبريز (2). 2 - الذهبي: أبو زكريا التبريزي الخطيب صاحب اللغة، يحيى بن علي ابن محمد الشيباني صاحب التصانيف، أخذ اللغة عن أبي العلاء المعري، وسمع من سليم بن أيوب بصور، وكان شيخ بغداد في الأدب. توفي في جمادى الآخرة عن إحدى وثمانين سنة (3). 3 - اليافعي كذلك (4). 4 - الذهبي: وفيها مات إمام اللغة ببغداد أبو زكريا... (5).

(هامش)

(1) شرح ديوان الحماسة. (2) الأنساب 1 / 446. (3) العبر - حوادث 502. (4) مرآة الجنان حوادث 502. (5) دول الإسلام - حوادث 502. (*)

ص 48

*(18)* الفراء البغوي

 وأما تفسير حسين بن مسعود الفراء البغوي (المولى) ب‍ (الأولى) فهو بتفسير الآية المباركة: *(مأواكم النار...)* قال: مأواكم النار هي مولاكم. صاحبتكم وأولى بكم لما أسلفتم من الذنوب (1). ترجمة البغوي وهذا موجز كلام ابن خلكان بترجمة البغوي: أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي، الفقيه الشافعي المحدث المفسر، كان بحرا في العلوم، وأخذ الفقه عن القاضي حسين ابن محمد كما تقدم في ترجمته، وصنف في تفسير كلام الله تعالى، وأوضح المشكلات من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وروى الحديث ودرس، وكان لا يلقي الدرس إلا على الطهارة، وصنف كتبا كثيرة... توفي في شوال سنة 510... (2).

(هامش)

(1) معالم التنزيل 8 / 29. (2) وفيات الأعيان 1 / 402. (*)

ص 49

*(19)* جار الله الزمخشري

 وأما تصريح أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى) فقد جاء في (أساس البلاغة): ومولاي: سيدي، وعبدي، ومولى بين الولاية ناصر، وهو أولى به (1). وفي (الكشاف): *(هي مولاكم)* قيل: هي أولى بكم، وأنشد بيت لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها وحقيقة مولاكم محراكم ومقمنكم، أي: مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم. كما قيل: هو مئنة للكرم، أي مكان لقول القائل إنه لكريم، ويجوز أن يراد: هي ناصركم، أي: لا ناصر لكم غيرها، والمراد نفي الناصر على البتات، ونحوه قوله: قد أصيب فلان بكذا فاستنصر الجزع. ومنه قوله تعالى: *(يغاثوا بماء كالمهل)* وقيل: تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار (2). ترجمة الزمخشري وستأتي ترجمة الزمخشري بالتفصيل، كما تقدمت ترجمته عن (الجواهر المضية في طبقات الحنفية)، وهذا بعض الثناء عليه: 1 - الكفوي: الشيخ الإمام الفهامة جار الله العلامة أبو القاسم محمود ابن عمر بن مجد الدين الزمخشري. إمام عصره بلا مدافعة، كان نحويا ذكيا خبيرا

(هامش)

(1) أساس البلاغة: ولي 689. (2) الكشاف 4 / 476. (*)

ص 50

بالمعاني والبيان، فقيها مناظرا، متكلما نظارا، أديبا، شاعرا، محدثا، مفسرا. أستاذ زمانه في الأدب ومجتهد أوانه في المذهب، له في العلوم آثار ما ليس لغيره من أهل عصره، وكان من الفصاحة والبلاغة بالمحل الأعلى الذي تشهد به تصنيفاته، سيما الكشاف في التفسير... (1). 2 - ابن الأثير: أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الحنفي مذهبا، صاحب التصانيف العجيبة، والتأليفات الغريبة، مثل: الفائق في غريب الحديث، والكشاف في تفسير القرآن، والأمثال، والمفصل في النحو. وله اليد الباسطة واللسان الفصيح في علوم الأدب، لغتها ونحوها وشعرها ورسائلها، وعلم البيان، إنتهت هذه الفضائل وبه ختمت. وأقام بمكة دهرا حتى صار يعرف بجار الله (2). 3 - اليافعي: وفيها العلامة النحوي اللغوي المفسر المعتزلي... كان متقنا في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان، إمام عصره في فنونه، وله التصانيف البديعة الكثيرة الممدوحة الشهيرة... (3).

 *(20)* أبو الفرج ابن الجوزي

 وأما ذكر أبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي تفسير (المولى) ب‍ (الأولى)، فقد جاء بتفسير الآية المباركة حيث قال: قوله *(مولاكم)* قال أبو عبيدة: أي أولى بكم (4).

(هامش)

(1) كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار - مخطوط. (2) جامع الأصول لابن الأثير الجزري - مخطوط. (3) مرآة الجنان - حوادث سنة 538. (4) زاد المسير في التفسير 8 / 167. (*)

ص 51

ترجمة ابن الجوزي 1 - ابن خلكان: أبو الفرج عبد الرحمن، الفقيه الحنبلي الواعظ الملقب جمال الدين الحافظ. كان علامة عصره وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة، منها: زاد المسير في علم التفسير. وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة 597 ببغداد، ودفن بباب حرب (2). 2 - الذهبي: وأبو الفرج ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي محمد بن علي الحافظ الكبير، جمال الدين التيمي البكري، البغدادي، الحنبلي، الواعظ، المتقن، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم، من التفسير والحديث والفقه والزهد... (3). 3 - السيوطي: ابن الجوزي الإمام العلامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق... ما علمت أحدا من العلماء صنف ما صنف... (4).

 *(21)* أبو نصر الدرواجكي الزاهد

 وأما تفسير أحمد بن الحسن بن أحمد بن الزاهد الدرواجكي (المولى) ب‍ (الأولى) فهو في تفسيره المشهور ب‍ (تفسير الزاهدي) حيث قال: قوله تعالى *(بل الله مولاكم الحق)* الآية. أي: الله أولى أن يطاع... (1).

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 2 / 321. (2) العبر - حوادث 597. (3) طبقات الحفاظ: 477. (4) تفسير الزاهدي لأبي نصر الدرواجكي - مخطوط. (*)

ص 52

ترجمة الدرواجكي وهذا التفسير قد جاء في أوله: الحمد لله الذي أنزل الفرقان نورا مضيئا وجعل اتباعه دينا رضيا، ووعد المؤتمرين والعباد المعتدين لتكليف المحجوجين، والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين. قال الشيخ الإمام الأجل العالم الزاهد المجاهد سيف الملة والدين، مقتدى الإسلام والمسلمين ناصر السنة قامع البدعة فخر الأئمة جمال الإسلام تاج المفسرين أبو نصر أحمد بن الحسن بن أحمد الدرواجكي في تفسير كلام الله إملاءا ببخارا، في اليوم التاسع من شوال سنة تسع وخمسمائة، سقاه الله صوب غفرانه وكساه ثوب رضوانه، وإنه تعالى على ما يشاء قدير . وذكر الدرواجكي عبد القادر القرشي بقوله: أحمد بن الحسن بن أحمد أبو نصر الدرواجكي الزاهد، عرف بفخر الإسلام، أستاد العقيلي. ولم يذكر السمعاني هذه النسبة (2). ترجمة تلميذه العقيلي 1 - القرشي: عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن أحمد شرف الدين أبو حفص العقيلي الأنصاري جد شمس الدين أحمد بن محمد - وقد تقدم -. قال الذهبي: العلامة شرف الدين كان من كبار حنفية بخارا وعلمائها. قدم بغداد حاجا في سنة 588، وحج ثم رجع وحدث. روى عن الصدر الأجل الشهيد حسام الدين أبي المفاخر برهان الأئمة عمر بن الصدر الماضي عبد العزيز بن عمر ابن مازة. وقد تقدم... توفي ببخارا وقت صلاة الفجر من يوم الثلاثاء الخامس من جمادى الأولى سنة 596... (1).

(هامش)

(1) الجواهر المضية في طبقات الحنفية 1 / 63. (2) الجواهر المضية في طبقات الحنفية 1 / 397. (*)

ص 53

2 - الكفوي: الشيخ الإمام شرف الدين... من كبار الأئمة الحنفية وأعيان فقهاء الملة الحنفية، وله اليد الباسطة في المذهب والخلاف، وكان على أحسن طريقة سلكها الأشراف، وله تصانيف حسنة منها المنهاج... ذكره ابن النجار في تاريخه (1). هذا، وقد اعتمد على (تفسير الزاهدي) الإمام العلائي في كتابه (ترغيب الصلاة)... ففي (كشف الظنون): تفسير الزاهدي ذكره صاحب ترغيب الصلاة (2). ترجمة الزاهد العلائي وقال في (كشف الظنون): ترغيب الصلاة - فارسي لمحمد بن أحمد الزاهد. جمعه من نحو مائة كتاب، ورتبه على ثلاثة أقسام، الأول: في فرضية الصلاة. والثاني: في الطهارة. والثالث: في نواقض الوضوء (3). وترجم له: 1 - السمعاني: ومن المتأخرين الإمام الزاهد محمد بن عبد الرحمن العلائي، واعظ من أهل بخارا ومفسرهم، وكان فصيحا حسن الأداء، مقبولا عند الخاص والعام. حدث وسمع منه، وما أدركته حيا ببخارا (4). 2 - القرشي: محمد بن عبد الرحمن بن أحمد أبو عبد الله البخاري الملقب بالزاهد العلاء، قال السمعاني: كان فقيها فاضلا متقنا [مفتيا] مذاكرا أصوليا متكلما، قيل: إنه صنف في التفسير كتابا أكثر من ألف جزء، وأملى في آخر عمره،

(هامش)

(1) كتائب أعلام الأخيار - مخطوط. (2) كشف الظنون 1 / 448. (3) كشف الظنون 1 / 399. (4) الأنساب - البخاري. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب