نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 53

هذا جواب عن سؤال وهو: إن قائلا لو قال: هب أن الأدعياء ليسوا بأبناء كما قلت لكن من سماه غيره ابنا إذا كان لدعيه شيء حسن لا يليق بمروته أن يأخذه منه ويطعن فيه عرفا. فقال الله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين)* جوابا عن ذلك السؤال وتقريره هو: إن دفع الحاجات على مراتب: دفع حاجة الأجانب، ثم دفع حاجة الأقارب الذين على حواشي النساء، ثم دفع حاجة الأصول والفصول، ثم دفع حاجة النفس. والأول عرفا دون الثاني وكذلك شرعا، فإن العاقلة تتحمل الدية منهم ولا تتحملها عن الأجانب، والثاني دون الثالث وهو ظاهر بدليل النفقة، والثالث دون الرابع فإن النفس مقدم على الغير وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إبدأ بنفسك ثم بمن تعول. إذا علمت هذا فالانسان إذا كان معه ما يغطي به أحد الرجلين ويدفع به حاجة من شقي بدنه فأخذ العطاء من أحدهما وغطى به الأخرى لا يكون لأحد أن يقول: لم فعلت؟ فضلا من أن يقول بئس ما فعلت. أللهم إلا أن يكون أحد العضوين أشرف من الآخر، مثل ما إذا وقى الانسان عينه بيده ويدفع البرد عن رأسه الذي هو معدن حواسه ويترك رجله تبرد، فإنه الواجب عقلا. فمن يعكس الأمر يقال له: لم فعلت؟ وإذا تبين هذا فالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فلو دفع المؤمن حاجة نفسه دون حاجة نبيه يكون مثله من يدهن شعره، ويكشف رأسه في برد مفرط قاصدا به تربية شعره ولا يعلم أنه يؤذي به رأسه الذي لا نبات لشعره إلا منه. فكذلك دفع حاجة النفس لفراغها إلى عبادة الله ولا علم بكيفية العبادة إلا من الرسول، لو دفع الانسان حاجة لا للعبادة فهو ليس دفعا للحاجة، إذ هو فوق تحصيل المصلحة، وهذا ليس فيه مصلحة فضلا من أن يكون حاجة، وإن كان للعبادة فترك النبي الذي منه يتعلم كيفية العبادة في الحاجة ودفع الحاجة، مثل تربية الشعر مع إهمال أمر الرأس. فبين أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد

ص 54

شيئا حرم على الأمة التعرض إليه في الحكمة الواضحة) (1). وقال النسفي: (*(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* أي أحق بهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، فعليهم أن يبذلوا نفسه دونه ويجعلوها فداءه، أو هو أولى بهم أي أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم) (2). وقال النيسابوري: (ثم إنه كان لقائل أن يقول: هب أن الدعي لا يسمى ابنا، أما إذا كان لدعيه شيء أحسن فكيف يليق بالمروة أن يطمع عينه إليه وخاصة إذا كان زوجته، فلذلك قال في جوابه: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* والمعقول فيه: إنه رأس الناس ورئيسهم فدفع حاجته والاعتناء بشأنه أهم، كما أن رعاية العضو الرئيس وحفظ صحته وإزالة مرضه أولى، وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إبدأ بنفسك ثم بمن تعول. ويعلم من إطلاق الآية أنه أولى بهم من أنفسهم في كل شيء من أمور الدنيا والدين. وقيل: إن أولى بمعنى أرأف وأعطف، كقوله: ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة، إقرأوا إن شئتم: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* فأيما مؤمن هلك وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينا أو ضياعا أي عيالا فإلي) (3). وقال المحلي: (*(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه) (4). وقال الشربيني: (ولما نهى تعالى عن التبني وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيد بن الحارثة مولاه لما اختاره على أبيه وعمه كما مر، علل تعالى النهي

(هامش)

(1) التفسير الكبير لأبي العباس الخويي - مخطوط. (2) مدارك التنزيل 3 / 294. (3) غرائب القرآن 21 / 77 - 78. (4) تفسير الجلالين: 552. (*)

ص 55

فيه بالخصوص بقوله تعالى دالا على أن الأمر أعظم من ذلك. *(النبي)* أي الذي ينبئه الله تعالى بدقائق الأحوال في بدائع الأقوال، ويرفعه دائما في مراقي الكمال، ولا يريد أن يشغله بولد ولا مال *(أولى بالمؤمنين)* أي الراسخين في الإيمان فغيرهم أولى، في كل شيء من أمور الدين والدنيا، لما حازه من الحضرة الربانية من أنفسهم فضلا عن آبائهم في نفوذ حكمه فيهم ووجوب طاعته عليهم. روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، إقرأوا إن شئتم: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* فأي مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه. وعن جابر: إنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فأيما رجل مات وترك دينا فإلي، ومن ترك مالا فهو لورثته. وعن أبي هريرة قال: كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل هل عليه دين؟ فإن قالوا: نعم. قال: هل ترك وفاء لدينه؟ فإن قالوا: نعم، صلى عليه، وإن قالوا: لا قال: صلوا على صاحبكم، وإنما لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم أولا فيما إذا لم يترك وفاءا لأن شفاعته صلى الله عليه وسلم لا ترد. وقد ورد: إن نفس المؤمن محبوسة عن مقامها الكريم ما لم يوف دينه. وهو محمول على من قصر في وفائه في حال حياته، أما من لم يقصر لفقره مثلا فلا، كما أوضحت ذلك في شرح المنهاج في باب الرهن. وإنما كان صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفسهم لأنه لا يدعوهم إلا إلى العقل والحكمة، ولا يأمرهم إلا بما ينجيهم، وأنفسهم ربما تدعوهم إلى الهوى والفتنة فتأمرهم بما يرديهم، فهو يتصرف فيهم تصرف الآباء، بل أعظم بهذا السبب الرباني، فأي حاجة إلى السبب الجسماني؟) (1).

(هامش)

(1) السراج المنير - بتفسير الآية. (*)

ص 56

وقال ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي بشرح الحديث الأول من كتاب الفرائض (وهو: عن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل، فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني فأنا وليه، وأيكم ما ترك مالا فليورث عصبته من كان) قال: (فيه فوائد: (الأولى) - أخرجه مسلم من هذا الوجه عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق. وأخرجه الأئمة الستة خلا أبا داود من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة... (الثانية) - قوله: أنا أولى الناس بالمؤمنين. إنما قيد ذلك بالناس لأن الله تعالى أولى بهم منه، وقوله في كتاب الله عز وجل، إشارة إلى قوله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* وقد صرح بذلك في رواية البخاري من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة... (الثالثة): يترتب على كونه عليه الصلاة والسلام أولى بهم من أنفسهم أنه يجب عليه إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شق ذلك عليهم، وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. وفي رواية أخرى: من أهله وماله والناس أجمعين، وهو في الصحيحين من حديث أنس. ولما قال له عمر رضي الله عنه: لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي، قال له: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر. رواه البخاري في صحيحه: قال الخطابي: لم يرد به حب الطبع، بل أراد حب الاختيار، لأن حب الانسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه. قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفني في طاعتي نفسك وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك. (الرابعة): استنبط أصحابنا الشافعية من هذه الآية الكريمة أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج

ص 57

عليه الصلاة والسلام إليهما، وعلى صاحبهما البذل، ويفدي بمهجته مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم لزم من حضره أن يبذل نفسه دونه. وهو استنباط واضح، ولم يذكر النبي عند نزول هذه الآية ماله في ذلك من الحظ، وإنما ذكر ما هو عليه فقال: وأيكم ما ترك دينا أو ضياعا فادعوني فأنا وليه وترك حظه فقال: وأيكم ما ترك مالا فليورث عصبته من كان) (1). وقال البدر العيني بشرح قوله صلى الله عليه وسلم: وأنا أولى به في الدنيا والآخرة. (يعني أحق وأولى بالمؤمنين في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم، ولهذا أطلق ولم يعين، فيجب عليهم امتثال أوامره واجتناب نواهيه) (2). وقال الشهاب القسطلاني في كتاب التفسير: (*(النبي أولى بالمؤمنين)* في الأمور كلها من أنفسهم، من بعضهم ببعض، في نفوذ حكمه ووجوب طاعته عليهم. وقال ابن عباس وعطا: يعني إذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ودعتهم نفوسهم إلى شيء، كانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم انتهى. وإنما كان ذلك لأنه لا يأمرهم ولا يرضى إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس. وقوله: النبي... إلى آخره ثابت في رواية أبي ذر فقط.... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به. أي أحقهم به في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وسقط لأبي ذر لفظ الناس. إقرأوا إن شئتم قوله عز وجل: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* استنبط من الآية أنه لو قصده عليه السلام ظالم وجب على

(هامش)

(1) شرح الأحكام - كتاب الفرائض. (2) عمدة القاري 19 / 115. (*)

ص 58

الحاضر من المؤمنين أن يبذل نفسه دونه) (1). وقال المناوي: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم في كل شيء، لأني الخليفة الأكبر الممد لكل موجود. فحكمي عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم وذا قاله لما نزلت الآية...) (2). وقال العزيزي: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه كما قال الله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* قال البيضاوي: أي في الأمور كلها، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى عنهم إلا بما فيه صلاحهم بخلاف النفس، فيجب أن يكون أحب إليهم من أنفسهم. إلى آخره. فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم: إنه كان إذا احتاج إلى طعام أو غيره وجب على صاحبه المحتاج إليه بذله له صلى الله عليه وسلم، وجاز له أخذه، وهذا وإن كان جائزا لم يقع... وأنا ولي المؤمنين. أي متولي أمورهم، فكان صلى الله عليه وسلم يباح له أن يزوج ما شاء من النساء ممن يشاء من غيره ومن نفسه، وإن لم يأذن كل من الولي والمرأة، وأن يتولى الطرفين بلا إذن. حم م ن ة) (3). هذا، ولقد ذكر السيوطي الأحاديث الدالة على أولوية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين في الأمور كلها بتفسير قوله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* حيث قال: (قوله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* أخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة. إقرأوا إن شئتم: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه.

(هامش)

(1) إرشاد الساري 7 / 280. (2) التيسير في شرح الجامع الصغير 1 / 277. (3) السراج المنير في شرح الجامع الصغير 1 / 320. (*)

ص 59

وأخرج الطيالسي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله فأتى به النبي سأل: هل عليه دين؟ فإن قالوا: نعم قال: هل ترك وفاءا لدينه؟ فإن قالوا: نعم، صلى عليه. وإن قالوا: لا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله علينا الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن ترك دينا فإلي ومن ترك مالا فللوارث. وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك دينا فإلي ومن ترك مالا فهو لوارثه. وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي عن بريدة رضي الله عنه قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه) (1). ومن حديثه الأخير أيضا - بالخصوص يظهر أن المعنى المقصود من (ألست أولى...) هو نفس معنى الآية الكريمة: *(النبي أولى...)* وإلا لما ذكر السيوطي هذا الحديث في ذيل الآية المذكورة. فظهر بطلان منع (الدهلوي) كون معنى (ألست أولى بالمؤمنين...) الأولوية بالتصرف في كل شيء من كلمات: الواحدي، والبغوي، والزمخشري، والبيضاوي، والخوئي، والنسفي، والنيسابوري، والعراقي، والعيني، والقسطلاني، والمناوي، والعزيزي، والشربيني. بل إن الكابلي أيضا لم يمنع ذلك، وإنما قال: (إن المراد بالمولى المحب والصديق. أما فاتحته فلا تدل على أن المراد به الإمام، لأنه إنما صدره بها ليكون ما يلقي إلى السامعين أثبت في قلوبهم).

(هامش)

(1) الدر المنثور في تفسير بالمأثور 5 / 182. (*)

ص 60

بل تتضح غرابة إنكار (الدهلوي) من كلام ابن تيمية الشهير بالتعصب الشديد وعناده للحق وأهله، فقد قال ابن تيمية: (والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل. فإن الولاية تثبت من الطرفين فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم. وأما كونه أولى بهم من أنفسهم فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قدر أنه نص، على خليفة بعده لم يكن ذلك موجبا أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم، ولو أريد هذا المعنى لقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه. وهذا لم يقله ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعا) (1). لأن ابن تيمية قد صرح بأن (كونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته) ولو كان المراد من (الأولوية) هو (الأحبية) لم يكن هذا المعنى من خصائص نبوته، لأن الأحبية يثبتها أهل السنة للخلفاء وغيرهم ولو بالترتيب، فعلم أن المعنى أمر عظيم ومقام جسيم يكون من خصائص مقام النبوة، ولا يناله صاحب مقام الخلافة، ووجه ذلك: إن هذا المعنى - أي الأولوية بكل مؤمن من نفسه - يقتضي العصمة، والخلفاء ليسوا معصومين. لكن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام عصمتهم ثابتة فهذا المقام ثابت لهم، بل إن كلام ابن تيمية هنا يثبت العصمة لأمير المؤمنين عليه السلام لثبوت هذه الأولوية له بالأدلة السابقة واللاحقة.

3 - المراد من (المولى) في الحديث هو المراد من (الأولى) في الصدر

 وأما بيان أن المراد من (المولى) في قوله صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه) هو المراد من (الأولى) في قوله في مقدم الحديث: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟...) فيتم بوجوه: (الأول) قال كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام في (فتح

(هامش)

(1) منهاج السنة 4 / 87. (*)

ص 61

القدير): (قوله: وطلاق الأمة ثنتان حرا كان زوجها أو عبدا، وطلاق الحرة ثلاثة حرا كان زوجها أو عبدا. وقال الشافعي رحمة الله عليه: عدد الطلاق معتبر بالرجال، فإذا كان الزوج عبدا وهي حرة حرمت عليه بتطليقتين، وإن كان هو حرا وهي أمة لا تحرم عليه إلا بثلاث... وبقول الشافعي قال مالك وأحمد وهو قول عمر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وبقولنا قال الثوري وهو مذهب علي وابن مسعود. له ما روي عنه عليه الصلاة والسلام: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء، قابل بينهما واعتبار العدة بالنساء من حيث العدد، فكذا ما قوبل به تحقيقا للمقابلة، فإنه حينئذ أنسب من أن يراد به الايقاع بالرجال، ولأنه معلوم من قوله تعالى: *(فطلقوهن لعدتهن)* وفي موطأ مالك رحمه الله أن نفيعا كان مكاتبا لأم سلمة... ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدار قطني عن عائشة ترفعه. وهو الراجح الثابت، بخلاف ما رواه وما مهد من معنى المقابلة، فإنه فرع صحة الحديث أو حسنه، ولا وجود له حديثا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بطريق يعرف. وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: موقوف على ابن عباس. وقيل من كلام زيد بن ثابت، وحديث الموطأ موقوف عليه وعلى عثمان وهو لا يرى تقليد الصحابي، والالزام إنما يكون بعد الاستدلال، لأن حقيقته نقض مذهب الخصم بما لا يعتقده الملزم صحيحا، وإلا يكون نقض مذهب خصمه فقط، فلا يوجب صحة مذهب نفسه إلا بطريق عدم القائل بالفصل، وهذا لا يكون إلا إذا كان ما نقض به مما يعتقده صحيحا، وهو منتف عنده في مذهب الصحابي، فهو في معتقده غير منقوض فلم يثبت لمذهبه دليل يقاوم ما روينا) (1). فكما استدل الشافعي في تلك المسألة بالمقابلة المذكورة على ما ذهب إليه،

(هامش)

(1) فتح القدير في شرح الهداية 3 / 42. (*)

ص 62

نستدل نحن بالمقابلة الموجودة في حديث الغدير بين (من كنت مولاه فعلي مولاه) و(ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فيلزم الاتحاد بين الجملتين في المعنى ويتم الاستدلال. وقد ذكر المولوي نظام الدين في (شرح المنار) استدلال الشافعي المذكور عن فتح القدير حيث قال: (ثم الحديث الأول يعني الطلاق بالرجال آخره: والعدة بالنساء. أي العدد المتعلق بالعدة يزداد وينقص بشرف النساء وحسنها، فعلى الأمة نصف ما على الحرة، فيكون معنى الطلاق بالرجال كذلك ليتلائم السياق من السياق...). (الثاني) إن وجود (الفاء) في جملة (من كنت مولاه فعلي مولاه) في طائفة من روايات حديث الغدير دليل صريح على كون هذه الجملة متفرعة على الجملة السابقة لها: ففي رواية أحمد بن حنبل من طريق ابن نمير: (فقال أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه) (1). وفي روايته من طريق عفان بن مسلم: (فقال: ألستم تعلمون أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه) (2). وفي رواية النسائي من طريق قتيبة بن سعيد: (ثم قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ قالوا: بلى نشهد لأنت أولى بكل مؤمن من نفسه. قال صلى الله عليه وسلم: فإني من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وأخذ بيد

(هامش)

(1) مسند أحمد 4 / 368. (2) مسند أحمد 4 / 281. (*)

ص 63

علي) (1). وفي رواية ابن كثير عن أبي يعلى والحسن بن سفيان: (فقال: ألست أولى بكل امرئ من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (2). وفيه عن عبيد الله بن عمر القواريري: (قالوا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه) (3). وفي رواية السمهودي عن الطبراني في الكبير والضياء في المختارة من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري: (يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المسلمين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني عليا - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (4). وفي (كنز العمال) عن ابن جرير: (عن ميمون أبي عبد الله قال: كنت عند زيد بن أرقم، فجاء رجل فسأل عن علي فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر بين مكة والمدينة، فنزلنا مكانا يقال له غدير خم. فأذن الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ قلنا: بلى يا رسول الله نحن نشهد أنك أولى بكل مؤمن من نفسه. قال: فإني من كنت مولاه فهذا مولاه. فأخذ بيد علي ولا أعلمه إلا قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (5). وفيه عن المحاملي وغيره: (فقال: أيها الناس ألستم تشهدون أن الله ورسوله

(هامش)

(1) الخصائص للنسائي: 95. (2) تاريخ ابن كثير 7 / 210. (3) المصدر نفسه. (4) جواهر العقدين - مخطوط. (5) كنز العمال 15 / 91. (*)

ص 64

أولى بكم من أنفسكم، وأن الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلى قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه) (1). وفيه عن الطبراني: (عن زيد بن أرقم قال: نشد علي الناس من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: ألستم تعلمون أني أولى. بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه) (2). وفي رواية السمعاني: (فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن هذا مولى من أنا مولاه) (3). وقال الملا عمر الأردبيلي: (ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: أليس أزواجي أمهاتكم؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولا من أنا مولاه) (4). وفي رواية البدخشاني عن الطبراني والحكيم الترمذي من حديث أبي الطفيل: (ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) (5). ولقد اعترف (الدهلوي) بتفرع حديث الغدير على الجملة السابقة لها حيث قال: (وهذا الكلام من النبي: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، مأخوذ من الآية القرآنية، ومن هنا جعل هذا الأمر من المسلمات لدى أهل الإسلام، ثم فرع عليه الحكم التالي له). وعلى أساس تفرع ما بعد (الفاء) على ما قبلها وتبعيته له في الحكم رد على الشيعة الإمامية في ما ذهبوا إليه - حسب الأحاديث الواردة - من نزول قوله تعالى:

(هامش)

(1) كنز العمال 15 / 122 - 123. (2) كنز العمال 15 / 92. (3) فضائل الصحابة - مخطوط. (4) وسيلة المتعبدين 2 / 148. (5) مفتاح النجا - مخطوط. (*)

ص 65

*(فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجور هن فريضة)* في مورد نكاح المتعة (1). فإذن، يجب أن يكون حديث الغدير متفرعا على قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) لمكان (الفاء)، كما رأيت في كثير من أخبار هذا الحديث الشريف، فثبت بطلان إنكار (الدهلوي) من كلامه نفسه. والحمد لله رب العالمين. (الثالث) لقد استدل سبط ابن الجوزي - الذي احتج (الدهلوي) بكلامه في الجواب عن المطعن السادس من مطاعن عمر، وكذا الكابلي في الصواقع، وقد عده محمد رشيد الدين الدهلوي من أئمة الدين وقدماء العلماء المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة - بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) على أن المراد من (المولى) هو (الأولى) في حديث الغدير. وسيأتي نص كلامه فيما بعد إن شاء الله تعالى. (الرابع) لقد قال السيد شهاب الدين أحمد ما نصه: (وسمعت بعض أهل العلم يقول: معناه من كنت سيده فعلي سيده مضي قوله. وتصدير القول بقوله صلى الله عليه وبارك وسلم: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين، يؤيد هذا القول والله سبحانه أعلم) (1). (الخامس) لقد اعترف حسام الدين السهارنبوري بأن صدر الحديث قرينة تقتضي إرادة معنى (الأولى) من (المولى)، ثم زعم أن ذيل الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم وال من والاه...) قرينة تقتضي إرادة معنى (الناصر) و(المحبوب) فيتعارض القرينتان، وإذا تعارضتا بعدم مرجح تساقطتا. وإليك كلام السهارنبوري معربا: (وأيضا: كما أن صدر الحديث قرينة تقتضي إرادة معنى الناصر والمحبوب، فيتعارض القرينتان، وإذا تعارضتا بعدم مرجح تساقطتا، فكأن اللفظ المشترك يبقى بلا قرينة، ويكون تعيين أحد معاني المشترك

(هامش)

(1) التحفة الاثنا عشرية. باب الفقهيات. (2) توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط. (*)

ص 66

- خصوصا هذا المعنى في مورد النزاع - تحكما. (وأيضا): فإن المعتبر عند التعارض هي القرينة الأقوى، وهنا القرينة على كون المراد هو الناصر والمحبوب أقوى، لأن الغرض من الخطبة هو الحث والترغيب على محبة أهل البيت، وإن سبب إيرادها - كما ذكرنا سابقا - يرجح القرينة على هذا المعنى). أقول: إن كلامه صريح في دلالة صدر الحديث على مطلوبنا. وأما زعمه أن ذيله يقتضي إرادة معنى (الناصر والمحب) فيندفع بأن ذيل الحديث جملة إنشائية، وقوله (من كنت مولاه فعلي مولاه) جملة خبرية. (وأيضا): فإن الذيل خطاب مع الحق، وفي هذه الجملة الخطاب مع الخلق، وأما صدر الحديث فهو جملة خبرية وهو خطاب مع الخلق. وعلى ما ذكرنا من الوجهين - بالاضافة إلى تقدم الجملة المتصدرة للحديث - يتقدم الصدر ويتأخر الذيل، ولا تعارض بين الصدر والذيل أبدا فلا تساقط. (وأيضا)، مجئ (المولى) بمعنى (المحبوب) غير ثابت من كتب اللغة، فلو سلمنا كون الذيل قرينة على إرادة معنى المحبوب لزم العدول عنه لعدم مساعدة اللغة. (وأيضا): قد علمت سابقا جعل التفتازاني والقوشجي ذيل الحديث قرينة على إرادة معنى (الناصر والمحب). ومن الواضح مغايرة (المحب) للمحبوب الذي ذكره صاحب المرافض، وكيف يكون الشيء الواحد قرينة لشيئين متغايرين؟ (وأيضا): قوله صلى الله عليه وسلم في الذيل: (وانصر من نصره) يقتضي إرادة معنى (المنصور) لا (الناصر) فيلزم أن يكون (المولى) بمعنى (المنصور) وكون أخذه بمعنى (الناصر) باطلا، لكن أحدا من اللغويين لم يذكر (المنصور) في جملة معاني (المولى). (وأيضا): لو كان المراد (المحبوب) وكان قوله (وانصر...) يقتضي إرادة

ص 67

معنى (الناصر) للزم تساقط هاتين القرينتين لعدم جواز إرادة المعنيين من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد حسب تصريح المحققين من الأصوليين، فيبقى صدر الكلام بلا معارض. ولعله من هنا لم يذكر الرازي لذيل الخبر إلا معنى (الناصر)، وذلك حيث قال: (ثم إن سلمنا أن تقديم تلك المقدمة يقتضي أن يكون المراد بالمولى (الأولى)، ولكن الحديث مؤخره وهو قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله يقتضي أن يكون المراد من المولى (الناصر). وإنما قلنا ذلك لأن من ألزم غيره شيئا بلفظ مشترك بين ذلك الشيء وبين غيره، ثم حث على التزام أحد معاني تلك اللفظة، فإنه يتبادر إلى الأفهام أنه إنما حث باللفظ المشترك على المعنى الذي صرح به آخرا، ألا ترى أن الانسان إذا قال لغيره: صل عند الشفق اللهم من (كذا) يصل عند الشفق الأحمر. يحمل الشفق المأمور به على الشفق الأحمر. وإذا ثبت ذلك فقوله: اللهم وال من والاه حث منه على التزام ما ذكره من لفظه المولى. فعلمنا أنه أراد بها الموالاة التي هي ضد العداوة. وأي شيء يقولون في هذه المؤخرة نقوله في تلك المقدمة) (1). وقد أفيد في (عماد الإسلام) في جوابه: (أقول: فيه وجوه من الكلام وضروب من الملام (الأول): إن قوله عليه السلام وال من والاه لو اقتضى إرادة معنى المحبة من (من كنت مولاه) اقتضى قوله عليه السلام: (وانصر من نصره) إرادة معنى النصرة، وحيث ثبت أن إرادة المعنيين من المشترك في إطلاق واحد ممتنعة تعارض المعنيان، وإذا تعارضا تساقطا، فبقي إرادة معنى الأولى من المولى بلا معارض. (والثاني) إن قوله عليه السلام: (اللهم وال من والاه) خطاب مع الحق بعد الفراغ عن الخطاب للخلق بقوله: (من كنت مولاه...) فلا يعارض القرينة على

(هامش)

(1) نهاية العقول - مخطوط. (*)

ص 68

إرادة معنى الأولوية التي هي أيضا خطاب مع الخلق. (والثالث): إن المولى قد جاء بمعنى أولى كما عرفت، ولم يقل أحد إن معنى المولى ووال واحد، فلا مساواة بين القرينتين. (والرابع) إنه لا خلاف بين الفريقين أن قوله عليه السلام: (فمن كنت مولاه...) أمر وتكليف بصورة الإخبار، ولذا حمل الرازي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين) على التذكير بوجوب طاعته، تمهيدا لإظهار وجوب طاعته صلى الله عليه وآله في باب التكليف المؤدى بقوله: (فمن كنت مولاه). ولا شبهة في أنه إذا حملنا قوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) على الناصر والمحب بقرينة الدعاء لم يصلح أن يكون تكليفا، لأن كونهما ناصرين للخلق أو المحبين من فعلهما وصفاتهما دون الخلق. (والخامس) إن الملائم للدعاء وتكليفه الناس أن يقول صلى الله عليه وآله وسلم لو أراد إيجاب المحبة أو النصرة على الخلق بالنسبة إلى علي عليه السلام: من كان مولاي ومحبي وناصري فليكن مولى علي وناصره ومحبه، اللهم وال من والاه وانصر من نصره. لينتظم عبارته صلى الله عليه وآله من أولها إلى آخرها، وبدون ذلك لا يحسن التكلم بهذا الكلام كما لا يخفي. على أن القرائن المسطورة فيما قبل لا يساعد شيء منها إرادة غير معنى الأولوية كما عرفت. وأما مثاله: صل عند الشفق. فلا يطابق الممثل له بوجه ما، لأنه لا يجري في هذا المثال شيء مما ذكرنا في الممثل له، وإلا كانت حاله كحاله). وأما زعم صاحب المرافض أن قرينة كون المراد معنى الناصر والمحبوب أقوى، لأن الغرض من الخطبة الحث والترغيب على محبة أهل البيت... فيندفع بأن هذه الخطبة هي لأجل تشييد خلافة أمير المؤمنين وإمامته، ويشهد بذلك وجود حديث الثقلين فيها بعد حديث الغدير كما في الصواعق وغيره - وقد ذكر ذلك صاحب المرافض نفسه -.

ص 69

فثبت أن حديث الثقلين من جملة الأدلة القوية القويمة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل. * * *

ص 71

(10) حديث الغدير بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه

ص 73

ولقد أخرج الحافظ الطبراني حديث الغدير بلفظ (من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه) ففي كتاب (مفتاح النجا) - الذي مدحه محمد رشيد الدهلوي وأثنى على مؤلفه - ما نصه: (وللطبراني برواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه) (1). وقال في كتابه الآخر الذي التزم فيه بالصحة: (وعند الطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (2). وقال القاضي ثناء الله - تلميذ شاه ولي الله الدهلوي: الذي وصفه (الدهلوي) ببيهقي الزمان كما في إتحاف النبلاء -: (وجاء في بعض الروايات بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه) (3). وهذا اللفظ صريح في دلالة حديث الغدير على الإمامة والخلافة، وبه أيضا يعلم المراد من (من كنت مولاه فعلي مولاه) لأن الحديث يفسر بعضه بعضا.

(هامش)

(1) مفتاح النجا - مخطوط. (2) نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الاظهار ص 21. (3) سيف مسلول - مخطوط. (*)

ص 74

ولقد روى سبط ابن الجوزي والسيد شهاب الدين أحمد عن أبي الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصبهاني حديث الغدير بلفظ: (من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه) (1). وهو أيضا يقضي بأن المراد من (المولى) هو (الأولى)، لأن الحديث يفسر بعضه بعضا، ولذا قال سبط ابن الجوزي بعد ذكر عدم جواز إرادة المعاني الآخر غير الأولى من لفظ المولى: (فتعين العاشر ومعناه: من كنت مولاه أولى به من نفسه فعلي أولى، وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين، فإنه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي وقال: من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه) (2). وقال شهاب الدين أحمد بعد ذكر حديث الغدير: (وسمعت بعض أهل العلم يقول: معناه من كنت سيده فعلي سيده مضي قوله، وتصدير القول بقوله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين يؤيد هذا القول، والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ الإمام جلال الدين أحمد الخجندي قدس سره: المولى يطلق على معان: منها الناصر، ومنها الجار بمعنى المجير لا المجار، ومنها السيد المطاع، ومنها الأولى في *(مولاكم)* أي أولى بكم. وباقي المعاني لا يصلح اعتبارها فيما نحن بصدده، فعلى المعنيين الأولين يتضمن الأمر لعلي رضي الله تعالى عنه بالرعاية لمن له من النبي العناية، وعلى المعنيين الآخرين يكون الأمر بإطاعته واحترامه واتباعه. وقد خرج أبو الفرج الاصفهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي كرم الله تعالى وجهه وقال: من كنت وليه

(هامش)

(1) تذكرة خواص الأمة ص 29، توضيح الدلائل - مخطوط. عن مرج البحرين. (2) تذكرة الخواص: 32. (*)

ص 75

وأولى به من نفسه فعلي وليه) (1). * * *

(هامش)

(1) توضيح الدلائل - مخطوط. (*)

ص 77

(11) سياق حديث الغدير في المستدرك على الصحيحين

ص 79

وأخرج الحاكم حديث الغدير بسياق ولفظ يدل بصراحة ووضوح على إمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذا من جهة الدلالة، وأما من جهة السند فقد نص على أنه حديث صحيح الاسناد، وإليك نص الحديث: (أخبرني محمد بن علي الشيباني بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم الغفاري، ثنا أبو نعيم، ثنا كامل أبو العلاء قال سمعت حبيب بن أبي ثابت يخبر عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى انتهينا إلى غدير خم، فأمر بدوح فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حرا منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الله عز وجل. ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه) (1). وهذا الحديث الصحيح يدل على أن المراد من (المولى) هو (الأولى)

(هامش)

(1) المستدرك على الصحيحين 3 / 533. (*)

ص 80

بصراحة، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الكلام في ذلك الحشد العظيم من الناس، وفي يوما ما أتى عليهم يوم كان أشد حرا منه، وبعد أن ذكر لهم قرب وفاته وبين لهم عدم ضلالهم بعد التمسك بكتاب الله آخذا بيد علي عليه السلام بعد أن سألهم: (من أولى بكم من أنفسكم؟)، وهل يتصور للفظ (المولى) في هذا الحديث مع هذه الجهات والأحوال معنى غير المعنى المراد من (من أولى بكم من أنفسكم؟) كلا اللهم كلا، وقد عرفت وستعرف أيضا أن هذه الجملة الكريمة مأخوذة من الآية المباركة وهي قوله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم...)* الدالة كما عرفت دلالتها على أولويته في كل شيء... قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في (اللمعات) بشرحه: (فقال بعد أن جمع الصحابة: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وفي بعض الروايات كرره للمسلمين وهم يجيبون بالتصديق والاعتراف، يريد به قوله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* الآية. أي في الأمور كلها، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم، بخلاف النفس، فلذلك أطلق، فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها. روي أنه صلى الله عليه وسلم أراد غزوة تبوك فأمر الناس بالخروج فقال ناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا. فنزلت. وقرئ: وهو أب لهم أي في الدين، فإن كل نبي أب لأمته من حيث أنه أصل فيما به الحياة الأبدية، ولذلك صار المؤمنون أخوة. كذا في تفسير البيضاوي. وقوله: (إني أولى بكل مؤمن من نفسه) تأكيد وتقرير يفيد كونه أولى بكل واحد من المؤمنين، كما أن الأول يفيده بالنسبة إليهم جميعا).

 من ترجمة الحاكم

 ومن المناسب أن نذكر هنا بعض الثناء والمدح الوارد في حق الحاكم

ص 81

النيسابوري من أعلام أهل السنة: 1 - ابن خلكان: (أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، الحافظ المعروف بابن البيع، إمام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتب التي لم يسبق إلى مثلها، كان عالما عارفا واسع العلم، تفقه على أبي سهل محمد بن سليمان الصعلوكي الفقيه الشافعي، ثم طلب الحديث وغلب عليه، فاشتهر به وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة، فإن معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل، حتى روى عمن عاش بعده، لسعة روايته وكثرة شيوخه، وصنف في علومه ما يبلغ ألفا وخمسمائة جزء، منها الصحيحان، وأما ما تفرد بإخراجه فمعرفة الحديث، وتاريخ علماء نيسابور، والمدخل إلى علم الصحيح، والمستدرك على الصحيحين وما تفرد به كل واحد من الإمامين. وكانت ولادته في شهر ربيع الأول سنة 321 بنيسابور. وتوفي بها يوم الثلاثاء ثالث صفر سنة 405) (1). 2 - الشيخ عبد الحق الدهلوي في (رجال المشكاة): (كان فريد عصره ووحيد وقته، خاصة في علوم الحديث، وروي عنه الدار قطني ومحمد بن أبي الفوارس، وكان ثقة). 3 - الرازي في (فضائل الشافعي): (وأما المتأخرون من المحدثين فأكثرهم علما وأقواهم قوة وأشدهم تحقيقا في علم الحديث هؤلاء وهم: أبو الحسن الدار قطني والحاكم وأبوه عبد الله الحافظ... فهؤلاء العلماء صدور هذا العلم بعد الشيخين، وهم بأسرهم متفقون على تعظيم الشافعي...). 4 - الأسنوي: (وبعد، فإن الشافعي رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا به. وبسائر أئمة المسلمين أجمعين قد حصل في أصحابه من السعادة أمور لم تتفق في أصحاب غيره... ومنها: إن كبار أئمة الحديث من جملة أصحابه الآخذين عنه

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 3 / 408 باختصار. (*)

ص 82

أو عن أتباعه، كالإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن المنذر، وابن حبان، وابن خزيمة، والبيهقي، والحاكم، والخطابي، والخطيب، وأبي نعيم وغيرهم. إلى زماننا) (1). 5 - ابن الأثير بعد ذكر شرط الصحيحين: (وهذا الشرط الذي ذكرناه قد ذكره الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، وقد قال غيره: إن هذا الشرط غير مطرد في كتابي البخاري ومسلم، فإنهما قد أخرجا فيهما أحاديث على غير هذا الشرط. والظن بالحاكم غير هذا، فإنه كان عالما بهذا الفن خبيرا بغوامضه عارفا بأسراره، وما قال هذا القول وحكم على الكتابين بهذا الحكم إلا بعد التفتيش والاختبار والتيقن لما حكم به عليهما) (2). أقول: ونحن نقول في مورد حكم الحاكم بصحة هذا الحديث الذي ذكرناه بأنه كان عالما بهذا الفن خبيرا بغوامضه عارفا بأسراره، وما قال هذا القول وما حكم على هذا الحديث بهذا الحكم إلا بعد التفتيش والاختبار والتيقن لما حكم به عليه. ولله الحمد على ذلك. * * *

(هامش)

(1) طبقات الشافعية 1 / 3. (2) جامع الأصول 1 / 92. (*)

ص 83

(12) وحدة السياق بين حديث الغدير وحديث أخرجه البخاري

ص 85

أخرج البخاري في (صحيحه) الحديث التالي: (حدثني إبراهيم بن المنذر، قال نا محمد بن فليح، قال حدثنا أبي عن هلال بن علي عن عبد الرحمن ابن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. إقرأوا إن شئتم: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)* فأيما مسلم ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني وأنا مولاه) (1). وقد علمت سابقا أن هذا الحديث قد أخرجه مسلم أيضا، كما علمت من (الدر المنثور) أنه قد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه. وهذا الحديث يماثل سياق حديث الغدير، فيلزم أن يكون المراد من (المولى) في حديث الغدير نفس المعنى المراد منه في هذا الحديث. وأما تماثل السياق فواضح جدا، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أولا أولويته بالمؤمنين من أنفسهم في الدنيا والآخرة ثم قال: (وأنا مولاه). وكذلك الأمر في حديث الغدير حيث بين فيه كونه أولى من المؤمنين من أنفسهم ثم قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).

(هامش)

(1) صحيح البخاري تفسير سورة الأحزاب. (*)

ص 86

فبنفس الدليل الذي حملوا به (المولى) في حديث الصحيحين على معنى (ولي الأمر) نحمل (المولى) في حديث الغدير عليه. أما حملهم (المولى) على ذلك فقد عرفت من عبارة القسطلاني ذلك، فإنه فسر (وأنا مولاه) بقوله: (أي ولي الميت أتولى عنه أموره). ونحوه عبارة الكرماني والنووي. فراجع. * * *

ص 87

(13) حديث الغدير بلفظ: (... فإن عليا بعدي مولاه...)

ص 89

وجاء في (تاريخ ابن كثير) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من كنت مولاه فإن عليا بعدي مولاه) وإليك النص الكامل للحديث بسنده: (قال عبد الرزاق: أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند غدير خم، فبعث مناديا ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال ألست ألست؟ قلنا: بلي يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فإن عليا بعدي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقال عمر بن الخطاب: (هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن) (1). ولو أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من (الولي) الموالاة والمحبة لما كان للتقييد بقوله (بعدي) وجه. وبما ذكرنا صرح ابن تيمية حيث قال: (فقول القائل: علي ولي كل مؤمن بعدي كلام يمتنع نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي، وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقال: وال على كل

(هامش)

(1) تاريخ ابن كثير 7 / 349. (*)

ص 90

مؤمن) (1). ومن الواضح أن لفظ (الولي) يرادف (المولى). فظهر أن ليس المراد هو (الموالاة) وإلا لكان الاتيان بلفظ (بعدي) لغوا يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. * * *

(هامش)

(1) منهاج السنة 4 / 104. (*)

ص 91

(14) كلام ابن حجر المكي إستنادا إلى فهم أبي بكر وعمر

ص 93

وقال ابن حجر المكي في الجواب عن حديث الغدير: (سلمنا أنه أولى، لكن لا نسلم أن المراد أنه أولى بالإمامة، بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى: *(إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه)*. ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما من الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن

.

- نفحات الأزهار ج 9 - السيد علي الميلاني ص 93:

ومؤمنة. أخرجه الدار قطني. وأخرج أيضا أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: إنه مولاي) (1). أقول: وهل (الأولى بالاتباع) إلا الإمام؟

(هامش)

(1) الصواعق المحرقة: 26 (*)

ص 95

(15) حديث مسلم بن الحجاج: لا يقل العبد لسيده (مولاي) فإن مولاكم الله

ص 97

ومن الأدلة ما أخرجه مسلم في (صحيحه) بعد حديث: (وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو كريب قالا: نا أبو معاوية. ح وقال: ثنا أبو سعيد الأشج قال: نا وكيع، كلاهما عن الأعمش بهذا الاسناد، وفي حديثهما: ولا يقل العبد لسيده مولاي. وزاد في حديث أبي معاوية: فإن مولاكم الله) (1). وروى المولوي محمد إسماعيل: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل سيدي. وفي رواية: لا يقل العبد لسيده مولاي فإن مولاكم الله) (2). فمن منع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن يقول العبد لسيده (مولاي) يظهر أن المتبادر من (المولى) معنى وراء معنى المحب والناصر والمحبوب، إذ لو كان المراد شيء من هذه المعاني لم يكن للمنع عن ذلك وجه. ومن إطلاقه صلى الله عليه وآله وسلم (المولى) على نفسه وعلى أمير المؤمنين عليه السلام يعلم أنه ليس مراده من ذلك المحب والناصر والمحبوب، وإنما المراد معنى لا يجوز إثباته لسائر الناس، وهو الأولوية بالتصرف، فإن هذا المعنى ثابت

(هامش)

(1) صحيح مسلم 2 / 197 باب ألفاظ من الأدب. (2) منصب امامت - مخطوط. (*)

ص 98

لله عز وجل، ثم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لأمير المؤمنين عليه السلام القائم مقامه. * * *

ص 99

(16) قول سيدتنا الزهراء عليها السلام أنسيتم قول رسول الله يوم غدير خم...؟

ص 101

وروى شمس الدين ابن الجزري في (أسنى المطالب) ما نصه: (وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله ابن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد ابن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باسترآباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد بن مطرف المطرفي قالا: حدثنا أبو سعيد الإدريسي إجازة فيما أخرجه في تاريخ إستراباد، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند - وما كتبنا إلا عنه - حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدثنا بكر بن أحمد القصري. حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبي عليه

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب