نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 102

السلام، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه ورضي عنها قالت: أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟! وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟! هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها). وإن هذا الحديث يدل بوضوح على أن الصحابة لم يعملوا حسب مفاد حديثي الغدير والمنزلة، فإن كان الحديثان يدلان على الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين عليه السلام فذاك المطلوب، وإن كانا بمعزل عن الدلالة على الإمامة - لو فرض - بل يدلان على مجرد وجوب الموالاة فإن قولها عليها الصلاة والسلام (أنسيتم) يدل على تركهم لمحبة أمير المؤمنين وموالاته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لكن تركهم لمحبة علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حياة الزهراء عليها السلام لا يتصور إلا على تقدير كون علي عليه السلام هو الإمام والخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الصحابة قد تركوا موالاته بسبب صرفهم الخلافة عنه إلى غيره، إذ لو كان عملهم ذاك صحيحا وكانت خلافة أبي بكر بحق لما تحقق من الصحابة ترك لموالاة علي عليه السلام في ذاك الظرف - أي بعد وفاة النبي وفي حياة فاطمة -. فهذا الحديث يدل على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام على كل تقدير كما أوضحنا. * * *

ص 103

(17) حديث الغدير بلفظ: (من وليكم؟... من كان الله وليه فهذا وليه)

ص 105

وروى أبو عبد الرحمن النسائي حديث الغدير باللفظ الآتي مع سنده: (أنبأنا زكريا بن يحيى، ثنا يعقوب بن جعفر بن كثير عن مهاجر بن مسمار قال: أخبرتني عائشة بنت سعد عن سعد قالت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق مكة وهو متوجه إليها، فلما بلغ غدير خم وقف الناس، ثم رد من مضى ولحقه من تخلف، فلما اجتمع الناس إليه قال: أيها الناس هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم ثلاث مرات يقولها. ثم قال: يا أيها الناس من وليكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ثلاثا. ثم أخذ بيد علي فقال: من كان الله وليه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (1). أقول: إن كان معنى (الولي) هو المحب أو الناصر أو المحبوب لأجاب القوم بذلك ولم يقولوا: (الله ورسوله أعلم)، لكن المراد من (الولي) هو (ولي الأمر والمتصرف فيه). ولما كان عامة الناس يجهلون (المتصرف في الأمر) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلذا قالوا في جواب سؤاله صلى الله عليه وسلم المكرر ثلاث مرات (الله ورسوله أعلم).

(هامش)

(1) الخصائص للنسائي: 101. (*)

ص 106

حتى إذا أظهروا جهلهم وعجزهم عن الجواب عن هذا السؤال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر قائلا - مع الأخذ بيد علي - (من كان الله وليه فهذا وليه) أي: فمن كان الله ولي أمره. فعلي ولي أمره. فهذه الرواية مثل الرواية السابقة المنقولة عن مستدرك الحاكم. * * *

ص 107

(18) حديث الغدير بلفظ يدل على المطلوب من وجوه

ص 109

وأخرج الطبراني في المعجم الكبير حديث الغدير بلفظ يدل على المطلوب من وجوه، وإليك نصه كما في (كنز العمال): (عن جرير البجلي: قال: شهدنا الموسم في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع، فبلغنا مكانا يقال له غدير خم. فنادى الصلاة جامعة. فاجتمع المهاجرون والأنصار، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا، قال: يا أيها الناس بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله. قال: ثم مه؟ قالوا: وأن محمدا عبده ورسوله. قال: فمن وليكم؟ قالوا: الله ورسوله مولانا. ثم ضرب بيده إلى عضد علي فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه فقال: من يكن الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أللهم من أحبه من الناس فكن له حبيبا ومن أبغضه فكن له مبغضا، أللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين، فاقض فيه بالحسنى. طب) (1).

(هامش)

(1) كنز العمال 15 / 12. (*)

ص 110

وجوه دلالة هذا الحديث: وهذا حديث يدل على المطلوب من وجوه: (الأول): إن المتبادر من (الولي) كما يظهر من جواب القوم لسؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهم (فمن وليكم؟) بقولهم (الله ورسوله مولانا) هو (ولي الأمر)، وإلا لما خصوا ذلك وحصروه في (الله ورسوله). وعليه فيجب حمل (الولي) على (ولي الأمر) في الأحاديث التي وردت هذه اللفظة بحق أمير المؤمنين، بعين ما حمل الصحابة هذه اللفظة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فمن وليكم) على المتصرف في الأمور. (الثاني): إن هذا الحديث ظاهر في أن (المولى) في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فإن هذا مولاه) وفي قوله: (من يكن الله ورسوله مولاه) بمعنى واحد، وقد علم من جواب الأصحاب - حيث حصروا هذا المعنى في الله ورسوله - أنه ليس المراد المحب أو الناصر أو المحبوب - لعدم كون هذه المعاني منحصرة لله ورسوله - بل المراد هو الولاية في التصرف، فإنها الثابتة لله ولرسوله، ولا يستحقه إلا الله ورسوله. وأيضا: فإن جواب الأصحاب ظاهر في اتحاد (المولى) و(الولي) في المعنى، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألهم: (فمن وليكم؟) فأجابوا قائلين: (الله ورسوله مولانا). وهذا يبطل دعوى شاه ولي الله عدم مجئ (الولي) بمعنى (المولى). (الثالث): إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين فاقض فيه بالحسنى) يدل على أن الشيخين لا يكونان خليفتين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا لاستودع عليا عليه السلام إياهما.

ص 111

ولا يتوهم أنهما المراد من قوله (بعد العبدين الصالحين)، فإنه توهم باطل جدا، إذ لو كان كذلك لما امتنع عليه السلام من البيعة لأبي بكر حتى أجبروه عليها، وهددوه بالقتل إن لم يفعل، كما سنشرح ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى. * * *

ص 114

(19) الاستدلال بكلام ابن حجر على ضوء حديث الغدير

ص 115

ومن وجوه دلالة حديث الغدير: ما ذكره صاحب الصواعق بقوله: (على أن كون المولى بمعنى الإمام لم يعهد لغة ولا شرعا. أما الثاني فواضح. وأما الأول فلأن أحدا من أئمة العربية لم يذكر أن مفعلا يأتي بمعنى أفعل. وقوله تعالى: *(مأواكم النار هي مولاكم)* أي مقركم أو ناصرتكم مبالغة في نفي النصرة، كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له. وأيضا: فالاستعمال يمنع من أن مفعلا بمعنى أفعل، إذ يقال... هو أولى من كذا، دون مولى من كذا، وأولى الرجلين، دون مولاهما. وحينئذ فإنما جعلنا من معانيه المتصرف في الأمور نظرا للرواية الآتية: من كنت وليه) (1). أقول: فإذا كان (الولي) بمعنى (المتصرف في الأمور) في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كنت وليه) فإن (المولى) في قوله: (من كنت مولاه) يكون كذلك، لأن الحديث يفسر بعضه بعضا. وإن مجرد ثبوت إرادة معنى (المتصرف في الأمور) يكفي لإثبات الحق ومرام

(هامش)

(1) الصواعق المحرقة: 25. (*)

ص 116

أهله، ولله الحجة البالغة. ولقد علمت سابقا أن هذا الحديث - الذي جعل ابن حجر (المتصرف في الأمر) معنى (الولي) بالنظر إليه - من روايات أكابر أهل السنة ومشاهير أئمتهم. * * *

ص 117

(20) تصدير النبي الكلام بقوله: (إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم)

ص 119

لقد تقدم على حديث الغدير في بعض ألفاظه المروي بسند صحيح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم) ثم قال مباشرة: (فمن كنت مولاه فهذا مولاه) يعني عليا عليه الصلاة والسلام، وإليك نص الحديث ضمن كلام لابن حجر: (فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه، لأن التنصيص عليه أو في بمزيد شرفه. وصدره بألست أولى بكم من أنفسكم ثلاثا ليكون أبعث على قبولهم. وكذا بالدعاء له لأجل ذلك أيضا، ويرشد لما ذكرناه. حثه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الخطبة على أهل بيته عموما وعلى علي خصوصا. ويرشد إليه أيضا ما ابتدأ به هذا الحديث، ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم تحت شجرات فقال: إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤل وإنكم مسؤلون فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيرا. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث

ص 120

من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني عليا - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصري إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا. وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينفضا حتى يردا علي الحوض) (1). وفي (مفتاح النجا في مناقب آل العبا): (أخرج الحكيم في نوادر الأصول والطبراني بسند صحيح في الكبير، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم تحت شجرة فقال: أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني قد يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤل وإنكم مسؤلون فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه يعني عليا، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصري إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر

(هامش)

(1) الصواعق المحرقة: 25. (*)

ص 121

كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيدكم، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني العليم الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض) (1). وقد ذكر صاحب (مرافض الروافض) هذا الحديث عن (الصواعق) فحرفه ونقصه. وهذا الحديث قد ذكر فيه (المولى) أربع مرات في سياق واحد وكلام متصل منتظم، فيلزم أن كله بمعنى واحد، وهذا الحديث الشريف نظير ما جاء في ديوان الحماسة: وقال حريث بن جابر: لعمرك ما أنصفتني حين سمتني * هواك مع المولى وأن لا هوى ليا إذا ظلم المولى فزعت لظلمه * فحرك أحشائي وهر كلابيا فقد تكرر لفظ (المولى) في هاتين البيتين وهو مقدر أيضا بعد قوله (لا هوى ليا) أي مع مولاي، ومن الواضح أن (المولى) في هذه المواضع بمعنى واحد قطعا. ثم إن (المولى) في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله مولاي) هو بمعنى (ولي الأمر)، إذ قد عرفت سابقا قول أبي الحسن الواحدي: (*(ثم ردوا)* يعني العباد يردون بالموت *(إلى الله مولاهم الحق)* الذي يتولى أمورهم) (2). وقال أبو الليث السمرقندي: (*(بل الله مولاكم)* يقول: أطيعوا الله تعالى فيما يأمركم *(هو مولاكم)* يعني وليكم وناصركم) (3). وقال الكواشي: (ولا يوقف على *(أنت مولانا)* سيدنا ومتولي أمورنا، لوجود الفاء في قوله *(فانصرنا على القوم الكافرين)* لأنك سيدنا والسيد ينصر

(هامش)

(1) مفتاح النجا - مخطوط. (2) التفسير الوسيط - مخطوط. (3) تفسير أبي الليث - مخطوط. (*)

ص 122

عبيده) (1). وقال السيوطي: (*(أنت مولانا)* سيدنا ومتولي أمورنا) (2). وقال أيضا: (*(فاعلموا أن الله مولاكم)* ناصركم ومتولي أموركم) (3). وقال أيضا: (*(لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)* إصابته *(هو مولانا)* ناصرنا ومتولي أمورنا) (4). فالمراد من (المولى) في جميع ألفاظ الحديث هو (الأولى بالتصرف) قطعا. وقد جاء في بعض الألفاظ: (إن الله وليي) بدل (إن الله مولاي) ففي (الخصائص) من طريق الحسين بن حريث: (إن الله وليي وأنا ولي المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره) وقد تكرر في هذا الحديث لفظ (الولي) أربع مرات كما تكرر لفظ (المولى) في الحديث السابق أربع مرات، ولما كان المراد من (الولي) بالنسبة إلى الله عز وجل هو (متولي أمور الخلق)، فهو المراد أيضا بالنسبة إلى النبي عليه وآله الصلاة والسلام، فكذا ولاية علي. وفي (كنز العمال): (ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن. من كنت مولاه فعلي مولاه. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معا) (5). ومن المعلوم أن المراد من كون الله تعالى (وليا) هو كونه (ولي الأمر ومتوليه) قال النيسابوري: (*(الله ولي الذين آمنوا)* أي متولي أمورهم وكافل مصالحهم. فعيل بمعنى فاعل) (6).

(هامش)

(1) التلخيص في التفسير - مخطوط. (2) الجلالين: 66. (3) المصدر: 240. (4) المصدر: 256. (5) كنز العمال 12 / 207. (6) تفسير النيسابوري 3 / 21. (*)

ص 123

وقال القاري بشرح هذا الدعاء: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن...) قال: (أنت وليها. أي المتصرف فيها ومصلحها ومربيها ومولاها، أي ناصرها وعاصمها. وقال الحنفي: عطف تفسيري) (1). وكذا قال فخر الدين محب الله (2). وجاء في بعض ألفاظ حديث الغدير التعبير ب‍ (المولى) عن الله تعالى، وب‍ (الولي) عن النبي، ففي (الخصائص) للنسائي: (أنبأنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن حماد، قال أخبرنا أبو عوانة عن سليمان، قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل بغدير خم، أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأني دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله مولاي فأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنه) (3). وفي (المستدرك) من طريق أبي الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي: (إن الله عز وجل مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه) (4). وفي (تاريخ ابن كثير) عن سنن النسائي من طريق محمد بن المثنى: (قال: الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذ

(هامش)

(1) الحرز الثمين - في شرح الحصن الحصين لملا علي القاري: 292. (2) الحرز الرصين - شرح الحصن الحصين لفخر الدين محب الله. (3) الخصائص: 93. (4) المستدرك 3 / 109. (*)

ص 124

وليه) (1). وفي (كنز العمال) عن ابن جرير: (إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (2). ومن الواضح أن المراد من كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم (وليا) هو كونه (متولي أمور المسلمين والمتصرف فيها) كما عرفت من كلام ابن حجر حيث حمل حديث: (من كنت وليه) على (المتصرف في الأمور) وقال العزيزي بشرح: (أنا ولي المؤمنين) قال: (أي متولي أمورهم) (3). وإذ كانت ولاية الله والرسول بمعنى (ولاية الأمر) فكذا ولاية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام. وأيضا: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني والحكيم الترمذي: (وأنا أولى بهم من أنفسهم) يفسر قوله: (وأنا مولى المسلمين). فظهر أن المراد من (مولى المؤمنين) كونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وقد عرفت سابقا أن أولويته بالمؤمنين من أنفسهم تستتبع وجوب إطاعته. قال القسطلاني بشرح حديث أبي هريرة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى...) قال: (ويترتب على كونه أولى بهم من أنفسهم أنه يجب عليهم إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شق ذلك عليهم وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم...) (4). وقال بشرحه في كتاب الفرائض: (أي أحق بهم في كل شيء من أمور الدين

(هامش)

(1) تاريخ ابن كثير 5 / 209. (2) كنز العمال 15 / 91. (3) السراج المنير بشرح الجامع الصغير 1 / 320. (4) إرشاد الساري - شرح صحيح البخاري - كتاب الاستقراض. (*)

ص 125

والدنيا، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها) (1). ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم قد جمع في حديث الطبراني والحكيم الترمذي - الصحيح سندا - وفي غيره أيضا، بين حديث الغدير وحديث الثقلين، وحديث الثقلين يفيد وجوب متابعة أهل البيت والانقياد لهم كما هو ظاهر جدا، ومسلم به عند (الدهلوي) أيضا حيث اعترف به في الباب الرابع من (التحفة)، ولا ريب في أن وجوب المتابعة والانقياد يفيد الإمامة والخلافة بلا فصل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك يبطل خلافة غيره، لأن التابع لا يكون إماما للمتبوع. وأيضا: فإن حديث الثقلين يدل على عصمة أهل البيت عليهم السلام، فمع وجود أمير المؤمنين المعصوم لا يكون غيره مستحقا للإمامة قطعا، والعجب من صاحب (المرافض) الذي أورد حديث الطبراني عن (الصواعق) مع إسقاط جملة: (وقد نبأني اللطيف الخبير...) الدال على عدم افتراق الثقلين والصريح في عصمة أمير المؤمنين وأفضليته. ومن الطريف جعل صاحب (الصواعق) حديث الثقلين قرينة على عدم دلالة حديث الغدير على إمامة علي عليه السلام، وما علم أن حديث الثقلين يثبت إمامته بسبب دلالته على عصمته عليه السلام. ولقد ذكر نور الدين السمهودي بعض الروايات التي جاء فيها حديث الثقلين مع حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقد ذكر: (عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهن فقم ما تحتهن من الشوك، وعمد إليهن فصلى تحتهن ثم قام فقال: يا أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف الذي

(هامش)

(1) إرشاد الساري - شرح صحيح البخاري - كتاب الفرائض. (*)

ص 126

يليه من قبله، وإني لأظن أني يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيرا. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وجنته حق وناره حق، وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا ولي المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه يعني عليا، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصري إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض. أخرجه الطبراني في الكبير والضياء في المختارة من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل، وهما من رجال الصحيح عنه بالشك في صحابته. وأخرجه أبو نعيم في الحلية وغيره من حديث زيد بن الحسن الأنماطي وقد حسنه الترمذي وضعفه غيره عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل وهما من رجال الصحيح عن حذيفة وحده من غير شك به) (1). وروى السمهودي أيضا: (عن عامر أبي ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما قالا: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ولم يحج غيرها، أقبل حتى إذا كان بالجحفة نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات لا ينزلوا تحتهن، حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهن، أرسل إليهن فقم م

(هامش)

(1) جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 127

تحتهن وشذبن عن رؤس القوم، حتى إذا نودي للصلاة غدا إليهن فصلى تحتهن، ثم انصرف إلى الناس وذلك يوم غدير خم - وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف - فقال: أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون هل بلغت، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وأن ناره حق والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى نشهد. قال: اللهم اشهد. ثم قال يا أيها الناس ألا تسمعون، ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فهذا مولاه، وأخذ بيد علي فرفعها حتى عرفه القوم أجمعون، ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض حوض أعرض مما بين بصري وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة، ألا وإني سائلكم حين تردون علي من الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا. وعترتي فإني قد نبأني الخبير أن لا يتفرقا حتى يلقياني. وسألت الله ربي لهم ذلك فأعطاني، فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلموهم فهم أعلم منكم. أخرجه ابن عقدة في الموالاة من طريق عبد الله بن سنان عن أبي الطفيل عنهما به. ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في فضائل الصحابة. وقال: إنه غريب جدا، والحافظ أبو الفتوح العجلي في كتابه الموجز في فضائل الخلفاء) (1).

(هامش)

(1) جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 128

ومن هذا الحديث تثبت عصمة أمير المؤمنين وأعلميته من غيره. وأورد السمهودي حديثا آخر عن أبي الطفيل قائلا: (وعن أبي الطفيل: إن عليا رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: انشد الله من شهد غدير خم إلا قام، ولا يقوم رجل يقول نبئت أو بلغني إلا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه. فقام سبعة عشر رجلا منهم: خزيمة بن ثابت، وسهل بن سعد، وعدي ابن حاتم، وعقبة بن عامر، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأبو شريح الخزاعي، وأبو قدامة الأنصاري، وأبو ليلى، وأبو الهيثم بن التيهان، ورجال من قريش. فقال علي رضي الله عنه وعنهم: هاتوا ما سمعتم. فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع حتى إذا كان الظهر خرج رسول فأمر بشجرات فشذبن وألقي عليهن ثوب ثم نادى بالصلاة، فخرجنا فصلينا. ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا: قد بلغت. قال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني مسئول وأنتم مسئولون. ثم قال: ألا إن دمائكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا. أوصيكم بالنساء. أوصيكم بالجار. أوصيكم بالمماليك. أوصيكم بالعدل والاحسان. ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. نبأني بذلك العليم الخبير. وذكر الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال علي: صدقتم وأنا على ذلك من الشاهدين. أخرجه ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي الجارود، كلاهما عن أبي الطفيل) (1).

(هامش)

(1) جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 129

(21) قول أبي أيوب الأنصاري وجماعة: السلام عليك يا مولانا

ص 131

وجاء في (مسند أحمد) ما نصه: (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي، عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فهذا مولاه. قال رباح: فلما مضوا تبعتهم وسألت من هم؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا حنش عن رياح بن الحارث قال: رأيت قوما من الأنصار قدموا على علي في الرحبة فقال: من القوم؟ قالوا: مواليك يا أمير المؤمنين فذكر معناه) (1). وأخرج أبو القاسم الطبراني: (ثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ح وثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا شريك عن حنش بن الحارث عن رياح بن الحارث قال: بينما علي رضى الله عنه جالس في

(هامش)

(1) مسند أحمد 5 / 419. (*)

ص 132

الرحبة إذ جاء رجل وعليه أثر الفسر فقال: السلام عليك يا مولاي - فقيل: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه) (1). وأخرج أيضا: (ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا علي بن حكيم الأودي ثنا شريك عن حنش بن الحارث وعن الحسن بن الحكم عن رياح بن الحارث. وثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يحيى بن الحماني ثنا شريك عن الحسن بن الحكم عن رياح بن الحارث النخعي قال: كنا قعودا مع علي رضي الله عنه، فجاء ركب من الأنصار عليهم العمائم فقالوا: السلام عليكم يا مولانا. فقال علي رضي الله عنه: أنا مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: نعم. سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه - إلى - عاداه. وهذا أبو أيوب بيننا، فحسر أبو أيوب العمامة عن وجهه ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه - إلى - عاداه) (2). وقال سبط ابن الجوزي: (الباب الثاني - في فضائله. فضائله كرم الله وجهه أشهر من الشمس والقمر وأكثر من الحصى والمدر، وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر، وهي قسمان: قسم مستنبط من الكتاب، والثاني من السنة الظاهرة التي لا شك فيها ولا ارتياب. قال أحمد في الفضائل: حدثنا يحيى بن آدم ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي فقالوا: السلام عليك يا مولانا. وكان بالرحبة. فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رباح: فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري

(هامش)

(1) المعجم الكبير 4 / 173. (2) المعجم الكبير 4 / 173. (*)

ص 133

صاحب رسول الله) (1). وأورد محب الدين الطبري: (عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه. قال رياح: فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب، خرجه أحمد. وعنه قال: بينما علي جالس إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي. قال: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. قال علي: فرجوا له ففرجوا. فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرجه البغوي في معجمه) (2). وقال ابن كثير الدمشقي: (قال أحمد ثنا يحيى بن آدم... ورواه ابن أبي شيبة عن حنش عن رياح بن الحارث قال: بينما نحن جلوس في الرحبة مع علي...) (3). وقال عطاء الله المحدث الشيرازي: (ورواه زر بن حبيش فقال: خرج علي عليه السلام من القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف عليهم العمائم حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا. فقال علي عليه السلام بعد ما رد السلام: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم: خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وثابت بن قيس بن شماس، وعمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وهاشم بن عقبة، وسعد بن أبي وقاص، وحبيب بن بديل. ابن ورقاء، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم

(هامش)

(1) تذكرة خواص الأمة: 13. (2) الرياض النضرة 2 / 222 - 223. (3) تاريخ ابن كثير 7 / 347 - 348. (*)

ص 134

يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث) (1). وقال القاري: (وفي الرياض عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا... أخرجه أحمد) (2). فهذا الحديث الذي أخرجه أئمة أهل السنة كما رأيت، من الأدلة الواضحة الدلالة على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، لأنه لو كان المراد من (المولى) في حديث الغدير هو الناصر أو نحوه لما كان لقوله عليه السلام: (كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب) معنى صحيح، لأنه يكون حينئذ: كيف أكون محبكم أو ناصركم أو محبوبكم وأنتم قوم عرب؟ وهل يعقل نسبة هكذا كلام إلى أمير المؤمنين، وهو أفصح الناس بعد رسول الله؟ إذن، لا يبقى ريب في أن مراد أبي أيوب وجماعته من قولهم: (يا مولانا) هو الولاية بمعنى الأولوية في التصرف في الأمور. فقال لهم الإمام: (كيف أكون ...) حتى يحملهم على ذكر حديث الغدير يعترفوا بهذه الحقيقة الراهنة على رؤس الاشهاد. * * *

(هامش)

(1) الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط. (2) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 574. (*)

ص 135

(22) قيل لعمر بن الخطاب: تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد! فقال: إنه مولاي

ص 137

ومن الأدلة: ما رواه القوم من أنه (قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: إنه مولاي). وممن رواه الموفق بن أحمد حيث قال: (أخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي قال: أخبرنا الأمين أبو الحسن علي ابن مردك الرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين القرشي ابن الصباغ بالكوفة بقراءتي عليه حدثنا الحسن بن محمد الكوفي، قال حدثنا الحضرمي، قال حدثنا محمد بن سعيد المحاربي، قال حدثنا حسين الأشقر عن قيس بن عمار الدهني عن سالم قال: قيل لعمر: نراك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال: إنه مولاي) (1). ومنهم: محب الدين الطبري، رواه عن ابن السمان عن سالم: (قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله! فقال: إنه مولاي) (2).

(هامش)

(1) مناقب الخوارزمي: 97. (2) الرياض النضرة 2 / 224. (*)

ص 138

ومنهم: ابن حجر المكي حيث قال: (وأخرج أيضا - أي الدار قطني - إنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تفعله ببقية الصحابة. فقال: إنه مولاي) (1). ومنهم: شمس الدين المناوي. رواه عن الدار قطني: (قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من الصحابة. قال: إنه مولاي) (2). ومنهم: أحمد بن الفضل حيث قال: (وأخرج - أي الدار قطني - أيضا عن سالم بن أبي جعد قال: لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي. فقال: إنه مولاي) (3). ومنهم: محمد صدر العالم: (أخرج الدار قطني: لأنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي. فقال: إنه مولاي) (4). ومنهم: أحمد بن عبد القادر العجيلي: (وقيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تفعله ببقية الصحابة. فقال: إنه مولاي) (5). وجه الدلالة: إن هذا صريح في أن كون علي عليه السلام (مولى) لعمر ابن الخطاب كان سببا لتعظيمه وتقديمه على بقية الصحابة عند عمر، فإن كان المراد من (المولى) هو الولاية في التصرف فذاك المطلوب، وإن كان المراد معنى آخر يقتضي أفضليته وتقديمه ثبت المطلوب كذلك، لأن الأفضلية تقتضي إمامته وخلافته عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكل وضوح. هذا، وقد تقدم عن ابن حجر المكي في كتاب (الصواعق المحرقة) التصريح بأن الشيخين فهما من (المولى) معنى (الأولى بالاتباع والقرب). ثم إنه استشهد لذلك بهذا الحديث الذي قال فيه عمر: (إنه مولاي). ولا بأس بنقل

(هامش)

(1) الصواعق المحرقة: 26. (2) فيض القدير - شرح الجامع الصغير 6 / 218. (3) وسيلة المآل - مخطوط. (4) معارج العلى - مخطوط. (5) ذخيرة المآل - شرح عقد جواهر اللآل - مخطوط. (*)

ص 139

كلام ابن حجر هنا ليتم المرام، وهذا نصه: (سلمنا أنه أولى، لكن لا نسلم أن المراد أنه أولى بالإمامة، بل بالاتباع والقر ب منه، فهو كقوله تعالى: *(إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه)*. ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدار قطني. وأخرج أيضا إنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إنه مولاي). فنحن ندين هؤلاء من أفواهم، ونحاكمهم بما حكمت به أفهامهم، ونؤاخذهم بما سطرته أقلامهم، ونقول: سلمنا أن احتمال كون المراد (الأولى بالاتباع) هو الواقع، والدليل على ذلك فهم أبي بكر وعمر، لأن فهمهما في الحديث حجة!! فما معنى هذه الأولوية بالاتباع التي حملت عمر على أن يصنع بأمير المؤمنين عليه السلام ما لم يكن يصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، من التقديم والتكريم والاحترام والتبجيل حتى تعجب الناس وسألوه عن ذلك فأجاب ب‍ (إنه مولاي)؟ إنه يكون معنى حديث الغدير بحسب فهم أبي بكر وعمر: من كنت أولى بالاتباع بالنسبة إليه فعلي الأولى بالاتباع بالنسبة إليه... أي: إن عليا يقوم مقام النبي في الأولوية بالاتباع... ومعنى هذه الأولوية موجود في القرآن الكريم قال الله تعالى: *(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم...)* وقال عز من قائل: *(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)*. وهل هذا المعنى إلا الأولوية بالتصرف؟ وهل هذه الأولوية إلا الولاية العامة؟ وهل الولاية العامة إلا الإمامة؟ ثم إنه لما ثبت تقدم أمير المؤمنين عليه السلام على عمر بن الخطاب ثبت

ص 140

تقدمه على أبي بكر بن أبي قحافة بالاجماع المركب. ولو تنزلنا عن هذا، فإن تقدم علي على عمر يثبت بطلان خلافته، وبطلان خلافة عمر يثبت بطلان خلافة أبي بكر. وأيضا: تقدم علي على بقية الصحابة يفيد أفضليته من عثمان، فثبت بطلان خلافة عثمان، وهو مستلزم لبطلان خلافة الأولين. وأيضا: يدل هذا الحديث على أن ترك استخلاف عمر لعلي وجعله الأمر شورى ظلم وجور، والجائز لا يستحق الإمامة، وإذا ثبت بطلان خلافته ثبت بطلان من تقدم عليه وهو أبو بكر ومن تأخر عنه وهو عثمان.

ص 141

(23) قول عمر - لمن استنكف من قضاء علي -: ويحك! ما تدري من هذا؟! هذا مولاي

ص 143

ومن الأدلة: ما رواه الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي قائلا بعد حديث: (وبهذا الاسناد عن أبي سعيد هذا، قال أخبرنا طاهر بن محمد بن سمعان الجوالقي بعسكر مكرم بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو طاهر عبد الرحمن بن عبد الوارث بن إبراهيم العسكري، قال حدثني أبي، قال حدثنا عمر، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الزبيدي عن إبراهيم بن حيان عن أبي جعفر قال: جاء أعرابيان إلى عمر يختصمان، فقال عمر: يا أبا الحسن اقض بينهما، فقضى علي على أحدهما. فقال المقضي عليه: يا أمير المؤمنين هذا يقضي بيننا. فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه ثم قال: ويحك ما تدري من هذا!! هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن) (1). ورواه محب الدين الطبري في (الرياض النضرة) بقوله: (وعن عمر رضي الله عنه وقد جاءه أعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا أبا الحسن. فقضى علي بينهما. فقال أحدهما للآخر: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر رضي الله عنه وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة

(هامش)

(1) مناقب الخوارزمي: 97. (*)

ص 144

ومن لم يكن [علي] مولاه فليس بمؤمن [أخرجه ابن السمان في الموافقة]) (1). ورواه في (ذخائر العقبى) أيضا (2). ورواه ابن حجر المكي قائلا: (أخرج أيضا - يعني الدار قطني - إنه جاءه - يعني عمر - أعرابيان يختصمان، فأذن لعلي في الفضاء بينهما. فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن) (3). ورواه أحمد بن الفضل: (وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد جاءه أعرابيان يختصمان، فقال لعلي كرم الله وجهه: اقض بينهما يا أبا الحسن فقضى علي رضي الله عنه بينهما. فقال أحدهما للآخر كالمستهزئ: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة) (4). وكذا رواه محمد بن إسماعيل الأمير اليماني نقلا عن المحب الطبري (5). ورواه أحمد بن عبد القادر العجيلي عن الدار قطني (6). ومن الواضح: أنه لا مجال في هذا المقام لذكر معنى المحب والناصر والمحبوب، لأن الأعرابي قد استنكف عن قبول قضاء الإمام عليه السلام، فلا بد - عند الجواب على كلامه - من ذكر ما يثبت صلوحه عليه السلام لمنصب القضاء، وكونه ناصرا أو محبا أو محبوبا لا يفيد الصلاحية للقضاء كما هو واضح.

(هامش)

(1) الرياض النضرة 2 / 224 - 225. (2) ذخائر العقبى 67 - 68. (3) الصواعق: 107. (4) وسيلة المآل - مخطوط. (5) الروضة الندية 54. (6) ذخيرة المآل - مخطوط. (*)

ص 145

فالمراد من كلام عمر معنى آخر وراء هذه المعاني، وهو الولاية في الحكم والتصرف في الأمور، وهو المطلوب. * * *

ص 147

(24) التهنئة في يوم الغدير وقولهم: (بخ بخ لك يا علي...)

ص 149

لقد هنأ عمر بن الخطاب عليا عليه السلام يوم الغدير بمناسبة كونه (مولى) من كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه، وقد روى الدار قطني - كما في الصواعق - والعاصمي كما في زين الفتى مشاركة أبي بكر لعمر في تلك التهنئة.

 ذكر من روى حديث تهنئة عمر

 وقد روى حديث تهنئة عمر جماعة كبيرة من أعلام أهل السنة وكبار أئمتهم ومنهم: 1 - عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي. 2 - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. 3 - عبد الله بن أحمد بن حنبل. 4 - أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي. 5 - عبد الملك بن محمد أبو سعد الخركوشي. 6 - أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري. 7 - إسماعيل بن علي بن حسين المعروف بابن السمان.

ص 150

8 - عبد الكريم بن محمد المروزي السمعاني. 9 - الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي. 10 - عمر بن محمد بن خضر الملا الأردبيلي. 11 - يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي. 12 - محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري. 13 - إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني. 14 - محمد بن عبد الله ولي الدين الخطيب. 15 - جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي. 16 - إسماعيل بن عمر الشهير بابن كثير الدمشقي. 17 - علي بن شهاب الدين الهمداني. 18 - أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي. 19 - نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ. 20 - حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي. 21 - عبد الله بن عبد الرحمن الحسيني المشتهر بأصيل الدين الواعظ. 22 - محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني. 23 - محمد بن عبد الرسول البر زنجي المدني. 24 - محمد بن معتمد خان البدخشاني 25 - محمد صدر العالم. 26 - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني.

وجه الدلالة

 إن هذه التهنئة تدل على حصول مرتبة عظيمة لأمير المؤمنين عليه السلام في يوم غدير خم هي فوق جميع المراتب والمناصب، ويشهد بذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ذكر لعلي عليه السلام فضائل ومناقب في مقامات ومواضع

ص 151

كثيرة، ولم يرو في شيء منها أن الصحابة هنأوه بما قال فيه. ولو كان المراد مجرد كونه ناصرا أو محبا أو محبوبا، لزم أن يكون هذا أعظم فضائل الإمام عليه السلام، لكن هناك فضائل ومناقب رواها الثقات هي أعظم من هذه المعاني والمناقب قطعا. فالمراد إذن معنى آخر وراء هذه المعاني، وليس إلا الولاية في التصرف. فإن قيل: المراد هي المحبوبية المطلقة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أثبت وأوجب لعلي عليه السلام يوم الغدير المحبوبية المطلقة مثل المحبوبية المطلقة الحاصلة لنفسه، وهذه مرتبة جليلة جدا ولذا هنأه الشيخان بها. قلنا: إن هذه المحبوبية المطلقة المساوية للمحبوبية المطلقة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم تثبت العصمة والأفضلية له على سائر الصحابة، لعدم الشك في أن محبوبيتهم ليست على حد محبوبية النبي. وحينئذ يثبت المطلوب وهو الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين بلا فصل. ولقد ثبت أن هذه التهنئة كانت من غير الشيخين أيضا، فقد هنأه يوم الغدير سائر الصحابة، بل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا، كمالا يخفى على من راجع (مرآة المؤمنين) و(معارج النبوة) وغيرهما. وقد نقل في (معارج النبوة) عن (روضة الصفا) و(حبيب السير) أنه قد نصب لعلي عليه السلام بعد خطبة الغدير خيمة جلس تحتها وأقبل القوم عليه يهنئونه بهذه المناسبة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين أن يذهبن إلى علي ويهنئنه، وكان من جملة الأصحاب عمر بن الخطاب إذ دخل عليه فقال: بخ بخ لك... (1). ومن هذه الأمور أيضا يتضح أن الأمر في يوم الغدير كان عقد الإمامة لعلي عليه السلام، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر الحضور عنده والمثول بين يديه لأجل البيعة.

(هامش)

(1) معارج النبوة 2 / 318. (*)

ص 152

اعتبار (معارج النبوة) و(حبيب السير) و(روضة الصفا) وإذ كان النقل في هذا المقام من كتب (معارج النبوة) و(حبيب السير) و(روضة الصفا) فإن من المناسب إثبات اعتبار هذه الكتب الثلاثة، ويكفي لذلك اعتماد (الدهلوي) على هذه الكتب في باب المطاعن من كتابه (التحفة)، فقد اعتمد على (المعارج) و(حبيب السير) في الجواب على المطعن الرابع من مطاعن أبي بكر. واعتمد في جواب المطعن الثالث من مطاعن أبي بكر على (روضة الصفا) و(حبيب السير). وقد صرح (الدهلوي) بكون هذه الكتب من الكتب المعتبرة. وكذا تجد الاستناد والاعتماد على هذه الكتب في الجواب عن المطعن الحادي عشر من مطاعن أبي بكر. كما يثبت اعتبار (حبيب السير) و(معارج النبوة) من كلمات حسام الدين السهارنبوري في (مرافض الروافض)، كما لا يخفى على من راجعه في جوابه عن مطعن عزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر عن إبلاغ سورة البراءة. كما أن السهارنبوري ذكر الكتب الثلاثة المذكورة في مقدمة كتابه المذكور، ضمن المصادر التي اعتمد عليها ونقل عنها مع التنصيص على كونها كتبا معتبرة. وأيضا: اعتمد على (روضة الصفا) و(حبيب السير) صاحب كتاب (مرآة الأسرار) ونقل عنهما في الكتاب المذكور. وفي (كشف الظنون) في ذكر (حبيب السير): (من الكتب الممتعة المعتبرة). * * *

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب