ص 254
روضة الأحباب وكتابه (روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب) من الكتب
المشتهرة في الآفاق في التاريخ والسيرة، وقد اعتمد عليه المؤرخون وصرحوا باعتباره
واستندوا إلى رواياته، منهم غياث الدين خواند أمير في (حبيب السير) والديار بكري في
(الخميس) وعبد الحق الدهلوي في (مدارج النبوة) وشاه ولي الله والد (الدهلوي) في
(إزالة الخفا)، وقد ذكره حاجي خليفة في (كشف الظنون) (1).
(106) إثبات أبي العصمة
محمد معصوم السمرقندي

وقد أثبت أبو العصمة محمد المعصوم بابا السمرقندي في رسالته
(الفصول الأربعة) حديث مدينة العلم واحتج به، حيث قال في الفصل الثاني في الجواب
على قضية غصب فدك: وبعد التسليم بصحة ما قيل من شهادة الأمير بذلك، فإنه لا يلزم
على القاضي قبول تلك الشهادة، مع أن الشريعة المطهرة صريحة في عدم قبولها، وهذا من
الأدلة على كذب هذه الرواية، إذا لا يتصور من حضرة الأمير كرم الله وجهه مع اختصاص
شرف أنا مدينة العلم وعلي بابها به أن يقدم على مثل هذه الشهادة، ومن هذا
القبيل شهادة الحسنين رضي الله عنهما .
(107) رواية علي القاري

وقال علي بن سلطان
محمد الهروي المعروف بالقاري في (شرح الفقه
(هامش)
(1) كشف الظنون 1 / 922. [*]
ص 255
الأكبر) بشرح قول الماتن ثم علي بن أبي طالب ما نصه: أي ابن عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، وهو المرتضى زوج فاطمة الزهرا وابن عم
المصطفى، والعالم في الدرجة العليا، والمعضلات التي سأله كبار الصحابة ورجعوا إلى
فتواه فيها فضائل كثيرة شهيرة، تحقق قوله عليه السلام: أنا مدينة العلم وعلي بابها،
وقوله عليه السلام: أقضاكم علي (1). وقال في (المرقاة): ثم اعلم أن حديث أنا
مدينة العلم وعلي بابها رواه الحاكم في المناقب من مستدركه من حديث ابن عباس وقال:
صحيح. وتعقبه الذهبي فقال: بل هو موضوع، وقال أبو زرعة: كم خلق افتضحوا فيه، وقال
يحيى بن معين: لا أصل له، وكذا قال أبو حاتم ويحيى بن سعيد، وقال الدارقطني: ثابت،
ورواه الترمذي في المناقب من جامعه وقال: إنه منكر، وكذا قال البخاري وقال: إنه ليس
له وجه صحيح، وأورده ابن الجوري في الموضوعات، وقال ابن دقيق العيد: هذا الحديث لم
يثبتوه، وقيل: إنه باطل. لكن قال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصواب إنه حسن باعتبار
طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلا عن أن يكون موضوعا. ذكره الزركشي، وسئل الحافظ
العسقلاني عنه فقال: إنه حسن لا صحيح كما قال الحاكم ولا موضوع كما قال ابن الجوزي.
وقال السيوطي: وقد بسطت كلام العلائي والعسقلاني في التعقبات التي على الموضوعات
(2).
ترجمته

1 - المحبي: علي بن محمد السلطان الهروي المعروف بالقاري الحنفي
نزيل مكة، وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح
(هامش)
(1) شرح الفقه الأكبر: 113. (2) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 571. [*]
ص 256
العبارات، وشهرته كافية عن الاطراء في وصفه.. إشتهر ذكره وطار صيته، وألف التآليف
الكثيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفضائل الجليلة.. (1). 2 - الشوكاني:
قال العصامي في وصفه: الجامع للعلوم العقلية والنقلية والمتضلع في السنة النبوية،
أحد جماهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والأفهام - ثم قال - لكنه امتحن بالاعتراض
على الأئمة لا سيما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإمام مالك بن أنس في إرساله
يديه، ولهذا تجد مؤلفاته ليس عليها نور العلم، ولهذا نهى عن مطالعتها كثير من
العلماء والأولياء إنتهى. وأقول: هذا دليل على علو منزلته، فإن المجتهد شأنه أن
يبين ما يخالف الأدلة الصحيحة ويعترضه، سواء كان قائله عظيما أو حقيرا، فتلك شكاة
ظاهر عنك عارها. وكان وفاة صاحب الترجمة سنة 1014 (2). 3 - صديق حسن خان القنوجي
في (إتحاف النبلاء) وقال: تآليفه مقبولة ومتداولة بين أهل العلم، فما معنى ليس
عليها نور العلم؟.. . وقد اعتمد أقواله واستند إليها كبار العلماء المتأخرين عنه،
كالفاضل الرشيد، وشاه سلامة الله، والمولوي حيدر علي. كما أن جماعة رووا كتبه
بالأسانيد المتصلة إلى مؤلفها القاري، كتاج الدين الدهان، ومحمد عابد السندي..
(108) رواية عبد الرؤوف المناوي

ورواه عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي الشافعي
في كتبه.. ففي
(هامش)
(1) خلاصة الأثر 3 / 185. (2) البدر الطالع 1 / 445. [*]
ص 257
(كنوز الحقائق): أنا مدينة العلم وعلي بابها. ط (1). وفي (فيض القدير) بشرح
حديث: عن باب مدينة العلم وربان سفينة الفهم، سيد الحنفاء زين الخلفاء، ذي القلب
العقول واللسان السؤل بشهادة الرسول، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب القائل فيه
المصطفى: من كنت مولاه فعلي مولاه والقائل هو: لو شئت لأوقرت لكم من تفسير الفاتحة
سبعين وقرا، والقائل: أنا عبد الله وأخو رسوله والصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا
كاذب.. (2). وقال شارحا حديث مدينة العلم: فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم
المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها، ولا بد للمدينة من باب، فأخبر أن بابها هو
علي كرم الله وجهه، فمن أخذ طريقه دخل المدينة ومن أخطأه أخطأ طريق الهدى، وقد شهد
له بالأعلمية الموافق والمؤالف والمعادي والمخالف، وخرج الكلاباذي: إن رجلا سأل
معاوية عن مسألة فقال: سل عليا هو أعلم مني، فقال: أريد جوابك فقال: ويحك كرهت رجلا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغره بالعلم غرا، وكان أكابر الصحب يعترفون له
بذلك، وكان عمر رضي الله عنه يسأله عما أشكل عليه، جاءه رجل فسأله فقال: ههنا علي
فاسأله، فقال: أريد أن أسمع منك يا أمير المؤمنين فقال: قم لا أقم الله رجليك، ومحا
اسمه من الديوان، وصح عنه من طرق أنه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم، حتى أمسكه عنده
ولم يوله شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل. وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان
قال: ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي؟ فقال: لا والله. وقال الحرالي: قد
علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضل عن
الباب الذي من ورائه، يرفع الله من القلوب
(هامش)
(1) كنوز الحقائق - هامش الجامع الصغير 1 / 80. (2) فيض القدير في شرح الجامع
الصغير 1 / 51 - 52. [*]
ص 258
الحجاب حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء. إلى هنا كلامه.. (1). وقد
أفتى بحسن الحديث في (التيسير) حيث قال بعد شرحه إياه وهو حسن باعتبار طرقه لا
صحيح ولا ضعيف، فضلا عن كونه موضوعا، ووهم ابن الجوزي (2).
ترجمته

ترجم له
المحبي ترجمة حافلة هذا ملخصها: الإمام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب
التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماما فاضلا زاهدا عابدا،
قانتا خاشعا له، كثير النفع، وكان متقربا بحسن العلم مثابرا على التسبيح والأذكار،
صابرا صادقا، وقد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم
يجتمع في أحد ممن عاصره. ولي تدريس المدرسة الصالحية فحسده أهل عصره، وكانوا لا
يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم، ولما حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه
منتقدين عليه، وشرع في إقراء مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهب، وأتى في تقريره
بما لم يسمع من غيره، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه
منهم خلق كثير، وتآليفه كثيرة. وبالجملة، فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثارا،
ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها،
وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير، وشرح السيرة المنظومة للعراقي. وكانت ولادته في
سنة 952، وتوفي 1031 (3). وقد روى كتبه ونقل عنها كبار العلماء كما في (مقاليد
الأسانيد) و(الإمداد
(هامش)
(1) فيض القدير 3 / 46. (2) التيسير في شرح الجامع الصغير 1 / 377. (3) خلاصة الأثر
2 / 412 - 416. [*]
ص 259
بمعرفة علو الاسناد) و(أسانيد أحمد النخلي المكي) و(غرة الراشدين) و(إزالة الغين).
وقد مدح (الدهلوي) كتابه (فيض القدير) في (أصول الحديث).
(109) إثبات الملا يعقوب
البنباني

وقد سلم الملا يعقوب البنباني اللاهوري ثبوت هذا الحديث في (عقائده) وإن
ناقش في مدلوله.. وسيأتي نص كلامه في محله.
ترجمته

ترجم له صاحب (نزهة الخواطر)
(1) ووصفه بالشيخ العالم المحدث، أحد الرجال المشهورين في الفقه والحديث والفنون
الحكمية، ثم نقل الثناء عليه من (الأفق المبين في أحوال المقربين) و(مرآة آفتاب
نما) وذكر مؤلفاته وأرخ وفاته بسنة 1098. وقد نقل (الدهلوي) مناقشته في دلالة حديث
الثقلين معتمدا عليها في حاشية (التحفة الاثنا عشرية). وقد ذكرناها وبينا ما فيها
في مجلد (حديث الثقلين).
(110) إثبات المقري الأندلسي

وقد أثبت أبو العباس أحمد بن
محمد المقري الأندلسي حديث مدينة
(هامش)
(1) نزهة الخواطر 4 / 285. [*]
ص 260
العلم، إذ نقل الأبيات المذكورة في الوجه (104) من قصيدة ابن جابر الأندلسي ثم قال
وهذا ما وقفت عليه من هذه القصيدة الفريدة، وليس بيدي الآن ديوان شعره حتى أكتبها
بكمالها، فإنها مناسبة لهذا الباب الذي جعلناه ختما للكتاب، كما لا يخفى (1).
ترجمته

1 - الشهاب الخفاجي: العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد المقري المغربي
المالكي نزيل مصر، فاضل لغر المناقب مشرق، وبدر لعلو همته سار من المغرب للمشرق،
وهو رفيق السداد وبيت مجده منتظم الأسباب ثابت الأوتاد، وهو - كما قيل - فيه دمث من
غير خفر، ولين جانب من غير خور، ذو رأي يرد اللبن في الضرع والنار في الزند، وله
آثار يثنى عليها ثناء النسيم على الند، وأدب امتزج باللطف امتزاج الماء بالخمر،
وفيصل حكم رفع به التنازع بين زيد وعمرو، وهو لفقه مالك أكرم سيد مالك، وقد بوأه
الله في الحديث تكرمة بين العلياء والسند، وجد في إرث المجد بغير كلالة عن أكرم أب
وجد.. (2). 2 - المحبي: .. حافظ المغرب جاحظ البيان، ومن لم ير نظيره في جودة
القريحة وصفاء الذهن وقوة البديهة، وكان آية باهرة في علم الكلام والتفسير والحديث،
ومعجزا باهرا في الأدب والمحاضرات، وله المؤلفات الشائعة.. (3). 3 - رضي الدين
الشامي في (تنضيد العقود السنية) بترجمة الشريف المبارك ابن الشريف نامي: فصل في
الحوادث المتعلقة بدولة صاحب الترجمة رحمه الله إلى عام وفاته: ففي سنة ثنتين
وأربعين بعد الألف توفي العالم العلامة الشيخ أحمد المقري المالكي صاحب التصانيف
الجمة والعلوم الكثيرة، ولد بتلمسان وسكن
(هامش)
(1) نفح الطيب 4 / 603. (2) ريحانة الألبا 293 - 297. (3) خلاصة الأثر 1 / 302 -
311. [*]
ص 261
فاس من أرض المغرب، وأخذ العلم بها، واتسعت معرفته وكملت فضيلته، ورحل إلى الحرمين
ومصر والشام.. وكان واسع الفضل، له مشاركة تامة في سائر العلوم.. . 4 - صديق حسن
خان القنوجي بنحو ما تقدم (1). والجدير بالذكر أن الشهاب أحمد المقري من شيوخ مشايخ
والد (الدهلوي) الذين حمد الله باتصال سنده إليهم، ووصفهم بالمشايخ الأجلة الكرام
والأئمة القادة الأعلام، والمشاهير بالحرمين المحترمين، والمجمع على فضلهم من بين
الخافقين .
(111) رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل بن محمد باكثير
المكي الشافعي حيث قال: وعنه - أي عن علي رضي الله عنه - قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه. أخرجه
أبو عمرو (2).
ترجمته

وذكرنا ترجمة ابن باكثير واعتبار كتابه المذكور في مجلد
(حديث الولاية) ومن مصادر
ترجمته

(خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 1 /
271).
(هامش)
(1) التاج المكلل: 324. (2) وسيلة المآل في مناقب الآل - مخطوط. [*]
ص 262
(112) رواية الشيخاني القادري

ورواه محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري حيث
قال: روى الإمام أحمد في الفضائل والترمذي مرفوعا: إن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. ولهذا كان ابن عباس يقول: من أتى العلم فليأت
الباب وهو علي رضي الله عنه (1). الصراط السوي ويظهر اعتبار كتاب (الصراط السوي)
هذا من كلام مؤلفه في صدره، فإنه قال بعد التحميد والتصلية أما بعد، فإن العلم
بغير العلم وبال، والعلم بغير العمل خيال، ولا يقبض العلم إلا بموت العلماء كما في
الحديث المتفق على صحته في رواية عبد الله بن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بموت العلماء،
كلما ذهب عالم ذهب بما معه، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا
فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. واعلم أن الفحول قد قبضت والوعول قد هلكت، وانقرض
زمان العلم وخمدت جمرته وهزمته كرة الجهل وعلت دولته، حتى لم يبق من الكتب التي
يعتمد عليها في ذكر الأنساب إلا بعض الكتب المؤلفة التي صنفها أصحاب البدعة كما
ستقف على أسمائها في تضاعيف الكتاب إن شاء الله تعالى، يلوح لك شرارها من
(هامش)
(1) الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط. [*]
ص 263
بعيد كالسراب، لكونها فارغة عن الصدق والصواب، وذلك إما لاندراس محبة آل بيت النبي
صلى الله عليه وسلم من قلوب الصالحين من أهل السنة والعياذ بالله من تلك الفتنة، أو
لنقص في الإيمان وترداد في اليقين، أو لشين فاحش وكلم في أمر الدين، والدليل على
ذلك أني سمعت من جماعة لا يعبأ الله بها أنهم يسبون الأشراف القاطنين بمكة المشرفة
والمدينة المنورة من بني الحسن والحسين فأجبتها بقول القائل: لو كل كلب عوى لقمته
حجرا * لأصبح الصخر مثقالا بدينار ثم نودي في سري في الروضة بين القبر الشريف
والمنبر بالانتصار لأهل البيت، فشرعت عند ذلك في كتاب أذكر فيه مناقب أهل البيت على
ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة على وجه الاختصار، وأذكر فيه إن شاء الله تعالى مع
ذكر كل واحد من أئمة أهل البيت من كان معاصرا لهم من أصحابهم وأعدائهم، كما ترى ذلك
إن شاء الله تعالى قريبا، وسميته (الصراط السوي في مناقب آل النبي) ولقد أجاد من
قال ارتجالا فيه شعر حسنا: هذا كتاب نفيس قد حوى دررا * في مدح آل رسول الله والشرف
أنعم به من كتاب تحفة برزت * ما مثلها في خبايا الدهر من تحف فغن به صاح واغنم في
مطالعه * واستخرج الجوهر المكنون في الصدف يزول عنك العنا والهم سائره * وفيه تهدى
صراطا غير مختلف فهو الصراط السوي في الاسم شهرته * تأليف محمود تالي منهج السلف
القادري طريقا في مسالكه * الشافعي اتباعا للعهود وفي
(113) إثبات الشيخ عبد الحق
الدهلوي

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في (اللمعات في شرح المشكاة) بصدد
ص 264
إثبات حديث مدينة العلم ما نصه: واعلم أن المشهور من لفظ الحديث في هذا المعنى:
أنا مدينة العلم وعلي بابها. وقد تكلم النقاد فيه، وأصله من أبي الصلت وكان شيعيا،
وقد تكلم فيه، وصحح هذا الحديث الحاكم، وحسنه الترمذي وضعفه آخرون، ونسبه إلى الوضع
طائفة، ونحن ننقل ما ذكره علماؤنا في ذلك بعباراتهم، وإن كانت مشتملة على التكرار
فنقول: قال الشيخ مجد الدين الشيرازي اللغوي صاحب القاموس في نقد الصحيح: حديث أنا
مدينة العلم وعلي بابها، ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات من عدة طرق، وجزم
ببطلان الكل، وقال مثل ذلك جماعة، وعندي في ذلك نظر كما سنبينه، والمشهور بروايته
أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن الأعمش
عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعبد السلام هذا ضعفوه جدا وأتهم بالرفض. ومع
ذلك فقد روى عباس بن محمد الدوري في سؤالاته عن يحيى بن معين أنه سأله عن أبي الصلت
هذا فوثقه فقال: أليس قد حدث عن أبي معاوية: أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ فقال: قد
حدث به عن أبي معاوية محمد بن جعفر الفيدي. وكذلك روى صالح بن محمد الحافظ الملقب
جزرة، وأبو الصلت أحمد ابن محمد بن محرز عن يحيى بن معين أيضا، وفي رواية أبي الصلت
ابن محرز قال يحيى في هذا الحديث: هو من حديث أبي معاوية أخبرني ابن نمير قال حدث
به أبو معاوية قديما ثم كف عنه، وكان أبو الصلت الهروي رجلا موسرا يطلب هذه
الأحاديث ويكرم المشايخ - يعني فخصه أبو معاوية بهذا الحديث - فقد برئ عبد السلام
عن عهدة هذا الحديث، وأبو معاوية الضرير حافظ يحتج بأفراده كابن عيينة وغيره، وليس
هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول بل هو مثل قوله صلى الله عليه
وسلم في حديث أرأف أمتي أبو بكر الحديث. وقد حسنه الترمذي وصححه غيره، ولم يأت من
تكلم على حديث أنا مدينة العلم بجواب عن هذه الروايات الثابتة عن يحيى بن معين،
والحكم عليه بالوضع باطل قطعا، وإنما أمسك أبو معاوية عن روايته شائعا لغرابته لا
لبطلانه، إذ لو
ص 265
كان كذلك لم يحدث به أصلا مع حفظه وإتقانه. وللحديث طريق أخرى رواها الترمذي في
جامعه عن إسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر الرومي عن شريك بن عبد الله عن
سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي رضي الله عنه: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها. وتابعه أبو مسلم الكجي
وغيره على روايته عن محمد بن عمر الرومي. ومحمد هذا روى عنه البخاري في غير الصحيح،
ووثقه ابن حبان وضعفه أبو داود. وقال الترمذي بعد سياق الحديث: هذا حديث غريب وقد
روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكروا فيه الصنابحي، ولا يعرف هذا عن أحد من الثقات غير
شريك. قلت: فلم يبق الحديث من أفراد الرومي، وشريك احتج به مسلم وعلق له البخاري
ووثقه ابن معين والعجلي وزاد حسن الحديث، وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحدا قط أورع
في علمه من شريك، فعلى هذا يكون مفرده حسنا. ولا يرد عليه رواية من أسقط الصنابحي
منه، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم
وسمع منهم، فيكون ذكر الصنابحي فيه من باب المزيد في متصل الأسانيد. والحاصل: إن
الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به ولا يكون
ضعيفا، فضلا عن أن يكون موضوعا، ولم أجد. لمن ذكره في الموضوعات طعنا مؤثرا في هذين
السندين. وبالله التوفيق. إنتهى كلام الشيخ مجد الدين . ثم نقل الشيخ عبد الحق
الدهلوي كلام السخاوي في (المقاصد الحسنة). وصوب هذين الكلامين. وقد فسر الحديث
وبين معناه في (أشعة اللمعات) وقال: والأصل في رواية هذا الحديث هو أبو الصلت عبد
السلام بن صالح الهروي، وهو شيعي ولكنه
ص 266
صدوق، وكان يكرم المشايخ.. (1). وقد ذكر مدينة العلم في أسماء النبي صلى الله
عليه وآله (2)، وهو أيضا دليل على ثبوت هذا الحديث عنده.
ترجمته

وتوجد ترجمة الشيخ
عبد الحق الدهلوي في الكتب المؤلفة بتراجم علماء الهند، مثل (تذكرة الأبرار) و(مرآت
آفتاب نما) و(إتحاف النبلاء) و(سبحة المرجان بذكر آثار هندوستان). قال غلام علي
آزاد: مولانا الشيخ عبد الحق الدهلوي، هو المتضلع من الكمال الصوري والمعنوي،
والعاشق الصادق من عشاق الجمال النبوي، رزق من الشهرة قسطا جزيلا، وأثبت المؤرخون
ذكره إجمالا وتفصيلا، وفي قبة مزاره بدهلي لوح من الحجر نفشت عليه فذلكة من أحواله
بالفارسية، وأنا أترجمها بالعربية: هو من مبادئ الشعور شد نطاقه على طاعة الحق وطلب
العلم، وقريبا من أوان البلوغ تناول الأكثر من العلوم الدينية، وفرغ من تحصيله كلها
وله اثنان وعشرون سنة، وحفظ القرآن وجلس على مسند الافادة، وفي عنفوان الشباب أخذته
جذبة إلهية فقطع علاقة محبته عن الخلان والأوطان، وتوجه إلى الحرمين وأقام بتلك
الأماكن مدة، وصحب بها أقطاب الزمان والأولياء الكبار مع بركات وافرة، واستقر به
اثنين وخمسين سنة في جمعية الظاهر والباطن، واشتغل بتكميل الأولاد والطالبين، ونشر
العلوم لا سيما الحديث الشريف، بحيث لم يتيسر مثله لأحد من العلماء السابقين
واللاحقين في ديار الهند، وصنف في العلوم خصوصا في الحديث كتبا معتبرة اعتنى بها
علماء الزمان وجعلوها دستورا لعملهم، وتصانيفه من الكبار والصغار بلغت مائة مجلد.
ولد في المحرم سنة 958 وتوفي سنة 1052. تمت
(هامش)
(1) أشعة اللمعات 4 / 666. (2) مدارج النبوة - فصل أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
[*]
ص 267
الترجمة.. (1). وقال الكهنوي: الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه شيخ
الإسلام وأعلم العلماء الأعلام وحامل راية العلم والعمل في المشايخ الكرام، أول من
نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفا وتدريسا (2). ومن آيات جلالة عبد الحق الدهلوي
وعظمته كونه من شيوخ الشيخ حسن العجيمي، والعجيمي من مشايخ شاه ولي الله الدهلوي
السبعة الذيم يحمد الله على اتصال سنده بهم.. وقال شاه ولي الله في (المقدمة
السنية): ومن عجيب صنع الله أنه كما تراكم في عهد هذين (يعني أكبر شاه وجها نكير
شاه) من الفتن الدهماء ما لم يرو معشاره في عصور القدماء، فكذلك لم ير مثل عهدهما
في اجتماع الأولياء أصحاب الآيات الظاهرة والكرامات الباهرة، والعلماء أصحاب
التصانيف المفيدة والتواليف المجيدة، كالسيد عبد الوهاب البخاري، وشاه محمد خيالي
صاحب الآيات العجيبة والشيخ عبد العزيز حامل لواء الجشتية في زمانه، والخواجة باقي
ناشر الطريقة النقشبندية في أقطار الهند، والشيخ عبد الحق، له شرحان على المشكاة،
وشرح على سفر السعادة للشيخ مجد الدين الفيروز آبادي، وله جذب القلوب إلى ديار
المحبوب في تاريخ المدينة المنورة، وغيرها من الرسائل المفيدة، كلهم بمحروسة دهلي
.
(114) رواية السيد محمد ماه عالم

وقد نص السيد محمد ابن السيد جلال ماه عالم ابن
السيد حسن البخاري
(هامش)
(1) سبحة المرجان: 52. (2) نزهة الخواطر 5 / 201. [*]
ص 268
على صحة حديث مدينة العلم، حيث قال في ذكر مناقب أمير المؤمنين عليه السلام في
(تذكرة الأبرار): فضائله أكثر من أن تحصر، ويعجز البيان عن الإحاطة بكمالاته،
تتجلى رفعة نسبه الشريف من الخبر المعتبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا
وعلي من نور واحد وعظمة حسبه من قوله: أخي في الدنيا والآخرة ووفور علمه من
الحديث الصحيح: أنا مدينة العلم وعلي بابها وسعة جوده من قوله تعالى: (الذين
ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) وآثار شجاعته من: لا فتى إلا علي ولا
سيف إلا ذو الفقار وأخبار فضيلته من: المبارزة علي بن أبي طالب يوم الخندق أفضل
من أعمال أمتي.. . وفيه: ذكر سيد السادات: السيد علي ابن السيد جعفر البخاري:
ينتهي نسبه إلى باب مدينة العلم علي رضي الله عنه وعن جميع أولاده.. .
(115) إثبات
الله ديا بن عبد الرحيم

وقد أثبت الله ديا بن عبد الرحيم بن بينا الحكيم الجشتي
العثماني حديث مدينة العلم في كتابه (سير الأقطاب) ضمن فضائل أمير المؤمنين عليه
الصلاة والسلام.
(116) إثبات عبد الرحمن الجشتي

وكذا أثبت عبد الرحمن بن عبد الرسول
بن قاسم الجشتي حديث أنا مدينة
ص 269
العلم في (مرآة الأسرار) بترجمة سيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام. مرآة
الأسرار وقد اعتمد على كتاب (مرآة الأسرار) ونقل عنه شاه ولي الله الدهلوي في
(الانتباه في سلاسل أولياء الله) ورشيد الدين خان الدهلوي في (إيضاح لطافة المقال).
(117) إثبات الجفري

وقال شيخ بن علي بن محمد الجفري في (كنز البراهين الكسبية
والأسرار الألوهية الغيبية لسادات مشايخ الطريقة العلوية): وقال صلى الله عليه
وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب .
ترجمته

ذكرنا
ترجمة الجفري هذا في مجلد (حديث الطير). (118) تحسين العزيزي وقد أفتى بحسنه علي بن
أحمد بن محمد بن إبراهيم العزيزي حيث قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد
العلم فليأت الباب يؤخذ منه أنه
ص 270
ينبغي للعالم أن يخبر الناس بفضل من عرف فضله، ليأخذوا عنه العلم عق عد طب ك عن
ابن عباس عدك عن جابر ابن عبد الله. قال الشيخ: حديث حسن لغيره، أي باعتبار طرقه
(1).
ترجمته

ترجم له محمد أمين المحبي بقوله: علي العزيزي البولاقي الشافعي،
كان إماما فقيها محدثا حافظا متقنا ذكيا، سريع الحفظ بعيد النسيان، مواظبا على
النظر والتحصيل، كثير التلاوة سريعها، متوددا متواضعا، كثير الاشتغال بالعلم، محبا
لأهله خصوصا أهل الحديث، حسن الخلق والمحاضرة، مشارا إليه في العلم، شارك النور
الشبراملسي في كثير من شيوخه وأخذ عنه واستفاد منه، وكان يلازمه في دروسه الأصلية
والفرعية وفنون العربية، وله مؤلفات كثيرة نقله فيها يزيد على تصرفه، منها: شرح على
الجامع الصغير للسيوطي في مجلدات، وحاشية على شرح التحرير للقاضي زكريا، وحاشية على
شرح الغاية لابن قاسم في نحو سبعين كراسة، وأخرى على شرحها للخطيب، وكانت وفاته
ببولاق في سنة سبعين وألف وبها دفن، والعزيزي بفتحة ومعجمتين مكسورتين بينهما ياء
تحتية نسبة للعزيزية من الشرقية بمصر (2).
(119) إثبات النور الشبراملسي

وقال أبو
الضياء نور الدين علي بن علي الشبراملسي القاهري الشافعي في
(هامش)
(1) السراج المنير في شرح الجامع الصغير 2 / 63. (2) خلاصة الأثر 3 / 201. [*]
ص 271
حاشيته على (المواهب اللدنية) المسماة ب (تيسير المطالب السنية) في ذكر أسماء
النبي صلى الله عليه وآله قوله: مدينة العلم روى الترمذي وغيره مرفوعا: أنا
مدينة العلم وعلي بابها. والصواب أنه حديث حسن كما قاله الحافظ العلائي وابن حجر .
ترجمته

1 - المحبي بقوله: علي بن علي أبو الضيا نور الدين الشبراملسي الشافعي
القاهري، خاتمة المحققين وولي الله تعالى، محرر العلوم النقلية وأعلم أهل زمانه، لم
يأت مثله في دقة النظر وجودة الفهم وسرعة استخراج الأحكام من عبارات العلماء، وقوة
التأني في البحث واللطف والحلم والانصاف، بحيث أنه لم يعهد منه أنه أساء إلى أحد من
الطلبة بكلمة حصل له منها تعب، بل كان غاية ما يقول إذا تغير من أحد من تلامذته:
الله يصلح حالك يا فلان، وكان شيخا جليلا عالما عاملا،.. وكان زاهدا في الدنيا، لا
يعرف أحوال أهلها ولا يتردد إلى أحد منهم إلا في شفاعة خير، وكان إذا مر في السوق
تتزاحم الناس مسلمها وكافرها على تقبيل يده، ولم ينكر أحد من علماء عصره وأقرانه
فضله، بل جميع العلماء إذا أشكلت عليهم مسألة يراجعونه فيها فيبينها لهم على أحسن
وجه وأتمه. وقال فيه العلامة سري الدين الدروري: لا يكلمه أحد إلا علاه في كل فن،
وكان يقول: ما في الجامع إلا الأعمى ويشير إليه، وكان سري الدين هذا فريد عصره في
العلوم النظرية... ولازمه لأخذ العلم عنه أكابر علماء عصره، كالشيخ شرف الدين ابن
شيخ الإسلام، والشيخ زين العابدين، ومحمد البهوتي الحنبلي، ويس الحمصي ومنصور
الطوخي، وعبد الرحمن المحلي، والشهاب البشبيشي، والسيد أحمد الحموي، وعبد الرزاق
الزرقاني، وغيرهم ممن لا يحصى.. ولم يشتهر من مؤلفاته إلا حاشيته على المواهب
اللدنية في خمس مجلدات ضخام.. (1).
(هامش)
(1) خلاصة الأثر 3 / 174 - 177. [*]
ص 272
2 - الشرقاوي في (التحفة البهية في طبقات الشافعية) بقوله: شيخ مشايخ الإسلام،
ملك العلماء الأعلام، الشيخ نور الدين علي الشبراملسي المكنى بأبي الضيا، كان رضي
الله عنه على خلق عظيم ونفع عميم، وكان في التواضع والأدب وعدم دعوى العلم على جانب
عظيم، ولم يزل يطلب العلم على مشايخه ويحضر دروسهم حتى قال له الشيخ محمد الشوبري:
إلى متى تطلب العلم على المشايخ وتحضر دروسهم، ألزمتك بالجلوس لإقراء العلم في
الدروس ونفع الطلبة. فامتثل كلامه وقرأ العلم وانتفع الناس به، وألف كتبا كثيرة..
وكان إماما في سائر العلوم الشرعية والعقلية من فقه وحديث وتفسير وأصول ومعان وبيان
ونحو وصرف وقراءات وغير ذلك من العلوم الدينية، وكان الغالب عليه علم الوهب اللدني.
توفي يوم الخميس ثامن عشر شوال من شهور سنة 1087، ودفن بتربة المجاورين، بجواز تربة
الشيخ حسن الشرنبلاني . 3 - رضي الدين الشامي في (تنضيد العقود السنية) في حوادث
السنة المذكورة: وفي هذه السنة توفي العالم العلامة شيخ الإسلام نور الدين بن علي
الشبراملسي. كان رئيس العلماء ومقدم الفضلاء، وانتهت إليه رياسة العلم بمصر وغيرها
. كما ذكر اسمه في كتب الإجازات والشيوخ بكل احترام وتبجيل مثل (كفاية المتطلع)
و(الإمداد بمعرفة علو الاسناد) و(رسالة الشيخ أحمد النخلي)..
(120) إثبات التاج
السنبهلي

وقد أثبته الشيخ تاج الدين السنبهلي في رسالة له في (الاشتغال النقشبندية)
حيث ذكر شيوخه في الطريقة قائلا:
ص 273
وهذه الطريقة العلية النقشبندية أخذها الفقير الحقير الكامل في النقصان، والعاجز
في معرفة الرحمن تاج الدين السنبهلي، عن مهدي الزمان الخواجا محمد الباقي، وهو
أخذها عن المولى خواجكي أمكنكي وهو أخذها عن المولى درويش محمد، وهو عن المولى محمد
الزاهد، وهو عن الغوث الأعظم الخواجا عبيد الله أحرار، وهو عن شيخ الشيوخ يعقوب
الجرخي وهو عن الخواجا الكبير الخواجة بهاء الدين المعروف بنقشبند، وهو عن السيد
أمير كلال، وهو عن الخواجا محمد بابا سمامي، وهو من حضرة العزيزان الخواجا علي
الرامتيني، وهو عن الخواجا محمود الخير فعنوي، وهو عن الخواجا ريوكري وهو عن
الخواجه عبد الخالق الغجدواني، وهو عن الشيخ يوسف بن يعقوب بن أيوب الهمداني، وهو
عن أبي علي الفارمدي، وهو عن أبي الحسن الخرقاني. والشيخ أبو علي له نسبة الخدمة
[الخرقة] والصحبة والاستفاضة بالشيخ أبي القاسم الكركاني أيضا، وحيث كان عند
المحققين أن الشيوخ ثلاثة: شيخ الخرقة وشيخ الذكر وشيخ الصحبة. وشيخ الصحبة أتم
وأكمل في الارتباط وهو الشيخ الحقيقي، لا جرم أوردنا نسبة الشيخ أبي القاسم الذي
انتهى بها السلوك للشيخ أبي علي، وبين الشيخ أبي القاسم إلى الإمام علي بن موسى
الرضا ست وسائط: الشيخ أبو عثمان المغربي، وأبو علي الكاتب، وأبو علي الرودباري،
وسيد الطائفة الجنيد البغدادي، والسري السقطي، ومعروف الكرخي، رضي الله عنه تعالى
عنهم. ولمعروف قدس الله سره نسبة أخرى يتصل بها إلى داود الطائي عن حبيب العجمي، عن
الحسن البصري قدس الله أسرارهم، وتمام نسبته إلى باب مدينة العلم معروف ومشهور. وها
أنا الآن أرجع إلى رأس الكلام فاعلم: أن الشيخ أبا الحسن الخرقاني أخذ عن روحانية
أبي يزيد البسطامي، كنسبة أويس قدس الله سره من منبع الأنوار عليه أفضل الصلاة
والسلام وأكمل التحيات، وهكذا نسبة سلطان
ص 274
العارفين إلى روحانية جعفر الصادق، والمعروف من خدمته وصحبته غير صحيح، والإمام
جعفر الصادق مع وجود أنوار وراثة آبائه الكرام يتصل لجده لأمه القاسم ابن محمد بن
أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، وهو من الفقهاء السبعة في التابعين، كان من
أكملهم في علم الظاهر والباطن، وهو منسوب إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه، وسلمان
مع تشرفه بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الطريقة عن الصديق رضي الله تعالى
عنه، وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم، والطريقة الأخرى للإمام جعفر أبا عن جد إلى
باب مدينة العلم معروفة . السنبهلي ورسالته: ورسالة السنبهلي هذه من الرسائل
المعتبرة لدى أهل السنة، قال شاه ولي الله والد (الدهلوي) في (الانتباه في سلاسل
أولياء الله): يقول كاتب الحروف: إن للشيخ تاج الدين السنبهلي خليفة حضرة الخواجا
محمد باقي رسالة وجيزة في باب الأشغال النقشبندية، وكان والدي العظيم يمدحها جدا،
وكان قد استنسخها بخطه عن نسخة لبعض أصحاب الشيخ تاج الدين، وكان يرشد الطالبين إلى
العمل بها، ولقد قرأتها عنده بحثا ودراية، وقد أحببت ذكرها هنا كاملة، وبالله
التوفيق ثم ذكر شاه ولي الله الرسالة بكاملها في كتابه. ومن مفاخر السنبهلي - هذا
- كونه من مشايخ شاه ولي الله في الطريقة، بل هو من مشايخ عبد الله بن سالم البصري
الذي هو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر ولي الله الدهلوي باتصال سنده إليهم، ويثني
عليهم غاية الثناء في (الانتباه).
ص 275
(121) رواية الكردي الكوراني

وقال إبراهيم بن حسن الكردي الكوراني الشهرزوري
الشافعي في كتاب (النبراس لكشف الالتباس الواقع في الأساس) ما نصه: والصلاة
والسلام على محمد النبي المختار لتبليغ الرسالة إلى الثقلين لاستيداء شكر نعمته،
وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه المنزل منزلة هارون إلا النبوة وولي عهده بعده في
أمته. أما أخوته ففي قوله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة. رواه
الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما. وأما أنه باب مدينة علمه ففي قوله صلى الله
عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، رواه البزار والطبراني في الأوسط عن جابر
بن عبد الله، والترمذي والحاكم عن علي. وأما أنه منزل منزلة هارون ففي قوله صلى
الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،
رواه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، والإمام أحمد والبزار عن أبي سعيد الخدري،
والطبراني عن أسماء بنت عميس، وأم سلمة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن سمرة، وعلي،
والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم. واحتج المؤلف بهذا الحديث على إمامة علي رضي الله
تعالى عنه في الفصل الثالث من كتاب الإمامة، وسيجئ الكلام عليه إن شاء الله تعالى،
وإنه لا دلالة فيه على ما ذكروه .
ص 276
ترجمته

1 - المرادي: إبراهيم بن حسن الكوراني الشهرزوري الشهراني الشافعي، نزيل
المدينة المنورة، الشيخ الإمام العالم العلامة خاتمة المحققين عمدة المسندين،
العارف بالله تعالى، صاحب المؤلفات العديدة، الصوفي النقشبندي المحقق المدقق،
الأثري المسند النسابة أبو الوقت برهان الدين، ولد في شوال سنة خمس وعشرين، وألف
وطلب العلم بنفسه، ورحل إلى المدينة المنورة وتوطنها وأخذ بها عن جماعة من صدور
العلماء، واشتهر ذكره وعلا قدره، وهرعت إليه الطالبون من البلدان القاصية للأخذ
والتلقي عنه، ودرس بالمسجد الشريف النبوي، وألف مؤلفات نافعة عديدة تنوف عن المائة،
وكان جبلا من جبال العلم، بحرا من بحور العرفان. توفي يوم الأربعاء بعد العصر ثامن
عشري شهر ربيع الثاني سنة إحدى ومائة وألف، بمنزله ظاهر المدينة المنورة، ودفن
بالبقيع رحمه الله تعالى (1). 2 - الشيخ أحمد النخلي في (رسالته في الأسانيد) في
ذكر شيوخه: ومنهم العالم العلامة الحبر الهمام، من حكت أفكاره في صحة الاستنباط
المتقدمين في جميع الفنون، فكانت مصنفاته جديرة بأن تكتب بماء العيون، وأن يبذل في
تحصيلها المال والأهل والبنون: الشيخ برهان الدين أبو الفضائل إبراهيم بن حسن
الكردي الكوراني الشافعي الصوفي، نزيل المدينة المشرفة وعالمها، نفعنا الله تعالى
به والمسلمين، ورحمه رحمة واسعة في الدنيا والآخرة، آمين (2). 3 - سالم البصري في
(الإمداد بمعرفة علو الاسناد) في ذكر مشايخ والده قائلا: ومنهم: العلامة المحقق
إبراهيم بن حسن الكوراني المدني.. . 4 - فخر الدين الاورنقابادي لدى النقل عنه
قال زبدة المحدثين عمدة المحققين، مشيد قواعد الطريقة، الجامع بين الشريعة
والحقيقة، سالك الصراط
(هامش)
(1) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 1 / 5. (2) بغية الطالبين: 45. [*]
ص 277
المستقيم، الشيخ إبراهيم الكردي، شيخ شيخ صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية
الشيخ ولي الله المحدث، سلمه الله تعالى وأبقاه، في فن الحديث . 5 - المولوي حسن
زمان في كتابه (فخر الحسن): والكردي هذا كان آية من آيات الله تعالى في الأصلين
الفروع الفقهية وعلوم الصوفية، وكان في عصره إليه النظر والإشارة في أقطار الأرض
كلها في سائر ما ذكر، وكانت ترد عليه المسائل من الخافقين فيجيب عنها ويجعلها
رسائل، وله في جميع هذه الفنون تحرير كثير عديم النظير تعرف منها براعة علمه وغزارة
فضله.. هذا، والكردي من مشايخ شاه ولي الله الدهلوي، وهذا نص كلامه في (الارشاد
إلى مهمات الاسناد): فصل - قد اتصل سندي والحمد لله بسبعة من المشايخ الجلة
الكرام، الأئمة القادة الأعلام، من المشهورين بالحرمين المحترمين، المجمع على فضلهم
من بين الخافين: الشيخ محمد بن العلاء البابلي، والشيخ عيسى المغربي الجعفري،
والشيخ محمد بن محمد بن سليمان الرداني المغربي، والشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي
المدني، والشيخ حسن بن علي العجيمي المكي، والشيخ أحمد بن محمد النخلي المكي،
والشيخ عبد الله بن سالم البصري ثم المكي، ولكل واحد منهم رسالة جمع هو فيها أو جمع
له فيها أسانيده المتنوعة في علوم شتى . والجدير بالذكر: إن (الدهلوي) قد استند
إلى كلام للكردي - هذا - في كتابه (التحفة) في الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى
(إنما وليكم الله..) الآية. فاستدلاله بكلامه هناك وإعراضه عن كلامه هنا بالنسبة
إلى حديث مدينة العلم عجيب.
ص 278
(122) إثبات الكردي البصري

ولقد أثبت الشيخ إسماعيل بن سليمان الكردي البصري حديث
مدينة العلم جازما به، في كتابه (جلاء النظر في دفع شبهات ابن حجر) بصدد إبطال نسبة
ابن تيمية الناصب العنيد الخطأ إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا نص عبارته بعد
كلامه له: وإياك والاغترار بظواهر الآثار والأحوال من التزيي بزي آثار الفقر،
كلبس المرقعات وحمل العكاز وغير ذلك، لأنها ليست نافعة لمن اتصف بها وهو ليس على
شيء من المعرفة بالله، بل قد يكون المتصف بها صاحب انتقاد على المشايخ بنظره إلى
نفسه، حيث أنه يرى حقيقة الأمر عنده دون غيره، وكثير من أهل هذا الشأن هلكوا في
أودية الحيرة، لأنهم اعتراهم الجهل المركب فلا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون، كابن
تيمية، وابن المقري، والسعد التفتازاني، وابن حجر العسقلاني وغيرهم، فإن اعتراضهم
على معاصريهم وعلى من سبق من الموتى دال على حصرهم طريق الحق عندهم لا غير. وقد زاد
ابن تيمية بأشياء، ومن جملتها ما ذكره الفقيه ابن حجر الهيتمي رحمه الله في فتاواه
الحديثية عن بعض أجلاء عصره: إنه سمعه يقول - وهو على منبر جامع الجبل بالصالحية -
أن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه له غلطات، وأي غلطات، وأن سيدنا علي رضي الله عنه
أخطأ في أكثر من ثلاثمائة مكان، فياليت شعري من أن يحصل لك الصواب إذ أخطأ عمر وعلي
رضي الله عنهما بزعمك؟ أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم في حق سيدنا علي رضي
الله عنه: أنا مدينة العلم وعلي بابها؟.. .
ص 279
(123) رواية الزرقاني المالكي

وقال محمد بن عبد الباقي بن يوسف الأزهري الزرقاني
المالكي، بشرح أسماء النبي صلى الله عليه وآله: مدينة العلم. كما قال صلى الله
عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، رواه الترمذي والحاكم وصححه وغيرهما
عن علي، والحاكم أيضا والطبراني وأبو الشيخ وغيرهم عن ابن عباس. والصواب أنه حديث
حسن كما قاله الحفاظان العلائي وابن حجر، لا موضوع كما زعم ابن الجوزي، ولا صحيح
كما قال الحاكم، لكن في المحدثين من يسمي الحسن صحيحا (1).
ترجمته

ترجم له
المرادي قائلا محمد الزرقاني ابن عبد الباقي بن يوسف الأزهري المالكي الشهير
بالزرقاني، الإمام المحدث والناسك النحرير الفقيه العلامة، أخذ عن والده وعن النور
علي الشبراملسي، وعن الشيخ محمد البابلي وغيرهم، وله من المؤلفات: شرح على الموطأ،
وشرح على المواهب وغير ذلك. وأخذ عن الشيخ محمد بن خليل العجلوني الدمشقي، والجمال
عبد الله الشبراوي. وكانت وفاته سنة 1122 رحمه الله تعالى (2).
(هامش)
(1) شرح المواهب اللدنية 3 / 143. (2) سلك الدرر 4 / 32 - 33. [*]
ص 280
شرح المواهب قال في (كشف الظنون): وشرح المواهب المولى العلامة خاتمة المحدثين
محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري المالكي المتوفي سنة 1122، شرحا حافلا
في أربعة مجلدات، جمع فيه أكثر الأحاديث المروية في شمائل المصطفى صلى الله تعالى
عليه وسلم وسيره وصفاته الشريفة، جزاه الله خيرا ورحمه رحمة واسعة (1). وقد ذكره
زيني دحلان في مصادر (سيرته) ونص على أن هذه الكتب هي أصح الكتب المؤلفة في هذا
الشأن.. . كما أشار مؤلفه الزرقاني في صدر الكتاب باعتباره..
(124) إثبات سالم
البصري

وقال سالم بن عبد الله بن سالم البصري الشافعي في (الإمداد بمعرفة علو
الاسناد): وأما سلسلة الطريقة النقشبندية فقد أخذها الشيخ الوالد حفظه الله تعالى
عن شيخه عبد الله باقشير، وهو أخذها عن الشيخ العارف تاج الدين العثماني النقشبندي
وهو عن الخواجا محمد باقي.. إلى آخر ما تقدم في الوجه (120).
ترجمته

والشيخ سالم
بن عبد الله البصري من مشايخ إجازات كبار العلماء،
(هامش)
(1) كشف الظنون 2 / 1896. [*]
ص 281
كالشيخ محمد بن محمد الأمير الأزهري المالكي كما في (رسالة أسانيده) وشاه ولي الله
الدهلوي كما في (الارشاد إلى مهمات الاسناد)، والشوكاني كما في (إتحاف الأكابر
بأسناد الدفاتر). وغيرهم.
(125) إثبات البرزنجي المدني

وقال محمد بن عبد الرسول
البرزنجي الكردي المدني في (الاشاعة في أشراط الساعة) بعد نقل الحكاية الموضوعة في
تعلم الخضر من أبي حنيفة عن كتاب (المشرب الوردي في مذهب المهدي لعلي القاري) قال:
قال الشيخ علي: ولا يخفى أن هذا مع ركاكته ولحنه كلام بعض الملحدين الساعين في
فساد الدين، إد حاصله: أن الخضر الذي قال الله تعالى في حقه (عبدا من عبادنا آتيناه
رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) وقد تعلم منه موسى عليه السلام تلميذ أبي
حنيفة، وما أسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الخضر في ثلاث سنين ما تعلم الخضر من أبي
حنيفة حيا وميتا في ثلاثين سنة، وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدودا في
طبقات الحنفية، ثم العجب من الخضر أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتعلم منه
الإسلام، ولا من علماء الصحابة كعلي باب مدينة العلم وأقضى الصحابة.. .
ترجمته

ترجم له المرادي بقوله: محمد البرزنجي ابن عبد الرسول بن عبد السيد ابن عبد
الرسول بن قلندر بن عبد السيد، المتصل النسب بسيدنا الحسن بن علي ابن أبي طالب رضي
الله عنه، الشافعي البرزنجي الأصل والمولد، المحقق المدقق
ص 282
النحرير الأوحد الهمام، ولد بشهرزور ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة أربعين
وألف، ونشأ بها وقرأ القرآن وجوده على والده، وبه تخرج في بقية العلوم.. ثم توطن
المدينة الشريفة وتصدر التدريس وصار من سراة رؤسها، وألف تصانيف عجيبة.. وبالجملة،
فقد كان من أفراد العالم علما وعملا، وكانت وفاته في غرة محرم سنة ثلاث ومائة وألف،
ودفن بالمدينة رحمه الله تعالى (1).
(126) رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمد بن
معتمد خان الحارثي البدخشاني بقوله: وأخرج البزار عن جابر بن عبد الله، والعقيلي
وابن عدي عن ابن عمر، والطبراني عن كليهما والحاكم عن علي وابن عمر، وأبو نعيم في
المعرفة عن علي رضي الله عنه قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة
العلم وعلي بابها. زاد الطبراني في رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: فمن
أراد العلم فليأته من بابه. وهذا الحديث صحيح على رأي الحاكم، وخالفه ابن الجوزي
فذكره في الموضوعات، وقال الحافظ ابن حجر: الصواب خلاف قوليهما معا، فالحديث حسن لا
صحيح ولا موضوع، وهو عند الترمذي وأبي نعيم في الحلية عن علي كرم الله وجهه بلفظ:
أنا دار الحكمة وعلي بابها (2). ورواه في (مفتاح النجا) كذلك ثم قال: أقول: ذهب
أكثر محققي المحدثين إلى أن هذا الحديث حديث حسن، بل قال الحاكم صحيح، ولم يصب ابن
الجوزي في إيراده في الموضوعات (3).
(هامش)
(1) سلك الدرر 4 / 65 - 66. (2) نزل الأبرار بما صح في مناقب أهل البيت الأطهار -
73. (3) مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط. [*]
ص 283
ورواه في (تحفة المحبين) أيضا بقوله: أنا مدينة العلم وعلى بابها. ر، طس عن جابر
بن عبد الله، عق، طب، عد عن ابن عمر. عم في المعرفة عن على. ك عن كلا الآخرين.
أقول: هذا الحديث صححه الحاكم وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات، وقال الحافظ
ابن حجر: الصواب خلاف قوليهما معا، فالحديث حسن لا صحيح ولا موضوع. أنا مدينة العلم
وعلى بابها من أراد العلم فليأته من بابه. طب عن ابن عباس (1).
(127) إثبات صدر
العالم

وقد أثبته محمد صدر العالم (2) حيث أورد كلام الحافظ السيوطي في (جمع
الجوامع) بطوله، وقد تقدم نصبه في محله (الوجه 88)
(128) رواية شاه ولي ال

له وأرسله
شاه ولي الله والد (الدهلوي) في مواضع من كتابه (قرة العينين)
(هامش)
(1) تحفة المحبين - مخطوط. والبدخشاني من كبار محدثي أهل السنة المعتمدين، فإن
كثيرا من علمائهم المتأخرين عنه ينقلون عن كتبه: نزل الأبرار، تحفة المحبين، مفتاح
النجا، ويستشهدون برواياته فيها وقد ترجم له صاحب (نزهة الخواطر 6 / 259) قائلا:
الشيخ العالم المحدث بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في
الحديث والرجال ثم ذكر كتبه المذكورة وغيرها. (2) وهو من كبار علماء أهل السنة في
الديار الهندية في القرن الثاني عشر، كان معاصرا لشاه ولي الله الدهلوي وقد أثنى
عليه ومدحه في كتابه (التفهيمات الإلهية). [*]
ص 284
إرسال المسلم، فمنها: قوله في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام: وقد شهد صلى الله
عليه وسلم بعلمه بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وبتفوقه في القضاء بقوله:
أقضاكم علي . ومنها: قوله: وقال صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها
. ومنها قوله: النكتة السابعة: لقد شاء الله تعالى انتشار دينه بواسطة رسوله في
جميع الآفاق، وهذا لم يمكن إلا عن طريق العلماء والقراء الذين أخذوا القرآن منه صلى
الله عليه وسلم، فأظهر سبحانه على لسانه صلى الله عليه وسلم فضائل جماعة من الصحابة
ليكون حثا للناس على أخذ العلم والقرآن منهم، وأصبحت تلك الفضائل بمثابة إجازات
المحدثين لتلاميذهم، ليعرف الأقوال بالرجال من لا يعرف الرجال بالأقوال، ولقد كان
علماء الأصحاب يشتركون في هذه الفضائل كما تنطق بذلك كتب الحديث، ومن هذا الباب:
أنا مدينة العلم وعلي بابها، وأقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ . وقال
شاه ولي الله في (إزالة الخفا في سيرة الخلفا) في مآثر أمير المؤمنين عليه السلام
وعن ابن عباس رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم
وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. وعن جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب
. ولقد اعترف (الدهلوي) برواية والده حديث مدينة العلم حيث قال في رسالته التي
ألفها في بيان اعتقادات والده - على ما في (ذخيرة العقبى لعاشق على خان الدهلوي)
قال: وقد أخرج في مصنفاته ما لا يحصى من أحاديث مناقب أمير المؤمنين، ولا سيما
حديث غدير خم و أنت مني وأنا منك و من فراقك يا علي فقد فارقني وحديث
أئتني بأحب خلقك إليك و أنا مدينة العلم وعلي بابها وحديث هذا أمير البررة
وقاتل الفجرة وأخرج حديث رد الشمس - الذي اختلف المحدثون فيه - بطريق صحيح عن
الشيخ أبي طاهر المدني عن أبي القاسم
ص 285
الطبراني، ثم نقل شواهده عن الطحاوي وغيره من كبار المحدثين، وحكم بصحته، كما روى
كرامات عديدة للمرتضى بطرق صحيحة .
ترجمته

والشاه ولي الله الدهلوي غني عن
التعريف، فهو شيخ علماء الهند ومن عليه اعتمادهم، فقد وصفه محمد معين السندي ب
عالم الهند وعارف وقته.. (1). وفي موضع آخر ب قدوة علماء دهره يعسوب زماننا،
الشيخ الأجل، الصوفي الأكمل، إمام بلاد الهند.. (2). ووصفه رشيد الدين الدهلوي في
(غرة الراشدين) ب عمدة المحدثين، قدوة العارفين.. . ووصفه حيدر علي الفيض آبادي
في (منتهى الكلام) ب خاتم العارفين، قاصم المخالفين، سيد المحدثين، سند
المتكلمين، حجة الله على العالمين.. . وترجم له الصديق حسن خان القنوجي في (إتحاف
النبلاء) و(أيجد العلوم)، وهذا خلاصة ما ذكر في الكتاب الثاني: مسند الوقت الشيخ
الأجل شاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدث الدهلوي. له رسالة سماها الجزء
اللطيف في ترجمة العبد الضعيف ذكر فيها ترجمته بالفارسية مفصلة، حاصلها: إنه ولد
يوم الأربعاء رابع شوال وقت طلوع الشمس في سنة 1114 الهجرية، تاريخه عظيم الدين،
ورأى جماعة من الصلحاء منهم والده الماجد مبشرات قبل ولادته، وهي مذكورة في كتاب
القول الجلي في ذكر آثار الولي للشيخ محمد عاشق بن عبيد الله البارهوي البهليتي
المخاطب بعلي، واكتسب في صغر سنه الكتب الفارسية والمختصرات من العربية، واشتغل
بأشغال المشايخ
(هامش)
(1) دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب: 273. (2) نفس المصدر: 292. [*]
ص 286
النقشبندية، ولبس خرقة الصوفية، وأجيز بالدرس وفرغ من تحصيل العلم، وأجازه والده
بأخذ البيعة ممن يريدها وقال: يده كيده، ثم اشتغل بالدرس نحو اثني عشر سنة، وحصل له
فتح عظيم في التوحيد والجانب الواسع في السلوك، ونزل على قلبه العلوم الوجدانية
فوجا فوجا، وخاض في بحار المذاهب الأربعة واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين، فرحل
إليهما في سنة 1143 وأقام هناك عامين كاملين، وتلمذ على الشيخ أبي الطاهر المدني
وغيره من مشايخ الحرمين. ومن نعم الله تعالى عليه أن أولاه خلعة الفاتحية، وألهمه
الجمع بين الفقه والحديث، وأسرار السنن ومصالح الأحكام، وسائر ما جاء به صلى الله
عليه وسلم من ربه عز وجل، حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج، وطهرها من قذى
أهل المعقول، وأعطي علم الابداع والخلق والتدبير والتدلي مع طول وعرض وعلم استعداد
النفوس الانسانية لجميعها، وأفيض عليه الحكمة العملية وتوفيق تشييدها بالكتاب
والسنة، وتمييز العلم المنقول من المحرف المدخول، وفرق السنة السنية من البدعة غير
المرضية. إنتهى. وكانت وفاته سنة 1176 الهجرية. وله مؤلفات جليلة ممتعة يجل تعدادها
منها: فتح الرحمن في ترجمة القرآن، والفوز الكبير في أصول التفسير، والمسوى والمصفى
في شروح الموطأ، والقول الجميل والخير الكثير، والانتباه، والدر الثمين، وكتاب حجة
الله البالغة، وكتاب إزالة الخفا عن خلافة الخلفاء، ورسائل التفهيمات. وغير ذلك.
وقد ذكرت له ترجمة حافلة في كتابي إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء
والمحدثين، وذكر له معاصرنا المرحوم المولوي محمد محسن بن يحيى البكري التيمي
الترهتي رحمه الله ترجمة بليغة في رسالته اليانع الجني، وبالغ في الثناء عليه، وأتى
بعبارة نفيسة جدا، وأطال في ذكر أحواله الأولى والأخرى وأطاب .
ص 287
(129) إثبات محمد معين السندي

وقال معين بن محمد أمين السندي: واستدلوا على حجية
القياس بعمل جمع كثير من الصحابة، وأن ذلك نقل عنهم بالتواتر، وإن كانت تفاصيل ذلك
آحادا، وأيضا: عملهم بالقياس وترجيح البعض على البعض تكرر وشاع من غير نكير، وهذا
وفاق وإجماع على حجية القياس. فالجواب: إنه كما نقل عنهم القياس نقل ذمهم القياس
أيضا، فعن باب مدينة العلم رضي الله عنه أنه قال: لو كان الدين بالقياس لكان باطن
الخف أولى بالمسح من ظاهره (1).
ترجمته

ومحمد معين السندي من مشاهير محققي أهل
السنة، ومن تلامذة الشيخ عبد القادر مفتي مكة المكرمة ومن معاصري شاه ولي الله،
وكتابه (دراسات اللبيب) من الكتب المعتبرة المشهورة، قال فيه: وقد وافقنا على هذا
الرأي قدوة علماء دهره يعسوب زماننا الشيخ الأجل الصوفي الأكمل إمام بلاد الهند
الشيخ ولي الله ابن عبد الرحيم مشافها، في جملة صالحة من آرائنا مخاطبا لي في تفردي
ببعض ما خالفت فيه الجماهير: ومن الرديف فقد ركبت غضنفرا؟. والحمد لله تعالى على
ذلك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى . وقد ذكره المولوي صديق حسن
خان القنوجي في (إتحاف النبلاء المتقين
(هامش)
(1) دراسات اللبيب: 284. [*]
ص 288
بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين) ووصفه ب الشيخ الفاضل المحقق وأثنى عليه وعلى
كتابه المذكور، ونوه بالقصيدة التي أنشدها بعض معاصري السندي - وهو القاضي البشاوري
- في وصف (دراسات اللبيب) واستجودها، وهي مطبوعة في آخر الكتاب المذكور.
(130)
إثبات محمد سالم الحفني

وأثبته الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي في (حاشية الجامع
الصغير) بقوله: قوله (فليأت الباب) يعني: عليا، فقد ورد إن العلم جزا عشرة أجزاء
أعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا، ولذا سئل سيدنا معاوية فقال للسائل: سل عليا فإنه
أعلم مني .
ترجمته

1 - محمد بن محمد الأمير الأزهري في (أسانيده) بعد ذكر أخيه
جمال الدين الحفني ومنهم أخوه طراز عصابة العلماء المحققين، وبقية السادة الهداة
العارفين، بهجة الدنيا وزينة الملة والدين، موصل السالكين ومجمل الواصلين، الأستاذ
الأعظم شيخ الشيوخ، أبو عبد الله بدر الدين سيدي محمد الحفني رضي الله عنه وأرضاه،
حضرته في مجالس من الجامع الصغير والنجم الغيطي في مولده صلى الله عليه وسلم، وفي
متن الشمائل للترمذي، ومات رحمه الله أثناء قراءتها، وتلقنت عنه الذكر من طريق
الخلوتية، وأجازني إجازة عامة.. . 2 - المرادي: محمد الحفني - الشيخ العالم
المحقق المدقق العارف بالله تعالى قطب وقته أبو المكارم نجم الدين، ولد سنة 1101
ودخل الأزهر واشتغل
ص 289
بالعلم على من به من الفضلاء، وألف التآليف النافعة، وكان يحضر درسه أكثر من
خمسمائة طالب، وكان حسن التقرير ذا فصاحة وبيان، شهما مهابا محققا مدققا يهرع إليه
الناس جميعا، واشتهرت طريقة الخلوتية عنه في مشرق الأرض ومغربها في حياته. وكانت
وفاته في شهر ربيع الأول سنة 1181 إنتهى ملخصا (1).
(131) رواية محمد بن إسماعيل
الأمير

وروى محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني حديث مدينة العلم
وأثبت صحته، إذ قال في (الروضة الندية في شرح التحفة العلوية) ما نصه: قوله: [باب
علم المصطفى إن تأته * فهنيئا لك بالعلم مريا] البيت إشارة إلى الحديث المشهور
المروي من طرق ابن عباس وغيره، ولفظه عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنا
مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. أخرجه العقيلي وابن عدي
والطبراني والحاكم. أخرج ابن عدي أيضا والحاكم من حديث جابر، وأخرج الترمذي من حديث
علي عليه السلام بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها. قال الترمذي: هذا حديث غريب -
وفي نسخة: منكر -. وقال العلامة الحافظ الكبير المجتهد محمد بن جرير الطبري: هذا
حديث عندنا صحيح، صحيح سنده. وقال الحاكم في حديث ابن عباس: صحيح الاسناد. وروى
الخطيب في تاريخه عن يحيى بن معين أنه سئل عن حديث ابن
(هامش)
(1) سلك الدرر 4 / 38. [*]
ص 290
عباس وقال: هو صحيح. وقال ابن عدي: إنه موضوع، وأورد ابن الجوزي الحديثين حديث جابر
وابن عباس في الموضوعات، وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: قد قال ببطلانه أيضا
الذهبي في الميزان وغيره، ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع دفعا بالصدر.
وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن
يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع وقال: الصواب خلاف قول
الحاكم إنه صحيح وخلاف قول ابن الجوزي إنه موضوع، بل هو من قسم الحسن، لا يرتقي إلى
الصحة ولا ينحط إلى الكذب. قال الحافظ السيوطي: قد كنت أجيب بهذا الجواب - وهو أنه
من قسم الحسن - دهرا إلى أن وقفت [على] تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار
مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس، فاستخرت الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث عن رتبة
الحسن إلى رتبة الصحة. إنتهى. قلت: قد قسم أئمة الحديث الصحيح من الأحاديث إلى
أقسام سبعة أحدها: أن ينص إمام من أئمة الحديث غير الشيخين [على] أنه صحيح، وهذا
الحديث قد نص إمامان حافظان كبيران الحاكم أبو عبد الله والعلامة محمد بن جرير الذي
قال الخطيب البغدادي في حقه: وكان ابن جرير من الأئمة يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه
لمعرفته وفضله، جمع من العلوم ما لم يشاركه أحد من أهل عصره، وقال في حقه المعروف
عندهم بإمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، وأما
الحاكم فهو إمام غير منازع. قال الذهبي في حقه: المحدث الحافظ الكبير إمام
المحدثين، وقال الخليل بن عبد الله: هو ثقة واسع بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة.
قلت: فأين يقع ابن الجوزي عند هذين الإمامين؟ وأين هو من طبقتهما وحفظهما
وإتقانهما؟ وهو الذي قال الحافظ الذهبي في حقه - نقلا عن الموقاني - أن
ص 291
ابن الجوزي كان كثير الغلط فيما يصنفه، ثم قال الذهبي قلت: نعم له وهم كثير في
تواليفه، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحول من كتاب إلى آخر. إنتهى. قلت: وسمعت
ما قاله الحافظ العلائي أنه لا علة قادحة، وإنما دعوى الوضع دفع بالصدر، وقد قال
الذهبي في حق العلائي: إنه قرأ وأفاد وانتقى ونظر في الرجال والعلل، وتقدم في هذا
الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم. إنتهى. هذا كلام الذهبي فيه وهو عصريه ومن أقرانه،
وقد أثنى عليه غيره ممن تأخر عن عصره بأكثر من هذا. فظهر لك بطلان دعوى الوضع وصحة
القول بالصحة كما أختاره الحافظ السيوطي، وهو قول الحاكم وابن جرير . وفي (الروضة
الندية) أيضا: وكفاه كونه للمصطفى ثانيا * في كل ذكر وصفيا قوله: وكفاه، أي كفاه
شرا وفخرا أنه يذكر ثانيا وتاليا لذكره صلى الله عليه وسلم، وأنه صفي ومختار لله
تعالى ولرسوله كما تقدم من إكرامه، والبيت يشير إلى ما خص الله الوصي عليه السلام
من إلقاء ذكره الشريف على ألسنة العالم من صبي ومكلف وحر وعبد وذكر وأنثى، فإنهم إذ
ذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروه لذكره، وهذا من إكرام الله له، ينشأ
الصبي فيهتف يا محمد يا علي، والعامي وغيرهما، وهذا من رفع الذكر الذي طلبه خليل
الله في قوله: (وأجعل لي لسان صدق في الآخرين) وهو الذي امتن الله به على رسوله صلى
الله عليه وسلم في قوله تعالى: (ورفعنا لك ذكرك). وكفاه شرفا أنه أول السابقين إلى
الإسلام. وكفاه شرفا أنه أول من صلى، والذي رقى جنب أبي القاسم صلى الله عليه وسلم
لكسر الأصنام. وكفاه شرفا أنه الذي فداه بنفسه ليلة مكر الذين كفروا به.
ص 292
وكفاه شرفا أنه الذي أدى عنه الأمانات. وكفاه شرفا أنه من رسول الله صلى الله عليه
وسلم بمنزلة الرأس من البدن. وكفاه شرفا أنه من رسول الله وأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم منه. وكفاه شرفا أنه سلمت عليه الأملاك يوم بدر. وكفاه شرفا أنه الذي قطر
أبطال المشركين في كل معركة. وكفاه شرفا أنه قاتل عمرو بن عبدود. وكفاه شرفا أنه
فاتح خيبر. وكفاه شرفا أنه مبلغ براءة إلى المشركين. وكفاه شرفا أن الله سبحانه
زوجه البتول. وكفاه شرفا أن أولاده لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولاد. وكفاه
شرفا أنه خليفته يوم غزوة تبوك، وأنه منه بمنزلة هارون من موسى. وكفاه شرفا أنه أحب
الخلق إلى الله بعد رسوله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا أنه أحب الخلق إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا أن الله باهى به ملائكته. وكفاه شرفا أنه قسيم
النار والجنة. وكفاه شرفا أنه أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا أنه من
آذاه فقد أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا أن النظر إلى وجهه عبادة.
وكفاه شرفا أنه لا يبغضه إلا منافق ولا يحبه إلا مؤمن. وكفاه شرفا أن فيه مثلا من
عيسى بن مريم عليهما السلام. وكفاه شرفا أنه ولي كل مؤمن ومؤمنة. وكفاه شرفا أنه
سيد العرب. وكفاه شرفا أنه سيد المسلمين. وكفاه شرفا أنه يحشر راكبا.
ص 293
وكفاه شرفا أنه يسقى من حوض رسول الله المؤمنين ويذود المنافقين. وكفاه شرفا أنه لا
يجوز أحد الصراط إلا بجواز منه. وكفاه شرفا أنه يكسى حلة خضراء من حلل الجنة. وكفاه
شرفا أنه ينادى من تحت العرش نعم الأخ أخوك علي. وكفاه شرفا أنه مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قصره مع ابنته سيدة نساء العالمين. وكفاه شرفا أنه حامل لواء
الحمد، آدم ومن ولده يمشون في ظله. وكفاه شرفا أنه يقول أهل المحشر حين يرونه: ما
هذا إلا ملك مقرب أو نبي مرسل، فينادي مناد ليس هذا بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولكنه
علي بن أبي طالب أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا أنه مكتوب اسمه مع
اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به. وكفاه
شرفا أنه يقبض روحه كما يقبض روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكفاه شرفا
أنه تشتاق إليه الجنة كما في حديث أنس: تشتاق الجنة إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان.
وكفاه شرفا أنه باب مدينة علمه. وكفاه شرفا أنها سدت الأبواب إلا بابه. وكفاه شرفا
أنه لم يرمد بعد الدعوة النبوية ولا أصابه حر ولا برد. وكفاه شرفا أنه أول من يقرع
باب الجنة. وكفاه شرفا أن قصره في الجنة بين قصري خليل الرحمن وسيد ولد آدم صلى
الله عليه وسلم. وكفاه شرفا نزول آية الولاية فيه. وكفاه شرفا أن الله سماه مؤمنا
في عشرة آيات.
ص 294
وكفاه شرفا أكله من الطائر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكفاه شرفا بيعة
الرضوان. وكفاه شرفا أنه رأس أهل بدر. وكفاه شرفا أنه وصي رسول الله صلى الله عليه
وسلم. وكفاه شرفا أنه وزيره. وكفاه شرفا أنه أعلم أمته. وكفاه شرفا أنه يقاتل على
تأويل القرآن كما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم على تنزيله. وكفاه شرفا أنه
يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. وكفاه شرفا أنه حامل لوائه صلى الله عليه وسلم
في كل معركة. وكفاه شرفا أنه الذي غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى دفنه.
وكفاه شرفا ما أعطاه الله من الزهادة والعبادة والتأله. وكفاه شرفا ما فاز به من
الزهادة والزلفى. هذي المفاخر لاقعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد ابدالا
ترجمته

توجد مفاخره السامية وترجمته الحافلة في الكتب التالية: 1 - البدر الطالع 2 / 133 -
139. 2 - الجنة في الأسوة الحسنة بالسنة للقنوجي. 3 - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء
مآثر الفقهاء والمحدثين. 4 - الحطة في ذكر الصحاح الستة للقنوجي. 5 - ذخيرة المآل
في عد مناقب الآل، للعجيلي. 6 - أبجد العلوم 868. 7 - التاج المكلل 414. وغيرها..
ص 295
(132) رواية محمد الصبان

وقال محمد بن علي الصبان: أخرج البزار والطبراني في
الأوسط عن جابر ابن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء، وابن عدي عن
ابن عمر، والترمذي والحاكم عن علي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا
مدينة العلم وعلي بابها، وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب، وفي أخرى عند
الترمذي عن علي: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وفي أخرى عند ابن عدي: علي باب علمي.
وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة على أنه موضوع، منهم ابن الجوزي والنووي،
وبالغ الحاكم على عادته فقال: إن الحديث صحيح، وصوب بعض محققي المتأخرين المطلعين
من المحدثين أنه حسن (1).
(133) إثبات سليمان الجمل

(2) وقال الشيخ سليمان جمل في
كتاب (الفتوحات الأحمدية بالمنح المحمدية)
(هامش)
(1) إسعاف الراغبين هامش نور الأبصار: 156. وأبو العرفان الشيخ محمد بن علي الصبان
الشافعي المتوفى سنة 1206 عالم كبير محقق، ولد بمصر وتخرج على علمائها حتى برع في
العلوم النقلية والعقلية، واشتهر بالتحقيق والتدقيق وشاع ذكره في مصر والشام، وله
مؤلفات كثيرة مفيدة. (2) هو الشيخ سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري المعروف
بالجمل، فاضل من أهل منية عجيل - إحدى قرى الغربية بمصر - انتقل إلى القاهرة، له
مؤلفات.. الأعلام 3 / 131 وأرخ وفاته بسنة 1204. [*]
ص 296
بشرح: ووزير ابن عمه في المعالي * ومن الأهل تسعد الوزراء وقوله ومن الأهل
الخ من تلك السعادة ما أمد به من المؤاخاة، فقد أخرج الترمذي: آخى صلى الله عليه
وسلم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصابك ولم تواخ
بيني وبين أحد. فقال: أنت أخي في الدنيا والآخرة، ومنها العلوم التي أشار إليها
بقوله: أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم فليأت الباب .
(134) إثبات
الاورنقابادي

وقال قمر الدين الحسيني الاورنقابادي في (نور الكونين) في ذكر بيت
النبوة: حديث: أنا مدينة العلم وعلى بابها، وسدوا كل خوخة إلا خوخة أبي بكر،
وسدوا كل خوخة إلا باب على، فيها إشارة إلى كلية هذا البيت، وإلى أبوابه .
ترجمته

1 - غلام على آزاد في سبحة المرجان 101. 2 - صديق حسن خان القنوجي في (أبجد
العلوم): السيد قمر الدين الحسيني الأورنك آبادي، كان قمرا طالعا في ميزان الشرع
المبين، وكوكبا ساطعا في أوج الشرف الرصين، آباؤه من سادات خجند، والسيد ظهير الدين
منهم هاجر منها إلى الهند، وتوفي في أمن آباد من توابع لاهور، ثم ابنه السيد محمد
رحل إلى الدكن، وكان ابنه السيد عناية الله من العرفاء، أخذ الطريقة النقشبندية عن
ص 297
الشيخ أبي المظفر البرهانفوري عن الشيخ محمد معصوم عن أبيه الشيخ أحمد السهرندي،
وتوطن ببلدة بالا بور على أربع منازل برهانفور، وتوفي بها سنة 1117، وابنه السيد
منيب الله المتوفى سنة 1161 كان من العرفاء أيضا، وصاحب هذه الترجمة ولده الأرشد.
ولد سنة 1123 وساح في مناهج الفنون وبرع في العلوم العقلية والنقلية، حتى صار في
النقليات إماما بارعا، وفي العقليات برهانا ساطعا، حفظ القرآن وزان العلم بالعمل
وراح إلى دهلي وسهرند، وزار قبر المجدد، ورحل إلى لاهور واجتمع بطائفة من العلماء
والعرفاء في تلك البلاد، ثم رجع إلى بالا بور، وجاء إلى أورنك آباد، وانعقد الوداد
بينه وبين السيد آزاد، فكانا فرقدين على فلك الاتحاد، ثم ارتحل إلى الحرمين
الشريفين مع ابنيه الكريمين مير نور الهدى ومير نور العلى، ورجع إلى الهند، ثم
انتهض مع أهل بيته إلى أورنك آباد، له كتاب في مسألة الوجود سماه مظهر النور، بين
فيه مذاهب العلماء ومسالك المتكلمين والحكماء، ذكر طرفا منها السيد آزاد في السبحة،
وأرخ له بأبيات عربية.. توفي في أورنك آباد في سنة 1193 ودفن داخل البلد. قال آزاد
في تاريخ وفاته: موت العلماء ثلمة .
(135) رواية شهاب الدين العجيلي

وقال شهاب
الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي ما نصه: ودعوة الحق وباب العلم * وأعلم
الصحب بكل حكم قالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: أما ترضين يا فاطمة أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم
ص 298
حلما؟ وقالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي
مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فهو الدالي إلى الحق، وهو
دعوة الحق. وفي الجامع الكبير: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس
جزاء واحدا وعلي أعلم بالواحد منهم. وأخرج الترمذي أنه قال صلى الله عليه وسلم: أنا
مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب، ولهذا كانت الطرق والسلسلات
راجعة إليه. وفي الكبير للسيوطي رحمه الله قال صلى الله عليه وسلم: علي باب علمي
ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، رواه أبو ذر. وفيه قال صلى الله عليه وآله: علي
بن أبي طالب أعلم الناس بالله وأكثر الناس حبا وتعظيما لأهل لا إله إلا الله. أخرجه
أبو نعيم. وكان عمر رضي الله عنه يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن،
ويقول: إن عليا أقضانا، ولولا علي لهلك عمر. وقالت عائشة رضي الله عنها: إنه أعلم
من بقي بالسنة، ومن كلامه رضي الله عنه: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير سورة
الفاتحة. وكان يشير إلى صدره ويقول: كم من علوم هاهنا لو وجدت لها حاملا (1).
وقال أيضا: والمراد بقولي على اصطلاح العلماء، أعني مدينة العلم صلى الله عليه
وآله وسلم، وأعني أعلم خلق الله بمراد الله، وأعني باب المدينة ونقطة الباء رضي
الله عنه، وأعني عالم قريش الذي يملأ طباق الأرض علما، ومن تابعهم على ذلك المنهج
سلفا وخلفا، فإن صريح أقوالهم ما ذكرته في المنظومة: إن الشيعة كل من تولى عليا
وأهل بيته وتابعهم في أقوالهم وأفعالهم، فمن سلك منهجهم القويم واتخذهم أولياء صدق
عليه اسم التشيع، إذ هو المتبع لهم حقيقة ولا نفضل مذهبا من مذهب ولا فرقة من فرقة،
ومن أظهر اتباعهم وتشيع به وهو عار منه فهو من أعدائهم وإن تسمى بذلك الاسم،
فالاسماء لا تغير المعاني، ومن تبعني فإنه مني .
(هامش)
(1) ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل - مخطوط. [*]
ص 299
وقال بعد نقل كلام نسبوه إلى أمير المؤمنين عليه السلام في حق الشيخين فانظر إلى
كلام باب مدينة العلم وشهادته لهما بالحق، فإنك تعرف بذلك من دخل الباب ومن خرج
(1).
(136) رواية محمد مبين السهالوي

وقال محمد مبين بن محب الله السهالوي: وأما
بيان علمه وحكمته وحله للمشكلات وفقاهته وذكائه وجوده، فالقلم عاجز عنه، ولكن نتعرض
إلى طرف منه، ويكفي لطالبي الحقيقة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه: أنا
مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه البزار عن جابر ابن عبد الله والعقيلي وابن عدي عن
ابن عمر، والطبراني عن كليهما، والحاكم عن علي وابن عمر، وزاد الطبراني في رواية عن
ابن عباس مرفوعا: فمن أراد العلم فليأته من بابه. وهذا الحديث صحيح على رأي الحاكم
وقال ابن حجر حسن، وهو عند الترمذي وأبي نعيم عن علي بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي
بابها. بار بگشا أي علي مرتضى * أي پس سوء القضا حسن القضا چون تو بابي آن مدينة
علم را * چون شعاعى آفتاب حلم را باز باش أي باب رحمت تا أبد * بارگاه ما له كفوا
أحد أز همه طاعات إينت بهتر ست * سبق يابي برهران سابق كه هست (2)
(هامش)
(1) والعجيلي من كبار علماء القرن الثالث عشر وأدبائه، ترجم له القنوجي: بالشيخ
العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز.. الخ. التاج المكلل: 509.
(2) وسيلة النجاة: 136. [*]
ص 300
وكفاه شرفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتجاه.
ترجمته

ذكرنا مآثره ومفاخره
عن أهل السنة في مجلد (حديث الولاية)، وقد وصفه صاحب نزهة الخواطر 7 / 403 بالشيخ
الفاضل الكبير.. أحد الفقهاء الحنفية.. ثم ذكر كتابه، وأرخ وفاته بسنة 1225.
(137)
رواية ثناء الله باني بتي

وقال ثناء الله باني بتي في (السيوف المسلول): الخامس
حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها. رواه البزار
والطبراني عن جابر، وله شواهد من حديث ابن عمر وابن عباس وعلي وأخيه، وصححه الحاكم،
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال يحيى بن معين: لا أصل له، وقال البخاري
والترمذي: إنه منكر وليس له وجه صحيح، وقال النووي والجزري: إنه موضوع. وقال الحافظ
ابن حجر: الصواب خلاف قول الفريقين - يعني من قال إنه صحيح ومن قال إنه موضوع -
فالحديث حسن لا صحيح ولا موضوع. أقول: ما ذكره ابن حجر هو الصواب بالنظر إلى سند
الحديث، وأما بالنظر إلى كثرة شواهده فيحكم بصحته. والجواب: إن هذا الحديث لا دلالة
فيه على الإمامة .
ترجمته

قال الصديق حسن خان القنوجي في (إتحاف النبلاء المتقين
بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين) ما حاصله: القاضي ثناء الله باني بتي، من أحفاد
الشيخ
ص 301
جلال الدين الجشتي كبير الأولياء، وينتهي نسبه إلى عثمان رضي الله عنه، كان متبحرا
في العلوم العقلية والنقلية، وقد بلغ مرتبة الاجتهاد في الفقه والأصول، له كتاب
واسع في الفقه ذكر فيه أدلة الأقوال وفتاوى المجتهدين الأربعة في كل مسألة، وقد ذكر
مختاره مع دليله في رسالة مستقلة أسماها بمأخذ الأقوى، كما حرر مختاراته في الأصول،
وله تفسير كبير جمع فيه أقوال المفسرين، وله رسائل في التصرف وتحقيق معارف مجدد
الألف الثاني الشيخ أحمد السرهندي، وكان شاه عبد العزيز الدهلوي يعبر عنه ببيهقي
العصر، له تآليف كثيرة نافعة ومقبولة، وكان يروي عنه شاه ولي الله المحدث الدهلوي.
وكمالاته وفضائله أكثر من أن تحصر في هذا المختصر، ولم يظهر له نظير في علماء
الحنفية في بلاد الهند من حيث التحقيق والانصاف وعدم التعصب ومتابعة الدليل. توفي
سنة 1225 .
(138) إثبات الدهلوي

ولقد أثبت (الدهلوي) حديث مدينة العلم في فتوى له
موجودة بخط أفاضل أهل السنة، وهذه صورة السؤال والجواب. السؤال: لقد ثبت لدى أهل
الحق - أعني أهل السنة والجماعة - بالبراهين العقلية والنقلية اختصاص العصمة
بالانبياء والملائكة فقط، وأنه لا يصح وصف أحد سواهم بالعصمة، ولذا منع الفقهاء
والمتكلمون من ذلك، ولكن ذكر جناب فخر المحدثين جناب شاه ولي الله قدس سره في
التفهيمات وغيره تحقق الصفات الأربعة - وهي العصمة والحكمة والوجاهة والقطبية
الباطنية - في الأئمة الاثني عشر، كما أنه أثبت ذلك لهم في رسالته التي ألفها في
اعتقاداته - فعلى أي وجه صحيح يمكن حمل هذا الكلام؟ وما الدليل عليه من الكتاب
والسنة والاجماع؟
ص 302
وكيف الجمع بينه وبين أهل السنة؟ وأيضا: فإنه ينافي تفضيل الخلفاء الثلاثة رضي الله
عنهم خصوصا حضرات الشيخين، والحال أن هذا التفضيل مما أجمع عليه أهل السنة الذين
يعتد بهم، على أنه قدس سره قد قرر مسألة التفضيل هذه بكل جهده بالدلائل العقلية
والنقلية والكشفية والوجدانية، فما يرفع هذا التخالف والتعارض؟ الجواب من مولانا
شاه عبد العزيز المحدث الدهلوي: - إن للعصمة والحكمة والوجاهة معان اصطلاحية لدى
الصوفية، وقد ذكر ذلك في كتب هذا الشأن لا سيما مصنفات حضرة الوالد الماجد قدس
سره.. والحكمة معناها العلم النافع، فإن كان مكتسبا لم يسم حكمة في اصطلاحهم بل
يسمونه فضيلة وإن كان نازلا على قلب شخص عن طريق الوهب سمي عندهم حكمة نحو
قوله تعالى: (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) (وكلا آتيناه حكما وعلما) سواء ذاك العلم
في باب العقائد أو الأعمال أو الأخلاق، وهذا المعنى أيضا يختص بالانبياء كقوله
تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر الله) الآية، فما كان حاصلا بالوحي فهو
خاص بالانبياء، وفي الحديث: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وفي الحديث المشهور: أنا
مدينة العلم وعلي بابها، والمراد من العلم هنا هو المعني المذكور كذلك.. . كما أن
(الدهلوي) أثبت حديث مدينة العلم في رسالته التي كتبها في اعتقادات والده شاه ولي
الله الدهلوي، وقد تقدم كلامه في الوجه (128) فلا نعيد. فهذا (الدهلوي) الماهر، قد
ألجأه الحق القاهر، فأثبت بنفسه هذا الحديث السافر الزاهر، واعترف بشهرته في جواب
مسألة له بالاعتراف الجلي الظاهر، وأثبته أيضا في رسالته المعمولة لتبرئة والده
الزائغ المجاهر عن شين عناد الأطيبين الأطاهر، فيا عجبا من صنع (الدهلوي) الشاهر
للخلاف الفاضح الجاهر، كيف آثر طعن الحديث في (تحفته) المردودة بالحجج القواهر،
ورام من غمط الحق ما هو
ص 303
فوق كل قنة وظاهر؟!
(139) إثبات الساباطي الحنفي

وقال الشيخ جواد ساباط بن إبراهيم
ساباط الحنفي (1) في (البراهين الساباطية) في البرهان السابع من براهين المقالة
الثالثة من التبصرة الثالثة بعد نقل عبارة من رؤيا يوحنا - قال: وترجمته العربية
والأبواب الاثنا عشر اثنا عشر لؤلؤة كل واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة وساحة
المدينة من الذهب الابريز كالزجاج الشفاف. أقول: هذا بيان لما قبله وصفة للأبواب
وكون كل باب من لؤلؤة واحدة فيه البشارة إلى ما يدعيه الإماميون من عصمة أئمتهم،
لأن اللؤلؤة كروية، ولا شك أن الشكل الكروي لا يمكن انثلامه، لأنه لا يباشر الأجسام
إلا على ملتقى نقطة واحدة كما صرح به أوقليدس، والأصل في عصمة الإمام أما عند أهل
السنة والجماعة فإن العصمة ليست بشرط بل العمدة فيه انعقاد الإجماع، وأما عند
الإمامية فهي واجبة فيه، لأنه لطف ولأن النفوس الزكية الفاضلة تأبى عن اتباع النفوس
الدنية المفضولة، وعدم العصمة علة عدم الفضيلة، ولهما فيها بحث طويل لا يناسب هذا
المقام. قوله: وساحة المدينة من الذهب الابريز كالزجاج الشفاف، يريد بذلك
(هامش)
(1) قال في هدية العارفين 1 / 258: جواد ساباط بن إبراهيم ساباط بن محمد ساباط
باسيفين الحسيني الهجري الأصل البصري الحنفي. ولد في مارية 1188 وتوفي في حدود سنة
1250. من تصانيفه: أنموذج الساباطي في العروض والقوافي. البراهين الساباطية فيما
يستقيم به دعائم الملة المحمدية وتنهدم به أساطين الشريعة المنسوخة العيسوية فرغ
منها سنة 1228.. . [*]
ص 304
أهل ملته صلى الله عليه وسلم، لأنهم لا ينحرفون عن اعتقادهم ولا ينصرفون عن مذهبهم
في حالة العسرة، وأما الذين أغواهم قسوس الانكتاريين فمن الجهال الذين لا معرفة لهم
بأصول دينهم، وهذا هو مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها
.
(140) رواية الخربوتي الحنفي

وقال عمر بن أحمد الخربوتي الحنفي (1) في (عصيدة
الشهدة في شرح قصيدة البردة) بشرح: فاق النبيين في خلق وفي خلق * ولم يدانوه في
علم ولا كرم قال ما نصه: ثم اعلم أن بيان علمه ثابت بقوله تعالى (وعلمك ما لم
تكن تعلم) وبقوله عليه السلام: أنا مدينة العلم. الحديث. وغير ذلك .
ترجمته

لقد
أنثى عليه وقرض كتابه المذكور أفاضل عصره وأماثل جهابذة وقته، وقد ذكرت نصوص تلك
التقريظات في آخر الكتاب، فراجع.
(141) رواية الشوكاني

وقال القاضي محمد بن علي
الشوكاني الصنعاني في (الفوائد المجموعة في
(هامش)
(1) قال الزركلي: عمر بن أحمد بن محمد سعيد الخربوتي الرومي المتخلص بنعيمي: ففيه
حنفي أديب [*]