(هامش)
(1) الكاشف 2 / 11. (2) تهذيب التهذيب 4 / 347. (*)
ص 113
*(2)* رواية أحمد بن حنبل

ورواه أحمد بن حنبل - إمام الحنابلة - في كتاب (مناقب
أمير المؤمنين)... وهذا نص روايته: حدثنا عبد الله بن محمد، نا عبد الله بن عمر،
نا يونس بن أرقم، قال حدثنا مطير بن أبي خالد، عن ثابت البجلي، عن سفينة قال: أهدت
امرأة من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيرين بين رغيفين فقدمت
إليه الطيرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
وإلى رسولك، ورفع صوت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال: علي. قال:
فافتح له، ففتحت، فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فنيا (1).
وقال محب الدين الطبري: عن سفينة قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين، فقال صلى الله عليه وسلم:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك - ثم ذكر معنى حديث النجار وقال في آخره -:
فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي من الطيرين حتى فنيا. خرجه أحمد في
المناقب (2) وقال سبط ابن الجوزي: حديث الطائر وقد أخرجه أحمد في الفضائل،
والترمذي في السنن، فأما أحمد فأسنده إلى سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
- واسمه مهران - قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله (1) فضائل علي. الحديث
رقم: 945، وفي اللفظ سقط واضح. (2) الرياض النضرة في مناقب العشرة 2 / 114 / 115.
(*)
ص 114
صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم
ائتني بأحب خلقك إليك، فإذا بالباب يفتح، فدخل علي فأكل معه (1). وقال (الدهلوي)
في جواب سؤال بعد رواية الترمذي: وقد أخرجه الإمام أحمد في المناقب من حديث سفينة
وسيأتي نص كلامه في محله إن شاء الله تعالى. رواية أحمد دليل الثبوت ولقد تقرر
لدى المحققين: أن رواية أحمد لحديث يقتضي صحته وثبوته: قال أخطب خوارزم - في بيان
كثرة فضائل أمير المؤمنين عليه السلام - ما نصه: أنبأني أبو العلاء الحافظ هذا
قال أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن
يعقوب بن المهرجان، حدثنا علي بن محمد النخعي القاضي، حدثنا الحسين بن الحكم، حدثنا
الحسن ابن الحسين، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال قال رجل لابن عباس:
سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله، إني لأحسبها ثلاث آلاف. فقال ابن عباس: أو
لا تقول إنها إلى الثلاثين ألفا أقرب؟ ويدلك على ذلك أيضا: ما يروى عن الإمام
الحافظ أحمد بن حنبل، وهو - كما عرف أصحاب الحديث في علم الحديث - قريع أقرانه
وإمام زمانه، والمقتدى به في هذا الفن في إبانه، والفارس الذي يكب فرسان الحفاظ في
ميدانه، وروايته عنه مقبولة وعلى كاهل التصديق محمولة، لما علم أن الإمام أحمد بن
حنبل ومن احتذى على أمثاله - وسبح على منواله وحطب في حبله وانضوى إلى حفله، مالوا
إلى تفضيل الشيخين رضوان الله عليهما، فجاءت روايته فيه كعمود الصباح لا يمكن ستره
بالراح، وهو: ما رواه الشيخ الإمام الزاهد (1) تذكرة خواص الأمة: 38. (*)
ص 115
فخر الأئمة أبو الفضل بن عبد الرحمان الحفر بندي الخوارزمي رحمه الله تعالى... الخ
(1). وقال محمد بن يوسف الحافظ الكنجي: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن
بركة الكتبي بالموصل، عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد، أخبرنا الحسين بن أحمد
المقري... عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال قال رجل لابن عباس: سبحان
الله ما أكثر مناقب علي وفضائله! إني لأحسبها ثلاثة آلاف. فقال ابن عباس: أو لا
تقول إنها إلى ثلاثين ألفا أقرب. خرج هذا الأثر عن ابن عباس الأئمة في كتبهم. قلت:
ويدلك على ذلك ما روينا عن إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل، وهو أعرف أصحاب الحديث في
علم الحديث، قريع أقرانه وإمام زمانه والمقتدى به في هذا الفن في إبانه، والفارس
الذي يكب فرسان الحفاظ في ميدانه، وروايته مقبولة وعلى كاهل التصديق محمولة، ولا
يتهم في دينه ولا يشك أنه يقول بتفضيل الشيخين أبي بكر وعمر، فجاءت روايته فيه
كعمود الصباح، لا يمكن ستره بالراح، وهو ما أخبرنا العلامة مفتي الشام أبو نصر محمد
بن هبة الله بن محمد بن جميل الشيرازي..؟ (2). وقال سبط ابن الجوزي بتصحيح حديث
المواخاة من حديث مجدوح بن زيد الباهلي: وأحمد مقلد في الباب، متى روى حديثا وجب
المصير إلى روايته، لأنه إمام زمانه، وعالم أوانه، والمبرز في علم النقل على
أقرانه، والفارس الذي لا يجارى في ميدانه، وهذا هو الجواب عن جميع ما يرد في الباب
في أحاديث الكتاب (3). وقال السبكي في مقام توثيق رجال حديث (من زار قبري وجبت له
(هامش)
(1) مناقب علي بن أبي طالب: 3. (2) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 253 (3)
تذكرة خواص الأمة: 22. (*)
ص 116
شفاعتي) ردا على ابن تيمية - بعد كلام له -: وأحمد - رحمه الله - لم يكن يروي إلا
عن ثقة، وقد صرح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنفه في الرد على البكري بعد عشر
كراريس، منه، قال: إن القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم من لم
يرو إلا عن ثقة عنده، كما لك، وشعبة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن
حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله... وقد كفانا الخصم بهذا الكلام مؤنة تبيين أن أحمد لا
يروي إلا عن ثقة وحينئذ لا يبقى له مطعن فيه (1) من مصادر ترجمة أحمد وإليك بعض
مصادر ترجمة أحمد بن حنبل وفضائله الجمة: 1 - سير أعلام النبلاء 11 / 177. 2 -
تذكرة الحفاظ 2 / 431. 3 - وفيات الأعيان 1 / 63. 4 - حلية الأولياء 9 / 161. 5 -
تهذيب الأسماء واللغات 1 / 110. 6 - الوافي بالوفيات 6 / 363. 7 - مرآة الجنان 2 /
132. 8 - طبقات السبكي 2 / 27. 9 - طبقات الحفاظ: 186. 10 - طبقات المفسرين 1 / 70.
11 - العبر 1 / 435.
(هامش)
(1) شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام: 1 / 11. (*)
ص 117
12 - تاريخ بغداد 4 / 412. 13 - تهذيب التهذيب 1 / 62. 14 - طبقات القراء 1 / 112.
15 - البداية والنهاية 10 / 235. وقد ذكرنا طرفا من فضائله في القسم الثاني من مجلد
حديث الغدير، وفي مجلد حديث التشبيه. ومن جلائل مناقبه ما جاء عن إبراهيم بن
الحارث من ولد عبادة بن الصامت: قيل لبشر الحافي - حين ضرب أحمد بن حنب لفي المحنة
-: لو قمت وتكلمت كما تكلم، فقال: لا أقوى عليه، إن أحمد قام مقام الأنبياء (1).
وفي (رجال المشكاة) بترجمته: قال الميموني: قال لي ابن المديني بالبصرة بعد
المحنة: يا ميموني ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد، فعجبت من هذا وأبو بكر قد
قام في الردة، قلت: بأي شيء؟ قال: إن أبا بكر وجد أنصارا، وإن أحمد لم يجد ناصرا .
*(3)* رواية عباد بن يعقوب

ورواه أبو سعيد عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي في (كتاب
المعرفة) (2)
(هامش)
(1) تهذيب الأسماء واللغات 1 / 112. (2) نقل عنه الذهبي حديثا بترجمة فطر بن خليفة
قال: قال عباد بن يعقوب في كتاب المناقب له: أنبأنا أبو عبد الرحمن الأصباغي
وغيره، عن جعفر الأحمر قال: دخلنا على فطر بن خليفة - وهو مغمى عليه، فأفاق فقال -:
يا عبد الله: ما يسرني أن مكان كل شعرة في جسدي لسان يسبح الله بحبي أهل البيت
سير أعلام النبلاء، / 33. (*)
ص 118
- الذي ألفه في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام - حيث قال: حدثنا عيسى، عن عبد
الله بن محمد بن عمر بن علي، حدثني أبي عن أبيه عن جده علي قال: أهدي لرسول الله
صلى الله عليه وسلم طير - يقال له الحبارى - فوضع بين يديه، وكان أنس بن مالك
يحجبه، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده إلى الله ثم قال: اللهم ائتني بأحب خلقك
إليك يأكل معي من هذا الطير - قال أنس: فجاء علي فاستأذن فقال له أنس: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم على حاجة، فرجع ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء،
فجاء علي فرده أنس، ثم دعا الثالث، فجاء فأدخله، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: اللهم وإلي، فأكل معه، ثم خرج علي. قال أنس قلت: يا أبا الحسن استغفر لي،
فإن لي إليك ذنبا، وإن عندي بشارة، فأخبرته بما كان من دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم، فحمد الله واستغفر لي ورضي عني، وأذهب ذنبي عنده بشارتي إياه . وجوه وثاقة
عباد بن يعقوب وعباد بن يعقوب الرواجني من كبار المحدثين الثقات، حسب تصريحات
المحققين، فيجوز الاحتجاج بحديثه، ولنوضح ذلك في الوجوه التالية إفحاما للمكابرين:
1 - إنه شيخ البخاري إن عباد بن يعقوب من شيوخ البخاري صاحب الصحيح، نص على ذلك
السمعاني حيث قال: الرواجني بفتح الراء والواو وكسر الجيم وفي آخرها النون، هذه
بالنسبة سألت عنها استاذي أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بإصبهان
فقال: هذا نسبة أبي سعيد عباد بن يعقوب شيخ البخاري، وأصل هذه النسبة الدواجن
بالدال المهملة، وهي جمع داجن وهو الشاة التي تسمن في الدار، فجعلها الناس الرواجن
بالراء، ونسب عباد إلى
ص 119
ذلك هكذا قال ولم يسند الحكاية إلى أحد. وظن أن الرواجن بطن من بطون القبائل، والله
أعلم (1). ويدل على ذلك أيضا روايته عنه في صحيحة حيث قال في كتاب التوحيد: باب
وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا وقال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة
الكتاب: حدثني سليمان قال: حدثنا شعبة بن الوليد. ح وحدثني عباد بن يعقوب الأسدي
قال قال: أخبرنا عباد بن العوام، عن الشيباني، عن الوليد بن العيزار، عن أبي عمرو
الشيباني عن ابن مسعود: إن رجلا سال النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟
قال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله (2). فثبت كون عباد بن
يعقوب شيخ البخاري، وناهيك به دلالة على كمال الاعتماد والاعتبار والوثوق، وزهوق
شكوك أرباب الجحود والمروق. 2 - إنه شيخ الترمذي إن عباد بن يعقوب من مشايخ الترمذي
صاحب الصحيح كما سيأتي. 3 - إنه شيخ ابن ماجة صاحب السنن، الذي هو أحد الصحاح الستة
كما سيأتي. 4 - رواية الأساطين عنه ولقد روى عنه غير هؤلاء جماعة من كبار الأئمة
الأعلام وأساطين
(هامش)
(1) الأنساب - الرواجني. (2) صحيح البخاري 4 / 833.
ص 120
الحديث قال عبد الغني المقدسي بترجمته: عباد بن يعقوب، أبو سعيد الرواجني الكوفي
الأسدي، روى عن: شريك، وحاتم بن إسماعيل، الوليد بن أبي ثور، وعلي بن هاشم بن
البريد، ومحمد بن فضل، وعمرو بن ثابت، والحسن بن زيد بن علي، وإسماعيل بن عياش،
وعبد الله بن عبد القدوس، وعبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العزرمي. روى عنه:
البخاري والترمذي، وابن ماجة، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود،
وأحمد بن إسحاق بن البهلول، وأبو حاتم - وسئل عنه فقال: كوفي شيخ - والحسين بن
إسحاق، وجعفر بن محمد بن مالك الغزاري الكوفي. مات ستة 250 (1). وقال ابن حجر
العسقلاني: روى عن: شريك النخعي، وعباد بن الكلام، وعبد الله بن عبد القدوس،
وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى... وعنه: البخاري حديث واحدا مقرونا، والترمذي، وابن
ماجة، وأبو حاتم وأبو بكر البزار، وعلي بن سعيد بن بشر الرازي، ومحمد بن علي الحكيم
الترمذي، وصالح بن محمد جزرة، وابن خزيمة، وابن خزيمة، وابن صاعد، وابن أبي داود،
والقاسم بن زكريا المطرز، وخلق (2) ويفيد التتبع لكلمات المحققين منهم: أن رواية
الأكابر عن رجل تدل على جلالته بل اعتباره ووثاقته، وقد ذكرنا في مجلد حديث الولاية
بعض الشواهد على ذلك، كاستدلال الذهبي لجلالة أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي
برواية ابن عبد البر وابن حزم عنه (3)، واستدلال ابن حجر
(هامش)
(1) الكمال في معرفة الرجال - مخطوط. (2) تهذيب التهذيب 5 / 109. (3) العبر في
حوادث من غبر - حوادث 478: ومن جلالته أن إمامي الأندلس ابن عبد البر وابن حزم رويا
عنه. (*)
ص 121
المكي برواية الصحابة والتابعين عن معاوية، على عليم معاوية وفقهه (1)... وقال ابن
قيم الجوزية بأن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له على أحد القولين، وإن لم ينص
الراوي على ثقة المروي عنه. 5 - توثيق أبي حاتم وقد وثقه أبو حاتم محمد بن إدريس
الرازي، قال الذهبي: عباد بن يعقوب الرواجني، أبو سعيد شيعي جلد، عن الوليد بن
أبي ثور وشريك وعدة. عنه (خ) مقرونا و(ت - ق) وابن خزيمة وابن صاعد وخلق. وثقه أبو
حاتم. توفي سنة 250 (2). وفي (تهذيب التهذيب): قال أبو حاتم: شيخ ثقة (3).
وقال ابن حجر: عباد بن يعقوب الرواجني الكوفي، أبو سعيد، رافضي مشهور إلا أنه كان
صدوقا، وثقه أبو حاتم... (4). وتوثيق أبي حاتم يكفي للاعتماد على الرجل، فإن (كل
الصيد في جوف الفرا) لأن الذهبي الذي تعصبه وتعنته ظاهر جلي قال بترجمة أبي حاتم ما
لفظه: إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث،
وإذا لين رجلا أو قال فيه: لا يحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد
فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال الصحاح
ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو ذلك (5).
(هامش)
(1) تطهير الجنان - هامش الصواعق المحرقة: 53. (2) الكاشف 2 /: 3. (3) تهذيب
التهذيب 5 / 109. (4) مقدمة فتح الباري: 410. (5) سير أعلام النبلاء 13 / 247.
ص 122
6 - توثيق ابن خزيمة وكذا وثقه ابن خزيمة بصراحة، قال ابن حجر: قال الحاكم: كان
ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب (1). وقال:
قال الحاكم: كان ابن خزيمة إذا حدث عنه يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في
دينه عباد بن يعقوب (2). وأما جواب اتهام ابن يعقوب في الدين فسيجئ بالبيان
الظاهر المبين إن شاء الله المعين. ترجمة ابن خزيمة وابن خزيمة من مشاهير أئمة أهل
السنة وأساطين محدثيهم: قال الذهبي: إن خزيمة الحافظ الكبير، إمام الأئمة، شيخ
الإسلام أبو بكر محمد ابن إسحاق بن خزيمة... جود وصنف واشتهر اسمه وانتهت إليه
الإمامة والحفظ في عصره بخراسان، حدث عنه الشيخان خارج صحيحيهما، ومحمد ابن عبد
الله بن عبد الحكم أحد شيوخه، وأحمد بن المبارك المستملي، وإبراهيم ابن أبي طالب،
وأبو علي النيسابوري، وإسحاق بن سعيد النسائي، وأبو عمرو ابن حمدان، وأبو حامد أحمد
بن محمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن مهران المقري، محمد بن أحمد بن بصير، وحفيده
محمد بن الفضل بن محمد، وخلق لا يحصون. قال أبو عثمان الحيري: حدثنا ابن خزيمة قال:
كنت إذا أردت أن أصنف الشيء دخلت في الصلاة مستخيرا حتى يقع لي فيها ثم ابتدئ، ثم
قال
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 5 / 109. (2) مقدمة فتح الباري: 410. (*)
ص 123
أبو عثمان الزاهد: إن الله ليدفع البلاء عن أهل نيسابور بابن خزيمة. قال أبو علي
النيسابوري: لم أر مثل ابن خزيمة... قلت: هذا الإمام كان فريد عصره، فأخبرني الحسن
بن علي... أنا أبو حاتم محمد بن حبان التميمي قال: ما رأيت على وجه الأرض من يحسن
صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها - حتى كان السنن بين عينيه - إلا محمد
بن إسحاق بن خزيمة فقط. قال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير،
وحكى أبو بشر القطان قال: ران جار لابن خزيمة من أهل العلم كان لوحا عليه صورة
نبينا صلى الله عليه وسلم وابن خزيمة يصقله، فقال المعبر: هذا رجل يحيي سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو العباس بن شريح وذكر ابن خزيمة فقال: يستخرج
النكت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنقاش. وقال الحاكم في كتاب علوم
الحديث: فضائل ابن خزيمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة، ومصنفاته تزيد على مائة
وأربعين كتابا، سوى المسائل والمسائل المصنفة مائة جزء، وله فقه حديث بريدة في
ثلاثة أجزاء. قال أحمد بن عبد الله المعدل: سمعت عبد الله بن خالد الإصبهاني يقول:
سئل عبد الرحمن بن أبي حاتم عن ابن خزيمة فقال: ويحكم، هو يسأل عنا ولا نسأل عنه،
هو إمام يقتدى به... وكانت وفاته في ثاني ذي القعدة سنة 311 وهو في تسع وثمانين سنة
(1). 7 - قال الدارقطني: صدوق وقد نص الدارقطني على أن عباد بن يعقوب صدوق قال
ابن حجر: قال الدارقطني: شيعي صدوق (2).
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 2 / 720. (2) تهذيب التهذيب 5 / 109. (*)
ص 124
وفي نص الدارقطني كفاء لمكتف وشفاء لمشتف، فجاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان
زهوقا. 8 - صحة حديثه وجاء في (تهذيب التهذيب) بترجمته: وقال ابن إبراهيم بن أبي
بكر بن أبي شيبة: لو لا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث: عباد بن يعقوب، وإبراهيم
بن محمد بن ميمون (1). فثبت بهذا التصريح أن حديث عباد صحيح. 9 - قال ابن حجر:
صدوق وقد حكم بصدقه ابن حجر العسقلاني كذلك، حيث قال: صدوق رافضي، حديثه في
البخاري مقرون، بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك، من العاشرة، مات سنة خمسين (2).
وفي (هدي الساري): رافضي مشهور، إلا أنه كان صدوقا، وثقه أبو حاتم... (3). وفيه
كفاية لأهل الرشاد والايقان، وقمع لأساس هواجس أصحاب الريب والعدوان... الرفض لا
يوجب الترك وأما قولهم: رافضي فتلك شكاة ظاهر عنك عارها، وغير خاف على الممارس
في هذا الشأن أن ترك حديث أحد لأجل الرفض و التشيع عين
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 5 / 109. (2) تقريب التهذيب 1 / 394. (3) مقدمة فتح الباري 1 /
394. (*)
ص 125
التهور والتنطع، أما سمعت ابن قتيبة يقول: أسماء الغالية من الرافضة: أبو الطفيل
صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله صلى الله عليه موتا، والمختار، وأبو
عبد الله الجدلي، وزرارة بن أعين، وجابر الجعفي (1). فقد علم منه كون أبو
الطفيل الصحابي من غلاة الرافضة فكون عباد بن يعقوب هذا رافضيا فحسب لا
يقتضي الطعن بالأولوية، ولو كان الرفض بل الغلو في الرفض موجبا للقدح
والجرح للزم سقوط دعوى عدالة الصحابة أجمعين أكتعين... وعليه، فلو رفع القادحون في
عباد بن يعقوب اليد عن دعوى عدالة جميع الصحابة فإنا نرفع اليد عن توثيق
عباد بن يعقوب ولكنا لا نظنهم يختارون ذلك، فإنه قوام مذهبهم، بل يختارون التسليم
بوثاقة عباد بن يعقوب ... ومرام أهل الحق حاصل على كل حال، كما لا يخفى. وعلى
هذا الأساس نجيب عما قيل في حق عباد بن يعقوب في الكتب الرجالية، فقد جاء في (تهذيب
التهذيب): قال ابن عدي: سمعت عبدان يذكر عن أبي بكر بن أبي شيبة أو هناد السري
أنهما أو أحدهما فسقه ونسبه إلى أنه يشتم السلف، قال ابن عدي: وعباد فيه غلو في
التشيع، وروى أحاديث انكرت عليه في الفضائل والمثالب، وقال صالح بن محمد: كان يشتم
عثمان قال: وسمعته يقول: الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة، لأنهما بايعا
عليا ثم قاتلاه. وقال القاسم بن زكريا المطرز: وردت الكوفة فكتبت من شيوخها كلهم
إلا عباد بن يعقوب، فلما فرغت دخلت عليه وكان يمتحن من يسمع منه، فقال لي: من حفر
البحر؟ فقلت: الله خلق البحر، قال: هو كذلك ولكن من حفره؟ قلت: يذكر الشيخ؟ قال:
علي. ثم قال: من أجراه؟ قلت: الله أجرى الأنهار
(هامش)
(1) المعارف: 624. (*)
ص 126
ووسع العيون، قال: هو كذلك لكن من أجراها؟ قلت: يذكر الشيخ، قال: أجراها الحسين.
قال: وكان مكفوفا، ورأيت في بيته سيفا معلقا فقلت: لمن هذا؟ قال: أعددته لأقاتل به
مع المهدي. قال: فلما فرغت من سماع ما أردت وعزمت على السفر دخلت عليه، فسألني
فقال: من حفر البحر؟ فقلت: حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص، ثم وثبت، فجعل يصيح:
أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه. قال البخاري: مات في شوال، وقال محمد بن عبد الله
الحضرمي: في ذي القعدة سنة 250 (1). فإن حاصل ذلك كله رفض عباد بن يعقوب، وقد
ذكرنا الجواب، وأوضحنا أن ذلك لا يضر بعدالة الرجل بحال. وأما قول ابن حجر: ذكر
الخطيب أن ابن خزيمة ترك الرواية عنه آخرا فيجاب عنه على تقدير تسليمه: بأنه لا
يعبأ به بعد تصريحه بوثاقته، لأن ذلك مؤيد بتوثيق أبي حاتم وغيره من أعلام الجرح
والتعديل، على أنه قد تقدم عن ابن حجر العسقلاني قوله في (التقريب): وبالغ ابن
حبان فقال: يستحق الترك فلو لم يسبق توثيقه الترك أيضا لما التفت إليه المحققون
حسب تصريح ابن حجر العسقلاني. وأما قول ابن حجر: قال ابن حبان: كان رافضيا داعية
ومع ذلك يروي عبد الله بن عوف: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه فنقول: أما
كونه رافضيا فلا يضر، كما تقدم. وأما كونه داعية فهي دعوى أجاب عنها
السمعاني بقوله: قلت: روى عنه جماعة من مشاهير الأئمة مثل: أبي عبد الله محمد بن
إسماعيل البخاري،
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 5 / 110. (*)
ص 127
لأنه لم يكن داعية إلى هواه . على أنا قد ذكرنا في مجلد حديث الولاية - حسب
تصريحات المحققين المنصفين من أهل السنة - أن كون الراوي داعية لا يسبب طرح حديثه
وعدم الاعتماد عليه، فليراجع. وأما كونه يروي المناكير عن المشاهير فدعوى بلا
دليل، فهي غير مسموعة. وأما كونه مستحق الترك، فقد تقدم الجواب عنه. وأما روايته عن
شريك عن عاصم... فإنها لا توجب القدح، لأن مطاعن معاوية كثيرة جدا بحيث لا يستبعد
منصف = - بعد النظر فيها - صحة هذا الحديث. هذا، وقد أورد السمعاني كلام ابن حبان
هذا الذي ظهر فساده من أوله إلى آخره، فأجاب عنه بما تقدم نقله عنه آنفا، فلا نعيد.
ومن لطائف المقام: قول السمعاني بعد ذلك: وروى عنه حديث أبي بكر رضي الله عنه:
أنه قال: لا تفعل يا خالد ما أمرتك به. سألت الشريف عمر ابن إبراهيم الحسيني
بالكوفة عن معنى هذا الأثر فقال: كان أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليا، ثم ندم بعد
ذلك، فنهى عن ذلك . وبما أن السمعاني قد سكت عن الكلام في هذا الحديث فإن سكوته
يدل على تسليمه بصحته، على ما تقرر لدى علماء أهل السنة، كما لا يخفى على من تتبع
كلماتهم، وعلى هذا الأساس استدل (الدهلوي) في الباب الرابع من (التحفة) بسكوت
القاضي التستري - رحمه الله - في (مجالس المؤمنين) أمام كلام الذهبي في (الميزان)
في القدح في (زرارة بن أعين).
ص 128
(5)
رواية أبي حاتم

وممن رواه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، قال أخطب خوارزم:
أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، قال: أخبرنا
القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ قال: أخبرنا والدي أبو بكر أحمد
بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن علي الرودباري قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن مهرويه بن عباس بن سنان الرازي قال: حدثنا أبو حاتم الرازي
قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسماعيل الأزرق، عن أنس بن مالك قال:
أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي
من هذا الطير، فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي، فقلت: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم على حاجة، قال: فذهب ثم جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إفتح، ففتحت، ثم دخل فقال: ما حبسك يا علي؟ قال: هذا آخر ثلاث كرات يردني
أنس، يزعم أنك على حاجة، قال: ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال: سمعت دعائك فأحببت
أن يكون في رجل من قومي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل قد يحب قومه
(1).
(هامش)
(1) مناقب علي بن أبي طالب: 64. (*)
ص 129
ترجمة أبي حاتم وأبو حاتم من مشاهير أئمة الحديث ونقدة الأخبار ونحارير الجرح
والتعديل: 1 - السمعاني: وأبو حاتم كان إماما حافظا فهما، من مشاهير العلماء، له
رحلة إلى الشام ومصر والعراق، روى عنه أبو عمرو بن حكيم، وعالم لا يحصون كثرة، توفي
سنة 277 (1). 2 - ابن الأثير: هو من أقران البخاري ومسلم (2). 3 - الذهبي:
وفي سنة سبع مات حافظ زمانه: أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي، في شعبان، وهو
في عشر التسعين، وكان جاريا في مضمار أبي زرعة والبخاري (3). 4 - ابن حجر: أحد
الحافظ (4). وقد جاءت ترجمة مفصلة في مجلد حديث التشبيه (5). 5 - رواية الترمذي
ورواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي في مناقب أمير المؤمنين عليه
(هامش)
(1) الأنساب - الجزي. (2) الكامل في التاريخ حوادث: 277. (3) دول الإسلام حوادث:
277. (4) تقريب التهذب 2 / 143. (5) ومن مصادر ترجمته أيضا: تاريخ بغداد 2 / 73،
سير أعلام النبلاء 13 / 427، تهذيب التهذيب 9 / 31. (*)
ص 130
السلام حيث قال: باب: حدثنا سفيان بن وكيع، نا عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن
عمر، عن السدي، عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير، فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه. هذا حديث غريب
لا نعرفه من حديث السدي إلا من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أنس،
والسدي اسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن، وقد أدرك أنس بن مالك، ورأى الحسين بن علي
(1). وإذا كان الترمذي - وهو أحد الأركان الستة - راويا لهذا الحديث الشريف، فإنه
لا يرتاب في صحته إلا المعاند المارق أو المتعصب المائق، والله ولي التوفيق. ثم إن
سبط ابن الجوزي نقل عن الترمذي توثيق السدي وتعديله، وهذه عبارته - في ذكر حديث
الطائر -: وأما الترمذي فقال: ثنا سفيان بن وكيع، عن عبيد الله بن موسى، عن عيسى
بن عمر، عن السدي، عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي فأكل معه. قال
الترمذي: السدي: اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن، سمع من أنس بن مالك، ورأى الحسين بن
علي، ووثقه سفيان الثوري، وشعبة، ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم. قلت: أما ذكر
الترمذي هذا في تعديل السدي لأن جماعة تعصبوا عليه ليبطلوا هذا الحديث، فعدله
الترمذي (2). وثاقة السدي وبالرغم من كفاية توثيق الترمذي وتعديله للاعتماد على
هذا
(هامش)
(1) صحيح الترمذي 5 / 595. (2) تذكرة الخواص من الأمة: 39. (*)
ص 131
الحديث، ودفع تشكيكات أهل المراء واللجاج، فإنا نذكر وجوها أخرى لوثاقته: - 1 -
توثيق أحمد لقد وثقه أحمد بن حنبل، كما جاء في (تهذيب التهذيب) بترجمته: قال أبو
طالب عن أحمد: ثقة (1). وتوثيق أحمد يدل على وثاقة الرجل، لأن مجرد روايته عن أحد
يدل على ذلك، فتوثيقه الصريح بالأولوية. 2 - توثيق العجلي ووثقه أحمد بن عبد الله
(2) على ما جاء في (تهذيب التهذيب) أيضا حيث قال: قال العجلي: ثقة، عالم
بالتفسير، رواية له (3). 3 - قال النسائي: صالح وقال النسائي في حقه مرة: صالح
وقال أخرى: ليس به بأس ، قال ابن حجر بترجمته: قال النسائي في الكنى: صالح، وقال
في موضع آخر: ليس به بأس (4). هذا، وقد ذكر علماء الدراية: أن النسائي أشد شرطا
في الرجال من الشيخين، فقوله: صالح و ليس به بأس يفيد غاية وثاقة السدي
ونهاية الاعتماد عليه، لا سيما وأنه قد أخرج حديثه في صحيحه كما ستعرف إن شاء
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 1 / 313. (2) توجد ترجمته في: سير أعلام النبلاء 12 / 505. (3)
تهذيب التهذيب 1 / 131. (*)
ص 132
الله تعالى. 4 - قال ابن عدي: مستقيم الحديث صدوق... وقال ابن عدي (1): هو عندي
مستقيم الحديث صدوق لا بأس به . قال ابن حجر: قال ابن عدي: له أحاديث يرويها عن
عدة شيوخ، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به (2). 5 - ذكره ابن حبان في
الثقات وقد ذكره ابن حبان في (الثقات) حيث قال: إسماعيل بن عبد الرحمن ابن أبي
ذويب السدي الأعور، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد مناف، يروي عن أنس بن
مالك، وقد رأى ابن عمر. روى عنه: الثوري، وشعبة، وزائدة. مات سنة سبع وعشرين ومائة،
في إمارة ابن هبيرة (3). هذا، وقد قال ابن حبان في أول كتابه المذكور: ولا أذكر
في هذا الكتاب الأول إلا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم . وقال: فكل من أذكره
في هذا الكتاب الأول فهو صدوق يجوز الاحتجاج بخبره إذا تعدى خبره عن خصال خمس ثم
قال بعد أن ذكر تلك الخصال وإنما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ، وقد ضعفه
بعض المشايخ ووثقه بعضهم، فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة التي بينتها في
كتاب الفصل بين النقلة، أدخلته في هذا الكتاب، لأنه يجوز الاحتجاج بخبره، ومن صح
عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب
(هامش)
(1) من مصادر ترجمته: سير أعلام النبلاء 16 / 154. (2) تهذيب التهذيب 1 / 313. (3)
الثقات 4 / 20. (*)
ص 133
الفصل بين النقلة، لم أذكره في هذا الكتاب، لكني أدخلته في كتاب الضعفاء بالعلل،
لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره، فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعدى خبره عن الخصال
الخمس التي ذكرتها فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره . 6 - توثيق السمعاني ووثقه
السمعاني حيث قال مترجما إياه: ... وهو السدي الكبير، ثقة مأمون، روى عنه: الثوري،
وشعبة وزائدة... قال يحيى بن سعيد: ما سمعت أحدا يذكر السدي إلا بخير، وما تركه أحد
(1). 7 - تخريج مسلم حديثه والسدي من رجال صحيح مسلم، قال المقدسي ابن القيسراني
في أفراد مسلم ممن اسمه إسماعيل: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الهاشمي
المعروف بالسدي الأعور الكوفي، أصله حجازي، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد
المطلب، يكنى أبا محمد، سمع إنس بن مالك، ولقي عبد الله وسعد بن عبادة ويحيى بن
عباد، روى عنه: أبو عوانه، والثوري، والحسن بن صالح، وزائدة، وإسرائيل مات سنة سبع
وعشرين وماءة (2). هذا، وقد ذكر ابن القيسراني في صدر كتابه المذكور: أنه قد صح
لدى حفاظ الحديث كابن عدي والدارقطني وابن مندة والحاكم وغيرهم من السابقين
واللاحقين ممن تأخر عن الشيخين: أن من أخرجا له صحيح الحديث، لأنهما لم يخرجا إلا
عن ثقة عدل حافظ... وقال ابن حجر: ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب
(هامش)
(1) الأنساب - السدي. (2) الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 28. (*)
ص 134
الصحيح لأي راو كان متقض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف ذلك
من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من
خرج عنه في الصحيح، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما . وقال
القاري: وقد كان أبو الحسن المقدسي يقول فيمن خرج أحدهما في الصحيح 6 هذا جاز
القنطرة، يعني: لا يلتفت إلى ما قيل فيه، لأنهما مقدمان على أئمة عصرهما ومن بعدهما
في معرفة الصحيح والعلل (1). 8 - إنه من رجال الصحاح هذا، بالاضافة إلى أن السدي
من رجال صحيح أبي داود وصحيح الترمذي وصحيح النسائي وصحيح ابن ماجة... كما يفهم من
الرموز الموضوعة على ترجمته في (تهذيب التهذيب) و(تقريب التهذيب) وغيرهما من كتب
رجال الحديث. وقد ذكرنا في مجلد حديث الولاية عن بعض علماء أهل السنة: أن رجال
الصحاح الستة كلهم عدول ثقات، ومعروفون بالتقى والديانة في كل عصر... وقد علمت أن
السدي من رجال البخاري ومسلم والأربعة. 9 - كونه شيخ شعبة وعلى فرض عدم توثيق
شعبة إياه فإن السدي من شيوخه، وقد علمت من كلام السبكي في (شفاء الأسقام) عن ابن
تيمية أن شعبة ممن لا يروي إلا عن ثقة، وبه قال ابن حجر في صدر كتابه (لسان
الميزان) كما لا يخفى على من طالعه.
(هامش)
(1) مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح 1 / 16. (*)
ص 135
10 - رواية الأعاظم عنه ولقد روى عنه جماعة من أعاظم العلماء، كابي عوانة، والثوري،
والحسن بن صالح، وزائدة، وإسرائيل، وسماك بن حرب، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان
التيمي، وأبي بكر بن عياش... وقد علمت آنفا أن في رواية الأكابر دلالة على وثاقة
الرجل، بل هي تعديل له. 11 - تصريح الكابلي بوثاقته وقد صرح نصر الله الكابلي صاحب
(الصواقع) المعروف بتعصبه وعناده للحق وأهله. بثقة السدي، حيث قال في الكتاب
المذكور في المطلب السادس في بيان المكائد من المقصد الأول: السادسة والعشرون:
نقل أخبار عن بعض كتب أهل السنة مما رواه بعض محدثيهم عن رجل يشاركه غيره في اسمه
أو لقبه أو كليهما، أحدهما صدوق والآخر كذوب، وترك ما يميز به أحدهما عن الآخر،
ليعلم أنه صحيح، كالسدي، فإنه مشترك بين رجلين أحدهما الكبير والآخر الصغير، والأول
منهما ثقة والآخر كذاب وضاع رافضي، فينخدع من لا يعرف حقيقة الأمر وليس له دربة
12 - تصريح (الدهلوي) بوثاقته وهكذا. نص (الدهلوي) على وثاقة السدي في كتابه
(التحفة)، في الباب الثاني في بيان المكيدة التاسعة عشر. تتمة في وصف الترمذي
الحديث بالغرابة وأما بالنسبة إلى وصف الترمذي حديث الطير بالغرابة - كما في النسخة
- فنقول:
ص 136
أولا لم يرد هذا في نقل سبط ابن الجوزي. ثانيا: إن الغرابة لا تدل على عدم الصحة،
لأن الحديث الغريب قد يكون صحيحا، فالغريب يعم الصحيح وغير الصحيح، ولا دلالة للعام
على الخاص، لكن إخراج الترمذي إياه في صحيحه وتوثيقه السدي - ردا على جماعة تعصبوا
عليه ليبطلوا الحديث - يدل بصراحة على تصحيحه له وإن وصفه بالغرابة. ويشهد بما
ذكرنا من عموم الغريب كلمات علماء الدراية في تعريفه، قال ابن الصلاح بتعريفه:
ثم إن الغريب ينقسم إلى صحيح كالأفراد المخرجة في الصحيح، وإلى غير صحيح، وذلك هو
الغالب على الغرائب، روينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال غير مرة: لا
تكتبوا هذا الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها من الضعفاء (1). وهذا الكلام
يدل على المطلوب من وجهين: الأول: إن الغريب ينقسم إلى صحيح وإلى غير صحيح، فليس كل
غريب غير صحيح. الثاني: لو كان حديث الطير من الغريب غير الصحيح لما أخرجه أحمد ابن
حنبل وقد قال غير مرة: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب... فثبت أن حديث الطير ليس
من الغرائب غير الصحيحة، بل إنه حديث صحيح رواه الثقات المعتمدون. جامع الترمذي
صحيح هذا كله، بالاضافة إلى أنهم صرحوا بصحة أحاديث جامع الترمذي واعتبارها، وعلى
هذا الأساس يصح الاحتجاج بحديث الطير المخرج فيه،
(هامش)
(1) علوم الحديث 395. (*)
ص 137
وبذلك يظهر بطلان تكذيبه... ولنذكر في هذا المقام طرفا من كلماتهم في حق الترمذي
وجامعه: 1 - قال السيوطي بترجمته: قال أبو سعيد الإدريسي: كان أحد الأئمة الذين
يقتدى بهم في علم الحديث، صنف كتاب الجامع والعلل والتاريخ، تصنيف رجل عالم متقن،
كان يضرب به المثل في الحفظ (1). 2 - السمعاني: أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في
علم الحديث، صنف كتاب الجامع والتاريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن، وكان يضرب به
المثل في الحفظ والضبط... (2). 3 - ابن خلكان: الحافظ، أحد الأئمة الذين يقتدى
بهم في علم الحديث، صنف كتاب الجامع والعلل تصنيف رجل متقن، وبه يضرب المثل...
(3). فثبت من هذه الكلمات أن صحيحه موصوف بالاتقان، حري بالاعتماد، محفوظ من
الطعن... 4 - وقال ابن الأثير: ... وهذا كتابه الصحيح أحسن الكتب، وأكثرها فائدة،
وأحسنها ترتيبا، وأقلها تكرارا، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه
الاستدلال، وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب، وفيه جرح وتعديل، وفي
آخره كتاب العلل، قد جمع فيه فوائد حسنة لا يخفى قدرها على من وقف عليها. قال
الترمذي رحمه الله: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على
علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان
(هامش)
(1) طبقات الحفاظ: 278. (2) الأنساب - الترمذي. (3) وفيات الأعيان 4 / 278. (*)
ص 138
فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم... (1). فقد وصف
ابن الأثير كتاب الترمذي بالصحة، وذكر أنه أحسن الكتب، ونقل عن الترمذي رضا علماء
الأقطار بهذا الكتاب بعد أن عرضه عليهم، وقوله: من كان في بيته هذا الكتاب فكأنما
في بيته نبي يتكلم . وقد جاءت هذه الكلمة وقضية العرض على علماء البلاد عن الترمذي
في كثير من الكتب ك (تذكرة الحفاظ) و(رجال المشكاة) و(كشف الظنون) و(مقاليد
الأسانيد) ونحوها. 5 - وذكر أبو الحجاج المزي في (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف):
أما بعد، فإني قد عزمت على أن أجمع في هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى - أطراف
الكتب الستة، التي هي عمدة كتب أهل الإسلام، وعليها مدار عامة الأحكام، وهي: صحيح
محمد بن إسماعيل البخاري، وصحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري، وسنن أبي داود
السجستاني وجامع أبي عيسى الترمذي، وسنن أبي عبد الرحمن النسائي، وسنن أبي عبد الله
ابن ماجة القزويني... (2). فكتاب الترمذي أحد الكتب الستة التي هي عمدة كتب أهل
الإسلام وعليها مدار عامة الأحكام . 6 - وقال الكاتب الجلبي: والكتب المصنفة في
علم الحديث أكثر من أن تحصى، إلا أن السلف والخلف قد أطبقوا على أن أصح الكتب بعد
كتاب الله سبحانه وتعالى: صحيح البخاري، ثم صحيح مسلم، ثم الموطأ، ثم بقية الكتب
الستة وهي: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والدار قطني، والمسندات
المشهورة (3).
(هامش)
(1) جامع الأصول 1 / 114. (2) تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف - المقدمة. (3) كشف
الظنون عن أسامي الكتب والفنون 1 / 559. (*)
ص 139
7 - وقال عبد الله بن سالم البصري في ختم جامع الترمذي - نسخة مكتبة الحرم المكي -:
قال القاضي أبو بكر ابن العربي أول شرح الترمذي: إعلموا أنار الله أفئدتكم: إن
كتاب الجعفي أي البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، والموطأ هو الأول واللباب،
وعليهما بنى الجميع كالقشيري، والترمذي، فمن دونهما، ما طفقوا يصنعونه، وليس في قدر
كتاب أبي عيسى مثله حلاوة مقطع ونفاسة منزع وعذوبة مشرع، وفيه أربعة عشر علما: صنف
- وذلك أقرب إلى العمل - وأسند وصحح وأسقم، وعدد الطرق، وجرح وعدل، وأسمى وأكنى،
ووصل وقطع، وأوضح المعمول به والمتروك، وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول
لآثاره، وذكر اختلافهم في تأويلها، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه وفرد في
نصابه، والقارئ له لا يزال في رياض مونقة وعلوم متفتقة. قال: ووجدت بخط الشيخ أبي
الصبر أيوب بن عبد أبياتا في شرح مصنف الترمذي غير منسوبة وهي هذه: كتاب الترمذي
رياض علم * حكت أزهاره زهر النجوم به الآثار واضحة أبينت * بألقاب أقيمت كالرسوم
فأعلاها الصحاح وقد أنارت * نجوما للخصوص وللعموم ومن حسن يليها أو غريب * وقد بان
الصحيح من السقيم فعلله أبو عيسى مبينا * معالمه لطلاب العلوم وطرزه بآثار صحاح *
تخيرها أو لو النظر السليم من العلماء والفقهاء قدما * وأهل الفضل والنهج القويم
فجاء كتابه علقا نفيسا * ينافس فيه أرباب العلوم ويقتبسون منه نفيس علم * يفيد
نفوسهم أسنى الرسوم . 8 - وقد ذكر الثعالبي هذه القصيدة مع زيادة الأبيات التالية:
ص 140
كتبناه رويناه لنروي * من التسنيم في دار النعيم وغاص الفكر في بحر المعاني * فأدرك
كل معنى مستقيم جزى الرحمن خيرا بعد خير * ت با عيسى على الفكر الكريم . أقول: ومن
هذه الأوصاف الحسنة يعلم أن حديث الطير وحديث الولاية وأمثالهما مما أورده
الترمذي في صحيحه موصوفة بتلك الصفات ومعدودة في الصحاح ومتلقاة بالقبول، وإن
المكذب لها خارج عن أرباب النظر السليم، ومتنكب عن طريقة أهل الفضل وأرباب النهج
القويم، منهمك في التخديع والتدسيس، مولع بالتلميع والتلبيس، مستحق للطعن المليم
والجرح الذميم... 9 - وقال الكمال الأدفوي (1) في (الامتاع): قد تلقت الأمة الكتب
الخمسة أو الستة بالقبول، وأطلق عليها جماعة أسم الصحيح ورجح بعضهم بعضها على كتاب
مسل وغيره، قال أبو سليمان أحمد الخطابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف
في الدين كتاب مثله، وقد رزق من الناس القبول كافة، فصار حكما بين فرق العلماء
وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وكتاب السنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتاب
البخاري ومسلم. وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت الإمام أبا الفضل
عبد الله بن محمد الأنصاري بهراه يقول - وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي
وكتابه فقال - كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم... . 10 - وقد ذكر الطيبي:
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي خط لأجل تفهيمنا سبيل الاعتقاد الحق والعمل
الصالح وذا لا يتعدد أنحاؤه، ثم خط
(هامش)
(1) وهو: جعفر بن ثعلب، المتوفى سنة 748 أو 749. توجد ترجمته في: طبقات السبكي 6 /
86 والأسنوي 1 / 86 ابن قاضي شهبة 2 / 172 الدرر الكامنة 2 / 72. حسن المحاضرة 1 /
320 وغيرها.
ص 141
خطوطا عن يمينه وشماله، إشارة إلى أن سبيله وسط بين الافراط والتفريط كالجبر
والقدر، وتلك الخطوط مذاهب أهل الأهواء اثنتين وسبعين فرقة. فإن قلت: ما وثوقك أنك
على الصراط المستقيم، فإن كل فرقة تدعي أنها عليه؟ قلت: بالنقل عن الثقات المحدثين،
الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أموره صلى الله عليه وسلم وأحواله، وفي أحوال
الصحابة، مثل الصحاح الستة التي اتفق الشرق والغرب على صحتها، وشراحها كالخطابي،
والبغوي، والنووي، اتفقوا عليه، فبعد ملاحظته ينظر من الذي تمسك بهديهم واقتفى
أثرهم (1). وكذا قال محمد طاهر الفتني في (مجمع البحار) بشرح الحديث المذكور.
وقال المناوي بشرح حديث افتراق الأمة: فإن قيل: ما وثوقك بأن تلك الفرقة الناجية
هي أهل السنة والجماعة، مع أن كل واحد من الفرق يزعم أنه هي دون غيره؟ قلنا: ليس
ذلك بالادعاء والتشبث باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم، بل بالنقل على جهابذة
أهل الصنعة وأئمة الحديث، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمور المصطفى صلى الله عليه
وسلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته، وأحوال الصحب والتابعين، كالشيخين وغيرهما
من الثقات المشاهير، الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم، ومن تكلف
باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها، كالخطابي، والبغوي، والنووي، جزاهم الله خيرا، ومن
اقتفى أثرهم واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيحكم بأنهم هم (2).
(هامش)
(1) الكاشف في شرح المشكاة - مخطوط. (2) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 2 / 20.
(*)
ص 142
أقول: فثبت أن حديث الطير و والولاية وغيرهما مما أخرج في صحيح الترمذي
وغيره من الكتب الستة، مما اتفق عليه أهل الشرق والغرب، وحكموا بصحته... 11 - وقال
الشنواني في (الدرر السنية فيما علا من الأسانيد الشنوانية) بعد أن ذكر أسانيد
الصحاح الستة - ومنها صحيح الترمذي -: تنبيه: هذه الكتب المذكرة - أعني البخاري
وما ذكر بعده هي الكتب الستة المشهورة بين المحدثين بالفضل المتين، قالوا: وينبغي
لطالب الحديث أن يتلقنها على ترتيبها المذكور: البخاري، فمسلم، فسنن أبي داود، سواء
كان ذلك التلقي قراءة منه على شيخه أو سماعا من شيخه أو إجازة منه، وكذا كتب الأئمة
الآتي ذكرها يتلقى على ترتيبها الآتي . أقول: فظهر أن حديث الطير من الأحاديث
المشهورة بين المحدثين، ومن الآثار المأثورة الشائعة بين المنقدين، ومتصف بالفضل
المتين والشرف المبين، وينبغي لطالب الحديث أن يتلقاه بالقبول، ويعد تلقيه أسنى
مقصد وأشرف مأمول. 12 - وقال محمد بن إبراهيم الصنعاني المعروف بابن الوزير - بعد
أن ذكر كلام ابن دحية حول استشهاد الإمام الحسين السبط عليه السلام -: وفيما ذكره
ابن دحية أوضح دليل على براءة المحدثين وأهل السنة، فيما افتراه عليهم المعترض من
نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين، وكيف! وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك -
كما بيناه - في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها، وهذه الكتب هي
مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها
بخصوصها (1). وقد ترجم الشوكاني لابن الوزير وأثنى عليه الثناء عليه الثناء
البالغ (2). (1) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم: 112. (2) البدر الطالع 2
/ 18. وانظر أيضا: الضوء اللامع 6 / 272. (*)
ص 143
13 - وقال ابن روز بهان في كتابه (الباطل): وليس أخبار الصحاح الستة مثل أخبار
الروافض، فقد وقع إجماع الأئمة على صحتها . وقال أيضا: وصحاحنا ليس ككتب الشيعة
- التي اشتهر عند السنة أنها من موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام، فعملها
وجعلها وديعة عند الإمام جعفر الصادق، فلما توفي حسب الناس أنه من كلامه والله أعلم
بحقيقة هذا الكلام، وهذا من المشهورات، ومع هذا لا ثقة لأهل السنة بالمشهورات، بل
لا بد من الاسناد الصحيح حتى تصح الرواية وأما صحاحنا فقد اتفق العلماء أن كل ما عد
من الصحاح - سوى التعليقات - في الصحاح الستة لو حلف الطلاق بأنه من قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم، أو من فعله تقريره، لم يقع الطلاق ولم يحنث . 14 - وقال معين
الذين الشهير بميرزا مخدوم حفيد الشريف الجرجاني في (نواقض الروافض): العاشر:
إنكارهم كتب الأحاديث الصحاح التي اتفقت الأمة بقبولها، منها صحيحا البخاري ومسلم،
اللذين مر ذكرهما رضوان الله عليهما... وقد بلغ القدر المشترك مما ذكر في ميامنهما
وبركاتهما حد التواتر، وصارا في الإسلام رفيقي المصحف الكريم والقرآن العظيم،
فهؤلاء من كثرة جهلهم وقلة حيائهم ينكرون الصحيحين المزبورين وسائر صحاحنا . أقول:
أليست هذه التشنيعات منطبقة على (الدهلوي) المنكر لحديث الطير وحديث الولاية
المخرجين في صحيح الترمذي؟! 15 - وقال الشاه ولي الله والد (الدهلوي): الطبقة
الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين
بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل
فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء،
طبقة بعد طبقة، واشتهرت فيما بين الناس، وتعلق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن
رجالها واستنباط لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامة
ص 144
العلوم: كسنن أبي داود، وجامع الترمذي، ومجتبى النسائي، وهذه الكتب - مع الطبقة
الأولى - اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح، وابن الأثير في جامع الأصول، وكاد
مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح
والسقيم، قال: وما ليس فيه فلا تقبلوه (1) أقول: فالعجب من (الدهلوي) الفخور
المختال كيف طاب نفسا لعقوق (والده) السابق في مضمار الكمال، فلم يصغ إلى وعظه، ولم
يعرج على ندائه، ولم يحتفل بتصريحه، ولم يكترث بتحقيقه!!... 16 - بل لقد أورد
(الدهلوي) كلام والده في كتابه (أصول الحديث)، وأيضا: مدح الترمذي وأثنى على
(صحيحه) ورجحه على سائر الكتب من جهات وأورد مدائح القوم له، كقصيدة الأندلسي
المتقدمة مسبقا، في كتابه الآخر (بستان المحدثين). فمن عجائب الأمور أن يثبت
(الدهلوي) الجسور هذه المدائح الجليلة لصحيح الترمذي، ثم ينسى ذلك أو يتناسى،
ويتساهل ويغفل أو يتغافل، ويكذب حديث الطير و الولاية المذكورين في هذا
الصحيح، البرئ - حسب إفادته - عن الخلل، جريا في مضمار فاحش الزلل، والله العاصم من
دحض الأقدام في العقول والعمل.
*(6)* رواية البلاذري

ورواه أحمد بن يحيى
البلاذري... فقد قال ما نصه: المدائني، عن
(هامش)
(1) حجة الله البالغة: 184. (*)
ص 145
المثنى بن أبان، عن أنس قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط، وبين يديه
طائر، فقال: يا رب ائتني بأحب الخلق إلي يأكل منه فجاء علي فأكل معه (1) ورواه
عنه الحافظ ابن شهرآشوب المازندراني في (مناقب آل أبي طالب): روى حديث الطير
جماعة، منهم الترمذي في جامعه، وأبو نعيم في حلية الأولياء والبلاذري في تاريخه...
(2). ترجمة البلاذري والبلاذري من مشاهير حفاظ أهل السنة، قال الذهبي - بعد أن
ترجم لأحمد بن محمد البلاذري: قلت: هذا البلاذري الصغير، فأما الكبير فإنه أحمد بن
يحيى صاحب التاريخ المشهور، من طبقة أبي داود السجستاني، حافظ أخباري (3). وكذا
قال السيوطي (4). ومن مصادر ترجمة البلاذري ما يلي: 1 - معجم الأدباء 5 / 89. 2 -
الوافي بالوفيات 8 / 239. 3 - فوات الوفيات 1 / 155. 4 - البداية والنهاية 11 / 65.
5 - سير أعلام النبلاء 13 / 162.
(هامش)
(1) أنساب الأشراف 2 / 142 رقم 141. (2) مناقب آل أبي طالب 2 / 282. (3) تذكرة
الحفاظ 3 / 892. (4) طبقات الحفاظ: 366. (*)
ص 146
ترجمة ابن شهرآشوب 1 - الصلاح الصفدي (1) بقوله: محمد بن علي بن شهرآشوب -
الثانية بسين مهملة - أبو جعفر السروي المازندراني، رشيد الدين، الشيعي، أحد شيوخ
الشيعة، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين، وبلغ النهاية في أصول الشيعة، كان يرحل
إليه من البلاد، ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو، ووعظ على المنبر أيام
المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه، وكان بهي المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق
اللهجة، مليح العبارة، واسع العلم، كثير الخشوع والعبادة والتهجد، لا يكون إلا على
وضوء، أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيرا، توفي سنة 588 (2). 2 -
السيوطي: قال الصفدي: كان مقدما في علم القرآن والغريب والنحو، واسع العلم، كثير
العبادة والخشوع. ألف: الفصول في النحو، أسباب نزول القرآن، متشابه القرآن، مناقب
آل أبي طالب، المكنون، المائدة والفائدة في النوادر والفوائد. مات سنة 588 (3). 3
- الداودي: ... وكان إمام عصره وواحد دهره، وكذا التاليف، غلب عليه علم القرآن
والحديث، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه، في تعليقات
الحديث ورجاله ومراسيله ومتفقه ومفترقه، إلى غير ذلك من أنواعه... (4).
(هامش)
(1) توجد ترجمته في: الدرر الكامنة 2 / 87، البدر الطالع 1 / 243، شذرات الذهب: /
200، طبقات ابن قاضي شبهة 2 / 241، طبقات السبكي 6 / 94. (2) الوافي بالوفيات 4 /
146. (3) بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: 77. (4) طبقات المفسرين 2 / 201.
(*)
ص 147
وكذا ترجم له ابن حجر (1) والفيروزآبادي (2).
*(7)* رواية عبد الله بن أحمد

رواه في
(زوائد المسند) حيث قال: حدثني أبي قال: أخبرنا ابن مالك قال: حدثنا عبد الله بن
عمر قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: حدثنا مطير بن أبي خالد، عن البجلي، عن سفينة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي فرفع صوته. فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت: علي، قال: فافتح له، ففتحت له، فأكل مع
النبي صلى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فنيا . وقال محمد بن إسماعيل في (الروضة
الندية): أخرج عبد الله بن أحمد ابن حنبل - من حديث سفينة مولى رسول الله صلى
عليه وسلم - قال: أهدت امرأة من الأنصار صيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين،
فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي فرفع صوته، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت علي يقال: فافتح له، ففتحت له، فأكلا من الطيرين
حتى فنيا . ترجمته 1 - عبد الغني المقدسي قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبت فهما.
وقال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ. وقال أبو
(هامش)
(1) لسان الميزان 5 / 310. (*)
ص 148
الحسين ابن المنادي: لم يكن في الدنيا أروى عن أبيه منه... قال: وما زلنا نرى أكابر
شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرحال، وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب
الحديث، في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الاقرار له بذلك، حتى أن بعضهم ليسرف
في تقريظه إياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث على أبيه... (1). 2 - ابن حجر:
قال عباس الدوري: سمعت أحمد يقول: قد وعى عبد الله علما كثيرا. وقال الخطبي: بلغني
عن أبي زرعة قال قال لي أحمد: ابني عبد الله محفوظ من علم الحديث لا يكاد يذاكر إلا
بما أحفظ. وقال أبو علي الصواف: قال عبد الله بن أحمد: كل شيء أقول: قال أبي، فقد
سمعته مرتين أو ثلاثة، وقال ابن أبي حاتم: كتب إلي بمسائل أبيه وبعلل الحديث...
وقال ابن عدي: نبل بأبيه وله في نفسه محل في العلم، ولم يكتب عن أحد إلا من أمره
أبوه أن يكتب عنه... وقال النسائي: ثقة. وقال السلمي: سألت الدار قطني عن عبد الله
بن أحمد وحنبل بن إسحاق فقال: ثقتان نبيلان. وقال أبو بكر الخلال: كان عبد الله
رجلا صالحا صادق اللهجة كثير الحياء (2). 3 - الذهبي: وفيها توفي الحافظ أبو
عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني، ببغداد، في جمادى
الآخرة، وله سبع وسبعون سنة كأبيه، وكان إماما خبيرا بالحديث وعلله مقدما فيه، وكان
من أروى الناس عن أبيه، وقد سمع من صغار شيوخ أبيه، وهو الذي رتب مسند والده (2).
4 - السيوطي: عبد الله بن أحمد بن حنبل البغدادي الحافظ، روى عن أبيه، وابن معين،
وخلق. وعنه: النسائي، وابن صاعد، وأبو عوانة، (1) الكمال في معرفة الرجال - مخطوط.
(2) تهذيب التهذيب 5 / 141. (3) العبر في خبر من غبر 2 / 86. (*)
ص 149
والطبراني، وأبو بكر النجار، والقطيعي، وأبو بكر الشافعي، وخلق... (1).
*(8)*
رواية أبي بكر البزار

أخرج الحديث في (مسنده) بقوله: حدثنا عبد الأعلى بن واصل،
ثنا عون بن سلام، ثنا سهل بن شعيب، ثنا بريدة بن سفيان، عن سفينة - وكان خادما
لرسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طواير
وصنفت له بعضا، فلما أصبح أتيته به فقال: من أين لك هذا؟ فقلت: من الذي أتيت به
أمس، قال: ألم أقل لك لا تدخرن لغد طعاما: لكل يوم رزقه. ثم قال: اللهم أدخل علي
أحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فدخل علي - رضي الله عنه - فقال: اللهم ولي.
حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسماعيل ابن سلمان
الأزرق، ن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطيار، فقسمها بين
نساءه، فأصاب كل امرأة منها ثلاثة، فأصبح عند بعض نساءه - صفية أو غيرها - فأتته
بهن، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا، فقلت: اللهم رجلا من
الأنصار، فجاء علي - رضي الله عنه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس،
انظر من على الباب، فنظرت فإذا علي، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حاجة، ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انظر من على الباب،
فإذا علي، حتى فعل ذلك ثلاثا، فدخل يمشي وأنا خلفه،
(هامش)
(1) طبقات الحفاظ: 292.
ص 150
فقال رسول الله صلى عليه وسلم: من حبسك رحمك الله؟ فقال: هذا آخر ثلاث مرات، يردني
أنس، يزعم أنك على حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت؟
قلت: يا رسول الله، سمعت دعاءك، فأحببت أن يكون من قومي، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إن الرجل قد يحب قومه، إن الرجل قد يحب قومه، إن الرجل قد يحب قومه.
قالها ثلاثا. قلت: عند الترمذي طرف منه. قال البزار: قد روي عن أنس من وجوه، وكل من
رواه عن أنس فليس بالقوي، وإسماعيل كوفي حدث عن أنس بحديثين (1). * وقد أخرج
الحديث عن الحافظ البزار غير واحد من المتأخرين عنه، منهم: الحافظ الهيثمي في
(مجمعه) فإنه قال: وعن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أطيار، فقسمها بين نسائه، فأصاب كل امرأة منها ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه - صفية
أو غيرها - فاتته بهن فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا. فقلت:
اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: يا أنس، انظر من على الباب، فنظرت فإذا علي، فقلت: إن رسول الله صلى عليه
وسلم على حاجة، ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال انظر من
على الباب، فإذا علي، حتى فعل ذلك ثلاثا، فدخل يمشي وأنان خلفه، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: من حسبك رحمك الله؟ فقال: هذا آخر ثلاث مرات يردني أنس، يزعم أنك
على حاجة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك عل يما صنعت؟ قلت: يا رسول
الله، سمعت دعاءك، فأحببت أن يكون من قومي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن
الرحل قد يحب
(هامش)
(1) كشف الأستار عن زوائد البزار 3 / 193 - 194. رقم 2547، 2548. (*)
ص 151
قومه، إن الرجل قد يحب قومه. قالها ثلاثا. رواه البزار. وفيه إسماعيل بن سلمان، وهو
متروك. وعن سفينة - وكان خادما لرسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أهدي لرسول
الله صلى الله عليه وسلم طوائر فصنعت لها بعضها، فلما أصبح أتيته به فقال: من أين
لك هذا؟ فقلت من التي أتيت به أمس. فقال: ألم أقل لك لا تدخرن لغد طعاما، لكل يوم
رزقه، ثم قال: اللهم أدخل علي أحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فدخل علي رضي
الله عنه عليه، فقال: اللهم وإلي. رواه البزار والطبراني باختصار، ورجال الطبراني
رجال الصحيح غير فطر ابن خليفة وهو ثقة (1). ترجمته وتوجد ترجمة أحمد بن عمرو بن
عبد الخالق المتوفى سنة 292 في: 1 - تذكرة الحفاظ 2 / 653. 2 - تاريخ بغداد 4 /
334. 3 - الوافي بالوفيات 7 / 8. 4 - سير أعلام النبلاء 13 / 554. 5 - العبر في خبر
من غبر 2 / 92. 6 - طبقات الحفاظ: 285. إلى غير ذلك من المصادر. وقد عنونه الذهبي
في (سير أعلام النبلاء) بقوله: البزار: الشيخ، الإمام الحافظ الكبير، أبو بكر،
أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، البصري، البزار،
(هامش)
(1) مجمع الزوائد 9 / 126. (*)
ص 152
صاحب المسند الكبير الذي تكلم على أسانيده .
*(9)* رواية النسائي

رواه بسند صحيح
حيث قال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: أخبرنا الحسن بن حماد قال: ثنا مسهر بن عبد
الملك، عن عيسى بن عمر، عن السدي، عن أنس بن مالك: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان
عنده طائر فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء أبو بكر
فرده، ثم جاء عمر فرده، ثم جاء علي فأذن له (1). رجال السند وغير خاف على أهل
العلم أن رجال هذا السند من مشاهير الثقات عند أهل السنة، ومع ذلك نورد تراجمهم هنا
باختصار: النسائي أما النسائي فمدائحه أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وإليك
بعض كلماتهم في الثناء عليه: 1 - ابن خلكان: أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب
بن علي بن سنان بن بحر النسائي، الحافظ، كان إمام عصره في الحديث، وله كتاب السنن،
وسكن مصر، وانتشرت بها تصانيفه، وأخذ عنه الناس،... (2). 2 - أبو الحجاج المزي:
أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن (1) خصائص علي الحديث: 12 (2) وفيات الأعيان
1 / 77. (*)
ص 153
دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، القاضي، الحافظ، صاحب كتاب السنن وغيره من المصنفات
المشهورة، أحد الأئمة المبرزين، والحفاظ المتقنين، والأعلام المشهورين، طاف البلاد،
وسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر والشام والجزيرة، من جماعة يطول ذكرهم، قد ذكرنا
روايته عنهم في تراجمهم من كتابنا هذا... (1). 3 - الخطيب التبريزي: وهو أحد
الأئمة الحفاظ، والعلماء الفقهاء، لقي المشايخ الكبار، وأخذ الحديث عن: قتيبة بن
سعيد، وهناد بن السري، ومحمد بن بشار، ومحمد بن غيلان، وأبي داود سليمان بن أشعث،
وغير هؤلاء من المشايخ الحفاظ، وأخذ الحديث عنه خلق كثير منهم: أبو القاسم ابن
الطبراني، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو بكر إسحاق النفسي الحافظ، وله كتب كثيرة في
الحديث والعلل وغير ذلك. قال مأمون المصري الحافظ: خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى
طرسوس، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام، اجتمع من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل،
ومحمد بن إبراهيم، وغيرهما، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ، فأجمعوا على أبي عبد
الرحمن النسائي، وكتبوا كلهم بانتخابه. وقال الحاكم النيسابوري: أما كلام أبي عبد
الرحمن على فقه الحديث فأكثر من أن يذكر، ومن نظر في كتاب السنن له تحير في حسن
الكلام، وقال: سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرة يقول: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من
يذكر بهذا العلم في زمانه، كان شافعي المذهب، وكان ورعا متبحرا رحمه الله. النسائي،
بفتح النون وتخفيف السن المهملة وبالمد والهمزة، منسوب إلى مدينة نسأ من خراسان
(2).
(هامش)
(1) تهذيب الكمال 1 / 23. (2) الاكمال في الأسماء الرجال = المشكاة ط معه. (*)
ص 154
4 - ابن الوردي: ... إمام حافظ محدث... (1). 5 - الصلاح الصفدي: ... مصنف السنن
وغيرها، بقية الأعلام... وقال ابن طاهر المقدسي: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل
فوثقه، فقلت: ضعفه النسائي، فقال: يا بني، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد
من شرط البخاري ومسلم. وقال الدارقطني: كان ابن حداد أبو بكر كثير الحديث ولم يحدث
عن غير النسائي وقال: قد رضيت به حجة بيني وبين الله... (2). 6 - الذهبي في حوادث
303: وفيها توفي الإمام أحد الأعلام صاحب التصانيف أبو عبد الرحمن... (3). 7 -
اليافعي: فيها توفي الحافظ، أحد الأئمة الأعلام صاحب المصنفات، أبو عبد الرحمن
أحمد بن علي النسائي، كان إمام عصره في الحديث... (4). 8 - الأسنوي: الإمام أبو
عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، المشهور في الحديث اسمه، وكتابه الجامع
بين الحديث والفقه، سكن مصر وأخذ عن يونس بن عبد الأعلى صاحب الشافعي، وكان أفقه
مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث... (5). 9 - السبكي: أحمد بن شعيب بن علي بن
سنان بن بحر، الإمام الجليل، أبو عبد الرحمن النسائي، أحد أئمة الدنيا في الحديث،
والمشهور اسمه وكتابه... قال أبي النيسابوري. حافظ خراسان في زمانه: حدثنا
(هامش)
(1) تتمة المختصر في أحوال البشر حوادث: 303. (2) الوافي بالوفيات 6 / 416. (3)
العبر في خبر من غبر 2 / 123. (4) مرآة الجنان 2 / 123. (5) طبقات الشافعية 2 /
480. (*)