نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثالث عشر

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثالث عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 155

الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. وقال المنصور الفقيه وأبو جعفر الطحاوي رحمهما الله: النسائي إمام من أئمة المسلمين... قلت: سمعت شيخنا أبا عبد الله الذهبي الحافظ وسألته: أيهما أحفظ مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح أو النسائي؟ فقال: النسائي، ثم ذكرت ذلك للشيخ الإمام الوالد - تغمده الله برحمته - فوافق عليه... (1). ومن مصادر ترجمة النسائي أيضا: 1 - الأنساب - النسائي. 2 - تذكرة الحفاظ 2 / 698. 3 - البداية والنهاية 11 / 123. 4 - طبقات القراء 1 / 61. 5 - تهذيب التهذيب 1 / 36. 6 - حسن المحاضرة 1 / 349. 7 - العقد الثمين 3 / 45. 8 - طبقات الحفاظ: 303. 9 - النجوم الزاهرة 3 / 188. 10 - شذرات الذهب 2 / 239. زكريا بن يحيى وأما زكريا بن يحيى، فهذه بعض كلماتهم في حقه: 1 - الذهبي: س - زكريا بن يحيى السجزي الحافظ، أبو عبد الرحمن، عن شيبان وقتيبة، وعنه: س رفيقه، والطبراني. ثقة، ولد 195، ومات 289 (2).

(هامش)

(1) طبقات الشافعية 3 / 14. (2) الكاشف 1 / 324. (*)

ص 156

2 - ابن حجر: قال النسائي: ثقة، وقال عبد الغني بن سعيد: ثقة، وقال ابن يونس: قدم مصر وكتب عنه وخرج... (1). 3 - وقال: يعرف بخياط السنة، ثقة حافظ، من الثانية عشرة... (2). حسن بن حماد وأما حسن بن حماد: 1 - ابن حبان: الحسن بن حماد الضبي الكوفي، أبو علي، الذي يقال له سجادة، يروي عن وكيع وأهل بلده، ثنا عنه أبو يعلى وجماعة من شيوخنا، مات يوم السبت لثمان بقين من رجب سنة 241 (3). 2 - الذهبي: س - حسن بن حماد الضبي الكوفي... ثقة توفي 238 (4). 3 - ابن حجر: قال ابن أبي حاتم: سألت موسى بن إسحاق عنه فقال: ثقة مأمون، وقال السراج: كوفي ثقة، قدم بغداد سنة 35 وحديث بها، وقال مطين: مات في رجب سنة 238. له في السنن حديث واحد في اعتكاف عمر. قلت: وذكره ابن حبان في الثقات (5). 4 - وقال أيضا: ثقة، من العاشرة، مات سنة 38 (6). مسهر بن عبد الملك وأما مسهر بن عبد الملك فقد ترجم له: * الذهبي بقوله: مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني الكوفي، عن

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 3 / 334. (2) تقريب التهذيب 1 / 262. (3) الثقات 8 / 1، 5. (4) الكاشف 1 / 220. (5) تهذيب التهذيب 2 / 237. (6) تقريب التهذيب 1 / 165. (*)

ص 157

أبيه، والأعمش، وعيسى بن عمر القاري وعنه: ابن راهويه، والحسن بن علي، الحلواني، وأبو سعيد الأشج، والحسين بن عيسى البسطامي، ومحمد ابن عبد الله بن المبارك المخزومي، وجماعة. وثقه الحسن بن حماد الوراق، وذكر ابن حبان في الثقات (1). عيسى بن عمر وأما عيسى بن عمر: 1 - ابن حبان: عيسى بن عمر القاري الهمداني، أبو عمر الأعمى، من أهل الكوفة، يروي عن الشعبي والكوفيين، روى عنه ابن المبارك وجرير ووكيع (2). 2 - الذهبي: ت، س - عيسى بن عمر الأسدي الكوفي المقري، صاحب الحروف، ويعرف بالهمداني... قال أحمد: ليس به بأس. مات سنة 156 (3). 3 - ابن حجر: قال الميموني عن أحمد: ليس به بأس، وقال إسحاق ابن منصور عن ابن معين: ثقة، وقال الدوري عن ابن معين: عيسى بن عمر الكوفي صاحب الحروف هو همداني، وعيسى بن النحوي بصري، وقال النسائي ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بحديثه بأس، وقال أيضا: ثنا مقاتل بن محمد، ثنا وكيع، عن عيسى بن عمر الهمداني وكان ثقة، قال الخطيب: كان ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات... قلت: وقال العجلي: كوفي ثقة، رجل صالح، كان أحد قراء الكوفة ة، رأسا في القرآن، وقال أبو بكر البزار: ليس به بأس، وقال ابن خلفون: وثقه ابن نمير... (4).

(هامش)

  (1) تهذيب التهذيب - مخطوط. (2) الثقات 7 / 233. (3) الكاشف 2 / 369. (4) تهذيب التهذيب 8 / 199. (*)

ص 158

4 - وقال: ثقة، من السابعة، مات سنة ست وخمسين (1) السدي وأما السدي، فقد مرت ترجمته وكلمات المدح والثناء فيه بالتفصيل سابقا. أنس بن مالك وأما أنس بن مالك، فهو صحابي من أشهر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تقرر عندهم عدالة جميعهم، فلا حاجة إلى ذكر تراجمهم له. أقول: فإذا كان النسائي عمدة أهل التحقيق، قد روى هذا الحديث الشريف الأنيق، بطريق صحيح وثيق، إظهارا للحق الذي هو بالاذعان حقيق، كيف يركن ذو خبر بصير أفيق إلى إبطاله ورده، فيلقي نفسه في العذاب الواصب وأليم الحريق؟! صحة أحاديث الخصائص وجواز الاحتجاج بها ثم إنه مع قطع النظر عن خصوص هذه الرواية الصحيحة السند كما عرفت، فإن مجرد إخراج النسائي إياه في كتاب (الخصائص) دليل على صحته وجواز الاحتجاج به، وذلك لأمرين: أحدهما: إن سبب تصنيفه هذا الكتاب هو: أنه لما دخل دمشق وجد المنحرف بها عن أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا، فصنف (الخصائص) رجاء لأن يهديهم الله تعالى به... في قضية مفصلة مذكورة بترجمته في الكتب

(هامش)

(1) تقريب التهذيب 2 / 100. (*)

ص 159

المعتبرة، راجع منها: وفيات الأعيان، وتذهيب التهذيب، وتهذيب التهذيب، وتهذيب الكمال، وتذكرة الحفاظ، ومرآة الجنان، وطبقات السبكي... ومن الواضح: إن هداية المنحرفين عن سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام لا تتحقق بذكر الأحاديث غير الصحيحة، بل إنه يزيدهم عنادا وانحرافا... فظهر أن حديث الطير وكذا حديث الولاية وأمثالهما مما أخرج النسائي في (خصائصه) أحاديث صحيحة سندا وتامة دلالة، يرجى بها الهداية للمنحرفين عن أهل البيت الطاهرين، ورجوعهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم. لكن هذا الكتاب - وإن نفع بعض النواصب، وأنقذهم من بغض علي عليه السلام - لم ينفع (الدهلوي) الذاهب من الجفاء والانحراف إلى أقصى المذاهب!! والثاني: إن كتاب (الخصائص) جزء من كتاب (السنن) للنسائي، الذي هو أحد الصحاح الستة... قال الذهبي: وقد صنف مسند علي، وكتابا حافلا في الكنى. وأما كتاب خصائص علي فهو داخل في سننه الكبير (1). وقال ابن حجر: وقد ذكر المؤلف - يعني المزي - الرقوم: للستة ع، وللأربعة 4، وللبخاري خ، ولمسلم م، ولأبي داود د، وللترمذي ت، وللنسائي س، ولابن ماجة ق، والبخاري: في التعاليق خت، وفي الأدب المفرد بخ، وفي جزء رفع اليدين ي، وفي خلق أفعال العباد عخ، وفي جزء القراءة خلف الإمام ر. ولمسلم في مقدمة كتابه مق، ولأبي داود في المراسيل مد، وفي القدر قد، وفي الناسخ والمنسوخ خد، وفي كتاب التردف، وفي فضائل الأنصار ص، وفي

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 14 / 133. (*)

ص 160

المسائل ل، وفي مسند مالك كد، وللترمذي في الشمائل تم، وللنسائي في اليوم والليلة سي، وفي مسند مالك كن، وفي خصائص علي ص، وفي مسند علي عس، ولابن ماجة في التفسير، فق. هذا الذي ذكره المؤلف من تواليفهم، وذكر أنه ترك تصانيفهم في التواريخ عمدا، لأن الأحاديث التي تورد فهيا غير مقصودة بالاحتجاج... (1). فإن كلامه هذا يفهم أن أحاديث الخصائص مثل كتب الصحاح ونحوها مقصودة بالاحتجاج ... ثم قال ابن حجر: . بقي عليه من تصانيفهم التي على الأبواب عدة كتب... وكذلك أفرد خصائص علي وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار... أي: إن كتاب الخصائص من جملة (المناقب في سنن النسائي) في رواية ابن سيار فما وجه إفراده بالذكر؟ وهذا يعني أن الخصائص من (السنن) الذي هو أحد الصحاح الستة، فهذا وجه آخر لصحة الاحتجاج بأحاديث الخصائص . وقد صرح ابن حجر العسقلاني باعتبار أحاديث هذا الكتاب حيث قال: قد أخرج المصنف من مناقب علي أشياء في غير هذا الموضع، منها: حديث مسعود عند الحاكم. ومنها: حديث قتاله البغاة، وهو في حديث أبي سعيد في علامات النبوة، وغير ذلك مما يعرف بالتتبع، ورغب في جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب الخصائص . فظهر أن حديث (الطير) المذكور في (الخصائص) جيد من حيث الاسناد، قمين بالاحتجاج والاستناد، وما صدر من (الدهلوي) محض الخبط والعناد، بحت العصبية واللداد...

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب - المقدمة.

ص 161

وقد ذكر (الدهلوي) في (أصول الحديث) له، والصديق حسن خان في (الحطة في ذكر الصحاح الستة) كتاب الخصائص في الكتب المصنفة في (المناقب) قالا: وللنسائي رسالة طويلة الذيل في مناقبه كرم الله وجهه، وعليها نال الشهادة في دمشق من أيدي نواصب الشام، لفرط تعصبهم وعداوتهم معه رضي الله عنه . واستشهد (الدهلوي) في كتابه (التحفة) بقصة النسائي وكتابه الخصائص في مقام الدفاع عن أهل السنة، ودفع ما قيل من أنهم يبطنون بغض أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ولكن العجب منه تكذيبه حديث الطير وحديث الولاية المخرجين في هذا الكتاب، فهو مرد يستشهد باستشهاد النسائي على أيدي النواصب وبتصنيفه كتاب الخصائص لولاء أهل نحلته لأهل البيت الأمجاد، ومرد يشاقق النسائي بتكذيب حديث الولاية، وأخرى بتكذيب حديث الطير، ويسر قلوب أهل النصب والعناد، وهل هذا إلا تدافع وتهافت وتناقض؟!... وهكذا، فقد باهى تلميذه رشيد الدين خان في كتابه (إيضاح لطافة المقال) وافتخر بكتاب الخصائص ، وعده من مصنفات عظماء أهل التحقيق من أهل السنة في فضائل أهل البيت عليهم السلام، ولكن شيخه (الدهلوي) قد أبطل هذا الافتخار بإبطال حديث الولاية وحديث الطير، المسرودين في (الخصائص) وغيره من الأسفار المشهورة بالاعتبار...

 *(10)* رواية أبي يعلى

 رواه بقوله: ثنا الحسن بن حماد الوراق ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع - ثقة - ثنا عيسى بن عمر عن إسماعيل السدي، عن أنس بن مالك: إن رسول

ص 162

الله صلى الله عليه وسلم كان عنده طائر فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء عثمان فرده ثم جاء علي فأذن له (1). وقال أبو يعلى أيضا: ثنا قطن بن نسير، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا عبد الله بن مثنى، ثنا عبد الله بن أنس، عن أنس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام، فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي، وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي، قال أنس فقلت أنا: اللهم اجعله سعد به عبادة. قال أنس: سمعت حركة الباب، فإذا علي فسلم، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، فانصرف، ثم سمعت حركة الباب فسلم علي، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال: انظر من هذا؟ فخرجت فإذا علي، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ائذن له فأذنت له فدخل، فقال رسول الله صلى عليه وسلم: اللهم وإلي اللهم وإلي . إعتبار مسند أبي يعلى ومسند أبي يعلى من المسانيد المعتبرة المشهورة، والأسفار المقبولة المعروفة، ومن مرويات مشاهير العلماء: كالسيوطي، والثعالبي، والكردي، والأمير، والشوكاني، وشاه ولي الله، وغيرهم. وقال الذهبي بترجمة أبي يعلى: أبو يعلى، الموصلي، الحافظ الثقة، محدث الجزيرة... صاحب المسند الكبير . قال: قال السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: قرأت المسانيد، كمسند العدني ومسند أبي منيع، وهي كالأنهار، ومسند (1) مسند أبي يعلى 7 / 105.

ص 163

أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار. قلت مسند أبي يعلى بفوت نصف جزء بالإجازة العالية، ويقع من حديثه بعلو لابن البخاري (1). وقال في (العبر) له: أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى، التميمي، الحافظ، صاحب المسند... (2). وكذا قال: صلاح الدين الصفدي، واليافعي بترجمته. وقد أورد السيوطي، والثعالبي في (طبقات الحفاظ) و(مقاليد الأسانيد) و(الدهلوي) في (بستان المحدثين) كلمة إسماعيل بن الفضل الحافظ المتقدمة. * وقال الحافظ الهيثمي: عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم فرخا مشويا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ، فجاء علي ودق الباب، فقال أنس: من هذا؟ قال: علي، فقلت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجة، فانصرف، ثم تنحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ، فجاء علي فدق الباب دقا شديدا، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أنس، من هذا؟ قلت: علي. قال: أدخله، فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سألت الله ثلاثا أن يأتيني بأحب الخلق إليه وإلي يأكل معي من هذا الفرخ، فقال علي: وأنا - يا رسول الله - فقد جئت ثلاثا، كل ذلك يردني أنس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ قال أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلام الرجل على

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 2 / 707. (2) العبر في خبر من غبر 2 / 134. (*)

ص 164

حب قومه. وفي رواية: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط، وقد أتي بطائر. وفي رواية قال: أهدت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم طائرا بين رغيفين، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر. قلت: عند الترمذي طرف منه. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار. وأبو يعلى باختصار كثير، إلا أنه قال: فجاء أبو بكر فرده، ثم جاء عمر فرده، ثم جاء علي فأذن له. وفي إسناد الكبير: حماد بن المختار ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي أحد أسانيد الأوسط: أحمد بن عياض بن أبي طيبة، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورجال أبي يعلى ثقات، وفي بعضهم ضعف (1) رجال الحديث ورجال أبي يعلى ثقات. أما الحديث الأول فرجاله رجال النسائي في الخصائص، وقد عرفتهم، وأما الحديث الثاني فهم ثقات بلا كلام. وقول الهيثمي - بعد توثيق رجال إسناد أبي يعلى - وفي بعضهم ضعف ما هو إلا إشارة إلى تكلم بعضهم - عن عصب - في السدي ، وقد عرفت أنه من رجال الصحاح:

(هامش)

(1) مجمع الزوائد 9 / 125. (*)

ص 165

ترجمة أبي يعلى وأبو يعلى - أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي - فهو من الحفاظ المشاهير الأعلام، وهذه طائفة من مصادر ترجمته - وقد ترجمنا له في بعض المجلدات بالتفصيل -: 1 - تذكرة الحفاظ 2 / 707. 2 - العبر 2 / 134. 3 - مرآة الجنان 2 / 249. 4 - مرآة الجنان 2 / 249. 5 - البداية والنهاية 11 / 130. 6 - النجوم الزاهرة 3 / 197. 7 - طبقات الحفاظ: 306. 8 - دول الإسلام 1 / 186. 9 - سير أعلام النبلاء 14 / 174. وقد وصفه الذهبي في (سيره) ب‍ الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام... .

 *(11)* رواية ابن جرير الطبري

 وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري من رواد حديث الطير، وقد جمع طرقه في مؤلف مفرد لكثرتها. قال الحافظ ابن كثير - في ذكر الحديث -: وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، منهم: أبو بكر ابن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان - فيما رواه شيخنا الذهبي - ورأيت فيه مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري المفسر

ص 166

1 - تاريخ بغداد 2 / 162. 2 - معجم الأدباء 18 / 40. 3 - الأنساب - الطبري. 4 - تهذيب الأسماء واللغات 1 / 78. 5 - طبقات الحفاظ: 307. 6 - تذكرة الحفاظ 2 / 710. 7 - طبقات السبكي 3 / 120. 8 - طبقات الداودي 2 / 106. 9 - الوافي بالوفيات 2 / 284. 10 - العبر 2 / 146. 11 - طبقات القراء 2 / 106. 12 - مرآة الجنان 2 / 260. 13 - البداية والنهاية 11 / 145. 14 - شذرات الذهب 2 / 260. هفوة من ابن كثير وأما قول ابن كثير بعد العبارة المذكورة: ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سندا ومتنا، للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم .

(هامش)

(1) البداية والنهاية 7 / 354. (*)

ص 167

فيضعف بأن الباقلاني لا يبلغ أدنى المراتب الحاصلة للطبري في معرفة الحديث والرجال، وأين الثريا من الثرى؟ وأين الدر من الحصى؟! فلا وجه لهذه المعارضة... بل لا يخفى على الممارس لعلم الحديث والعارف بأحوال العلماء والرجال: أن الباقلاني لا يعد من علماء الحديث، ولا يلتفت إلى أقواله في هذا الفن، وقد نص على ذلك شاه ولي الله والد (الدهلوي) في كتاب (قرة العينين).

 12 رواية أبي القاسم البغوي

 رواه من تحديث سفينة مولى - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال: أهدت امرأة من الأنصار طائرين في رغيفين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن في البيت غيري وغير أنس، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بغدائه فقلت: يا رسول الله، قد أهدت لك امرأة من الأنصار هدية، فقدمت إليه الطائرين فقال: اللهم إئتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي بن أبي طالب، فضرب الباب ضربا خفيفا، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو الحسن، ثم ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت: علي بن أبي طالب، قال: افتح له، ففتحت له، فأكل معه من الطيرين حتى فنيا (1). ترجمته 1 - السمعاني: أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان

(هامش)

معجم الصحابة - مخطوط. (*)

ص 168

ابن سابور بن شاهنشاه البغوي ابن بنت أحمد بن منيع البغوي... كان محدث العراق في عصره، عمر العمر الطويل حتى رحل الناس إليه، وكتب عنه الأجداد والأحفاد والآباء والأولاد وكان ثقة وكان ثقة مكثرا فهما عارفا بالحديث، وكان يورق أولا ثم رجع، وصنف المعجم الكبير للصحابة، وجمع حديث علي بن الجعد، وغيره. سمع: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعلي بن الجعد، وخلف ابن هشام، ومحمد بن عبد الوهاب الهاروني...، وخلقا يطول ذكرهم من شيوخ البخاري وسمل سوى هؤلاء. روى عنه: يحيى بن محمد بن صاعد، وعلي بن إسحاق بن البحتري الماوردي، وعبد الباقي بن قانع، وحبيب بن الحسن الفراء، وأبو بكر محمد ابن عمر بن الجعابي، وأبو حاتم البستي، وأبو أحمد بن عدي الحافظ، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو بكر ابن المقرئ، وأبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن المظفر، وخلق كثير سوى هؤلاء... (1). 2 - الذهبي: البغوي، الحافظ الثقة الكبير، مسند العالم... قال ابن أبي حاتم: أبو القاسم البغوي يدخل في الصحيح، وقال الدارقطني: كان البغوي قل أن يتكلم على الحديث، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج. قال ابن عدي: كان البغوي صاحب حديث... قلت: وقد احتج به عامة من خرج الصحيح، كالإسماعيلي، والدارقطني، والبرقاني. وعاش مائة سنة وثلاث سنين، قال الخطيب: أبو بكر كان ثقة ثبتا فهما عارفا. وقال السلمي: سألت الدارقطني عن البغوي فقال: ثقة إمام جبل إمام، أقل المشايخ خطأ... (2).

(هامش)

(1) الأنساب - البغوي. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 737. (*)

ص 169

3 - الذهبي أيضا: وكان محدثا حافظا مجودا مصنفا، انتهى إليه علو الاسناد في الدنيا... (1). 4 - السيوطي: البغوي، الحافظ الكبير الثقة مسند العالم... (2).

 13 رواية ابن صاعد

قال الخوارزمي: أخبرنا صمصام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي قال: أخبرنا عماد الدين أبو بكر بن الحسن النسفي قال: حدثني الشيخ الفقيه أبو القاسم ميمون بن علي الميموني قال: حدثنا الشيخ. الزاهد أبو محمد إسماعيل بن الحسين قال: حدثنا أبو الحسن القاضي علي ابن الحسن بن علي بن مطرف الجراحي ببغداد قال: حدثنا يحيى بن صاعد قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا أبو أحمد الحسين بن محمد قال: حدثنا سليمان بن قرم، عن محمد بن شعيب، عن داود بن علي ابن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطائر، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، فجائه علي بن أبي طالب (3). ترجمته 1 - الذهبي: يحيى بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور، الحافظ الإمام الثقة... قال الدارقطني: ثقة ثبت حافظ، وقال أحمد بن عبدان

(هامش)

(1) العبر 2 / 170. (2) طبقات الحافظ: 312. (3) مناقب علي بن أبي طالب: 58. (*)

ص 170

الشيرازي: هو أكثر حديثا من محمد بن محمد الباغندي، ولا يتقدمه أحد في الدراية، قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق في أقرن ابن صاعد أحد في فهمه، والفهم عندنا أجل من الحفظ، وهو فوق ابن أبي داود في الفهم والحفظ، وسئل ابن الجعابي: هل كان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسم وقال: لا يقال لأبي محمد يحفظ، كان يدري... قال الخطيب: كان ابن صاعد ذا محل من العلم، وله تصانيف في السنن والأحكام... قلت: لابن صاعد كلام متين في الرجال والعلل، يدل على تبحره، مات في ذي القعدة سنة 318 (1). 2 - اليافعي ووصفه ب‍ الحافظ الحجة (2). 3 - السيوطي: يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور، الحافظ الإمام الثقة... (3).

 *(14)* رواية ابن أبي حاتم الرازي

 رواه بإسناد أجود من إسناد الحاكم، قال ابن كثير في ذكر حديث الطير في فضائل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: ورواه ابن أبي حاتم، عن عمار ابن خالد الواسطي، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس، فذكر الحديث وهذا أجود من إسناد الحاكم (4)

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 2 / 776. (2) مرآة الجنان 2 / 277. (3) طبقات الحفاظ: 235. (4) البداية والنهاية 7 / 353. (*)

ص 171

ترجمته 1 - الذهبي: في حوادث 327 وفيها: توفي عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر، الحافظ الجامع، التميمي الرازي بالراء، وقد قارب التسعين، رحل به أبوه في سنة خمس وخمسين يوم ومائتين، فسمع أبا سعيد الأشج، والحسن بن عرفة وطبقتهما، قال أبو يعلى الخليلي: أخذ عن أبيه وأبي زرعة، كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، ثم قال: وكان زاهدا يعد من الابدال (1). 2 - اليافعي ووصفه ب‍ الحافظ العالم ثم نقل كلام الخليلي المتقدم (2). 3 - السبكي: الإمام بن الإمام، حافظ الري وابن حافظها، كان بحرا في العلم، وله المصنفات المشهورة... (3). وقد ترجمنا له في مجلد حديث الغدير.

 *(15)* رواية ابن عبد ربه

 رواه في كتابه في احتجاج للمأمون على الفقهاء، في بحوث مفصلة جرت، فذكر حديث الطير ومفاده، وهذه عبارة ابن عبد ربه حيث قال: احتجاج المأمون على الفقهاء في فضل علي: إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حماد ابن زيد قال: بعث إلي يحيى بن أكثم وإلى عدة من أصحابي، وهو يومئذ قاضي القضاة فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غدا مع الفجر أربعين (1) العبر 2 / 208. (2) مرآة الجنان حوادث: 327. (3) طبقات السبكي 3 / 324.

ص 172

رجلا، كلهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب، فسموا من تظنونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين، فسمينا له عدة وذكر هو عدة، حتى تم العدد الذي أراد، وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر، وبعث إلى من لم يحضر فأمره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتى صرنا إلى الباب، فإذا بخادم واقف فلما نظر إلينا قال: يا أبا محمد، أمير المؤمنين ينتظرك. فأدخلنا، فأمرنا بالصلاة، فأخذنا فيها، فلم نستتمها حتى خرج الرسول فقال: ادخلوا، فدخلنا فإذا أمير المؤمنين جالس على فراشه وعليه سوادة وطيلسانه والطويلة وعمامته، فوقفنا وسلمنا فرد السلام، وأمر لنا بالجلوس، فلما استقر بنا المجلس تحدر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته، ثم أقبل علينا فقال: إنما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأما الخلف فمنع من خلفه علة، من قد عرفها منكم فقد عرفها، ومن لم يعرفها فسأعرفه، ومد رجله. وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم، قال: فأمسكنا فقال لنا يحيى: إنتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين، فتنحينا، فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانستنا ورجعنا، فلما استقر بنا المجلس قال: إنما بعثت إليكم - معشر اليوم - في المناظرة، فمن كان به شيء من الخبثين لم ينتفع بنفسه ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك، وأشار بيده، فدعونا له. ثم ألقى مسألة من الفقه فقال: يا أبا محمد قل وليقل القوم من بعدك، فأجابه يحيى، ثم الذي يلي يحيى، ثم الذي يليه، حتى أجاب آخرنا في العلة وعلة العلة وهو مطرق لا يتكلم، حتى إذا انقطع الكلام التفت إلى يحيى فقال: يا أبا محمد، أصبت الجواب وتركت الصواب في العلة، ثم لم يزل يرد على كل واحد منا مقالته، ويخطئ بعضنا ويصوب بعضنا، حتى أتى على آخرنا. ثم قال: إني لم أبعث فيكم لهذا، ولكني أحببت أن أبسطكم، إن أمير

ص 173

المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه والذي يدين الله به، قلنا: فليفعل أمير المؤمنين وفقه الله فقال: إن أمير المؤمنين يدين الله على أن علي بن أبي طالب خير خلفاء الله بعد رسوله صلى الله عليه وسلم، وأولى الناس بالخلافة له. قال إسحاق فقلت: يا أمير المؤمنين، إن فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في علي، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة! فقال: يا إسحاق، إختر، إن شئت سألتك أسألك يا أمير المؤمنين قال: سل. قلت: من أين قال أمير المؤمنين إن على بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله وأحقهم بالخلافة بعده؟ قال: يا إسحاق، خبرني عن الناس بما يتفاضلون حين يقال: فلان أفضل من فلان؟ قلت: بالأعمال الصالحة، قال: صدقت. قال: فأخبرني عمن فضل صاحبه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول الله يلحق به. قال: فأطرقت، فقال لي: يا أبا إسحاق لا تقل: نعم، فإنك إن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهادا وحجا وصياما وصلاة وصدقة، فقلت: أجل، يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاضل أبدأ. قال: يا إسحاق فانظر ما رواه لك أصحابك - ومن أخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك - من فضائل علي بن أبي طالب فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر، فإني رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي فقل إنه أفضل منه، لا والله، ولكن قس إلى فضائله ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر، فإن وجدت لهما من الفضائل ما لعلي وحده فقس إنهما أفضل منه، لا والله، ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر عمر وعثمان، فإن وجدتها مثل فضائل

ص 174

علي فقل إنهم أفضل منه، لا والله، ولكن قس بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنهم أفضل منه. قال: يا إسحاق، أي الأعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت: الاخلاص بالشهادة، قال: أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت: نعم، قال: إقرأ ذلك في كتاب الله تعالى، يقول: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) إنما عني من سبق إلى الإسلام، فهل علمت أحدا سبق عليا إلى الإسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين إن عليا أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرني أيهما أسلم قبل ثم أناظرك من بعده في الحداثة والكمال؟ قلت: علي أسلم قبل أبي بكر، على هذه الشريطة، فقال لي: يا إسحاق لا تقل إلهاما، فتقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن رسول الله لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبرئيل عن الله تعالى. قلت: أجل، بل دعاه رسول الله إلى الإسلام، قال: يا إسحاق، فهل يخلو رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا إلى الإسلام، من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلف ذلك من نفسه؟ قال: فأطرقت، فقال: يا إسحاق لا تنسب رسول الله إلى التكلف، فإن الله يقول: (وما أنا من المتكلفين). قلت: أجل، يا أمير المؤمنين، بل دعاه بأمر الله، قال: فهل من صفة الجبار - جل ذكره - أن يكلف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت: أعوذ بالله، فقال: أفتراه في قياس قولك - يا إسحاق -: إن عليا أسلم صيبا لا يجوز عليه الحكم، قد كلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون، فهل يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء، ولا يجوز عليه حكم الرسول عليه السلام، أترى هذا جائزا

ص 175

عندك أن تنسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: أعوذ بالله، قال: يا إسحاق فأراك إنما قصدت لفضيلة فضل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا على هذا الخلق، إبانة بها منهم ليعرفوا فضله، ولو كان الله أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا، قلت: بلى، قال: فهل بلغك أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته لئلا تقول: إن عليا ابن عمه؟ قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل، قال: يا إسحاق، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسئل عنه؟ قلت: لا، قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك. قال: ثم أي الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الإسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل الله، قال: صدقت، فهل تجد. لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجد لعلي في الجهاد؟ قلت: في أي وقت؟ قال في أي الأوقات شئت. قلت: بدر. قال: لا أريد غيرها، فهل تجد لأحد إلا دون ما تجد لعلي يوم بدر؟ أخبرني كم قتلى بدر؟ قلت: نيف وستون رجلا من المشركين. قال: فكم قتل علي وحده؟. قلت: لا أدري، قال: ثلاثة وعشرين، أو اثنين وعشرين، والأربعون لسائر الناس، قلت: يا أمير المؤمنين: كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عريشه، قال ماذا يصنع؟ قلت: يدبر، قال: ويحك يدبر دون رسول الله، أو معه شريكا، أم افتقارا مره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رأيه؟ أي الثلاث أحب إليك؟ قلت أعوذ بالله أن يدبر أبو بكر دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون معه شريكا، أو أن يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم افتقار إلى رأيه، قال فما الفضيلة بالعريش إذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول الله أفضل ممن هو جالس؟ قلت: يا أمير المؤمنين كل الجيش كان مجاهدا، قال: صدقت كل مجاهد، ولكن الضارب بالسيف المحامي عن رسول الله صلى الله

ص 176

عليه وسلم وعن الجالس أفضل من الجالس، أما قرأت كتاب الله: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا عد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما)؟ قلت: وكان أبو بكر وعمر مجاهدين، قال: فهل كان لأبي بكر وعمر فضل على من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت: نعم، قال: فكذلك سبق الباذل نفسه فضل أبي بكر وعمر، قلت: أجل. قال: يا إسحاق هل تقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال اقرأ علي (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) فقرات منها حتى بلغت: (يشربون من كأس كان مزاجها كافورا - إلى قوله - ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) قال: على رسلك، فيمن نزلت هذه الآيات؟ قلت في علي، قال: فهل بلغك أن عليا حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: إنما نطعمكم لوجه الله؟ وهل سمعت الله وصف في كتابه أحدا بمثل ما وصف به عليا؟ قلت: لا، قال صدقت، لأن الله - جل ثناؤه - عرف سيرته. يا إسحاق، ألست تشهد أن العشرة في الجنة؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: أرأيت لو إن رجلا قال: والله ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا، ولا أدري أن كان رسول الله قاله أم لم يقله، أكان عندك كافرا؟ قلت: أعوذ بالله، قال: أرأيت لو أنه قال: ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا كان كافرا؟ قلت: نعم، قال: يا إسحاق أرى بينهما فرقا، يا إسحاق: أتروي الحديث؟ قلت: نعم. قال: فهل تعرف حديث الطير؟ قلت: نعم. قال فحدثني به. قال فحدثته الحديث. فقال:

ص 177

يا إسحاق، إني كنت أكلمك وأنا أظنك غير معاند للحق، فأما الآن فقد بان لي عنادك، إنك توقن أن هذا الحديث صحيح؟ قلت: نعم، رواه من لا يمكنني رده، قال: أفرأيت أن من أيقن أن هذا الحديث صحيح ثم زعم أن أحدا أفضل من علي. لا يخلو من إحدى ثلاثة: من أن يكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده مردودة عليه، أو أن يقول: عرف الفاضل من خلقه وكان المعضول أحب إليه، أو أن يقول: إن الله عز وجل لم يعرف الفاضل من المفضول، فأي الثلاثة أحب إليك أن تقول؟ فأطرقت، ثم قال: يا إسحاق لا تقل منها شيئا، فإنك إن قلت منها شيئا استتبتك، وإن كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله. قلت: لا أعلم. وإن لأبي بكر فضلا، قال: أجل لولا أن له عضلا لما قيل إن عليا أفضل منه، فما فضله الذي قصدت له الساعة؟ قلت: قول الله عز وجل: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فنسبه إلى صحبته. قال: يا إسحاق، أما إني لا أحملك على الوعر من طريقك إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضى عنه كافرا وهو قوله: (فقال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) قلت: إن ذلك كان صاحبا كافرا، وأبو بكر مؤمن، قال: فإذا جاز أن ينسب إلى صحبته من رضيه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة نبيه مؤمنا، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث. قلت يا أمير المؤمنين إن قدر الآية عظيم، إن الله يقول: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) قال يا إسحاق تأبى الآن إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي بكر، أكان رضا أم سخطا؟ قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا عليه وغما أن يصل إلى رسول الله شيء من

ص 178

المكروه، قال: ليس هذا جوابي، إنما كان جوابي أن تقول رضى أم سخط، قلت بل كان رضا لله، قال: وكان الله جل ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله عز وجل عن طاعته! قلت: أعوذ بالله، قال: أو ليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟ قلت: بلى قال: أو لم تجد أن القرآن يشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحزن، نهيا له عن الحزن؟ قلت: أعوذ بالله. قال: يا إسحاق إن مذهبي الرفق بك، لعل الله يردك إلى الحق، ويعدل بك عن الباطل، لكثرة ما تستعيذ به. وحدثني عن قول الله: (فأنزل الله سكينة عليه) من عني بذلك، رسول الله أم أبو بكر؟ قلت: بل رسول الله قال: صدقت. قال: فحدثني عن قول الله عز وجل: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم - إلى قوله - ثم أنزل الله سكينة على رسوله وعلى المؤمنين)، أتعلم من المؤمنين الذين أراد الله في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين، قال: الناس جميعا انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبعة نفر من بني هاشم: علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شيء، حتى أعطى الله لرسوله الظفر، فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم، قال: فمن أفضل، من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت: بل من أنزلت عليه السكينة. قال: يا إسحاق، من أفضل، من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتى تم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أراد من الهجرة؟ إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليا بالنوم على فراشه، وأن يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك،

ص 179

فبكى علي رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا علي أجزعا من الموت؟ قال: لا والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ولكن خوفا عليك، أفتسلم يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: سمعا وطاعة وطيبة ونفسي بالفداء لك يا رسول الله، ثم أتى مضجعه واضطجع وتسجى بثوبه، وجاء المشركون من قريش فحفوا به لا يشكون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف، لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه، وعلي يسمع القوم فيه من تلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار، ولم يزل علي صابرا محتسبا، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح، فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قال: فلا نراك إلا مغرا بنفسك منذ ليلتنا، فلم يزل علي أفضل ما بدأ به يزيد ولا يقص حتى قبضه الله إليه. يا إسحاق، هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: إروه، ففعلت، قال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن الناس ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زبد بن حارثة، لشيء جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: في أي موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت: أجل، قال: فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمسة عشر سنة يقول: مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فاعلموا ذلك، أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم، قال: يا إسحاق أفتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويحكم لا تجعلوا فقهائكم أربابكم، إن الله جل ذكره قال في كتابه:

ص 180

(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ولم يصلوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أهم أرباب، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم. يا إسحاق: أتروي حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قد سمعته وسمعت من صححه وجحده، قال: فمن أوثق عندك، من سمعت منه فصححه أو من جحده؟ قلت: من صححه قال: فهل يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم مزح بهذا القول؟ قلت: أعوذ بالله، قال: فقال قولا لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت: أعوذ بالله، قال: أفما تعلم إن هارون كان أخا موسى لأبيه وأمه؟ قلت: بلى، قال: فعلي من رسول الله لأبيه وأمه؟ قلت: لا، قال: أو ليس هارون نبيا وعلي غير نبي؟ قلت: بلى، قال: فهذان الحالان معدومان في علي وقد كانا في هارون فما معنى أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت له: إنما أراد أن يطيب بذلك نفس علي لما قال المنافقون ننه خلفه استثقالا له، قال: فأراد أن يطيب نفسه بقول لا معنى له؟ قال: فأطرقت، قال: يا إسحاق له معنى في كتاب الله بين، قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: قوله عز وجل حكاية عن موسى أنه قال لأخيه هارون: (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) قلت: يا أمير المؤمنين: إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عليا كذلك حين خرج إلى غزاته، قال: كلا ليس كما قلت، أخبرني عن موسى حين خلف هارون هل كان مه حين ذهب إلى ربه أحد من أصحابه أو أحد من بني إسرائيل؟ قلت: لا، قال: أو ليس استخلفه على جماعتهم؟ قلت: نعم، قال: فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى غزاته هل خلف إلا الضعفاء والنساء والصبيان؟ فإني يكون مثل ذلك؟! وله عندي تأويل آخر من كتاب الله يدل على استخلافه إياه، لا يقدر أحد أن يحتج فيه، ولا أعلم أحدا احتج به، وأرجو أن يكون توفيقا من الله. قلت:

ص 181

وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: قوله عز وجل حين حكى عن موسى قوله: (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا) فأنت مني يا علي بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي، شد الله به أزري وأشركه في أمري، كي نسبح الله كيرا ونذكره كثيرا، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لا معنى له. قال: فطال المجلس وارتفع النهار، فقال يحيى بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه، قال إسحاق: فأقبل علينا وقال: ما تقولون؟ فقلنا كلنا: نقول بقول أمير المؤمنين أعزه الله، فقال: والله لو لا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إقبلوا القول من الناس، ما كنت لأقبل منكم القول. الله قد نصحت لهم القول، اللهم إني قد أخرجت الأمر من عنقي، اللهم أدينك بالتقرب إليك بحب علي وولايته (1). ابن عبد ربه والعقد الفريد ثم إن ابن عبد ربه القرطبي من مشاهير علماء أهل السنة وأدبائهم، وكتابه العقد الفريد من الكتب المشهورة والأسفار الممتعة: 1 - قال ابن ماكولا: أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن جدير ابن سالم، مولى هشام بن عبد الملك بن مروان، أبو عمر، أندلسي مشهور بالعلم والأدب والشعر، وهو صاحب كتاب العقد في الأخبار، وشعره كثير جدا، وهو مجيد (2). 2 - ابن خلكان: كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع

(هامش)

(1) العقد الفريد 5 / 349. (2) الاكمال 6 / 36. (*)

ص 182

على أخبار الناس، وصنف كتابه العقد، وهو من الكتب الممتعة، حوى من كل شيء... (1). 3 - الذهبي: وفيها أبو عمر... العلامة مصنف العقد، وله اثنتان وثمانون سنة، وشعره في الذروة العليا، سمع من بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح (2). 4 - أبو الفدا: وكان من العلماء المكثرين من المحفوظات، وصنف كتاب العقد، وهو من الكتب النفيسة، ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين (3). 5 - المقري: وقال - يعني لسان الدين - في ترجمة صاحب العقد الفقيه العالم أبي عمر ابن عبد ربه: عالم ساد بالعلم وراس، واقتبس به من الحظوة أيما اقتباس، وشهر بالأندلس حتى سار إلى المشرق ذكره، واستطار بشرر الذكاء فكره، وكانت له عناية بالعلم وثقة ورواية له متسقة، وأما الأدب فهو كان حجته وبه غمرت الأفهام لجته، مع صيانة وورع، ورد مائها فكرع، وله التاليف المشهور الذي سماه بالعقد، وحماه عن عثرات النقد، لأنه أبرزه مثقف القناة مرهف الشباة تقصر عن ثواقب الألباب، ويبصر السحر منه في كل باب، وله شعر انتهى منتهاه، وتجاوز سماك الاحسان وسماه... (4). ومن مصار ترجمته أيضا: 1 - سير أعلام النبلاء 15 / 283. 2 - معجم الأدباء 4 / 211. 3 - مرآة الجنان 2 / 295.

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 1 / 110. (2) العبر في خب من عبر 2 / 211. (3) المختصر في أخبار البشر 2 / 92. (نفخ الطيب عن غصن الأندلس الرطيب 4 / 217. (*)

ص 183

4 - البداية والنهاية 11 / 193. 5 - بغية الوعاة: 161. وقال الذهبي: ابن عبد ربه، العلامة الأديب الأخباري، صاحب كتاب العقد... وكان موثقا نبيلا بليغا شاعرا، عاش 82 سنة، وتوفي سنة 328 .

 (16) رواية المحاملي

 ورواه القاضي المحاملي حيث قال: حدثنا الحسين، ثنا عبد الأعلى بن واصل، ثنا عون بن سلام، ثنا سهل ابن شعيب، عن بريدة بن سفيان عن سفينة - وكان خادما الرسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوائر قال: ورفعت له أم أيمن بعضها، فلما أصبح أتته بها فقال: ما هذا يا أم أيمن؟ فقالت: هذا بعض ما أهدي لك أمس. قال: أو لم أنهك أن ترفعي لأحد - أو لغد - طعاما! إن لكل غد رزقه. ثم قال: اللهم أدخل بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فدخل علي عليه السلام فقال: اللهم وإلي (1). قال ابن المغازلي أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد البيع البغدادي رحمه الله - قدم علينا واسطا - ثنا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، أنه قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، نا عبد الأعلى بن واصل، ثنا عون بن سام، ثنا سهل بن شعيب، عن بريدة بن سفيان عن سفينة - وكان خادما لرسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوائر، قال: فرفعت له أم أيمن بعضها، فلما أصبح أتته بها فقال: (1) الأمالي: 443 - 444. (*)

ص 184

ماذا يا أم أيمن؟ فقالت: هذا بعض ما أهدي إليك أمس، قال: أو لم أنهك أن ترفعي لغد طعاما، إن لكل غد رزقه؟ ثم قال: اللهم أدخل أحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الصائر، فدخل علي، فقال: اللهم وإلي. هذا حديث غريب من هذا الطريق (1). وتظهر روايته للحديث من سند رواية الكنجي الشافعي الآتية في محلها إن شاء الله. ترجمته 1 - السمعاني: أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، كان: فاضلا، صادقا، ثبتا، دنيا، ثقة، صدوقا... (2). 2 - ابن الأثير في حوادث 330: وفيها توفي القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل المحاملي الفقيه الشافعي: وهو من المكثرين في الحديث، وكان مولده سنة خمس وثلاثين ومائتين، وكان على قضاء الكوفة وفارس فاستعفى من القضاء وألح في ذلك، فأجيب إليه (3). 3 - الذهبي المحاملي، القاضي الإمام العلامة الحافظ، شيخ بغداد ومحدثها، أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي. ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأول سماعة في سنة أربع وأربعين، سمع: أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك، وعمرو بن علي الفلاس، وزياد بن أيوب، وأحمد بن المقدام العجلي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن المثنى العنزي، وأبا هشام، وعبد الرحمن بن يونس السراج، والزبير بن بكار، وطبقتهم ومن بعدهم، فأكثر وصنف وجميع.

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب: 175. (2) الأنساب 5 / 208 - المحاملي. (3) الكامل في التاريخ 8 / 392. (*)

ص 185

روى عنه: دعلج، والدارقطني، وابن جميع، وإبراهيم بن جرولة الباجي، وابن الصلت الأهوازي، وأبو عمرو ابن مهدي، وأبو محمد بن البيع، وآخرون. قال الخطيب: كان: فاضلا، دينا، صادقا، شهد عند القضاة وله عشرون سنة، ولي قضاء الكوفة ستين سنة... (1). 4 - اليافعي: الإمام الكبير، القاضي أبو عبد الله المحاملي الشهير... قال أبو بكر الدراوردي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل (2). 5 - السيوطي: المحاملي القاضي، الإمام العلامة الحافظ، شيخ بغداد ومحدثها... وكان: فاضلا، دينا، صدوقا... (3). ومن مصادر ترجمته أيضا: 1 - سير أعلام النبلاء 15 / 258. 2 - تاريخ بغداد 8 / 19. 3 - الوافي بالوفيات 12 / 341. 4 - العبر 2 / 222. 5 - البداية والنهاية 11 / 203.

 (17) رواية ابن عقدة

 لقد رواه في كتاب الطير الذي جمع فيه طرقه وألفاظه كما قال ابن شهرآشوب السروي - المترجم له ببالغ الثناء في معاجم التراجم كما علمت

(هامش)

(1) تذكرة الحافظ 3 / 824. (2) مرآة الجنان 2 / 297. (3) طبقات الحفاظ: 343. (*)

ص 186

سابقا -: روى حديث الطير جماعة... ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق، وقد صنف أحمد ابن محمد بن سعيد كتاب الطير... (1). أقول: ومن ذلك قوله: ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا يوسف بن عدي، ثنا حماد بن المختار الكوفي، ثنا عبد الملك بن عمير، عن أنس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائرا، فوضع بين يديه فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، قال: فجاء علي فدق الباب فقال: من ذا؟ فقال: أنا علي... . كما تظهر روايته من كلام ابن المغازلي، الآتي في محله. ترجمته وابن عقدة من أعلام الحديث ومشاهير الأئمة الثقات، وقد ترجمنا له وأثبتنا ثقته على ضوء المصادر المعتبرة في بعض مجلدات الكتاب. وتوجد ترجمته في الكتب الآتية: 1 - تاريخ بغداد 5 / 14. 2 - تذكرة الحفاظ 3 / 839. 3 - مرآة الجنان 2 / 311. 4 - الوافي بالوفيات 7 / 395. 5 - النجوم الزاهرة 3 / 281. 6 - العبر 2 / 230. 7 - طبقات الحفاظ: 348. 8 - شذرات الذهب 2 / 332.

(هامش)

(1) مناقب آل طالب 2 / 282.

ص 187

(18) رواية المسعودي

 لقد أثبته في تاريخ أيما إثبات، وذكره في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام الخاصة به، حيث قال: والأشياء التي استحق بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل هي: السبق إلى الايمان، والهجرة والنصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والقربى منه، والقناعة، وبذل النفس له، والعلم بالكتاب والتنزيل، والجهاد في سبيل الله، والورع، والزهد، والقضاء والحكم، والعفة والعلم. وكل ذلك لعلي - رضي الله عنه منه النصيب الأوفر والحظ الأكبر، إلى ما ينفرد به من قول رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم حين آخى بين أصحابه: أنت أخي، وهو صلى الله عليه وسلم لا ضد له ولا ند، وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقوله عليه السلام: من كنت مولاه فعي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم دعاؤه عليه السلام - وقد قدم إليه أنس الطائر -: اللهم أدخل إلي أحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فدخل عليه علي عليه السلام إلى آخر الحديث، فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال مما تفرق في غيره (1). ترجمته 1 - ابن شاكر الكتبي: علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن،

(هامش)

(1 مروج الذهب 1 / 711. (*)

ص 188

المسعودي المؤرخ، من ذرية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال الشيخ شمس الدين: عداده في البغداديين وأقام بمصر مدة، وكان أخباريا علامة، صاحب غرائب وملح ونوادر، مات سنة 346، وله من التصانيف: كتاب مروج الذهب... (1). 2 - السبكي: وكان أخباريا متفننا، علامة صاحب ملح وغرائب، سمع من نفطويه وابن زبر القاضي وغيرهما، ودخل إلى البصرة، فلقي بها أبا خليفة الجمحي، ولم يعمر على ما ذكر، وقيل: إنه كان معتزلي العقيدة، مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة، وهو الذي علق عن أبي العباس ابن شريح رسالة البيان عن أصول الأحكام، وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة... (2).

 (19) رواية أحمد بن سعيد بن بن فرقد الجدي

 لقد روى حديث الطير بإسناد الصحيحين، لكن الذهبي - الشهير بتعصبه على الحق وإنكاره لفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) - اتهمه بوضعه، وهذا نص كلامه بترجمته: أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي، روى عن أبي حمة، وعنه الطبراني، فذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين، فهو المتهم بوضعه (3). لكن تعقبه ابن حجر فذكر إخراج الحاكم الحديث عن طريق أحمد بن سعيد، ثم أضاف بأن الرجل معروف ومن شيوخ الطبراني، وهذا نص كلامه:

(هامش)

(1) فوات الوفيات 2 / 45. (2) طبقات الشافعية 2 / 307. (3) ميزان الاعتدال 1 / 100. (*)

ص 189

قلت: أخرجه الحاكم عن محمد بن صالح الأندلسي عن أحمد - هذا - عن أبي حمة محمد بن يوسف، عن أبي قرة موسى بن طارق، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، عن أنس. وأحمد بن سعيد معروف من شيوخ الطبراني، وأظنه دخل عليه إسناد في إسناد (1). وأما ظن العسقلاني أنه دخل عليه إسناد في إسناد فهو ظن لا يغني من الحق شيئا، وتضليل ليس لأحد إلى قبوله من سبيل، والله الهادي الصائن عن كيد كل خادع ضئيل... هذا، وقد صرح السمعاني أيضا برواية الطبراني عن أحمد بن سعيد (2)، وقد تقرر في محله أن رواية الأكابر الأعلام دليل على كمال الشرف والجلالة، بل هي عين التوثيق والتعديل عند بعض أئمة هذا الشأن الجليل، والله الهادي إلى سواء السبيل...

 (20) رواية الطبراني

 رواه بسند صحيح. حيث قال: نا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي، قال: نا أبو حمة محمد بن يوسف اليماني قال: نا أبو قرة موسى بن طارق، عن موسى بن عقبة، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله، عن أنس بن مال قال: بينا أنا واقف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أهدي إليه طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي بن أبي طالب فقلت: رسول الله على حاجة، ثم

(هامش)

(1) لسان الميزان 1 / 177. (2) الأنساب - الجدي. (*)

ص 190

جاء علي فدخل، فقال له رسول الله: اللهم وإلي اللهم وإلي، فأكل معه . فقد رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن سعيد، بإسناده عن أنس، وهو نفس الاسناد الذي صرح الذهبي - وسلم به العسقلاني - بأنه إسناد الصحيحين... فظهر رواية الطبراني حديث الطير بسند صحيح. والحمد لله على ذلك. وقال الطبراني: حدثنا عبيد العجلي، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، عن فطر بن خليفة، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم، عن سفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بطير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي رضي الله عنه فقال النبي صلى الله وسلم: اللهم وإلي (1). وقال الطبراني: حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح المصري، ثنا يوسف بن عدي، ثنا حماد بن المختار، عن عبد الملك بن عمير، أنس - رضي الله عنه - قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائر، فوضع بين يديه فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فدق الباب، فقلت ذا؟ فقال: أنا علي، فقلت: النبي صلى الله عليه وسلم على حاجة، فرجع ثلاث مرار، كل ذي يجئ، قال: فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حسبك؟ قال: قد جئت ثلاث مرات، كل ذلك يقول: النبي - صلى الله عليه وسلم - على

(هامش)

(1) المعجم الكبير 7 / 82. (*)

ص 191

حاجة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قلت: كنت أردت أن يكون رجل من قومي (1). وقال الطبراني: عن أنس بن مالك قال: أهدت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم طائرا بين رغيفين، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر، فرفع يديه فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، وإنما دخل النبي صلى الله عليه وسلم آنفا (2)... النبي من الطائر شيئا، ثم رفع يده فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي، فارتفع الصوت بيني وبينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: خله من كان يدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإلي يا رب - ثلاث مرات - فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغا. لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا عبد الرزاق، تفرد به سلمة (3). * وجاء التصريح في غير واحد من الكتب برواية الطبراني حديث الطير، وقد أورد الهيثمي الحديث عن الطبراني بأسانيد، فنص على أن رجال إسناده في (المعجم الكبير) رجال الصحيح ما عدا واحد فقال: لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح وأن له أسانيد في (المعجم الأوسط) فسكت إلا عن واحد منها فقال: وفي أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة ولم أعرفه، وبقية ورجاله رجال الصحيح ، ثم أخرجه عن البزار والطبراني عن سفينة فقال: ورجال (1) المعجم الكبير 1 / 253. (2) في النسخة: هنا كلمة لا تقرء. (3) المعجم الأوسط 2 / 443. (*)

ص 192

الطبراني رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة وهو ثقة (1) فإذن، الطبراني يروي حديث الطير بسند آخر اعترف الهيثمي بصحته، فإذا ثبت ثقة من قال لم أعرفه كانت الأسانيد الصحيحة عند الطبراني في رواية حديث الطير كثيرة، والله الموفق. ترجمته 1 - السمعاني: أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني، حافظ عصره، صاحب الرحلة، رجل إلى ديار: مصر، والحجاز، واليمن، والجزيرة، والعراق، وأدرك الشيوخ، وذاكر الحفاظ، وسكن إصبهان إلى آخر عمره، وصنف التصانيف، يروي عن: إسحاق بن إبراهيم الديري الصنعاني، وجمع شيوخه الذين سمع منهم وكانوا ألف شيخ، روى عنه: أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، وأبو نعيم الحافظ، والعالم. ولد سنة ستين ومائتين بطبرية، مات لليلتين بقيتا ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة بإصبهان، وكان يقول: أول ما قدمت إصبهان سنة تسعين ومائتين (2). 2 - ابن خلكان: كان حافظ عصره... وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة، منها: المعاجم الثلاثة... (3). 3 - الذهبي حوادث 360: وفيها: الطبراني الحافظ العلم مسند العصر... وكان ثقة صدوقا واسع الحفظ، بصيرا بالعلل والرجال والأبواب،

(هامش)

(1) مجمع الزوائد 9 / 126 125. (2) الأنساب - الطبراني. (3) وفيات الأعيان 2 / 407. (4) العبر 2 / 315. (*)

ص 193

4 - السيوطي: الطبراني: الإمام العلامة بقية الحفاظ... مسند الدنيا، وأحد فرسان هذا الشأن... قال ابن مندة: أحد الحفاظ المذكورين... قال أبو العباس الشيرازي: كتبت عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث، وهو ثقة... (1). هذا، وقد اعتمد العلماء على كتبه واحتجوا برواياته في مختلف كتبهم... كما احتج برواياته (الدهلوي) نفسه في مواضع من (التحفة).

 (21) رواية ابن السق

 لقد روى ابن السقا حديث الطير وأملاه في واسط، فلم تحمل نفوس المتعصبين المنطوية على بغض أهل البيت سماع هذه الفضيلة الجليلة، الهادمة لأساس التزوير والقالعة لبنيان التلميح، حتى وثبوا به لنصبهم الشديد، فأقاموه وغسلوا موضعه لاعتقادهم نجاسته بذلك! فمضى ابن السقا ولزم بيته... ولقد أورد هذه القضية الذهبي بترجمته حيث قال قال السلفي: سألت الحافظ خميسا الحوزي عن ابن السقاء. فقال: هو من مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رجل به أبوه فأسمعه من: أبي خليفة، وأبي يعلى، وابن زيدان البجلي، والمفضل بن الجندي. بارك الله في سنه وعلمه، واتفق أنه أملى حديث الطير، فلم تحمله نفوسهم فوثبوا به، فأقاموه وغسلوا موضعه، فمضى. لزم بيته، ولم يحدث أحدا من الواسطيين، فلهذا قل حديثه عندهم، وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة،

(هامش)

(1) طبقات الحفاظ: 372. (*)

ص 194

حدثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي (1). كما تظهر روايته من عبارة ابن المغازلي الآتية فيما بعد. ترجمته 1 - قال الذهبي: ابن السقا، الحافظ الإمام محدث واسط، أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي... روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح يوسف القواس، وأبو العلاء محمد بن علي القاضي... وآخرون. قال أبو العلاء ابن المظفر والدارقطني: يقولون لم نر مع ابن السقا كتابا وإنما حدثنا حفظا، وقال علي بن محمد بن الطيب الجلابي في تاريخه: ابن السقا من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة 373... (2). وقال: ابن السقاء: الإمام الحافظ الثقة الرحال... (3). 2 - السمعاني: واشتهر به أبو محمد... المعروف بابن السقا، من أهل الفهم والحفظ والمعرفة بالحديث... (4). 3 - السيوطي: ابن السقا - الحافظ الإمام محدث واسط، أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان، سمع: أبا خليفة، وأبا يعلى، ومنه: الدارقطني وأبو نعيم، وكان من أئمة الواسطيين، والحفاظ المتقنين، وذوي المروة والوجاهة، يحدث حفظا، مات في جمادى الآخرة سنة 373 (5).

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 3 / 965، سير أعلام النبلاء 16 / 352. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 965. (3) سير أعلام النبلاء 16 / 351. (4) الأنساب 7 / 90. (5) طبقات الحفاظ: 385. (*)

ص 195

(22) رواية أبي الليث السمرقندي

 رواه في (المجالس) له حيث قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضلكم علي بن أبي طالب، وعن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث طوائر فقال: اللهم سق إلي أحب خلقك إليك يأكل معي، قال أنس: فكنت على الباب فجاء علي فرددته رجاء أن يجئ رجل من الأنصار، ثم جاء علي فأذنت له، فقال رسول الله: كل يا علي، فأنت أحب خلق الله إليه، وقد دعوت أن يسوق أحب خلقه إليه . ترجمته 1 - الذهبي: أبو الليث: الإمام الفقيه المحدث الزاهد... (1). 2 - الكفوي: الشيخ الإمام أبو الليث الفقيه نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، كان يعرف بإمام الهدى، وكان مشهور بالكنية والفقيه، وفي تقدمة المقدمة: قيل: سماه النبي فقيها لما النبي فقيها لما روى أنه لما صنف كتابه المسمى تنبيه الغافلين عرضه على روضة النبي صلى الله عليه وسلم وبات الليلة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فناوله كتابه فقال: هذا كتابك يا فقيه، فانتبه فوجد فيه مواضع ممحوة، فكان يتبرك باسم الفقيه فاشتهر به... (2). 3 - محي الدين القرشي: نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الفقيه أبو الليث المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبي جعفر

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 16 / 322. (2) كتائب أعلام الأخيار - مخطوط. (*)

ص 196

الهندواني، وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، توفي رحمه الله تعالى ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة 373... (1). (23) إثبات الصاحب ابن عباد ولقد أثبت أبو القاسم إسماعيل بن عباد الملقب بالصاحب حديث الطير، إذ أورده في أشعر له في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: فقد جاء في كتاب (المناقب) ما نصه: وللصاحب كافي الكفاة: يا أمير المؤمنين المرتضى * إن قلبي عندكم قد وقفا كلما جددت مدحي فيكم * قال ذو النصب يسب السلفا من كمولاي علي زاهدا * طلق الدنيا ثلاثا ووفى؟ من دعي للطير يأكله؟ * ولنا في مثل هذا مكتفى من وصي المصطفى عندكم * فوصي المصطفى يصطفى؟ (2). وفيه: وقال الصاحب كافي الكفاة في مدح علي: هو البدر في هيجاء بدر وغيره * فرائصه من ذكره السيف ترعد وكم خبر في خيبر قد رويتم * ولكنكم مثل النعام تشرد؟ وفي أحد ولي رجال وسيفه * يسود وجه الكفر وهو مسود علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به أعداؤه وهي تشهد وما شد عن خير المساجد بابه * وأبوابهم إذ ذاك عنه تسدد

(هامش)

(1) الجواهر المضية في طبقات الحنفية 2 / 196. (2) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي: 65. (*)

ص 197

وزوجته الزهراء خير كريمة * لخير كريم فضلها ليس يجحد وذكر أشعارا أخرى له في الباب (1). ترجمته فهذا الصاحب بن عباد، الذي فاق في الفضل وساد، قد أبان صحة هذا الحديث لكل ذي سداد، حيث نظمه جازما بثبوته لأبي الأئمة الأمجاد، عليه وآله آلاف السلام من رب العباد، فقلع أس المكابرة والعناد، والقم الحجر في فم كل شاحن ذي احتداد منطو على كوامن الضغائن والأحقاد، والله المتفضل بالهداية والإرشاد... وقد أثنى على الصاحب ومدحه كبار علماء أهل السنة وصفوه بالمآثر الجميلة والمكارم الجليلة،... راجع: 1 - وفيات الأعيان 1 / 228. 2 - معجم الأدباء 6 / 168. 3 - يتيمة الدهر 3 / 188. 4 - العبر في خبر من غبر 3 / 28. 5 - الكامل 8 / 352. 6 - المختصر في أخبار البشر 2 / 130. 7 - مرآة الجنان 2 / 421. 8 - تتمة المختصر 1 / 312. 9 - بغية الوعاة 1 / 449. 10 - شذرات الذهب 3 / 113.

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي: 240. (*)

ص 198

(24) رواية ابن شاهين

 أخرجه عن طريقه ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام غير مرة، فمن ذلك قوله: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، أنبأنا حسين بن محمد، أنبأنا سليمان بن قرم، عن محمد بن شعيب، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده ابن عباس قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطائر، فقال: اللهم ائتني برجل يحبه الله ورسوله. فجاء على عليه السلام، فقال: اللهم وإلي . وقوله: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو حفص ابن شاهين، أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن الحباب - بالبصرة - حدثني عمي صالح ابن عبد الكبير، أنبأنا عبد الله بن زياد أبو العلاء، عن علي بن زيد، عن سعيد ابن المسيب، عن أنس بن مالك قال... قال ابن شاهين: تفرد بهذا الحديث عبد القدوس بن محمد بن عمه، لا أعلم حدث به غيره، وهو حديث حسن غريب . وقوله: حدثنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو حفص بن شاهين، أنبأنا محمد بن إبراهيم الأنماطي، أنبأنا محمد بن عمرو بن نافع، أنبأنا على بن الحسن أنبأنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن

ص 199

أنس... (1). وقال ابن المغازلي: أخبرنا محمد بن علي - إجازة - أن أبا حفص عمر ابن أحمد بن شاهين الواعظ حدثهم: نا محمد بن الحسين الجواربي، نا إبراهيم بن صدقة، نا يغنم بن سالم، نا أنس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائر، وذكر الحديث (2). وقال: أخبرنا أبو طالب بن محمد بن علي بن الفتح الحربي البغدادي فيما كتب به إلي - أن أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثهم قال: نا نصر ابن القاسم الفرضي، نا عيسى بن مساور الجوهري قال: قال لي يغنم بن سالم ابن قنبر ولقيته سنة تسعين ومائة وقال يغنم بن سالم: لي اثني عشرة ومائة سنة - قال لي أنس بن مالك: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طير مشوي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك أو بمن تحبه - الشك من عيسى بن مساور الجوهري - فجاء علي، فرددته، فدخل في الثالثة أو في الرابعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما حبسك - أو ما أبطأك - عني يا علي؟ قال: جئت فردني أنس، ثم جئت فردني أنس، ثم جئت فردني أنس. قال: يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلا من الأنصار؟ فقلت: نعم، فقال: يا أنس، أوفي الأنصار أفضل من علي؟! (3). وقال المحب الطبري: وخرجه الحافظ أبو حفص عمر بن عثمان بن شاهين، في جزء من حديثه، ولم يذكر زيادة الحربي، وقال بعد قوله: فجاء علي فرددته: ثم جاء فرددته، فدخل في الثالثة أو في الرابعة، فقال له النبي

(هامش)

(1) ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق ج 2 الأحاديث: 611، 618، 621. (2) مناقب علي بن أبي طالب: 164. (3) المصدر نفسه: 165. (*)

ص 200

صلى الله عليه وسلم: ما حبسك عني - أو ما أبطأ بك عني - يا علي؟ قال: جيت فردني أنس، ثم جيت فردني أنس، قال: يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ قال: رجوت أن يكون رجلا من الأنصار، فقال: أو في الأنصار خير من علي - أو أفضل من علي -؟! (1). وقال ابن شهرآشوب: وحدثني أبو العزيز كادش العكبري، عن أبي طالب الحربي العشاري، عن ابن شاهين الواعظ - في كتابه ما قرب سنده - قال: حدثني نصر بن القاسم الفرائضي قال: أخبرنا أبو محمد عيسى الجوهري قال قال يغنم بن سالم بن قنبر قال: قال أنس بن مالك. الخبر (2). ترجمته وابن شاهين من كبار علماء أهل السنة ومحدثيهم الثقات وحفاظهم الأعيان، وسنذكر ترجمته في مجلد حديث التشبيه، ومن مصادر ترجمه: 1 - الأنساب - الشاهيني. 2 - الكامل في التاريخ 9 / 115. 3 - تذكرة الحفاظ 3 / 987. 4 - طبقات القراء 1 / 588. 5 - العبر 3 / 29. 6 - مرآة الجنان 2 / 426. 7 - طبقات الحفاظ: 392. 8 - طبقات المفسرين 2 / 2. 9 - تاريخ بغداد 11 / 265.

(هامش)

(1) الرياض النضرة 2 / 114 - 115. (2) مناقب آل أبي طالب 2 / 282. (*)

ص 201

10 - البداية والنهاية 11 / 316. 11 - شذرات الذهب 3 / 117. 12 - شرح المواهب اللدنية 1 / 166.

 25 رواية الدارقطني

 رواه في كتابه (المؤتلف والمختلف) حيث قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن صدقة العامري، حدثنا يغنم بن سالم بن قنبر، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الطير في فضيلة علي: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي. الحديث (1). وجاء في (العلل): سئل: عن حديث عطاء بن أبي رباح، عن أنس: حديث الطير فقال: يرويه ابن حميد الرازي واختلف عنه، فرواه إسماعيل بن الفضل، عن ابن حميد، عن إسحاق بن إسماعيل بن حبويه، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطا، عن أنس. وغيره يرو به عن ابن حميد، عن إسماعيل بن سليمان الرازي - أخي إسحاق - عن عبد الملك. وهو أشبه (2). وعن طريقه أخرجه غير واحد من الأعلام: قال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو محمد ابن الأكفاني - بقرائتي - أنبأنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين،

(هامش)

(1) المؤتلف والمختلف 4 / 2234. (2) العلل - مخطوط. (*)

ص 202

أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، أنبأنا محمد بن مخلد بن حفص العطار، أنبأنا حاتم بن الليث الجوهري، أنبأنا عبد السلام بن راشد، أنبأنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن إنس... (1). ترجمته 1 - السمعاني: ... كان أحد الحفاظ المتقنين المكثرين، وكان المثل في الحفظ... وذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في التاريخ وقال: أبو الحسن الدارقطني، كان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته، إنتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة، مع الصدق والأمانة والثقة والعدالة وقبول الشهادة، وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب، والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث... وكان عبد الغني ابن سعيد يقول: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: علي بن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته... ولد الدارقطني سنة ست وثلاثمائة، ومات في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ودفن بمقبرة باب الدير، قريبا من قبر معروف الكرخي (2). 2 - ابن خلكان: الحافظ المشهور، كان عالما حافظا فقيها على مذهب الإمام الشافعي... وسال الدارقطني يوما أصحابه: هل رأى الشيخ مثل نفسه؟ فامتنع من جوابه وقال: قال الله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم) فالح عليه فقال: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه مثل لما اجتمع في فلا.

(هامش)

(1) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 2 حديث رقم: 613. (2) الأنساب 5 / 245. (*)

ص 203

وكان مفننا في علوم كثيرة، إماما في علوم القرآن... (1). 3 - الذهبي: الدارقطني الإمام شيخ الإسلام حافظ الزمان... وقال أبو ذر الحافظ: قلت للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو لم ير مثل نفسه فكيف أنا... قال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث... (2). 4 - الذهبي أيضا: ... الحافظ المشهور، وصاحب التصانيف... ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماما في القراء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها... (3). 5 - السبكي 6 ... الإمام الجليل، أبو الحسن الدارقطني البغدادي، الحافظ المشهور صاحب المصنفات، إمام زمانه وسيد أهل عصره، وشيخ أهل الحديث (4). وانظر أيضا: 1 - تاريخ بغداد 12 / 34. 2 - المنتظم، / 183. 3 - المختصر 2 / 130. 4 - سير أعلام النبلاء 16 / 449. 5 - طبقات الأسنوي 1 / 558.: - طبقات القراء 1 / 558. 7 - طبقات الحفاظ: 393. وقال الفخر الرازي في (مناقب الشافعي): وأما المتأخرون من

(هامش)

وفيات الأعيان 3 / 297. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 991. (3) العبر 3 / 28. (4) طبقات الشافعية 3 / 462. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثالث عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب