ص 53
30 - ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (643). 31 - أبو سالم
محمد بن طلحة القرشي (652). 32 - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي (658). 33 - محب
الدين أحمد بن عبد الله الطبري المكي (696). 34 - إبراهيم بن محمد الجويني (724).
35 - شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (748). 36 - محمد بن يوسف الزرندي (بضع وخمسين
وسبعمائة). 37 - محمد بن الكازروني. 38 - علي بن شهاب الدين الهمداني (786). 39 -
السيد شهاب الدين أحمد. 40 - شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني.
41 - حسين بن معين الدين الميبدي (870). 42 - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر
السيوطي (922). 43 - شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني (932). 44 - الحاج عبد
الوهاب بن محمد البخاري (932). 45 - محمد بن يوسف الشامي. 46 - شهاب الدين أحمد بن
محمد ابن حجر المكي (973). 47 - علي بن حسام الدين المتقي (975). 48 - ميرزا مخدوم
بن عبد الباقي (995). 49 - إبراهيم بن عبد الله اليمني. 50 - أحمد بن محمد بن أحمد
الحافي الحسيني. 51 - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي. 52 - علي بن
سلطان الهروي القاري (1014). 53 - عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي (1031).
ص 54
54 - محمود بن محمد الشيخاني القادري. 55 - أحمد بن الفضل بن باكثير المكي (1147).
56 - ميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني. 57 - محمد صدر العالم. 58 - ولي الله أحمد
بن عبد الرحيم والد (الدهلوي) (1186). 59 - محمد بن إسماعيل الأمير اليماني
الصنعاني (1182). 60 - محمد بن علي الصبان. 61 - أحمد بن عبد القادر العجيلي. 62 -
سناء الله پاني پتي. 63 - المولوي مبين بن محب الله السهالي (1225). 64 - المولوي
محمد سالم بن محمد سلام الدهلوي. 65 - المولوي ولي الله بن حبيب السهالي. وسيمر بك
- إن شاء الله تعالى - عن كثب بلا حيلولة ترقب وانتظار، عبارات هؤلاء الأجلة
الكبار:
ص 55
*(1)* رواية أبي داود الطيالسي

لقد أخرج أبو داود الطيالسي هذا الحديث الشريف عن
ابن العباس بإسناد صحيح... فقد جاء في (مسنده) ما هذا نصه: حدثنا أبو عوانة، عن
أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
لعلي: أنت ولي كل مؤمن من بعدي (1). ولنترجم الطيالسي وهو شيخ أحمد ومن رجال
الصحاح الستة، ثم نذكر صحة هذا السند: ترجمة أبي داود الطيالسي 1 - الذهبي:
الإمام أبو داود الطيالسي - واسمه سليمان بن داود - البصري الحافظ صاحب المسند،
وكان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث. قال الفلاس: ما رأيت أحفظ منه. وقال عبد الرحمن
بن مهدي: هو أصدق الناس. قال كتبت عن ألف شيخ منهم ابن عون (2). 2 - الذهبي أيضا:
الإمام الحافظ الكبير... عنه: أحمد، وبندار، والفلاس وخلائق. قال الفلاس: ما رأيت
أحفظ منه. وقال رفيقه ابن مهدي: هو أصدق الناس. وقال عامر بن إبراهيم: سمعت أبا
داود يقول: كتبت عن
(هامش)
(1) مسند الطيالسي: 360 رقم: 2752. (2) العبر حوادث 204. (*)
ص 56
ألف شيخ. وقال وكيع: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود. فبلغه ذلك فقال: ولا
قصير. وقال ابن المديني: ما رأيت أحفظ منه. وقال عمر شبة: كتبوا عن أبي داود من
حفظه أربعين ألف حديث. مات سنة 204 وكان من أبناء الثمانين رحمه الله تعالى (1).
3 - اليافعي: الإمام أبو داود الطيالسي سليمان بن داود البصري الحافظ صاحب
المسند... (2). 4 - وقال (الدهلوي) في (بستان المحدثين) بترجمته: قال يحيى بن
معين وابن المديني والفلاس ووكيع وغيرهم من علماء الرجال بعدالته، ووثقوه التوثيق
البالغ. والحق أنه كان كذلك . فمن العجب حكمه ببطلان حديث يرويه هذا العدل الثقة
المجمع عليه. تنصيص ابن عبد البر على صحة هذا السند وأما صحة سند رواية أبي داود
الطيالسي فقد نص عليها الحافظ ابن عبد البر، فإنه قال: روى أبو داود الطيالسي:
حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن من بعدي. وبه عن ابن عباس إنه قال:
أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة علي بن أبي طالب عمنا. حدثنا
عبد الوارث بن سفيان،
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 1 / 352. (2) مرآة الجنان. حوادث 204. (*)
ص 57
حدثنا قاسم بن أصبع، حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا أبو
عوانة، حدثنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: كان علي أول من آمن
بالله من الناس بعد خديجة. قال أبو عمر: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد، لصحته وثقة
نقلته (1). فثبت - والحمد لله - أن سند هذا الحديث صحيح ولا مطعن فيه من جهة من
جهاته لأحد. وقد أكد ذلك بقوله: لصحته و وثقة نقله . ومن هذه العبارة يظهر
قيام الإجماع على وثاقة رجال هذا السند، فيكون الحديث الشريف برواية الطيالسي مجمعا
على صحته. فأين هذا مما زعمه (الدهلوي)؟!. ترجمة ابن عبد البر ولنذكر طرفا من فضائل
الحافظ ابن عبد البر لتعرف قيمة كلمته هذه: 1 - السمعاني: أبو عمر يوسف بن عبد
الله بن عبد البر النمري الأندلسي القرطبي الحافظ. كان إماما فاضلا كبيرا جليل
القدر، صنف التصانيف (2). 2 - ابن خلكان: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن
عبد البر بن عاصم النمري القرطبي. إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما...
قال القاضي أبو علي ابن سكرة: سمعت القاضي أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس
مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث. قال الباجي أيضا: أبو عمر أحفظ أهل المغرب. قال
أبو محمد ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه!... وكان
موفقا في التأليف معانا عليه ونفع
(هامش)
(1) الاستيعاب 3 / 28. (2) الأنساب 10 / 98. (*)
ص 58
الله به... وقد تقدم في ترجمة الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي
الحافظ... أنه كان حافظ المشرق وابن عبد البر حافظ المغرب، وماتا في سنة واحدة،
وهما إمامان في هذا الفن... (1). 3 - الذهبي: ابن عبد البر الإمام شيخ الإسلام
حافظ المغرب... ساد أهل الزماني في الحفظ والإتقان... وبرع براعة فاق بها من تقدمه
من رجال الأندلس... وكان دينا صينا ثقة حجة صاحب سنة واتباع... قال الحميدي: أبو
عمر ففيه حافظ مكثر عالم بالقراءات والخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع...
(2). 4 - الذهبي أيضا: ابن عبد البر، الإمام العلامة حافظ المغرب شيخ
الإسلام... أدرك الكبار وطال عمره، وعلا سنده وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف ووثق
وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان... ممن بلغ رتبة الأئمة
المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته بأن له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان
الذهن. قال أبو القاسم ابن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره وواحد دهره... وذكر
كلمات آخرين في حقه (3). 5 - الذهبي أيضا: أحد الأعلام وصاحب التصانيف، ليس لأهل
المغرب أحفظ منه، مع الثقة والدين والنزاهة، والتبحر في الفقه والعربية والأخبار
(4). 6 - أبو الفداء: كان أمام وقته في الحديث (5). 7 - اليافعي: أحد الأعلام
وصاحب التصانيف، وعمره خمس وتسعون
(هامش)
(1) وفيات الأعيان 7 / 71. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 1128 - 1130. (3) سير أعلام
النبلاء 18 / 153 - 157. (4) العبر - حوادث 463. (5) المختصر في أخبار البشر. حوادث
463. (*)
ص 59
سنة وخمسة أيام، قيل: وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة
والتبحر... (1). 8 - ابن الشحنة: الإمام يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر،
صاحب التصانيف المشهورة منها الاستيعاب... (2). 9 - السيوطي: ابن عبد البر
الحافظ الإمام حافظ المغرب... ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان... ثم ذكر بعض
الكلمات في الثناء عليه (3). 10 - (الدهلوي) نفسه في (بستان المحدثين) فأثنى عليه
الثناء البالغ وقدمه على الخطيب والبيهقي وابن حزم... تنصيص المزي على صحة هذه
السند والحافظ أبو الحجاج المزي ممن رأى صحة هذه السند، فقد ذكر بترجمة مولانا أمير
المؤمنين عليه السلام: وروى - يعني ابن عبد البر - بإسناده عن أبي عوانة، عن أبي
بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة.
وقال: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد لصحة وثقة نقلته (4). ترجمة الحافظ المزي
والمزي أيضا من كبار الأئمة النقاد في الحديث والرجال كما في تراجمه:
(هامش)
(1) مرآة الجنان. حوادث 463. (2) روضة المناظر. حوادث 463. (3) طبقات الحفاظ: 431.
(4) تهذيب الكمال - ترجمة أمير المؤمنين 20 / 481. (*)
ص 60
1 - الذهبي: المزي، شيخنا العالم الحبر، الحافظ الأوحد، محدث الشام، جمال الدين
أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي الدمشقي الشافعي، ولد
بظاهر حلب سنة 654 ونشأ بالمزة وحفظ القرآن، وتفقه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن...
وأما معرفة لرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها، لم تر العيون مثله، عمل كتاب
تهذيب الكمال في مائتي جزء... وكان ثقة حجة، كثيرا العلم، حسن الأخلاق، كثير السكوت
قليل الكلام جدا، صادق اللهجة... (1). 2 - الذهبي أيضا: شيخنا الإمام العلامة
الحافظ الناقد المحقق المفيد محدث الشام... كان عارفا بالنحو والتصريف، بصيرا
باللغة، له مشاركة في الفقه والأصول، ويخوض في حقائق المعقول، ويروي الحديث كما في
النفس متنا وإسنادا، وإليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم، ومن رأى تهذيب الكمال
علم محله من الحفظ، فما رأيت مثله ولا رأى هو مثل نفسه أعني في معناه، وكان ينطوي
على دين وصفاء باطن وتواضع، وفراغ عن الرياسة، وقناعة وحسن سمت وقلة كلام وكثرة
احتمال، وكل أحد محتاج إلى تهذيب الكمال... توفي ثاني عشر صفر سنة 742 (2). 3 -
الذهبي أيضا: الإمام الأوحد، العالم الحجة المأمون، شرف المحدثين عمدة النقاد،
شيخنا وكاشف معضلاتنا... برع في فنون الحديث ومعانيه ولغاته وفقهه وعلله وصحيحه
وسقيمه ورجاله، فلم ير مثله في معناه ولا رأى هو مثل نفسه، مع الإتقان والحفظ وحسن
الخط والديانة وحسن الأخلاق والسمت والحسن، والهدي الصالح، والتصون والخير،
والاقتصاد في المعيشة واللباس، والملازمة والاشتغال والسماع، مع العقل التام
والرزانة
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 4 / 1498 - 1499. (2) المعجم المختص: 299. (*)
ص 61
والفهم وصحة الإدراك (1). 4 - الأسنوي: أبو الحجاج جمال الدين... أحفظ أهل
زمانه لا سيما للرجال المتقدمين، وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض لروايته
ودرايته. وكان إماما في اللغة والتصريف، دينا خيرا، منقبضا عن الناس، طارحا للتكلف
(2). 5 - ابن الوردي: شيخ الإسلام الحافظ جمال الدين. منقطع القرين في معرفة
أسماء الرجال مشاركا في علوم (3). 6 - السبكي: شيخنا واستاذنا وقدوتنا: الشيخ
جمال الدين أبو الحجاج المزي، حافظ زماننا، حامل راية السنة والجماعة، والقائم
بأعباء هذه الصناعة، والمتدرع جلباب الطاعة، إمام الحفاظ كلمة لا يجحدونها وشهادة
على أنفسهم يؤدونها ورتبة لو نشر أكابر الأعداء لكانوا يؤدونها. واحد عصره بالجماع
وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقوله الأسماع، والذي ما جاء بعد ابن عساكر مثله وإن
تكاثرت جيوش هذا العلم فملأت البقاع... أقول: ما رأيت أحفظ من ثلاثة: المزي والذهبي
والوالد... وبالجملة: كان شيخنا المزي أعجوبة زمانه، يقرأ عليه القاري نهارا كاملا
والطرق تضطرب والأسانيد تختلف وضبط الأسماء يشكل، هو لا يسهو ولا يغفل... وكان قد
انتهت إليه رياسة المحدثين في الدنيا... (4). 7 - ابن حجر العسقلاني: المزي،
أبو الحجاج جمال الدين المزي... سمع: بالشام والحرمين، ومصر، وحلب، والاسكندرية،
وغيرها، وأتقن اللغة والتصريف، وكان كثير الحياء والاحتمال والقناعة والتواضع
والتودد
(هامش)
(1) تذهيب التهذيب. مقدمة الكتاب (2) طبقات الشافعية 2 / 257. (3) تتمة المختصر
حوادث 742. (4) طبقات الشافعية 6 / 251 - 252. (* *
ص 62
إلى الناس مع الانجماع عنهم، قليل الكلام جدا حتى يسأل فيجيب ويجيد... قال الذهبي:
ما رأيت أحدا في هذا الشأن أحفظ منه... وصنف تهذيب الكمال فاشتهر في زمانه وحدث به
خمس مرار، وحدث بكثير من مسموعاته الكبار والصغار عاليا ونازلا، وغالب المحدثين من
دمشق وغيرها قد تلمذوا واستفادوا منه، وسألوه عن المعضلات فاعترفوا بفضيلته وعلو
ذكره. بالغ أبو حيان في القطر الحبي في تقريظه والثناء عليه، وكذلك ابن سيد
الناس... قال الذهبي: كان خاتمة الحفاظ... وكان لا يكاد يعرف قدره إلا من أكثر
مجالسته، وكان خيرا ذا ديانة وتصون من الصغر وسلامة باطن (1). 8 - ابن قاضي شهبة:
الإمام العلامة الحافظ الكبير، شيخ المحدثين عمدة الحفاظ، أعجوبة الزمان... أقر
له الحفاظ من المشيخة وغير هم بالتقديم، وحدث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه
الكبار والحفاظ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة. وقال الذهبي... وقذ
بالغ في الثناء عليه أبو حيان وابن سيد الناس وغيرهما من علماء العصر، توفي في صفر
سنة 742 (2). 9 - السيوطي: المزي، الإمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدث
الشام... (3). 10 - ابن تغري بردى: الحافظ الحجة جمال الدين... كان إماما في
عصره، وأحد الحفاظ المشهورين... (4). 11 - الشوكاني: الإمام الكبير الحافظ...
قال الذهبي... وقد أخذ عنه الأكابر وترجموا له وعظموه جدا. قال ابن سيد الناس في
ترجمته: إنه أحفظ
(هامش)
(1) الدرر الكامنة 4 / 457. (2) طبقات الشافعية 3 / 74. (3) طبقات الحفاظ: 521. (4)
النجوم الزاهرة 10 / 76. (*)
ص 63
الناس للتراجم وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم. وأطال الثناء عليه ووصفه بأوصافه
ضخمة. وقال الصفدي... (1). الكلمات في وثاقة رجال سند الطيالسي وإذا عرفت صحة سند
رواية أبي داود الطيالسي بنص أكابر الحفاظ كابن عبد البر والمزي... فلا بأس بأن
نورد بعض كلمات علماء الجرح والتعديل في كل واحد من رجال السند المذكور: 1 - أبو
عوانة فأما أبو عوانة - وهو وضاح بن عبد الله اليشكري - فيكفي في وثاقته كونه من
رجال الصحاح الستة كما نص عليه الذهبي وابن حجر العسقلاني بجعلهما علامة الكتب
الستة على اسمه عند ترجمته. قال الذهبي: 6 - وضاح بن عبد الله، الحافظ أبو عوانه
اليشكري، مولى يزيد بن عطا، سمع قتادة وابن المنكدر. وعنه: عفان وقتيبة ولوين. ثقة
متقن الكتابة. توفي 176 (2). قال الذهبي: 6 - وضاح - بتشديد المعجمة ثم مهملة -
بن عبد الله اليشكري - بالمعجمة - الواسطي البزاز، أبو عوانة، مشهور بكنيته. ثقة
ثبت من السابعة. مات سنة خمس أو ست وسبعين (3)
(هامش)
(1) البدر الطالع 2 / 353. (2) الكاشف عن أسماء رجال الستة 3 / 207. (3) تقريب
التهذيب 2 / 331. 64 (*)
ص 64
ولا يخفى أن مراده من الطبعة السابعة: طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما
نص عليه في مقدمة كتابه. 2 - أبو بلج وأما أبو بلج - هو يحيى بن سليم - فسليم عن
المعايب وبرئ عن المثالب، مدحه الأكابر ووثقه الأئمة. قال المزي: أبو بلج الفزاري
الواسطي - ويقال الكوفي - وهو الكبير: اسمه يحيى بن سليم بن بلج... روى عنه:
إبراهيم بن المختار، وأبو يونس حاتم بن أبي صغيرة، حصين بن نمير، وزائدة بن قدامة،
وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وسويد بن عبد العزيز، وشعبة بن الحجاج، وشعيب بن
صفوان، وهشيم بن بشير، وأبو حمزة السكري، وأبو عوانة. قال إسحاق بن منصور عن يحيى
بن معين: ثقة. وكذلك قال محمد بن سعد. والنسائي. والدارقطني. وقال البخاري: فيه
نظر. وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به. وقال محمد بن سعد قال يزيد بن هارون:
قد رأيت أبا بلج، وكان جارا لنا، وكان يتخذ الحمام يستأنس بهن، وكان يذكر الله
كثيرا وقال: لو قامت القيامة لدخلت الجنة، يقول لذكر الله عز وجل. روى له الأربعة
(1). فالأربعة - وهو أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة - يصححون حديثه ويخرجون
له في صحاحهم...
(هامش)
(1) تهذيب الكمال 33 / 162. (*)
ص 65
وابن معين وابن سعد والنسائي والدارقطني ينصون على وثاقته. وأبو حاتم يقول: صالح
الحديث لا بأس به. وكبار الأئمة أمثال شعبة وسفيان الثوري... يروون عنه. هذا، وليس
في المقابل إلا قول البخاري: فيه نظر وهذا مما لا ينظر إليه ولا يعبأ به في
المقام وفي أشباهه ونظائره ولنذكر منها نموذجا: قال العيني: بشرح الحديث: إجعلوا
آخر صلاتكم بالليل وترا : فيه دلالة على وجوب الوتر. واختلف العلماء فيه: فقال
القاضي أبو الطيب: إن العلماء كافة قالت: إنه سنة حتى أبو يوسف ومحمد، وقال أبو
حنيفة وحده: هو واجب وليس بفرض. وقال أبو حامد في تعليقه: الوتر سنة مؤكدة وليس
بفرض ولا واجب، وبه قالت الأمة كلها إلا أبا حنيفة، وقال بعضهم. وقد استدل بهذا
الحديث بعض من قال بوجوبه، وتعقب بأن صلاة الليل ليست واجبة، إلى آخره. وبأن الأصل
عدم الوجوب حتى يقوم دليله. وقال الكرماني أيضا ما يشبه هذا. قلت: هذا كله من آثار
التعصب، فكيف يقول القاضي أبو الطيب وأبو حامد - وهما إمامان مشهوران - بهذا الكلام
الذي ليس بصحيح ولا قريب من الصحة؟ وأبو حنيفة لم ينفرد بذلك، هذا القاضي أبو بكر
بن العربي ذكر عن سحنون وأسبغ بن الفرج وجوبه. وحكى ابن حزم أن مالكا قال: من تركه
أدب وكانت جرحة في شهادته، وحكاه ابن قدامة في المغني عن أحمد، وفي المصنف عن مجاهد
بسند صحيح: هو واجب ولم يكتب، وعن ابن عمر بسند صحيح: ما أحب - إني تركت الوتر -
وأن لي حمر النعم. وحكى ابن بطال وجوبه عن أهل القرآن عن ابن مسعود وحذيفة وإبراهيم
النخعي، وعن يوسف بن خالد السمتي شيخ الشافعي وجوبه، وحكاه ابن أبي شيبة أيضا عن
سعيد بن المسيب وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود والضحاك. إنتهى.
ص 66
فإذا كان الأمر كذلك كيف يجوز لأبي الطيب ولأبي حامد أن يدعيا هذه الدعوى الباطلة؟
فهذا يدل على عدم اطلاعهما فيما ذكرنا، فجهل الشخص بالشئ لا ينفي علم غيره به. وقول
من ادعى التعقب بأن صلاة الليل ليست بواجبة. إلى آخره، قول واه، لأن الدلائل قامت
على وجوب الوتر، منها: ما رواه أبو داود: نا محمد بن المثنى. نا أبو إسحاق
الطالقاني نا الفضل ابن موسى، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن
بريدة، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوتر حق فمن لم يوتر
فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا. وهذا
حديث صحيح، ولهذا أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه. فإن قلت: في إسناده أبو المنيب
عبيد الله بن عبد الله، وقد تكلم فيه البخاري وغيره. قلت: قال الحاكم: وثقه ابن
معين. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله
في الضعفاء. فهذا ابن معين إمام هذا الشأن، وكفى حجة في توثيقه إياه (1). أقول:
وكذا الأمر في المقام، فقد وثق ابن معين أبا بلج، وكفى حجة... وكذا وثقه غيره من
أئمة هذا الشأن... موجز تراجم الموثقين لأبي بلج فقد عرفت أن يحيى بن معين،
والنسائي، والدارقطني، ومحمد بن سعد... يوثقون أبا بلج... فأما ابن معين، والنسائي،
والدارقطني وغيرهم
(هامش)
(1) عمدة القاري 7 / 11. (*)
ص 67
من الأئمة الموثقين له، فسنذكر تراجمهم بإيجاز فيما سيأتي. وأما ابن سعد فهذا موجز
ترجمته: 1 - السمعاني: أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الكاتب الزهري... كان من
أهل الفضل والعلم، وصنف كتابا كبيرا في طبقات الصحابة والتابعين والصالحين إلى
وقته، فأجاد فيه وأحسن. روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، والحسين بن فهم، وأبو بكر
ابن أبي الدنيا. وحكي عن يحيى بن معين أنه رماه بالكذب. ولعل الناقل غلط أو وهم،
لأنه من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه، فإنه يتحرى في كثير من رواياته. وقال ابن
أبي حاتم الرازي: سألت أبي عن محمد بن سعد فقال: يصدق روايته، جاء إلى القواريري
وسأله عن أحاديث فحدثه. وحكى إبراهيم الحربي قال: كان أحمد ابن حنبل يوجه في كل
جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد يأخذ منه جزئين من حديث الواقدي ينظر فيهما إلى
الجمعة الأخرى ثم يردهما ويأخذ غيرهما. قال إبراهيم: ولو ذهب وسمعها كان خيرا له.
ومات في جمادى الآخرة سنة 230... (1). 2 - ابن خلكان: كان أحد الفضلاء الأجلاء،
وكان صدوقا ثقة، وكان كثير العلم، غزير الحديث والرواية، كثير الكتب، كتب الحديث
والفقه وغيرهما. وقال الحافظ أبو بكر صاحب تاريخ بغداد في حقه: ومحمد بن سعد عندنا
من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه، فإنه يتحرى في كثير من رواياته... (2). 3 -
الذهبي: محمد بن سعد الحافظ العلامة... قال ابن فهم: كان
(هامش)
(1) الأنساب 10 / 307. (2) وفيات الأعيان 4 / 351. (*)
ص 68
كثير العلم، كثير الكتب، كتب الحديث والفقه والغريب... (1). 4 - الذهبي أيضا:
الإمام الحبر أبو عبد الله محمد بن سعد الحافظ... قال أبو حاتم: صدوق (2). 5 -
الذهبي أيضا: محمد بن سعد الكاتب مولى بني هاشم. عن هشيم وابن عيينة وخلق. مات
سنة 230. د حكاية (3). 6 - ابن حجر: صدوق فاضل. من العاشرة. مات سنة 230 وهو
ابن 62 (4). 7 - السيوطي: محمد بن سعد بن منيع البصري الحافظ... (5). 3 -
عمرو بن ميمون وأما عمرو بن ميمون فثقة مأمون... نص عليه المتقدمون والمتأخرون: 1 -
ابن عبد البر: عمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله. أدرك النبي - صلى الله عليه
وسلم - وصدق إليه، وكان مسلما في حياته وعلى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين. وروي أن عمرو بن ميمون حج ستين مرة ما بين
حجة وعمرة. ومات سنة 75 (6). 2 - ابن الأثير: أسلم في زمان النبي - صلى الله
عليه وسلم - وحج مائة حجة وقيل: سبعون حجة، وأدى صدقته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، وهو
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 2 / 425. (2) العبر 1 / 320. (3) الكاشف 3 / 41. (4) تقريب
التهذيب 2 / 163. (5) طبقات الحفاظ: 186. (6) الاستيعاب 2 / 542 - 544. (*)
ص 69
معدود في كتاب التابعين من الكوفيين. وتوفي سنة 75. أخرجه الثلاثة (1). 3 -
الذهبي: عمرو بن ميمون الأودي، عن عمر ومعاذ وطائفة. وعنه: زياد بن علاقة وأبو
إسحاق ومحمد بن سوقة وآخرون. كان كثير الحج والعبادة، وهو الذي رجم القردة. مات 74
(2). 4 - ابن حجر: ثقة عابد، نزل الكوفة، مات سنة أربع وسبعين، وقيل بعدها
(3). 5 - ابن حجر أيضا: أدرك الجاهلية ولم يلق النبي... قال العجلي: كوفي تابعي
ثقة، وقال أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
يرضون بعمرو بن ميمون... وقال ابن معين والنسائي: ثقة... وذكره ابن عبد البر في
الاستيعاب فقال: أدرك النبي وصدق إليه وكان مسلما في حياته. وذكره ابن حبان في ثقات
التابعين (4). 6 - ابن حجر أيضا: أدرك الجاهلية وأسلم في حياة النبي على يد
معاذ وصحبه ثم ذكر توثيقه، وخبر رجمه القردة الذي استنكره غير واحد مع كونه في
البخاري (5). إخراج أبي داود في مسنده دليل الثبوت ثم إنه بالإضافة إلى وثاقة رجال
السند وصحة الطريق كما عرفت، فإن مجرد إخراج أبي داود الطيالسي هذا الحديث في مسنده
دليل على ثبوته
(هامش)
(1) أسد الغابة 3 / 772. (2) الكاشف 2 / 296. (3) تقريب التهذيب 2 / 80. (4) تهذيب
التهذيب 8 / 96. (5) الإصابة في معرفة الصحابة 3 / 118. (*)
ص 70
واعتباره، وهو موجود فيه كما عرفت، وعنه نقل العلماء المتأخرون... قال الوصابي:
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. أخرجه أبو داود الطيالسي في
مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة (1). تقديم ابن
حزم مسند الطيالسي على موطأ مالك وقد بلغت جلالة مسند أبي داود الطيالسي حدا قدمه
ابن حزم الأندلسي على موطأ مالك، قال الذهبي: قد ذكر لابن حزم قول من يقول: أجل
المصنفات الموطأ. فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم: الصحيحان، وصحيح سعيد بن السكن،
والمنتقى لابن الجارود، والمنتقى لقاسم بن أصبغ، ومصنف الطحاوي، ومسند البزار،
ومسند ابن أبي شيبة، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند ابن راهويه، ومسند الطيالسي، ومسند
الحسن بن سفيان... وما جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - صرفا. ثم بعدها التي فيها كلامه وكلام غيره مثل: مصنف عبد الرزاق...
وموطأ ابن أنس، وموطأ ابن أبي ذئب... (2). ترجمة ابن حزم وابن حزم - الذي قدم سند
الطيالسي على موطأ مالك - ترجم له:
(هامش)
(1) الاكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء - مخطوط. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 1153. (*)
ص 71
1 - الذهبي: أبو محمد ابن حزم العلامة علي بن أحمد... صاحب المصنفات، مات مشردا
عن بلده... وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم ; بالكتاب والسنة
والمذاهب والملل والنحل والعربية والأدب والمنطق والشعر، مع الصدق والأمانة
والديانة والحشمة... (1). 2 - السيوطي: ابن حزم الإمام العلامة الحافظ
الفقيه... مات في جمادى الأولى سنة 457 (2). والجدير بالذكر ما ذكره ابن عربي في
(الفتوحات المكية) من أنه: رأيت النبي في المنام وقد عانق أبا محمد ابن حزم
المحدث، فغاب الواحد في الآخر فلم ير إلا واحد وهو رسول الله. فهذه غاية الوصلة،
وهو المعبر عنه بالاتحاد . مسند الطيالسي في كتب الأسانيد ومسند أبي داود الطيالسي
من الكتب المشهورة المعتبرة، ولذا ذكره (الدهلوي) في كتابه (بستان المحدثين) الذي
صنفه في الكتب المعروفة المشهورة... وهو أيضا من الكتب التي يذكر العلماء أسانيدهم
إليها في رسائلهم المصنفة في ذكر الأسانيد إلى الكتب الجليلة... وهذا سند رواية أبي
مهدي عيسى بن محمد الثعالبي كما جاء في (مقاليد الأسانيد) والثعلبي - كما هو معروف
- من المشايخ السبعة الذين يفتخر والد (الدهلوي) باتصال أسانيده إليهم، وهو من
العلماء الأعيان في القرن الحادي عشر (3):
(هامش)
(1) العبر 2 / 306. (2) طبقات الحفاظ: 435. (3) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي
عشر 3 / 240. (*)
ص 72
مسند أبي داود الطيالسي. قال الحافظ ابن حجر: هو القدر الذي جمعه بعض الأصفهانيين
من رواية يونس بن حبيب. أخبرني - أي علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري به، قراءة
مني عليه بجملة المسند من حديث أبي بكر الصديق إلى حديث عمر، وإجازة لسائره - عن
الشمس الرملي، عن زكريا. - ح - وعن البرهان العلقمي، عن عبد الحق السنباطي. كلاهما
عن الحافظ أبي الفضل ابن حجر قال: قراءة على أبي الفرج عبد الرحمن بن المبارك الغزي
ثم القاهري. - ح - وعن النور القرافي والكرخي وابن الجاتي عن الجلال السيوطي، سماعا
لكثير منه على أبي الفضيل محمد بن عمر بن حصن الملتوتي، وإجازة لسائره عن أبي الفرج
الغزي سماعا وإجازة لما فات عن أبي العباس أحمد بن منصور الجوهري. - ح - قال الجلال
السيوطي: وأخبرني به عاليا محمد بن محمد بن مقبل الحلبي، عن الصلاح بن أبي عمر قال
هو والجوهري: أخبرنا به الفخر ابن البخاري قال الجوهري سماعا وقال الآخر إجازة قال:
أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن اللبان وأبو جعفر الصيدلاني إجازة قال: أخبرنا
أبو علي الحداد - قال الأول: سماعا، وقال الثاني: حضورا - قال: أخبرنا أبو نعيم
الحافظ. قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس سماعا قال: حدثنا يونس بن
حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي فذكره... عبارة ابن عبد البر كاملة ولنذكر
عبارة الحافظ ابن عبد البر كاملة لبعض الفوائد المستفادة من سياق كلامه، فإنه قال
بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام: روي عن: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وحذيفة،
وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم: إن علي بن أبي طالب أول من أسلم،
وفضله هؤلاء على غيره.
ص 73
قال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - خديجة ومن
الرجال علي بن أبي طالب. وهو قول ابن شهاب إلا أنه قال من الرجال بعد خديجة، وهو
قول الجميع في خديجة. حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا محمد بن جرير
قال قال أحمد بن عبد الله الدقاق: حدثنا مفضل بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة،
عن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه
يوم فر عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله في قبره. وقد مضى في باب أبي بكر ذكر من قال
إن أبا بكر أول من أسلم. وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: أول هذه الأمة ورودا على
نبيها الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب. وروي هذا الحديث مرفوعا عن سلمان
الفارسي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أول هذه الأمة ورودا على الحوض
أولها إسلاما علي بن أبي طالب. ورفعه أولى، لأن مثله لا يدرك بالرأي. حدثنا أحمد بن
قاسم، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يحيى بن هاشم، حدثنا
سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن حنش بن المعتمر، عن عليم الكندي،
عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أولكم ورودا على الحوض
أولكم إسلاما علي بن أبي طالب. وروى أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو عوانة، عن أبي
بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي. وبه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إنه قال: أول من
صلى مع النبي
ص 74
- صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة علي بن أبي طالب. حدثنا عبد الوارث بن سفيان،
حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا أبو
عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان علي
أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة. قال أبو عمر: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد
لصحته وثقة نقلته (1). اعتبار كتاب الاستيعاب وقد وصف ابن عبد البر كتابه
(الاستيعاب) بما يدل على اعتباره حيث قال في مقدمته: واعتمدت في هذا الكتاب على
الكتب المشهورة عند أهل العلم بالسير والأنساب، وعلى التواريخ المعروفة التي عليها
عول العلماء في معرفة أيام الإسلام وسير أهله . وقال ابن الأثير في مقدمة (أسد
الغابة): وقد جمع الناس في أسمائهم كتبا كثيرة، ومنهم من ذكر كثيرا من أسمائهم في
كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك، واختلفت مقاصدهم فيها، إلا أن الذي انتهى إليه جمع
أسمائهم للحافظان أبو عبد الله ابن مندة وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانيان،
والإمام أبو عمر ابن عبد البر القرطبي، رضي الله عنهم، وأجزل ثوابهم، وحمد سعيهم،
وعظم أجرهم، وأكرم مآبهم، فلقد أحسنوا فيما جمعوا، وبذلوا جهدهم، وأبقوا بعدهم ذكرا
جميلا، فالله تعالى يثيبهم أجرا جزيلا، فإنهم جمعوا ما تفرق منه .
(هامش)
الاستيعاب 3 / 27 - 28. (*)
ص 75
وقال ابن خلكان بترجمة ابن عبد البر: وجمع في أسماء الصحابة كتابا جليلا سماه
كتاب الاستيعاب (1). وقال الذهبي بترجمته: وله تواليف لا مثل لها في جميع
معانيها... ومنها كتاب الاستيعاب في الصحابة ليس لأحد مثله (2). وقال أيضا:
وجمع كتابا جليلا مفيدا وهو الاستيعاب في أسماء الصحابة (3). وقال كاشف الظنون:
الاستيعاب في معرفة الأصحاب، مجلد للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله المعروف بابن
عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة 463. وهو كتاب جليل القدر... (4). وقال
(الدهلوي) في (بستان المحدثين): الاستيعاب في معرفة الأصحاب لأبي عمر ابن عبد
البر، كتاب مشهور ومعروف... . ونص تلميذه الرشيد الدهلوي في (إيضاحه) على أن
(الاستيعاب) من الكتب المعتبرة. ونص ابن الوزير الصنعاني في مقدمة كتابه (الروض
الباسم) في ذكر ما ألف في الصحابة على أن (الاستيعاب) من مصادر كتاب (أسد الغابة)
لابن الأثير ثم قال: وأنفس كتاب فيهم كتاب عز الدين ابن الأثير... . هذا، ولقد
اعتمد علماء الكلام في غير موضع من بحوثهم على كتاب (الاستيعاب) واستندوا إلى
رواياته عند المناظرة مع الإمامية، فلاحظ كتاب (التحفة) لمؤلفه (الدهلوي) وكتاب
(الإيضاح) لتلميذه الرشيد، وكتاب (منتهى
(هامش)
(1) وفيات الأعيان 7 / 67. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 1129. (3) سير أعلام النبلاء 18 /
158. (4) كشف الظنون 1 / 81. (*)
ص 76
(الكلام) لحيدر علي الفيض آبادي... وغيرها. * وأخرجه أبو داود الطيالسي بسند صحيح
كذلك عن عمران بن حصين، وهذا نص روايته: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا يزيد
الرشك، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعث عليا في جيش، فرأوا منه شيئا فأنكروه، فاتفق أربعة نفر وتعاقدوا أن
يخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما صنع علي. قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر لم
نأت أهلنا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وننظر إليه، فجاء النفر الأربعة،
فقام أحدهم فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام
الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه. ثم قام
الرابع فقال مثل ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لهم ولعلي! إن عليا
مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وأما صحة هذا الإسناد فستعلم عندما نذكر
تراجم رواته في الكلام على رواية أحمد بن حنبل.
*(2)* رواية ابن أبي شيبة

وأخرجه
الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة في (المصنف)... وهذا نص
روايته:
(هامش)
(1) مسند الطيالسي: 111 رقم: 829. (*)
ص 77
12170 - حدثنا عفان قال: ثنا جعفر بن سليمان قال: حدثني يزيد الرشك، عن مطرف، عن
عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم عليا،
فصنع علي شيئا أنكروه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه
ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله: ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟
فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون
من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا من علي، وعلي ولي كل مؤمن بعدي (1). أما
أنه قد صححه، فقد نص على ذلك الحافظ السيوطي حيث قال: الحديث الأربعون - عن عمران
بن حصين: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: علي مني وأنا من علي وهو ولي كل
مؤمن بعدي. أخرجه ابن أبي شيبة وصححه (2). ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة ولنذكر بعض
كلماتهم في مدح ابن أبي شبية: 1 - عبد الغني المقدسي: قال أبو زرعة الرازي: ما
رأيت أحفظ من أبي بكر ابن أبي شيبة. وقال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بالحديث
(هامش)
(1) المصنف 12 / 79 - 80. (2) القول الجلي في مناقب علي: 60. (*)
ص 78
وعلله علي بن المديني، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين، وأحفظهم عند المذاكرة
أبو بكر ابن أبي شيبة... سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هاني يقول: سمعت يحيى ابن
معين - وسألته عن سماع أبي بكر ابن أبي شيبة من شريك - فقال: أبو بكر عندنا صدوق،
ولو ادعى السماع ممن هو أجل من شريك لكان مصدقا...... أخبرنا أبو طاهر السلفي...
حدثني محمد بن إبراهيم مربع الحافظ قال: قدم علينا أبو بكر ابن أبي شيبة فانقلبت به
بغداد، ونصب له منبر في جامع الرصافة...... سمعت عمرو بن علي يقول: ما رأيت أحفظ من
ابن أبي شيبة، قدم علينا مع علي بن المديني...... حدثني أبو زيد العلقي قلت لأحمد
بن حميد: من أحفظ أهل الكوفة؟ فقال: أبو بكر ابن أبي شيبة. فذكرت ذلك لأبي بكر
فقال: ما ظننته يقر لي. قال أحمد بن علي: أحمد بن حميد، يعرف بدار أم سلمة، وكان من
شيوخ الكوفيين ومفتيهم وحفاظهم. وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر ابن أبي شيبة صدوق.
وقال أبو حاتم: كوفي ثقة. قال البخاري: مات في المحرم سنة 235... (1). 2 -
الذهبي: الإمام العلم سيد الحفاظ وصاحب الكتب الكبار: المسند والمصنف والتفسير...
وهو من أقران: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، في السن والمولد
والحفظ، ويحيى بن معين أسن منهم بسنوات... وكان بحرا من بحور العلم، وبه يضرب المثل
في قوة الحفظ.
(هامش)
(1) الكمال في أسماء الرجال - مخطوط. (*)
ص 79
حدث عنه: الشيخان، وأبو داود، وابن ماجة... وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر صدوق، وهو
أحب إلي من أخيه عثمان. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أبو بكر ثقة حافظا
للحديث. وقال عمرو بن علي الفلاس: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة... قال
الحافظ أبو العباس ابن عقدة: سمعت عبد الرحمن بن خراش يقول: سمعت أبا زرعة يقول: ما
رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة... قال الخطيب: كان أبو بكر متقنا حافظا...
(1). 3 - الذهبي أيضا: أبو بكر بن أبي شيبة، الحافظ، عديم النظير، الثبت
النحرير... قال أحمد: أبو بكر صدوق هو أحب إلي من أخيه عثمان. وقال العجلي: ثقة
حافظ وقال الفلاس: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة، وكذا قال أبو زرعة الرازي.
وقال أبو عبيد: انتهى الحديث إلى أربعة: فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد
أفقههم فيه، وابن معين أجمعهم له، وابن المديني أعلمهم به. وقال صالح بن محمد: أعلم
من أدركت بالحديث وعلله ابن المديني، وأحفظهم له عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة.
وعن أبي عبيد قال: أحسنهم وضعا للكتاب أبو بكر بن أبي شيبة. وقال الخطيب: كان أبو
بكر متقنا حافظا، صنف المسند والأحكام والتفسير. قال البخاري: مات في سنة 235
(2). 4 - ابن حجر: ... روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وروى له
النسائي بواسطة أحمد بن علي القاضي وزكريا الساجي...
(هامش)
(1) سير أعلام النبلاء 11 / 122. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 432. (*)
ص 80
وأحمد بن حنبل ومحمد بن سعد، وأبو زرعة وأبو حاتم... (1). نقل السيوطي تصحيحه
وموافقته له ولقد نقل السيوطي الحافظ في رسالته (القول الجلي) تصحيح أبي بكر ابن
أبي شيبة هذا الحديث الشريف، وسكت عليه... كما عرفت، والسكوت في هكذا موضع قبول
وموافقة. وقد ذكر الحافظ السيوطي في خطبة رسالته المذكورة ما يدل على اعتبار
أحاديثها حيث قال: وبعد، فهذه نبذة من قطرة من قطرات بحار زاخرة، أوردت فيها
يسيرا من المناقب الباهرة، لسيدنا علي كرم الله وجهه، ملقبة بالقول الجلي في فضائل
علي، وضمنتها أربعين حديثا متبعة بالعزو لمخرجيها، وبيان بعض عريب ألفاظها ومشكل
معانيها. والله أسأل أن يتحفني بالقبول، وأن يرزقني ببركة الاستمساك بحب أهل البيت
أشرف مأمول . حكم السيوطي بصحة الحديث بل إن السيوطي نفسه يرى صحة هذا الحديث، حيث
ينص على ذلك في كتابه (جمع الجوامع) فيقول: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن
بعدي. ش في المصنف عن عمران بن حصين. صحيح (2).
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 6 / 3. (2) جمع الجوامع - انظر ترتيبه: كنز العمال 11 / 32941.
(*)
ص 81
حكم المتقي بصحة الحديث
وقد وافق الشيخ علي المتقي ابن أبي شيبة والسيوطي في الحكم
بتصحيح الحديث فقد جاء في كتابه: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. ش،
في المصنف، عن عمران بن حصين. صحيح (1). حكم البدخشي بصحة الحديث وتبعهم محمد بن
معتمد خان البدخشي في غير واحد من كتبه: ففي (مفتاح النجا): وعند ابن أبي شيبة
بسند صحيح عنه مرفوعا: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي . وفي (تحفة
المحبين): علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي شب بسند صحيح. عم في فضائل
الصحابة، كلاهما عن عمران بن حصين . حكم القاضي ثناء الله بصحة الحديث وكذا حكم
القاضي سناء الله بصحة سند حديث ابن أبي شيبة، ورد بذلك بصراحة على قدح نصر الله
الكابلي فيه، وهذه ترجمة عبارته في كتابه (سيف مسلول):
(هامش)
(1) كنز العمال 11 / 608 رقم 32941. (*)
ص 82
الثالث: حديث بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: علي مني وأنا من علي
وهو ولي كل مؤمن بعدي. قالوا: الولي هو الأولى بالتصرف فهو الإمام. لكن في إسناده
الأجلح الشيعي وهو متهم، فلا يحتج بخبره. كذا قال الملا نصر الله الكابلي رحمة الله
عليه. لكن هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عمران بن حصين . الحديث في
المصنف بألفاظ عديدة ثم إن هذا الحديث أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه
(المصنف) بألفاظ مختلفة. منها: اللفظ الذي تقدم. ومنها: لا تقع في علي فإنه مني
وأنا منه وهو وليكم بعدي. ش عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قاله المتقي (1).
ومنها: عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل
عليها عليا فغنموا، فصنع علي شيئا أنكروه - وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جارية -
فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلموه،
وكانوا إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله فسلموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى
رحالهم. فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول
الله، ألم تر أن عليا قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل
ذلك. فأعرض عنه.
(هامش)
(1) كنز العمال 11 / 608 رقم 32942. (*)
ص 83
ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه. ثم قام الرابع، فأقبل إليه رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ويعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي!! علي مني وأنا من
علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. ش. وابن جرير وصححه (1).
*(3)* رواية أحمد بن حنبل

وهذا الحديث أخرجه أحمد في (مسنده) عن عمران بن حصين فقد جاء فيه: حدثنا عبد الرزاق
وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق قالا: ثنا جعفر بن سليمان قال: حدثني يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - سرية وأمر عليهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فأحدث شيئا في سفره،
فتعاهد - وقال عفان: فتعاقد - أربعة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يذكروا
أمره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا
برسول الله فسلمنا عليه. قال: فدخلوا عليه فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله، إن
عليا فعل كذا وكذا. فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا
وكذا فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا وكذا فأعرض
عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا وكذا.
(هامش)
(1) كنز العمال 13 / 142 رقم 36444. (*)
ص 84
قال: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرابع، وقد تغير وجهه - فقال: دعوا
عليا، دعوا عليا، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). الكلمات في
وثاقة رجال سند أحمد ورجال سند رواية أحمد بن حنبل كلهم من المشاهير الثقات
المقبولين وهم: 1 - عبد الرزاق بن همام فأما عبد الرزاق فهذه بعض الكلمات في مدحه
والثناء عليه: 1 - اليافعي: الحافظ العلامة المرتحل إليه من الآفاق، الشيخ
الإمام، عبد الرزاق بن همام اليمني الصنعاني الحميري صاحب المصنفات. روى عن: معمر،
وابن جريج، والأوزاعي، وطبقتهم، ورحل إليه الأئمة إلى اليمن. قيل: ما رحل الناس إلى
أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما رحلوا إليه. روى عنه خلائق عن
أئمة الإسلام، منهم: الإمام سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، ويحيى بن معين، وإسحاق
بن راهويه، وعلي المديني، ومحمود بن غيلان (2).
(هامش)
(1) مسند أحمد 4 / 438 - 438. (2) مرآة الجنان - حوادث 211. (*)
ص 85
2 - السمعاني: أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني. قيل: ما رحل إلى أحد بعد
رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مثلما رحل إليه (1). 3 - ابن خلكان: أبو
بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني: قيل: ما رحل الناس... (2). 2 - عفان بن
مسلم وهو من رجال الصحيحين. ومن الثقات الأثبات: 1 - المقدسي: عفان بن مسلم
الصفار الأنصاري، مولى عزرة بن ثابت، كنيته أبو عثمان، سمع: وهيب بن خالد، وصخر بن
جويرية، وغير واحد، عندهما... مات ببغداد سنة 220 وهو ابن 86 سنة (3). 2 -
الذهبي: عفان بن مسلم، الحافظ الثبت، أبو عثمان الأنصاري مولاهم، البصري،
الصفار، محدث بغداد... قال يحيى القطان: إذا وافقني عفان فلا أبالي من خالفني. وقال
العجلي: عفان ثقة ثبت صاحب سنة... (4). 3 - الذهبي أيضا: عفان بن مسلم الصفار،
أبو عثمان، الحافظ. عن: هشام الدستوائي، وهمام، والطبقة. وعنه: البخاري، وإبراهيم
الحربي، وأبو زرعة، وأمم. وكان ثبتا في أحكام الجرح والتعديل. مات سنة 220 (5).
(هامش)
(1) الأنساب - الصنعاني 8 / 92. (2) وفيات الأعيان 3 / 216. (3) الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 407. (4) تذكرة الحفاظ 1 / 379. (5) الكاشف 2 / 236. (*)
ص 86
3 - جعفر بن سليمان 1 - ابن حبان: جعفر بن سليمان الضبعي الحرشي من أهل البصرة،
وكنيته أبو سليمان، ينزل في بني ضبيعة فنسب إليها، يروي عن: ثابت، ومالك ابن دينار.
ورى عنه: ابن المبارك، وأهل العراق. ومات في رجب سنة 178. وكان يبغض الشيخين: حدثنا
الحسن بن سفيان، حدثنا إسحاق بن أبي كامل، ثنا جرير بن يزيد ابن هارون - بين يدي
أبيه - قال: بعثني أبي إلى جعفر بن سليمان الضبعي فقلت له: بلغنا أنك تسب أبا بكر
وعمر. قال: أما السب فلا، ولكن البغض ما شئت. قال: وإذا هو رافضي مثل الحمار. قال
أبو حاتم: وكان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنه كان ينتحل
الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه. وليس بين أهل الحديث من أئمتنا
خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره
جائز فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره. ولهذا العلة تركنا حديث جماعة ممن
كانوا ينتحلون البدع ويدعون إليها وإن كانوا ثقات، واحتججنا بأقوام ثقات، انتحالهم
سوء غير أنهم لم يكونوا يدعون إليه، وانتحال العبد بينه وبين ربه، إن شاء عذبه عليه
وإن شاء غفر له، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب ما ذكرنا في غير
موضع من كتبنا (1). 2 - المقدسي: جعفر بن سليمان الحرشي الضبعي، نزيل بني
ضبيعة، البصري، كنيته أبو سليمان، سمع، ثابت البناني، والجعد بن عثمان، وأبا
(هامش)
(1) الثقات. كتاب اتباع التابعين 6 / 140. (*)
ص 87
عمران الجوني، ويزيد الرشك، وسعيد الجريري. روى عنه: قطن بن نسير، ويحيى بن يحيى،
وقتيبة، ومحمد بن عبيد بن حسان (1). 3 - السمعاني: روى عنه: ابن المبارك،
وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعبيد الله بن عمر القواريري، وأهل العراق. مات سنة 178.
وكان يبغض الشيخين أبا بكر وعمر... (2). 4 - الذهبي: ثقة، فقيه، ومع كثرة علومه
قيل: كان أميا، وهو من زهاد الشيعة (3). 5 - ابن حجر: صدوق زاهد، لكنه يتشيع
(4). 4 - يزيد الرشك روى عنه أصحاب الصحاح كلهم: الذهبي: ع - يزيد بن أبي يزيد
الضبعي الرشك. عن مطرف ومعاذ. وعنه شعبة وابن علية. ثقة متعبد. مات سنة 130 (5).
5 - المطرف بن عبد الله وهو أيضا من رجال الصحاح كلها: 1 - المقدسي: مطرف بن عبد
الله بن الشخير العامري، أبو عبد الله
(هامش)
(1) الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 71. (2) الأنساب - الضبعي 8 / 141. (3) الكاشف 1 /
129. (4) تقريب التهذيب 1 / 131. (5) الكاشف 3 / 252. (*)
ص 88
ويقال إنه من بني حريش، سمع عمران بن حصين عندهما... مات سنة 95 (1). 2 - الذهبي:
ع - مطرف بن عبد الله... وكان من عباد أهل البصرة... (2). 3 - الذهبي أيضا: ع
- مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي العامري، أبو عبد الله، أحد الأعلام... (3).
4 - ابن حجر: ثقة، عابد، فاضل (4). فظهر أن رمي الحديث بالكذب والبطلان محض
الزور والبهت والخسران... * وأخرجه عن بريدة بالسند الآتي: حدثنا ابن نمير، حدثني
أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - إلى اليمن بعثين، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن
الوليد. فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتم فكل واحد منكم على جنده.
قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا
المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه. قال بريدة: فكتب معي
خالد ابن الوليد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره بذلك، فلما أتيت النبي
- صلى الله عليه وسلم - دفعت الكتاب، فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ، بعثني مع رجل وأمرتني أن
أطيعه ففعلت ما أرسلت به. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقع في علي
فإنه مني وأنا منه وهو وليكم
(هامش)
(1) الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 502. (2) تهذيب التهذيب مخطوط. (3) الكاشف 3 /
132. (4) تقريب التهذيب 2 / 253. (*)
ص 89
بعدي (1).
الكلمات في وثاقة سنده الثاني ورجال هذه السند أيضا من كبار الثقات
المعتمدين وهم: 1 - عبد الله بن نمير 1 - الذهبي: عبد الله بن نمير، الحافظ
الإمام، أبو هشام الهمداني ثم الخارفي الكوفي، والد الحافظ الكبير محمد، حدث عن:
هشام بن عروة، والأعمش، وأشعث بن سوار، وإسماعيل بن أبي خالد، ويزيد بن أبي زياد،
وعبيد الله بن عمر، وعدة. وعنه: أحمد وابن معين، وإسحاق الكوسج، وأحمد ابن الفرات،
والحسن بن علي بن عفان، وخلق. وثقه يحيى بن معين وغيره. وكان من كبار أصحاب الحديث،
توفي في سنة 199... (2). 2 - الذهبي أيضا: عنه: ابنه، وأحمد، وابن معين. حجة.
توفي سنة 199 (3). 3 - ابن حجر: ثقة صاحب حديث، من أهل السنة من كبار التاسعة
(4).
(هامش)
(1) مسند أحمد 5 / 356. (2) تذكرة الحفاظ 1 / 327. (3) الكاشف 2 / 122. (4) تقريب
التهذيب 1 / 457. (*)
ص 90
2 - أجلح بن عبد الله 1 - الذهبي: بخ 4 - أجلح بن عبد الله بن حجية الكندي، عن
الشعبي وعكرمة. وعنه: القطان، وابن نمير، وخلق. وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي
وهو شيعي، مع أنه روى عنه شريك أنه قال: سمعنا أنه ما سب أبا بكر وعمر أحد إلا
افتقر أو قتل. مات سنة 145 (1). 2 - ابن حجر: بخ 4... صدوق شيعي، من السابعة،
مات سنة 45 (2). وسيأتي مزيد من البحث حول وثاقة هذا الرجل... 3 - عبد الله بن
بريدة 1 - الذهبي: ع - عبد الله بن بريدة قاضي مرو، عن: أبيه، وعمران بن حصين،
وعائشة، وسمرة. وعنه: مالك بن مغول، وحسين بن واقد، وأبو هلال. ثقة. ولد سنة 15
ومات سند 115 وله مائة (3). 2 - ابن حجر: ثقة (4). * وأخرجه عن ابن عباس
بالسند الآتي: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو بلج، حدثنا عمرو
ابن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس إما
أن تقوم معنا وإما أن تخلونا من هؤلاء. قال فقال ابن عباس: بل أقوم
(هامش)
(1) الكاشف 1 / 53. (2) تقريب التهذيب 1 / 49. (3) الكاشف 2 / 66. (4) تقريب
التهذيب 1 / 403. (*)
ص 91
معكم. قال - وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى - قال: فانتدوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا.
قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف! وقعوا في رجل له عشر: وقعوا في رجل قال له
النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله.
قال: فاستشرف لها من استشرف. قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحل يطحن. قال: وما كان
أحدكم ليطحن؟ قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه، ثم هز الراية
ثلاثا فأعطاها إياه، فجاء بصفية بنت حيي. قال: ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا
خلفه فأخذها منه، قال: لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه. قال: وقال لبني عمه: أيكم
يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال - وعلي معه جالس - فأبوا، فقال علي: أنا أواليك في
الدنيا والآخرة. قال: أنت وليي في الدنيا والآخرة قال: فتركه. ثم أقبل على رجل رجل
منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال علي: أنا أواليك في الدنيا
والآخرة. فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة. قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد
خديجة. قال: وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن
وحسين، فقال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. قال: وشرى
علي نفسه، لبس ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نام مكانه قال: وكان المشركون
يرمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء أبو بكر وعلي نائم. قال: وأبو بكر
يحسب أنه نبي الله. قال فقال: يا نبي الله! قال فقال له علي: إن نبي الله قد انطلق
نحو بئر ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال: وجعل علي يرمى
بالحجارة كما كان يرمى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتضور، قد لف رأسه في
الثوب لا يخرجه
ص 92
حتى أصبح ثم كشف عن رأسه. فقالوا: إنك للئيم، كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت
تتضور، وقد استنكرنا ذلك! قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك قال فقال له علي: أخرج
معك؟ قال فقال له نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لا. فبكى علي. فقال له: أما ترضى
أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي! إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت
خليفتي. قال: وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت وليي في كل مؤمن بعدي.
قال: وسد أبواب المسجد غير باب علي قال: فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق
غيره. قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي. قال وأخبرنا الله عز وجل في القرآن
أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فهل حدثنا أنه سخط عليهم بعد؟ قال:
وقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر حيث قال: ائذن لي فلأضرب عنقه قال: وكنت
فاعلا! وما يدريك؟ لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: إعملوا ما شئتم. حدثنا عبد
الله حدثني أبي حدثنا أبو مالك كثير بن يحيى قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن
عمرو بن ميمون، عن ابن عباس بنحوه (1).
كلمات في وثاقة سنده الثالث
ورجال هذا
السند أيضا ثقات معتمدون وهم:
(هامش)
(1) مسند أحمد 1 / 330 - 331. (*)
ص 93
1 - يحيى بن حماد الذهبي: يحيى بن أبي زياد الشيباني مولاهم البصري، أبو بكر
ويقال أبو محمد... عنه: خ، وإسحاق بن راهويه، وبندار، وإسحاق الكوسج، وبكار بن
قتيبة، والدارمي، وإسحاق بن سيار، والكديمي، وخلق. ووثقه أبو حاتم وغيره. قال محمد
بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى بن حماد، وأظنه لم يضحك. قيل: توفي
سنة 215 (1). الذهبي أيضا: ثقة متأله (2). ابن حجر: ثقة عابد (3). 2 -
أبو عوانة 3 - أبو بلج 4 - عمرو بن ميمون وهؤلاء عرفت وثاقتهم لدى توثيق سند أبي
داود الطيالسي...
الوجوه الدالة على أن مجرد إخراج أحمد دليل الاعتبار عندهم هذا
كله، مضافا إلى أن مجرد إخراج أحمد حديثا في (مسنده) دليل على اعتبار الحديث
والاعتماد عليه والقول بحجيته... يدل على ذلك وجوه عديدة
(هامش)
(1) تذهيب التهذيب - مخطوط. (2) الكاشف 3 / 223. (3) تقريب التهذيب 2 / 346. (*)
ص 94
نذكرها باختصار: الأول: إن (مسند أحمد) أصل من أصول الأمة ... نص عليه السبكي في
(طبقاته)... فتكذيب حديث الولاية المذكور في هذا المسند الذي هو أصل من أصول الأمة
عين المجون والهزل، ومخالفة للإنصاف والعدل. الثاني: إن أحمد وصف كتابه (المسند)
بأنه أصل كبير ... حكى ذلك السبكي عن أبي موسى المديني عنه... وهل ترفع اليد عن
حديث الولاية المخرج في هذا الأصل الكبير، بطعن متعصب جاحد غرير؟ الثالث: إن هذا
المسند مرجع وثيق كما عن أبي موسى المديني، وما في المرجع الوثيق حري بالإذعان
والتصديق، كيف وقد أخرج مرة بعد مرة، عن ثقة بعد ثقة؟ الرابع: إن أحاديث المسند
منتقاة من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة... قاله أبو موسى، فيما حكاه السبكي عنه...
ولا ريب في أن الانتقاء دليل على مزيد الاهتمام والاعتناء... الخامس: إن المسند
مجعول إماما كما في كلام المديني، والمجعول إماما يؤتم به ويقتدى. السادس: إن
هذا المسند جعله أحمد معتمدا و ملجأ و مستندا ... هكذا ذكر أبو موسى
المديني... فلا يكذب حديث الولاية المذكور فيه إلا المنهمك في العناد، ولا يتحامل
برده إلا المرتبك في أشراك الزيغ واللداد. السابع: إن أحمد قد انتقى أحاديث المسند
من أكثر من سبعمائة ألف حديث، وقد نص على ذلك أحمد نفسه مخاطبا ولديه عبد الله
وصالحا وابن أخيه حنبل بن إسحاق، بعد أن قرأ عليهم المسند... وذكر ذلك أبو موسى
المديني فيما حكاه السبكي عنه... فحديث الولاية المذكور فيه في غاية الاعتماد
والاعتبار، فلا يصغى إلى تلميعات أهل التفرقة والإنكار...
ص 95
الثامن: إن أحمد جعل المسند مرجعا للمسلمين عند الاختلاف في حديث الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم، وقال: فإن كان فيه وإلا فليس بحجة ... فلا يقدم على تكذيب حديث
الولاية المذكور في هذا المسند المحكوم بالرجوع فيه عند التشاجر والاختلاف، إلا أهل
الزيغ والاعتساف... بل إن هذا الحديث حجة وأية حجة، ولا أثر حينئذ لأي عجيج وضجة!
التاسع: لقد شهد عبد الله بن أحمد بانتخاب أبيه هذا المسند من سبعمائة ألف حديث...
العاشر: لقد شهد أبو موسى مرة بعد أخرى بأن أحمد لم يرو في المسند إلا عمن ثبت
عنده صدقه ، و إن الحديث حين شذ لفظه من الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه مع
ثقة رجال إسناده ، وأنه قد احتاط في المسند إسنادا ومتنا . ذكر عبارة السبكي
المشتملة على الوجوه المذكورة كانت تلك طائفة من الأوصاف التي وصف بها المسند من
السبكي وغيره، وشهادات من أحمد حكاها أبو موسى المديني عنه، جاءت بترجمة أحمد من
كتاب (طبقات الشافعية الكبرى)... فإليك عبارة السبكي المشتملة على ذلك كله: قلت:
وألف مسنده وهو أصل من أصول هذه الأمة. قال الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر
المديني رضي الله عنه: هذا الكتاب - يعني مسند الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن
حنبل الشيباني قدس الله روحه - أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، أنتقي من أحاديث
كثيرة ومسموعات وافرة، فجعل إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا، على ما
أخبرنا والدي وغيره: إن المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين - كتب إليهما من بغداد -
قال: أنا أبو
ص 96
إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي - قراءة عليه - أنا أبو عبد الله عبيد الله
ابن محمد بن محمد بن حمدان بن عمر بن بطة - قراءة عليه - أنا أبو حفص عمر بن محمد
بن رجا، ثنا موسى بن حمدون البزار، قال قال لنا حنبل بن إسحاق: جمعنا عمي - يعني
الإمام أحمد - لي ولصالح ولعبد الله، وقرأ علينا المسند، وما سمعه منه - يعني تاما
- غيرنا وقال لنا: إن هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا،
فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه،
فإن كان فيه وإلا ليس بحجة. وقال عبد الله بن أحمد: كتب أبي عشرة آلاف ألف حديث، لم
يكتب سوادا في بياض إلا حفظه. وقال عبد الله أيضا: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد
عملت المسند؟ فقال عملت هذا الكتاب إماما إذا اختلف الناس في سنة عن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - رجع إليه. وقال أيضا: خرج أبي المسند من سبعمائة ألف حديث.
قال أبو موسى: ولم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته. ثم
ذكر بإسناده إلى عبد الله بن الإمام أحمد قال: سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان،
قال: لم أخرج عنه في المسند شيئا، لما حدث بحديث المواقيت تركته. قال أبو موسى:
فأما عدد أحاديث المسند فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا، إلى أن قرأت
على أبي منصور بن زريق ببغداد قال: أنا أبو بكر الخطيب قال قال ابن المنادي: لم يكن
في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه - يعني عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل - لأنه سمع
المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفا - سمع منها ثلاثين ألفا
والباقي وجادة - فلا أدري هذا الذي ذكر ابن المنادي أراد به ما لا مكرر فيه أو أراد
غيره مع المكرر فيصح القولان جميعا. والاعتماد على قول ابن المنادي دون غيره. قال:
ولو
ص 97
وجدنا فراغا لعددناه إن شاء الله تعالى. فأما عدد الصحابة - رضي الله عنهم - فنحو
من سبعمائة رجل. قال أبو موسى: ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد مسنده قد
احتاط فيه إسنادا ومتنا، ولم يورد فيه إلا ما صح سنده: ما أخبرنا أبو علي الحداد
قال: أنا أبو نعيم، أنا ابن الحصين وأنا ابن المذهب قالا: أنا القطيعي، ثنا عبد
الله قال: حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت أبا
زرعة يحدث عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يهلك أمتي هذا
الحي من قريش. قالوا: فلما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم. قال
عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: إضرب على هذا الحديث، فإنه خلاف
الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني قوله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا
وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذ لفظه من الأحاديث المشاهير أمر بالضرب
عليه. فكان دليلا على ما قلناه (1). ترجمة السبكي وهذه نبذة من ترجمة السبكي صاحب
الطبقات: 1 - ابن قاضي شهبة: عبد الوهاب بن علي... العلامة قاضي القضاة... حضر
وسمع بمصر من جماعة، ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسمع
بها من جماعة... وأفتى ودرس وحدث وصنف واشتغل وناب عن أبيه... وقد ذكره الذهبي في
المعجم المختص وأثنى عليه. وقال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر
على قاض قبله،
(هامش)
(1) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 1 / 201 - 203. (*)
ص 98
وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله. وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجي: خرج له
ابن سعد مشيخة ومات قبل تكميلها، وحصل فنونا من العلم من الفقه والأصول، وكان ماهرا
فيه والحديث والأدب، وبرع وشارك في العربية... توفي شهيدا بالطاعون في ذي الحجة سنة
771... (1). 2 - ابن حجر: ... انتهت إليه رياسة القضاء والمناصب بالشام، وحصل له
بسبب القضاء محنة شديدة مرة بعد مرة، وهو مع ذلك في غاية الثبات... وقد صنف تصانيف
كثيرة جدا على صغر سنه، قرئت عليه وانتشرت في حياته وبعد موته (2). ترجمة أبي
موسى المديني وأبو موسى المديني - الذي نقل عنه السبكي في مدح مسند أحمد بن حنبل -
من كبار الحفاظ المشاهير: 1 - الذهبي: أبو موسى المديني، محمد بن أبي بكر عمر بن
أحمد، الحافظ، صاحب التصانيف... لم يخلف مثله بعده. مات في جمادى الأولى. وكان مع
براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى (3). 2 - السبكي: ... روى
عنه: الحافظ أبو بكر بن محمد بن موسى الحازمي، والحافظ عبد الغني، والحافظ عبد
القادر الرهاوي، والحافظ محمد
(هامش)
(1) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3 / 104 / 649. (2) الدرر الكامنة 2 / 426 -
427. (3) العبر 3 / 84. (*)
ص 99
ابن مكي، والحسن بن أبي معشر الأصبهاني، والناصح بن الحنبلي، وخلق كثير... قال ابن
الدبيثي: عاش حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسنادا وحفظا. وقال ابن النجار: انتشر
علمه في الآفاق، وكتب عنه الحفاظ، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من الحفظ والعلم
والثقة والإتقان والدين والصلاح، وسديد الطريقة، وصحة الضبط والنقل، وحسن
التصانيف... قال أبو البركات محمد بن محمود الرويديني: وصنفت الأئمة في مناقبه
تصانيف كثيرة... (1). 3 - الأسنوي: أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد المديني
الأصبهاني الإمام الحافظ... كان ورعا زاهدا متواضعا متعففا عما في أيدي الناس...
(2). 4 - ابن قاضي شهبة: محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد، الحافظ الكبير، أبو
موسى المديني الأصبهاني، أحد الأعلام... كان حافظا واسع الدائرة جم العلوم. قال أبو
سعد السمعاني: كتبت عنه وسمعت منه، وهو ثقة صدوق. وقال ابن الدبيثي... توفي في
جمادى الآخرة سنة 581. وقد أفردت ترجمته بالتصنيف (3). كلام ابن عساكر في مدح
المسند وذكر الفاضل عمر بن محمد عارف النهرواني المدني في (رسالته في)
(هامش)
(1) طبقات الشافعية للسبكي 4 / 90 - 91. (2) طبقات الشافعية للأسنوي 2 / 240 /
1119. (3) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2 / 40 / 342. (*)
ص 100
مناقب أحمد بن حنبل) التي ألفها بعد ختم المسند سنة 1163 ما نصه: قال ابن عساكر:
أما بعد فإن حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - به يعرف سبل الإسلام والهدى،
ويبنى عليه أكثر الأحكام، ويؤخذ منه معرفة الحلال والحرام. وقد دون جماعة من الأئمة
ما وقع إليهم من حديثه، فكان أكبر الكتب التي جمعت فيه هو المسند العظيم الشأن
والقدر، مسند الإمام أحمد، وهو كتاب نفيس، ويرغب في سماعه وتحصيله ويرحل إليه، إذا
كان مصنفه الإمام أحمد المقدم في معرفة هذا الشأن، والكتاب كبير القدر والحجم مشهور
عند أرباب العلم، يبلغ أحاديثه ثلاثين ألفا سوى المعاد، وسوى ما ألحق به ابنه عبد
الله من أعالي الأسناد، وكان مقصود الإمام في جمعه أن يرجع إليه في الاعتبار من
بلغه أو رواه . كلام ابن الجوزي في مدح المسند وجاء في الرسالة المذكورة أيضا:
قال ابن الجوزي: صح عند الإمام أحمد من الأحاديث سبعمائة ألف وخمسين ألفا. والمراد
بهذه الأعداء الطرق لا المتون، أخرج منها مسنده المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول
والتكريم، وجعلوه حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه. قال حنبل بن إسحاق: جمعنا
عمي لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند - وما سمعه منه تاما غيرنا - ثم قال
لنا: هذا الكتاب قد جمعته وانتخبته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفا، فما اختلف
المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه فذاك وإلا فليس
بحجة. وكان يكره وضع الكتب، فقيل له في ذلك، فقال: قد عملت هذا المسند إماما إذا
اختلف الناس في سنة من سنن رسول الله فارجعوا إليه . ولا تخفى الوجوه التي تشتمل
عليها هذه العبارة، فإن كل واحدة منها
ص 101
كافية لوجوب قبول حديث الولاية المخرج في المسند، ووافية بالرد على من طعن فيه...
وقال ابن الجوزي في (كتاب الموضوعات): فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الإسلام:
كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن
كان له نظير في الصحاح والحسان فرتب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمل
رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمى بالضعفاء والمتروكين، فإنك تعرف وجه
القدح فيه (1). وفي هذه العبارة عد المسند من دواوين الإسلام، وذكره في عداد
الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب غير المحتاج إلى نظر والتأمل في أسانيد
أخبارها... اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي فهذا حكم ابن الجوزي
في كتابه الموضوعات... ولكم اعتمد أمثال أبناء تيمية وروزبهان وحجر على أحكام ابن
الجوزي في كتابه المذكور، خاصة في باب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأهل
البيت... وكذلك صاحب الصواقع و(الدهلوي) وأتباعهما... ولنذكر نبذة من موارد اعتماد
القوم على آراء ابن الجوزي: قال أبو المؤيد الخوارزمي في أوائل كتابه (جامع مسانيد
أبي حنيفة): والدليل على ما ذكرنا أن التعديل متى ترجح على الجرح يجعل الجرح كأن
لم يكن، وقد ذكر ذلك إمام أئمة التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث
التعليق... .
(هامش)
(1) الموضوعات 1 / 99. (*)
ص 102
وقال ابن الوزير الصنعاني - في الأمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب
الاعتقاد بالتشبيه -: ومنها - إنه قد ثبت بالتواتر أن الحافظ ابن الجوزي من أئمة
الحنابلة وليس في ذلك نزاع، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس
فضلائهم وتحفة علمائهم، فبها يتواعظون ويخطبون، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون،
وقد ذكر ابن الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة، وأنا أورد من
كلامه في ذلك... (1). وقال ابن حجر المكي - بعد حديث أنا مدينة العلم -: وقد
اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة منهم ابن الجوزي والنووي ونهيك بهما معرفة
بالحديث وطرقه... (2). وقال (الدهلوي) في جواب حديث أنا مدينة العلم: ... وذكره
ابن الجوزي في الموضوعات . وقال ابن روزبهان - في بحث حديث النور -: ذكر ابن
الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات... (3). وقال ابن تيمية في حديث:
أنت أخي ووصيي... : قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات... (4). ثناء
ابن خلكان على ابن الجوزي وأثنى ابن خلكان على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث
ترجمه، وهذه خلاصتها:
(هامش)
(1) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم. (2) الصواعق المحرقة: 189. (3) إبطال
الباطل - مخطوط. (4) منهاج السنة 4 / 95. (*)