نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 103

أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي

... الفقيه الحنبلي، الواعظ الملقب جمال الدين، الحافظ، كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة منها... فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطه شيئا كثيرا... وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة... وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة 597 ببغداد، ودفن بباب حرب (3). ثناء الذهبي على ابن الجوزي وكذلك الذهبي حيث قال: ابن الجوزي، الإمام العلامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق... المفسر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم... حدث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل والتقي البلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم... وما علمت أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل... حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط... (4). ثناء السيوطي على ابن الجوزي والسيوطي أيضا... أثنى عليه كذلك، قال:

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 3 / 140. (2) تذكرة الحفاظ 4 / 1342. (*)

ص 104

ابن الجوزي، الإمام الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج... صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم... وما علمت أحدا من العلماء صنف ما صنف، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط. قيل: إنه حضره في بعض المجالس مائة ألف، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال: كتبت بإصبعي ألف مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفا (1). كلام ابن الوزير في مدح المسند وقال محمد بن إبراهيم الصنعاني المعروف بابن الوزير - بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام -: وفيما ذكره ابن دحية أوضح دليل على براءة المحدثين وأهل السنة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيناه، في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها. وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها (2). وعليه، فمسند أحمد مفزع المحدثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه... والأحاديث المروية فيه... فويل (للدهلوي) المقلد (للكابلي) التابع (لابن تيمية)... هؤلاء الذين أبطلوا حديث الولاية المخرج في (المسند) و(جامع الترمذي) وأمثالهما... فإنهم خرجوا عن طريقة المحدثين،

(هامش)

(1) طبقات الحفاظ: 480. (2) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم. (*)

ص 105

وشقوا عصا المجمعين، وخالفوا سنة رسول رب العالمين. كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند وقال أبو مهدي عيسى بن محمد المغربي - وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي باتصال أسناده إليهم - في مدح كتاب (المسند) ما نصه: وألف مسنده، وهو أصل من أصول هذه الأمة، جمع فيه ما لم يتفق لغيره... وله التصانيف الفائقة، فمنها المسند، وهو ثلاثون ألفا وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه - وقد جمع أولاده وقرأه عليهم -: هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه وإلا ليس بحجة (1). كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في وصف المسند: ومسند الإمام أحمد معروف بين الناس، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب (2).

(هامش)

(1) مقاليد الأسانيد - ترجمة أحمد بن حنبل (2) رجال المشكاة - ترجمة أحمد بن حنبل (*)

ص 106

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند

 وقال عبد الرحيم الدهلوي والد (الدهلوي): الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة، واشتهرت فيما بين الناس وتعلق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه الكتب مع الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح، وابن الأثير في جامع الأصول. وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه (1). كلام الدهلوي) في مدح المسند و(الدهلوي) نفسه مدح المسند كذلك، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال لهم في وصفه (2).

(هامش)

(1) حجة الله البالغة - طبقات كتب الحديث. (2) بستان المحدثين - ترجمة أحمد

ص 107

*(4)* رواية الترمذي

 وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه قائلا: حدثنا قتيبة بن سعيد، نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشا، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبي، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله. ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا: فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي. هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان (1).

(هامش)

(1) صحيح الترمذي 5 / 632. (*)

ص 108

وثاقة رجال الإسناد

 ورجال هذا السند كلهم ثقات بلا كلام: 1 - الترمذي أما الترمذي نفسه، فغني عن التعريف، وإن شئت الوقوف على طرف من كلماتهم في مدحه والثناء عليه وتوثيقه والاستناد إليه، فراجع الكتب الرجالية وغيرها، مثل: 1 - سير أعلام النبلاء 13 / 270. 2 - تذكرة الحفاظ 2 / 633. 3 - الوافي بالوفيات 4 / 294. 4 - تهذيب التهذيب 9 / 387. 5 - البداية والنهاية 11 / 66. 6 - العبر 2 / 62. 7 - النجوم الزاهرة 3 / 88. 8 - طبقات الحفاظ: 278. 9 - وفيات الأعيان 4 / 278. 10 - شذرات الذهب 2 / 174. 11 - مرآة الجنان 2 / 193. 12 - الكامل في التاريخ 7 / 152. 13 - المختصر في أخبار البشر 2 / 59. 14 - اللباب في الأنساب 1 / 174.

ص 109

2 - قتيبة بن سعيد وأما قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، فهو محدث جليل القدر، روى عنه الشيخان وغيرهما: السمعاني: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني، المحدث المشهور في الشرق والغرب، له رحلة إلى: العراق والحجاز، والشام، وديار مصر، وعمر العمر الطويل حتى كتب عنه البطون، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار. سمع مالك بن أنس، والليث، وأقرانهما. روى عنه الأئمة الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، ومن لا يحصى كثرة (1). الذهبي: قال أبو بكر الأثرم: وسمعته - يعني أحمد بن حنبل - ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال: هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة. زاد النسائي: صدوق. وقال أبو داود: قدم قتيبة بغداد سنة 16 فجاء، أحمد ويحيى، وقال ابن خراش: صدوق... وقال عبد الله بن محمد بن سيار الفرهاني: قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلا وقد حمل عنه بالعراق (2). 3 - جعفر بن سليمان 4 - يزيد الرشك

(هامش)

(1) الأنساب - البغلاني 2 / 257. (2) تذهيب تهذيب الكمال - مخطوط. (*)

ص 110

5 - مطرف بن عبد الله وهؤلاء عرفتهم سابقا فلا نكرر...

 *(5)* رواية النسائي

 ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده قائلا: ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا جعفر - يعني ابن سليمان - عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب... . ثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث عليا على آخر، وقال: إن التقيتما فعلي على الناس، وإن تفرقتما فكل واحد منكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرني أن أنال منه: قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: هذا مكان العائذ، بعثني مع رجل وألزمتني بطاعته فبلغت ما أرسلت به. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لي: لا تقعن يا بريدة في علي، فإن عليا مني وأنا منه وهو وليكم بعدي (1). وثاقة رجال السند هذا، وقد روى النسائي في هذا الحديث بطريقين، أولهما هو عين سند

(هامش)

(1) خصائص علي بن أبي طالب: 75. (*)

ص 111

الترمذي المتقدم الذي عرفت وثاقة رجاله... فلا حاجة إلى الإعادة.

 ترجمة النسائي

 والنسائي نفسه، وإن كان غنيا عن التعريف، لإجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه وعلومه... حتى أن الدارقطني قدمه على جميع محدثي زمانه كما في (تذكرة الحفاظ)، وقال الذهبي ووالد السبكي، بأنه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في (مقاليد الأسانيد)... ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقه عن كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي باختصار: النسائي، الحافظ الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب... برع في هذا الشأن وتفرد بالمعرفة والإتقان وعلو الإسناد... قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو طالب الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار... قال الدارقطني: كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله... وكانت وفاته في شعبان سنة 303. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان النسائي إماما حافظا ثبتا... (1). وإن شئت المزيد فراجع: وفيات الأعيان 1 / 77.

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 2 / 698. (*)

ص 112

الوافي بالوفيات 6 / 416. مرآة الجنان 2 / 240. طبقات الشافعية للسبكي 3 / 14. طبقات الحفاظ: 303. وغيرها من كتب التاريخ والرجال. اعتبار كتاب الخصائص وكتاب (خصائص أمير المؤمنين عليه السلام) للنسائي من أنفس الكتب وأجلها وأشهرها... ألفه النسائي لما دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا... وقد اعتمد علماء أهل السنة على هذا الكتاب ونقلوا عنه، كما أن غير واحد منهم ذكروه في بحوثهم مستشهدين به على ولاء أهل السنة لأهل البيت عليهم السلام... كما أنا قد بينا في بعض المجلدات السابقة - وعلى ضوء كلمات القوم - أن (خصائص أمير المؤمنين) للحافظ النسائي إنما هو قطعة من (سننه) الكبير، فتكون الأحاديث الواردة فيه من أحد (الصحاح الستة) عندهم.

ص 113

*(6)* رواية الحسن بن سفيان النسوي

 ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي، كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى: عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة (1). ترجمة الحسن بن سفيان والحسن بن سفيان من أكابر المحدثين الثقات كما يظهر من ترجمته: 1 - السمعاني: البالوزي - بفتح الباء الموحدة بعدها الألف واللام والواو وفي آخرها الزاء - هذه النسبة إلى بالوز، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها. خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز. كان محدث خراسان في عصره، وكان مقدما في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى، العراق، والشام، ومصر، والكوفة... وصنف: المسند

(هامش)

(1) أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط. (*)

ص 114

الكبير، والجامع، والمعجم. وهو الراوية بخراسان لمصنفات الأئمة... وكانت إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض. سمع منه: أبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، وإمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة... ومات في سنة 303 وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته (1). 2 - الذهبي: الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإمام، شيخ خراسان... قال الحاكم: كأم محدث خراسان في عصره، متقدما في التثبت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان: كان الحسن ممن رحل وصنف وحدث على تيقظ، مع صحة الديانة والصلابة في السنة. وقال أبو بكر أحمد ابن الرازي الحافظ: ليس للحسن في الدنيا نظير... (2). وكذلك ترجم له السبكي وابن قاضي شهبة في (طبقاتهما) والسيوطي في (طبقات الحفاظ) حيث ذكروا كلمة الحاكم وغيره في مدحه، ووصفوه بالحفظ والإمامة والتثبت، وكذلك تجد ترجمته في غيرها من الكتب.

 *(7)* رواية أبي يعلى الموصلي

 ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث قال: حدثنا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

(هامش)

(1) الأنساب - البالوزي 2 / 58. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 703. (*)

ص 115

سرية، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، قال: فمضى على السرية. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر أو من غزوة أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يأتوا منازلهم، فأخبروه بمسيرهم. قال: فأصاب علي جارية، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال: فقدمت السرية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه بمسيرهم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، أصاب علي جارية. فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه. قال: ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. قال: فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبا والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ علي مني فأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1).

وثاقة رجال الإسناد

ولا يخفى وثاقة رجال هذا السند: 1 - عبيد الله القواريري أما عبيد الله، فهو عبيد الله بن عمر القواريري:

(هامش)

(1) مسند أبي يعلى 1 / 293 رقم 355. (*)

ص 116

السمعاني: كان ثقة صدوقا، مكثرا من الحديث... روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم. وكان أحمد بن سيار المروزي يقول: لم أر في جميع من رأيت مثل مسدد بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو. وثقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحدا أعلم بحديث البصرة منه. وتوفي في ذي الحجة سنة 235... (1). الذهبي: خ م د س - عبيد الله بن عمر القواريري، أبو سعيد البصري الحافظ. حدث بمائة ألف حديث. سمع: حماد بن زيد، وأبا عوانة، وخلقا. وعنه: خ م د، والفريابي، والبغوي، وخلق. وكان يذكر مع مسدد والزهراني. مات في ذي الحجة 235 (2). ابن حجر: وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود... قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة. وقال صالح جزرة: ثقة صدوق قال: وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق... وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين (3). 2 - جعفر بن سليمان 3 - يزيد الرشك

(هامش)

(1) الأنساب - القواريري (2) الكاشف 2 / 203 وانظر العبر ودول الإسلام حوادث سنة 235. (3) تهذيب التهذيب 7 / 36 وانظر تقريب التهذيب أيضا 1 / 537. (*)

ص 117

4 - المطرف بن عبد الله وهؤلاء عرفت وثاقتهم وشيئا من مناقبهم فيما سبق. ترجمة أبي يعلى ولنذكر طرفا من كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي: 1 - ابن حبان: أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى، من أهل الموصل، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات سنة 307... (1). 2 - الذهبي: أبو يعلى الموصلي، الحافظ الثقة، محدث الجزيرة... قال يزيد بن محمد الأزدي: كان أبو يعلى من أهل الصدق والأمانة والدين والعلم... ووثقه ابن حبان ووصفه بالإتقان والدين ثم قال: وبينه وبين النبي ثلاثة أنفس. وقال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلا اليسير. قال الحاكم: هو ثقة مأمون... (2). 3 - الذهبي أيضا: كان ثقة صالحا متقنا يحفظ حديثه. توفي وله 97 سنة (3). 4 - الصفدي: الحافظ صاحب المسند، سمع جماعة كبارا، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلقت له الأسواق يوم جنازته. وكانت وفاته سنة 307 وكنيته أبو يعلى (4).

(هامش)

(1) الثقات 8 / 55. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 707. (3) العبر حوادث 307. (4) الوافي بالوفيات 7 / 241. (*)

ص 118

وكذلك تجد ترجمته في المصادر الأخرى، وقد وصفوه جميعا: بالحافظ الثبت الثقة محدث الجزيرة صاحب المسند...

 *(8)* رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه

رواه محمد بن جرير الطبري في (تهذيب الآثار). فقد ذكر المتقي ما نصه: عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليها عليا، فغنموا، فصنع علي شيئا أنكروه. وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جارية، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه. ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي! علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. ش. وابن جرير وصححه (1).

(هامش)

(1) كنز العمال 13 / 142 رقم 36444. (*)

ص 119

ترجمة الطبري ولابن جرير الطبري في كتب القوم تراجم مفصلة، نلخص بعضها فيما يلي: 1 - ياقوت الحموي: قال أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة، ولا ظهر من كتب المصنفين وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له. وكان راجحا في علوم القرآن، والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء، مع الرواية لذلك على ما في كتابه: البسيط، والتهذيب، وأحكام القراءات، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة. وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبرا عن حاله فيه. وقد كان له قدم في علم الجدل، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به. وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه كتابه في آداب النفوس . كان أبو جعفر يذهب في جل مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسنن، شديدا على مخالفيهم، ماضيا على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم . كان أبو جعفر يذهب في الإمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفر من خالفه في كل مذهب

ص 120

إذا كانت أدلة العقول تدفع كالقول في القدر، وقول من كفر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات، وفي الرسالة، وفي أول ذيل المذيل (1). 2 - السمعاني: وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم... قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير... وتوفي سنة 310 (2). 3 - النووي: هو الإمام البارع في أنواع العلوم، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: استوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي، وكان أحد الأئمة والعلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه... (3). 4 - الذهبي: الإمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري، أحد الأعلام وصاحب التصانيف... قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة... وقال أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا... قال الفرغاني: بث مذهب الشافعي ببغداد سنتين واقتدى به، ثم اتسع علمه وأداه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمد بن علي بن سهل الإمام: سمعت ابن جرير قال: من

(هامش)

(1) معجم الأدباء 5 / 254 - 268. (2) الأنساب - الطبري 8 / 205 - 207. (3) تهذيب الأسماء واللغات 1 / 78. (*)

ص 121

قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى، يقتل... ولما بلغه أن ابن أبي داود تكلم في حديث غدير خم عمل كتاب الفضائل وتكلم على تصحيح الحديث. قلت: رأيت مجلدا في طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له لكثرة تلك الطرق. قال ابن كامل: توفي ابن جرير سنة 310 (1). 5 - اليافعي: الحبر البحر الإمام، أحد الأعلام، صاحب تفسير الكبير والتاريخ الشهير، والمصنفات العديدة والأوصاف الحميدة، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. كان مجتهدا لا يقلد أحدا. قال إمام الأئمة المعروف بابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة. وقال الفقيه الإمام مفتي الأنام أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا. قلت: وناهيك بهذا الثناء العظيم والمدح الكريم من هذين الإمامين الجليلين البارعين النبيلين... وكان ثقة في نقله وتاريخه، قيل: تاريخه أصح التواريخ وأثبتها. وذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقات الفقهاء في جملة المجتهدين (2). 6 - السبكي: الإمام الجليل، المجتهد المطلق، أبو جعفر الطبري، من أهل طبرستان، أحد أئمة الدنيا علما ودينا... قال الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة، يحكم بقوله... وذكر أن أبا العباس ابن شريح كان يقول: محمد ابن جرير الطبري فقيه العالم... وقال حسنك بن علي النيسابوري: أول ما سألني ابن خزيمة قال: كتبت عن محمد بن جرير؟ قلت: لا. قال: ولم؟ قلت: لأنه كان لا يظهر وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه. فقال: بئسما

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 2 / 710. (2) مرآة الجنان - حوادث 310. (*)

ص 122

فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم وسمعت منه! قلت لم يكن عدم ظهوره ناشئا عن أنه منع... قال الفرغاني: كان محمد بن جرير ممن لا تأخذه في الله لومه لائم، مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد. فأما أهل العلم والدين فغير منكرين، على علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها، وقناعته بما كان يرد عليه من حصة خلفها أبوه بطبرستان يسيرة... وقال ابن كامل: توفي عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة 310... (1). وبمثل ذلك ترجم له غير من ذكرناه، حيث وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة، ونقلوا في حقه كلمات الأعلام ومشاهير الأئمة... فلاحظ حوادث سنة 310 من (روضة المناظر) و(تتمة المختصر). وراجع ترجمته في (طبقات الحفاظ) و(طبقات المفسرين). وانظر ما ذكره بترجمته شراح الحديث، كالمناوي والزرقاني والخفاجي في (فيض القدير) و(شرح المواهب اللدنية) و(نسيم الرياض)... *(9)* رواه خيثمة بن سليمان ورواه الحافظ الكبير أبو الحسن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام، من كتابه (فضائل الصحابة) حيث قال: ثنا أحمد، ثنا حازم، أنبأ عبيدة بن موسى، ثنا يوسف بن صهيب، عن دكين، عن وهيب بن حمزة عن بريدة قال: سافرت مع علي من المدينة إلى

(هامش)

(1) طبقات الشافعية الكبرى 2 / 135. (*)

ص 123

مكة، فرأيت منه جفوة فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنالن منه. قال: فرجعت فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم فذكرت عليا فنلت منه. فقال لي رسول الله: لا تقولن لعلي فإن عليا وليكم بعدي (1). ترجمة خيثمة بن سليمان 1 - السمعاني: أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الأطرابلسي، من الأئمة الثقات، المشهورين بالرحلة والكثرة عن أهل العراق واليمن والحجاز، سمع محمد بن عيسى بن حيان المدائني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وطبقتهما. روى عنه: أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة الحافظ. وتوفي في حدود سنة 350 (2). (2) الذهبي: خيثمة بن سليمان بن حيدرة، الإمام محدث الشام، أبو الحسن القرشي الأطرابلسي، أحد الثقات... قال الخطيب: خيثمة ثقة، قد جمع فضائل الصحابة... (3). 3 - الذهبي أيضا: خيثمة الإمام الثقة المعمر، محدث الشام... قال أبو بكر الخطيب: خيثمة ثقة ثقة، قد جمع فضائل الصحابة... (4). 4 - الزرقاني: ... الإمام الحافظ أبو الحسن القرشي الطرابلسي، أحد الثقات الرحالة، جمع فضائل الصحابة... (5).

(هامش)

(1) فضائل الصحابة - مخطوط. (2) الأنساب 1 / 303. (3) تذكرة الحفاظ 3 / 158. (4) سير أعلام النبلاء 15 / 412. (5) شرح المواهب اللدنية 1 / 244. (*)

ص 124

*(10)* رواية أبي حاتم ابن حبان البستي

 ورواه أبو حاتم محمد بن حبان البستي في (صحيحه)، فقد رواه عنه الحافظ محب الدين الطبري، والعلامة إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي... قال الأول: عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله... فأقبل إليه رسول الله والغضب يعرف في وجهه فقال. ما تريدون من علي؟ ثلاثا، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. خرجه الترمذي وقال حسن غريب. وأبو حاتم. وخرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغير وجهه فقال: دعوا عليا، دعوا عليا، علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وقال الثاني بعد روايته كذلك عن عمران بن حصين: أخرجه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده وقال فيه: فأقبل... (2). أقول: وهذا نص روايته في (صحيحه): أخبرنا أبو يعلى، حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق، حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم عليا، قال: فمضى علي في السرية فأصاب جارية، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول

(هامش)

(1) الرياض النضرة 3 / 129. (2) أسنى المطالب - مخطوط. (*)

ص 125

الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي - ثلاثا -؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). فابن حبان أخرج هذا الحديث وصححه. ترجمة ابن حبان وهذه نبذة من كلمات القوم في الثناء عليه باختصار: 1 - ابن ماكولا: حافظ جليل كثير التصانيف... كان من الحفاظ الأثبات... توفي في سنة 354 (2). 2 - السمعاني: أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي البستي، إمام عصره، صنف تصانيف لم يسبق إلى مثلها... سمع منه: أبو عبد الله بن مندة وأبو عبد الله بن البيع الحافظان، وغيرهما. وذكره الحاكم أبو عبد الله فقال: أبو حاتم البستي القاضي: كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ، وكان

(هامش)

(1) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 373. (2) الإكمال في أسماء الرجال 2 / 316. (*)

ص 126

من عقلاء الرجال، صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه... (1). كان إماما فاضلا مكثرا من الحديث والرحلة والشيوخ، عالما بالمتون والأسانيد، أخرج من معاني الحديث ما عجز عنه غيره، ومن تأمل تصانيفه وطالعها علم أن الرجل كان بحرا في العلوم... (2). 3 - الذهبي: العلامة أبو حاتم محمد بن حبان الحافظ صاحب التصانيف... وكان من أوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغيره ذلك، حتى الطب والنجوم والكلام... (3). 4 - اليافعي: العلامة الجهبذ الحافظ وصاحب التصانيف، وكان من أوعية العلم... (4). 5 - السبكي: الحافظ الجليل الإمام صاحب التصانيف... قال أبو سعيد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانا، وكان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار... وقال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال... وقال الخطيب: كان ثقة نبيلا فهما. وقال ابن السمعاني: كان أبو حاتم إمام عصره... (5). وكذلك تجد الكلمات الأخرى في حقه، وفيما ذكرناه كفاية. كلمة بشأن صحيح ابن حبان وأما صحيح ابن حبان، فقد نص على اعتباره غير واحد منهم، قال النووي:

(هامش)

(1) الأنساب - البستي 2 / 209. (2) الأنساب - الحباني 4 / 39. (3) العبر - حوادث: 354. (4) مرآة الجنان - حوادث: 354. (5) طبقات الشافعية الكبرى 2 / 141. (*)

ص 127

الصحيح أقسام، أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري، ثم مسلم، ثم ما على شروطهما، ثم على شرط البخاري، ثم مسلم، ثم صحيح غيرهما . قال شارحه السيوطي: التنبيه الثاني: قد علم مما تقدم أن أصح من صنف في الصحيح ابن خزيمة، ثم ابن حبان، ثم الحاكم، فينبغي أن يقال: أصحها بعد مسلم ما اتفق عليه الثلاثة، ثم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ثم ابن حبان والحاكم، ثم ابن خزيمة فقط، ثم ابن حبان فقط، ثم الحاكم فقط، إن يكن الحديث على شرط أحد الشيخين. ولم أر من تعرض لذلك. فليتأمل (1). فالحمد لله على ثبوت صحة الحديث من صنيع ابن حبان، مع أنه قد بلغ من التعصب والانحراف إلى أن أطال لسان الطعن على الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، كما في الميزان للذهبي وغيره من مصنفات الأعيان، ولكن مع ذلك التعصب لم يمكنه أن ينبس ببنت شفة في هذا الحديث الشريف بل أدخله في صحيحه...

 *(11)* رواية الطبراني

 ورواه الحافظ الطبراني... كما جاء في رواية محمد صدر عالم حيث قال: أخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. وأخرج الطيالسي، والحسن بن سفيان، وأبو نعيم مثله. وأخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. والطبراني والحاكم وصححه عنه، قال قال

(هامش)

(1) تدريب الراوي 1: 1 / 124. (*)

ص 128

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وهذا نص رواية الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا العباس بن الوليد الفرضي. ح وحدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد. ح وحدثنا بشر بن موسى، والحسن بن المتوكل البغدادي، ثنا خالد بن يزيد العدني قالوا: ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فاستعمل عليهم عليا، فمضى على السرية، فأصاب علي جارية فأنكروا عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم انصرفوا. فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟

(هامش)

(1) معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط. (*)

ص 129

فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ماذا تريدون من علي؟ ثلاث مرات. إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وأخرجه في (المعجم الأوسط) بأسانيد: حدثنا عبد الوهاب بن رواحة الرامهرمزي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا حسن بن عطية قال: حدثنا سعاد بن سليمان، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة عن علي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، كل واحد منهما على وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي. قال: فأخذا يمينا ويسارا، فدخل علي فأبعد فأصاب سبيا فأخذ جارية من السبي. قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضا لعلي، فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنه قد أخذ جارية من الخمس فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الكتاب بشماله - وكان كما قال الله عز وجل لا يقرأ ولا يكتب - فقال: وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، فتكلمت، فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إلي فقال: يا بريدة، أحب عليا، فإنما يفعل ما يؤمر به. قال: فقمت وما من الناس أحد أحب إلي منه (2).

(هامش)

(1) المعجم الكبير 18 / 128. (2) المعجم الأوسط 5 / 425 رقم 4839 (*)

ص 130

حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد قال: حدثنا عمرو بن عطية العوفي، عن أبيه عطية قال: حدثني عبد الله بن بريدة: أن أباه حدثه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه يا بريدة. فرفعت رأسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وجهه متغير... قال بريدة: والله لا أبغضه أبدا بعد الذي رأيت من رسول الله... (1). حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن منصور الحارثي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حسين الأشقر قال: حدثنا زيد بن أبي الحسن قال: حدثنا أبو عامر العقدي، عن أبي إسحاق، عن ابن بريدة. عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أميرا على اليمن، وبعث خالد بن الوليد على الجبل، فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جارية من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله وناس من أصحابه على بابه. فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خير، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: فأخبره فإنه يسقطه من عين رسول الله - ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الكلام - فخرج مغضبا وقال: ما بال أقوام ينتقصون عليا، من ينتقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق

(هامش)

(1) المعجم الأوسط 6 / 353 رقم: 5752. (*)

ص 131

عليا فقد فارقني. إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. يا بريدة: أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليكم من بعدي؟! فقلت: يا رسول الله، بالصحبة، ألا بسطت يدك حتى أبايعك على الإسلام جديدا؟ قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام (1).

 من مصادر الترجمة الطبراني

 وللطبراني تراجم حافلة ومناقب باهرة وفضائل فاخرة، فلاحظ: 1 - الأنساب - الطبراني. 2 - وفيات الأعيان 2 / 407. 3 - أخبار إصبهان 1 / 335. 4 - تذكرة الحفاظ 3 / 912. 5 - مرآة الجنان 2 / 372. 6 - المنتظم 7 / 54. 7 - البداية والنهاية 11 / 270. 8 - طبقات القراء 1 / 311. 9 - طبقات المفسرين 1 / 198. 10 - طبقات الحفاظ: 372.

(هامش)

(1) المعجم الأوسط 7 / 49. رقم: 6081. (*)

ص 132

*(12)* رواية الحاكم

 ورواه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري وصححه على شرط مسلم، وهذه عبارته: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثني أبي ومحمد بن نعيم قالا: ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى علي في السرية فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه. فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لقينا النبي أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظروا إليه وسلموا عليه ثم يتطرقون إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني، فقال مثل ذلك، فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل ذلك فأعرض عنه. ثم قام الرابع، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأقبل عليه رسول الله - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟! إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (1).

(هامش)

(1) المستدرك على الصحيحين 3 / 110. (*)

ص 133

وقال الحاكم: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي - ببغداد، من أصل كتابه - ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون قال: إني لجالس عند ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس، إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو بنا من بين هؤلاء. قال فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم - قال: وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى - قال: فانتدوا فتحدثوا، فلا ندري ما قالوا: قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له بضع عشر فضائل ليست لأحد غيره. وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فاستشرف لها مستشرف، فقال أين علي؟ فقالوا: إنه في الرحى يطحن. قال: وما كان أحدهم ليطحن، قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه، فجاء علي بصفية بنت حيي. قال ابن عباس: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلانا بسورة التوبة، فبعث عليا خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه. فقال ابن عباس: وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعلي جالس معهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقبل على رجل رجل منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة، فأبوا، فقال: لعلي: أنت وليي في الدنيا والآخرة. قال ابن عباس: وكان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة رضى الله عنها. قال: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثوبه فوضعه على علي

ص 134

وفاطمة والحسن والحسين وقال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)*. قال ابن عباس: وشرى علي نفسه، فلبس ثوب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم نام مكانه، قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء أبو بكر - رضي الله عنه - وعلي نائم قال: وأبو بكر يحسب أنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: فقال: يا نبي الله، فقال له علي: إن نبي الله قد انطلق إلى نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل علي رضي الله عنه يرمى بالحجارة كما كان نبي الله وهو يتضور وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه فقالوا: إنك للئيم، وكان صاحبك لا يتضور ونحن نرميه وأنت تتضور، وقد استنكرنا ذلك. فقال ابن عباس: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك وخرج الناس معه، فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا. فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال ابن عباس: وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة. قال ابن عباس: وسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره. قال ابن عباس: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فإن مولاه علي. قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه رضي عن أصحاب الشجرة، فعلم، ما في قلوبهم، فهل أخبرنا أنه سخط عليهم بعد

ص 135

ذلك؟ قال ابن عباس: وقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمر - رضي الله عنه - حين قال: ائذن لي فأضرب عنقه قال: وكنت فاعلا؟ وما يدريك، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة. وقد حدثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزيدي - رضي الله عنه - ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني القطان قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: كان يعجبهم أن يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن حنبل، رضي الله عنه (1). من مصادر ترجمة الحاكم وإليك قائمة بمصادر ترجمة الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك لتقف بمراجعتها على جلالته ومنزلته الرفيعة عند أهل السنة: 1 - الأنساب - البيع. 2 - وفيات الأعيان 4 / 280. (3) تاريخ بغداد 5 / 473. (4) تذكرة الحفاظ 3 / 1039. 5 - الوافي بالوفيات 3 / 320. 6 - البداية والنهاية 11 / 355. 7 - النجوم الزاهرة 4 / 238.

(هامش)

(1) المستدرك على الصحيحين 3 / 132 - 134. (*)

ص 136

8 - طبقات السبكي 4 / 155. 9 - طبقات القراء 2 / 184. 10 - طبقات الحفاظ: 409. 11 - العبر 3 / 91. 12 - اللباب 1 / 198. وقد أوردنا نبذا من ذلك في مجلد حديث الطير.

 *(13)* رواية ابن مردويه

 ورواه أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني بتفسير قوله تعالى: *(وأنذر عشيرتك الأقربين)*. قال المتقي: عن علي قال: لما نزلت هذه الآية: *(وأنذر عشيرتك الأقربين)* دعا ببني عبد المطلب وصنع لهم طعاما ليس بالكثير فقال: كلوا بسم الله. من جوانبها، فإن البركة تنزل من ذروتها، ووضع يده أولهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم دعا بقدح فشرب أولهم ثم سقاهم فشربوا حتى رووا. فقال أبو لهب: لقد سحركم. وقال: يا بني عبد المطلب: إني جئتم بما لم يجئ به أحد قط، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإلى الله وإلى كتابه. فنفروا فتفرقوا. ثم دعاهم الثانية على مثلها فقال أبو لهب كما قال المرة الأولى، فدعاهم ففعلوا مثل ذلك، ثم قال لهم - ومد يده - من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليكم بعدي؟ فمددت يدي وقلت: أنا أبايعك - وأنا يومئذ أصغر القوم عظيم البطن - فبايعني على ذلك. قال: وذلك الطعام أنا صنعته. ابن مردويه .

ص 137

ترجمة ابن مردويه وتجد ترجمة ابن مردويه والثناء العظيم عليه في: 1 - تذكرة الحفاظ 3 / 1050. 2 - الوافي بالوفيات 8 / 201. (3) النجوم الزاهرة 4 / 245. 4 - تاريخ إصبهان 1 / 168. 5 - طبقات المفسرين 1 / 93. 6 - طبقات الحفاظ: 412. وغيرها، وهذا موجز ما جاء في (سير أعلام النبلاء 17 / 308): ابن مردويه، الحافظ المجود العلامة، محدث إصبهان، قال أبو بكر بن أبي علي: هو أكبر من أن ندل عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه، أبقاه الله ومتعه بمحاسنه. قال أبو موسى... وسمعت الإمام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانيا كان صيته أكثر من صيت الحاكم. وكان من فرسان الحديث، فهما يقظا متقنا، كثير الحديث جدا، ومن نظر في تواليفه عرف محله من الحفظ .

 *(14)* رواية أبي نعيم الأصبهاني

 ورواه الحافظ أبو نعيم الإصبهاني في كتابه (فضائل الصحابة) على ما ذكر غير واحد. فقد روى الوصابي اليمني: عن عمران بن حصين - رضي الله

ص 138

عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة (1). وروى محمد صدر عالم: عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. وأخرج الطيالسي والحسن بن سفيان وأبو نعيم مثله (2). أقول: وهذا نص الرواية فيه بترجمة (بريدة بن الحصيب): حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال: غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير وقال: يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه أبو بكر ابن أبي شيبة عن الفضل، مثله. حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا روح، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد ليقسم الخمس - وقال روح مرة: ليقبض الخمس - قال: فأصبح علي ورأسه يقطر. قال فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بما صنع علي، قال: فكنت أبغض عليا قال فقال: يا بريدة، أتبغض

(هامش)

(1) أسنى المطالب - مخطوط. (2) معارج العلى - مخطوط. (*)

ص 139

عليا؟ قال قلت: نعم. قال: فلا تبغضه. وقال روح مرة: فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك. حدثناه القاضي أبو أحمد العسال، ثنا القاسم بن يحيى بن نصر، ثنا لوين، ثنا أبو معشر البراء، عن علي بن سويد بن منجوف، عن ابن بريدة عن أبيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا. فذكر نحوه (1). ورواه في (حلية الأولياء): حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد. ح وحدثنا أبو عمرو ابن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا بشر بن هلال وعبد السلام بن عمر. قالوا: حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم عليا - كرم الله وجهه - فأصاب علي جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم انصرفوا، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله: ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. حتى قام الرابع فقال:

(هامش)

(1) معرفة الصحابة 3 / 163. ولا يخفى أن أبا نعيم قد اختصر الخبر هنا، ولا بد أنه أتى به على الوجه الصحيح الكامل بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام، ولما يطبع بعد. (*)

ص 140

يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاث مرات - ثم قال: إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). ترجمة أبي نعيم الأصبهاني وقد ذكرت ترجمة الحافظ أبي نعيم في كافة كتب التراجم والسير والرجال فلاحظ: وفيات الأعيان 1 / 91. والعبر 3 / 170. ومرآة الجنان 3 / 52. والوافي بالوفيات 7 / 81. وطبقات الشافعية للسبكي 4 / 18، الأسنوي 2 / 474. وطبقات الحفاظ: 423. والمنتظم 8 / 100. وتذكرة الحفاظ: 3 / 1092. وغيرها من الكتب المشهورة المعتبرة. وهذه خلاصة ما جاء في طبقات السبكي: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران. الإمام الجليل الحافظ أبو نعيم الأصبهاني الصوفي الجامع بين الفقه والتصوف، النهاية في الحفظ والضبط وأحد أعلام الدين، جمع الله له بين العلو في الرواية

(هامش)

(1) حلية الأولياء 6 / 294 (*)

ص 141

والنهاية في الدراية، رحل إليه الحفاظ من الأقطار. ولد في رجب سنة 336. قال أبو محمد ابن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم الأصفهاني وأبو حازم العبدوي الأعرج. وقال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده... وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ولا أحفظ... وقال ابن النجار: هو تاج المحدثين وأحد أعلام الدين. قلت: ومن كراماته المشهورة... توفي في العشرين من المحرم سنة 430 وله 94 سنة (1).

 *(15)* رواية البيهقي

 ورواه الحافظ أبو بكر البيهقي... فقد روى الخطيب الخوارزمي (2) من طريقه بإسناده عن أحمد بن حنبل: خبر ابن عباس مع النفر الذين تحادثوا معه عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، فحدثهم ببعض منها، وأحدها حديث

(هامش)

(1) طبقات السبكي 3 / 7 - 9. (2) المناقب للخوارزمي: 125. (*)

ص 142

الولاية... وقد تقدم نص الخبر بكامله في رواية أحمد... هذا، وقد أخرج البيهقي الحديث في (سننه) عن طريق الحاكم، وهذا نص ما جاء فيه: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن الحسين القاضي بمرو، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا - رضي الله عنه - إلى خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ليقبض الخمس، فأخذ منه جارية، فأصبح ورأسه يقطر. قال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: وكنت أبغض عليا رضي الله عنه، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا بريدة أتبغض عليا؟ قال قلت: نعم. قال: فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك (1). فهذا هو الحديث بعينه، لكن أسقط منه جملة: إن عليا مني وأنا منه وهو وليكم من بعدي ولا ندري هل التحريف منه أو من النساخ؟ من مصادر الترجمة البيهقي والبيهقي أيضا من كبار الأئمة الحفاظ، توجد ترجمته والثناء عليه في جميع المصادر، فراجع منها: الأنساب 2 / 381. وفيات الأعيان 1 / 75. معجم البلدان 1 / 538. الكامل لابن الأثير 10 / 52.

(هامش)

(1) السنن الكبرى 6 / 342. (*)

ص 143

المختصر في أخبار البشر 2 / 185. سير أعلام النبلاء 18 / 163. تذكرة الحفاظ 2 / 1132. العبر 3 / 242. طبقات الشافعية 4 / 8. طبقات الحفاظ 433. وغيرها من كبار الكتب المؤلفة في التاريخ والرجال.

 *(16)* رواية الراغب الأصفهاني

 وأورده أبو القاسم الراغب الأصفهاني في الفصل الذي عقده لفضائل أعيان الصحابة من (محاضراته) في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، مرسلا إياه إرسال المسلمات، حيث قال بعد ذكر الإمام عليه السلام: من فضائله: قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟ قال: بلى. قال: فأنت كذلك. وقال: علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1).

 ترجمة الراغب الأصفهاني

 وقد ترجم الحافظ السيوطي له في (بغية الوعاة) وسماه المفضل بن

(هامش)

(1) محاضرات الأدباء 4 / 477 - المجلد الثاني. (*)

ص 144

محمد قال: وكان في أوائل المائة الخامسة. قال: وقد كان في ظني أن الراغب معتزلي حتى رأيت بخط الشيخ بدر الدين الزركشي على ظهر نسخة من القواعد الصغرى لابن عبد السلام ما نصه: ذكر الإمام فخر الدين الرازي في تأسيس التقديس في الأصول أن أبا القاسم الراغب من أئمة السنة، وقرنه بالغزالي... (1). ثم إن السيوطي اعتمد على الراغب في مواضع كثيرة من كتابه (المزهر في اللغة) معبرا عنه ب‍ الإمام . وهكذا اعتمد عليه ونقل عنه: رشيد الدين الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي، وغيرهما من علماء الهند، في مؤلفاتهم المختلفة... وقد ذكر كاشف الظنون مؤلفاته (أفانين البلاغة) و(التفسير) و(المحاضرات) و(تفصيل النشأتين) و(الذريعة إلى مكارم الشريعة) و(مفردات ألفاظ القرآن) معبرا عنه في بعض المواضع ب‍ الإمام مع الإطراء على مصنفاته المذكورة.

 *(17)* رواية الخطيب البغدادي

 ورواه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، ففي (كنز العمال): سألت الله - يا علي - فيك خمسا فمنعني واحدة وأعطاني أربعا... سألت الله أن يجمع أمتي عليك فأبى. وأعطاني فيك أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، ومعك لواء الحمد وأنت تحمله بين يدي تسبق

(هامش)

(1) بغية الوعاة 2 / 297. (*)

ص 145

به الأولين والآخرين، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي عن علي (1). وفي (مفتاح النجا): أخرج الخطيب والرافعي عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألت الله يا علي فيك خمسا... (2). وكذا في (معارج العلى)... (3). وفي (القول المستحسن): وللخطيب والرافعي بسند صحيح عن علي رفعه: سألت الله يا علي فيك خمسا... (4). وهذا نص رواية الخطيب: أحمد بن غالب بن الأجلح بن عبد السلام، أبو العباس. حدث عن محمد بن يحيى بن الضريس الفيدي، روى عنه محمد بن مخلد. أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل القاضي - بصور - أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع الغساني، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن مخلد العطار - ببغداد - حدثنا أحمد بن غالب بن الأجلح بن عبد السلام - أبو العباس - حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس، حدثنا عيسى بن عبد الله ابن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت الله فيك خمسا، فأعطاني أربعا ومنعني واحدة، سألته فأعطاني فيك: أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة.

(هامش)

(1) كنز العمال 11 / 625 رقم 33047. (2) مفتاح النجا - مخطوط. (3) معارج العلى - مخطوط. (4) القول المستحسن في فخر الحسن 214. (*)

ص 146

وأنت معي معك لواء الحمد. وأنت تحمله. وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي (1). ترجمة الخطيب البغدادي وترجم ابن خلكان للخطيب البغدادي بقوله: الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب، صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات المفيدة. كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنه يدل على اطلاع عظيم، وصنف قريبا من مائة مصنف، وفضله أشهر من أن يوصف، وأخذ الفقه عن أبي الحسن المحاملي والقاضي أبي الطيب الطبري وغيرهما، وكان فقيها فغلب عليه الحديث والتاريخ. ولد في جمادى الآخرة سنة 392 يوم الخميس لست بقين من الشهر. وتوفي يوم الأثنين سابع ذي الحجة سنة 463. وقال السمعاني: توفي في شوال. وسمعت أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي - رحمه الله - كان من جملة من حمل نعشه، لأنه انتفع به كثيرا، وكان يراجعه في تصانيفه. والعجب: أنه كان في وقته حافظ المشرق، وأبو عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب حافظ المغرب، وماتا في سنة واحد... (2). وإن شئت المزيد من ترجمته، والوقوف على بعض الكلمات في حقه، فراجع: 1 - الأنساب 5 / 151.

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 4 / 339. (2) وفيات الأعيان 1 / 92. (*)

ص 147

2 - سير أعلام النبلاء 18 / 270. 3 - تذكرة الحفاظ 3 / 1135. 4 - الطبقات للسبكي 4 / 29. 5 - مرآة الجنان 3 / 87. 6 - معجم الأدباء 4 / 13. 7 - المختصر في أخبار البشر 2 / 187. 8 - الوافي بالوفيات 7 / 190. 9 - المنتظم 8 / 265. 10 - الكامل في التاريخ 10 / 68. 11 - العبر 3 / 253. 12 - البداية والنهاية 12 / 101. 13 - طبقات الحفاظ: 434. 14 - تتمة المختصر 1 / 564. وغير هذه الكتب.

 *(18)* رواية أبي سعيد السجستاني

 ورواه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني... ففي كتاب (الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف): ومن ذلك حديث الولاية رواية أبي سعيد مسعود ابن ناصر السجستاني - وهو من المتفق على ثقته - رواية بريدة هذا الحديث من عدة طرق، وفي بعضها زيادات مهمات. من ذلك: أن بريدة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سمع ذم علي غضب غضبا لم أره غضب مثله قط، إلا يوم قريظة والنضير، فنظر

ص 148

إلي وقال: يا بريدة، إن عليا وليكم بعدي فأحب عليا فإنما يفعل ما يؤمر به، فقمت وما أحد من الناس أحب منه. ومن ذلك زيادة أخرى: قال عبد الله بن عطا: حدثت بذلك، أنا حارث ابن سويد بن غفلة فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنافقت بعدي يا بريدة؟! ومن ذلك زيادة أيضا معناها: إن خالد بن الوليد أمر بريدة فأخذ كتابه يقرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقع في علي. قال بريدة: فجعلت أقرأ وأذكر عليا، فتغير وجه رسول الله، ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا بريدة ويحك، أما علمت أن عليا وليكم بعدي (1).

 ترجمة أبي سعيد السجستاني

 وأبو سعيد هذا من كبار الحفاظ المتقنين: 1 - السمعاني: أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجزي الركاب، كان حافظا متقنا فاضلا، رحل إلى خراسان، والجبال، والعراقين، والحجاز، وأكثر من الحديث وجمع الجمع. روى لنا عنه جماعة كثيرة بمرو، ونيسابور، وأصبهان. وتوفي سنة 477 (2). فهو من مشايخ السمعاني. 2 - الذهبي: الإمام المحدث الرحال الحافظ وأورد كلمة الدقاق (3). 3 - الذهبي: مسعود بن ناصر السجزي أبو سعيد الركاب، الحافظ،

(هامش)

(1) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 67. (2) الأنساب - السجستاني 7 / 47. (3) سير أعلام النبلاء 18 / 532. (*)

ص 149

رحل وصنف وحدث عن: أبي حسان المزكي، وعلي بن بشرى الليثي، وطبقتهما. ورحل إلى بغداد وأصبهان. قال الدقاق: لم أر أجود إتقانا، ولا أحسن ضبطا منه. توفي بنيسابور في جمادى الأولى (1). 4 - اليافعي: الحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي، رحل وصنف وحدث عن جماعة. وقال الدقاق: لم أر أجود إتقانا ولا أحسن ضبطا منه (2). ترجمة الدقاق ولا بأس بترجمة الدقاق الذي قال هذه الكلمة بحق السجزي عن كتاب (طبقات الحفاظ) وهو مختصر ما جاء بترجمته في (تذكرة الحفاظ): الدقاق، الحافظ المفيد الرحال، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، ولد سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمع وأكثر وأملى بسرخس، وكان صالحا، يقرئ، متعففا، صاحب سنة واتباع. قال الحافظ إسماعيل بن محمد: ما أعرف أحدا أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد منه. مات ليلة الجمعة 6 شوال سنة 514 (3).

 *(19)* رواية ابن المغازلي

 ورواه علي بن محمد الجلابي الواسطي المعروف بابن المغازلي حيث

(هامش)

(1) العبر 2 / 337. (2) مرآة الجنان: 3 / 122. (3) تذكرة الحفاظ 4 / 1255. (*)

ص 150

قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، ثنا جعفر بن محمد أبو يحيى، ثنا علي بن الحسين البزار وموسى بن محمد البجلي قالا: ثنا جعفر بن سليمان عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وهو وليكم بعدي (1). قال: كتب إلي علي بن الحسين العلوي رحمه الله يخبرني: أن أبا الحسن أحمد بن محمد بن عمران أخبرهم: نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (2). ترجمة ابن المغازلي والاعتماد عليه وابن المغازلي، فقيه محدث ثقة، أثنى عليه علماء أهل السنة في كتبهم كالسمعاني في (الأنساب)، والبدخشاني في (تراجم الحفاظ)، واعتمد عليه آخرون في بحوثهم: كابن حجر في (الصواعق)، والسمهودي في (جواهر العقدين)، وابن باكثير المكي في (وسيلة المآل)، والشيخاني القادري في (الصراط السوي)، وغيرهم، وقد ذكرنا ذلك كله في حديث التشبيه.

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب: 224. (2) مناقب علي بن أبي طالب: 229. (*)

ص 151

*(20)* رواية شيرويه الديلمي

 ورواه الديلمي صاحب (الفردوس) في كتابه: ففي حرف العين: فصل - عمران بن حصين: علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وفي حرف الياء: يا بريدة، إن عليا وليكم بعدي فأحب عليا فإنه يفعل ما يؤمر (2). ترجمة شيرويه الديلمي وشيرويه الديلمي حافظ محدث ثقة: 1 - الرافعي: شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي، أبو شجاع الهمداني الحافظ، من متأخري أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ. كان قانعا بما رزقه الله تعالى من ريع أملاكه، سمع وجمع الكثير ورحل، قال أبو سعد السمعاني: وتعب في الجمع، صنف كتاب الفردوس وكتاب طبقات الهمدانيين... (3). 2 - الذهبي: الديلمي، المحدث الحافظ مفيد همدان... (4).

(هامش)

(1) فردوس الأخبار 3 / 61. (2) فردوس الأخبار 5 / 392. (3) التدوين في ذكر علماء قزوين 3 / 85. (4) تذكرة الحفاظ 4 / 1259. (*)

ص 152

... وكان صلبا في السنة (1). 3 - الأسنوي: ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدثا واسع الرحلة، حسن الخلق والخلق، ذكيا، صلبا في السنة، قليل الكلام، صنف تصانيف انتشرت عنه، منها كتاب الفردوس، وتاريخ همدان (2). التعريف بالفردوس وكتاب (فردوس الأخبار) من الكتب الموصوفة بالاعتبار والممدوحة عند المحدثين الكبار: أما الديلمي فقد وصف كتابه في خطبته بقوله: أما بعد، فإني رأيت أهل زماننا هذا - خاصة أهل بلدنا - أعرضوا عن الحديث وأسانيده، وجهلوا معرفة الصحيح والسقيم، وتركوا الكتب التي صنفها الأئمة قديما وحديثا، في الفرائض والسنن والحلال والحرام والآداب والوصية والأمثال والمواعظ، واشتغلوا بالقصص والأحاديث المحذوفة عنها أسانيدها التي لم يعرفها ناقلوا الحديث، ولم تقرأ على أحد من أصحاب الحديث، سيما الموضوعات التي وضعها القصاص لينالوا بها القطيعات في المجالس على الطرقات. أثبت في كتابي هذا اثني عشرة آلاف حديث من الأحاديث الصغار على سبيل الاختصار، من الصحاح والغرائب والأفراد والصحف المروية عن النبي لعلي بن موسى الرضا... . وقال ولده شهردار بن شيرويه في خطبة كتابه (مسند الفردوس): فإن والدي الإمام السعيد أبا شجاع شيرويه - قدس الله روحه ونور ضريحه - حين

(هامش)

(1) العبر - حوادث - 509. (2) طبقات الشافعية 2 / 21. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب