نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 253

(الدهلوي) - وأثبته في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، في غير واحد من كتبه. فروى في كتابه (قرة العينين) حديث عمران بن حصين عن الترمذي (1). وروى في كتابه (إزالة الخفا عن سيرة الخلفاء) حديث عمرو بن ميمون بطوله، المشتمل على حديث الولاية، المذكور في الكتاب مرارا، عن الحاكم والنسائي (2)... ولم نجد منه طعنا في سند الحديث... فيا للعجب كل العجب من (الدهلوي) كيف خاض في غمار عقوق والده وشيخه المهذب، ورجح على أتباعه تقليد الكابلي الجالب على نفسه وأتباعه أمر العطب، وكأنه لم يقرع سمعه قول علي عليه السلام: نحن أهل بيت ما عادانا بيت إلا خرب، وما نبح علينا كلب إلا جرب؟! ترجمة أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي وشاه ولي الله الدهلوي إمام علماء الهند في عصره في العلوم المختلفة، تجد الثناء العظيم عليه في الكتب المؤلفة بتراجم رجال تلك الديار وفي غيرها، مثل (اتحاف النبلاء) و(أبجد العلوم) و(نزهة الخواطر 6 / 398 - 415). كما أنه ترجم لنفسه في كتاب أسماه (الجزء اللطيف في ترجمة العبد الضعيف)، كما أن ابنه (الدهلوي) وسائر علماء الهند المتأخرين كلهم عيال عليه في شتى البحوث.

(هامش)

(1) قرة العينين في تفضيل الشيخين: 168. (2) إزالة الخفا في سيرة الخلفاء 2 / 448. (*)

ص 254

*(60)* رواية محمد بن إسماعيل الأمير

 ورواه محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليمني الصنعاني... في (الروضة الندية - شرح التحفة العلوية) فقد قال بشرح: - قل من المدح بما شئت فلم * تأت فيما قلته شيئا فريا - - كل من رام يداني شأوه * في العلى فاعدده روما أشعبيا - قال: هذه كالفذلكة لما تقدم من فضائله، كأنه قال: إذ قد عرفت أنه أحرز كل كمال، وبذ في كل فضيلة كملة الرجال، فقل ما شئت في مدحه، كأن تمدحه بالعبادة، فإنه بلغ رتبتها العلية، وبالشجاعة فإنه أنسى ما سبقه من أبطال البرية، وبالزهادة فإنه إمامها الذي به يقتدى، وبالجود وأنه الذي فيه المنتهى. وبالجملة، فلا فضيلة إلا وهو حامل لوائها ومقدم أمرائها، فقل في صفاته ما انطلق به اللسان، فلن يعيبك في ذلك إنسان. وفي هذا إشارة إلى عدم انحصار فضائله - كما قد أشرنا إليه سابقا - وكيف ينحصر لنا وقد قال إمام المحدثين أحمد بن حنبل: إنه ما ثبت لأحد من الفضائل الصحيحة ما ثبت للوصي عليه السلام. وقد علم أن كتب السنة قد شرقت وغربت وبلغت مبلغ الرياح، فلا يمكن حصرها. وإشارة إلى ما لم نورده سابقا: فمن ذلك: أنه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة الرأس من البدن، كما أخرجه الخطيب من حديث البراء، والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عنه صلى الله عليه وسلم: علي مني

ص 255

بمنزلة رأسي من بدني. ومن ذلك: أنه باب حطة، كما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عنه صلى الله عليه وسلم: علي باب حطة من دخل منه كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا. ومن ذلك: أنه من النبي صلى الله عليه وسلم - والنبي صلى الله عليه وسلم منه، كما أخرجه أحمد والترمذي وأبو حاتم، من حديث عمران بن حصين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي . وقال محمد بن إسماعيل بشرح: - كلما للصحب من مكرمة * فله السبق تراه الأوليا - قال: وقد اختصه الله ورسوله بخصائص لا تدخل تحت ضبط الأقلام ولا تفنى بفناء الليالي والأيام. مثل اختصاصه بأربع ليست في أحد غيره، كما أخرجه العلامة أبو عمر ابن عبد البر من حديث بحر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو الذي كان لواه معه في كل زحف. وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره. وهو الذي غسله وأدخله في قبره. وكاختصاصه بخمس، كما أخرجه أحمد في المناقب، وقد تقدم ذلك في بيت لواء الحمد. وكاختصاصه بعشر، كما أخرجه أحمد بتمامه، وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال، وأخرج النسائي بعضه. وهو من حديث عمرو ابن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذا أتاه... .

ص 256

ترجمة محمد بن إسماعيل الأمير ومحمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182 فقيه، محدث، متكلم، من أئمة اليمن، له تصانيف كثيرة في الفقه والأصول والحديث، ترجم له وأثنى عليه: 1 - الشوكاني في (البدر الطالع 2 / 133). 2 - صديق حسن في (التاج المكلل: 414).

*(61)* رواية الصبان المصري

 ورواه محمد الصبان المصري صاحب (إسعاف الراغبين) قال: أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). ترجمة الصبان وترجم لأبي العرفان محمد بن علي الصبان المصري الشافعي المتوفى سنة 1206 في (معجم المؤلفين) (2) عن عدة من المصادر، قال: عالم،

(هامش)

(1) إسعاف الراغبين - هامش مشارق الأنوار: 151. (2) معجم المؤلفين 11 / 17. (*)

ص 257

أديب، مشارك في اللغة والنحو والبلاغة والعروض والمنطق والسيرة والحديث ومصطلحه والهيئة وغير ذلك. ولد وتوفي بالقاهرة ثم ذكر تصانيفه، وعد منها (إسعاف الراغبين) و الحاشية على شرح الأشموني) المتداول في الحوزات العلمية والأدبية.

 *(62)* رواية العجيلي

 ورواه أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي الشافعي حيث قال بشرح: - والله قد آتاه خمسا تنقل * أحب من دنياكم وأفضل - قال: أخرج السيوطي - رحمه الله - في الكبير عن علي - رضي الله عنه - قال صلى الله عليه وسلم: سألت الله - يا علي - فيك خمسا، فمنعني واحدة وأعطاني أربعا: سألت الله أن يجمع عليك أمتي فأبى علي. وأعطاني لك: أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، معك لواء الحمد، وأنت تحمله بين يدي، تسبق به الأولين والآخرين. وأعطاني أنت ولي المؤمنين بعدي . وقد أثبت الحديث الشريف في كلام له بشرح: واقرأ حديث إنما وليكم * واسمع حديثا جاء في غدير خم فقال بعد ذكر الغدير وقصة الحارث الفهري: وهو من أقوى الأدلة على أن عليا - رضي الله عنه - أولى بالإمامة والخلافة والصداقة والنصرة والاتباع، باعتبار الأحوال والأوقات والخصوص والعموم. وليس في هذا مناقضة لما سبق وما سيأتي إن شاء الله تعالى. إن عليا رضي الله عنه تكلم فيه بعض من كان معه في اليمن، فلما قضى حجه خطب بهذا تنبيها على قدره، وردا على من تكلم فيه، كبريدة، فإنه كان

ص 258

يبغضه، ولما خرج إلى اليمن رأى جفوة، فقصه للنبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتغير وجهه ويقول: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه. لا تقع - يا بريدة - في علي. فإن عليا مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي . ترجمة العجيلي والعجيلي توجد ترجمته في: 1 - نيل الأوطار 1 / 129. 2 - حلية البشر 1 / 180 عنهما معجم المؤلفين 1 / 279. 3 - التاج المكلل: 509 وقد وصفه بقوله: الشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز، لم يزل مجتهدا في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز... .

 *(63)* رواية محمد مبين اللكهنوي

 ورواه المولوي محمد مبين بن محب الله بن ملا أحمد عبد الحق بن ملا محمد سعيد بن قطب الدين السهالي، في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره على الجيش، وأعلم القوم بخصوصيته وأخبرهم بولايته: أخرج الحاكم والترمذي نحوه عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا

ص 259

عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا لقينا النبي صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا ورجعوا بدؤا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظروا إليه وسلموا عليه، ثم يتطرقون إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فأعرض عنه. ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. ولفظ أحمد: دعوا عليا، دعوا عليا، دعوا عليا، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). ترجمته وعبارته في صدر كتابه ذكره صاحب (نزهة الخواطر) وعنونه ب‍ الشيخ الفاضل الكبير مبين بن محب الكهنوي، أحد الفقهاء الحنفية... ثم ذكر كتابه وأرخ وفاته بسنة 1225 (2). ومن المناسب أن نورد نص كلامه في صدر كتابه، ليظهر اعتبار الأحاديث الواردة فيه. فإنه قال: أما بعد، فلا يخفى عليك أن محبة آل سيد الكائنات جزء الإيمان، ولا يتم إلا بمودتهم بالجنان وتعظيمهم بالأركان، ورعاية

(هامش)

(1) وسيلة النجاة في مناقب الحضرات: 48. (2) نزهة الخواطر 7 / 403. (*)

ص 260

حقوقهم بالصدق والإيقان، قال الله في القرآن: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* وفسر بالنبي المصطفى وعلي المرتضى والحسنين وفاطمة الزهراء، عليهم السلام. فلا بد لكل مؤمن من مودتهم ولا يخلو مسلم من محبتهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله ولم يشم رائحة الجنة. وقال في علي الوصي: لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. وإنني في زمان قد كثر فيه القيل والقال، وقل العلماء وكثر الجهال، كل بضاعة أهل الزمان المخاصمة والجدال، وقد اكتفوا بما فهموا بزعمهم من ظاهر المقال، من غير أن يكون لهم اطلاع على حقيقة الحال... فإن السني من يكون مشغوفا بحب آل النبي، وإلا فهو المنافق الشقي. ومن اللطائف: أن أعداد السني بحسب الحساب مساوية لحب علي، فمن لا يكون في قلبه حب علي لا يكون معدودا من السني...... حداني صدق النية... على أن أولف رسالة مشتملة على الآيات النازلة والأحاديث الواردة في مودة القربى، متضمنة لبيان الشمائل والخصائل التي كانت لهم في الدنيا، وما ثبت بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية من مقاماتهم ودرجاتهم الرفيعة في العقبى، وقد وشح به المحدثون صحائفهم، والأولياء تصانيفهم، والعلماء كتبهم. وما استخرجت من الصحاح بعد كتاب الله صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحيح الترمذي، والكتب الموثوقة كجامع الأصول لابن الأثير... وغيرها من الكتب المعتبرة في الأحاديث الشريفة والقصص الصحيحة، وجمعتها في هذه الرسالة، وأعرضت عن الصحائف المتروكة والموضوعات المطروحة... وما التفت إلى ما كان باطلا أو ضعيفا... .

ص 261

*(64)* رواية محمد سالم الدهلوي

 ورواه محمد سالم بن محمد سلام الله الدهلوي، في الفصل الثالث من رسالته المسماة ب‍ (أصول الإيمان) عن الترمذي... وقد نص في مقدمة هذه الرسالة على أنها مستمدة من الكتب المعتبرة، وأن الأحاديث الواردة فيها صحيحة. ترجمة محمد سالم الدهلوي وهذا الشيخ حفيد المحدث الكبير الشيخ عبد الحق الدهلوي، قال في (نزهة الخواطر): الشيخ الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلامة ابن شيخ الإسلام الحنفي البخاري الدهلوي، كان من ذرية الشيخ المحدث عبد الحق ابن سيف الدين البخاري... له مصنفات عديدة، أشهرها: أصول الإيمان في حب النبي وآله من أهل السعادة والإيقان... 7 / 440 - 441.

 *(65)* رواية المولوي ولي الله اللكهنوي

 ورواه المولوي ولي الله بن حبيب الله السهالي اللكهنوي، في الفصل الثاني من الباب الأول من كتابه (مرآة المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين)، وقد عنون الفصل بعنوان: الفصل الثاني في بيان مناقب سيدنا علي المرتضى

ص 262

ومآثره القاطعة التي هي نصوص على فضيلته وخلافته . رواه عن النسائي عن ابن عباس عن بريدة، وعنه عن عمران بن حصين، وعنه عن بريدة. وروى أيضا حديث عمرو بن ميمون بطوله عن الحاكم والنسائي. هذا، وقد ذكر في صدر كتابه ما نصه: وبعد فهذه أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت النبوية، والعترة الطاهرة المصطفوية، من الكتب المعتبرة، من الصحاح والتواريخ، منبها على أسامي الكتب، معرضا عن الضعاف المتروكة عند علماء الحديث، مقتصرا على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر، أو من الحسان... ترجمة ولي الله الكهنوي وترجم صاحب (نزهة الخواطر) الشيخ ولي الله الكهنوي المتوفى سنة 1270 قال: الشيخ الفاضل العلامة، أحد الأساتذة المشهورين ثم ذكر مصنفاته، وعد منها: (مرآة المؤمنين) (1).

 *(66)* رواية القندوزي البلخي

 ورواه الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي البلخي بطرق متعددة. فرواه عن الترمذي عن عمران بن حصين. وعن (الإصابة) عن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي

(هامش)

(1) نزهة الخواطر 7 / 527. (*)

ص 263

طالب، فرأيت منه بعض ما أكره، فشكوته النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: لا تقولن هذا لعلي، فإنه وليكم بعدي . وعن (المشكاة) عن عمران بن حصين. وقال: قال الحسن بن علي - رضي الله عنهما - في خطبته قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قضى بينه وبين أخيه جعفر ومولاه زيد في ابنة عمه حمزة: أما أنت - يا علي - فمني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن بعدي . وقال: في كنوز الدقائق للمناوي: علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. لأبي داود الطيالسي (1). ترجمة القندوزي وهو: الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف ب‍ (خواجه كلان) الحسيني القندوزي البلخي، ولد سنة 1220 وسافر إلى البلاد في طلب العلم، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن رجال الطريقة النقشبندية، له مؤلفات، منها (ينابيع المودة) دل على سعة اطلاعه ووفور علمه. وتوفي سنة 1294 أو 1293 أو 1270 على اختلاف الأقوال. وتوجد ترجمته في (معجم المؤلفين) و(الأعلام).

 *(67)* رواية حسن زمان الحيدر آبادي

 ورواه المولوي حسن زمان بن محمد بن قاسم التركماني الحيدر آبادي

(هامش)

(1) ينابيع المودة 1 / 169، 171، 172. (*)

ص 264

وصححه، فإنه قال بعد ذكر حديث الغدير: ثم معنى المولى هنا: الولي والسيد قطعا. قال العلامة الحرالي: والمولى هو الولي اللازم الولاية، القائم بها الدائم عليها، ذكره الفاضل المناوي في شرح الجامع الصغير، في حديث: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. ويدل عليه ما مضى في روايات أخرى صحيحة: من كنت وليه فعلي وليه. وفي حديث بريدة عند إمامي السنة أحمد والنسائي في خصائصه وغيرهما: لا تقع يا بريدة في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي، وإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي. وقول ابن حجر الهيتمي -: في سنده الأجلح، وهو وإن وثقه ابن معين لكن ضعفه غيره، على أنه شيعي، وعلى تقدير الصحة فيحتمل أنه رواه بالمعنى بحسب عقيدته - ليس بشيء. فإنه مع كون الأجلح قد صح توثيق جماعة، وضعف تضعيف فرقة له بعلة تشيعه، قد ورد مثله في روايات أخرى صحيحة أيضا: ففي الرياض والاكتفاء عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليها عليا... أخرجه الترمذي في جامعه وقال: حسن غريب. وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه. قلت: وقال أبو يعلى في مسنده: نا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين. فذكره به نحوه. وقال النسائي في خصائصه: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به. وقال أحمد: ثنا عبد الرزاق وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق قالا: ثنا جعفر بن سليمان فذكره به. وفيه: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرابع - وقد تغير

ص 265

وجهه - فقال: دعوا عليا، دعوا عليا، دعوا عليا، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. وقال الترمذي: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به. قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان. قلت: هو من زهاد الشيعة، ثقة، كثير العلم، إحتج به البخاري في الأدب، ومسلم، والأربعة، وصحح له الترمذي، فتحسينه له هذا غريب. وقد حدث عنه: سفيان الثوري - مع تقدمه - وابن المبارك، وسيار بن حاتم، وقتيبة، ومسدد، ويحيى بن يحيى، وابن مهدي وابن المديني وهما لا يحدثان إلا عن ثقة، وعبد الرزاق وقال: رأيته فاضلا حسن الهدى، وأهل صنعاء، وأهل العراق، وخلق. وقال أحمد: لا بأس به. وقال ابن معين: ثقة، كان يحيى بن سعيد يستضعفه - أي: وهو منه غير مقبول - وقلده ابن سعد فقال: كان ثقة به ضعف. وكأن استضعاف يحيى لتشيعه قال ابن حبان في كتاب الثقات: كان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره، ولهذه العلة تركنا حديث جماعة ممن كانوا ينتحلون البدعة ويدعون إليها وإن كانوا ثقات، فاحتججنا بأقوام ثقات انتحالهم سوء، غير أنهم لم يكونوا يدعون إليها، وانتحال العبد بينه وبين ربه، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا. إنتهى. وقد ذكر قوله في ترجمة عبد الملك. وتقدم في المقدمة في مرسل الحسن كلام الخطيب في هذا الباب. وقال ابن عدي: هو حسن الحديث، معروف بالتشيع وجمع الرقائق، جالس زهاد البصرة فحفظ عنهم. وقد روى أيضا في فضل الشيخين، وهو

ص 266

عندي ممن يجب أن ينقل حديث. إنتهى. وقال الذهبي: كان شيعيا صدوقا. ويزيد عابد ثقة، وقال ابن حجر: وهم من لينه، احتج به الأئمة الستة. وكذا مطرف. وقد صرح الحافظ ابن حجر في الإصابة بأن سنده قوي. وعزي إلى الطيالسي، والنسائي في الكبرى، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، والطبراني، والحاكم في مستدركه. وفي جمع الجوامع: أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح، وابن جرير وصححه، ولفظهما: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. وهذه الجملة عند الديلمي في مسند الفردوس عن أبي ذر الغفاري. وللحاكم في مستدركه والضياء في مختارته عن ابن عباس: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبريدة: إن عليا وليكم بعدي فأحب عليا فإنه يفعل ما يؤمر به. وللديلمي عن بريدة مثله. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي. وأخرجه أحمد والنسائي، وعنه الطحاوي في حديث ابن عباس الطويل في خصائص علي بهذا السند، مصرحا بالتحديث في جميعه. وسكت عليه ابن حجر في الإصابة. قال عمر في الاستيعاب: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد، لصحته وثقة نقلته. وكأنه لم يعبأ بتشديد البخاري في قوله وحده في أبي بلج: فيه نظر. وكذا لم يقبله من عاصره ومن تأخر عنه من النقدة المتشددة، منهم أبو حاتم قال: صالح الحديث، لا بأس به. ووثقه النسائي وابن سعد وابن حبان - كما عزي له - واحتج به في صحيحه، والدارقطني والحاكم. وألزما مسلما إخراج حديثه، واحتج به الأربعة. وقال الحاكم: واحتج به مسلم، ولعله في نسخة الصحيح

ص 267

من روايته، وهو بلدي مسلم، فهو أعلم بكتابه. وسبقهم إلى توثيقه من المتقدمين: ابن معين، وحدث عنه إمام النقدة شعبة، وإبراهيم بن المختار، وحاتم بن أبي صغيرة، وحصين بن نمير، وزائدة ابن قدامة، وزهير بن معاوية، والثوري، وسويد بن عبد العزيز، وشعيب بن صفوان، وأبو حمزة السكري، وأبو عوانة، وهشيم، وغيرهم. وعن وهب بن حمزة قال: قدم بريدة من اليمن، وكان خرج مع علي بن أبي طالب، فرأى منه جفوة، فأخذ يذكر عليا وينتقص من حقه، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي يعني عليا. أخرجه الطبراني في الكبير، وذكره المناوي بتغيير يسير وقال: قال الهيثمي: فيه ذكين ذكره أبو حاتم ولم يضعفه أحد وبقية رجاله وثقوا. وعن بريدة - في رواية أخرى - إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم. يا بريدة، أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليكم بعدي. أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وهو صحيح عنده. قال الخطيب: لم أر سواه في معناه. أورده واعتمده جماعة من الأئمة من آخرهم: السبكي والسيوطي، وقد أخرجه ابن أسبوع الأندلسي في الشفاء. كذا في الاكتفاء. وقد وردت هذه اللفظة في أحاديث جماعة من الصحابة بطرق كثيرة ضعيفة، يتقوى مجموعها، لكن لا حاجة إليها بعد هذه الروايات الثابتات. وممن جزم بورودها من جهابذة المتأخرين: الحافظ ابن حجر في الإصابة، والحافظ الفاسي في العقد الثمين. في آخرين. فقيلة صاحب القرة: - إن زيادة وهو وليكم بعدي ونحوها موضوعه،

ص 268

ومن تغييرات الشيعة - شيء عجاب عند أولي الألباب، مع ذكره لها قبل خمسين ورقة في أجوبة الطوسي، من حديث الترمذي المذكور، وقد صرح الترمذي بحسنه وهو صحيح على شرطه. وكتابه من كتب كان مؤلفوها - كما قال صاحب القرة في الحجة - معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول. إلى آخر ما قال. نسأل الله العافية (1). ترجمة حسن زمان وهذا الشيخ معاصر للسيد صاحب العبقات، وقد وصفه السيد ب‍ الجهبذ المبجل في عصره وأوانه، حسن الزمان، نادرة دهره وحسنة زمانه .

(هامش)

(1) القول المستحسن في فخر الحسن: 214. (*)

ص 269

وثاقة الأجلح ورد القدح فيه بسبب تشيعه

ص 271

قوله لأن في سنده الأجلح وهو شيعي متهم في روايته أقول هذا الكلام مخدوش بوجوه عديدة، ومنقوص بنقوض سديدة: 1 - توثيق يحيى بن معين لقد وثقه إمام المنقدين يحيى بن معين، قال المزي: قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ثقة (1) وقال ابن حجر: قال ابن معين: صالح وقال مرة: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس (2). ترجمة يحيى بن معين ولنذكر بعض الكلمات في مناقب يحيى بن معين ومحامده، لئلا يرتاب في سقوط التشكيك في وثاقة الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين له:

(هامش)

(1) تهذيب الكمال بترجمة الأجلح 31 / 549. (2) تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح 1 / 166. (*)

ص 272

قال السمعاني: أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام المري، مرة غطفان، من أهل بغداد. كان إماما ربانيا عالما حافظا ثبتا متقنا، مرجوعا إليه في الجرح والتعديل... روى عنه من رفقائه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبو داود السجستاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم. وانتهى علم العلماء إليه، حتى قال أحمد بن حنبل: هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر كذب الكذابين. يعني: يحيى بن معين. وقال علي بن المديني: لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين. قال أبو حاتم الرازي: إذا رأيت البغدادي يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة. وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب. وكانت ولادته في خلافة أبي جعفر سنة 158 في آخرها... ومات لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة 233 (1). وقد فصلنا الكلام في ترجمة يحيى بن معين في مجلد (حديث مدينة العلم). 2 - توثيق أحمد بن حنبل وقال أحمد بن حنبل في توثيق الأجلح: ما أقرب الأجلح من فطر بن الخليفة روى ذلك: المزي، وابن حجر العسقلاني. بترجمة الأجلح، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه (2). ولا ريب في أن فطر بن خليفة ثقة عند أحمد بن حنبل... قال

(هامش)

(1) الأنساب - المري 12 / 216 - 217. (2) تهذيب الكمال 2 / 277 تهذيب التهذيب 1 / 166. (*)

ص 273

الذهبي: فطر بن خليفة المخزومي، مولاهم، الحناط، عن: أبي الطفيل، وعطاء الشيبي، ومولاه عمرو بن حريث الصحابي، وعن مجاهد، والشعبي، وخلق. وعنه: القطان، ويحيى بن آدم، وقبيصة. وخلق. له نحو ستين حديثا، وهو شيعي جلد صدوق، وثقه أحمد وابن معين. مات سنة 153 (1). وقال ابن حجر: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة صالح الحديث (2). فيكون الأجلح ثقة عند أحمد بن حنبل. 3 - توثيق الفلاس وهو عند عمرو بن علي الفلاس مستقيم الحديث، صدوق، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني بترجمته: وقال عمرو بن علي: مات سنة 145 أول السنة، وهو رجل من بجيلة، مستقيم الحديث، صدوق. قلت: ليس هو من بجيلة (3). ترجمة الفلاس والفلاس من أكابر أئمة المسلمين الأعلام، وهذه نبذة من كلماتهم بترجمته: 1 - السمعاني: أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن الكنيز السقا الفلاس

(هامش)

(1) الكاشف 2 / 332 ترجمة فطر. (2) تهذيب التهذيب 8 / 271 ترجمة فطر. (3) تهذيب التهذيب 1 / 166. (*)

ص 274

- ذكرته في الفاء - كان أحد أئمة المسلمين، من أهل البصرة، قدم أصبهان سنة ست عشرة وأربع وعشرين، وست وثلاثين ومائتين، وحدث بها. روى عنه: عفان بن مسلم، وسئل أبو زرعة الرازي عنه فقال: ذاك من فرسان الحديث. وقال حجاج بن الشاعر: لا يبالي أن يأخذ من عمرو بن علي من حفظه أو من كتابه. وكان أبو مسعود الرازي يقول: لا أعلم أحدا قدم هاهنا أتقن من أبي حفص (1). 2 - الذهبي: الحافظ الإمام الثبت، أبو حفص، الباهلي البصري الصيرفي، الفلاس، أحد الأعلام. مولده بعد الستين ومائة. سمع: يزيد زريع، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وسفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر وأتقن، وجود وأحسن. حدث عنه: الستة، والنسائي أيضا بواسطة، وعفان وهو من شيوخه، وأبو زرعة، ومحمد بن جرير، وابن صاعد، والمحاملي، وأبو روق الهزاني، وأمم سواهم. قال النسائي: ثقة حافظ صاحب حديث. وقال أبو حاتم: كان أوثق من علي بن المديني. وقال عباس العنبري: ما تعلمت الحديث إلا منه. وقال حجاج بن شاعر: عمرو بن علي لا يبالي أحدث من حفظه أو من كتابه. وقال أبو زرعة: ذاك من فرسان الحديث، لم نر بالبصرة أحفظ منه ومن ابن المديني والشاذكوني. قال الفلاس: حضرت مجلس حماد بن زيد وأنا صبي وضئ، فأخذ رجل بخدي ففررت فلم أعد. وقال ابن اشكاب: ما رأيت مثل الفلاس، وكان يحسن كل شيء. وعنه قال: ما كنت فلاسا قط (2).

(هامش)

(1) الأنساب 70 / 90. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 487. (*)

ص 275

وترجم له في (سير أعلام النبلاء) فوصفه ب‍ الحافظ الإمام المجود الناقد ثم أورد الكلمات في حقه (1). وكذا في (العبر) بعد أن وصفه ب‍ الحافظ أحد الأعلام (2). 3 - وكذا ترجم له كل من اليافعي (3) وابن حجر (4) والسيوطي (5). 4 - توثيق العجلي ووثقه أحمد بن عبد الله العجلي، فقد ذكر المزي: قال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة (6). وقال ابن حجر: قال العجلي: كوفي ثقة (7). وقال السيوطي بعد تكلم ابن الجوزي في الأجلح: قلت: روى له الأربعة، ووثقه ابن معين والعجلي (8). ترجمة العجلي والعجلي أيضا من كبار الأئمة الحفاظ، المرجوع إليهم في الجرح والتعديل: 1 - السمعاني: أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 11 / 470. (2) العبر - حوادث 249. (3) مرآة الجنان - حوادث 249. (4) تقريب التهذيب 2 / 75. (5) طبقات الحفاظ: 214. (6) تهذيب الكمال 2 / 177. (7) تهذيب التهذيب 1 / 166. (8) اللآلي المصنوعة 1 / 322. (*)

ص 276

العجلي، كوفي الأصل، نشأ ببغداد، وسمع بها وبالكوفة والبصرة... وكان حافظا دينا صالحا، انتقل إلى بلاد المغرب فسكن اطرابلس، وانتشر حديثه هناك. روى عنه ابنه أبو مسلم صالح، وذكر أنه سمع منه في سنة 257. وكان يشبه بأحمد بن حنبل، وكان خروجه إلى المغرب أيام محنة أحمد بن حنبل. وكانت ولادته بالكوفة سنة 182. ومات في سنة 261 وقبره بأعلى الساحل باطرابلس، وقبر ابنه صالح إلى جنبه (1). 2 - الذهبي: العجلي، الإمام الحافظ القدوة... حدث عنه ولده صالح بمصنفه في الجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدل على سعة حفظه. ذكره عباس الدوري فقال: كنا نعده مثل أحمد ويحيى بن معين (2). وكذا في (العبر) وذكر كلمة الدوري (3). وفي (سير أعلام النبلاء) وصفه: الإمام الحافظ الناقد الأوحد الزاهد وذكر كتابه في الجرح والتعديل ومدحه، ثم ذكر بعض الكلمات في حق العجلي والثناء عليه من الأكابر (4). 5 - توثيق الفسوي ووثقه يعقوب بن سفيان الفسوي بصراحة وإن ناقض نفسه فلين حديثه قال ابن حجر: قال يعقوب بن سفيان: ثقة حديثه لين (5).

(هامش)

(1) الأنساب - الأطرابلسي 1 / 304. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 560 / 582. (3) العبر - حوادث 261. (4) سير أعلام النبلاء 12 / 505. (5) تهذيب التهذيب 1 / 166 ترجمة الأجلح. (*)

ص 277

ترجمة الفسوي والفسوي من أكابر الأئمة المعتمدين لدى القوم: 1 - السمعاني: الفسوي. بفتح الفاء والسين، وهذه النسبة إلى فسا، وهي بلدة من بلاد فارس، خرج منها جماعة من العلماء والرحالين، منهم: أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي. كان من الأئمة الكبار، ممن جمع ورحل من الشرق إلى الغرب، وصنف وأكثر، مع الورع والنسك والصلابة في السنة. رحل إلى: العراق، والحجاز، والشام، والجزائر، وديار مصر. وكتب عن عبيد الله بن موسى. روى عنه: أبو محمد ابن درستويه النحوي. مات في رجب الثالث والعشرون منه، من سنة 277 (1). 2 - الذهبي: الفسوي الحافظ الإمام الحجة... عنه: الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وابن أبي حاتم، ومحمد بن حمزة بن عمار، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وآخرون. وبقي في الرحلة ثلاثين سنة. قال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا من نبلاء الرجال يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله... وقيل: كان يتكلم في عثمان - رضي الله عنه - ولم يصح (2). وفي (العبر): الإمام يعقوب بن سفيان الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ (3).

(هامش)

(1) الأنساب - الفسوي 9 / 305. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 582. (3) العبر - حوادث 277. (*)

ص 278

وفي سير أعلام النبلاء): الفسوي الإمام الحافظ الحجة الرحال، محدث إقليم فارس... (1). 6 - توثيق ابن عدي ووصفه ابن عدي صاحب (الكامل) الكتاب الشهير في الجرح والتعديل، بالصدق، والاستقامة في الحديث، وأضاف أنه لم ير له حديثا منكرا مطلقا... فقد قال المزي بترجمة الأجلح: قال أحمد بن عدي: له أحاديث صالحة، يوري عنه الكوفيون وغيرهم، فلم أجد له حديثا منكرا متجاوزا للحد لا إسنادا ولا متنا، إلا أنه يعد في شيعة الكوفة وهو عندي مستقيم الحديث (2). وقال ابن حجر: قال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ويروي عنه الكوفيون وغيرهم، ولم أر له حديثنا منكرا مجاوزا للحد لا إسنادا ولا متنا، إلا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: إنه ما سب أبا بكر وعمر أحد إلا مات قتلا أو فقرا (3). ترجمة ابن عدي وابن عدي من أئمة أهل الجرح والتعديل المرجوع إليهم عندهم: 1 - الذهبي: ابن عدي، الإمام الحافظ الكبير، أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني، ويعرف أيضا بابن القطان، صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل، كان أحد الأعلام...

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 180. (2) تهذيب الكمال 2 / 278. (3) تهذيب التهذيب 1 / 166. (*)

ص 279

عنه: أبو العباس ابن عقدة شيخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبد كويه، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو الحسين أحمد بن العالي، وآخرون. وهو المصنف في الكلام على الرجال، عارف بالعلل. قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتابا في الضعفاء. فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى. فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه. قلت: قد صنف ابن عدي على أبواب مختصر المزني كتابا سماه الانتصار. قال حمزة السهمي: كان حافظا متقنا لم يكن في زمانه أحد مثله، تفرد برواية أحاديث، وهب منها لابنيه عدي وأبي زرعة، وتفردا بها عنه. قال الخليلي: كان عديم النظير حفظا وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ أيهما أحفظ؟ ابن عدي؟ ابن عدي أو ابن قانع فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي ابن قانع. قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحدا مثل أحمد الحاكم، وقد قال لي كان حفظ هؤلاء تكلفا وحفظ ابن عدي طبعا. زاد معجمه على ألف شيخ. قال حمزة بن يوسف: توفي أبو أحمد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين، وصلى عليه الإمام أبو بكر الإسماعيلي (1). 2 - ابن الأثير: فيها توفي أبو أحمد ابن عدي الجرجاني، في جمادى

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 3 / 940. (*)

ص 280

الآخرة، وهو إمام مشهور (1). 3 - اليافعي: فيها الحافظ الكبير أبو أحمد، عبد الله بن محمد القطان الجرجاني، مصنف الكامل في الجرح (2). 4 - السيوطي: ابن عدي، الإمام الحافظ الكبير... صاحب الكامل في الجرح والتعديل، أحد الأعلام... (3). 5 - المناوي: هو أبو أحمد عبد الله الجرجاني، أحد الحفاظ الأعيان الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد وواصلوا السهاد وقطعوا المعتاد طالبين للعلم، روى عن الجمحي وغيره. وعنه: أبو حامد الإسفرايني، وأبو سعيد الماليني. قال البيهقي: حافظ متقن لم يكن في زمنه مثله. وقال ابن عساكر: ثقة على لحن فيه. مات سنة 365 عن ثمان وثمانين. وفي كتاب الكامل، الذي ألفه في معرفة الضعفاء، وهو أصل من الأصول المعول عليها والمرجوع إليها، طابق اسمه معناه، ووافق لفظه فحواه، من عينه انتجع المنتجعون، وبشهادته حكم الحاكمون، وإلى ما قاله رجع المتقدمون والمتأخرون (4). 7 - تصحيح الحاكم حديثه وتأكيده ذلك وقال الحاكم: حدثنا أحمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ أبو المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى القطان، عن الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: كنت

(هامش)

(1) الكامل في التاريخ - حوادث سنة 355. (2) مرآة الجنان - حوادث سنة 355. (3) طبقات الحفاظ 380. (4) فيض القدير - شرح الجامع الصغير - بيان رموز الكتاب 1 / 29. (*)

ص 281

جالسا عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إن ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليا - رضي الله عنه - يختصمون إليه في ولد وقعوا على مرأة في طهر واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا ثم قال للاثنين: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا. ثم قال: أنتم متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم، فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى بدت أضراسه - أو قال: نواجذه -. قد اتفق الشيخان على ترك الاحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكندي، وإنما نقما عليه حديثا واحدا لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذا صحيح ولم يخرجاه (1). وقال الحاكم: أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل، محمد بن أيوب أنا إبراهيم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، ثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: بينا أنا عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن، فجعل يحدث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ويخبره، فقال: يا رسول الله أتى عليا - رضي الله عنه - ثلاثة نفر يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين: طيبا نفسا بهذا الولد. ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع له فله الولد وعليه ثلث الدية لصاحبيه، فأقرع بينهم، فقرع لأحدهم فدفع إليه الولد. فضحك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى بدت نواجذه - أو قال أضراسه -. حدثنا علي بن جمشاد، ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الأجلح بهذا. وزاد فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أعلم فيها إلا ما قال علي.

(هامش)

(1) المستدرك على الصحيحين 2 / 207. (*)

ص 282

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقد زاد الحديث تأكيدا برواية ابن عيينة، وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته (1). وقال الحاكم: أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا الأجلح، عن الشعبي عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم: إن عليا بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون ولدا، كل واحد يزعم أنه ابنه، قال: فخلا باثنين فقال: أتطيبان نفسا لهذا الباقي؟ قالا: لا. وخلا باثنين فقال لهما مثل ذلك، فقالا: لا. فقال: أراكم شركاء متشاكسين وأنا مقرع بينكم، فأقرع بينهم، فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الدية للباقيين. قال: فذكر ذلك لرسول الله فضحك حتى بدت نواجذه. قد أعرض الشيخان عن الأجلح بن عبد الله الكندي وليس في رواياته بالمتروك، فإن الذي ينقم عليه مذهبه مذهبه (2). 8 - ابن حجر: صدوق وقال ابن حجر العسقلاني: أجلح بن عبد الله بن حجية - بالمهملة والجيم مصغرا - يكنى أبا حجية الكندي، يقال اسمه: يحيى. صدوق شيعي، من السابعة. مات سنة 45 (3). فهو عند ابن حجر صدوق ومن الطبقة السابعة، أي في طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما ذكر في أول الكتاب في بيان الطبقات.

(هامش)

(1) المستدرك 3 / 135 كتاب معرفة الصحابة. (2) المستدرك 4 / 96 كتاب الأحكام. (3) تقريب التهذيب 1 / 49. (*)

ص 283

9 - إنه من رجال الكتب الأربعة والأجلح من رجال: صحيح أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، وصحيح ابن ماجة. كما في الرمز الموضوع على اسمه في (تهذيب التهذيب) و(تقريب التهذيب) وغيرهما. وقال السيوطي: روى له الأربعة . وقد صرح أكابر القوم بأن رجال الكتب الصحاح معدلون ومزكون، وكلهم من أهل التقوى والديانة... 10 - رواية الأئمة عنه وقد روى عنه أيضا كبار الأئمة الأعلام، كشعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأضرابهم... قال ابن حجر: وعنه: شعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأبو أسامة، ويحيى القطان، وجعفر بن عون، وغيرهم (1). ورواية الثقة العدل عن رجل توثيق للمروي عنه وتعديل له... وبهذا الأسلوب أراد ابن حجر المكي إثبات فضيلة لمعاوية، وهذه عبارته في ذكر فضائله المزعومة: منها: إنه حاز شرف الأخذ عن أكابر الصحابة والتابعين له، وشرف أخذ كثيرين من أجلاء الصحابة والتابعين عنه... فتأمل هؤلاء الأئمة أئمة الإسلام الذين رووا عنه تعلم أنه كان مجتهدا أي مجتهد، وفقيها أي فقيه (2).

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 1 / 165. (2) تطهير الجنان واللسان: 33 هامش الصواعق المحرقة. (*)

ص 284

فهكذا يكون رواية شعبة والثوري وأمثالهما عن الأجلح دليلا على ثبوت إمامة الأجلح وجلالته. وقال الذهبي بترجمة أبي العباس العذري أحمد بن عمر الأندلسي المتوفى سنة 478: ومن جلالته: أن إمامي الأندلس - ابن عبد البر، وابن حزم - رويا عنه (1). ومثله قول المقري المالكي بترجمة أبي الوليد الباجي حيث قال: ومما يفتخر به أنه روى عنه حافظا المغرب والمشرق: أبو عمرو بن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي، وناهيك بهما... (2). هذا، وقد صرح ابن قيم الجوزية: بأن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له، هو أحد القولين في المسألة، وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل... فإنه قال بعد كلام له: هذا، مع أن أحد القولين: أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له وإن لم يصرح بالتعديل، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد (3). 11 - رواية شعبة عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة إنه قد عرفت من كلام العسقلاني أن من الرواة عن الأجلح: شبعة بن الحجاج... وقد ذكر القوم أن شعبة كان لا يروي إلا عن ثقة، حتى أن السبكي صحح حديث من زار قبري وجبت له شفاعتي متمسكا بقول خصمه ابن تيمية بأن جماعة ذكرهم - وفيهم شعبة - لا يروون إلا عن ثقة... قال السبكي:

(هامش)

(1) العبر - حوادث 478 (2) نفح الطيب 2 / 281 ترجمة أبي الوليد الباجي. (3) زاد المعاد في هدي خير العباد 5 / 475. (*)

ص 285

وموسى بن هلال، قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وأما قول أبي حاتم الرازي فيه: إنه مجهول فلا يضره، فإنه إما أن يريد جهالة العين أو جهالة الوصف، فإن أراد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإطلاق - فذلك مرتفع عنه، لأنه قد روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن جابر المحاربي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعبيد بن محمد الرزاق، والفضل بن سهل، وجعفر بن محمد المروزي، وبرواية الاثنين تنتفي جهالة العين، فكيف رواية سبعة. وإن أراد جهالة الوصف، فرواية أحمد يرفع من شأنه، لا سيما ما قاله ابن عدي فيه، وممن ذكره من مشايخ أحمد: أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو إسحاق الصريفيني. وأحمد - رحمه الله - لم يكن يروي إلا عن ثقة، وقد صرح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنفه في الرد على البكري بعد عشر كراريس منه، قال: إن القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم: من لم يرو إلا عن ثقة عنده، كمالك وشبعة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد ابن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله... (1). فمن هذا الكلام الذي احتج به السبكي - لتوثيق موسى بن هلال - يظهر بكل وضوح وثاقة الأجلح أيضا، لكونه من مشايخ شبعة، وهو لا يروي إلا عن ثقة. 12 - رواية أحمد عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة وأيضا، فإنه من مشايخ أحمد بن حنبل في (المسند)، بل لقد روى فيه

(هامش)

(1) شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام. الحديث الأول من الباب الأول 9 - 10. (*)

ص 286

حديث الولاية عن طريقه فقال كما سمعت سابقا: ثنا ابن نمير، حدثني أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثين إلى اليمن... . وهذا، وأحمد لم يخرج في المسند إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، كما قال أبو موسى المديني، فيما نقله عنه السبكي في (طبقاته) كما سمعت سابقا فقال: قال أبو موسى المديني: ولم يخرج في المسند إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته... قال أبو موسى: ومن الدليل على إن ما أودعه الإمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا، ولم يورد فيه إلا ما صح سنده: ما أخبرنا أبو علي الحداد قال: أنا أبو نعيم وأنا أبو الحسين وأنا ابن المذهب قالوا: أنا القطيعي، ثنا عبد الله قال: حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم. قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث، فإنه خلاف الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. يعني قوله: اسمعوا وأطيعوا. وهذا - مع ثقة رجال إسناده، حين شذ لفظه عن الأحاديث المشاهير - أمر الضرب عليه، فكان دليلا على ما قلناه . 13 - روى عنه النسائي وشرطه أشد من شرط الشيخين وأيضا، فقد أخرج عنه النسائي في صحيحه كما في (تهذيب التهذيب) و(تقريب التهذيب) وغيرهما، وكما عرفت من عبارة السيوطي في (اللألي المصنوعة). وللنسائي شرط في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم: قال الذهبي: قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل،

ص 287

فوثقه، فقلت: قد ضعفه النسائي! فقال: يا بني، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم (1). ونقله السبكي في (طبقاته) والصفدي في (وفياته) بترجمة النسائي في (فيض القدير). وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في (النكت على علوم ابن الصلاح) في بيان أن النسائي لا يخرج عمن أجمعوا على تركه. قال: فكم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي، وتجنب النسائي إخراج حديث، بل قد تجنب إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين، حتى قال بعض الحفاظ: إن شرطه في الرجال أقوى من شرطهما . ترجمة سعد الزنجاني وسعد بن علي الزنجاني - الذي نقلوا عنه ذلك - من كبار الحفاظ ومشاهير المنقدين: 1 - السمعاني: أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني، شيخ الحرم في عصره، كان جليل القدر، عالما زاهدا، كان الناس يتبركون به حتى قال حاسده لأمير مكة: إن الناس يقبلون يد الزنجاني أكثر مما يقبلون الحجر الأسود... توفي بمكة سنة 470 (2). 2 - الذهبي: الزنجاني، الإمام الثبت الحافظ القدوة... قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخنا يقول: كان جدك أبو المظفر عزم أن يجاور بمكة في صحبة سعد الإمام، فرأى ليلة والدته كأنها كشفت رأسها تقول: يا بني بحقي عليك إلا رجعت إلى مرو فإني لا أطيق فراقك، فانتبهت مغموما وقلت:

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 2 / 700 ترجمة النسائي. (2) الأنساب - الزنجاني 6 / 307. (*)

ص 288

أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزحام أن أكلمه، فلما قام تبعته، فالتفت إلي وقال: يا أبا المظفر العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنه تكلم على ضميري، فرجعت تلك السنة. وكان حافظا متقنا ورعا كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات... وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود. ابن طاهر - مما سمعه السلفي منه -: سمعت الحبال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره. وسمعت أن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك. وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني... (1). 14 - من أسامي أئمة الحديث الشيعة إن التشيع في كبار أئمة الحديث كثير شائع، فلو كان التشيع قادحا لزم طرح أخبار جميعهم... قال ابن قتيبة: الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة ابن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطية العوفي، وطاووس، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو صادق، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وسالم بن أبي الجعد، وإبراهيم النخعي، وحبة بن جوين، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفطر بن خليفة، والحسن بن صالح بن حي، وشريك، وأبو إسرائيل الملائي، ومحمد بن فضيل، ووكيع، وحميد الرواسي، وزيد بن الحباب، والفضيل بن دكين، والمسعودي الأصغر، وعبيد الله بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن داود، وهشيم، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وجعفر الضبيعي، ويحيى

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 3 / 1174. (*)

ص 289

ابن سعيد القطان، وابن لهيعة، وهشام بن عمار، والمغيرة صاحب إبراهيم، ومعروف بن خربوذ، وعبد الرزاق، ومعمر، وعلي بن الجعد (1). فإذا كان إبراهيم بن النخعي، وسفيان الثوري، وشعبة، وشريك، ويحيى بن سعيد القطان... وأمثالهم... شيعة... فليكن الأجلح شيعيا مثلهم... وليس التشيع بقادح... وإلا اتسع الفتق على الراقع، وظهر فساد عظيم ليس له دافع. 15 - تصريح الذهبي بوجوب قبول رواية الشيعي هذا، وقد صرح الذهبي بأن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، وأنه لو ذهب حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة... قال ذلك بترجمة أبان بن تغلب الكوفي: أبان بن تغلب الكوفي. شيعي جلد لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال: كان غاليا. وقال [السعدي] الجوزجاني: زائغ مجاهر. فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحد الثقة: العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟ وجوابه: إن البدعة على ضربين فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك. فهذا النوع لا يحتج به ولا كرامة

(هامش)

(1) المعارف: 624. (*)

ص 290

وأيضا فما استحضر الآن رجلا صادقا ولا مأمونا، بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم (1). وعليه، فلو كان في الأجلح تشيع، فإنه لا يوجب طرح حديثه، وإلا لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة... 16 - نسبة السيوطي ما قاله الذهبي إلى أئمة الحديث والحافظ السيوطي ينص على أن هذا الذي نقلناه عن الذهبي هو قول أئمة الحديث، وهذه عبارته في رسالته (إلقام الحجر فيمن زكى ساب أبي بكر وعمر): قال أئمة الحديث - وآخرهم الذهبي في ميزانه - البدعة على ضربين: صغرى كالتشيع، وهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق، ولا يرد حديثهم . وقد ذكر السيوطي هذا المطلب في (تدريب الراوي) أيضا (2). فالطعن في الأجلح بسبب التشيع - هذا الأمر الكثير وجوده في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق، وليس بقادح لدى أئمة الحديث - غريب جدا!! 17 - جرح المخالف في الاعتقاد غير مقبول وقال الحافظ ابن حجر: فصل: وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد،

(هامش)

(1) ميزان الاعتدال 1 / 5. (2) تذريب الراوي - شرح تقريب النواوي 1 / 326. (*)

ص 291

فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدة انحرافه في النصب، وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه، فوثق رجلا ضعفه، قبل التوثيق (1). ففي هذه العبارة تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التشيع، فكذلك الأجلح، لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بسبب التشيع... 18 - التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة وقال ابن حجر في معنى التشيع ما نصه: التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيع، ويطلق عليه رافضي وإلا فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو (2). فعلى هذا: إذا كان الأجلح شيعيا فهو ليس إلا محبا لأمير المؤمنين ومقدما له على الصحابة سوى الشيخين، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنة أبدا، إلا إذا اختاروا مذهب النواصب والخوارج... 19 - المقبلي: التشيع ما يسع منصفا الخروج عنه وقال صالح بن مهدي المقبلي في كتابه (العلم الشامخ): والواجب على المتدين اطراح التحرب، والتكلم بما يعلم، نصيحة لله ورسوله

(هامش)

(1) لسان الميزان 1 / 16. (2) مقدمة فتح الباري: 460. (*)

ص 292

وللمسلمين، وتراهم سووا بين الثريا والثرى، وقرنوا الطلقاء بالسابقين الأولين، والعجب من المحدثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده: معاوية حليم. فقال: ليس بحليم من سفه الحق وحارب عليا. وبقوله - وقد قيل له: ألا تزور أخاك فلانا؟ فقال: - ليس بأخ لي من أزرأ على علي وعمار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين الأمرين. ثم لم ترهم يبالون بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم، وتراهم يتكلمون في وكيع وأضرابه من تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا، يقولون يتشيع، وتشيعه إنما هو بمثل ما ذكرنا من شريك، فإن كان التشيع إنما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه. وعلى الجملة، فالشيعة المفرطة غلوا قطعا، وأراد المحدثون - وسائر من سمى نفسه بالسنية - رد بدعتهم، فابتدعوا في الجانب الآخر، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع (1). وعليه، فالأجلح إذا كان شيعيا كان بمثل وكيع والأعمش، لا يقدح فيه التشيع، بل جرحه بهذا السبب يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة. 20 - لو كان الأجلح شيعيا غليظا لما رووا عنه وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق (2) في (تيسير القاري بشرح صحيح البخاري) في شرح حديث البخاري: حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا شعبة قال: حدثني عدي بن ثابت قال: سمعت البراء قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - أو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم -: الأنصار

(هامش)

(1) العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ: 22. (2) هو: الشيخ العالم الفقيه المفتي نور الحق بن محب الله بن نور الله بن المفتي نور الحق بن عبد الحق البخاري الدهلوي أحد العلماء المشهورين... نزهة الخواطر 6 / 389. (*)

ص 293

لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (1). قال: قال القسطلاني: عدي بن ثابت ثقة، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة، روى عنه شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقبوه ب‍ أمير المؤمنين في الحديث . ومن هنا يعلم أن مذهب الشيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزمان على هذا الفساد والفضيحة كما عند متأخريهم، فقد قيل: أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أن يحبوا عليا أمير المؤمنين أكثر من حبهم لغيره من الأئمة، وأنهم لم يكونوا يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقوله أهل السنة، وإلا فأي معنى لنصبهم السني الخالص قاضيا لهم وإماما في مسجدهم. ولو قيل: لعل عدي بن ثابت أيضا كان يرى هذا المذهب الغليظ، كان احتمالا باطلا وظنا فاسدا، فإن شعبة - الذي هو قدوة أهل السنة وشيخ شيوخ البخاري، ويلقبه المحدثون بأمير المؤمنين - يروي حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلا! . ففي هذا الكلام تصريح بأن الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعي غليظ وإلا لما روى عنه أئمة السنة، غاية ما هنالك أن يكون حال الأجلح حال عدي بن ثابت بناء على ما ذكر، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه، كذلك حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به. 21 - كان النسائي يتشيع ومما يدل على أن التشيع ليس بقادح قولهم في ترجمة النسائي: كان

(هامش)

(1) تيسير القاري بشرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب حب الأنصار من الايمان. (*)

ص 294

يتشيع ، مع أن النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان... فممن قال بترجمته كان يتشيع هو ابن خلكان، وهذه عبارته: خرج إلى دمشق ودخل، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله، فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضل! وفي رواية أخرى: ما أعرف له فضيلة إلا: لا أشبع الله بطنك. وكان يتشيع. فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي رواية أخرى: يدفعون في خصيتيه وداسوه، ثم حمل إلى الرملة ومات بها (1). وعلى الجملة، فلو كان التشيع قادحا لما وثقوا النسائي، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستة، ولا وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة... 22 - كان الحاكم شيعيا وكذلك الحاكم النيسابوري... قال الذهبي بترجمته: قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه. قلت: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي (2). فمن كلام الذهبي يعلم أن التشيع غير الرفض، وأنه ليس بقادح في الوثاقة والعدالة، كما أن منه يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين،

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 1 / 77. (2) تذكرة الحفاظ 3 / 1045. (*)

ص 295

فالقدح في الأجلح بأمر يجتمع مع تعظيم الشيخين عجيب وغريب جدا. بل يظهر من عبارة ابن طاهر إمكان اجتماع الرفض مع الوثاقة، فكيف يكون مجرد التشيع جرحا؟ وقد عرفت أن الأجلح لم يتهم بغير التشيع!! 23 - التشيع لا ينافي التسنن وقال (الدهلوي): إعلم أن الشيعة الأولى هم الفرقة السنية التفضيلية، وكانوا يلقبون في السابق بالشيعة، فلما لقب الغلاة والروافض والإسماعيلية أنفسهم بهذا اللقب، وكانوا مصدرا للقبائح والشرور الاعتقادية والعملية نفت الفرقة السنية والتفضيلية هذا اللقب عن نفسها خوفا عن التباس الحق بالباطل ولقبوا بأهل السنة والجماعة. فمن هنا يظهر أن ما قيل في الكتب التاريخية القديمة من: فلان من الشيعة أو من شيعة علي والحال أنه من رؤساء أهل السنة والجماعة صحيح، وفي تاريخ الواقدي والاستيعاب شيء كثير من هذا الجنس، فلينتبه (1). إذن، تشيع الأجلح لا ينافي تسننه، ولا يكون سببا للقدح والجرح والتضعيف. وقد تبع (الدهلوي) في هذه الدعوى تلميذه الرشيد الدهلوي، وكذا المولوي حيدر علي الفيض آبادي في (منتهى الكلام). 24 - إستنكار الأجلح سب الشيخين وقد ذكروا بترجمة الأجلح أنه كان يستنكر سب أبي بكر وعمر... قال الذهبي:

(هامش)

(1) التحفة الاثنا عشرية: 11. (*)

ص 296

أجلح بن عبد الله، أبو حجية الكندي عن الشعبي وعكرمة. وعنه: القطان وابن نمير وخلق. وثقه ابن معين وغيره. وضعفه النسائي. وهو شيعي، مع أنه روى عنه شريك أنه قال: سمعنا أنه ما سب أبا بكر وعمر أحد إلا افتقر أو قتل. مات سنة 145 (1). وقال ابن حجر: وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة. ويروي عنه الكوفيون وغيرهم. ولم أر له حديثا منكرا مجاوزا للحد لا إسنادا ولا متنا، إلا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: سمعنا أنه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلا مات قتيلا أو فقيرا (2). ومن هنا يظهر أن الأجلح سني غال في الشيخين، فكيف يرد حديث هكذا شخص؟ وكيف يرمى بالتشيع ويقدح فيه؟ 25 - في الصحابة رافضة غلاة كأبي الطفيل وقال ابن قتيبة: أسماء الغالية من الرافضة: أبو الطفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موتا، والمختار، وأبو عبد الله الجدلي، وزرارة بن أعين، وجابر الجعفي (3). فلو فرضنا كون الأجلح رافضيا غاليا، فإن حاله يكون حال أبي الطفيل الصحابي (4). أحد مصاديق الآيات والأحاديث الكثيرة - الواردة عند أهل السنة - في حق الصحابة.

(هامش)

(1) الكاشف 1 / 53. (2) تهذيب التهذيب 1 / 166. (3) المعارف: 624. (4) لاحظ ترجمته في: أسد الغابة 3 / 41 و5 / 179، الإصابة 7 / 110 وغيرهما من الكتب المؤلفة في أسماء الصحابة وتراجمهم. (*)

ص 297

26 - قولهم بقبول رواية المبتدع وذهب كثير علماء أهل السنة السلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نص عليه المحققون... فلو فرض كون الأجلح رافضيا وعد من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة... وإليك بعض النصوص الصريحة فيما ذكرناه: قال ابن الصلاح: إختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر ببدعته: فمنهم: من رد روايتهم مطلقا، لأنه فاسق ببدعته، وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول. ومنهم: من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. وقال قوم: يقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي - رضي الله عنه - خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعة، وقال: أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم ابن حبان البستي أحد المصنفين من أئمة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافا. وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، وفي الصحيحين

ص 298

كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول، والله أعلم (1). وقال النووي بعد إيراد الأقوال المذكورة: ... في الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الاحتجاج بكثير من المبتدعين غير الدعاة، ولم يزل السلف والخلف على قبول الرواية منهم والاحتجاج بها، والسماع منهم وإسماعهم، من غير إنكار منهم. والله أعلم (2). وقال الزين العراقي: والقول الثالث: أنه إن كان داعية إلى بدعته لم يقبل، وإن لم يكن داعية قبل، وإليه ذهب أحمد كما قاله الخطيب. قال ابن الصلاح: وهذا مذهب الكثير أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها... وفي الصحيحين كثير من أحاديث المبتدعة غير الدعاة احتجاجا واستشهادا، كعمران بن حطان وداود بن الحصين وغيرهما. وفي تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة محمد بن يعقوب الأصم: إن كتاب مسلم ملآن من الشيعة (3). ومثل هذه كلمات غيرهم... 27 - من أسماء المبتدعة في الصحيحين وقال السيوطي: فائدة - أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما... فذكر أسماء طائفة ممن رمي بالإرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار. وممن رمي بالنصب وهو بغض علي وتقديم غيره عليه. وممن رمي بالتشيع وهو تقديم علي على الصحابة. وممن رمي بالقدر وهو زعم أن الشر من خلق العبد. وممن رمي برأي ابن أبي جهم وهو نفي صفات الله والقول بحق القرآن. والأباضية وهم

(هامش)

(1) علوم الحديث: 230. (2) المنهاج في شرح صحيح مسلم 1 / 61. (3) شرح ألفية الحديث 1 / 303. (*)

ص 299

الخوارج، وممن رمي بالوقف في مسألة خلق القرآن. ومن الذين يرون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك. قال: فهؤلاء المبتدعة ممن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما (1). فإذا كان رواية كل هؤلاء مقبولة فرواية الأجلح كذلك! 28 - قبول بعضهم رواية المبتدع الداعي بل نص جماعة منهم على قبول رواية المبتدع الداعي، وقد دافع ابن الوزير في (الروض الباسم) عن هذا القول، وهو ظاهر كلام الشافعي المتقدم نقله، فإنه لم يفرق بين الداعية وغيره، بل نصوا على إخراج الشيخين عن بعض الدعاة، فاحتج البخاري بعمران بن حطان وهو من الدعاة، واحتجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وكان داعيا إلى الإرجاء! بل عن أبي داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج! (2) قوله: وقد ضعفه الجمهور أقول هذا كذب وزور، فإنه لم يضعفه إلا شرذمة من المتعصبين، ونحن ننقل كلمة كل واحد منهم عن (تهذيب التهذيب) (3) وننظر فيها:

(هامش)

(1) تدريب الراوي 1 / 328 - 329. (2) تدريب الراوي 1 / 326. (3) تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح 1 / 165. (*)

ص 300

النظر في كلمات القادحين في الأجلح

 * ففيه: قال القطان: في نفسي منه شيء. وقال أيضا: ما كان يفصل بين الحسين بن علي وعلي بن الحسين. يعني: إنه ما كان بالحافظ . أقول: إن القطان هو يحيى بن سعيد، وقد نص ابن حجر في (تهذيب التهذيب) على روايته عن الأجلح فيمن روى عنه، وفي (شفاء الأسقام) للسبكي) عن ابن تيمية: إن القطان لا يروي إلا عن ثقة... فيكون قوله: في نفسي منه شيء مردودا بروايته هو عنه! على أن القطان قد تفوه بكل وقاحة وصلافة بهذه الكلمة بحق الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام! فمن بلغ في سوء الأدب وظلمة القلب هذا الحد كيف يعتني بتقوله في حق الأجلح؟! وأما أنه ما كان يفصل... فهذا - إن كان - ليس بقادح، لأن أهل السنة غير قائلين بوجوب معرفة الأئمة عليهم السلام، بل إن عدم فصله بين الإمام الحسين والإمام السجاد - عليهما السلام - وجهله بهما يدل على عدم اعتنائه بأئمة أهل البيت، فلا يكون متهما في روايته منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام. وأما دلالته على أنه ما كان بالحافظ فيرده تصريح الأئمة بأن الخطأ في بعض المواضع لا يوجب السقوط عن الاعتبار، ولا يدل على عدم الحفظ، قال الذهبي: ليس من شرط الثقة أن لا يخطي ولا يغلط ولا يسهو (1). وقال بجواب العقيلي: وأنا اشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه؟ بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته وأدل على

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 233 ترجمة أبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني.

ص 301

اعتنائه بعلم الأثر وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها. اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشيء فيعرف ذلك... ثم ما كل من فيه بدعة أو له هفوة، أو ذنوب، يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ... (1). وقال ابن القيم: إنما يعرف تضعيف قيس عن يحيى، وذكر سبب تضعيفه، فقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: سألت يحيى عن قيس بن الربيع فقال: ضعيف لا يكتب حديثه، كان يحدث بالحديث عن عبيدة، وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب رد حديث الراوي، لأن غاية ذلك أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومن الذي يسلم من هذا من المحدثين؟ (2). وقال ابن حجر: فصل: قال ابن المبارك: من ذا يسلم من الوهم؟ وقال ابن معين: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب. قلت: وهذا أيضا مما ينبغي أن يتوقف فيه، فإذا جرح الرجل بكونه أخطأ في الحديث أو وهم أو تفرد، لا يكون ذلك جرحا مستقرا، ولا يرد به حديثه، ومثل هذا إذا ضعف الرجل في سماعه في بعض شيوخه خاصة، فلا ينبغي أن يرد حديثه كله لكونه ضعيفا في ذلك الشيخ... (3). * وفي (تهذيب التهذيب): قال أحمد: أجلح ومجالد متقاربان في الحديث، وقد روى الأجلح غير حديث منكر . لكن الأجلح من رجال (مسند أحمد) وروايته فيه عن رجل دليل على وثاقته عنده، لما ذكر ابن المديني من أن أحمد لم يرو في المسند إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته.

(هامش)

(1) ميزان الاعتدال 3 / 140 - 141. ترجمة علي بن المديني. (2) زاد المعاد 1 / 279. (3) لسان الميزان 1 / 17 - 18. (*)

ص 302

وأما قوله: قد روى الأجلح غير حديث منكر فلا يدل على قدح، لأن العلماء إذا قالوا: حديث منكر أرادوا تفرد راويه الثقة به، قال النووي: إنهم يطلقون المنكر على انفراد الثقة بحديث، وهذا ليس بمنكر مردود (1). * وفيه: قال أبو حاتم ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به . لكن أبو حاتم لا يعبأ بكلامه في جرح الرجال... قال الذهبي: إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث، وإذا لين رجلا أو قال فيه: لا يحتج به، فتوقف، حتى ترى ما قال غيره، فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال الصحاح: ليس بحجة، ليس بقوي (2). * وفيه: قال النسائي: ضعيف ليس بذاك، وكان له رأي سوء . لكن النسائي أخرج عن الأجلح في (صحيحه) كما عرفت سابقا، وهذا دليل على وثاقته كما في (المرقاة) و(مقدمة فتح الباري) وغيرهما. على أن للنسائي شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم... كما قال الزنجاني... فتضعيفه ليس سببا للقدح والجرح... وأما كان له رأي سوء فإن أراد التشيع فقد عرفت أن لا أساس له، وإن أراد شيئا آخر فلا بد من تقريره حتى يقلع بحذافيره! * وفيه: قال الجوزجاني: مفتر . ولكن الجوزجاني هو المفتري كما ذكروا بترجمته... قال الذهبي: إبراهيم بن يعقوب... وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي - رضي الله عنه -... قد كان النصب مذهبا لأهل دمشق في وقت، كما كان الرفض مذهبا لهم في وقت وهو في دولة بني عبيد، ثم عدم - والحمد لله - النصب وبقي الرفض خفيا

(هامش)

(1) المنهاج 1 / 34. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 260 ترجمة أبي حاتم. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الخامس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب