نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء السادس عشر

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء السادس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 154

وهو وليكم بعدي (1). أقول: أما (أبو القاسم هبة الله بن الحصين) و(أبو علي ابن المذهب) فقد ترجمنا لهم. وكذا (أحمد بن جعفر) وهو القطيعي. وترجمة (عبد الله بن أحمد) فما فوقه، موجودة في الكتاب. فالسند صحيح بلا كلام. * * *

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 42 / 190. (*)

ص 155

* وقال الحافظ ابن عساكر: وأخبرتنا به أم المجتبى العلوية قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى، أنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي، نا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فاستعمل عليهم عليا، قال: فمضى علي في السرية، فأصاب علي جارية، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر، بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه، ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟

ص 156

فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). أقول: أما (أم المجتبى) فهي: فاطمة العلوية بنت ناصر الإصبهانية. توفيت سنة 533. وهي شيخة ابن عساكر والسمعاني. قال السمعاني في مشيخته: امرأة علوية معمرة، كتبت عنها باصبهان، وماتت في سنة 533 (2). وأما (إبراهيم بن منصور) فهو سبط بحرويه، المترجم له في الكتاب. و(أبو بكر بن المقرئ) ترجمنا له كذلك. وسائر الرواة عرفتهم في رواية (أبي يعلى الموصلي)... * * *

(هامش)

(1) تاريخ ابن عساكر 42 / 198 - 199. (2) (*)

ص 157

* وقال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، نا أبو يعلى، نا أبو خيثمة زهير بن حرب، نا أبو الجواب، نا عمار بن زريق، عن الأجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا اجتمعتما فعلي على الناس، وإذا افترقتما فكل واحد منكما على حدة. قال: فلقينا بني زبيد من اليمن، فقاتلناهم، فظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية، واصطفى علي جارية من الفئ، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أن أنال منه. قال: فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الكراهية في وجهه. فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلني، قال: يا بريدة، لا تقع في علي، علي مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي . أقول: هذا من الأسانيد الصحيحة لحديث الولاية: (أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك) و(أبو القاسم إبراهيم بن منصور)

ص 158

و (أبو بكر المقرئ) ترجمنا لهم. وأما (أبو يعلى) فغني عن التعريف. وأما (زهير بن حرب) فقد ذكرنا ترجمته. وأما (أبو الجواب) فهو: الأحوص بن الجواب: من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي. قال أبو حاتم: صدوق. وقال يحيى بن معين: ثقة. وكذا قال غيرهما (1). وأما (عمار بن زريق) فهو: من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة. قال ابن معين وأبو زرعة وابن المديني: ثقة. وقال أبو حاتم والنسائي والبزار: لا بأس به. وقال أحمد: كان من الأثبات (2). وأما (الأجلح) فقد أثبتنا وثاقته بالتفصيل. وأما (عبد الله بن بريدة) فهو: من رجال الصحاح الستة (3). وأما (بريدة) فهو: ابن الحصيب الصحابي. * * *

(هامش)

(1) تهذيب الكمال 2 / 289. (2) تهذيب التهذيب 7 / 350. (3) تقريب التهذيب 1 / 403. (*)

ص 159

* وقال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا عبد الواحد ابن محمد، أنا أبو العباس بن عقدة، أنا أحمد بن يحيى، نا عبد الرحمن - هو ابن شريك - نا أبي، عن الأجلح، عن عبد الله بن بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي جيشا، ومع خالد بن الوليد جيشا، إلى اليمن، وقال: إن اجتمعتم فعلي على الناس، وإن تفرقتم فكل واحد منكما على حدة. فلقينا القوم، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، وأخذ علي امرأة من ذلك السبي. قال: فكتب معي خالد بن الوليد - وكنت معه - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينال من علي، ويخبره بالذي فعل، وأمرني أن أنال منه. فقرأت عليه الكتاب ونلت من علي. فرأيت وجه نبي الله متغيرا، فقلت: هذا مقام العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلت به. فقال: يا بريدة، لا تقعن في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي (1). أقول: أما (أبو القاسم ابن السمرقندي) فقد عرفته في الكتاب.

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 42 / 193. (*)

ص 160

وأما (عاصم بن الحسن) فكذلك. وأما (عبد الواحد بن محمد) فهو أبو عمر بن مهدي وقد ترجمنا له أيضا. وأما (أبو العباس ابن عقدة) فكذلك. وأما (أحمد بن يحيى) فهو: أحمد بن يحيى بن زكريا الأودي، أبو جعفر الكوفي الصوفي العابد. روى عنه: النسائي، والبزار، وابن عقدة، وابن أبي داود، وابن أبي حاتم، والبخاري في التاريخ، ومطين، والحكيم الترمذي، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. ووثقه ابن حبان. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الحافظ: ثقة (1). وأما (عبد الرحمن بن شريك) فقد قال الحافظ: صدوق يخطئ (2). وأما (أبوه) فهو: شريك بن عبد الله: من رجال البخاري - في التعاليق - ومسلم والأربعة. وثقه يحيى بن معين قائلا: هو ثقة ثقة. وقال العجلي: كوفي ثقة وكان حسن الحديث.

(هامش)

(1) تهذيب الكمال 1 / 517، تقريب التهذيب 1 / 28. (2) تقريب التهذيب 1 / 484. (*)

ص 161

وقال يعقوب بن شريك: صدوق ثقة سيئ الحفظ جدا. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا كثير الحديث وكان يغلط. وقال أبو داود: ثقة يخطئ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ: صدوق يخطئ كثيرا، وكان عادلا فاضلا عابسا شديدا على أهل البدع (1). وأما (الأجلح) فقد عرفته في الكتاب. و(عبد الله بن بريدة) من رجال الصحاح الستة (2). * * *

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 4 / 293، تقريب التهذيب 1 / 351. (2) تقريب التهذيب 1 / 403. (*)

ص 162

* وقال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو العباس بن عقدة، نا الحسن بن علي بن عفان، نا حسن - يعني ابن عطية - نا سعاد، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي ، قال: فأخذنا يمينا أو يسارا قال: فأخذ علي فأبعد فأصاب سبيا، فأخذ جارية من الخمس. قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضا لعلي، وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالدا فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس، فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم أتى آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك. فدعاني خالد، فقال: يا بريدة قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، وكتب إليه. فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله، وكان كما قال الله عز وجل لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلا إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي وتكلمت فوقعت في علي، حتى فرغت ثم رفعت رأسي.

ص 163

فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غضب غضبا لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إلي فقال: يا بريدة إن عليا وليكم بعدي، فأحب عليا فإنه يفعل ما يؤمر . قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إلي منه. وقال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أنافقت بعدي يا بريدة . أقول: أما (ابن السمرقندي) و(عاصم بن الحسن) و(أبو عمر ابن مهدي) و(أبو العباس ابن عقدة) فتراجمهم موجودة في الكتاب. وأما (الحسن بن علي بن عفان) فهو: من رجال أبي داود، وابن ماجة. وروى عنه: ابن أبي حاتم وجماعة. قال ابن أبي حاتم: صدوق. وقال الدارقطني: ثقة. وقال الذهبي: ابن عفان: المحدث الثقة .

ص 164

وقال ابن حجر: صدوق (1). وأما (الحسن بن عطية) فقد تكلم فيه بعضهم، لأن أكثر روايته عن أبيه عطية بن سعد وهم يتكلمون في أبيه بسبب التشيع. ولكن المهم - الآن - أن روايته هذه ليست عن أبيه... ومن هنا: قال عباس الدوري عن يحيى: لم يكن به بأس. وهو من رجال أبي داود في صحيحه. وهو من رجال أحمد في المسند. وروى عنه: سفيان الثوري، ومحمد بن إسحاق وجماعة. وذكره ابن حبان في الثقات (2). وأما (سعاد) فهو: سعاد بن سليمان الجعفي: من رجال ابن ماجة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: كوفي صدوق، يخطئ، وكان شيعيا (3). وأما (عبد الله بن عطاء) فهو: من رجال مسلم والأربعة (4). وروى عنه: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وجمع من الأعاظم. قال الترمذي: ثقة عند أهل الحديث.

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 24، تقريب التهذيب 1 / 168. (2) راجع: تهذيب الكمال 6 / 211 وهامشه. (3) تهذيب الكمال 10 / 237، تقريب التهذيب 1 / 285. (4) تقريب التهذيب 1 / 434. (*)

ص 165

وقال البخاري: ثقة. وقال الذهبي: صدوق إن شاء الله. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ ويدلس (1). * * *

(هامش)

(1) تهذيب الكمال 15 / 313 وهامشه. (*)

ص 166

* وقال الحافظ ابن كثير في سياق روايات الحديث: وقال خيثمة بن سليمان، حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن يوسف بن صهيب، عن ركين، عن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة، فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - لأنالن منه. قال: فرجعت فلقيت رسول الله، فذكرت عليا فنلت منه. قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولن هذا لعلي، فإن عليا وليكم بعدي (1). أقول: ورجال هذا السند كلهم ثقات: أما (خيثمة بن سليمان) فقد قال السمعاني: من الأئمة الثقات (2). الذهبي: أحد الثقات (3).

(هامش)

(1) البداية والنهاية 7 / 346. (2) الأنساب 1 / 303. (3) سير أعلام النبلاء 15 / 412، تذكرة الحفاظ 3 / 158. (*)

ص 167

الخطيب: ثقة ثقة (1). وأما (أحمد بن حازم) فقد ذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: وكان متقنا . وقال الذهبي: الإمام الحافظ الصدوق... توفي سنة 276 (2). وأما (عبيد الله بن موسى) فهو: من رجال الصحاح الستة (3). وأما (يوسف بن صهيب) فهو: من رجال أبي داود، والترمذي، والنسائي. قال الحافظ: ثقة (4). وأما (ركين) فهو: من رجال مسلم والأربعة والبخاري في المتابعات (5). وأما (وهب بن حمزة) فهو: من الصحابة. * وقد ذكره ابن الأثير، وروى الحديث بترجمته، حيث قال: وهب بن حمزة. يعد في أهل الكوفة. روى حديثه يوسف بن صهيب، عن ركين، عن وهب بن حمزة قال: صحبت عليا - رضي الله عنه - من المدينة إلى مكة، فرأيت

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 15 / 413. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 239. (3) تقريب التهذيب 1 / 539. (4) تقريب التهذيب 2 / 381. (5) تقريب التهذيب 1 / 252. (*)

ص 168

منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشكونك إليه، فلما قدمت، لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رأيت من علي كذا وكذا. فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بعدي. أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم (1). ولا يخفى: أن تغيير اللفظ من وليكم بعدي إلى أولى الناس بعدي غير ضائر، بل هو أوضح دلالة، لكونه نصا في الأولوية بالناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. * وقد صحح الحافظ الهيثمي هذه الرواية حيث قال: وعن وهب بن حمزة قال: صحبت عليا إلى مكة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت لأشكونك إلى رسول الله... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي. رواه الطبراني، وفيه ركين، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله وثقوا (2). ولا يخفى: أن مجرد ذكر ابن أبي حاتم الراوي في كتابه (الجرح والتعديل) ليس بضائر في وثاقته، وإلا فقد ذكر أحمد بن حنبل وأمثاله أيضا. هذا، ولا بد من التنبيه على أن اللفظ الصحيح لسند هذا الحديث هو ما ذكرناه هنا، لا ما جاء بترجمة خيثمة بن سليمان فإنه غلط من النسخة، وقد ذكر أن كتابه في (فضائل الصحابة) مطبوع، ولكنا لم نقف عليه حتى الآن. * * *

(هامش)

(1) أسد الغابة 5 / 425. الطبعة الحديثة. (2) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9 / 109. (*)

ص 169

* وقال الحافظ الذهبي، بترجمة جعفر بن سليمان : أخبرنا إسحاق الصفار، أخبرنا يوسف الآدمي، أخبرنا أبو المكارم اللبان، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا مسدد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم عليا، فأصاب جارية، فأنكروا عليه، قال: فتعاقد أربعة من الصحابة فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه - وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله، فسلموا عليه، فلما قدمت السرية، سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟ فأقبل عليه رسول الله - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون من علي - ثلاث مرات - إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. تابعه: قتيبة، وبشر بن هلال، وعفان. وهو من أفراد جعفر (1).

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 8 / 199. (*)

ص 170

أقول: أما (إسحاق الصفار) فقد ترجم له الذهبي نفسه في (المعجم المختص) وفي (معجم الشيوخ) فذكر ولادته، ومشايخه، وأرخ وفاته بسنة 710 قال: ولي فيه مديح (1). وأما (يوسف الأدمي) فهو: يوسف بن خليل الدمشقي، المتوفى سنة 648: ابن تغري بردى: والحافظ شمس الدين يوسف بن خليل الدمشقي الأدمي، بحلب، في جمادى الآخرة، وله 93 سنة (2). ابن رجب: المحدث، الحافظ، ذو الرحلة الواسعة... وكان إماما حافظا، ثقة، ثبتا، عالما، واسع الرواية، جميل السيرة، متسع الرحلة، تفرد في وقته بأشياء كثيرة عن الأصبهانيين، وخرج وجمع لنفسه معجما... سئل عنه الحافظ الضياء فقال: حافظ مفيد، صحيح الأصول، سمع وحصل الكثير، صاحب رحلة وتطواف. وسئل الصريفيني عنه فقال: حافظ ثقة، عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل (3). ابن العماد: كان إماما، حافظا، ثقة، نبيلا، متقنا، واسع الرواية، جميل

(هامش)

(1) المعجم المختص: 71، الترجمة رقم 81، معجم شيوخ الذهبي 1 / 169 الترجمة رقم 172. (2) النجوم الزاهرة 7 / 22. (3) طبقات الحنابلة 4 / 197. (*)

ص 171

السيرة، متسع الرحلة. قال ابن ناصر الدين: كان من الأئمة الحفاظ المكثرين الرحالين، بل كان أوحدهم (1). الذهبي: الإمام، المحدث، الصادق، الرحال، النقال، شيخ المحدثين، راوية الإسلام... سمعت من حديثه شيئا كثيرا وما سمعت العشر منه، وهو يدخل في شرط الصحيح، لفضيلته وجودة معرفته وقوة فهمه وإتقان كتبه وصدقه وخيره... (2). السيوطي: ابن خليل. الحافظ المفيد الرحال، الإمام، مسند الشام... محدث حلب. وكان حافظا ثقة عالما بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل، واسع الرواية، متقنا (3). وأما (أبو المكارم اللبان) فهو: أحمد بن أبي عيسى محمد بن محمد الإصفهاني المتوفى سنة 597: ابن تغري بردى: وفيها توفي القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد الإصبهاني المعروف بابن اللبان العدل (4). ابن العماد: وفيها توفي: اللبان القاضي العدل، أبو المكارم، مسند العجم، مكثر عن أبي علي الحداد (5). الذهبي: القاضي العالم، مسند إصبهان، أبو المكارم... مكثر عن أبي

(هامش)

(1) شذرات الذهب 5 / 243. (2) سير أعلام النبلاء 23 / 151. (3) طبقات الحفاظ: 499. (4) النجوم الزاهرة 6 / 179. (5) شذرات الذهب 4 / 329. (*)

ص 172

علي الحداد... (1). وأما (أبو علي الحداد) فقد عرفته في الكتاب. وأما (أبو نعيم) ومن بعده، فقد عرفتهم في تصحيح سند الحافظ أبي نعيم الإصبهاني. * * *

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 21 / 362. (*)

ص 173

الفصل الثالث: في خبر عبد الله بن عباس في المناقب العشر

ص 175

قد عرفت أن (حديث الولاية) من أصح الأحاديث وأثبتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن أهل السنة يروونه بأسانيدهم الكثيرة عن عدة من الصحابة، وأشهرهم فيه: بريدة وعمران بن الحصين وابن عباس. وفي هذا الفصل نبحث عن خصوص حديث ابن عباس، فإنه حديث معتبر جدا، ومهم جدا، لاشتماله على مناقب عشر من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، لا يشاركه فيها أحد من غير أهل البيت والعترة الطاهرة... ومن ضمنها حديث الولاية. عقدنا هذا الفصل لذكر روايات جمع من الأكابر لهذا الحديث بأسانيدهم، في الكتب المعروفة المشهورة بين أهل السنة، مع التحقيق في أحوال رجال تلك الأسانيد، لإثبات صحة الكثير بل الغالب منها. إنها فضائل يصلح كل واحدة منها بوحدها للاستدلال على إمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة... مضافا إلى ورود كل واحدة منها بأسانيد أخرى عن ابن عباس وغيره من أعلام الصحابة. وقد كان غرضنا من عقد هذا الفصل - إلى جنب ما أشرنا إليه - الرد على ابن تيمية، في دعاوى له في كتابه (منهاج السنة)، وهي: 1 - دعوى أن عليا عليه السلام ما اختص بفضيلة. 2 - دعوى أن ابن عباس كان يفضل أبا بكر وعمر على علي عليه السلام.

ص 176

3 - دعوى أن حديث الولاية غير صحيح. 4 - دعوى أن حديث المناقب العشر عن ابن عباس مرسل غير مسند. هذا، وفي النية وضع كتاب شامل عن هذا الحديث، لكونه أيضا من أصح الأحاديث وأثبتها، وأتم الأدلة وأمتنها، في مسألة الإمامة بعد رسول الله، وبالله التوفيق.

ص 177

لفظ الحديث كما في مسند أحمد

 عن عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط، فقالوا: يا ابن عباس، إما أن تقوم معنا، وإما أن تخلونا هؤلاء. فقال ابن عباس: بل أقوم معكم. قال: وهو يومئذ صحيح، قبل أن يعمى. قال: فابتدؤا فتحدثوا، فلا ندري ما قالوا. قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف! وقعوا في رجل: - قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا، يحب الله ورسوله. قال: فاستشرف لها من استشرف. قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحل يطحن. قال: وما كان أحدكم ليطحن! قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر. قال: فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا، فأعطاها إياه فجاء بصفية بنت حيي. - قال: ثم بعث فلانا بسورة التوبة، فبعث عليا خلفه، فأخذها منه، قال: لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه. - قال: وقال لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعلي جالس، فأبوا، فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، قال: أنت وليي في

ص 178

الدنيا والآخرة. قال: فتركه. ثم أقبل على رجل منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا، قال: فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة. - قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة. - قال: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه، فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)*. - قال: وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نام مكانه، قال: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر وعلي نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنه نبي الله، قال: فقال: يا نبي الله. قال: فقال له علي: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه، فقالوا: إنك للئيم، كان صاحبك نراميه فلا يتضور وأنت تتضور، وقد استنكرنا ذلك. - قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك، قال: فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال له نبي الله: لا، فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. - قال: وقال له رسول الله: أنت وليي في كل مؤمن بعدي. - وقال: سدوا أبواب المسجد غير باب علي، فقال: فيدخل المسجد جنبا

ص 179

وهو طريقه، ليس له طريق غيره. - قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي. قال: وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فعلم ما في قلوبهم. هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد؟ قال: وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال: إئذن لي فلأضرب عنقه، قال: أو كنت فاعلا؟ وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم .

ص 180

أسماء أشهر رواة الحديث كله أو بعضه

 وهذه أسماء جمع من أشهر مشاهير الأئمة الأعلام من أهل السنة، في القرون المختلفة، الرواة لهذا الحديث، كله أو بعضه، بأسانيدهم المنتهية إلى عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: 1 - شعبة بن الحجاج، المتوفى سنة 160. 2 - أبو داود الطيالسي، المتوفى سنة 204. 3 - محمد بن سعد كاتب الواقدي، المتوفى سنة 230. 4 - أحمد بن حنبل، المتوفى سنة 241. 5 - محمد بن عيسى الترمذي، المتوفى سنة 279. 6 - أبو بكر ابن أبي عاصم، المتوفى سنة 289. 7 - أبو بكر البزار، المتوفى سنة 292. 8 - أبو عبد الرحمن النسائي، المتوفى سنة 303. 9 - أبو يعلى الموصلي، المتوفى سنة 307. 10 - أبو عبد الله المحاملي، المتوفى سنة 330. 11 - أبو القاسم الطبراني، المتوفى سنة 360. 12 - أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405. 13 - ابن عبد البر القرطبي، المتوفى سنة 463.

ص 181

14 - الحاكم الحسكاني، من أعلام القرن الخامس. 15 - ابن عساكر الدمشقي، المتوفى سنة 571. 16 - ابن الأثير الجزري صاحب أسد الغابة، المتوفى سنة 630. 17 - أبو عبد الله الكنجي، المتوفى سنة 652. 18 - أبو العباس محب الدين الطبري المكي، المتوفى سنة 694. 19 - جمال الدين المزي، المتوفى سنة 742. 20 - أبو عبد الله شمس الدين الذهبي، المتوفى سنة 748. 21 - ابن كثير الدمشقي، المتوفى سنة 774. 22 - أبو بكر نور الدين الهيثمي، المتوفى سنة 807. 23 - شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852.

ص 182

*(1)* رواية شعبة روى شعبة بن الحجاج هذا الحديث عن: أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، جاء ذلك: في رواية أبي داود الطيالسي (1) وفي رواية الترمذي (2) وفي رواية ابن كثير (3). وفي رواية غيرهم. أقول: و(شعبة بن الحجاج) من رجال الصحاح الستة، ومن كبار الأئمة. وهذه أوصاف ذكرها له أئمة القوم: قال يحيى بن معين: شعبة إمام المتقين. وقال أبو زيد الأنصاري: هل العلماء إلا شعبة من شعبة؟

(هامش)

(1) أنظر البداية والنهاية 7 / 346. (2) صحيح الترمذي 5 / 599. (3) البداية والنهاية 7 / 343. (*)

ص 183

وقال يحيى بن سعيد: لا يعدل شعبة عندي أحد. قال عفان: كان شعبة من العباد. وقال سفيان الثوري لشعبة: أنت أمير المؤمنين في الحديث. وكان سليمان بن المغيرة يقول: شعبة سيد المحدثين. وقال أحمد: كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن. توفي سنة 160 (1). *(2)* رواية أبي داود الطيالسي قال الحافظ ابن كثير: وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي . أقول: قد تقدم الكلام على هذا السند بالتفصيل في الكتاب.

(هامش)

(1) من مصادر ترجمته: الجرح والتعديل 1 / 126، حلية الأولياء 7 / 144، تاريخ بغداد 9 / 255، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 244، سير أعلام النبلاء 7 / 202، وفيات الأعيان 2 / 469، تهذيب التهذيب 4 / 338. (*)

ص 184

*(3)* رواية ابن سعد وقال ابن سعد في (طبقاته) تحت عنوان (ذكر إسلام علي وصلاته): أخبرنا يحيى بن حماد البصري قال: أخبرنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: أول من أسلم من الناس بعد خديجة علي (1). أقول: وهذا السند صحيح، كما عرفته في الكتاب. وأما (ابن سعد) نفسه، فهذه ترجمته باختصار: محمد بن سعد بن منيع، أبو عبد الله البغدادي، كاتب الواقدي. حدث عنه: أبو بكر ابن أبي الدنيا، وأحمد بن يحيى البلاذري، وأبو القاسم البغوي، والحسين بن فهم، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق. قال الخطيب: محمد بن سعد عندنا من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه. وقال الذهبي: محمد بن سعد بن منيع، الحافظ العلامة الحجة. وقال ابن حجر: أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين. توفي سنة 230 (2).

(هامش)

(1) الطبقات الكبرى 3 / 21. (2) تاريخ بغداد 5 / 321، سير أعلام النبلاء 10 / 664، تهذيب التهذيب 9 / 161. (*)

ص 185

*(4)* رواية أحمد بن حنبل وأخرج أحمد بن حنبل هذا الخبر في (المسند) واللفظ المذكور في أول الفصل له. فقد جاء في (المسند): حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس... الحديث بطوله (1). وفيه بعد ذلك: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو مالك كثير بن يحيى، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، نحوه (2). أقول: (أبو عوانة) و(أبو بلج) و(عمرو بن ميمون) رجال أعلام موثقون، وقد ترجمنا لهم في الكتاب، في رواية أبي داود لحديث الولاية، فلا نعيد. و(يحيى بن حماد) الواسطة بين أحمد وأبي عوانة، ترجمنا له في رواية أحمد.

(هامش)

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 / 330. (2) مسند أحمد بن حنبل 1 / 331. (*)

ص 186

وأما (أبو مالك كثير بن يحيى) الواسطة بينهما في السند الثاني، قال ابن أبي حاتم الرازي: كثير بن يحيى بن كثير، أبو مالك البصري، روى عن أبي عوانة، ومطر ابن عبد الرحمن الأعنق، وواهب بن سوار، وسعيد بن عبد الكريم بن سليط. سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمد: روى عنه أبي وأبو زرعة. نا عبد الرحمن قال: سألت أبي عن كثير بن يحيى بن كثير فقال: محله الصدق، وكان يتشيع. نا عبد الرحمن قال: سئل أبو زرعة عن كثير بن يحيى، فقال: صدوق (1). أقول: فالرجل عند أبي حاتم الرازي محله الصدق وكذا عند أبي زرعة . وقد ذكر الحافظ الذهبي بترجمة أبي حاتم ما نصه: إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله، فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث، وإذا لين رجلا، أو قال فيه: لا يحتج به. فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال (2). وقوله: كان يتشيع غير مضر عندهم كما نص الحافظ ابن حجر على

(هامش)

(1) الجرح والتعديل 7 / 158. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 260، وكذا قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري: 441. (*

ص 187

ذلك، في مواضع، منها بترجمة خالد بن مخلد القطواني حيث ذكر قولهم: كان يتشيع فقال: قلت: أما التشيع، فقد قدمنا أنه - إذا كان ثبت الأخذ والأداء - لا يضره، سيما ولم يكن داعية إلى رأيه (1). بل ذكر الحافظ ابن حجر بترجمة عباد بن يعقوب الرواجني - شيخ البخاري - ما نصه: رافضي مشهور، إلا أنه كان صدوقا (2). أقول: ولأجل التشيع تكلم بعضهم في كثير بن يحيى ، فلذا أورده الذهبي في (الميزان)، مع أن ابن عدي لم يذكره في (الكامل): كثير بن يحيى بن كثير صاحب البصري. شيعي. نهى عباس العنبري الناس عن الأخذ عنه. وقال الأزدي: عنده مناكير. ثم ساق له عن أبي عوانة، عن خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: ولي أبو بكر وكنت أحق الناس بالخلافة. قلت: هذا موضوع على أبي عوانة، ولم أعرف من حدث به عن كثير (3). وقال ابن حجر في (لسان الميزان) بعد ما تقدم عن الذهبي: وقد روى عنه: عبد الله بن أحمد، وأبو زرعة، وغيرهما. قال أبو حاتم:

(هامش)

(1) مقدمة فتح الباري: 398. (2) مقدمة فتح الباري: 410. (3) ميزان الاعتدال 3 / 410. (*)

ص 188

محله الصدق وكان يتشيع. وقال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، فلعل الآفة ممن بعده (1). أقول: لكن العجب من الذهبي وابن حجر كيف يذكران كلام الأزدي في مقابل كلام الأئمة كأبي حاتم وأبي زرعة وغيرهما، وخاصة بعد كلام أبي حاتم وقد ذكرا حاله في الجرح والتعديل كما عرفته؟ بل كيف يذكران كلام الأزدي، وقد نص كلاهما على ضعفه وعدم الاعتناء بتجريحاته: قال الذهبي - بعد نقل تضعيفه لبعض الرجال -: قلت: هذه مجازفة، ليت الأزدي عرف ضعف نفسه (2). وقال ابن حجر: قلت: قدمت غير مرة: أن الأزدي لا يعتبر تجريحه، لضعفه هو (3). *(5)* رواية الترمذي وأخرج الترمذي في (صحيحه) قطعة من هذا الحديث، إذ رواه بسنده

(هامش)

(1) لسان الميزان 4 / 580. الطبعة المحققة. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 389. (3) مقدمة فتح الباري: 430. (*)

ص 189

عن شعبة عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون... قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي . ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه (1). أقول: (محمد بن حميد الرازي) من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة. وحدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمد بن جرير الطبري، وأبو القاسم البغوي. ومع ذلك، فقد تكلموا فيه، وربما نسبوه إلى الكذب (2)!! و(إبراهيم بن المختار) التميمي الرازي. من رجال البخاري في المتابعات، والترمذي، وابن ماجة. قال ابن حجر: صدوق ضعيف الحفظ (3).

(هامش)

(1) صحيح الترمذي 5 / 599. (2) ميزان الاعتدال 3 / 530. (3) تقريب التهذيب 1 / 43. (*)

ص 190

*(6)* رواية ابن أبي عاصم وروى الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم الشيباني المتوفى سنة 287 هذا الحديث حيث قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن يحيى بن سليم أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأبعثن رجلا يحبه الله ورسوله لا يخزيه الله أبدا، قال: فاستشرف لها من استشرف قال: فقال: أين علي؟ قال: فدعاه وهو أرمد ما يكاد أن يبصر، فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا فدفعها إليه، فجاء بصفية بنت حيي. وبعث أبا بكر بسورة التوبة، فبعث عليا خلفه فأخذها منه، فقال أبو بكر لعلي: الله ورسوله (1). قال: لا ولكن لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا، فقال علي عليه السلام: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة. قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين وعليا وفاطمة، ومد عليهم ثوبا ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

(هامش)

(1) كذا. (*)

ص 191

قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة. قال: وشرى بنفسه، لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ونام مكانه، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله وهم يحسبون أنه نبي الله عليه السلام. قال: فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله. قال فقال علي: إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون، فبادر فاتبعه فدخل معه الغار. قال: وكان المشركون يرمون عليا وهو يتضور حتى أصبح، فكشف عن رأسه. فقالوا: كنا نرمي صاحبك فلا يتضور وأنك تتضور، استنكرنا في ذلك. قال: وخرج الناس في غزوة تبوك فقال علي: أخرج معك؟ قال: لا، قال: فبكى، قال: أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي. وسدت أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو طريقه، ليس له طريق غيره. قال: وقال: من كنت وليه فعلي وليه. قال: قال ابن عباس: قد أخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدثنا بعد أن سخط عليهم؟ (1). أقول: سند هذا الحديث نفس سند النسائي، فلاحظ.

(هامش)

(1) كتاب السنة: 588 - 589 برقم 1351. (*)

ص 192

*(7)* رواية البزار ورواه الحافظ أبو بكر البزار، قال: حدثنا محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال... فذكر حديثا بهذا... ثم قال: وبه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (1). وقال الحافظ الهيثمي: وعن ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه البزار في أثناء حديث، ورجاله ثقات (2). أقول: رجاله ثقات كما قال... وهو نفس سند الحافظ النسائي.

(هامش)

(1) كشف الأستار عن زوائد البزار للحافظ الهيثمي 3 / 189. (2) مجمع الزوائد 9 / 108. (*)

ص 193

*(8)* رواية النسائي وأخرج النسائي هذا الحديث في (خصائص الإمام أمير المؤمنين) بطوله (1). أخرجه عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون . أقول: فكان الواسطة بينه وبين يحيى بن حماد شيخه: (محمد بن المثنى) وهو من رجال الصحاح الستة. وهذه خلاصة ترجمته في (تهذيب الكمال): محمد بن المثنى، أبو موسى البصري، الحافظ المعروف بالزمن. روى عنه: الجماعة، وأبو يعلى، والفريابي، والمحاملي، وابن خراش، والذهلي، وابن صاعد، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان. عن يحيى بن معين: ثقة. وعن الذهلي: حجة. وعن صالح جزرة: صدوق اللهجة. وعن أبي حاتم: صالح الحديث، صدوق.

(هامش)

(1) خصائص أمير المؤمنين: 61. (*)

ص 194

وعن ابن خراش: كان من الأثبات. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الخطيب: كان صدوقا، ورعا، فاضلا، عاقلا. وقال في موضع آخر: كان ثقة ثبتا، إحتج سائر الأئمة بحديثه (1). *(9)* رواية أبي يعلى وأخرج أبو يعلى الموصلي، قال: أنبأنا يحيى بن عبد الحميد، أنبأنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. فقال: أين علي؟ قالوا: يطحن. قال: وما كان أحد منهم يرضى أن يطحن؟ فأتي به. فدفع إليه الراية، فجاء بصفية بنت حيي (2). وأخرجه أيضا فقال: أنبأنا زهير، أنبأنا يحيى بن حماد، أنبأنا أبو عوانة، أنبأنا أبو بلج، عن

(هامش)

(1) تهذيب الكمال في أسماء الرجال 26 / 359. (2) رواه عنه بسنده: الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، كما سيأتي. (*)

ص 195

عمرو بن ميمون قال: إني لجالس عند ابن عباس، إذ أتاه سبعة رهط قالوا... الحديث بطوله (1). وقال الحافظ ابن كثير: رواية ابن عباس: وقال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فقال: أين علي؟ قالوا: يطحن. قال: وما أحد منهم يرضى أن يطحن؟ فأتي به. فدفع إليه الراية. فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب (2). أقول: فأبو يعلى - يروي هذا الخبر تارة: عن يحيى بن عبد الحميد عن أبي عوانة ... وأخرى: عن زهير عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة ... أما (زهير) فهو: زهير بن أبي خيثمة وقد ترجمنا له في الكتاب.

(هامش)

(1) رواه عنه بسنده: الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، كما سيأتي. (2) البداية والنهاية 7 / 338. (*)

ص 196

وكذا (يحيى بن حماد) وإلى آخر السند. فالطريق الثاني صحيح بلا كلام. وأما (يحيى بن عبد الحميد) وهو الحماني الكوفي، فقد وقع بينهم حوله كلام كثير وخلاف شديد جدا (1): فمنهم: من تكلم فيه بصراحة. فعن ابن خزيمة: سمعت الذهلي يقول: ذهب كالأمس الذاهب. وعن الذهلي أيضا: اضربوا على حديثه بستة أقلام. وعن النسائي: ليس بثقة. وقال مرة: ضعيف. وعن علي بن المديني: أدركت ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون: يحيى بن عبد الحميد... وقال محمد بن عبد الله بن عمار: يحيى الحماني سقط حديثه. قال الحسين بن إدريس: فقيل لابن عمار: فما علته؟ قال: لم يكن لأهل الكوفة حديث جيد غريب، ولا لأهل المدينة، ولا لأهل بلد حديث جيد غريب، إلا رواه، فهذا يكون هكذا. ومنهم: من وثقه بصراحة. روى عباس عن يحيى بن معين: أبو يحيى الحماني ثقة وابنه ثقة. وقال أحمد بن زهير عنه: يحيى الحماني ثقة. وقال أحمد بن زهير عنه: ما كان بالكوفة رجل يحفظ معه، وهؤلاء يحسدونه.

(هامش)

(1) الكلمات كلها منقولة عن سير أعلام النبلاء 10 / 526. (*)

ص 197

وروى عنه عثمان بن سعيد: صدوق مشهور، ما بالكوفة مثله، ما يقال فيه إلا من حسد. وقال عبد الخالق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أحمد بن منصور الرمادي: هو عندي أوثق من أبي بكر بن أبي شيبة، وما يتكلمون فيه إلا من الحسد. ابن صالح المصري: قال البغوي: كنا على باب يحيى الحماني، فجاء يحيى بن معين على بغلته، فسأله أصحاب الحديث أن يحدثهم، فأبى، وقال: جئت مسلما على أبي زكريا، فدخل، ثم خرج، فسألوه عنه، فقال: ثقة ابن ثقة. وكذلك روى توثيقه عن يحيى بن معين: مطين، وأحمد بن أبي يحيى، وعبد الله بن الدورقي وغيرهم، حتى قال محمد بن أبي هارون الهمذاني: سألته عنه، فقال: ثقة وأبوه ثقة. فقلت: يقولون فيه. قال: يحسدونه، هو - والله الذي لا إله إلا هو - ثقة. وقال مطين: سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن يحيى الحماني، فقال: هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلهم، فاكتب عنه. وقال أبو أحمد بن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح، ويقال: إنه أول من صنف المسند بالكوفة... ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به. ومنهم: من اختلف كلامه فيه. قال محمد بن عبد الرحمن السامي الهروي: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى الحماني: فسكت فلم يقل شيئا.

ص 198

وقال الميموني: ذكر الحماني عند أحمد فقال: ليس بأبي غسان بأس. ومرة ذكره، فنفض يده وقال: لا أدري. وقال مطين: سألت أحمد بن حنبل عنه، قلت له: تعرفه؟ لك به علم؟ فقال: كيف لا أعرفه؟ قلت: أكان ثقة؟ قال: أنتم أعرف بمشايخكم. قال أبو داود: سألت أحمد عنه. فقال: ألم تره؟ قلت: بلى. قال: إنك إذا رأيته عرفته. وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: إن ابني أبي شيبة يقدمون بغداد، فما ترى فيهم؟ فقال: قد جاء ابن الحماني إلى هاهنا، فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهارا، ابن أبي شيبة على كل حال يصدق... قال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني. أقول: لقد وثق غير واحد من الأئمة (يحيى بن عبد الحميد الحماني) وعلى رأسهم يحيى بن معين. وتكلم فيه أيضا جماعة، وعلى رأسهم أحمد بن حنبل، وعلي بن

المديني. أما أحمد، فكلامه في جرح الرجل غير صريح، فإنه لما سئل عنه سكت أو قال: أنتم أعرف بمشايخكم أو قال: إذا رأيته عرفته . نعم، جاء في خبر جوابه لسؤال ولده منه عن يحيى: كان يكذب جهارا . لكن هذا الخبر لم يصدقه المحققون من القوم، قال الذهبي بعد نقل الكلمات -: قلت: لا ريب أنه كان مبرزا في الحفظ، كما كان سليمان الشاذكوني،

ص 199

ولكنه أصون من الشاذكوني، ولم يقل أحد قط: إنه وضع حديثا، بل ربما كان يتلقط أحاديث ويدعي روايتها، فيرويها على وجه التدليس ويوهم أنه سمعها، وهذا قد دخل فيه طائفة، وهو أخف من افتراء المتون. قال أبو حاتم الرازي: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره، سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن الجعد في حديثه . وكذلك نسب رميه بالكذب إلى ابن نمير، ولا أساس لذلك من الصحة. قال ابن عدي: أخبرنا عبد الله قال قال ابن نمير: الحماني كذاب. فقيل لعبدان: سمعته منه؟ قال: لا بل روى مطين عن ابن نمير قوله في يحيى: هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلهم، فاكتب عنه . وأما علي بن المديني، فقد تقدم أن السبب في تكلمه فيه أنه كان يحدث بما لا يحفظ. أقول: لكن الذي يظهر أن السبب الأصلي للتكلم فيه أمران: أحدهما: الحسد. وهذا ما كان يؤكد عليه يحيى بن معين وغيره، وذلك لأنه قد ألف المسند الكبير، وقد ذكر ابن عدي أنه أول من صنف المسند، ووصفه بأنه مسند صالح، وقد ذكر الحماني نفسه هذا السبب، فقد حكى العقيلي عن علي بن عبد العزيز: سمعت يحيى الحماني يقول لقوم غرباء في مجلسه: من أين أنتم؟ فأخبروه.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء السادس عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب