ص 104
ترجمة ابن مردويه 1 - الذهبي: ابن مردويه، الحافظ الثبت، العلامة، أبو بكر أحمد
بن موسى بن مردويه الإصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك. روى عن: أبي سهل بن
زياد القطان، وميمون بن إسحاق الخراساني... وروى عنه: أبو القاسم عبد الرحمن بن
مندة، وأخوه عبد الوهاب، وأبو الخير محمد بن أحمد، وأبو منصور محمد بن سكرويه، وأبو
بكر محمد بن الحسن بن محمد بن سليم، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو مطيع محمد
بن عبد الواحد المصري، وخلق كثير. وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيما
بمعرفة هذا الشأن، بصيرا بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف. ولد سنة 323. ومات
لست بقين من رمضان سنة 410. يقع عواليه في الثقفيات وغيرها (1). 2 - ابن القيم:
بعد ذكر حديث: هذا حديث كبير جليل، ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج
من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني،
رواه عن إبراهيم بن ضمرة الزبيري، وهما من كبار أهل المدينة، ثقتان يحتج بهما في
الصحيح، إحتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، رواه أئمة السنة في
كتبهم، وتلقوه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في
أحد من رواته. فممن رواه الإمام ابن الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن
حنبل، في مسند أبيه، وفي كتاب السنة...
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 3 / 238. (*)
ص 105
ومنهم: الفاضل الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن عاصم النبيل، في كتاب السنة، له.
ومنهم: الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال، في كتاب
المعرفة. ومنهم: حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب
الطبراني، في كثير من كتبه. ومنهم: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان أبو
الشيخ الإصبهاني، في كتاب السنة. ومنهم: الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد بن
إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة حافظ أصبهان. ومنهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن
مردويه. ومنهم: حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الإصبهاني. وجماعة من
الحفاظ سواهم يطول ذكرهم (1). 3 - السبكي: ذكر ابن مردويه في طبقة الحاكم
كما تقدم في عبارته المنقولة بترجمة الحاكم. 4 - السيوطي: ابن مردويه الحافظ
الكبير العلامة... (2). 5 - الزرقاني: أبو بكر الحافظ، أحمد بن موسى بن مردويه
الإصبهاني، الثبت العلامة، ولد سنة 323، وصنف التاريخ والتفسير والمسند والمستخرج
على البخاري، وكان قيما بهذا الشأن، بصيرا بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف، مات
لست بقين من رمضان سنة 410. قال الحافظ ابن
(هامش)
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد 3 / 56. (2) طبقات الحفاظ: 412. (*)
ص 106
ناصر في مشتبه النسبة: (مردويه) بفتح الميم. وحكى ابن نقطة كسرها عن بعض
الأصبهانيين، والراء ساكنة والدال المهملة مضمومة، والواو ساكنة، والمثناة من تحت
مفتوحة تليها هاء (1). الحافظ في الاصطلاح لقد وصف القوم ابن مردويه بصفة
الحافظ وتجد ذلك أيضا في الأنساب (2) وتاريخ ابن كثير (3) وكشف الظنون (4) وغيرها
من الكتب، ولا يخفى على أهل العلم ما لهذا اللقب من قيمة في اصطلاحهم: قال نور
الدين علي بن سلطان القاري - في شرح الشمائل -: الحافظ - المراد به حافظ الحديث
لا القرآن، كذا ذكره ميرك. ويحتمل أنه كان حافظا للكتاب والسنة. ثم الحافظ في
اصطلاح المحدثين: من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا. و الطالب هو
المبتدي الراغب فيه. والمحدث و الشيخ و الإمام هو الأستاذ الكامل. و
الحجة من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث متنا وإسنادا، وأحوال رواته جرحا وتعديلا
وتاريخا، و الحاكم هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية كذلك. وقال ابن
الجوزي: الراوي ناقل الحديث بالإسناد، و المحدث من تحمل روايته واعتنى
بدرايته، و الحافظ من روى ما وصل إليه ووعى ما يحتاج لديه .
(هامش)
(1) شرح المواهب اللدنية 1 / 182. (2) الأنساب. ترجمة حمزة بن الحسين المؤدب
الإصبهاني 1 / 183. (3) تاريخ ابن كثير. في ذكر حديث الطير، من مناقب أمير المؤمنين
بترجمته. (4) كشف الظنون 1 / 439. (*)
ص 107
وقال الشعراني: وكان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سمي
حافظا هي: الشهرة بالطلب والأخذ من أفواه الرجال والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات
الرواة ومراتبهم، وتمييز الصحيح من السقيم، حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا
يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون. فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ (1). وقال
البدخشاني: الحافظ - يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث، بخلاف المحدث
(2). ابن مردويه شيخ من انتهى إليه علو الإسناد بإصبهان قد عرفت من عبارة (تذكرة
الحفاظ) رواية جماعة من الأعلام ومشاهير الأئمة - كابن مندة - عن ابن مردويه، وقد
تقرر لدى أهل السنة المحققين أن رواية العدل الواحد عن شخص كافية للدلالة على وثاقة
المروي عنه. هذا، وابن مردويه الأصبهاني الحافظ من شيوخ أبي مطيع المديني الذي
انتهى إليه علو الإسناد بأصبهان كما وصفه الحافظ الذهبي حيث ترجمه بقوله: أبو
مطيع محمد بن عبد الواحد المديني، المصري الأصل، الصحاف، الناسخ، عاش بضعا وتسعين
سنة، إنتهى إليه علو الإسناد بأصبهان، روى عن أبي بكر ابن مردويه والنقاش وابن عقيل
الباوردي وطائفة (3). وناهيك بهذا شأنا ومقاما ورفعة.
(هامش)
(1) لواقح الأنوار في طبقات الأخيار - ترجمة السيوطي. (2) تراجم الحفاظ - مخطوط.
(3) العبر في خبر من غبر 3 / 348. (*)
ص 108
اعتماد الحفاظ على كتبه ومما يدل على عظمة ابن مردويه وجلالته، اعتماد كبار الحفاظ
على رواياته، وكتبه، كاعتمادهم على الشيخين وأضرابهما... قال ابن الجزري: وقد
رمزت الكتب التي خرجت منها هذه الأحاديث بحروف تدل على ذلك سلكت فيها أخصر المسالك،
فجعلت علامة صحيح البخاري خ ومسلم م وسنن أبي داود د والترمذي ت
والنسائي س وابن ماجة القزويني ق . وهذه الأربعة عة . وهذه الستة ع .
وصحيح ابن حبان حب وصحيح المستدرك مس وأبي عوانة عو وابن خزيمة مه
والموطأ طا وسنن الدارقطني قط ومصنف ابن أبي شيبة مص ومسند الإمام أحمد
آ والبزار ر وأبي يعلى الموصلي ص والدارمي مي ومعجم الطبراني ط
والأوسط طس والصغير صط والدعاء له طب ولابن مردويه مر وللبيهقي
قي والسنن الكبير له سنى وعمل اليوم والليلة لابن السني ي ... فليعلم أني
أرجو أن يكون جميع ما فيه صحيحا... (1).
(هامش)
(1) الحصن الحصين - خطبة الكتاب. (*)
ص 109
*(8)* رواية أبي نعيم

قال محمد صدر العالم: أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة
مرفوعا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح
في فهمه وإلى إبراهيم في خلته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (1). ترجمة أبي نعيم 1
- الفخر الرازي: وأما المتأخرون من المحدثين، فأكثرهم علما، وأقواهم قوة، وأشدهم
تحقيقا في علم الحديث هؤلاء، وهم: أبو الحسن الدارقطني، والحاكم أبو عبد الله
الحافظ، والشيخ أبو نعيم الأصبهاني... فهؤلاء صدور هذا العلم بعد الشيخين، وهم
بأسرهم متفقون على تعظيم الشافعي والمبالغة في الثناء عليه (2). 2 - ابن خلكان:
الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الأصبهاني،
الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء، كان من أعلام المحدثين، وأكابر الحفاظ
الثقات. أخذ عن الأفاضل، وأخذوا عنه وانتفعوا به، وكتابه الحلية من أحسن الكتب...
وتوفي في صفر، وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم، سنة 430 بأصبهان، رحمه
الله تعالى (3).
(هامش)
(1) معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط. (2) فضائل الشافعي، وقد تقدم نصه. (3)
وفيات الأعيان 1 / 91. (*)
ص 110
3 - ابن تيمية: ولكل علم رجال يعرفون به، والعلماء بالحديث أجل هؤلاء، وأعلم
قدرا، وأعظم صدقا، وأعلاهم منزلة، وأكثرهم دينا، فإنهم من أعظم الناس صدقا ودينا
وأمانة وعلما وخبرة بما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل: مالك، وشعبة، وسفيان
الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن ابن مهدي، وعبد الله بن المبارك، ووكيع
بن الجراح، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، ويحيى بن معين،
وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي،
والعجلي، وأبي أحمد ابن عدي، وأبي حاتم البستي، وأبي الحسن الدارقطني، وأمثال هؤلاء
خلق كثير لا يحصى عددهم... وقد صنف الناس كتبا في الأخبار صغارا وكبارا، مثل:
الطبقات لابن سعد... وصنف كتب الحديث تارة على المسانيد، وتارة على الأبواب، فمنهم
من قصد الصحيح، كالبخاري، ومسلم، وابن خزيمة، وأبي حاتم وغيرهم، ومن خرج على
الصحيحين، كالإسماعيلي، والبرقاني، وأبي نعيم وغيرهم، ومنهم من خرج أحاديث السنن،
كأبي داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم... (1). 4 - ابن القيم - في عبارته المتقدمة
في ترجمة ابن مردويه -: ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق
الأصبهاني (2). 5 - أبو المؤيد الخوارزمي: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق
بن
(هامش)
(1) منهاج السنة 7 / 35 - 36. (2) زاد المعاد 3 / 56. (*)
ص 111
موسى بن مهران، أبو نعيم الحافظ، صاحب المسند الرابع، الإصبهاني، سبط محمد بن يوسف
الفريابي الزاهد. قال الحافظ أبو عبد الله النجار في تاريخه هو: تاج المحدثين، وأحد
الأعلام، ومن جمع له العلم في الروايات والحفظ والفهم والدراية، وكان تشد إليه
الرحال، وتهاجر إلى بابه الرجال، وكتب في الحديث كتبا سارت في البلاد، وانتفعت بها
العباد، وأسعدت وامتدت أيامه، حتى ألحق الأحفاد بالأجداد... وروى عنه الأئمة
الأعلام... (1). 6 - الذهبي: وفيها توفي أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله
بن أحمد الحافظ... تفرد بالدنيا بعلو الإسناد، مع الحفظ والاستبحار من الحديث
وفنونه... وصنف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار (2). 7 - السبكي: الحافظ
أبو نعيم الإصبهاني الصوفي الجامع بين الفقه والتصوف، والنهاية في الحفظ والضبط،
وأحد أعلام الدين، جمع الله له بين العلو في الرواية والنهاية في الدراية، رحل إليه
الحفاظ من الأقطار. ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان، وهو سبط الزاهد
محمد بن يوسف البناء أحد مشايخ الصوفية، استجاز له أبوه طائفة من شيوخ العصر، تفرد
في الدنيا عنهم، أجاز له من الشام خيثمة بن سليمان، ومن بغداد جعفر الخلدي، ومن
واسط عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن نيسابور الأصم. وسمع سنة أربع وأربعين وثلاثمائة
من عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، والقاضي أبي محمد بن أحمد العسال، وأحمد بن
سعيد السمسار، وأحمد بن محمد القصار، وأحمد بن بندار السعار، وعبد الله بن الحسن بن
(هامش)
(1) رجال جامع مسانيد أبي حنيفة 2 / 391. (2) العبر. حوادث 430، 3 / 170. (*)
ص 112
بندار، والطبراني، والظهراني، وأبي الشيخ، والجعابي. ورحل سنة ست وخمسين وثلاثمائة،
فسمع ببغداد أبا علي بن الصواف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباري، وأبا بحر البرنهاري،
وعيسى بن محمد الطوماري، وعبد الرحمن والد المخلص، وابن خلاد النصيبي، وحبيبا
القزاز، وطائفة كثيرة. وسمع بمكة أبا بكر الآجري، وأحمد بن إبراهيم الكندي.
وبالبصرة فاروق بن عبد الكريم الخطابي، ومحمد بن علي بن مسلم العامري، وجماعة.
وبالكوفة أبا بكر عبد الله بن يحيى الطليحي، وجماعة. وبنيسابور أبا أحمد الحاكم،
وحسنك التميمي، وأصحاب السراج فمن بعدهم. روى عنه كوسيار بن لبالبرود الجبلي وتوفي
قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو سعد الماليني وتوفي قبله بثماني عشرة سنة، وأبو بكر بن
علي الذكواني، وتوفي قبله بإحدى عشرة سنة، والحافظ أبو بكر الخطيب وهو من أخص
تلامذته، وقد رحل إليه، وأكثر عنه، ومع ذلك لم يذكره في تاريخ بغداد، ولا يخفى عليه
أنه دخلها ولكن النسيان طبيعة الإنسان، ولذلك أغفله الحافظ أبو سعد بن السمعاني،
فلم يذكره في الذيل. وممن روى عن أبي نعيم أيضا الحافظ أبو صالح المؤذن، والقاضي
أبو علي الوحشي، ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم العطار، وسليمان بن إبراهيم
الحافظ، وهبة الله بن محمد الشيرازي، وأبو الفضل أحمد وأبو علي الحسن ابنا أحمد
الحداد، وخلق كثير آخرهم وفاة أبو طاهر عبد الواحد بن عبد الله شيخ الذهبي. وقد روى
أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن واحد عن أبي نعيم فقال في كتاب طبقات الصوفية:
ثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي، ثنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله، أنا محمد بن علي
بن حبيش المقري ببغداد، أنبأ أحمد بن
ص 113
محمد بن سهل الآدمي، وذكر حديثا. قال أبو محمد بن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب
يقول: لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين، أبو نعيم الأصبهاني وأبو حازم
العبدوي الأعرج. وقال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه
ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكان
كل يوم نوبة واحد منهم، يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره بما كان
يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غذاء سوى التصنيف أو التسميع.
وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة
بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ولا أحفظ، وكانوا يقولون لما صنف
كتاب الحلية حمل إلى نيسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة دينار. وقال ابن المفضل
الحافظ: قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم، وذكر من حدث عنه، وهم نحو ثمانين رجلا
وقال: لم يصنف مثل كتابه حلية الأولياء، سمعناه على أبي المظفر القاساني عنه سوى
فوت عنه يسير. وقال ابن النجار: هو تاج المحدثين وأحد أعلام الدين. قلت: ومن
كراماته المذكورة أن السلطان محمود سبكتكين لما استولى على إصبهان، ولى عليها واليا
من قبله ورحل عنها فوثب أهل إصبهان، وقتلوا الوالي، فرجع محمود إليها وآمنهم حتى
اطمأنوا، ثم قصدهم يوم الجمعة في الجامع وقتل منهم مقتلة عظيمة، وكانوا قبل ذلك قد
منعوا أبا نعيم الحافظ من الجلوس في الجامع، فحصلت له كرامتان السلامة مما جرى
عليهم، إذ لو كان
ص 114
جالسا لقتل، وانتقام الله تعالى له منهم سريعا. ومن مصنفاته حلية الأولياء، وهي من
أحسن الكتب، كان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله كثيرا يحثنا عليها ويحب تسميعها،
وله أيضا كتاب معرفة الصحابة، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب المستخرج على البخاري،
وكتاب المستخرج على مسلم، وكتاب تاريخ أصبهان، وكتاب صفة الجنة، وكتاب فضائل
الصحابة، وصنف شيئا كثيرا من المصنفات الصغار. توفي في العشرين من المحرم سنة
ثلاثين وأربعمائة، وله أربع وتسعون سنة. ذكر البحث عن واقعة جزء محمد بن عاصم، التي
اتخذها من نال من أبي نعيم رحمه الله ذريعة إلى ذلك. قد حدث أبو نعيم بهذا الجزء،
ورواه عنه الأثبات، والرجل ثقة ثبت إمام صادق، وإذا قال هذا سماعي جاز الاعتماد
عليه. وطعن بعض الجهال الطاعنين في أئمة الدين فقال: إن الرجل لم يوجد له سماع بهذا
الجزء. وهذا الكلام سبة على قائله، فإن عدم وجدانه لسماعه لا يكون سبب عدم وجوده،
وإخبار الثقة بسماع نفسه كاف. ثم ذكر شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أن شيخنا
الحافظ أبا الحجاج المزي حدثه أنه رأى بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي أنه وجد بخط
الحافظ أبي الحجاج يوسف ابن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد
بن عاصم. فبطل ما اعتقدوه ريبة. ثم قال الطاعنون ثانيا: وهذا الخطيب أبو بكر
البغدادي وهو الحبر الذي يخضع له الأثبات، وله الخصوصية الزائدة بصحبة أبي نعيم قال
فيما كتب إلي به أحمد بن أبي طالب من دمشق، قال كتب إلي الحافظ أبو عبد الله بن
النجار من
ص 115
بغداد، قال أخبرني أبو عبد الله الحافظ بأصبهان، أنا أبو القاسم بن إسماعيل الصيرفي
أنا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة قال: سمعت أبا الفضل المقدسي يقول: سمعت عبد الوهاب
الأنماطي يذكر أنه وجد بخط الخطيب سألت محمد ابن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم عن
جزء محمد بن عاصم كيف قرأته على أبي نعيم؟ وكيف رأيت سماعه؟ فقال: أخرج إلي كتابا
وقال هو سماعي فقرأته عليه. قلنا: ليس في هذه الحكاية طعن على أبي نعيم، بل حاصلها
أن الخطيب لم يجد سماعه بهذا الجزء، فأراد استفادة ذلك من مستمليه، فأخبره بأنه
اعتمد في القرائة على إخبار الشيخ، وذلك كاف. ثم قال الطاعنون ثالثا: وقد قال
الخطيب أيضا رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أن يقول في الإجازة أخبرنا من
غير أن يبين. قلت: هذا لم يثبت عن الخطيب، وبتقدير ثبوته فليس بقدح، ثم إطلاق
أخبرنا في الإجازة مختلف فيه، فإذا رآه هذا الحبر الجليل أعني أبا نعيم فكيف يعد
منه تساهلا، وإن عد فليس من التساهل المستقبح، ولو حجرنا على العلماء أن لا يرووا
إلا بصيغة يجمع عليها لضيعنا كثيرا من السنة. وقد دفع الحافظ أبو عبد الله بن
النجار قضية جزء محمد بن عاصم بأن الحفاظ الأثبات رووه عن أبي نعيم، وحكينا لك نحن
أن أصل سماعه وجد، فطاحت هذه الخيالات، ونحن لا نحفظ أحدا تكلم في أبي نعيم بقادح،
ولم يذكر غير هذه اللفظة التي عزيت إلى الخطيب، وقلنا إنها لم تثبت عنه، والعمل على
إمامته وجلالته، وأنه لا عبرة بهذيان المعادين وأكاذيب المفترين، على أنا لا نحفظ
عن أحد فيه كلاما صريحا في جرح ولا حط، ولو حفظ لكان سبة على قائله، وقد برء الله
أبا نعيم من معرته. وقال الحافظ ابن النجار في إسناد ما حكي عن الخطيب غير واحد ممن
يتحامل على أبي نعيم، لمخالفته لمذهبه وعقيدته فلا يقبل.
ص 116
قال شيخنا الذهبي: والتساهل الذي أشير إليه شيء كان يفعله في الإجازة نادرا، قال:
فإنه كثيرا ما يقول كتب إلي جعفر الخلدي، وكتب إلي أبو العباس الأصم، أنا أبو
الميمون بن راشد في كتابه. قال: ولكن رأيته يقول أنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ
عليه، قال: والظاهر أن هذا إجازة. قلت: إن كان شيخنا الذهبي يقول ذلك في مكان غلب
على ظنه أن أبا نعيم لم يسمعه بخصوصه من عبد الله بن جعفر، فالأمر مسلم إليه، فإنه
أعني شيخنا الحبر الذي لا يلحق شأوه في الحفظ، وإلا فأبو نعيم قد سمع من عبد الله
بن جعفر، فمن أين لنا أنه يطلق هذه العبارة حيث لا يكون سماع، ثم، وإن أطلق ذاك
فغايته تدليس جائز، قد اغتفر أشد منه لأعظم من أبي نعيم. ثم قال الطاعنون رابعا:
قال يحيى بن مندة الحافظ، سمعت أبا الحسن القاضي يقول: سمعت عبد العزيز النخشبي
يقول: لم يسمع أبو نعيم مسند الحرث ابن أبي أسامة بتمامه من ابن خلاد فحدث به كله.
قلنا قال الحافظ ابن النجار: وهم عبد العزيز في هذا، فأنا رأيت نسخة من الكتاب
عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن
خلاد، فلعله روى الباقي بالإجازة (1). 8 - اليافعي: فيها توفي الإمام الحافظ
الشيخ العارف أبو نعيم... وكان من أعلام المحدثين، وأكابر الحفاظ المفيدين، أخذ عن
الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به، وكتاب الحلية من أحسن الكتب. قلت: أما طعن ابن
الجوزي فيها وتنقيصه لها فهو من باب قولي: لئن ذمها جاراتها وضرائر * وعاب جمالا في
حلاها وفي الحلي فما سلمت حسناء من ذم حاسد * وصاحب حق من عداوة مبطل
(هامش)
(1) طبقات الشافعية الكبرى 4 / 18 - 25. (*)
ص 117
مع أبيات أخرى في مدح الإمام أبي حامد الغزالي وتصانيفه وكلامه العالي. وله: كتاب
تاريخ أصبهان، تفرد في الدنيا بعلو الإسناد مع الحفظ. روى عن المشايخ بالعراق
والحجاز وخراسان، وصنف التصانيف المشهورة في الأقطار (1). 9 - الأسنوي: ...
الجامع بين الفقه والحديث والتصوف. قال الخطيب: لم ألق في شيوخي أحفظ منه ومن أبي
حازم الأعرج... (2). 10 - الخطيب التبريزي: هو من مشايخ الحديث الثقات المعمول
بحديثهم المرجوع إلى قولهم... (3). 11 - السيوطي: أبو نعيم الحافظ الكبير محدث
العصر... أجاز له مشايخ الدنيا وتفرد بهم، ورحلت الحفاظ إلى بابه، لعلمه وضبطه وعلو
إسناده... (4). هو شيخ إمام الحرمين ثم إن من فضائل أبي نعيم الحافظ: كونه شيخ
أبي المعالي إمام الحرمين، فقد قال ابن خلكان بترجمته بعد أن وصفه بقوله: أعلم
المتأخرين من أصحاب الإمام الشافعي على الإطلاق، المجمع على إمامته، المتفق على
غزارة مادته وتفننه في العلوم من الأصول والفروع والأدب وغير ذلك... ونقل عن
الشيخ أبي إسحاق قوله لإمام الحرمين: يا مفيد أهل المشرق
(هامش)
(1) مرآة الجنان. حوادث سنة 430 - 3 / 52. (2) طبقات الشافعية للأسنوي 2 / 474. (3)
الإكمال في أسماء الرجال 3 / 805. (4) طبقات الحفاظ: 423. (*)
ص 118
والمغرب، أنت اليوم إمام الأئمة قال: وسمع الحديث من جماعة كثيرة من علمائه،
وله إجازة من الحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب حلية الأولياء... (1).
*(9)* رواية
البيهقي

ومن رواة حديث التشبيه هو الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، وقد ذكر روايته
لهذا الحديث جماعة من الأعلام، ومنهم: 1 - السمرقندي صاحب كتاب (الصحائف)، على ما
نقل عنه ملك العلماء الهندي في كتابه (هداية السعداء). 2 - الخوارزمي المكي، في
كتابه (المناقب) عن البيهقي عن الحاكم. 3 - ابن طلحة الشافعي، في كتابه (مطالب
السئول). 4 - ابن الصباغ المالكي، في كتابه (الفصول المهمة). 5 - الحسين الميبدي،
في (الفواتح بشرح ديوان أمير المؤمنين). 6 - البدخشاني. 7 - العجيلي الشافعي. رواية
البيهقي دليل ثبوت الحديث ورواية البيهقي دليل على ثبوت الحديث، لقول صاحب
(المشكاة) في حق جماعة من أئمة الحديث - ومنهم البيهقي هذا -: إني إذا نسبت
الحديث
(هامش)
(1) وفيات الأعيان 3 / 167. (*)
ص 119
إليهم كأني أسندت إلى النبي . وقد شرح علي بن سلطان القاري هذه العبارة في
(المرقاة) وهذا نص كلامه: إني إذا نسبت الحديث - أي كل حديث - إليهم، أي إلى بعض
الأئمة المذكورين، المعروفة كتبهم، بأسانيدهم بين العلماء المشهورين، كأني أسندت،
أي الحديث برجاله، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي فيما إذا كان الحديث مرفوعا
وهو الغالب، وإلى الصحابة إذا كان موقوفا، وهو المرفوع حكما (1). ولأن الحافظ
السيوطي عندما يتعقب ابن الجوزي في حكمه على بعض الأحاديث بالوضع، يستند إلى رواية
البيهقي، لإخراج ذلك الحديث عن الوصف الذي وصفه ابن الجوزي به، خذ لذلك مثالا
الحديث التالي: ابن شاهين - ثنا علي بن محمد البصري، أنا مالك بن يحيى أبو غسان،
ثنا علي بن عاصم، عن الفضل بن عيسى الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد
الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير
الكلام الذي كلمه يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به؟ قال:
يا موسى أنا كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها وأنا أقوى من ذلك.
فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى صف لنا كلام الرحمن، قال: سبحان الله
إذا لا أستطيع. قالوا: فشبه لنا. قال: ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تقتل، فإنه
قريب منه . قال ابن الجوزي: ليس بصحيح. والفضل متروك . قال السيوطي: في الحكم
بوضعه نظر، فإن الفضل لم يتهم بالكذب،
(هامش)
(1) المرقاة في شرح المشكاة 1 / 27. (*)
ص 120
وأكثر ما عيب عليه القدر، وهو من رجال ابن ماجة. وهذا الحديث أخرجه البزار في
مسنده: ثنا سليمان بن موسى، ثنا علي بن عاصم به. وأخرجه البيهقي في كتاب الأسماء
والصفات، وهو قد التزم أن لا يخرج في تصانيفه حديثا يعلم أنه موضوع، وأخرجه ابن أبي
حاتم في تفسيره، وقد التزم أن يخرج فيه أصح ما ورد، ولم يخرج فيه حديثا موضوعا
ألبتة (1). وقال الشيخ رحمة الله السندي في (مختصر تنزيه الشريعة) في حديث رمي
بالوضع - وهو سؤال عثمان عن معنى مقاليد السماوات والأرض -: تعقب بأن البيهقي
أخرجه في الأسماء والصفات، وقد التزم أن لا يخرج في كتبه حديثا يعلم أنه موضوع .
مصادر ترجمة البيهقي ومناقب البيهقي كثيرة جدا، وهي مذكورة في كتب التراجم
والتواريخ بترجمته، أنظر منها: 1 - معجم البلدان 1 / 538. 2 - الأنساب 2 / 381. 3 -
الكامل في التاريخ 10 / 52. 4 - وفيات الأعيان 1 / 75. 5 - المختصر في أخبار البشر
2 / 185. 6 - سير أعلام النبلاء 18 / 163. 7 - تذكرة الحفاظ 2 / 1132. 8 - العبر في
خبر من غبر 3 / 242.
(هامش)
(1) اللآلي المصنوعة 1 / 12 كتاب التوحيد. (*)
ص 121
9 - دول الإسلام 1 / 269. 10 - تتمة المختصر في أخبار البشر 1 / 559. 11 - مرآة
الجنان - حوادث سنة 458. 12 - طبقات الشافعية للسبكي 4 / 8. 13 - طبقات الشافعية
للأسنوي 1 / 198. 14 - طبقات الحفاظ: 433. 15 - الوافي بالوفيات 6 / 354. 16 -
البداية والنهاية 12 / 94. 17 - النجوم الزاهرة 5 / 77. 18 - المرقاة في شرح
المشكاة 1 / 23. 19 - شذرات الذهب 3 / 304. وغيرها... وسنترجم له فيما بعد عن بعض
هذه المصادر إن شاء الله تعالى.
*(10)* رواية ابن المغازلي

وروى الحافظ أبو الحسن
ابن المغازلي الجلابي حديث التشبيه بإسناده عن أنس بن مالك، حيث قال: قوله عليه
السلام: من أراد أن ينظر إلى علم آدم وفقه نوح، فلينظر إلى علي: أخبرنا أحمد بن
محمد بن عبد الوهاب، أنا الحسين بن محمد بن
ص 122
الحسين العدل العلوي الواسطي، ثنا محمد بن محمود، ثنا إبراهيم بن مهدي الابلي حدثنا
[إبراهيم بن سليمان بن رشيد، حدثنا زيد بن عطية، حدثنا]، ثنا أبان بن فيروز، عن أنس
بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى علم آدم وفقه
نوح، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (1). ترجمة ابن المغازلي وقد مدح السمعاني في
(الأنساب) أبا الحسن ابن المغازلي، ووصفه بالصفات الجميلة، وصرح بأنه يروي عنه
بواسطة ابنه أبي عبد الله محمد بن علي الجلابي، وإليك نص عبارته: الجلابي، بضم
الجيم وتشديد اللام، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجلاب،
والمشهور بهذه النسبة: أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلابي المعروف بابن
المغازلي، من أهل واسط العراق. كان فاضلا عارفا برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصا
على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ بواسط، وطالعته وانتخبت منه، سمع أبا
الحسن علي بن عبد الهاشمي، وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب، وأبا الحسن أحمد بن
المظفر العطار، وغيرهم. روى لنا عنه: ابنه بواسط، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير
ببغداد. وغرق ببغداد في الدجلة في صفر سنة 483. وحمل ميتا إلى واسط، فدفن بها.
وابنه: أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الجلابي، كان ولي القضاء والحكومة بواسط،
نيابة عن أبي العباس أحمد بن بختيار المندائي، وكان
(هامش)
(1) مناقب علي بن أبي طالب: 212. (*)
ص 123
شيخا عالما فاضلا، سمع أباه وأبا الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي، وأبا علي
إسماعيل بن أحمد بن كماري القاضي، وغيرهم. سمعت منه الكثير بواسط في النوبتين
جميعا، وكنت ألازمه مدة مقامي بواسط، وقرأت عليه الكثير بالإجازة له عن أبي غالب
محمد بن أحمد بن بشران النحوي الواسطي (1). فظهر أن ابن المغازلي شيخ من
مشايخ السمعاني صاحب الأنساب بواسطة واحدة، وأن ابنه شيخ السمعاني مباشرة. وستأتي
ترجمة السمعاني. وأيضا: فابن المغازلي من مشايخ الحافظ خميس الحوزي، وقد نقل خميس
عن ابن المغازلي ثنائه على ابن السقا الواسطي وتعصب أهل السنة عليه، قال الحافظ
الذهبي: قال السلفي: سألت خميسا الحوزي عن ابن السقا فقال: هو من مزينة مضر، ولم
يكن سقاء بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من
أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي، وبارك الله في سنه
وعلمه. واتفق أنه أملى حديث الطير، فلم تحمله نفوسهم، فوثبوا به فأقاموه وغسلوا
موضعه، فمضى ولزم بيته، ولم يحدث أحدا من الواسطيين، فلهذا قل حديثه عندهم. وتوفي
سنة 371. حدثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي (2). فخميس الحوزي الحافظ من تلامذة
ابن المغازلي، وستأتي ترجمته. فهذا طرف من مناقب ابن المغازلي، وآيات علو شأنه
وعظمة مقامه، وجلالة قدره... ومما يدل على جلالة ابن المغازلي: اعتماد كبار الحفاظ
والعلماء
(هامش)
(1) الأنساب. الجلابي. (2) تذكرة الحفاظ 16 / 352. (*)
ص 124
الأعلام على روايات وأحاديثه، ومن ذلك: قال الذهبي: قال علي بن محمد بن الطيب
الجلابي في تاريخه: ابن السقا من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين (1). وقال
السمهودي - بعد أن ذكر الخلاف في وجوب الصلاة على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
وقد قال الحافظ أبو عبد الله محمد المذكور في كتابه نظم درر السمطين: أنه روى عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه: إذا هالك أمر فقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم إني أسألك
بحق محمد وآل محمد أن تكفيني ما أخاف وأحذر، فإنك تكفي ذلك الأمر. ولم ينسبه الحافظ
المذكور لمخرجه. وقد روى في مسند الفردوس بغير إسناد عن علي رضي الله عنه مرفوعا:
من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة، قضى الله له مائة حاجة. وأخرجه الفقيه أبو
الحسن ابن المغازلي من طريق علي بن يونس العطار، حدثني محمد بن علي الكندي، حدثني
محمد بن مسلم، حدثني جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب
رفعه (2). قال: أخرج أبو الحسن ابن المغازلي من طريق موسى بن القاسم عن علي بن
جعفر: سألت الحسن عن قول الله تعالى *(كمشكاة فيها مصباح)* قال: المشكاة: فاطمة،
و*(الشجرة المباركة)*: إبراهيم، *(لا شرقية ولا غربية)*: لا يهودية ولا نصرانية.
*(يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 16 / 352. (2) جواهر العقدين 2 / 65. (*)
ص 125
على نور)*. قال: إمام بعده إمام، *(يهدي الله لنوره من يشاء)*. قال: يهدي الله
لولايتنا من يشاء. وقوله: إمام بعد إمام. يعني: أئمة يقتدى بهم في الدين، ويتمسك
فيه، ويرجع إليهم (1). وقد روى هذا الخبر أحمد بن الفضل بن محمد بن باكثير المكي
الشافعي (2). وروى محمود الشيخاني القادري عن ابن المغازلي من طريق عبد الله ابن
المثنى، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم، لم يجز عليه إلا من معه كتاب
ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3). وفي (جواهر العقدين): ومن طريق سماك
بن حرب، عن حبيش، وأخرجه أبو يعلى أيضا من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر رضي الله عنه
بلفظ: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق. وإن
مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وأخرجه البزار من طريق سعيد ابن المسيب عن أبي ذر
نحوه. وكذا أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي وزاد: ومن قاتلنا في آخر الزمان
فكأنما قاتل مع الدجال (4). وقال ابن حجر المكي في (الصواعق): الآية السادسة -
قوله تعالى: *(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)* أخرج أبو الحسن ابن
المغازلي عن الباقر رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية: نحن الناس والله (5).
(هامش)
(1) جواهر العقدين 2 / 94. (2) وسيلة المآل - مخطوط. (3) الصراط السوي في مناقب آل
النبي - مخطوط. (4) جواهر العقدين 2 / 121. (5) الصواعق المحرقة: 91. (*)
ص 126
هذا، وقد ذكر محمد بن معتمد خان البدخشاني كلام السمعاني السالف الذكر بعينه، في
ترجمة ابن المغازلي في كتاب (تراجم الحفاظ) الذي استخرجه من كتاب (الأنساب). وأما
تاريخه، فقد ذكر في (كشف الظنون) حيث جاء فيه تواريخ واسط - منها: تاريخ أبي عبد
الله محمد بن سعيد بن الدبيثي الواسطي المتوفى سنة 637، والذيل عليه لابن الجلابي
(1). ثم إن مما يؤكد ويحتم كون أبي الحسن ابن المغازلي من أعلام أهل السنة المتقنين
الثقات: كلام (الدهلوي) الذي قرر فيه كون ابن المغازلي من جملة علماء أهل السنة
المؤلفين في فضائل علي وأهل البيت الطاهرين... وهذا تعريب عبارته: قال ابن يونس -
وهو من كبار مجتهدي الشيعة - في الصراط المستقيم: ألف ابن جرير كتاب الغدير، وابن
شاهين كتاب المناقب، وابن أبي شيبة كتاب أخبار وفضائل علي، وأبو نعيم الإصفهاني
كتاب منقبة المطهرين وما أنزل من القرآن في فضل أمير المؤمنين، وأبو المحاسن
الروياني الشافعي كتاب الجعفريات، والموفق المكي كتاب الأربعين في فضائل أمير
المؤمنين، وابن مردويه كتاب رد الشمس في فضل علي، والشيرازي نزول القرآن في شأن
أمير المؤمنين، والإمام أحمد بن حنبل كتاب مناقب أهل البيت، والنسائي كتاب مناقب
أمير المؤمنين، والنظنزي كتاب الخصائص العلوية، وابن المغازلي الشافعي كتاب مناقب
أمير المؤمنين، ويسمى كتاب المراتب أيضا، والبصري كتاب درجات أمير المؤمنين،
والخطيب كتاب الحدائق. وقال السيد المرتضى: سمعت عمر بن شاهين يقول: جمعت من فضائل
(هامش)
(1) كشف الظنون 1 / 309. (*)
ص 127
علي ألف جزء. إنتهى نقلا عن ترجمته المسمى بأنوار العرفان للمعين القزويني الاثنى
عشري. فلينصف المنصفون!! هل للشيعة مصنف مثل واحد من هذه التصانيف في فضائل أمير
المؤمنين وأهل البيت؟! لقد علم المطلعون على كتب الشيعة بأن علمائهم جميعا عيال على
أهل السنة في نقل فضائل أمير المؤمنين والزهراء والحسنين. نعم قد يوجد لهم كتاب في
أحوال سائر الأئمة. والشاهد على ما ذكرنا كتاب كشف الغمة، والفصول المهمة، وغيرهما
من كتب هذا الباب (1). فأنت ترى (الدهلوي) يقرر كلام ابن يونس في كون ابن
المغازلي من علماء أهل السنة، وهذا هو ما أردنا التأكيد عليه، وأما زعمه كون
(الفصول المهمة) من كتب الشيعة، فتوهم باطل، بل هو لنور الدين ابن الصباغ المالكي،
كما سيظهر فيما بعد. ونقل (كشف الغمة في أحوال الأئمة) عن أهل السنة إنما هو من باب
الإلزام والإفحام، وإلا فالكتب التي ألفها الشيعة الإمامية في فضائل أمير المؤمنين
وأهل البيت عليهم السلام، والأحاديث التي رووها بطرقهم في ذلك، لا تحصى كثرة، كما
لا يخفى على من راجع (غاية المرام) و(بحار الأنوار) وغيرهما، لكن (الدهلوي) عذره
جهله... بقي أن نذكر موجز ترجمة السمعاني صاحب (الأنساب) وترجمة خميس الحوزي،
اللذين يرويان عن ابن المغازلي.
(هامش)
(1) التحفة الإثنا عشرية. في حاشية التعصب الثالث عشر من الباب الحادي عشر. (*)
ص 128
ترجمة السمعاني الراوي عن ابن المغازلي أما السمعاني صاحب الأنساب، فهذه جمل من
الثناء عليه: 1 - ابن خلكان: تاج الإسلام... السمعاني المروزي الفقيه الشافعي
الحافظ الملقب بقوام الدين. ذكره الشيخ عز الدين أبو الحسن علي بن الأثير الجزري في
أول مختصره. فقال: كان أبو سعد واسطة عقد بيت السمعاني، وعينهم الباصرة ويدهم
الناصرة، وإليه انتهت رياستهم وبه كملت سيادتهم. رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق
الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، وسافر إلى ما وراء النهر وسائر بلاد خراسان عدة
دفعات، وإلى... غيرها من البلاد التي يطول ذكرها، ويتعذر حصرها، ولقي العلماء وأخذ
عنهم وجالسهم، وروى عنهم واقتدى بأفعالهم الجميلة وآثارهم الحميدة، وكان عدة شيوخه
تزيد على أربعة آلاف شيخ... وصنف التصانيف الحسنة الغزيرة الفائدة... وكان أبوه
محمد إماما فاضلا مناظرا محدثا فقيها شافعيا حافظا، وله الإملاء الذي لم يسبق إلى
مثله، تكلم على المتون والأسانيد وأبان مشكلاتها، وله عدة تصانيف... وكان جده
المنصور إمام عصره بلا مدافعة، أقر له بذلك الموافق والمخالف، وكان حنفي المذهب،
متعينا عند أئمتهم، فحج في سنة 462 وظهر له بالحجاز ما اقتضى انتقاله إلى مذهب
الإمام الشافعي... (1). 2 - ابن الأثير: ففي هذه السنة توفي عبد الكريم بن محمد
بن منصور، أبو سعيد بن أبي المظفر السمعاني، المروزي الفقيه الشافعي، وكان مكثرا من
(هامش)
(1) وفيات الأعيان 3 / 209. (*)
ص 129
سماع الحديث، سافر في طلبه وسمع منه ما لم يسمعه غيره، ورحل إلى ما وراء النهر
وخراسان دفعات، ودخل إلى بلاد الجبل والإصبهان والعراق والموصل والجزيرة والشام
وغير ذلك من البلاد، وله التصانيف المشهورة، منها: ذيل تاريخ بغداد، وتاريخ مدينة
مرو، وكتاب النسب، وغير ذلك، أحسن فيها ما شاء، وقد جمع مشيخته فزادت عدتهم على
أربعة آلاف شيخ... وقد ذكره أبو الفرج ابن الجوزي ففظعه، فمن جملة قوله فيه: إنه
كان يأخذ الشيخ ببغداد ويعبر به إلى فوق نهر عيسى فيقول: حدثني فلان بما وراء
النهر. وهذا بارد جدا، فإن الرجل سافر إلى ما وراء النهر حقا، وسمع في عامة بلاده
من عامة شيوخه، فأي حاجة به إلى هذا التدليس البارد. وإنما ذنبه عند ابن الجوزي أنه
شافعي، وله أسوة بغيره، فإن ابن الجوزي لم يبق على أحد إلا مكثري الحنابلة (1). 3
- ابن الوردي: هو إمام ابن إمام ابن إمام أبو إمام (2). 4 - الذهبي: السمعاني
الحافظ البارع العلامة تاج الإسلام... صاحب التصانيف... كان ذكيا فهما سريع الكتابة
مليحها، درس وأفتى ووعظ وأملى وكتب عمن دب ودرج، وكان ثقة حافظا حجة واسع الرحلة،
عدلا دينا جميل السيرة حسن الصحبة كثير المحفوظ، قال ابن النجار: وسمعت من يذكر أن
عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ، وهذا شيء لم يبلغه أحد. وكان مليح التصانيف، كثير
الأناشيد والأسانيد، لطيف المزاح، ظريفا، حافظا، واسع الرحلة، ثقة صدوقا دينا سمع
منه مشايخه وأقرانه، وحدث عنه
(هامش)
(1) الكامل في التاريخ 11 / 333 حوادث 563. (2) تتمة المختصر في أخبار البشر 3 /
112. (*)
ص 130
جماعة... (1). 5 - وقال: محدث المشرق، وصاحب التصانيف الكثيرة، والرحلة
الواسعة... كان حافظا، ثقة، مكثرا، واسع العلم، كثير التصانيف، ظريفا لطيفا، مبجلا
نظيفا، نبيلا شريفا... (2). 6 - اليافعي: وفيها الإمام تاج الإسلام أبو سعد عبد
الكريم... السمعاني المروزي الفقيه الشافعي... وكان حافظا ثقة مكثرا، واسع العلم
كثير الفضائل ظريفا لطيفا مبجلا لطيفا نبيلا شريفا، وصنف التصانيف الحسنة الغزيرة
الفائدة... (3). 7 - الأسنوي: كان إماما عالما فقيها محدثا أديبا جميل
السيرة... (4). 8 - السبكي: محدث المشرق صاحب التصانيف المفيدة الممتعة
والرياسة والسؤدد والأصالة. قال محمود الخوارزمي: بيته أرفع بيت في بلاد الإسلام
وأعظمه وأقدمه في العلوم الشرعية والأمور الدينية. قال: وأسلاف هذا البيت وأخلافه
قدوة العلماء وأسوة الفضلاء، الإمامة مرفوعة إليهم، والرياسة موقوفة عليهم، بالفضل
والفقاهة، لا بالذل والوقاحة... ولد في الحادي والعشرين من شعبان سنة 506 بمرو...
وعني بالحديث والسماع، واتسعت رحلته، فعمت بلاد خراسان وأصبهان وما وراء النهر
والعراق والحجاز والشام وطبرستان... وألف معجم البلدان التي سمع بها، وعاد إلى وطنه
بمرو سنة 380 فتزوج، وولد له أبو المظفر عبد الرحيم، فرحل به إلى نيسابور ونواحيها
وهراة ونواحيها وبلخ وسمرقند وبخارا، وخرج له معجما،
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 4 / 1316. (2) العبر 4 / 178. (3) مرآة الجنان 3 / 371. (4) طبقات
الشافعية 2 / 55. (*)
ص 131
ثم عاد به إلى مرو، وألقى عصى السفر بعد ما شق الأرض شقا، وأقبل على التصنيف
والإملاء والوعظ والتدريس... ونشر العلم، إلى أن توفي إماما من أئمة المسلمين في
كثير من العلوم... سنة 562 (1). 9 - ابن قاضي شهبة: عبد الكريم بن محمد...
الحافظ الكبير الإمام الشهير، أحد الأعلام من الشافعية والمحدثين، تاج الإسلام...
قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ، وهذا شيء لم يبلغه أحد.
قال: وكان ظريفا حافظا واسع الرحلة ثقة صدوقا دينا جميل السيرة مليح التصانيف، وسرد
ابن النجار تصانيفه وذكر أنه وجدها بخطه... (2). 10 - السيوطي: أبو سعد
السمعاني الحافظ البارع، العلامة، تاج الإسلام، عبد الكريم، ابن الحافظ معين الدين
أبي بكر محمد ابن العلامة المجتهد أبي المظفر منصور، المروزي، ولد سنة 506 في
شعبان، وعني بهذا الشأن، ورحل إلى الأقاليم، وسمع من أبي عبد الله الفراوي وزاهر
الشحامي والطبقة، وبلغت شيوخه سبعة آلاف شيخ، وصنف... مات في جمادى الأولى سنة 562
(3). ترجمة خميس الراوي عن ابن المغازلي 1 - الذهبي: الحوزي الحافظ الإمام محدث
واسط أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد الواسطي... وكان السلفي يثني عليه ويقول: كان
عالما ثقة
(هامش)
(1) طبقات الشافعية 7 / 180. (2) طبقات الشافعية 2 / 11. (3) طبقات الحفاظ: 481.
(*)
ص 132
يملي من حفظه على كل حال من سأله... (1). 2 - أيضا: وفيها توفي أبو الكرم خميس
بن علي الواسطي الحوزي الحافظ، رحل وسمع ببغداد من أبي القاسم ابن البسرى وطبقته.
وكان عالما فاضلا (2). 3 - اليافعي: فيها توفي أبو الكرم خميس بن علي الواسطي
الحوزي الحافظ. وكان عالما حافظا شاعرا (3). 4 - السيوطي: خميس بن علي بن أحمد
الواسطي الجعدي أبو الكرم الحافظ محدث واسط، سمع ابن البسرى وأبا نصر الزينبي
والطبقة. ومنه: السلفي وخلق. وكان عالما ثقة يملي من حفظه، عارفا بالحديث والأدب،
جمع وجرح وعدل. ولد سنة 442 في شعبان. ومات سنة 510 (4).
*(11)* رواية شيرويه
الديلمي

وروى شيرويه بن شهردار الديلمي هذا الحديث في كتابه (الفردوس) بقوله: أبو
الحمراء: من أراد أن ينظر إلى آدم في وقاره، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في شدة
بطشه، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (5).
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 4 / 1261. (2) العبر. حوادث 510 - 4 / 20. (3) مرآة الجنان. حوادث
510. (4) طبقات الحفاظ: 458. (5) فردوس الأخبار. عن نسخة مخطوطة في المكتبة
الناصرية. (*)
ص 133
ترجمة الديلمي 1 - الرافعي: شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الديلمي، أبو
شجاع، الهمداني، الحافظ، من متأخري أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ، كان
قانعا بما رزقه الله تعالى من ريع أملاكه، وسمع وجمع الكثير ورحل. قال أبو سعد
السمعاني: تعب في الجمع، صنف كتاب الفردوس... (1). 2 - الذهبي: المحدث، الحافظ،
مفيد همدان، ومصنف تاريخها، ومصنف كتاب الفردوس... روى عنه: ابنه شهردار، ومحمد بن
الفضل الإسفرائيني، ومحمد بن القاسم البسري، والحافظ أبو العلاء أحمد بن محمد ابن
الفضل، والحافظ أبو العلاء أحمد بن الحسن العطار، والحافظ أبو موسى المديني،
وآخرون... توفي في تاسع عشر رجب سنة 509 (2). 3 - أيضا: المحدث العالم الحافظ
المؤرخ... قال يحيى بن مندة: شاب كيس حسن زكي القلب صلب في السنة قليل الكلام...
(3). 4 - أيضا: الحافظ صاحب كتاب الفردوس... وكان صلبا في السنة (4). 5 -
الأسنوي: الديلمي ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدثا، واسع الرحلة، حسن الخلق
والخلق، ذكيا، صلبا في السنة، قليل الكلام، صنف التصانيف، انتشرت عنه، منها كتاب
الفردوس وتاريخ همدان. ولد سنة 445
(هامش)
(1) التدوين في ذكر علماء قزوين 3 / 85. (2) تذكرة الحفاظ 4 / 1259. (3) سير أعلام
النبلاء 19 / 294. (4) العبر في خبر من غبر. حوادث 509 - 4 / 18. (*)
ص 134
وتوفي في رجب سنة 509 (1). 6 - السيوطي: الحافظ المحدث، مفيد همدان ومصنف
تاريخها، وكتاب الفردوس، سمع عبد الوهاب بن منده وابن البسري والطبقة، وهو حسن
المعرفة، وغيره أتقن منه (2). إعتبار كتاب الفردوس وكتابه (فردوس الأخبار) من
الكتب النفيسة المعتبرة لدى أهل السنة، قد وصفه علماؤهم بأوصاف حسنة، ونوهوا
باعتباره وشهرته: قال علي بن شهاب الدين الهمداني في (روضة الفردوس): لما طالعت
كتاب الفردوس من مصنفات الشيخ الإمام العلامة، قدوة المحققين حجة المحدثين، شجاع
الملة والدين، ناصر السنة، أبي المحامد، شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني، أفاض
الله على روحه الرحمة الرباني، وجدته بحرا من بحور الفوائد وكنزا من كنوز اللطائف،
مشحونا بحقائق الألفاظ النبوية، مخزونا في حدائق فصوله دقائق الآثار المصطفوية...
(3). وقال الثعالبي في (مقاليد الأسانيد): الفردوس للديلمي - أخبرني به قرائة
عليه، أي على الشيخ نور الدين علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري، في حرف اللام...
وإجازة لسائره... (4). وقال ولده شهردار بن شيرويه الديلمي في (مسند الفردوس):
وهو كتاب نفيس، عزيز الوجود، مفتون به، جامع للغرر والدرر النبوية والفوائد
(هامش)
(1) طبقات الشافعية 2 / 104. (2) طبقات الحفاظ: 457. (3) روضة الفردوس - خطبة
الكتاب. (4) مقاليد الأسانيد - في ذكر مسند الفردوس. (*)
ص 135
الجمة، والمحاسن الكثيرة، قد طنت به الآفاق وتنافست في تحفظه الرفاق، لم يصنف في
الإسلام مثله تفصيلا وتبويبا، ولم يسبقه إليه من سلافة الأيام ترصيفا وترتيبا...
(1). وفي (كشف الظنون): فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب، في
الحديث، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الهمداني الديلمي...
واقتفى السيوطي أثره في جامعه الصغير... (2). وقال عبد الرؤوف المناوي: مسند
الفردوس المسمى بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب. والفردوس للإمام عماد
الإسلام أبي شجاع الديلمي، ألفه محذوف الأسانيد مرتبا على الحروف، ليسهل حفظه،
وأعلم بأزائها بالحروف للمخرجين كما مر. ومسنده لولده الحافظ أبي منصور شهردار بن
شيرويه، خرج مسند كل حديث، وسماه: إبانة الشبهة في معرفة كيفية الوقوف على ما في
كتاب الفردوس من علامة الحروف (3). وقال الأدفوي - في (الإمتاع) - في الاستدلال
على جواز الغنا وعدم دلالة قوله تعالى: *(واستفزز من استطعت منهم بصوتك)* على
الحرمة، قال: وما رشحوه به من أن إبليس أول من تغنى لو صح لم يكن فيه حجة، فما كل
ما فعله إبليس حراما، فقد روى الحافظ شجاع الدين شيرويه في كتابه المسمى بالفردوس
بمأثور الخطاب المرتب على كتاب الشهاب بسنده: إن إبليس أول من حدا، وليس الحدا
حراما إتفاقا، فإن ادعوا أن الدليل دل على
(هامش)
(1) مسند الفردوس - خطبة الكتاب. (2) كشف الظنون: 1254. (3) فيض القدير في شرح
الجامع الصغير 1 / 28. (*)
ص 136
إباحة الحداء فخرج بدليل. قلنا: قد دل الدليل على إباحة الغناء، ولم يثبت من طريق
المنع عنه . هذا كلام الأدفوي الذي ترجم له الأسنوي الشافعي بقوله: كمال الدين
أبو الفضل جعفر بن وعد الله الأدفوي... كان فاضلا مشاركا في علوم متعددة، أديبا
شاعرا ذكيا كريما، طارحا للتكلف، ذا مروة كبيرة، صنف في أحكام السماع كتابا نفيسا
سماه بالإمتاع، أنبأ فيه عن اطلاع كثير، فإنه كان يميل إليه ميلا كبيرا ويحضره. سمع
وحدث ودرس... (1). هذا، وإن (الدهلوي) نفسه يتمسك ببعض الأخبار الموضوعة التي
أوردها الديلمي في كتابه، واصفا الديلمي بأنه من مشاهير المحدثين، بل يدعي كونه
مقبولا لدى الشيعة أيضا، قال (الدهلوي) بعد أن ذكر (رؤيا): وأخرجه بهذا السياق
أبو شجاع شيرويه الديلمي في كتاب (المنتقى) عن ابن عباس، وهو من مشاهير المحدثين،
والشيعة تثق به أيضا قال (الدهلوي): ورؤيا الإمام الحسن أيضا مشهورة، وطريقها
صحيح، أخرج الديلمي في كتاب (المنتقى): عن الحسن بن علي، قال: ما كنت لأقاتل بعد
رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده على العرش ورأيت أبا بكر
واضعا يده على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت عمر واضعا يده على منكب
أبي بكر، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر، ورأيت دما دونه، فقلت: ما هذا؟
فقالوا: دم عثمان يطلب الله به. وروى ابن السمان عن قيس بن عباد قال: سمعت عليا يوم
الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت
نفسي، وجاؤني للبيعة فقلت: ألا أستحيي من الله! أبايع قوما قتلوا رجلا قال له
(هامش)
(1) طبقات الشافعية 1 / 86. (*)
ص 137
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة! وإني
لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن، فانصرفوا. فلما دفن رجع
الناس يسألون البيعة فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه. ثم جاءت غزيمة فبايعت.
قال فقالوا: يا أمير المؤمنين. فكأنما صدع قلبي... (1). فهذا ما ينقله (الدهلوي)
عن (الديلمي) معتمدا عليه، لإثبات فضيلة ومنقبة لعثمان بن عفان، ولم يذكر للديلمي
مشاركا في نقل الحكاية إلا ابن السمان الذي يشاركه في الرؤيا الأولى أيضا...
فالديلمي معتمد موثوق به لدى (الدهلوي) بل يدعي ثقة الشيعة به أيضا. وإذا كان كذلك،
فلماذا ينفي (الدهلوي) كون حديث (التشبيه) من أحاديث أهل السنة، وينكر وجوده في
كتاب من كتبهم ولا بطريق ضعيف، مع أنه من أحاديث (الفردوس للديلمي) وقد وافقه في
روايته جمع كبير من مشاهير حفاظ أهل السنة وعلمائهم الأعلام؟! وأيضا: لماذا أعرض
(الدهلوي) عن حديث (الولاية)، مع أن (الديلمي) من رواته، فقد رواه بطريقين ووافقه
على روايته أئمة الحديث وأصحاب الصحاح، بل قد رواه (الدهلوي) نفسه وأبوه ولي الله
الدهلوي؟! قال عز وجل: *(وما تأتيهم آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين)*(2).
بل لقد ادعى (الدهلوي) بطلان هذا الحديث من أصله: *(وجادلوا بالباطل ليدحضوا به
الحق)*(3).
(هامش)
(1) التحفة الإثنا عشرية: 329. (2) سورة الأنعام: 4. (3) سورة غافر: 5. (*)
ص 138
*(ومن أصدق من الله قيلا)* *(وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا
يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا)*(1). لكن (سيف الله الملتاني)
المروج لأقوال (الدهلوي) والناسج على منواله، يضطر إلى أن يقول في الجواب عن
استدلال الإمامية بحديث يرويه (الديلمي): والإنصاف هو الاعتراف بأن أحاديث كتاب
الفردوس للديلمي غير معتبرة لدى أهل السنة فضلا عن الشيعة . فانظر - رحمك الله -
إلى هذا التناقض والتكاذب بين الأصل والفرع والتابع والمتبوع!! وأما الحكايات
السخيفة التي يذكرها (الدهلوي) عن (الديلمي) في شأن عثمان، فبطلانها ظاهر لمن راجع
كتاب (تشييد المطاعن).
*(12)* رواية العاصمي

وقال العاصمي صاحب (زين الفتى بتفسير
سورة هل أتى) في خطبة كتابه: أما بعد، فقد سألني من أوجبت المودة في الله سبحانه
حقه وذمامه، وألزمت نفسي إتحافه وإكرامه، أن أذكر نكتا في شرح سورة الإنسان، وأجعل
ذلك إليه من غرر الصنائع والإحسان، بعد ما رآني لخصت بعض فوائد سورة الرحمن،
واستخرجت أصولا في علوم القرآن. ثم راجعني مرات بعد أخرى، ليكون ذلك له عظة وذكرى،
فرأيت الاشتغال بإسعافه أولى وأحرى، مراعاة لحقوقه وحقوق أسلافه، ومبادرة إلى
(هامش)
(1) سورة الأعراف: 146. (*)
ص 139
إنعامه وإتحافه، ومحاماة على أوليائه وأخلافه. فابتدأت بعد الاستخارة معتصما بالله
سبحانه، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وراغبا إليه فيما وعد من بر وأجر، فإن ذلك
عليه يسير وعلى ما يشاء قدير. ولقد كان من أوكد ما دعاني إليه، وأشد ما حداني عليه
- بعد الذي قدمت ذكره وبينت أمره - ظن بعض الجهلاء الأغثام والمغفلة الذين هم في
البلاد أنعام بنا - معاشر الكرام وجماعة أهل السنة والجماعة بالأحكام - أنا نستجيز
الوقيعة في المرتضى رضوان الله عليه وحباه خير ما لديه، وفي أولاده ثم في شعبه
وأحفاده، وكيف نستجيز ذلك وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه
فعلي مولاه. وهذا حديث تلقته الأئمة بالقبول، وهو موافق للأصول . قال: قد كنا
وعدنا أن نذكر طرفا من ذكر مشابه المرتضى رضوان الله عليه، وأشرنا إليه حيث ذكرنا
افتتاح الله سبحانه هذه السورة بحديث آدم عليه السلام، إذ في المرتضى رضوان الله
عليه مشابهة من أبينا آدم عليه السلام، ثم من بعض الأنبياء عليهم السلام بعده:
فأولهم آدم عليه السلام، ثم نوح عليه السلام، ثم إبراهيم الخليل عليه السلام، ثم
يوسف الصديق عليه السلام، ثم موسى الكليم عليه السلام، ثم داود ذو الأيد عليه
السلام، ثم سليمان الشاكر عليه السلام، ثم أيوب الصابر عليه السلام، ثم يحيى بن
زكريا عليه السلام، ثم عيسى الروح عليه السلام، ثم محمد المصطفى عليه السلام. وأنا
أفرد لكل واحد منهم فصلا مشتملا على ما فيه، لينظر فيه العاقل، فيستدل به على ما
وراءه. والله الموفق للصواب.
ص 140
والذي يؤيد ما ذهبنا إليه من ذكر المشابه حديث: أخبرنيه جدي أحمد بن المهاجر رحمه
الله قال: حدثنا أبو جعفر الرازي مستملي أبي يحيى البزاز، قال: حدثنا مسلم، عن عبيد
الله بن موسى العبسي، عن أبي عمر الأزدي، عن أبي راشد الحبراني، عن أبي الحمراء: عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في
فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
وأخبرنا محمد بن أبي زكريا الثقة قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جعفر
الخوري، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي، وأخبرني شيخي أحمد بن
محمد رحمه الله قال: أخبرنا أبو أحمد إبراهيم بن علي الهمداني قال: حدثنا أبو جعفر
الرازي، وسياق الحديث لأبي الحسين، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مسلم قال:
حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: حدثنا أبو عمر الأزدي، عن أبي راشد الحبراني
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في
فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في
بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. وأخبرنا محمد بن يحيى الثقة قال: أخبرنا أبو سهل
العصامي ببلخ بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو بكر ابن طرخان قال: حدثنا محمد بن مالك
بن هاني المكتب الكندي قال: حدثنا أحمد بن أسد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن
أبي عمر الأزدي، عن أبي راشد، عن أبي الحمراء قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله
عليه وسلم، فأقبل علي بن أبي طالب،
ص 141
فقال النبي: من سره أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في
حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. وأخبرني جدي أحمد بن المهاجر رحمه الله قال:
أخبرنا أبو علي الهروي، عن أبي عروة قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي، قال: حدثنا
عمر - يعني أبا حفص الأبار - عن الحكم بن عبد الملك، عن حارث بن حصيرة عن أبي طارق
عن أبي ربيعة بن ناجد عن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم: فيك مثل عيسى بن مريم أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى
أنزلوه بالمنزل الذي ليس به. ثم قال علي بن أبي طالب: يهلك في رجلان محب مطر يعرفني
بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني . قال: فدلت هذه الأخبار على
حسن مذهبنا في ذكر المشابه، وعلى أنا اقتدينا في ذلك بالرسول عليه السلام، وكفانا
ذلك شرفا وقدوة، إذ جعله الله تعالى للمسلمين وزيرا وأسوة، فلا يظنن جاهل غبي أو
ناصب غوي أنا ارتكبنا مطايا العدوان، واعتدينا في طريقنا هذا بعد البيان، والله
المستعان من شر الزمان، وعليه التكلان في مصارع الحدثان . وقال: أخبرنا الحسين
بن محمد البستي قال: حدثنا عبد الله بن أبي منصور قال: حدثنا محمد بن بشر قال:
حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال:
حدثني حميد، عن أنس قال: كنا في بعض حجرات مكة فتذاكرنا عليا، فدخل علينا رسول الله
فقال: أيها الناس! من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى
إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في شدته، وإلى عيسى في زهادته، وإلى محمد وبهائه، وإلى
جبرئيل وأمانته، وإلى الكوكب الدري والشمس الضحي
ص 142
والقمر المضي، فليتطاول ولينظر إلى هذا الرجل، وأشار إلى علي بن أبي طالب .
*(13)*
رواية النطنزي

ورواه أبو الفتح النطنزي: عن أبي الحمراء مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: كنا حول النبي، فطلع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى
إبراهيم في خلته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (1). ترجمة النطنزي 1 - السمعاني:
النطنزي - أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي، أفضل من بخراسان والعراق في
اللغة والأدب، والقيام بصنعة الشعر. قدم علينا بمرو سنة إحدى وعشرين، وقرأت عليه
طرفا صالحا من الأدب، واستفدت منه واغترفت من بحره، ثم لقيته بهمدان، ثم قدم علينا
بغداد غير مرة من مدة مقامي بها، وما لقيته إلا وكتبت عنه واقتبست منه. سمع بأصبهان
أبا سعد المطرز، وأبا علي الحداد، وعاصم بن نصر الرخي، وببغداد أبا القاسم بن بيان
الرزاز، وأبا علي بن نبهان الكاتب، وطبقتهم. سمعت منه أخيرا بمرو الحديث (2).
(هامش)
(1) الخصائص العلوية - مخطوط. (2) الأنساب - النطنزي. (*)
ص 143
2 - الصفدي: كان من بلغاء أهل النظم والنثر، سافر البلاد ولقي الأكابر، وكان كثير
المحفوظ، محب العلم والسنة، ومكثر الصدقة والصيام، ونادم الملوك والسلاطين، وكانت
له وجاهة عظيمة عندهم، وكان تياها عليهم، متواضعا لأهل العلم، سمع الحديث الكثير
بأصبهان وخراسان وبغداد، ولم يتمتع بالرواية (1). 3 - ابن النجار: كان نادرة
الفلك، ونابغة الدهر، فاق أهل زمانه في بعض فضائله (2).
*(14)* رواية السنائي

وقد
نظم العارف الشهير أبو المجدود بن آدم الغزنوي، الملقب بالحكيم السنائي في (حديقة
الحقيقة) مضمون هذه المنقبة، ومفاد هذا الحديث الشريف، في بيتين من الشعر، في مدح
مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: عالمى بود همچو نوح استاخ * عالمى بود
همچو روح فراخ دل أو عالم معاني بود * لفظ أو آب زندگانى بود قال (الدهلوي):
السنائي من أهل السنة ثم إن (الحكيم السنائي) من مشاهير الشعراء العرفاء، وأشعاره
الحكمية من الأشعار المتداولة المحفوظة لدى أهل الأدب والمعرفة، وقد ذكره
(هامش)
(1) الوافي بالوفيات 4 / 161. (2) ذيل تاريخ بغداد. عن كتاب اليقين للسيد ابن طاوس
الحلي: 95. (*)
ص 144
عبد الرحمن الجامي في كتابه الذي ألفه في تراجم مشاهير العرفاء وسماه بكتاب (نفحات
الأنس في حضرات القدس). ويفيد كلام لمخاطبنا (الدهلوي) في كتابه (التحفة) أن
السنائي من كبار شعراء أهل السنة المقبولين عند علمائهم، فقال في مبحث (المكائد)
التي ينسبها إلى الشيعة: المكيدة السادسة والثلاثون: إضافتهم البيت من الشعر أو
البيتين إلى شعر أحد كبار شعراء أهل السنة، يكون صريحا في التشيع، وفي مخالفة مذهب
أهل السنة، مع رعاية الوزن والقافية، ثم يزعمون وجود ما أضافوه في أصل الشعر، وأن
أهل السنة قد أسقطوه لئلا يتذرع به الشيعة. وإن أكثر صنيعهم هذا يكون بالنسبة إلى
أشعار الشعراء المقبولين الممدوحين عند أهل السنة، كالشيخ فريد الدين العطار،
والشيخ الأوحدي، وشمس الدين التبريزي، والحكيم السنائي، ومولانا الرومي، والحافظ
الشيرازي، والخواجة قطب الدين الدهلوي، وأمثالهم. ولقد ألحق قدماء الشيعة بأشعار
الإمام الشافعي ثلاثة أبيات، فقد قال الشافعي: يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف
بساكن خيفها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض إن
كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي وهو يقصد بهذه الأبيات الرد على
النواصب الذين كانوا ينسبون كل من أحب آل محمد إلى الرفض. لكن ألحق بها في بعض كتب
الشيعة أبيات صريحة في مذهب التشيع، وهي: قف ثم ناد فإنني لمحمد * ووصيه وبنيه لست
بباغض
ص 145
أخبرهم أني من النفر الذي * بولاء أهل البيت ليس بناقض وقل ابن إدريس بتقديم الذي *
قدمتموه على علي ما رضي فهذه مكيدة من مكايدهم، وهي باردة جدا، فقد كان هؤلاء
الشعراء على مذهب أهل السنة، ودعوى كونهم من الشيعة من جهة نسبة بيت أو بيتين من
الشعر إليهم لا تصدر من أدنى الطلبة (1).
*(15)* رواية شهردار الديلمي

وقد أسند شهردار بن شيرويه الديلمي حديث التشبيه الذي رواه والده في كتاب الفردوس. قال:
أخبرنا أبي، حدثنا مكي بن دكين القاضي، حدثنا علي بن محمد بن يوسف، حدثنا الفضل
الكندي، حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن مولى بني هاشم بالكوفة، حدثنا علي بن
الحسين، حدثنا أحمد بن أبي هاشم النوفلي، حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن موسى،
حدثنا كامل أبو العلاء، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي داود، عن نفيع، عن أبي
الحمراء مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من
أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى موسى في شدته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى
هذا المقبل. فأقبل علي (2).
(هامش)
(1) التحفة الاثنا عشرية: 45. (2) مسند الفردوس - مخطوط. (*)
ص 146
وستعلم روايته من عبارة الخوارزمي الآتية أيضا. ترجمة شهردار الديلمي 1 - الذهبي:
شهردار ابن الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي، المحدث، أبو منصور. قال ابن السمعاني:
كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا... (1). 2 - السبكي: قال ابن
السمعاني: كان حافظا عارفا بالحديث فهما، عارفا بالأدب، ظريفا خفيفا، لازما مسجده،
متبعا أثر والده في كتابة الحديث وسماعه وطلبه. رحل إلى أصبهان مع والده ثم إلى
بغداد... (2). 3 - وذكره ابن قاضي شهبة والأسنوي في (طبقات الشافعية) (3). 4 -
وأورد الثعالي في (مقاليد الأسانيد) عبارة الذهبي السالفة الذكر. 5 - وأثنى عليه
(الدهلوي) في كتاب (بستان المحدثين) منتحلا كلمات الثعالبي، كما هو دأبه وديدنه في
كتابه المذكور.
(هامش)
(1) العبر في خبر من غبر. حوادث سنة 558. (2) طبقات الشافعية الكبرى 7 / 110. (3)
طبقات الأسدي طبقات الأسنوي 2 / 21. (*)
ص 147
*(16)* رواية الخوارزمي

لقد روى الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي، الشهير بالخطيب
الخوارزمي، حديثا بالسند الآتي، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسين علي
بن أحمد العاصمي الخوارزمي، فقال: أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ثم قال: وبهذا الإسناد عن أحمد بن
الحسين هذا، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في التاريخ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد
بن أحمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن مسلم قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال:
حدثنا أبو عمر الأزدي، عن أبي راشد الحبراني، عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى
بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. قال
أحمد بن الحسين البيهقي: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، والله أعلم (1). ترجمة
الخوارزمي 1 - العماد الإصفهاني: خطيب خوارزم، أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد
المكي الخوارزمي، من الأفاضل الأكابر، فقها وأدبا، والأماثل الأكارم
(هامش)
(1) مناقب علي بن أبي طالب: 40. (*)
ص 148
حسبا ونسبا (1). مصادر ترجمة العماد الكاتب وتوجد ترجمة العماد الأصفهاني الكاتب
في: وفيات الأعيان 4 / 233. معجم الأدباء 19 / 11. والعبر في خبر من غبر 4 / 299.
والمختصر في أخبار البشر 3 / 105. ومرآة الجنان 3 / 492. وطبقات الشافعية الكبرى 6
/ 178. وغيرها من كتب التاريخ والتراجم المعتبرة. 2 - أبو الفتوح المطرزي: فإنه وصف
الخوارزمي في مواضع عديدة من كتاب (الإيضاح في شرح المقامات) بأوصاف جليلة لدى
النقل عنه، مع الاعتماد عليه، وهذه نصوص من ذلك: قال في الكلام على زهد أويس القرني
رضي الله عنه: فمما يدل على زهده: ما أخبرني به الإمام الأجل العلامة أبو المؤيد
الموفق بن أحمد المكي قال: أخبرنا الشيخ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي المعدل،
أنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي الحسيني، أنا أحمد بن
علي العطار المقرئ قراءة، ثنا علي بن أحمد بن عمرو، ثنا محمد ابن منصور المقرئ، ثنا
محمد بن علي خلف، ثنا حسين الأشقر، ثنا مخلد بن الحسين، عن رجل، عن أسيد بن عمرو
قال:
(هامش)
(1) خريدة القصر وجريدة العصر - مخطوط. (*)
ص 149
كان أويس القرني إذا أمسى أخذ قطيفة فغطى بها رأسه ورجليه، وتصدق بفضلها، وينظر إلى
قوته فيعزله ويتصدق بفضله، ويقول: اللهم من كان أمسى عاريا أو جائعا ليس له عندي
فضل . ومما يدل على كثرة عبادته ما أخبرني به مولاي أيضا بهذا الإسناد إلى محمد
بن منصور، ثنا عبد الله بن أبي زياد، ثنا سيار، ثنا جعفر بن سليمان، عن إبراهيم بن
عيسى السكري قال: قال أويس القرني: لأعبدن الله في الأرض كما تعبده الملائكة في
السماء، فكان إذا استقبل الليل قال: يا نفس، الليلة القيام، فيصف قدميه حتى يصبح،
ثم يستقبل الليلة الثانية فيقول: يا نفس، الليلة الركوع، فلا يزال راكعا حتى يصبح،
ثم يستقبل الليلة الثالثة فيقول: يا نفس الليلة السجود، فلا يزال ساجدا حتى يصبح .
وأما قوله: وأحد جناحي الدنيا، فقد أخبرني مولاي الصدر السعيد الشهيد، صدر الصدور
أبو المؤيد، موفق بن أحمد المكي إجازة، أنا الشيخ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي
المعدل، أنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي ابن عبد الله العلوي الحسيني، أنا علي
بن الفضل الدهقان، أنا محمد بن زيد الرطاب قال: قال إبراهيم بن محمد الثقفي، وسمعنا
أهل البصرة افتخروا بما يذكر عن أبي هريرة أن الدنيا مثلت على صورة طائر فالبصرة
ومصر جناحان، فإذا خربا وقع الأمر الخ . حدثنا صدر الأئمة أخطب خطباء خوارزم، موفق
بن أحمد المكي ثم الخوارزمي قال: أخبرني السيد الإمام المرتضى أبو الفضل الحسيني في
كتابه أتى من مدينة الري جزاه الله عني خيرا أخبرنا السيد أبو الحسن علي بن أبي
طالب الحسيني الشيباني بقراءتي عليه، أخبرني الشيخ العالم أبو النجم محمد
ص 150
ابن عبد الوهاب بن عيسى التمار الرازي، أخبرنا الشيخ العالم أبو سعيد محمد ابن أحمد
بن الحسين النيسابوري، أخبرنا محمد بن علي بن جعفر الأديب بقراءتي عليه، حدثني
المعافا بن زكريا أبو الفرج، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج، عن الحسن بن محمد بن
بهرام، عن يوسف بن موسى القطان، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن الرياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب،
والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب . أخبرني مولاي الصدر العلامة، قال
قال فخر خوارزم: ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود وحلاوة نغمته الخ . سمعت مولاي
الصدر الكبير العلامة يقول: سمعت فخر خوارزم يقول: لما كان ليلة ولد فيها رسول الله
ارتج أيوان كسرى، فسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، وغاصت بحيرة ساوة .
وقوله أضاعوني وأي فتى أضاعوا. تضمين، وهو لأمية بن أبي الصلت وتمامه: ليوم كريهة
وسداد ثغر. ويروى أنه كان لأبي حنيفة جار فاسق يتغنى كثيرا بهذا البيت، فاتفق أن
خرج ذات ليلة سكران، فأخذه العسس وحبس، فلما سمع ذلك أبو حنيفة نهض إليه مسرعا من
الغد، وتكلم فيه حتى أطلق من الحبس، فلما أدخله منزله قال: هل أضعناك؟ فأخذه بيده
وتاب ببركات سعيه. وسمعت هذه الحكاية على مولاي الصدر في مناقب أبي حنيفة، بإسناده
إلى أبي يوسف بلفظ قريب مما ذكرت . 3 - ابن النجار: الموفق بن أحمد المكي، كان
خطيب خوارزم، وكان
ص 151
فقيها فاضلا أديبا شاعرا بليغا، من تلامذة الزمخشري (1). 4 - محمد بن محمود
الخوارزمي: فإنه قد ذكر الموفق الخوارزمي في مواضع من كتابه (جامع مسانيد أبي
حنيفة) محتجا بأقواله، مع وصفه بأوصاف جليلة عالية، وإليك موارد من ذلك: قال - بعد
ذكر القول المنسوب إلى الشافعي: الناس عيال على أبي حنيفة: وقد نظم هذا المعنى
أخطب الخطباء شرقا وغربا أبو المؤيد المكي الخوارزمي، على ما أنشدني الصدر الكبير
شرف الدين أحمد بن موفق المكي الخوارزمي قال: أنشدني الصدر العلامة، أخطب خطباء
الشرق والغرب، صدر الأئمة أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي الخوارزمي لنفسه، في عدة
أبيات له يمدح بها أبا حنيفة رضي الله عنه. أئمة هذه الدنيا جميعا * بلا ريب عيال
أبي حنيفة أنشدني الصدر الكبير شرف الدين أحمد بن مؤيد بن موفق المكي الخوارزمي
قال: أنشدني جدي البدر العلامة أخطب خطباء الشرق والغرب، أبو المؤيد موفق بن أحمد
المكي الخوارزمي رحمه الله لنفسه: أيا جبلي نعمان إن حصاكما * لتحصى ولا تحصى فضائل
نعمان جلائل كتب الفقه طالع تجد بها * دقائق نعمان شقائق نعمان وأنشدني الصدر
الكبير شرف الدين أحمد بن المؤيد المكي الخوارزمي قال: أنشدني الصدر العلامة صدر
الأئمة أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي لنفسه: رسول الله قال سراج ديني * وأمتي
الهداة أبو حنيفة
(هامش)
(1) ذيل تاريخ بغداد، عنه كتاب اليقين لابن طاوس الحلي: 166. (*)
ص 152
غدا بعد الصحابة في الفتاوي * لأحمد في شريعته خليفة سدى ديباج فتياه اجتهاد *
ولحمته من الرحمن خيفة أنشدني الصدر الكبير شرف الدين أحمد بن مؤيد قال: أنشدني
الصدر العلامة صدر الأئمة أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي لنفسه: غدا
مذهب النعمان خير المذاهب * كذا القمر الوضاح خير الكواكب تفقه في خير القرون مع
التقى * فمذهبه لا شك خير المذاهب وقد ذكر خطيب خطباء خوارزم صدر الأئمة أبو
المؤيد موفق بن أحمد المكي في مناقب أبي حنيفة رضي الله عنه سبعمائة وثلاثين رجلا
من مشايخ المسلمين في الآفاق وأقطار الأرضين، ممن رووا عنه، رضي الله عنه . وأما
النوع السادس من مناقبه - أي مناقب أبي حنيفة - وفضائله التي تفرد بها: التلمذ عند
أربعة آلاف من شيوخ أئمة التابعين دون من بعده، أي أبي حنيفة، فالدليل عليه ما
أخبرنا جماعة من ثقات المشايخ، عن الصدر العلامة أخطب خطباء خوارزم، صدر الأئمة أبي
المؤيد، موفق بن أحمد المكي، عن أبي حفص عمر بن الإمام أبي الحسن علي الزمخشري، عن
والده رحمه الله أنه قال: وقعت منازعة بين أصحاب الإمام الأعظم أبي حنيفة وأصحاب
الإمام المعظم الشافعي رضي الله عنه، ففضل كل طائفة صاحبها . النوع السابع من
مناقبه - أي مناقب أبي حنيفة - التي تفرد بها، إنه تفق له من الأصحاب ما لم يتفق
لأحد من بعده، فالدليل عليه: ما أخبرني المشايخ الثقات عن صدر الأئمة أبي المؤيد
موفق بن أحمد المكي، قال أخبرني الإمام العلامة ركن الإسلام أبو الفضل عبد الرحمن
بن أميرويه، قال: أنا قاضي القضاة أبو بكر عتيق بن داود اليماني في ترجيح مذهب أبي
حنيفة رضي الله عنه على