ص 200
الحلم بإبراهيم خليل الرحمن، كما وصفه الله عز وجل بقوله: *(إن إبراهيم لأواه
حليم)*. فكان متخلقا بأخلاق الأنبياء، متصفا بصفات الأصفياء (1). الكنجي وكتابه
والكنجي أبو عبد الله محمد بن يوسف الشافعي، إمام حافظ كبير، وكتابه المذكور كتاب
معتمد مشهور، فقد جاء في كتاب (الفصول المهمة في معرفة الأئمة) لابن الصباغ
المالكي: ومن كتاب كفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب، تأليف الإمام الحافظ
أبي عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي... (2). وذكر الكاتب الحلبي كتاب
الكنجي بقوله: كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، للشيخ الحافظ أبي عبد الله
محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي، المتوفى سنة 658 (3). وقد اعتمد على الكتاب
المذكور عبد الله بن محمد المطيري في (الرياض الزاهرة). والكاتب الجلبي الذي وصف
الكنجي بما عرفت، من علماء أهل السنة، توفي سنة 1067، وقد اعتمد العلماء على ما
ذكره في كتابه (كشف الظنون) كالعلامة غلام علي آزاد البلجرامي في (سبحة المرجان)
والعلامة حيدر علي الفيض آبادي في (منتهى الكلام) وغيرهما.
(هامش)
(1) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 121. (2) الفصول المهمة في معرفة
الأئمة: 127. (3) كشف الظنون 2 / 1497. (*)
ص 201
ولا يخفى عليك ما لوصف الحافظ ووصف الإمام ووصف الشيخ من شأن وعظمة...
*(22)* رواية محب الدين الطبري

ورواه الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري،
شيخ الحرم حيث قال: ذكر شبهه بخمسة من الأنبياء عليهم السلام في مناقب لهم: عن
أبي الحمراء، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في
علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حكمه، وإلى يحيى ابن زكريا في زهده، وإلى
موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب. أخرجه القزويني الحاكمي. وعن
ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينظر
إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي
طالب. أخرجه الملا في سيرته (1). ذكر كتاب الرياض النضرة وأما كتاب (الرياض
النضرة في مناقب العشرة) فقد ذكره الكاتب الحلبي بقوله: الرياض النضرة في فضائل
العشرة، لمحب الدين أحمد بن عبد الله بن
(هامش)
(1) الرياض النضرة في مناقب العشرة (3 - 4): 197. (*)
ص 202
محمد الطبري الشافعي، المكي، المتوفى سنة 694. أوله: الحمد لله الذي يختص برحمته من
يشاء... ذكر أنه جمع ما يروى فيهم في مجلد بحذف الأسانيد من كتب عديدة، وشرح غريب
الحديث في خلاله، عازيا كل حديث إلى كتاب، وقدم مقدمة في أسماء وكنى، وذكر أولا
الأحاديث الجامعة ثم ما اختص بالأربعة، ثم سماه كما ورد، وأورد فصل كل واحد وأدرج
جملة ذلك في قسمين، الأول - في مناقب الأعداد. والثاني - في مناقب الآحاد. ومنه
انتقى الشيخ زين الدين أحمد الشماع الحلبي، المتوفى سنة 936، كتابه المسمى بالدر
الملتقط (1). وهو من مصادر الديار بكري في (تاريخ الخميس في أحوال النفس
والنفيس). وعده (الدهلوي) في الكتب التي ألفها أهل السنة في باب المناقب والفضائل.
وتشبث (الدهلوي) الذي رواه المحب الطبري في كتابه (الرياض النضرة) بالحديث، مستدلا
به لما زعم من رضا الصديقة الزهراء عليها السلام عن أبي بكر بن أبي قحافة، خلافا
لما أخرج في الصحيح من أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر، كما في البخاري وغيره.
وتمسك والده في كتاب (إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء) بما رواه الطبري في هذا الكتاب
من أخبار مناقب الشيخين. وقال الحافظ المحب الطبري في ديباجة كتابه المذكور: أما
بعد، فإن الله عز وجل قد اختار لرسوله صلى الله عليه وسلم
(هامش)
(1) كشف الظنون 1 / 937. (*)
ص 203
أصحابا، فجعلهم خير الأنام، واصطفى من أصحابه رضي الله تعالى عنهم جملة العشرة
الكرام، فرضيهم لعشرته وموالاته وفضلهم بالانضمام إليه مدة حياته، وأنعم عليهم بما
أولاهم من أصناف موجبات كريم كرمه، وأسعدهم بما سلف لهم في سابق قديم قدمه، وأشقى
قوما بارتكاز أهويتهم في الخوض في أمرهم، فيما لا يعنيهم واجتراهم على الإقدام على
التنقص بهم، وصفهم بما ليس فيهم... فما للجاهل الغبي ولهم، وقد أخبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه سيغفر لهم، وما للمتعامي وتأويل ما ورد في شأنهم وتحريفه، بعد
قوله صلى الله عليه وسلم: لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
فالحمد لله أن عصمنا من هذه الورطة العظيمة، ووفقنا بحب جملتهم إلى سلوك الطريقة
المستقيمة، ثم الحمد لله أن ألهم جمع هذا المؤلف في مناقبهم والإعلام بما وجب من
التعريف بشرف قدرهم وعلو مراتبهم، وتدوين بعض ما روي من عظيم مآثرهم، وإبراز طرف ما
ذكر من عميم مذاخرهم، من كتب ذوات عدد، على وجه الاختصار وحذف السند، ليسهل على
الناظر تناوله ويقرب على الطالب فيه ما يحاوله، عازيا كل حديث إلى الكتاب المخرج
منه، منبها على مؤلفه ومن أخذ عنه، تفصيا عن عهدة الارتياب في النقل، واعتمادا على
أولى السابقة من أهل العلم والفضل، مبتديا بذكر ما شملهم على طريقة التضمن، ثم بما
اختص بهم على وجه المطابقة والتعين، ثم بما ورد فيما دون العشرة وإن انضم إليهم من
ليس منهم، ثم ما اختص بالأربعة الخلفاء ولم يخرج عنهم، ثم بما زاد على الأربعة على
واحد، ثم بما ورد في فضائل كل واحد واحد، وأدرجت جملة ذلك في قسمين . هذا، وقد روى
الحافظ المحب الطبري هذا الحديث في كتابه الآخر:
ص 204
(ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى) حيث قال: ذكر شبه علي بخمسة من الأنبياء: عن
أبي الحمراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في
علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى
موسى في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب. أخرجه أبو الخير الحاكمي. وعن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى
نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه الملا في
سيرته (1). ذكر كتاب ذخائر العقبى وأما كتابه (ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى)
الذي قال في خطبته: أما بعد، فإن الله تعالى قد اصطفى محمدا على جميع من سواه،
وخصه بما أنعمه به من فضله الباهر وحباه، وأعلى منزلة من انتمى إليه، سببا أو نسبة،
ورفع مرتبة من انطوى عليه نصرة وصحبة، وألزم مودة قرباه كافة بريته، وفرض محبة جميع
أهل بيته المعظم وذريته. لا جرم سنح بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم، وتبيين ما
روي في شريف قدرهم وعلو مراتبهم، وتتبع ما نقل في عظيم فخرهم الفاخر، وجمع ما ظفرت
به من عميم فضلهم الباهر، ولم لا وهم هالة قمر الكون وطفاوة شمس
(هامش)
(1) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 93. (*)
ص 205
البرية وأغصان دوحة الشرف وفروع أصل الأنوار النبوية، أعاد علينا من حلوم سنا
بركتهم، كما أعاذنا من جهل علو درجتهم وغمر في غفرانه ذنوبنا بحرمتهم، كما غمر
بإحسانه قلوبنا بمحبتهم، وأحسن ما لنا بجاههم عليه، كما علق أعمالنا بالتوسل إليه،
وسميته كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، ناقلا من كتب ذوات أعداد على وجه
الاختصار وحذف الإسناد، عازيا كل حديث إلى كتابه، تفصيا عن عهدة الارتياب وتسهيلا
على طلابه، فالله أسأل أن يجعل ذلك وسيلة إلى جنات النعيم، وذريعة إلى درك الفوز
العظيم وتحقيق الأمل فيه لديه، فإنه ولي ذلك والقادر عليه. ورتبته على قسمين قسم
يتضمن ما جاء فيهم على وجه العموم والإجمال، وقسم يتضمن ذلك على وجه التخصيص وتفصيل
الأحوال . وذكره الكاتب الجلبي بقوله: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلد،
لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، المتوفى سنة 694 (1). وذكره صديق حسن
القنوجي - في (إتحاف النبلاء) - بقوله: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلد،
لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، المتوفى سنة 694، وموضوعه من اسمه ظاهر . فقد
ذكره الشوكاني في مروياته - في (إتحاف الأكابر). والدياربكري في مصادر تاريخه
(الخميس في أحوال النفس والنفيس). وقال محمد الأمير في ذكر مآخذ كتابه (الروضة
الندية): وأجل معتمدي: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، لإمام السنة وحافظها
محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري رحمه الله... . وقال ابن باكثير المكي في
(وسيلة المآل في عد مناقب الآل):
(هامش)
(1) كشف الظنون 1 / 821. (*)
ص 206
وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن وجمعت من جواهر مناقبهم الشريفة ما يحمل به جيد
الزمان، ومن آخر ما جمعت في ذلك التأليف، وأنفع ما نقلت في هذا التصنيف كتاب جواهر
العقدين في فضل الشرفين لعلامة الحرمين السيد علي السمهودي تغمده الله برحمته، فمن
ذخائر العقبى في فضل ذوي القربى، يحق له أن يكتب بماء العين، لعلامة الحجاز الشريف
محقق دهره وحافظ عصره المحب الطبري، لا زال الثناء عليه يحيي ذكره وقدس الله سره،
وكتاب استجلاء ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي الشرف، لحافظ عصره السخاوي نور
الله ضريحه، وأحل في غرف الجنان روحه، وكتاب حسن السريرة في حسن السيرة، لصاحبنا
وعمدتنا سيبويه زمانه مفرد وقته وأوانه، محقق العصر نادرة الدهر خلاصة ذوي الفخر
الغني عن الإطناب بتعداد الألقاب والصفات بما خصه الله تعالى به من نعوت الكمال
وجزيل الهبات، مولانا الإمام العلامة عبد القادر ابن محمد الطبري الحسيني الخطيب
الإمام بالمسجد الحرام، ولا زالت المشكلات تنجلي بوجوده، ولا برح جيد العلوم بتحلي
بجواهر عقوده . وذكره (الدهلوي) في الكتب التي ألفها أهل السنة في فضائل ومناقب
أهل البيت. وقال أحمد بن باكثير المكي - كما تقدم -: ويحق له أن يكتب بماء العين
لعلامة الحجاز الشريف محقق دهره وحافظ عصره المحب الطبري، لا زال الثناء عليه يحيى
ذكره وقدس الله سره... .
ص 207
ترجمة المحب الطبري 1 - الذهبي: المحب الإمام، المحدث، المفتي، فقيه الحرم...
تفقه ودرس وأفق وصنف، وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز... وكان إماما صالحا زاهدا
كبير الشأن... (1). 2 - أيضا: الإمام، الحافظ، المفتي، شيخ الحرم... كان عالما
عاملا جليل القدر، عارفا بالآثار، ومن نظر في أحكامه عرف محله من الفقه والعلم...
توفي في رمضان سنة 694 وقيل بل في جمادى الأخرى منها (2). 3 - وقال الذهبي:
والمحب الطبري، شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد ابن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن
محمد بن إبراهيم المكي الشافعي، الحافظ، وسمع من ابن المقير وجماعة، وصنف كتابا
حافلا في الأحكام في عدة مجلدات. توفي في ذي القعدة (3). 4 - أيضا: وشيخ الحرم،
الحافظ الفقيه، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، مصنف الأحكام، عن 77 سنة (4).
5 - ابن الوردي: وشيخ الحرم الحافظ... (5). 6 - الأسنوي: محب الدين أبو
العباس أحمد بن عبد الله بن محمد الطبري، ثم المكي، شيخ الحجاز، كان عالما عاملا
جليل القدر، عالما بالآثار
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 4 / 1475. (2) المعجم المختص: 22. (3) العبر في خبر من غبر -
حوادث 694، 5 / 382. (4) دول الإسلام - حوادث 694. (5) تتمة المختصر في أخبار البشر
- سنة 694. (*)
ص 208
والفقه، اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألف كتابا في
المناسك، وكتابا في الألغاز، وكتابا نفيسا في أحاديث الأحكام. ولد يوم الخميس 17 من
جمادى الآخرة سنة 615. وتوفي في سنة 64، وقيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك (1). 7
- السبكي: شيخ الحرم وحافظ الحجاز بلا مدافعة (2). 8 - الصفدي: شيخ الحرم،
الفقيه، الزاهد، المحدث، درس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز... (3). 9 -
السيوطي: المحب الطبري الإمام المحدث، فقيه الحرم، وشيخ الشافعية، ومحدث الحجاز.
كان إماما زاهدا صالحا كبير الشأن (4). ذكر من نقل عنه وقد أكثر العلماء من النقل
لرواياته معتمدين عليها: قال السيد شهاب الدين أحمد، صاحب كتاب (توضيح الدلائل) بعد
رواية: رواه شيخ الحرم، والإمام المحترم، الحافظ المحدث المفتي الفقيه البارع
الورع المدرس النبيه، مقدم الشافعية في الحجاز، وكان ذا جاه عظيم واعتزاز، ذو
التصانيف الكثيرة والفضائل الشهيرة، محب الدين أبو العباس، أحمد بن عبد الله بن
محمد بن أبي بكر المكي الطبري، في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى .
(هامش)
(1) طبقات الشافعية 2 / 179. (2) طبقات الشافعية 8 / 18. (3) الوافي بالوفيات 7 /
135. (4) طبقات الحفاظ: 514. (*)
ص 209
وقال عبد الغفار بن إبراهيم العكي الشافعي في (عجالة الراكب): أحمد ابن عبد الله،
شيخ الحرم، محب الدين، الطبري المكي، درس وأفتى، ومن تصانيف الأحكام المبسوط، ورتب
كتاب جامع الأسانيد وشرح التنبيه، وألف كتابا في المناسك، وكتابا في الألفاظ،
والرياض النضرة في فضائل العشرة، والسمط الثمين في فضائل أمهات المؤمنين، وذخائر
العقبى في فضائل ذوي القربى . وقال محمد بن إسماعيل الأمير في آخر (الروضة
الندية): ولعله يقول قائل: قد أكثرتم من النقل عن الطبري، ومن الطبري؟ ويشتاق إلى
معرفة شيء من أوصافه ليكون أقر لعينه في قبول ما أسند إليه. فنقول: المحب الطبري هو
الإمام المحدث الفقيه، فقيه الحرم، محب الدين، أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد
بن أبي بكر الطبري ثم المكي الشافعي، مصنف الأحكام الكبرى، ولد سنة خمس عشرة
وستمائة، وسمع من أبي الحسن بن المقير وابن الحميري وشعيب الزعفراني وعبد الرحمن بن
أبي حرمى وجماعة، وتفقه ودرس وأفتى وصنف، وكان شيخ الشافعية، ومحدث الحجاز، وروى
عنه الدمياطي من نظمه، وأبو الحسن بن العطار وأبو محمد البرزالي وآخرون. وكان إماما
صالحا زاهدا كبير الشأن، روى عنه أيضا ولده قاضي مكة جمال الدين محمد، وحفيده
الإمام نجم الدين قاضي مكة، وكتب إلي بمروياته. توفي في جمادى الآخرة سنة أربع
وتسعين وستمائة .
ص 210
*(23)* رواية السيد علي الهمداني

ورواه العارف الشهير المحدث الكبير السيد علي الهمداني: عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد
أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرائيل في جلالته،
وإلى آدم في سلمه، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى يعقوب في حزنه،
وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده،
وإلى عيسى في سننه، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمد في جسمه وخلقه، فلينظر إلى علي،
فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء، جمعها الله فيه ولم تجمع في أحد غيره. وعد
جميع ذلك في كتاب جواهر الأخبار (1). ترجمة الهمداني 1 - نور الدين جعفر
البدخشاني: في بيان بعض فضائل العروة الوثقى، حضرة الرحمن الشكور الفخور بجناب
الديان، قرة عين محمد رسول الله، ثمرة فؤاد المرتضى والبتول، المطلع على حقائق
الأحاديث والتفاسير، الممعن في السرائر بالبصيرة والتبصير، المرشد للطالبين في
الطريق السبحاني، الموصل للمتوجهين إلى الجمال الروحاني، العارف المعروف بالسيد علي
الهمداني، خصه الله اللطيف باللطف الصمداني، ورزقنا الإستنارة الدائمة من
(هامش)
(1) المودة في القربى، أنظر ينابيع المودة 2 / 306 الطبعة الحديثة. (*)
ص 211
النور الحقاني... (1). 2 - الجامي: الأمير السيد علي بن شهاب الدين بن محمد
الهمداني قدس سره. كان جامعا بين العلوم الظاهرية والعلوم الباطنية، وله في العلوم
الباطنية مصنفات مشهورة، منها كتاب النقطة، وشرح الأسماء الحسنى، وشرح فصوص الحكم،
وشرح القصيدة الهمزية الفارضية. كان ملازما للشيخ شرف الدين محمود بن عبد الله
المزدقاني، إلا أنه أخذ الطريقة من صاحب السر بين الأقطاب تقي الدين علي دوستي،
ولما توفي تقي الدين علي عاد إلى الشيخ شرف الدين محمود، فسأله عن وظيفته، فالتفت
إليه الشيخ قائلا: الوظيفة هي أن تطوف أقصى بلاد العالم، فسار في بلاد العالم كله
ثلاث مرات، وفاز بصحبة أربعمائة وألف ولي من الأولياء، حتى لقي أربعمائة رجل منهم
في مجلس واحد. ومات في سادس ذي الحجة سنة 786... (2). 3 - الكفوي: لسان العصر،
سيد الوقت، المنسلخ عن الهياكل الناسوتية، والمتوسل إلى السبحات اللاهوتية، الشيخ
العارف الرباني والعالم الصمداني، مير سيد علي بن شهاب الدين بن محمد بن محمد
الهمداني قدس الله تعالى سره، كان جامعا بين العلوم الظاهرة والباطنة، وله مصنفات
كثيرة في علم التصوف فنقل مصنفاته، ثم نقل كلام الجامي في نفحاته، ثم قال: وكان
السيد علي الهمداني جمع الأوراد واختارها من المشايخ الذين كانوا في عصره وتشرف
بصحبتهم، وبأس أياديهم الشريفة واقتبس من أنوارهم القدسية، وانتخبها من جوامع
كلماتهم الإنسية وسماها الأوراد
(هامش)
(1) خلاصة المناقب - مخطوط. (2) نفحات الأنس من حضرات القدس: 447. (*)
ص 212
الفتحية، وهي اليوم أوراد الإخوان الكيروية، والشيخ الجليل السيد علي الهمداني أخذ
الطريقة عن تقي الدين علي دوستي والشيخ محمود المزدقاني، وهما عن علاء الدولة
السمناني ثم قال: سمعت شيخنا وسيدنا المولى العارف الرباني الشيخ محمد بن يوسف
العركتى السمرقندي، يحكي عن شيخه المخدومي عبد اللطيف الجامي، عن شيخه المخدوم
الأعظم حاجي محمد الحبوشاني، عن شيخه شاه بيدواري، عن شيخه محمد الملقب بالرشيد، عن
شيخه السيد الأمير عبد الله بردشابادي، عن شيخه المرشد الكامل والشيخ المكمل إسحاق
الختلاني، عن قدوة العارفين دليل السالكين منبع المعارف الربانية معدن اللطائف
السبحانية السيد علي الهمداني. إنه لما جمع الأوراد الفتحية، وانتخبها من جوامع
كلماتهم القدسية على حسب ملكاتهم الإنسية، رأى في منامه أن الملائكة يقرؤونها في
شعبة جاركاه، ويطوفون حول العرش، وفي أيديهم طبق من نور مملو من اللالي والجواهر
ينثرون، ثم قال الشيخ محمد السمرقندي: ولهذا مشايخنا كانوا يقرؤون في شعبة جاركاه.
ومن تصانيفه: ذخيرة الملوك وهو كتاب لطيف وإنشاء شريف مشتمل على لوازم قواعد
السلطنة الصوري والمعنوي، ومبني على ذكر أحكام الحكومة والولاية وتحصيل السعادة
الدنيوي والأخروي، على عشرة أبواب . 4 - مجد الدين البدخشاني - في (جامع السلاسل)
-: ذكر الفقيه الهمداني علي الثاني مير سيد علي الهمداني قدس الله سره، لقب ب
علي الثاني وقد وصفه مشايخ عصره -: سلطان الأولياء وبرهان الأصفياء، قدوة
العارفين، زبدة المحققين، مستجمع الأسماء والصفات، الجامع بين
ص 213
المتجليات، محيي الشريعة والطريقة والحقيقة، ختم المتقدمين، زبدة المتأخرين، وارث
الأنبياء والمرسلين، مرشد الأولياء إلى طريق الحق باليقين، مركز دائرة الوجود،
الهادي إلى المقصود، قطب الأقطاب، الكامل المكمل الصمداني، علي أمير كبير، السيد
علي الهمداني... . وقد وصفه غير من ذكر بمثل ما تقدم من الأوصاف الجليلة، كالميبدي
في (الفواتح - شرح ديوان أمير المؤمنين) والشيخ أحمد القشاشي في (السمط المجيد)
وولي الله الدهلوي في (الانتباه في سلاسل أولياء الله) والسيد شهاب الدين أحمد في
(توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل).
*(24)* رواية نور الدين جعفر

وهو نور الدين جعفر
بن سالار المعروف بأمير ملا، خليفة السيد علي الهمداني المذكور. فقد روى حديث
التشبيه - في كتابه (خلاصة المناقب) -، إذ أورد أشعار الشيخ فريد الدين العطار
النيسابوري التي تضمنت معنى حديث التشبيه، أوردها وهو بصدد نقل بعض فضائل أمير
المؤمنين عليه السلام. ترجمة أمير ملا وتجد ترجمة نور الدين أمير ملا هنا في: 1 -
كتاب الانتباه في سلاسل أولياء الله. الذي كتبه شاه عبد الرحيم الدهلوي والد
مخاطبنا (الدهلوي) في تراجم أعاظم علماء أهل السنة من أهل العرفان والتصوف، وبيان
طرقهم وسلاسلهم.
ص 214
2 - جامع السلاسل. الذي ألفه مجد الدين البدخشاني في نفس الموضوع. ويكفي في جلالة
قدره وعظمة شأنه كونه خليفة السيد علي الهمداني الذي تقدم ذكره، فإن ذلك يكشف عن
تفوقه على سائر أصحاب السيد وتبرزه من بينهم.
*(25)* رواية شهاب الدين أحمد

ورواه
السيد شهاب الدين أحمد في كتابه (توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل) حيث قال:
الباب الثامن عشر - في أنه حاز خصائص أعاظم الأنبياء، وفاز ثانيا خصال كمال أكارم
الأصفياء: عن أبي الحمراء - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وبارك وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى
إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي
بن أبي طالب. رواه الطبري وقال: أخرجه أبو الخير الحاكمي. وعن ابن عباس - رضي الله
تعالى عنه - قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم: من أراد أن ينظر
إلى إبراهيم في خلته، وإلى نوح في حكمته، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن
أبي طالب. رواه الطبري وقال: أخرجه الملا في سيرته .
ص 215
ترجمة السيد شهاب الدين أحمد وهو: شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبد الله بن قطب
الدين محمد ابن جلال الدين عبد الله بن قطب الدين محمد بن معين الدين عبد الله بن
هادي ابن محمد، الحسيني، الإيجي، الشافعي، من أعلام القرن التاسع. هو من أسرة فقه
وحديث وتصوف، توفي أبوه في سنة 840 وجده سنة 785، وأبو جده سنة 763، وجد جده سنة
714. وقد ترجم له السخاوي (1). إعتبار أخبار هذا الكتاب وقد ذكر السيد شهاب الدين
أحمد في هذا الكتاب عبارات تفيد التزامه بنقل الأخبار المعتبرة فيه، من ذلك قوله:
وخرجت من كتب السنة المصونة عن الهرج ودواوينها، وانتهجت فيه منهج من لم ينتهج
العوج عن قوانينها، أحاديث حدث حديثها عن حدث الصدق في الأخبار، ومسانيد ما حدث وضع
حديثها بغير الحق في الأخبار . وقوله: والغرض من هذا الباب ومن تمهيد هذه
القواعد أن لا يقوم أحد بالرد لأخبار هذا الكتاب، فإن معظمها في الصحاح والسنن،
ومروياتها ما توارث أهل الصلاح في السنن . وقوله: واعلم أن كتابي هذا - إن شاء
الله تعالى - خال عن موضوعات الفريقين، حال بتحري الصدق وتوخي الحق وتنحي مطبوعات
الفريقين .
(هامش)
(1) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 1 / 367. (*)
ص 216
*(26)* رواية ملك العلماء الهندي

ورواه شهاب الدين بن عمر الزاولي الدولت آبادي
الملقب بملك العلماء حيث قال: إعلم أن أحاديث مناقب علي كرم الله وجهه من
الأحاديث الصحاح، ولكن احتجاج الشيعة بها خطأ. احتجت الشيعة بخبر الطير. وتمام
الخبر ذكرناه في الجلوة الحادية عشر من الهداية التاسعة. واحتجت بقوله صلى الله
عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه... وبآيات... قالوا: جعله الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم مساويا للأنبياء، والأنبياء أفضل من الأصحاب إجماعا،
والمساوي للأفضل أفضل. وأجاب أهل السنة: بأنه تشبيه محض، وهو إلحاق الفرع بالأصل
لمشاركته إياه في شيء، ولا يدل التشبيه على المساواة... . ثم إنه ذكر الحديث
الشريف بهذا اللفظ: وقال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه،
وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي.
فشبه عليا بالأنبياء (1).
(هامش)
(1) هداية السعداء - مخطوط. (*)
ص 217
*(27)* رواية ابن الصباغ المالكي

ورواه أبو الحسن علي ابن الصباغ المالكي حيث قال
في ذكر مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: الخامسة عشر - محاسنه الجميلة
واتصافه بكل فضيلة. فمن ذلك. ما رواه البيهقي في كتابه الذي صنفه في فضائل الصحابة،
يرفعه بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: من أراد أن ينظر إلى نوح
في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر
إلى علي بن أبي طالب (1). ترجمة ابن الصباغ وقال في (معجم المؤلفين): علي بن
محمد بن أحمد، نور الدين، ابن الصباغ. فقيه مالكي، أصله من سفاقس، وولد وتوفي بمكة.
من تصانيفه: الفصول المهمة لمعرفة الأئمة وفضلهم ومعرفة أولادهم ونسلهم (2). وقال
صاحب (الأعلام): ابن الصباغ، علي بن محمد بن أحمد، نور الدين، ابن الصباغ، فقيه
مالكي، من أهل مكة مولفا ووفاة. أصله من سفاقس. له كتب منها: الفصول المهمة لمعرفة
الأئمة. ط. والعبر فيمن شفه النظر. قال السخاوي: أجاز لي (3).
(هامش)
(1) الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 123. (2) معجم المؤلفين 7 / 178. (3) الأعلام 5
/ 161. (*)
ص 218
اعتبار كتاب (الفصول المهمة) وكتابه (الفصول المهمة في معرفة الأئمة) من الكتب
المعتبرة المعتمدة: قال ابن الصباغ في ديباجته: وبعد، فعن لي أن أذكر في هذا
الكتاب فصولا مهمة في معرفة الأئمة، أعني الأئمة الاثني عشر، الذين أولهم علي
المرتضى وآخرهم المهدي المنتظر، يتضمن شيئا من ذكر مناقبهم الشريفة ومراتبهم
العالية المنيفة، ومعرفة أسمائهم وصفاتهم وآبائهم وأمهاتهم، ومواليدهم ووفاتهم،
وذكر مدة أعمارهم، وحجابهم وشعرائهم، خاليا عن الإطناب الممل والتقصير المخل، آخذا
عن الإكثار المسئم إلى الإيجاز المفهم، ولن يعرف شرفه إلا من وقف عليه فعرفه، وعقدت
لكل إمام منهم فصلا يشتمل كل فصل من الثلاثة الفصول الأول منها على عدة فصول...
وسميته بالفصول المهمة في معرفة الأئمة، أجبت في ذلك سؤال بعض الأعزة من الأصحاب،
والخلص من الأحباب، بعد أن جعلت ذلك لي عند الله ذخيرة ورجاء في التكفير لما أسلفته
من جريرة، أو اقترفته من صغيرة أو كبيرة، وذلك لما اشتمل عليه هذا الكتاب من ذكر
مناقب أهل البيت الشهيرة، ومآثرهم الأثيرة، ولرب ذي بصيرة قاصرة وعين عن إدراك
الحقائق حاسرة، يتأمل ما ألفته ويستعرض ما جمعته ولخصته، فيحمله طرفه المريض وقلبه
المهيض على أن ينسبني في ذلك إلى الترفيض... . وقال أحمد بن عبد القادر العجيلي
الحفظي الشافعي في (ذخيرة المآل) في مسألة الخنثى: قلت: وهذه المسألة وقعت في
زمننا هذا ببلاد الحيرة، على ما أخبرني به سيدي العلامة نور الدين خلف الحيرتي،
وذكر لي أن الخنثى الموصوفة
ص 219
توفيت عن والدين ولد لبطنها وولد لظهرها، وخلفت تركة كثيرة، وأن علماء تلك الجهة
تحيروا في الميراث، واختلف أحكامهم، فمنهم من قال يرث ولد الظهر دون ولد البطن،
ومنهم من قال بعكس هذا، ومنهم من قال يقتسمان التركة، ومنهم من قال توقف التركة حتى
يصطلح الولدان على تساو أو على مفاضلة. وأخبرني أن الخصام قائم والتركة موقوفة،
وأنه خرج لسؤال علماء المغرب خصوصا علماء الحرمين عن ذلك، وبعد الاتفاق به بسنتين
وجدت حكم أمير المؤمنين في كتاب الفصول المهمة في فضل الأئمة تصنيف الشيخ الإمام
علي بن محمد الشهير بابن الصباغ من علماء المالكية. إنتهى . وقال الشيخ عبد الله
المطيري المدني الشافعي في ديباجة كتابه (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي
وعترته الطاهرة) ما نصه: الحمد لله رب العالمين والشكر للملهم بالهدى إلى صراط
المتقين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله، الذي يصلي على خلفه
عجما وعربا، وأنزل عليه *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* وعلى آله
وأصحابه نجوم الاقتداء وبدور الاهتداء، صلوة وسلاما يدومان بدوام المنزه وجوده عن
الانتهاء والابتداء. أما بعد، فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن محمد
المطيري شهرة، المدني حالا: هذا كتاب سميته بالرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي
وعترته الطاهرة، جمعت فيه ما اطلعت عليه مما ورد في هذا الشأن، واعتنى بنقله
العلماء العاملون الأعيان، وأكثره من الفصول المهمة لابن الصباغ، ومن الجوهر الشفاف
للخطيب . وقال السمهودي: قوله: وإني سائلكم غدا عنهم، تقدم بشاهده في الذكر
الرابع، وسبق
ص 220
في رابع تنبيهاته قول الحافظ جمال الدين الزرندي عقب حديث من كنت مولاه فعلي مولاه،
قال الإمام الواحدي: هذه الولاية التي أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم مسئول عنها
يوم القيامة. وروى في قوله تعالى *(وقفوهم إنهم مسئولون)* أي عن ولاية علي وأهل
البيت، لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم عن تبليغ
الرسالة أجرا إلا المودة في القربى. والمعنى أنهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما
أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم أم أضاعوها وأهملوها فيكون عليهم المطالبة والتبعة
إنتهى. ويشهد لذلك ما أخرجه أبو المؤيد في كتاب المناقب، فيما نقله أبو الحسن علي
السفاقسي ثم المكي في الفصول المهمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس ذات يوم: والذي نفسه بيده لا يزول قدم عن قدم يوم
القيامة حتى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما
أبلاه، وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت. فقال له عمر رضي الله
عنه: يا نبي الله، ما آية حبكم؟ فوضع يده على رأس علي وهو جالس إلى جانبه، فقال:
آية حبنا حب هذا من بعدي... . وقال الحلبي في ذكر الهجرة: في الفصول المهمة: إنه
صلى الله عليه وسلم وصى عليا رضي الله تعالى عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهرا على
أعين الناس، وأمره أن يبتاع رواحل للفواطم، فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم،
وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، ولمن هاجر معه من بني هاشم، ومن ضعفاء المؤمنين،
وشراء علي رضي الله تعالى عنه الرواحل مخالف لما يأتي في الأصل أنه صلى الله عليه
وسلم أرسل إلى علي محلة وأرسل يقول
ص 221
تشقها خمرا بين الفواطم وهن: فاطمة ابنة حمزة وفاطمة بنت عتبة وفاطمة أم علي وفاطمة
بنته صلى الله عليه وسلم، وإرساله لتلك الحلة كان بعد وصوله إلى المدينة، فليتأمل.
قال في الفصول المهمة: وقال له أي لعلي: إذا أبرمت ما أمرتك به، كن على أهبة الهجرة
إلى الله ورسوله، ويقدم كتابي عليك، وإذا جاء أبو بكر توجهه خلفي نحو بئر أم ميمون،
وكان ذلك في فحمة العشاء والرصد من قريش قد أحاطوا بالدار ينتظرون أن تنتصف الليلة
وتنام الناس، ودخل أبو بكر على علي وهو يظنه أي وأبو بكر يظن عليا رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال له علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج نحو بئر أم
ميمون وهو يقول لك أدركني، فلحقه أبو بكر، ومضيا جميعا يتسايران حتى أتيا جبل ثور،
فدخلا الغار، فليتأمل الجمع بينه وبين ما تقدم (1). قال: وفي الفصول المهمة:
لما اتصل خبر مسيره صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وذلك في اليوم الثاني من خروجه
صلى الله عليه وسلم من الغار، جمع الناس أبو جهل وقال: بلغني أن محمدا قد مضى نحو
يثرب على طريق الساحل ومعه رجلان آخران، فأيكم يأتيني بخبره، فوثب سراقة فقال: أنا
لمحمد يا أبا الحكم، ثم إنه ركب راحلته واستجنب فرسه، وأخذ معه عبدا أسود، وكان ذلك
العبد من الشجعان المشهورين، فسارا أي في أثر النبي صلى الله عليه وسلم سيرا عنيفا
حتى لحقا به. فقال أبو بكر: يا رسول الله قد دهينا، هذا سراقة قد أقبل في طلبنا
ومعه غلامه الأسود المشهور.
(هامش)
(1) انسان العيون في سيرة الأمين المأمون 2 / 204. (*)
ص 222
فلما أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم. فلما قرب منهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنى شئت.
فغابت قوائم فرسه في الأرض حتى لم يقدر الفرس أن يتحرك. فلما نظر سراقة إلى ذلك
هاله ورمى نفسه عن الفرس إلى الأرض، ورمى رمحه، وقال: يا محمد أنت أنت وأصحابك أي
أنت كما أنت أي آمن وأصحابك، فادع ربك يطلق لي جوادي، ولك عهد وميثاق أن أرجع عنك.
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال: اللهم إن كان صادقا فيما يقول
فأطلق له جواده. قال: فأطلق الله تعالى له قوائم فرسه حتى وثب على الأرض سليما، أي
ولعل هذا في المرة الثانية، أو المرة الأخيرة من السبع على ما تقدم، وتقدم أن
الاقتصار على القوائم لا ينافي الزيادة عليها، فلا يخالف ما سبق في هذه الرواية.
ورجع سراقة إلى مكة، فاجتمع الناس عليه، فأنكر أنه رآى محمدا، فلا زال به أبو جهل
حتى اعترف وأخبرهم بالقصة، وفي ذلك يقول سراقة مخاطبا لأبي جهل: أبا حكم والله لو
كنت شاهدا * لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا * رسول ببرهان فمن
ذا يقاومه (1) وقال الصفوري: رأيت في الفصول المهمة في معرفة الأئمة بمكة
المشرفة شرفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي، أن عليا ولدته أمه بجوف الكعبة شرفها
الله تعالى... .
(هامش)
(1) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون 2 / 219. (*)
ص 223
وقد ذكر إكرام الدين الدهلوي كتاب (الفصول المهمة) في مصادر كتابه (سعادة الكونين
في فضائل الحسنين)، فأكثر من النقل عنه جدا، والمولوي إكرام الدين الدهلوي من كبار
علماء الهند، ومن أجلاء المعاصرين لمخاطبنا (الدهلوي)، وهو معظم لدى علماء أهل
السنة، إذ يذكرونه بكل تبجيل واحترام، حتى أن المولوي حيدر علي الفيض آبادي في
(إزالة الغين) يذكره من أقران الشيخ عبد الحق الدهلوي، وشاه ولي الله الدهلوي،
و(الدهلوي) وأمثالهم من مشاهير أئمة أهل السنة الذين يفتون بجواز لعن يزيد بن
معاوية، لعنة الله عليه وعلى أبيه. كما أن رشيد الدين خان الدهلوي - وهو أفضل
تلامذة (الدهلوي) - يذكر كتاب الفصول المهمة في معرفة الأئمة في مصنفات أهل السنة
في فضائل أهل البيت. كما اعتمد على الفصول المهمة: الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في
كتابه (مشارق الأنوار) الذي نص على التزامه بنقل الأحاديث الصحيحة فيه...
*(28)*
رواية الميبدي

ورواه الحسين الميبدي اليزدي - في (الفتواح - شرح ديوان علي) - حيث
قال: روى البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أراد أن ينظر إلى
آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى
عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب .
ص 224
ترجمة الميبدي 1 - غياث الدين المدعو بخواند أمير، في تاريخه (حبيب السير) الذي نص
الكاتب الجلبي باعتباره، واعتمد عليه (الدهلوي) وحسام الدين صاحب (المرافض). قال:
القاضي كمال الدين مير حسين اليزدي. كان من أفاضل علماء العراق بل من أعاظم علماء
الآفاق، ولي القضاء في يزد مع الأمانة، ومن مصنفاته: شرح ديوان أمير المؤمنين. وهو
كتاب غني بالعلم ومرغوب فيه لدى الفضلاء. وله أيضا: شروح على الكافية والهداية في
الحكمة، وعلى الطوالع والشمسية، وله تعليقات دقيقة... . 2 - وقد اعتمد عليه الكفوي
في طبقاته (كتاب أعلام الأخيار في طبقات مذهب النعمان المختار) هذا الكتاب الذي
استند إليه (مخاطبنا) في (بستان المحدثين). 3 - وذكره الكاتب الجلبي في الحكماء
الإسلاميين عند كلامه على الحكمة والحكماء وما يتعلق بذلك. 4 - وأيضا نقل عنه ولي
الله الدهلوي في (رسالة النوادر) له.
*(29)* رواية الصفوري

ورواه الصفوري الشافعي
في (نزهة المجالس) بقوله: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى
آدم في علمه، وإلى نوح في همته، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى
محمد في بهائه، فلينظر إلى علي. ذكره ابن الجوزي .
ص 225
كلام الصفوري في خطبة كتابه وقد قال الصفوري في مقدمة كتابه (نزهة المجالس):
فأحببت - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة - أن أجمع
ما تيسر من أخبارهم وما اشتمل عليه من العبادة في ليلهم ونهارهم، وأن أطرز ذلك
باللطائف والفوائد السنية، والزواجر للنفوس الغوية من المواعظ القوية، مع ما أذكره
من المسائل الفقهية والمنافع الطبية، وقطرة من مناقب خير البرية ومن هو حي في قبره
حياة حقيقية، وذاته في ضريحه المكرم على العرش طرية، وأزواجه وأصحابه وأمته
المرضية، وقد جعلته أبوابا وفصولا حوت معاني قوية، وسميته نزهة المجالس ومنتخب
النفائس، وختمته بذكر الجنة... . ولهذا الكتاب تقريظ من العلامة محمد حسين الخشاب.
*(30)* رواية الوصابي اليماني

ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصابي اليماني الشافعي
في كتابه (أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب) وهو اسم الباب الرابع من كتابه
(الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء) ولكل من الأبواب الأخرى اسم يخصه... فرواه عن
أنس حيث قال: عنه. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى آدم
في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
ص 226
أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة (1). كتاب الوصابي وقد اعتمد على كتاب الوصابي
المذكور محمد محبوب عالم في تفسيره (تفسير شاهي)، وشهاب الدين العجيلي في كتابه
(ذخيرة المآل)، وبذلك يظهر كونه من الكتب المعتمدة المفيدة لدى أهل السنة.
*(31)*
رواية الجمال المحدث

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المعروف بالمحدث: عن
أبي الحمراء قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينظر إلى
آدم في علمه وإلى نوح في فهمه - وفي رواية: إلى نوح في تقواه - وإلى يحيى ابن زكريا
في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه - وفي رواية: وإلى موسى في هيبته - وإلى عيسى
في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب (2). ترجمة الجمال المحدث والسيد جمال
الدين المحدث الشيرازي من مشايخ (الدهلوي) في الإجازة، وقد ذكر في مقدمة كتابه
(الأربعين) أنه ينقل أحاديثه عن الكتب المعتبرة، وله كتاب (روضة الأحباب في سيرة
النبي والآل والأصحاب).
(هامش)
(1) أسنى المطالب للوصابي - مخطوط. (2) الأربعين في مناقب أمير المؤمنين. (*)
ص 227
وقد ذكره صاحب (حبيب السير) بقوله: مير جمال الدين بن عطاء الله سلمه الله
وأبقاه... صار - كعمه العظيم مير سيد أصيل الدين - وحيدا في علم الحديث وسائر
العلوم الدينية والفنون اليقينية، وحصل له التقدم على جميع المحدثين من أهل عصره،
وكتابه روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب مشهور في الأقطار، ولا يوجد له
نظير ألبتة... . وقال الشيخ علي القاري: ... جمعت نسخ المصححة المقروة المسموعة
المصرحة التي تصلح للاعتماد، وتصح عند الاختلاف للاستناد، فمنها نسخة هي أصل السيد
أصيل الدين والسيد جمال الدين ونجله السعيد ميركشاه المحدثين المشهورين... ثم إني
قرأت أيضا بعض أحاديث المشكاة على منبع بحر العرفان مولانا عطاء الله الشيرازي
الشهير بمير كلان، وهو قرأ على زبدة المحققين وعمدة المدققين ميركشاه، وهو على
والده السيد السند مولانا جمال الدين المحدث صاحب روضة الأحباب، وهو عن عمه السيد
أصيل الدين، وهذا الإسناد لا يوجد أعلى منه للاعتماد (1). وقال في (المرقاة) في
شرح حديث لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا : أما نسخ المشكاة
المصححة المعتمدة المقروة على المشايخ الكبار كالجزري والسيد أصيل الدين وجمال
الدين المحدث وغيرها من النسخ الحاضرة، فكلها بحذف النون . وقد ذكر الشنواني السيد
جمال الدين في طريق سند روايته لكتاب المشكاة، في كتابه (الدرر السنية في الأسانيد
الشنوانية). وكذا (الدهلوي) نفسه - في (أصول الحديث) - حيث قال: [مشكاة
المصابيح]: الشيخ أبو طاهر، عن الشيخ إبراهيم الكردي، عن الشيخ أحمد
(هامش)
(1) المرقاة في شرح المشكاة - مقدمة الكتاب. (*)
ص 228
القشاشي، عن الشيخ أحمد بن عبد القدوس الشناوي، عن السيد غضنفر ابن السيد جعفر
النهرواني عن الشيخ محمد سعيد المعروف بميركلان الذي كان شيخ مكة في وقته، وهو عن
السيد نسيم الدين ميركشاه، عن والده العظيم السيد جمال الدين عطاء الله... . كما
وقع إسناد الشيخ أبي علي محمد ارتضاء العمري الصفوي، كما لا يخفى على من راجع كتاب
(مدارج الإسناد) له. وقد اعتمد على السيد جمال الدين ونقل عنه الشيخ عبد الحق
الدهلوي في كتابه (أسماء رجال المشكاة). وقال الصديق حسن خان القنوجي في (الحطة):
وكتاب روضة الأحباب للسيد جمال الدين المحدث أحسن السير .
*(32)* رواية ابن باكثير
المكي

ورواه أحمد بن الفضل بن باكثير الشافعي المكي عن الحاكمي والملا في سيرته،
وهذا لفظه: عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى
يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه أبو
الخير الحاكمي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى
ص 229
يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه الملا في سيرته (1). ترجمة ابن
باكثير وقد ترجم له المحبي قائلا: الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد بن باكثير، المكي
الشافعي، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكنين. كان فاضلا أديبا، له مقدار علي وفضل
جلي، وكان له في العلوم الفلكية وعلم الآفاق والزايجا يد عالية، وكان له عند أشراف
مكة منزلة وشهرة، وكان في الموسم مجلس في المكان الذي يقسم فيه الصر السلطاني
بالحرم الشريف بدلا عن شريف مكة. ومن مؤلفاته: حسن المآل في مناقب الآل... (2).
وقد ذكر في مقدمة كتابه المذكور: فرأيت أن أجمع في تأليفي هذا من درر الفوائد
المثمنة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة مما هو مختص بالعترة النبوية والبضعة
الفاطمية، وأذكره بلفظ الإجمال، ثم ما ورد من مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل،
وأصرح فيه بأسمائهم، ثم ما ورد لكل واحد منهم بصريح اسمه الشريف. فجمعت في كتابي
هذا زبدة ما دونوه وعمدة ما صححوه من ذلك وأتقنوه، وما رقموه في مؤلفاتهم وقنوه
فيه، مقتصرا على ما يؤدي المطلوب، ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب، سالكا في ذلك طريق
السداد، ومقتصرا فيه على ما يحصل المراد... وتركت ما اشتد ضعفه منها وما لم نجد له
شاهدا يقويه، وجانبت عما تكلم في سنده وقد عده الحفاظ من الموضوع الذي يجب
(هامش)
(1) وسيلة المآل في عد مناقب الآل - مخطوط. (2) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي
عشر 1 / 271. (*)
ص 230
أن نتقيه، وأتيت بالمشهور من كتب التواريخ... تتبعت فيه من الأحاديث ما يشرح صدور
المؤمنين، وتقر به عيون المتقين، ويضيق بسببه ذرع المنافقين .
*(33)* رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني عن البيهقي حيث قال: أخرج
البيهقي في فضائل الصحابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن
ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في
هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (1). ترجمة البدخشاني
والبدخشاني من علماء أهل السنة الذين يفتخر محمد رشيد تلميذ (الدهلوي) بتأليفهم
كتبا خاصة بفضائل أهل البيت، ويقول بأن علماء أهل السنة لا يبغضون ولا يعادون أهل
البيت. وذكره المولوي حيدر علي الفيض آبادي، في جملة كبار علماء أهل السنة الذين
يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية. و(الدهلوي) نفسه اعتمد على البدخشاني في جواب سؤال
ورد عليه حول السبب في تلقيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمصطفى، وتلقيب
(هامش)
(1) مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط. (*)
ص 231
أمير المؤمنين بالمرتضى فقال: والميرزا محمد بن معتمد خان الحارثي المؤرخ الشهير
في هذه البلاد أيضا يلقب عليا بالمرتضى، في رسالتيه في فضائل الخلفا وفضائل أهل
البيت، وهما من عمدة مصنفاته .
*(34)* رواية محمد صدر العالم

ورواه الشيخ محمد صدر
العالم بقوله: أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة مرفوعا: إن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: من سره أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في
خلته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (1). شعر ولي الله الدهلوي بمدح محمد صدر
العالم قال الشيخ ولي الله والد مخاطبنا (الدهلوي) وإمامه ومقتداه في (التفهيمات
الإلهية): إن محمد صدر العالم ألف كتابا - وهو معارج العلى - فضل فيه عليا على
الخلفاء تفضيلا كليا، وكان من جملة ما ذكر فيه قصة شق القمر له كرم الله وجهه، ثم
أرسله إلي وطالعته، ونظمت هذه الأبيات: رعاك الله يا صدر العوالي * وطول الدهر كان
لك البقاء لقد أوتيت في الآباء فخرا * وبالأبناء يرتفع العلاء وجدك آية لا ريب فيها
* وبحر لا تكدره الدلاء
(هامش)
(1) معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط. (*)
ص 232
وفي كشف المعارف كان فردا * وما في القوم كان له كفاء لقد كوشفت ما كوشفت حقا *
وفضل الله ليس له انتهاء أتاك الثلج والإتقان لما * رأيت الشق وانكشف اللواء وإذ
أدناك سيدنا علي * بإكرام وعلم ما يشاء تؤلف في مناقبه كتابا * وعند الله في ذاك
الجزاء ومكثر مدح مولانا علي * مقل لا يكون له وفاء فما من مشهد إلا وفيه * له فخر
كبير وازدهاء وما من منهل إلا وفيه * له شرب عظيم وارتواء وللقرآن تنزيل وظهر *
يقاتلهم عليه الأنبياء وللقرآن تأويل وبطن * يخاصمهم عليه الأوصياء قبول الناس
للتنزيل فيه * سياسات له منها نماء فمنها رد تحريف ومد * لأسباب له منها انتشاء
وصلح واختصام وائتلاف * بأقوام قلوبهم هواء لهذا القسم أسرار عظام * وللشيخين فيه
اعتلاء وفي علم النبوة إن هذا * ملاك الأمر ليس بها خفاء وما زال الصحابة عارفيه *
يقينا مثل ما طلعت ذكاء فأثبت ذاك للشيخين واختر * من الأوصاف مدحا ما تشاء
ص 233
*(35)* رواية ولي الله الدهلوي

قال ولي الله الدهلوي والد مخاطبنا (الدهلوي) - في
(قرة العينين) - بعد جوابه على كلام المحقق نصير الدين الطوسي في أفضلية أمير
المؤمنين: وبعد هذا كله، فإن جميع ما ذكره المتأخرون من المعتزلة - كما ينقل عن
الإمام الرازي في كتاب الأربعين، واختصره نصير الدين الطوسي - حججنا في أفضلية
المرتضى ممن كان في أيام خلافته، ونعترف بأصله ونتمسك بثبوته في محله، لا بالنسبة
إلى الشيخين . هذا كلام ولي الله الدهلوي، ومن راجع الأربعين للرازي وكلام النصير
الطوسي، وجد فيه حديث التشبيه. قال الرازي: الحجة التاسعة عشر - روى أحمد
والبيهقي في فضائل الصحابة قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في
تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى
علي بن أبي طالب. ظاهر الحديث يدل على أن عليا كان مساويا لهؤلاء الأنبياء في هذه
الصفات، ولا شك أن هؤلاء الأنبياء في هذه الصفات كانوا أفضل من أبي بكر وسائر
الصحابة، والمساوي للأفضل أفضل، فيكون علي أفضل منهم (1).
(هامش)
(1) الأربعين في أصول الدين: 313. (*)
ص 234
*(36)* رواية محمد الأمير

وقال العلامة محمد الأمير الصنعاني في (الروضة الندية -
شرح التحفة العلوية) ما نصه: فائدة: قد شبهه بخمسة من الأنبياء كما قال المحب
الطبري رحمه الله ما لفظه: ذكر تشبيه علي رضي الله عنه بخمسة من الأنبياء: عن أبي
الحمراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه،
وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى ابن زكريا في زهده، وإلى موسى
في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه أبو الخير الحاكمي. وعن ابن عباس رضي
الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في
حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه
الملا في سيرته. قلت: وقد شبهه صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الخمسة الرسل في اكتسابه
للخصال الشريفة من خصالهم . ترجمة الأمير 1 - الحفظي الشافعي: وأولاد الإمام
المتوكل علماء جهابذة وأبرار، أعظمهم ولده الإمام المؤيد بالله محمد بن إسماعيل،
قرأ كتب الحديث وبرع فيها، كان إماما في الزهد والورع، يعتقده العامة والخاصة.
ص 235
ومن أعيان آل الإمام: السيد المجتهد الشهير، والمحدث الكبير، السراج المنير، محمد
بن إسماعيل الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنف أكثر من مائة مؤلف،
وهو لا ينسب إلى مذهب، بل مذهبه الحديث (1). 2 - الشوكاني: الإمام الكبير،
المجتهد المطلق، صاحب التصانيف... برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرد برياسة
العلم في صنعاء، وتظهر بالاجتهاد، وعمل بالأدلة، ونفر عن التقليد، وزيف ما لا دليل
عليه من الآراء الفقهية... وبالجملة، فهو من الأئمة المجددين لمعالم الدين (2). 3
- القنوجي: وهو الإمام الكبير، المحدث الأصولي، المتكلم الشهير، قرأ كتب الحديث
وبرع فيها، وكان إماما في الزهد والورع، وكان ذا علم كير ورياسة عالية، وله في
النظم اليد الطولى، بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ولم يقلد أحدا من أهل المذاهب، وصار
إماما كاملا مكملا بنفسه... (3).
*(37)* رواية الحفظي الشافعي

ورواه شهاب الدين الحفظي العجيلي الشافعي بقوله: روى البيهقي يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم: من أراد أن ينظر إلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في
هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (4).
(هامش)
(1) ذخيرة المآل - مخطوط. (2) البدر الطالع 2 / 133. (3) أبجد العلوم، التاج
المكلل. (4) ذخيرة المآل في عد مناقب الآل - مخطوط. (*)
ص 236
ترجمة العجيلي وترجم الصديق حسن القنوجي: وله مناقب وفضائل شهيرة، وكان لا يسمع
بذي فضيلة من جهة من الجهات إلا وتعرف به واستطلع حقيقة فضيلته، ومكث على هذه
الحالة دهرا طويلا، ثم آثر الخلوة والعزلة إلى أن انتقل إلى جوار رحمة الله تعالى
(1).
*(38)* رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي بقوله: قال
صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى
إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي
طالب (2). أقول: قد عرفت بما تلوناه عليك ونقلناه لك من كلمات أساطين أئمة أهل
السنة، وكبار حفاظهم، ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم... أن حديث التشبيه - بمختلف
ألفاظه وأسانيده - حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك يعتريه...
(هامش)
(1) التاج المكلل: 509. (2) مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين - مخطوط.
(*)
ص 237
إنه حديث رووه بأسانيدهم عن عدة من الصحابة عن النبي الأكرم والرسول الأعظم صلى
الله عليه وآله وسلم. رووه وأخرجوه في كتبهم، واستشهدوا به في كلماتهم، ونظموه في
أشعارهم... فكيف ينفي (الدهلوي) صحته! وينكر وجوده في كتب أهل السنة! ويزعم عدم
قبولهم إياه؟! فالله حسيبه على ما قال وكفى به حسيبا. لكن الذي نتوخاه ونرجوه أن لا
يقدم أحد على ما أقدم عليه، ولا يغتر بما قاله وتقوله، فإن *(كل نفس بما كسبت
رهينة)* و*(الله من ورائهم محيط)*. هذا كله بالنسبة إلى سند هذا الحديث. وقس عليه
في البطلان كلماته في الدلالة، كما سيتضح لك، وعلى الله التكلان:
ص 239
نقض كلمات الدهلوي حول سند حديث التشبيه

ص 241
قوله: الحديث السادس: وهو ما رواه الإمامية.. أقول: إن الإمامية يروون حديث
التشبيه، في كتبهم في الأخبار والمناقب، بطرق وألفاظ مختلفة، وهم غير محتاجين إلى
رواية غيرهم، غير أنهم يوردونه في كتبهم عن أهل السنة أيضا من باب الإلزام، كما هو
المتبع في قانون المناظرة: الحديث في كتب الإمامية 1 - قال الوزير علي بن عيسى بن
أبي الفتح الإربلي رحمه الله: فصل في مناقبه، وما أعد الله تعالى لمحبيه، وذكر
غزارة علمه، وكونه أقضى الأصحاب: من مناقب الخوارزمي: عن مجاهد عن ابن عباس رضي
الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أن الرياض أقلام، والبحر
مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب . - ثم قال بعد
نقل أحاديث أخرى -: ومنه عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في
ص 242
زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب . قال أحمد بن
الحسين البيهقي: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد. وقد روى البيهقي في كتابه المصنف في
فضائل الصحابة يرفعه بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال: من أراد
أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في
هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. فقد ثبت لعلي عليه السلام
ما ثبت لهم عليهم السلام من هذه الصفات المحمودة، واجتمع فيه ما تفرد في غيره
(1). ترجمة الإربلي وقد ترجم ابن شاكر الكتبي علي بن عيسى الإربلي في (فواته)
بقوله: علي بن عيسى بن أبي الفتح، الصاحب، بهاء الدين، ابن الأمير فخر الدين،
الإربلي، المنشئ الكاتب البارع. له شعر وترسل، وكان رئيسا، كتب لمتولي أربل ثم خدم
ببغداد في ديوان الإنشاء، أيام علاء الدين صاحب الديوان، ثم إنه فتر سوقه في دولة
اليهود، ثم تراجع بعدهم وسلم ولم ينكب، إلى أن مات سنة 692. وكان صاحب تجمل وحشمة
ومكارم أخلاق، وفيه تشيع. وكان أبوه واليا بأربل. ولبهاء الدين مصنفات أدبية، مثل
المقامات الأربع، ورسالة الطيف، المشهورة، وغير ذلك. وخلف لما مات تركة عظيمة، نحو
ألفي ألف درهم،
(هامش)
(1) كشف الغمة في معرفة الأئمة 1 / 113 - 114. (*)
ص 243
تسلمها ابنه أبو الفتح، ومحقها، ومات صعلوكا (1). ولابن شاكر مقام جليل لدى أهل
السنة، ولا يخفى ما لكتبه من قيمة واعتبار... (2). 2 - وروى زين الدين محمد بن علي
بن شهرآشوب السروي المازندراني حديث التشبيه عن أحمد بن حنبل وابن بطة. كما عرفته
سابقا. 3 - وأورد أبو الحسن يحيى بن الحسن بن البطريق الحلي - رحمه الله - حديث
التشبيه عن أبي الحسن ابن المغازلي حيث قال: وبالإسناد قال: أخبرنا أحمد بن محمد
بن عبد الوهاب قال: حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين العدل العلوي الواسطي قال:
حدثنا محمد بن محمود قال: حدثنا إبراهيم بن مهدي الابلي قال: حدثنا إبراهيم بن
سليمان بن رشيد قال: حدثنا زيد بن عطية قال: حدثنا أبان بن فيروز، عن أنس بن مالك
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينظر إلى علم آدم، وفقه
نوح، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (3). 4 - ونقل الشيخ الحسن بن محمد بن علي
السهمي الحلي - طاب ثراه - حديث التشبيه عن (وسيلة المتعبدين) لعمر بن محمد بن خضر
المعروف بالملا الأردبيلي (4). 5 - وأورد العلامة الشيخ محمد باقر بن محمد تقي
المجلسي - طاب ثراه - في (بحار الأنوار) عبارة ابن شهرآشوب، التي روى فيها هذا
الحديث عن أحمد وابن بطة.
(هامش)
(1) فوات الوفيات 2 / 66. (2) انظر: الدرر الكامنة 3 / 451، كشف الظنون: 293، 1185،
1292، 2019. (3) عمدة عيون صحاح الأخبار: 369. (4) الأنوار البدرية في دفع شبه
النواصب والقدرية - مخطوط. (*)
ص 244
فما قصده (الدهلوي) بهذا الكلام حيث نسب رواية الحديث إلى الإمامية - من نفي رواية
أهل السنة إياه - واضح الفساد، بل إن الإمامية يروونه بطرقهم، وينقلونه عن أهل
السنة أيضا لإفحامهم. ثم إنه كان الأحرى ب (الدهلوي) أن ينقل جميع طرق هذا الحديث
أو أكثرها، ولا أقل من أن يصرح بكثرة طرقه ورواته، لا أن يكتفي بطرق واحد منها.
قوله: وفساد مبادئ هذا الاستدلال ومقدماته من الصدر إلى الذيل ظاهر على كل خبير.
أقول: زعم فساد هذا الاستدلال إنما ينشأ ممن فسدت مبادئ عقله بالوساوس الشيطانية،
وإن العالم الخبير صاحب الفطرة المستقيمة والعقل السليم لا يصغي إلى تشكيكات
(الدهلوي) وخرافاته الهزيلة... نسأل الله الهداية إلى نهج السداد، وهو الصائن من أن
يمتلئ الإنسان من الرأس إلى القدم بالحقد والعناد، لفضائل وصي شفيع الأمم، ويتنكب
عن الطريق الأمم. قوله: أولا: إن هذا الحديث ليس من أحاديث أهل السنة.
ص 245
أقول: العجب من هذا الرجل!! أليس عبد الرزاق الصنعاني، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم
الرازي، وابن شاهين، وابن بطة، والحاكم النيسابوري، وابن مردويه، وأبو نعيم،
والبيهقي، وابن المغازلي، وشيرويه الديلمي، والنسائي، والعطار، وشهردار الديلمي،
والخوارزمي، وأبو الخير الحاكمي، والصالحاني، وابن طلحة، والكنجي، والمحب الطبري،
والسيد علي الهمداني، وأمير ملا، والشهاب الدولت آبادي الهندي، وابن الصباغ، وحسين
الميبدي اليزدي، وعبد الرحمن الصفوري، وإبراهيم الوصابي، وجمال الدين المحدث، وأحمد
ابن باكثير المكي، والميرزا محمد البدخشي، ومحمد صدر العالم، ومحمد بن إسماعيل
الأمير... أليس هؤلاء وأمثالهم الذين رووا حديث التشبيه، من أكابر أساطين أهل
السنة، ومن مفاخرهم في كل عصر وزمان؟! إن كان هؤلاء خارجين عن زمرة أهل السنة،
وداخلين في زمرة أهل الضلال والبدع، فهل يكون أبوه (ولي الله الدهلوي) الذي كان
باعتقاد ابنه (الدهلوي) آية من الآيات الإلهية ومعجزة من المعجزات النبوية، خارجا
عن أهل السنة كذلك؟ وإذا كان كل أولئك خارجين من أهل السنة، ومعدودين في زمرة
المبتدعين والهالكين، فلا مانع من أن يقال ذلك في حق معاصري (الدهلوي) من أمثال:
أحمد بن عبد القادر العجيلي، والمولوي ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي... وإذا كان
كل هؤلاء خارجين، فلا شك في خروج من يمدحهم ويثني
ص 246
عليهم ويوثقهم، لاشتراك العلة والسبب... فانحصر التسنن في شخص (الدهلوي). ولكن
(الدهلوي) أيضا ممن يمدح ويثني على طائفة من الأشخاص المذكورين، فيلزم أن يخرج هو
من بين أهل السنة، فلم يبق في العالم سني أصلا... فبطل مذهب السنية، وانهدم من
الرأس إلى القدم. *(ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)*. إنكار رواية البيهقي والرد
عليه قوله: وقد أورده ابن مطهر الحلي في كتبه، ونسبه إلى البيهقي مرة، وإلى البغوي
أخرى، وليس في تصانيفهما أثر منه. أقول: رواه عن أهل السنة جماعة من علمائنا قبل
العلامة الحلي، كالإربلي صاحب (كشف الغمة)، وابن شهرآشوب السروي صاحب (مناقب آل أبي
طالب) وابن البطريق صاحب (العمدة)... كما دريت آنفا، فلا وجه لتخصيص إيراد الحديث
بالعلامة الحلي إلا تقليد الكابلي. ولقد أورده العلامة الحلي عن البيهقي حيث قال في
كتاب (منهاج الكرامة في الإمامة) في ذكر أعلمية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
عن البيهقي في كتابه بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أراد
أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى
ص 247
موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. فأثبت له ما تفرق
فيهم . ورواه عن البيهقي في كتاب (نهج الحق) كذلك. وهذا الحديث موجود في كتاب
البيهقي بالقطع واليقين، وقد نص على ذلك جماعة من أكابر أهل السنة، أمثال: الموفق
بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم. ومحمد بن طلحة النصيبي الشافعي. ونور الدين علي
ابن الصباغ المالكي. والحسين الميبدي اليزدي. والميرزا محمد بن معتمد خان
البدخشاني. وأحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي. والميرزا محمد البدخشاني مقبول
لدى (الدهلوي)، وقد وصفه تلميذه محمد رشيد خان الدهلوي بأنه من عظماء علماء أهل
السنة، فإن لم يثق (الدهلوي) وأتباعه بنقل الآخرين عن البيهقي، فلا محيص عن قبول
نقل مثل البدخشاني. فالحمد لله على ما أزاح الباطل عن نصابه، وأوضح الحق المشرق،
ولزمت الحجة الكافية، والبينة الشافية. عدم إنكار ابن تيمية رواية البيهقي وبالرغم
من أن (الدهلوي) يدعي طول الباع وسعة الاطلاع على كتب الفريقين، فإنه لم ير الكتب
الحديثية ولم يعثر عليها، بل قلد الكابلي في نفي وجود أثر من حديث التشبيه في
تصانيف البيهقي باليقين والجزم رجما
ص 248
بالغيب... فليته قال: لم أره في تصانيفه البيهقي، بأن يقصد: إني لما لم أر كتب
البيهقي، فلا جرم لم أعثر على هذا الحديث فيها، وأما النفي الواقعي والإخبار
الحقيقي عن عدم وجوده في تصانيف البيهقي، فذلك كذب صريح يستبعد صدوره بالنسبة إلى
الأمور الدينية من أجهل الناس فضلا عن الأفاضل. اللهم إلا أن يعتذر أولياء
(الدهلوي) بأنه نفى وجود أثر من هذا الحديث في مصنفات البيهقي، ونفي وجود الأثر لا
ينافي وجود العين!! إنا لا نستبعد أن يلتجئ أولياء (الدهلوي) إلى هذا العذر
الواهي... إنهم يجدون أن ابن تيمية الذي هو إمامهم في المكابرة والعناد وإنكار
الحقائق والفضائل الثابتة... لا ينكر وجود هذا الحديث في مصنفات البيهقي، لأنه يعلم
بوجوده فيها، فيضطر إلى جرح البيهقي نفسه والقدح فيه،... إنه يقول في جواب عبارة
العلامة الحلي المتقدمة: والجواب أن يقال: أولا: أين إسناد هذا الحديث؟ والبيهقي
يروي في الفضائل أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كما جرت عادة أمثاله من أهل الحديث. ويقال
ثانيا: هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلا ريب عند أهل
العلم بالحديث، ولهذا لا يذكره أهل العلم بالحديث، وإن كانوا حريصا على جمع فضائل
علي، كالنسائي، قصد أن يجمع فضائل علي في كتاب سماه الخصائص، والترمذي قد ذكر
أحاديث متعددة في فضائله، وفيها ما هو ضعيف بل موضوع، ومع هذا لم يذكروا هذا ونحوه
(1). فأنت ترى ابن تيمية يرمي الحديث بالضعف بل بالوضع، ويصف البيهقي وأمثاله
برواية أحاديث ضعيفة بل موضوعة، فلو لم يكن العلامة الحلي صادقا في عزو الحديث إلى
البيهقي، لكان الرد عليه من هذه الناحية أقوى وأشد...
(هامش)
(1) منهاج السنة 5 / 510. (*)
ص 249
فابن تيمية - هذا المتعصب العنيد - لا ينكر وجود هذا الحديث في مصنفات البيهقي، كما
أنه لا ينفي دلالته على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام، ولا يجعله من قبيل
تشبيهات الشعراء في مدائحهم للأشخاص... لكن (الدهلوي) ينكر وجوده في مصنفات البيهقي
بل سائر كتب أهل السنة ولو بإسناد ضعيف، ويجعله من قبيل إغراقات الشعراء وتشبيهاتهم
في الأشعار... والواقع الذي يذعن به كل منصف، ويعترف به كل خبير هو: صحة هذا
الحديث، وثبوت صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووجوده في كتب أهل
السنة المعتبرة المشهورة، وفي كتب البيهقي ومصنفاته، فدعوى ابن تيمية ضعف هذا
الحديث أو وضعه دعوى بلا دليل، والبيهقي قد التزم بأن لا يروي حديثا يعلم بكونه
موضوعا، ومن هنا لم يرم العلماء ما أخرجه البيهقي بالوضع. كلمات في وصف البيهقي
وكتبه وقول ابن تيمية: ولهذا لا يذكره أهل العلم بالحديث... يستشم منه الإزراء
الشديد بحق البيهقي... إنه لم يصف أحد البيهقي بما وصفه به ابن تيمية، وما هذا إلا
لغرض رد أحاديث فضائل أهل البيت والطعن فيها، ولنذكر شيئا من كلمات القوم في وصف
البيهقي: 1 - قد ذكرنا سابقا أن صاحب (المشكاة) يقول في حق جماعة فيهم البيهقي:
إني إذا أسندت الحديث إليهم كأني أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ص 250
2 - ياقوت الحموي: وقد أخرجت هذه الكورة من لا يحصى من الفضلاء والعلماء والفقهاء
والأدباء، ومع ذلك، فالغالب على أهلها مذهب الرافضة الغلاة. ومن أشهر أئمتهم الإمام
أبو بكر أحمد بن الحسين بن عبد الله بن موسى البيهقي، من أهل خسروجرد، صاحب
التصانيف المشهورة، وهو الإمام الحافظ، الفقيه الأصولي، الدين الورع، أوحد الدهر في
الحفظ والإتقان، مع الدين المتين، من أجل أصحاب أبي عبد الله الحاكم والمكثرين عنه،
ثم فاقه في فنون من العلم تفرد بها، رحل إلى العراق وطوف الآفاق، وألف من الكتب ما
يبلغ قريبا من ألف جزء، مما لم يسبق إلى مثله... (1). 3 - السمعاني: كان إماما
فقيها حافظا، جمع بين معرفة الحديث والفقه، وكان يتتبع نصوص الشافعي، وجمع كتابا
سماه كتاب المبسوط، وكان أستاذه في الحديث الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله
الحافظ، وتفقه على أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي، وسمع الحديث الكثير،
وصنف فيه التصانيف التي لم يسبق إليها، وهي مشهورة موجودة في أيدي الناس، سمعت
منها... وأدركت عشرة من أصحابه الذين حدثوني عنه. وكانت ولادته في سنة 384 في
شعبان. ووفاته في سنة 458 (2). 4 - ابن خلكان: الفقيه الشافعي، الحافظ الكبير
المشهور، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله ابن
البيع في الحديث، ثم الزائد عليه في أنواع العلوم... وهو أول من جمع نصوص الإمام
الشافعي رضي الله تعالى عنه في عشر مجلدات... وكان قانعا من الدنيا بالقليل.
(هامش)
(1) معجم البلدان 1 / 538، 2 / 370. (2) الأنساب 2 / 381. (*)
ص 251
وقال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منة، إلا أحمد
البيهقي فإن له على الشافعي منة... وكان على سيرة السلف، وأخذ عنه الحديث جماعة من
الأعيان... (1). 5 - الذهبي: البيهقي هو: الحافظ، العلامة، الثبت، الفقيه، شيخ
الإسلام... قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: كان البيهقي على سيرة
العلماء، قانعا باليسير، متجملا في زهده وورعه. وقال أيضا: هو أبو بكر، الفقيه
الحافظ، الأصولي، الدين والورع، واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان
والضبط، من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم، كتب الحديث
وحفظه من صباه، وتفقه وبرع، وأخذ فن الأصول، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز، ثم
صنف، وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه
وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى
نيسابور لسماع الكتب، فأتى في سنة 441، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب المعرفة، وحضره
الأئمة. قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل ابن البيهقي، قال أبي: حين ابتدأت بتصنيف
هذا الكتاب - يعني كتاب المعرفة من السنن والآثار - وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت
الفقيه محمد بن أحمد - وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة - يقول:
رأيت الشافعي رحمه الله في النوم، وبيده أجزاء هذا الكتاب وهو يقول: كتبت اليوم من
كتاب الفقيه سبعة أجزاء أو قال: قرأتها، ورآه يعتد بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم
رأى فقيه آخر من
(هامش)
(1) وفيات الأعيان 1 / 75. (*)
ص 252
إخواني الشافعي قاعدا في الجامع على سرير وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه
حديث كذا وكذا. وأخبرنا أبي قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي
الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأن
تابوتا علا في السماء يعلوه نور، فقلت: ما هذا؟ فقال: تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال
شيخ القضاة: سمعت الحكايات الثالث من الثلاثة المذكورين. قلت: هذه الرؤيا حق،
فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي
بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بها، ولا سيما سننه الكبير. وقد قدم قبل موته بسنة أو
أكثر إلى نيسابور وتكاثر عليه الطلبة، وسمعوا منه كتبه، وجلبت إلى العراق والشام
والنواحي، واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي، وسمعها من أصحاب البيهقي، ونقلها
إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي. وبلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال:
ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على
الشافعي، لتصانيفه في نصرة مذهبه. قلت: أصاب أبو المعالي هكذا، ولو شاء البيهقي أن
يعمل لنفسه مذهبا لكان قادرا على ذلك، لسعة علومه ومعرفته بالإختلاف، ولهذا تراه
يلوح بنصر مسائل مما صح في الحديث... (1). 6 - أيضا: البيهقي الإمام الحافظ
العلامة شيخ خراسان... فذكر
(هامش)
(1) سير أعلام النبلاء 18 / 163. (*)
ص 253
مشايخه ومصنفاته، وكلمات إمام الحرمين وعبد الغافر في حقه وما نقله ولده من الرؤيا،
ثم ذكر وفاته، ومن روى عنه (1). 7 - أيضا: البيهقي الإمام العالم... وبلغت
تصانيفه ألف جزء، ونفع الله بها المسلمين شرقا وغربا، لأمانة الرجل ودينه وفضله
وإتقانه. فالله يرحمه (2). 8 - اليافعي: الإمام الكبير، الحافظ النحرير، أحمد
بن الحسين، البيهقي، الفقيه الشافعي، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، من كباد
أصحاب الحاكم أبي عبد الله ابن البيع في الحديث، الزائد عليه في أنواع العلوم، له
مناقب شهيرة، وتصانيف كثيرة بلغت ألف جزء... ثم نقل ما قيل في حقه من كلمات
الثناء (3). 9 - السبكي: كان الإمام البيهقي أحد أئمة المسلمين، وهداة المؤمنين،
والدعاة إلى حبل الله المتين، فقيه جليل، حافظ كبير، أصولي نحرير، زاهد ورع، قانت
لله، قائم بنصرة المذهب أصولا وفروعا، جبلا من جبال العلم... صار واحد زمانه، وفارس
ميدانه، وأحذق المحدثين ذهنا، وأسرعهم فهما وأجودهم قريحة. وبلغت تصانيفه ألف جزء،
ولم يتهيأ لأحد مثلها، أما السنن الكبير، فما صنف في علم الحديث مثله تهذيبا
وترتيبا وجودة، وأما المعرفة معرفة السنن والآثار، فلا يستغني عنه فقيه شافعي...
وكلها مصنفات لطاف، مليحة الترتيب والتهذيب، كثيرة الفائدة، يشهد من يراها من
العارفين بأنها لم يتهيأ لأحد من السابقين.
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 2 / 1132. (2) العبر في خبر من غبر 3 / 2421. (3) مرآة الجنان -
حوادث: 458. (*)
ص 254
وفي كلام شيخنا الذهبي أنه أول من جمع نصوص الشافعي. وليس ذلك، بل هو آخر من جمعها،
ولذلك استوعب أكثر ما في كتب السابقين، ولا أعرف أحدا بعده جمع النصوص، لأنه سد
الباب على من بعده. وكانت إقامته ببيهق، ثم استدعاه والي نيسابور ليقرأ عليه كتاب
المعرفة... قال عبد الغافر... قال شيخنا الذهبي... وقال إمام الحرمين... وقال شيخ
القضاة أبو علي ولد البيهقي... (1). 10 - ابن الأثير: كان إماما في الحديث
والفقه... (2). 11 - أبو الفداء: كان إماما في الحديث والفقه على مذهب الشافعي،
وكان زاهدا... أوحد زمانه... (3). 12 - ابن الوردي: إمام في الحديث والفقه...
رحل في طلب الحديث إلى العراق والجبال والحجاز، وهو أول من جمع نصوص الشافعي في عشر
مجلدات، ومن تصانيفه... قال إمام الحرمين... وكان قانعا من الدنيا بالقليل (4).
13 - الأسنوي: الحافظ الفقيه الأصولي، الزاهد الورع، القائم في نصرة المذهب...
(5).
(هامش)
(1) طبقات الشافعية 4 / 8. (2) الكامل في التواريخ. حوادث سنة 458 - 10 / 52. (3)
المختصر في أخبار البشر. حوادث سنة 458 - 2 / 158. (4) تتمة المختصر في أخبار
البشر. حوادث سنة 458 - 1 / 559. (5) طبقات الشافعية 1 / 198. (*)