ص 104
وفيه: أولا: في أهل البيت في الآية شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا ريب
في أفضليته المطلقة. وثانيا: في أهل البيت في الآية فاطمة الزهراء، وقد اعترف
غير واحد من أعلام القوم بأفضليتها من أبي بكر: فقد ذكر العلامة المناوي بشرح
الحديث المتفق عليه بين المسلمين: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني : استدل
به السهيلي (1) على أن من سبها كفر، لأنه يغضبه، وأنها أفضل من الشيخين . وقال:
قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه، ومن
ثم لما رأت أم الفضل في النوم أن بضعة منه وضعت في حجرها، أولها رسول الله صلى الله
عليه وسلم بأن تلد فاطمة غلاما فيوضع في حجرها، فولدت الحسن فوضع في حجرها. فكل من
يشاهد الآن من ذريتها بضعة من تلك البضعة وإن تعددت الوسائط، ومن تأمل ذلك انبعث من
قلبه داعي الإجلال لهم وتجنب بغضهم على أي حال كانوا عليه. قال ابن حجر: وفيه تحريم
أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه، فكل من وقع منه في حق فاطمة
شيء فتأذت به فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى، بشهادة هذا الخبر، ولا شيء
أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك
بالعقوبة
(هامش)
(1) عبد الرحمن بن عبد الله، العلامة الأندلسي، الحافظ العلم، صاحب التصانيف، برع
في العربية واللغات والأخبار والأثر، وتصدر للإفادة، من أشهر مؤلفاته: الروض الأنف
- شرح السيرة النبوية لابن هشام - توفي سنة 581، له ترجمة في: مرآة الجنان 3 /
422، النجوم الزاهرة 6 / 101، العبر 3 / 82، الكامل في التاريخ 9 / 172. (*)
ص 105
في الدنيا *(ولعذاب الآخرة أشد)*(1) (2). وثالثا: في أهل البيت في الآية:
الحسن والحسين، وإن نفس الدليل الذي أقامه الحافظ السهيلي وغيره على تفضيل الزهراء
دليل على أفضلية الحسنين، بالإضافة إلى الأدلة الأخرى، ومنها آية التطهير و
حديث الثقلين الدالين على العصمة ، ولا ريب في أفضلية المعصوم من غيره.
ورابعا: في أهل البيت في الآية: أمير المؤمنين عليه السلام، وهي - مع أدلة
غيرها لا تحصى - تدل على أفضليته على جميع الخلائق بعد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم. وخامسا: كون المراد من الآية: *(الأتقى...)* أبو بكر هو قول انفرد
القوم به، فلا يجوز أن يعارض به القول المتفق عليه. وسادسا: كون المراد بها أبو
بكر أول الكلام، وإن شئت فراجع تفاسيرهم، كالدر المنثور وغيره. * قال: وأيضا:
فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار... فما دعا به النبي... . وحاصله:
أفضلية السابقين الأولين... من أهل البيت المذكورين. ويرد عليه: ما ورد على
كلامه السابق، فإن هذا فرع أن يكون الواقع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو صرف
الدعاء .. وقد عرفت أن الآية تدل على أن الإرادة الإلهية تعلقت بإذهاب الرجس عن
أهل البيت وتطهيرهم تطهيرا، فهي دالة على عصمة أهل البيت وقد قال النبي صلى
الله عليه وآله وسلم وأعلن للأمة الإسلامية أنهم: هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
(هامش)
(1) سورة طه 20: 127. (2) فيض القدير - شرح الجامع الصغير 4 / 421. (*)
ص 106
ثم إن الآية: *(والسابقون الأولون...)*(1) المراد فيها أمير المؤمنين عليه السلام،
ويشهد بذلك تفسير قوله تعالى: *(والسابقون السابقون * أولئك المقربون)*(2) بعلي
عليه السلام كما سيأتي بالتفصيل إن شاء الله. وأما أبو بكر... فلم يكن من السابقين
الأولين: قال أبو جعفر الطبري: وقال آخرون: أسلم قبل أبي بكر جماعة. ذكر من قال
ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن
الحجاج، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد ابن سعد، قال: قلت لأبي: أكان أبو
بكر أولكم إسلاما؟ فقال: لا، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين، ولكن كان أفضلنا إسلاما
(3). تناقض ابن تيمية ثم إن ابن تيمية تعرض لآية التطهير في موضع آخر، ولكنه هذه
المرة لم ينص على صحة الحديث! ولم يعترف بمفاده! بل ادعى كون الأزواج من أهل البيت!
وهو القول الثالث الذي نسبه ابن الجوزي إلى الضحاك بن مزاحم، وهذه عبارته: وأما
آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس عنهم، وإنما فيها الأمر
لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم، فإن
(هامش)
(1) سورة التوبة 9: 100. (2) سورة الواقعة 56: 10 و11. (3) تاريخ الطبري 2 / 316
تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. (*)
ص 107
قوله: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* وقوله تعالى:
*(ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم)* وقوله: *(يريد الله ليبين
لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم * والله يريد أن يتوب
عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم
وخلق الإنسان ضعيفا)*. فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا، وليست هي المشيئة
المستلزمة لوقوع المراد، فإنه لو كان كذلك لكان قد طهر كل من أراد طهارته. وهذا على
قول هؤلاء القدرية الشيعة أوجه، فإن عندهم أن الله يريد ما لا يكون! ويكون ما لا
يريد! فقوله: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* إذا
كان هذا بفعل المأمور وترك المحظور كان ذلك متعلقا بإرادتهم وأفعالهم، فإن فعلوا ما
أمروا به طهروا وإلا فلا. وهم يقولون: إن الله لا يخلق أفعالهم ولا يقدر على
تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم، وأما المثبتون للقدر فيقولون: إن الله قادر على ذلك،
فإذا ألهمهم فعل ما أمر وترك ما حظر حصلت الطهارة وذهاب الرجس. ومما يبين أن هذا
مما أمروا به لا مما أخبروا بوقوعه: ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم
أدار الكساء على علي وفاطمة وحسن وحسين ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه عن عائشة، ورواه أهل السنن عن
أم سلمة.
ص 108
وهو يدل على ضد قول الرافضة من وجهين: أحدهما: أنه دعا لهم بذلك. هذا دليل على أن
الآية لم تخبر بوقوع ذلك، فإنه لو كان قد وقع لكان يثني على الله بوقوعه ويشكره على
ذلك، ولا يقتصر على مجرد الدعاء به. الثاني: إن هذا يدل على أن الله قادر على إذهاب
الرجس عنهم وتطهيرهم، وذلك يدل على أنه خالق أفعال العباد. ومما يبين أن الآية
متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام: *(يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة...
إنما يريد الله ليذهب... واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله
كان لطيفا خبيرا)*. وهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي. ويدل على أن أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم من أهل بيته، فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن. ويدل على أن قوله
*(ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)* عم غير أزواجه، كعلي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله
عنهم، لأنه ذكره بصيغة التذكير لما اجتمع المذكر والمؤنث، وهؤلاء خصوا بكونهم من
أهل البيت من أزواجه، فلهذا خصهم بالدعاء لما أدخلهم في الكساء، كما أن مسجد قباء
أسس على التقوى، ومسجده صلى الله عليه وسلم أيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك.
فلما نزل قوله تعالى: *(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم...)*(1) بسبب مسجد قباء
تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده بطريق الأولى. وقد تنازع العلماء: هل أزواجه من
آله؟ على قولين، هما روايتان عن
(هامش)
(1) سورة التوبة 9: 108. (*)
ص 109
أحمد، أصحهما أنهن من آله وأهل بيته، كما دل على ذلك ما في الصحيحين من قوله: اللهم
صلي على محمد وعلى أزواجه وذريته. وهذا مبسوط في موضع آخر (1). أقول: لقد حاول
ابن تيمية التهرب من الإلتزام بمفاد الآية المباركة والسنة النبوية الثابتة الصحيحة
الواردة بشأنها - كما اعترف هو أيضا - بشبهات واهية وكلمات متهافتة، ومن راجع كتب
الأصحاب في بيان الاستدلال بالآية المباركة - على ضوء السنة المتفق عليها - عرف
موارد النظر ومواضع التعصب في كلامه... وقد ذكرنا نحن أيضا طائفة من الأحاديث،
المشتملة على وقوع إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم عنه من الله سبحانه، بإرادته
التكوينية غير المنافية لمذهب أهل البيت في مسألة الجبر والاختيار. فالنبي صلى الله
عليه وآله وسلم قد عين المراد من أهل البيت عليهم السلام في الآية المباركة بعد
نزولها، ودعا لهم أيضا، ولا ريب في أن دعاءه مستجاب. كما علمنا من الخصوصيات
الموجودة في نفس الآية، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في معناها، أن الآية خاصة
بأهل البيت - وهذا ما اعترف به جماعة من أئمة الحديث كالطحاوي وابن حبان تبعا
لأزواج النبي وأعلام الصحابة - وأنها نازلة في قضية خاصة، غير أنها وضعت ضمن آيات
نساء النبي، وكم له من نظير، حيث وضعت الآية المكية ضمن آيات مدنية أو المدنية
(هامش)
(1) منهاج السنة 4 / 21 - 24. (*)
ص 110
ضمن آيات مكية. وقد دلت الآية المباركة والأحاديث المذكورة وغيرها على أن عنوان
أهل البيت - أي: أهل بيت النبي - لا يعم أزواجه، بل لا يعم أحدا من عشيرته وأسرته
إلا بقرينة. هذا، وفي صحيح مسلم في ذيل حديث الثقلين عن زيد بن أرقم، أنه سئل: هل
نساؤه من أهل بيته؟ قال: لا وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر
ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها . وهذا هو الذي دلت عليه الأحاديث. وأما ما رووه
عنه من أن: أهل بيته من حرم الصدقة من بعده فيرد تطبيقه على ما نحن فيه
الأحاديث المتواترة المذكور بعضها، ومن الواضح عدم جواز رفع اليد عن مفادها بقول
زيد هذا. كلام الدهلوي صاحب التحفة هذا، وما ذكرناه في إبطال القولين الآخرين، ورد
افتراءات ابن تيمية، يكفينا عن النظر في كلام عبد العزيز الدهلوي حول هذه الآية،
والتعرض لنقده بالتفصيل، إذ ليس عنده شيء زائد على ما تقدم، فإنه قد ذكر أولا قول
عكرمة وأيده بالسياق، ثم قال: ولكن ذهب محققوا أهل السنة إلى أن هذه الآية وإن
كانت واقعة في حق الأزواج المطهرات، فإنه بحكم أن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص
السبب، داخل في بشارتها هذه جميع أهل البيت، وإنما يدل التخصيص بالكساء على كون
هؤلاء المذكورين مخصصين إذا لم يكن لهذا التخصيص فائدة أخرى ظاهرة، وهي ههنا دفع
مظنة عدم كون هؤلاء الأشخاص في أهل البيت، نظرا إلى أن المخاطبات فيها هن الأزواج
فقط . ثم ناقش في دلالة الآية على العصمة، حاملا الإرادة على التشريعية
ص 111
قال: لأن وقوع مراد الله غير لازم لإرادته عند الشيعة ومن هنا نقض بأنه لو
كانت هذه الكلمة مفيدة للعصمة فينبغي أن يكون الصحابة لا سيما الحاضرين في غزوة بدر
قاطبة معصومين، لأن الله تعالى قال في حقهم في مواضع من التنزيل *(ولكن يريد
ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)* وقال: *(ليطهركم به وليذهب عنكم رجس
الشيطان)* وظاهر أن إتمام النعمة في الصحابة كرامة زائدة بالنسبة إلى ذينك اللفظين
ووقوع هذا الإتمام أدل على عصمتهم . ثم قال: سلمنا، ولكن ثبت من هذا الدليل صحة
إمامة الأمير، أما كونه إماما بلا فصل فمن أين؟ (1) أقول: كانت هذه خلاصة المهم
من كلامه، فهو يعتمد أولا على كلام عكرمة، ثم يتنازل فيجعل الآية عامة لأهل البيت
وللأزواج وهو القول الآخر، وقد عرفت بطلان كلا القولين. وقد عرفت أن الإرادة في
الآية تكوينية وليست بتشريعية. ونقضه بعصمة أهل بدر، مردود بأن الإرادة في
الآيتين المذكورتين تشريعية، فالقياس مع الفارق، على أن أحدا لا يقول بعصمة أحد من
أهل بدر ولا غيرهم من الصحابة، فقوله هذا خرق للإجماع القطعي، بخلاف أهل البيت
ففيهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو معصوم بالإجماع، وسائر أهل البيت معصومون
بالآية وبحديث الثقلين وغيرهما من الأدلة. وما ذكره أخيرا من حمل الآية على إمامة
الإمام بعد عثمان، فباطل من وجوه، منها أن هذا الحمل موقوف على صحة إمامة الثلاثة،
وهو أول الكلام. هذا تمام الكلام على آية التطهير، والحمد لله رب العالمين.
(هامش)
(1) التحفة الاثني عشرية: 202 وانظر مختصر التحفة الاثني عشرية: 167 - 172. (*
ص 113
آية المودة

ص 115
قوله تعالى *(قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* وهذه آية المودة.
استدل بها أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين بعد رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم بلا فصل. وبيان ذلك في فصول:
ص 116
الفصل الأول: في تعيين النبي صلى الله عليه وآله وسلم المراد من القربى

إنه إذا
كنا تبعا للكتاب والسنة، ونريد - حقا - الأخذ - اعتقادا وعملا - بما جاء في كلام
الله العزيز وما أتى به الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم... كان الواجب علينا
الرجوع إلى النبي نفسه وتحكيمه في كل ما شجر بيننا واختلفنا فيه، كما أمر سبحانه
وتعالى بذلك حيث قال: *(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا
في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)*(1). لقد وقع الاختلاف في معنى قوله
تعالى: *(ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى)*(2)... لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبق وأن بين
المعنى وأوضح المراد من القربى في الأخبار المروية في كتب طرفي الخلاف كليهما،
فلماذا لا يقبل قوله ويبقى الخلاف على حاله؟! لقد عين النبي صلى الله عليه وآله
وسلم المراد من القربى في الآية، فالمراد أقرباؤه، وهم علي والزهراء
وولداهما... فهؤلاء هم المراد من القربى هنا، كما كانوا المراد من أهل البيت
في آية التطهير بتعيين منه كذلك.
(هامش)
(1) سورة النساء 4: 65. (2) سورة الشورى 42: 23. (*)
ص 117
ذكر من رواه من الصحابة والتابعين وقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم عدة كبيرة من الصحابة وأعلام التابعين، المرجوع إليهم في تفسير آيات الكتاب
المبين، ومنهم: 1 - أمير المؤمنين علي عليه السلام. 2 - الإمام السبط الأكبر الحسن
بن علي عليه السلام. 3 - الإمام السبط الشهيد الحسين بن علي عليه السلام. 4 -
الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام. 5 - الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين
عليه السلام. 6 - الإمام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام. 7 -
عبد الله بن العباس. 8 - عبد الله بن مسعود. 9 - جابر بن عبد الله الأنصاري. 10 -
أبو أمامة الباهلي. 11 - أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي. 12 - سعيد بن جبير. 13 -
مجاهد بن جبر. 14 - مقسم بن بجرة. 15 - زاذان الكندي. 16 - السدي. 17 - فضال بن
جبير.
ص 118
18 - عمرو بن شعيب. 19 - ابن المبارك. 20 - زر بن حبيش. 21 - أبو إسحاق السبيعي. 22
- زيد بن وهب. 23 - عبد الله بن نجي. 24 - عاصم بن ضمرة. ومن رواته من أئمة الحديث
والتفسير وقد روى نزول الآية المباركة في أهل البيت عليهم السلام - هذا الذي أرسله
إرسال المسلم إمام الشافعية في شعره المعروف المشهور، المذكور في الكتب المعتمدة،
كالصواعق المحرقة - مشاهير الأئمة في التفسير والحديث وغيرهما في مختلف القرون،
ونحن نذكر أسماء عدة منهم: 1 - سعيد بن منصور، المتوفى سنة 227. 2 - أحمد بن حنبل،
المتوفى سنة 241. 3 - عبد بن حميد، المتوفى سنة 249. 4 - محمد بن إسماعيل البخاري،
المتوفى سنة 256. 5 - مسلم بن الحجاج النيسابوري، المتوفى سنة 261. 6 - أحمد بن
يحيى البلاذري، المتوفى سنة 276. 7 - محمد بن عيسى الترمذي، المتوفى سنة 279. 8 -
أبو بكر البزار، المتوفى سنة 292. 9 - محمد بن سليمان الحضرمي، المتوفى سنة 297.
ص 119
10 - محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة 310. 11 - أبو بشر الدولابي، المتوفى سنة
310. 12 - أبو بكر ابن المنذر النيسابوري، المتوفى سنة 318. 13 - عبد الرحمن بن أبي
حاتم الرازي، المتوفى سنة 327. 14 - الهيثم بن كليب الشاشي، المتوفى سنة 335. 15 -
أبو القاسم الطبراني، المتوفى سنة 360. 16 - أبو الشيخ ابن حبان، المتوفى سنة 369.
17 - محمد بن إسحاق ابن مندة، المتوفى سنة 395. 18 - أبو عبد الله الحاكم
النيسابوري، المتوفى سنة 405. 19 - أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني، المتوفى سنة 410.
20 - أبو إسحاق الثعلبي، المتوفى سنة 427. 21 - أبو نعيم الأصفهاني، المتوفى سنة
430. 22 - علي بن أحمد الواحدي، المتوفى سنة 468. 23 - محيي السنة البغوي، المتوفى
سنة 516. 24 - جار الله الزمخشري، المتوفى سنة 538. 25 - الملا عمر بن محمد بن خضر،
المتوفى سنة 570. 26 - أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي، المتوفى سنة 571. 27 - أبو
السعادات ابن الأثير الجزري، المتوفى سنة 606. 28 - الفخر الرازي، المتوفى سنة 606.
29 - عز الدين ابن الأثير، المتوفى سنة 630. 30 - محمد بن طلحة الشافعي، المتوفى
سنة 652. 31 - أبو عبد الله الأنصاري القرطبي، المتوفى سنة 656.
ص 120
32 - أبو عبد الله الكنجي الشافعي، المتوفى سنة 658. 33 - القاضي البيضاوي، المتوفى
سنة 685. 34 - محب الدين الطبري الشافعي، المتوفى سنة 694. 35 - الخطيب الشربيني،
المتوفى سنة 698. 36 - أبو البركات النسفي، المتوفى سنة 710. 37 - أبو القاسم
الجزي، المتوفى سنة 741. 38 - علاء الدين الخازن، المتوفى سنة 741. 39 - أبو حيان
الأندلسي، المتوفى سنة 745. 40 - ابن كثير الدمشقي، المتوفى سنة 774. 41 - أبو بكر
نور الدين الهيثمي، المتوفى سنة 807. 42 - ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852. 43
- نور الدين ابن الصباغ المالكي، المتوفى سنة 855. 44 - شمس الدين السخاوي، المتوفى
سنة 902. 45 - نور الدين السمهودي، المتوفى سنة 911. 46 - جلال الدين السيوطي،
المتوفى سنة 911. 47 - شهاب الدين القسطلاني، المتوفى سنة 923. 48 - أبو السعود
العمادي، المتوفى سنة 951. 49 - ابن حجر الهيتمي المكي، المتوفى سنة 973. 50 -
الزرقاني المالكي، المتوفى سنة 1122. 51 - عبد الله الشبراوي، المتوفى سنة 1162. 52
- محمد الصبان المصري، المتوفى سنة 1206. 53 - قاضي القضاة الشوكاني، المتوفى سنة
1250.
ص 121
54 - شهاب الدين الآلوسي، المتوفى سنة 1270. 55 - الصديق حسن خان، المتوفى سنة
1307. 56 - محمد مؤمن الشبلنجي، المتوفى بعد سنة 1308. نصوص الحديث في الكتب
المعتبرة وهذه ألفاظ من هذا الحديث بأسانيدها، كما في الكتب المعتبرة من الصحاح
والمسانيد والمعاجم وغيرها: * أخرج البخاري قائلا: قوله: *(إلا المودة في
القربى)*. حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن
ميسرة، قال: سمعت طاووسا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله *(إلا
المودة في القربى)* فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ابن
عباس: عجلت! إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم
قرابة. فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة (1). * وأخرجه مسلم، كما نص
عليه الحاكم والذهبي، وسيأتي. * وأخرجه أحمد، ففي المسند : حدثنا عبد الله،
حدثني أبي، ثنا يحيى، عن شعبة، حدثني عبد الملك بن ميسرة، عن طاووس، قال: أتى ابن
عباس رجل فسأله، وسليمان بن داود، قال: أخبرنا شعبة، أنبأني عبد الملك، قال: سمعت
طاووسا يقول: سأل رجل ابن عباس المعنى عن قوله عز وجل: *(قل لا أسألكم عليه أجرا
إلا المودة في القربى)* فقال سعيد بن جبير: قرابة محمد صلى الله عليه وسلم. قال ابن
عباس: عجلت! إن رسول الله صلى الله
(هامش)
(1) صحيح البخاري، كتاب التفسير، المجلد الثالث: 502. (*)
ص 122
عليه وسلم لمن يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة
فنزلت: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* إلا أن تصلوا قرابة ما
بيني وبينكم (1). * وفي (المناقب) ما هذا نصه: وفي ما كتب إلينا محمد بن عبد
الله بن سليمان الحضرمي، يذكر أن حرب بن الحسن الطحان حدثهم، قال: حدثنا حسين
الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت *(قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء
الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما (2). * وأخرج الترمذي فقال:
حدثنا بندار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سمع
طاووسا قال: سئل ابن عباس عن هذه الآية *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى)* فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس:
أعجلت؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة
فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح
(3). * وأخرج ابن جرير الطبري، قال: [1] حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل
بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المري، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: لما جئ
بعلي بن
(هامش)
(1) مسند أحمد 1 / 229. (2) مناقب علي: الحديث 263، ورواه غير واحد من الحفاظ
قائلين: أحمد في المناقب كالمحب الطبري في ذخائر العقبى: 25، والسخاوي في
استجلاب ارتقاء الغرف: 36. (3) صحيح الترمذي، كتاب التفسير، 5 / 351. (*)
ص 123
الحسين - رضي الله عنهما - أسيرا فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال:
الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة! فقال له علي ابن الحسين - رضي
الله عنه -: أقرأت القرآن؟! قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟! قال: قرأت القرآن ولم
أقرأ آل حم؟ قال: ما قرأت *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*؟! قال:
وإنكم لأنتم هم؟! قال: نعم (1). [2] حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل،
قال: ثنا عبد السلام، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: قالت
الأنصار: فعلنا وفعلنا، فكأنهم فخروا، فقال ابن عباس - أو العباس، شك عبد السلام -:
لنا الفضل عليكم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاهم في مجالسهم فقال:
يا معشر الأنصار! ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟! قالوا: بلى يا رسول الله. قال:
ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي؟! قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أفلا تجيبوني؟!
قالوا: ما نقول يا رسول الله؟! قال: ألا تقولون: ألم يخرجك قومك فآويناك؟! أو لم
يكذبوك فصدقناك؟! أو لم يخذلوك فنصرناك؟! قال: فما زال يقول حتى جثوا على الركب
وقالوا: أموالنا وما في أيدينا
(هامش)
(1) وأرسله أبو حيان إرسال المسلم، حيث ذكر القول الحق، قال: وقال بهذا المعنى
علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيرا
البحر المحيط 7 / 516. (*)
ص 124
لله ولرسوله، قال: فنزلت *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*. [3]
حدثني يعقوب، قال: ثنا مروان، عن يحيى بن كثير، عن أبي العالية، عن سعيد بن جبير،
في قوله *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* قال: هي قربى رسول الله
صلى الله عليه وسلم. [4] حدثني محمد بن عمارة الأسدي ومحمد بن خلف، قالا: ثنا عبيد
الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سألت عمرو بن شعيب عن قول عز وجل
*(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* قال: قربى النبي صلى الله عليه
وسلم (1). أقول: ولا يخفى أن ابن جرير الطبري ذكر في معنى الآية أربعة أقوال، وقد
جعل القول بنزولها في أهل البيت القول الثاني، فذكر هذه الأخبار. وجعل القول
الأول أن المراد قرابته مع قريش، فذكر رواية طاووس عن ابن عباس، التي أخرجها أحمد
والشيخان، وقد تقدمت، وفيها قول سعيد بن جبير بنزولها في أهل البيت خاصة. وأما
القولان الثالث والرابع فسنتعرض لهما فيما بعد. * وأخرج أبو سعيد الهيثم بن كليب
الشاشي - صاحب المسند الكبير - في مسند عبد الله بن مسعود، في ما رواه عنه زر بن
حبيش، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا محمد بن خالد، عن يحيى بن ثعلبة
الأنصاري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في مسير، فهتف به أعرابي بصوت
(هامش)
(1) تفسير الطبري 25 / 16 - 17. (*)
ص 125
جهوري: يا محمد! فقال صلى الله عليه وسلم: يا هناه! فقال: يا محمد! ما تقول في رجل
يحب القوم ولم يعمل بعلمهم؟ قال: المرء مع من أحب. قال: يا محمد! إلى من تدعو؟ قال:
إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم
رمضان، وحج البيت. قال: فهل تطلب على هذا أجرا؟ قال: لا إلا المودة في القربى. قال:
أقرباي يا محمد أم أقرباك؟ قال: بل أقرباي. قال: هات يدك حتى أبايعك، فلا خير في من
يودك ولا يود قرباك (1). * وأخرج الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله، ثنا حرب بن
الحسن الطحان، ثنا حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن
ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزلت *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى)* قالوا: يا رسول الله، ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي
وفاطمة وابناهما (2). وأخرج أيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن
مرزوق، ثنا حسين الأشقر، ثنا نصير بن زياد، عن عثمان أبي اليقظان، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس، قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم مالا فنبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فأتوا رسول الله فقالوا: يا رسول
الله! إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا. فأنزل الله عز وجل *(قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى)* فخرجوا مختلفين، فقال بعضهم: ألم تروا إلى ما قال رسول
الله؟! وقال بعضهم: إنما قال
(هامش)
(1) مسند الصحابة 2 / 127 ح 664. (2) المعجم الكبير 3 / 47 رقم 2641، و11 / 351 رقم
12259. (*)
ص 126
هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم... (1). * وأخرج الحاكم قائلا: حدثنا أبو محمد
الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني، ثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق
بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين، حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، حدثني الحسين
بن زيد، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، قال: خطب الحسن بن علي الناس حين
قتل علي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون
بعمل ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه رايته
فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، وما ترك
على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع
بها خادما لأهله.. ثم قال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا
الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير،
وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي
كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك
وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى
ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)* فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت (2).
(هامش)
(1) المعجم الكبير 12 / 26 رقم 12384. (2) المستدرك على الصحيحين 3 / 172. (*)
ص 127
وقال الحاكم بتفسير الآية من كتاب التفسير: إنما اتفقا في تفسير هذه الآية على
حديث عبد الملك بن ميسرة الزراد عن طاووس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه في
قربى آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (1). * وأخرج أبو نعيم: حدثنا الحسين بن
أحمد بن علي أبو عبد الله، ثنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة، ثنا إسماعيل بن يزيد،
ثنا قتيبة بن مهران، ثنا عبد الغفور، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن علي، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بتعلم القرآن وكثرة تلاوته تنالون به الدرجات وكثرة
عجائبه في الجنة، ثم قال علي: وفينا آل حم، إنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن، ثم
قرأ: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*(2). وأخرج أيضا: حدثنا أبو
عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن مخلد، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا
عبادة بن زياد، ثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: جاء
أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! اعرض علي الإسلام، فقال: تشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. قال: تسألني عليه
أجرا؟ قال: لا، إلا المودة في القربى، قال: قرباي أو قرباك؟ قال: قرباي. قال: هات
أبايعك، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله. قال صلى الله عليه وسلم: آمين.
هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد، لم نكتبه إلا من حديث يحيى بن العلاء، كوفي
ولي قضاء الري (3).
(هامش)
(1) المستدرك على الصحيحين 2 / 444. (2) تاريخ أصبهان 2 / 165. (3) حلية الأولياء 3
/ 201. (*)
ص 128
* وأخرج أبو بشر الدولابي خطبة الإمام الحسن السبط، فقال: أخبرني أبو القاسم كهمس
بن معمر، أن أبا محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر ابن محمد بن علي بن حسين بن
علي بن أبي طالب حدثهم: حدثني عمي علي ابن جعفر بن محمد بن حسين بن زيد، عن الحسن
بن زيد ابن حسن بن علي، عن أبيه، قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي...
أخبرني أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي
طالب، حدثني أبي، حدثني حسين بن زيد، عن الحسن بن زيد بن حسن - ليس فيه: عن أبيه -،
قال: خطب الحسن بن علي الناس... حدثنا أحمد بن يحيى الأودي، نا إسماعيل بن أبان
الوراق، نا عمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، وزيد بن وهب، وعبد الله بن نجي، وعاصم بن
ضمرة، عن الحسن بن علي، قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل... (1). * وأخرج ابن
عساكر: أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنبأنا عبد العزيز الصوفي، أنبأنا أبو الحسن بن
السمسار، أنبأنا أبو سليمان... قال: وأنبأنا ابن السمسار، أنبأنا علي بن الحسن
الصوري، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني اللخمي بأصفهان، أنبأنا الحسين بن
إدريس الحريري التستري، أنبأنا أبو عثمان طالوت بن عباد البصري الصيرفي، أنبأنا
فضال بن جبير، أنبأنا أبو أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
خلق الله الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعليا من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي
فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين
(هامش)
(1) الذرية الطاهرة: 109 - 111. (*)
ص 129
ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى، ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا
والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام، ثم لم يدرك محبتنا لأكبه الله على منخريه
في النار، ثم تلا *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*. ورواه علي بن
الحسن الصوفي مرة أخرى عن شيخ آخر، أخبرناه أبو الحسن الفقيه السلمي الطرسوسي،
أنبأنا عبد العزيز الكتاني، أنبأنا أبو نصر ابن الجيان، أنبأنا أبو الحسن علي بن
الحسن الطرسوسي، أنبأنا أبو الفضل العباس ابن أحمد الخواتيمي بطرسوس، أنبأنا الحسين
بن إدريس التستري... (1). * وأخرج ابن عساكر خبر خطبة مروان - بأمر من معاوية -
ابنة عبد الله ابن جعفر ليزيد، وأن عبد الله أوكل أمرها إلى الحسين عليه السلام
فزوجها من القاسم بن محمد بن جعفر، وتكلم عليه السلام - في المسجد النبوي وبنو هاشم
وبنو أمية مجتمعون - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الإسلام دفع الخسيسة وتمم
النقيصة وأذهب اللائمة، فلا لوم على مسلم إلا في أمر مأثم، وإن القرابة التي عظم
الله حقها وأمر برعايتها، وأن يسأل نبيه الأجر له بالمودة لأهلها: قرابتنا أهل
البيت... (2). * وأخرج ابن الأثير: روى حكيم بن جبير، عن حبيب بن أبي ثابت،
قال: كنت أجالس أشياخا لنا، إذ مر علينا علي بن الحسين - وقد كان بينه وبين أناس من
قريش منازعة في امرأة تزوجها منهم لم يرض منكحها - فقال أشياخ الأنصار: ألا دعوتنا
أمس لما كان بينك وبين بني فلان؟! إن أشياخنا حدثونا
(هامش)
(1) تاريخ دمشق، ترجمة علي أمير المؤمنين 1 / 132 - 133. (2) تعليق العلامة
المحمودي على شواهد التنزيل 2 / 144 عن أنساب الأشراف بترجمة معاوية، وعن تاريخ
دمشق بترجمة مروان بن الحكم. (*)
ص 130
أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! ألا نخرج إليك من ديارنا
ومن أموالنا لما أعطانا الله بك وفضلنا بك وأكرمنا بك؟ فأنزل الله تعالى: *(قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*. ونحن ندلكم على الناس. أخرجه ابن مندة
(1). * وأخرج ابن كثير: وقول ثالث، وهو ما حكاه البخاري وغيره رواية عن سعيد بن
جبير... وقال السدي عن أبي الديلم، قال: لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله عنه
أسيرا... وقال أبو إسحاق السبيعي: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تبارك وتعالى: *(قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* فقال: قربى النبي. رواهما ابن جرير. ثم
قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد السلام، حدثني
يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس... وهكذا رواه: ابن أبي حاتم، عن علي بن
الحسين، عن عبد المؤمن بن علي، عن عبد السلام، عن يزيد بن أبي زياد - وهو ضعيف -
بإسناده، مثله أو قريبا منه. وفي الصحيحين في قسم غنائم حنين قريب من هذا السياق،
ولكن ليس في ذكر نزول هذه الآية... وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا
رجل سماه، حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -
رضي الله عنه -، قال: لما نزلت هذه الآية *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى)* قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: فاطمة
وولدها. رضي الله عنهم. وهذا إسناد ضعيف، فيه مبهم لا يعرف،
(هامش)
(1) أسد الغابة في معرفة الصحابة 5 / 367. (*)
ص 131
عن شيخ شيعي محترق وهو حسين الأشقر (1). * وروى الهيثمي: عن ابن عباس قال: لما
نزلت *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* قالوا: يا رسول الله، من
قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. رواه الطبراني من
رواية حرب بن الحسن الطحان عن حسين الأشقر عن قيس بن الربيع، وقد وثقوا كلهم وضعفهم
جماعة، وبقية رجاله ثقات (2). ورواه مرة أخرى كذلك وقال: فيه جماعة ضعفاء وقد
وثقوا (3). وروى خطبة الإمام الحسن عليه السلام قائلا: باب خطبة الحسن بن علي
رضي الله عنهما: عن أبي الطفيل، قال: خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب، فحمد الله
وأثنى عليه، وذكر أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه خاتم الأوصياء ووصي الأنبياء
وأمين الصديقين والشهداء، ثم قال: يا أيها الناس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون
ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول الله يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل
عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه. ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها
وصي موسى، وعرج بروحه في الليلة التي... ثم قال: أنا ابن البشير، أنا ابن النذير،
وأنا ابن النبي، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن
الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، وأنا من أهل البيت
(هامش)
(1) تفسير القرآن العظيم 4 / 100. (2) مجمع الزوائد 7 / 103. (3) مجمع الزوائد 9 /
168. (*)
ص 132
الذين افترض الله عز وجل مودتهم وولايتهم فقال في ما أنزل على محمد صلى الله عليه
وسلم: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* . قال الهيثمي: رواه
الطبراني في الأوسط والكبير باختصار... وأبو يعلى باختصار، والبزار بنحوه... ورواه
أحمد باختصار كثير! وإسناد أحمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حسان (1). *
وروى السيوطي الحديث عن طاووس عن ابن عباس كما تقدم. قال: وأخرج ابن مردويه من
طريق ابن المبارك عن ابن عباس في قوله: *(إلا المودة في القربى)* قال: تحفظوني في
قرابتي . قال: وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق مقسم، عن ابن
عباس، قال: قالت الأنصار... الحديث، وقد تقدم. قال: وأخرج الطبراني في الأوسط
وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو
جمعنا لرسول الله... الحديث، وقد تقدم. قال: وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق
مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، أن تحفظوني في أهل بيتي وتودوهم بي . قال:
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن
جبير عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى)* قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة
وولداها . قال: وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير: *(إلا المودة في
(هامش)
(1) مجمع الزوائد 9 / 146. (*)
ص 133
القربى)* قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: وأخرج ابن جرير عن أبي
الديلم، قال: لما جئ بعلي بن الحسين... الحديث، وقد تقدم. ثم روى السيوطي حديث
الثقلين وغيره مما فيه الوصية باتباع أهل البيت والتحذير من بغضهم... (1). * وقال
الآلوسي: وذهب جماعة إلى أن المعنى: لا أطلب منكم أجرا إلا محبتكم أهل بيتي
وقرابتي. وفي البحر: أنه قول ابن جبير والسدي وعمرو ابن شعيب، و في عليه للظرفية
المجازية، و القربى بمعنى الأقرباء، والجار والمجرور في موضع الحال. أي: المودة
ثابتة في أقربائي متمكنة فيهم، ولمكانة هذا المعنى لم يقل: إلا المودة للقربى...
وروى ذلك مرفوعا: أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، من طريق
ابن جبير عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية... الحديث، كما تقدم، قال: وسند
هذا الخبر - على ما قال السيوطي في الدر المنثور - ضعيف، ونص على ضعفه في تخريج
أحاديث الكشاف ابن حجر. وأيضا: لو صح لم يقل ابن عباس ما حكي عنه في الصحيحين
وغيرهما وقد تقدم. إلا أنه روي عن جماعة من أهل البيت ما يؤيد ذلك: أخرج ابن جرير
عن أبي الديلم، قال: لما جئ بعلي بن الحسين... الحديث، وقد تقدم. وروى زاذان عن
علي كرم الله تعالى وجهه، قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا مؤمن، ثم قرأ
هذه الآية. وإلى هذا أشار الكميت في قوله: وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها منا تقي
ومعرب
(هامش)
(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 6 / 6 - 7. (*)
ص 134
ولله تعالى در السيد عمر الهيتي - أحد الأقارب المعاصرين - حيث يقول: بأية آية يأتي
يزيد * غداة صحائف الأعمال تتلى وقام رسول رب العرش يتلو * وقد صمت جميع الخلق *(قل
لا)* والخطاب على هذا القول لجميع الأمة لا للأنصار فقط، وإن ورد ما يوهم ذلك،
فإنهم كلهم مكلفون بمودة أهل البيت، فقد أخرج مسلم والترمذي والنسائي... فروى
حديث الثقلين، ونحوه، ثم قال: إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة من الأخبار (1). *
وروى الشوكاني الأخبار التي نقلناها عن الدر المنثور كالحديث الذي رواه الأئمة
من طريق مقسم عن ابن عباس. ثم قال: وفي إسناده يزيد ابن أبي زياد، وهو ضعيف وما
رواه أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس، ولم يتكلم في سنده، وما رواه
الجماعة من طريق سعيد بن جبير عن عباس، قال: قال السيوطي: بسند ضعيف . ثم إنه
أشار إلى التعارض الموجود بين الأخبار في ما روي عن ابن عباس، ورجح ما أخرج عنه في
كتابي البخاري ومسلم، وقال: وقد أغنى الله آل محمد عن هذا بما لهم من الفضائل
الجليلة والمزايا الجميلة، وقد بينا بعض ذلك عند تفسيرنا لقوله *(إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)* (2).
(هامش)
(1) روح المعاني 25 / 31 - 32. (2) فتح القدير 4 / 536 - 537. (*)
ص 135
تنبيه: حاول القوم أن لا ينقلوا خطبة الإمام الحسن عليه السلام كاملة، وحتى المنقوص
منها تصرفوا في لفظه! فراجع: المسند 1 / 199، والمناقب - لأحمد - الرقم 136 و136،
والمعجم الكبير - للطبراني - 3 / الرقم 2717 إلى 2725، وتاريخ الطبري 5 / 157،
والمستدرك 3 / 172، والكامل 3 / 400، ومجمع الزوائد 9 / 146، وقارن بين الألفاظ،
لترى مدى إخلاص أمناء الحديث وحرصهم على حفظه ونقله!! ولننقل الخبر كما رواه أبو
الفرج وبأسانيد مختلفة، فقال: حدثني أحمد بن عيسى العجلي، قال: حدثنا حسين بن
نصر، قال: حدثنا زيد بن المعذل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال: حدثني أشعث بن
سوار، عن أبي إسحاق السبيعي، عن سعيد بن رويم. وحدثني علي بن إسحاق المخرمي وأحمد
بن الجعد، قالا: حدثنا عبد الله بن عمر مشكدانة، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن
أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي. وحدثني علي بن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن عمر،
قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن الأشعث بن أبي إسحاق، موقوفا. وحدثني محمد بن الحسين
الخثعمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن
هبيرة بن يريم، قال: قال عمرو بن ثابت: كنت أختلف إلى أبي إسحاق السبيعي سنة أسأله
عن خطبة الحسن بن علي، فلا يحدثني بها، فدخلت إليه في يوم شات وهو في الشمس وعليه
برنسه كأنه غول، فقال لي: من أنت؟ فأخبرته، فبكى
ص 136
وقال: كيف أبوك؟ كيف أهلك؟ قلت: صالحون. قال: في أي شيء تردد منذ سنة؟ قلت: في خطبة
الحسن بن علي بعد وفاة أبيه. قال: حدثني هبيرة بن يريم، وحدثني محمد بن محمد
الباغندي ومحمد ابن حمدان الصيدلاني، قالا: حدثنا إسماعيل بن محمد العلوي، قال:
حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن زيد بن
الحسن، عن أبيه - دخل حديث بعضهم في حديث بعض، والمعنى قريب - قالوا: خطب الحسن
بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام فقال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم
يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعمل، ولقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فيقيه بنفسه، ولقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن
يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى
بن مريم، ولقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا
سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. ثم خنقته العبرة فبكى
وبكى الناس معه. ثم قال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن
ابن محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي
إلى الله عز وجل بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: *(ومن يقترف
حسنة نزد له فيها حسنا)* فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. قال أبو مخنف عن رجاله:
ثم قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى
ص 137
بيعته، فاستجابوا له وقالوا: ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة، فبايعوه. ثم نزل عن
المنبر (1). أقول: وهكذا روى الشيخ المفيد بإسناده (2). وذيل الخبر من الشواهد
على بطلان خبر طاووس عن سعيد عن ابن عباس، كما لا يخفى.
(هامش)
(1) مقاتل الطالبيين: 61 - 62. (2) الإرشاد 2 / 7 - 8. (*)
ص 138
الفصل الثاني: في تصحيح أسانيد هذه الأخبار

قد ذكرنا في الفصل الأول طرفا من الأخبار
في أن المراد من القربى في آية المودة هم أهل البيت ، وقد جاء في بعضها
التصريح بأنهم علي وفاطمة وابناهما . وقد نقلنا تلك الأخبار عن أهم وأشهر كتب
الحديث والتفسير عند أهل السنة، من القدماء والمتأخرين... وبذلك يكون القول بنزول
الآية المباركة في أهل البيت قولا متفقا عليه بين الخاصة والعامة. فأما ما رواه
طاووس من جزم سعيد بن جبير بأن المراد هم أهل البيت عليهم السلام خاصة، وهو
الذي أخرج الشيخان وأحمد والترمذي وغيرهم... فلم أجد طاعنا في سنده... وإن كان لنا
كلام فيه، وسيأتي. وأما ما أخرج في (المناقب) لأحمد بن حنبل فهو من الزيادات،
فالقائل كتب إلينا هو القطيعي : أبو بكر أحمد بن جعفر الحنبلي - المتوفى سنة
368 - وهو راوي: المسند، والزهد، والمناقب، لأحمد بن حنبل. حدث عنه: الدارقطني،
والحاكم، وابن رزقويه، وابن شاهين، والبرقاني، وأبو نعيم، وغيرهم من كبار الأئمة.
ووثقه الدارقطني قائلا: ثقة زاهد قديم، سمعت أنه مجاب الدعوة، وقال البرقاني: ثبت
عندي أنه صدوق، وقد لينته عند الحاكم فأنكر علي وحسن حاله وقال: كان شيخي، قالوا:
قد ضعف واختل في آخر عمره،
ص 139
وتوقف بعضهم في الرواية عنه لذلك. ومن هنا أورده الذهبي في (ميزانه) مع التصريح
بصدقه، وهذه عبارته: [صح] أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعي، صدوق في نفسه
مقبول، تغير قليلا. قال الخطيب: لم نر أحدا ترك الاحتجاج به ثم نقل ثقته عن
الدارقطني وغيره، ورد على من تكلم فيه لاختلاله في آخر عمره (1). و محمد بن عبد
الله بن سليمان الحضرمي هو مطين المتوفى سنة 297، قال الدارقطني: ثقة جبل،
وقال الخليلي: ثقة حافظ، وقال الذهبي: الشيخ الحافظ الصادق، محدث الكوفة...
(2). وسيأتي الكلام على سائر رجاله، بما يثبت صحة السند وحجية الخبر. وأما ما رواه
ابن جرير الطبري حجة للقول بنزول الآية في أهل البيت وقد كان أربع روايات...
فما تكلم إلا في الثاني منها، وهذا إسناده: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن
إسماعيل، قال: ثنا عبد السلام، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس...
. قال ابن كثير: وهكذا رواه ابن أبي حاتم، عن علي بن الحسين، عن عبد المؤمن بن
علي، عن عبد السلام، عن يزيد بن أبي زياد - وهو ضعيف - بإسناده، مثله أو قريبا منه
. وتبعه الشوكاني حيث إنه بعد أن رواه قال: وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو
ضعيف . وأما ما رواه الأئمة، كابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 4 / 73، المنتظم 7 / 92، سير أعلام النبلاء 16 / 210، ميزان
الاعتدال 1 / 87، الوافي بالوفيات 6 / 290، وغيرها. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 662،
الوافي بالوفيات 3 / 345، سير أعلام النبلاء 14 / 41. (*
ص 140
مردويه، وعنهم السيوطي، فقد ضعف السيوطي سنده، وتبعه الشهاب الآلوسي، وقد سبقهما
إلى ذلك الهيثمي وابن كثير وابن حجر العسقلاني، قال الأخير في شرح البخاري: وهذا
الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن ابن عباس مرفوعا، فأخرج الطبراني
وابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس،
قال: لما نزلت قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟... الحديث.
وإسناده ضعيف... وقد جزم بهذا التفسير جماعة من المفسرين، واستندوا إلى ما ذكرته عن
ابن عباس من الطبراني وابن أبي حاتم، وإسناده واه، فيه ضعيف ورافضي (1). وقال في
تخريج أحاديث الكشاف: أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم والحاكم في مناقب الشافعي، من
رواية حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وحسين ضعيف ساقط (2). وقال ابن كثير: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين،
حدثنا رجل سماه، حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس... وهذا إسناده ضعيف، فيه مبهم لا يعرف، عن شيخ شيعي محترق، وهو حسين الأشقر
. وتبعه القسطلاني بقوله: وأما حديث ابن عباس أيضا عند ابن أبي حاتم، قال: لما
نزلت هذه الآية *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)* قالوا: يا رسول
الله، من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: فاطمة وولدها عليهم السلام. فقال ابن
كثير: إسناده ضعيف، فيه مبهم لا يعرف عن
(هامش)
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8 / 458. (2) الكاف الشاف في تخريج أحاديث
الكشاف - مع الكشاف - 4 / 220. (*)
ص 141
شيخ شيعي محترق، وهو حسين الأشقر (1). وقال الهيثمي: رواه الطبراني من رواية
حرب بن الحسن الطحان، عن حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، وقد وثقوا كلهم وضعفهم
جماعة، وبقية رجاله ثقات . أقول: فالأخبار الدالة على القول الحق، المروية في كتب
القوم، منقسمة بحسب آرائهم في رجالها إلى ثلاثة أقسام: 1 - ما اتفقوا على القول
بصحته، وهو حديث طاووس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. 2 - ما ذكروه وسكتوا عن التكلم
في سنده ولم يتفوهوا حوله ببنت شفه! بل منه ما لم يجدوا بدا من الاعتراف باعتباره،
كأخبار قول النبي لمن سأله عما يطلب في قبال دعوته، وخطبة الإمام الحسن عليه السلام
بعد وفاة أبيه، وكلام الإمام السجاد في الشام، ونحو ذلك. 3 - ما رووه وتكلموا في
سنده. أما الأول فلنا كلام حوله، وسيأتي في أول الفصل الرابع. وأما القسم الثاني،
فلا حاجة إلى بيان صحته بعد أن أقر القوم بذلك. وأما القسم الثالث، فهو المقصود
بالبحث هنا. ولنفصل الكلام في تراجم من ضعفوه من رجال أسانيد هذه الأخبار، ليتبين
أن جميع ما ذكروه ساقط مردود! على ضوء كلمات أعلام الجرح والتعديل منهم:
(هامش)
(1) إرشاد الساري في شرح البخاري 7 / 331. (*)
ص 142
1 - ترجمة يزيد بن أبي زياد وهو: القرشي الهاشمي الكوفي، مولى عبد الله بن الحارث
بن نوفل. هو من رجال الكتب الستة، قال المزي: قال البخاري في اللباس من صحيحه
عقيب حديث عاصم بن كليب عن أبي بردة: قلنا لعلي: ما القسية؟ وقال جرير عن يزيد في
حديثه: القسية ثياب مضلعة... الحديث. وروى له في كتاب رفع اليدين في الصلاة. وفي
الأدب. وروى له مسلم مقرونا بغيره، واحتج به الباقون (1). وروى عنه جماعة كبيرة
من أعلام الأئمة كسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشريك بن عبد الله، وشعبة بن
الحجاج، وعبد الله بن نمير، وأمثالهم (2). قال الذهبي: حدث عنه شعبة مع براعته في
نقد الرجال (3). أقول: يكفي في جواز الاعتماد عليه وصحة الاحتجاج به على مسلكهم
رواية أصحاب الكتب الستة وكبار الأئمة عنه. مضافا إلى قول مسلم في مقدمة كتابه:
فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث
بن أبي سليم وأضرابهم (4). وقد وثقه عدة من الأئمة أيضا:
(هامش)
(1) تهذيب الكمال في أسماء الرجال 32 / 140. (2) تهذيب الكمال 32 / 137، سير أعلام
النبلاء 6 / 129، تهذيب التهذيب 11 / 287 رقم 531. (3) سير أعلام النبلاء 6 / 130.
(4) صحيح مسلم 1 / 5 - 6. (*)
ص 143
قال ابن سعد: كان ثقة في نفسه، إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب. وقال ابن
شاهين - في الثقات -: قال أحمد بن صالح المصري: يزيد بن أبي زياد ثقة ولا يعجبني
قول من تكلم فيه. وقال ابن حبان: كان صدوقا إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان
يلقن ما لقن فوقعت المناكير في حديثه. وقال الآجري عن أبي داود: لا أعلم أحدا ترك
حديثه، وغيره أحب إلي منه. وقال يعقوب بن سفيان: ويزيد وإن كانوا يتكلمون فيه
لتغيره، فهو على العدالة والثقة وإن لم يكن مثل الحكم والمنصور (1). ثم إنا نظرنا
في كلمات القادحين - بالرغم من كون الرجل من رجال الكتب الستة، إذ احتج به الأربعة
وروى له الشيخان - فوجدنا أول شيء يقولونه: كان من أئمة الشيعة الكبار (2). فإن
سألتهم: ما المراد من الشيعة ؟ ومن أين عرف كونه من أئمة الشيعة الكبار؟ .
كان الجواب: تدل على ذلك أحاديث رواها، موضوعة (3). فنظرنا، فإذا به يروي عن سليمان
بن عمرو بن الأحوص، عن أبي برزة، قال: تغنى معاوية وعمرو بن العاص، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: اللهم
(هامش)
(1) هذه الكلمات بترجمته من تهذيب التهذيب 6 / 288 - 289، وغيره. (2) الكامل - لابن
عدي - 7 / 2729، تهذيب الكمال 32 / 138، تهذيب التهذيب 11 / 288. (3) تهذيب الكمال
32 / 138. الهامش. (*)
ص 144
اركسهما في الفتنة ركسا، ودعهما في النار دعا (1). قالوا: فهذا الحديث موضوع (2)
أو غريب منكر (3)، لماذا؟ لأنه ذم لمعاوية رأس الفئة الباغية وعمرو بن العاص رأس
النفاق!! فيكون راويه من أئمة الشيعة الكبار !! لكن يبدو أنهم ما اكتفوا - في
مقام الدفاع عن معاوية وعمرو - برمي الحديث بالوضع وراويه بالتشيع، فالتجأوا إلى
تحريف لفظ الحديث، ووضع كلمة فلان وفلان في موضع الاسمين، ففي المسند: حدثنا
عبد الله، حدثني أبي، ثنا عبد الله بن محمد - وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن
أبي شيبة -، ثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص،
قال: أخبرني رب هذه الدار أبو هلال، قال: سمعت أبا برزة، قال: كنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في سفر، فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر وهو يقول: لا يزال
جوادي تلوح عظامه * ذوي الحرب عنه أن يجن فيقبرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
انظروا من هما؟ قال: فقالوا: فلان وفلان!! قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
اللهم اركسهما ركسا، ودعهما إلى النار دعا . وكأن هذا المقدار أيضا لم يشف غليل
القوم، أو كان التحريف المذكور لأجل الإبهام، فيكون مقدمة ليأتي آخر فيزيله ويضع
معاوية و عمرا
(هامش)
(1) أخرجه أحمد في المسند 4 / 421، والطبراني والبزار كما في مجمع الزوائد 8 / 121.
(2) الموضوعات لابن الجوزي، لكن لا يخفى أنه لم يطعن في الحديث إلا من جهة يزيد
ولم يقل فيه إلا كان يلقن بأخرة فيتلقن ، ولذا تعقبه السيوطي بما سنذكره. (3)
ميزان الاعتدال في نقد الرجال 4 / 424. (*)
ص 145
آخرين!! بخبر مختلق: قال السيوطي - بعد أن أورد الحديث عن أبي يعلى وتعقب ابن
الجوزي بقوله: هذا لا يقتضي الوضع، والحديث أخرجه أحمد في مسنده: حدثنا... وله شاهد
من حديث ابن عباس: قال الطبراني في الكبير... -: وقال ابن قانع في معجمه: حدثنا
محمد بن عبدوس كامل، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا سعيد أبو العباس التيمي، حدثنا
سيف بن عمر، حدثني أبو عمر مولى إبراهيم ابن طلحة، عن زيد بن أسلم، عن صالح، عن
شقران، قال: بينما نحن ليلة في سفر، إذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوتا فقال: ما
هذا؟! فذهبت أنظر، فإذا هو معاوية بن رافع، وعمرو بن رفاعة بن تابوت يقول: لا يزال
جوادي تلوح عظامه * ذوي الحرب عنه أن يموت فيقبرا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبرته فقال: اللهم اركسهما ودعهما إلى نار جهنم دعا. فمات عمرو بن رفاعة قبل أن
يقدم النبي صلى الله عليه وسلم من السفر . قال السيوطي: وهذه الرواية أزالت
الإشكال وبينت أن الوهم وقع في الحديث الأول، في لفظة واحدة وهي قوله: ابن العاص،
وإنما هو ابن رفاعة أحد المنافقين، وكذلك معاوية بن رافع أحد المنافقين، والله أعلم
(1). بل السيوطي نفسه أيضا يعلم واقع الحال وحقيقة الأمر، وإلا فما أجهله!! أما
أولا: فلم يكن في الحديث الأول إشكال أو وهم حتى يزال!! غاية ما هناك أن في
المسند لفظ فلان وفلان بدل معاوية و عمرو والسيوطي يعلم - كغيره - أنه
تحريف، إن لم يكن عن عمد فعن سهو!! على أنه
(هامش)
(1) اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1 / 427. (*)
ص 146
لم يوافق ابن الجوزي في الطعن في الحديث، بل ذكر له ما يشهد له بالصحة. وأما ثانيا:
فلو سلمنا وجود إبهام وإشكال في الحديث الأول، فهل يزال ويرتفع بحديث لا يرتضي أحد
سنده مطلقا، لمكان سيف بن عمر ... ولنلق نظرة سريعة في ترجمته (1). قال ابن
معين: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال
النسائي: ضعيف. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مشهورة وعامتها
منكرة لم يتابع عليها. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. قالوا: كان يضع
الحديث، اتهم بالزندقة. وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك. وقال الحاكم: اتهم
بالزندقة وهو في الرواية ساقط. والعجيب أن السيوطي نفسه يرد أحاديثه قائلا: إنه
وضاع (2)! أقول: فلينظر الباحث المنصف، كيف يردون حديثا - يروونه عن رجل اعتمد
عليه أرباب الصحاح الستة - لكونه في ذم ابن هند وابن النابغة، وهم شيعة لهما...
ويقابلونه بحديث يرويه رجل اتفقوا على سقوطه واتهموه بالوضع والزندقة!!
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 4 / 259. (2) اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1 / 199. (*)
ص 147
فلينظر! كيف يتلاعبون بالدين وسنة رسول رب العالمين!! ولا يتوهمن أن هذه طريقتهم في
أبواب المناقب والمثالب فحسب، بل هي في الأصولين والفقه أيضا!! فلنرجع إلى ما كنا
بصدده، ونقول: إن يزيد بن أبي زياد ثقة، ومن رجال الكتب الستة، ولا عيب فيه إلا
روايته بعض مثالب أئمة القوم!! ولذا جعلوه من أئمة الشيعة الكبار !! على أن كون
الراوي شيعيا، بل رافضيا - حسب اصطلاحهم - لا يضر بوثاقته كما قرروا في محله وبنوا
عليه في مواضع كثيرة (1). وتلخص: صحة روايته في نزول آية المودة في خصوص أهل
البيت الطاهرين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. 2 - ترجمة حسين الأشقر وسنترجم
لأبي عبد الله الحسين بن حسن الأشقر الفزاري الكوفي، في مبحث آية المسابقة، بأنه من
رجال النسائي في (صحيحه) وأنهم قد ذكروا أن للنسائي شرطا في صحيحه أشد من شرط
الشيخين (2). وأنه روى عنه كبار الأئمة الأعلام: كأحمد بن حنبل، وابن معين،
والفلاس، وابن سعد، وأمثالهم (3). وقد حكى الحافظ ابن حجر بترجمته عن العقيلي، عن
أحمد بن محمد ابن هانئ، قال: قلت: لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - تحدث عن
حسين
(هامش)
(1) مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري: 398. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 700. (3)
تهذيب التهذيب 2 / 291. (*)
ص 148
الأشقر؟ قال: لم يكن عندي ممن يكذب. وذكر عنه التشيع، فقال له العباس بن عبد
العظيم: إنه يحدث في أبي بكر وعمر، وقلت أنا: يا أبا عبد الله، إنه صنف بابا في
معايبهما! فقال: ليس هذا بأهل أن يحدث عنه (1). وهذا هو السبب في تضعيف غير أحمد.
وعن الجوزجاني: غال من الشتامين للخيرة (2). ولذا يقولون: له مناكير وأمثال هذه
الكلمة، مما يدل على طعنهم في أحاديث الرجل في فضل علي أو الحط من مناوئيه، وليس
لهم طعن في الرجل نفسه، ولذا قال يحيى بن معين: كان من الشيعة الغالية، فقيل له:
فكيف حديثه؟! قال: لا بأس به. قيل: صدوق؟ قال: نعم، كتبت عنه (3). هذا، فالرجل ثقة
وصدوق عند: أحمد والنسائي، ويحيى بن معين، وابن حبان... وإنما ذنبه الوحيد هو
التشيع وقد نصوا على أنه غير مضر. أقول: لكن المهم - هنا - أنه صدوق عند
الحافظ ابن حجر أيضا، فقد قال: الحسين بن حسن الأشقر، الفزاري الكوفي، صدوق، يهم
ويغلو في التشيع، من العاشرة، مات سنة 208. س (4).
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 2 / 291 - 292. (2) تهذيب التهذيب 2 / 291 - 292. (3) تهذيب
التهذيب 2 / 291 - 292. (4) تقريب التهذيب 1 / 175. (*)
ص 149
وحينئذ لا بد من التنبيه على أن ابن حجر العسقلاني الحافظ قد ناقض نفسه مرتين: 1 -
في تضعيفه الرجل في تخريج أحاديث الكشاف مع وصفه ب الصدوق في تقريب
التهذيب ! 2 - في طعنه في الرجل بسبب التشيع أو الرفض - حسب تعبيره - مع أنه نص في
مقدمة فتح الباري على أن الرفض - فضلا عن التشيع - غير مضر. وبذلك يسقط طعنه في
حديثنا، وكذا طعن غيره تبعا له. تنبيه: قد اختلف طعن الطاعنين في رواية الأئمة:
الطبراني، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه: عن حسين الأشقر، عن
قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس... فالسيوطي لم يقل إلا
بسند ضعيف وتبعه الآلوسي. وابن حجر قال في تخريج أحاديث الكشاف : وحسين ضعيف
ساقط فلا كلام له في غيره، لكن في فتح الباري : إسناده واه، فيه ضعيف ورافضي
. وابن كثير - وتبعه القسطلاني - قال عن حسين الأشقر: شيخ شيعي محترق وأضاف -
في خصوص إسناد ابن أبي حاتم لقوله: حدثنا رجل سماه فيه مبهم لا يعرف . والهيثمي
أفرط فقال: رواه الطبراني من رواية حرب بن الحسن الطحان، عن حسين الأشقر، عن قيس
بن الربيع. وقد وثقوا كلهم وضعفهم جماعة، وبقية رجاله ثقات .
ص 150
وبما ذكرنا - في ترجمة الأشقر - يسقط كلام السيوطي والآلوسي، وكذا كلام ابن كثير في
الأشقر أما قوله: فيه مبهم لا يعرف فيرده أنه إن كان هو حرب بن الحسن
الطحان فهو، وإن كان غيره فالإشكال مرتفع بمتابعته. وكذا يسقط كلام ابن حجر في
تخريج أحاديث الكشاف . أما كلامه في فتح الباري فيمكن أن يكون ناظرا إلى
الأشقر فقط، بأن يكون وصفه بالرفض وضعفه من أجل ذلك، ويمكن أن يكون مراده من
ضعيف غير الأشقر الذي وصفه بالرفض... وهذا هو الأظهر، ومراده - على الظاهر - هو
قيس بن الربيع الذي زعم غيره ضعفه، فلنترجم له: 3 - ترجمة قيس بن الربيع وهو: قيس
بن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي: من رجال: أبي داود، والترمذي، وابن ماجة (1).
روى عنه جماعة كبيرة من الأئمة في الصحاح وغيرها، كسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج،
وعبد الرزاق بن همام، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وأبي داود الطيالسي، ومعاذ بن معاذ،
وغيرهم (2). وهذه بعض الكلمات في توثيقه ومدحه والثناء عليه باختصار: قال أبو داود
الطيالسي عن شعبة: سمعت أبا حصين يثني على قيس بن الربيع. قال: قال لنا شعبة:
أدركوا قيسا قبل أن يموت! قال عفان: قلت ليحيى بن سعيد: أفتتهمه بكذب؟! قال: لا.
(هامش)
(1) تهذيب الكمال 24 / 25، تهذيب التهذيب 8 / 350، وغيرهما. (2) تهذيب الكمال 24 /
27. (*)
ص 151
قال عفان: كان قيس ثقة، يوثقه الثوري وشعبة. قال حاتم بن الليث، عن أبي الوليد
الطيالسي: كان قيس بن الربيع ثقة حسن الحديث. قال أحمد بن صالح: قلت لأبي نعيم: في
نفسك من قيس بن الربيع شيء؟ قال: لا. قال عمرو بن علي: سمعت معاذ بن معاذ يحسن
الثناء على قيس. وقال يعقوب بن شيبة السدوسي: وقيس بن الربيع عند جميع أصحابنا
صدوق، وكتابه صالح، وهو ردئ الحفظ جدا مضطربه، كثير الخطأ، ضعيف في روايته. وقال
ابن عدي: عامة رواياته مستقيمة، والقول فيه ما قال شعبة. هذا، وقد أخذ عليه أمور:
أحدها: إنه ولي المدائن من قبل المنصور، فأساء إلى الناس فنفروا عنه. والثاني:
التشيع، نقله الذهبي عن أحمد (1). والثالث: وجود أحاديث منكرة عنده. قال حرب بن
إسماعيل: قلت لأحمد بن حنبل: قيس بن الربيع أي شيء ضعفه؟ قال: روى أحاديث منكرة.
لكن قالوا: هذه الأحاديث أدخلها عليه ابنه لما كبر فحدث بها (2). ولكونه صدوقا في
نفسه، ثقة، وأن هذه الروايات مدخولة عليه وليست منه، قال الذهبي، صدوق في نفسه،
سيئ الحفظ (3). وقال الحافظ ابن حجر: صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما
ليس
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 3 / 393. (2) تاريخ بغداد 12 / 456 - 462، تهذيب
الكمال 24 / 25 - 37، سير أعلام النبلاء 8 / 41 - 44، تهذيب التهذيب 8 / 350 - 353.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 3 / 393. (*)
ص 152
من حديثه فحدث بها (1). فإن كان يقصد في مقدمة فتح الباري تضعيف هذا الرجل،
فقد ناقض نفسه كذلك... 4 - ترجمة حرب بن حسن الطحان وهذا الرجل لم يعترض له
بالتضعيف، ولم ينقل كلاما فيه إلا الهيثمي، ولكنه مع ذلك نص على أنه وثق ولم
يذكر المضعف ولا وجه التضعيف. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: شيخ (2).
وقال ابن حجر: حرب بن الحسن الطحان، ليس حديثه بذاك. قاله الأزدي. إنتهى. وذكره
ابن حبان في الثقات. وقال ابن النجاشي: عامي الرواية. أي شيعي قريب الأمر. له كتاب.
روى عنه: يحيى بن زكريا اللؤلؤي (3). أقول: لكن لا يلتفت إلى قول الأزدي، كما نص
عليه الذهبي، حيث قال: لا يلتفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رهقا
(4).
(هامش)
(1) تقريب التهذيب 2 / 128. (2) الجرح والتعديل 3 / 252. (3) لسان الميزان 2 / 184.
(4) ميزان الاعتدال 1 / 61. (*)
ص 153
تتمة فيها مطلبان: الأول: قال الذهبي معقبا على حديث خطبة الإمام الحسن عليه
السلام، الذي أخرجه الحاكم عن أبناء أئمة أهل البيت والذرية الطاهرة: ليس بصحيح
! (1). ولما كان هذا القدح مجملا ومبهما، فإنه لا يعبأ به... وأظن أنه من جهة
المتن والمعنى لا السند، وعذر الذهبي في قدحه في مناقب آل البيت عليهم السلام
معلوم!! والثاني: قال ابن عساكر - بعد أن أخرج من طريق الطبراني حديث أبي أمامة
الباهلي -: هذا حديث منكر، وقد وقع إلي جزء ابن عباد بعلو، وليس هذا الحديث فيه
(2). وهذا الحديث بهذا اللفظ رواه عن طريق الطبراني: الحافظ أبو عبد الله الكنجي،
وقال: هذا حديث حسن عال، رواه الطبراني في معجمه كما أخرجناه سواء، ورواه محدث
الشام في كتابه بطرق شتى (3)، وكذا الحافظ ابن حجر (4). ورواه لا عن طريق
الطبراني: الحاكم الحسكاني النيسابوري (5). أما عدم وجوده في الجزء الذي وقع إلى
ابن عساكر من حديث طالوت ابن عباد، فغير مضر كما هو واضح.
(هامش)
(1) تلخيص المستدرك 3 / 172. (2) تاريخ دمشق، ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام 1 /
133. (3) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 317. (4) لسان الميزان 4 / 434.
(5) شواهد التنزيل 2 / 141. (*)