النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 87 : -

[ المورد - ( 9 ) - إيذاء الزهراء : ]

وذلك أنه بمجرده مخالف للنصوص الصريحة ، بقطع النظر عما كان من أسبابه ومقتضياته ( 1 ) ، وحسبك منها ما أخرجه ابن أبي عاصم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة - بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة عليها السلام : " ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك " ( 121 ) .

قلت : وأخرجه الطبراني وغيره بإسناد حسن ، - كما في أحوال الزهراء من الشرف المؤبد للعالم النبهاني البيروتي -

  ( 1 ) فان المباح في أصل الشرع قد يكون مع استلزامه للحرام حراما وفروض ذلك في الإسلام كثيرة ، وأقربها لما نحن فيه انه يباح لك أن تصاحب من شئت من اخوانك المؤمنين وتتزوج من أردت من غير محارمك فإذا استلزم فعلك هذا عقوق والديك حرم ذلك عليك هذا هو الحكم التكليفي في هذه المسألة ونحوها فتأمل لتفهم ( منه قدس ) .

( 121 ) راجع : الإصابة ج 4 / 366 ، كنز العمال ج 12 / 111 وج 13 / 646 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 154 ، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 360 ، فرائد السمطين ج 2 / 46 ح 378 ، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 351 ح 401 ، أسد الغابة ج 5 / 322 ، تهذيب التهذيب ج 12 / 441 ، ذخائر العقبى ص 39 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 52 ، مجمع الزوائد ج 9 / 203 ، فضائل الخمسة ج 3 / 155 ، الغدير ج 3 / 180 ( * ) .

 
 

- ص 88 -

وأخرج الشيخان البخاري ومسلم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة وغيرها - عن المسور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر : " فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها " ( 122 ) .

ونقل الشيخ يوسف النبهاني في أحوال الزهراء - من كتابه الشرف المؤبد - عن البخاري بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال : " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها - قال النبهاني - : وفي رواية فمن أغضبها أغضبني " ( 123 ) ( قال ) وفي الجامع الصغير : " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها " ( 124 ) .

قلت : وقد قالت - بأبي وأمي - لأبي بكر وعمر ( 1 ) . نشدتكما الله تعالى ألم تسمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : " رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من

  ( 122 ) راجع : صحيح البخاري ك النكاح ب ذب الرجل عن ابنته ج 7 / 47 ط مطابع الشعب ، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب 15 فضائل فاطمة ج 4 / 1902 ط 2 بتحقيق محمد فؤاد ، صحيح الترمذي ك المناقب ب - 61 - فضل فاطمة ج 5 / 698 ح 3867 ، الإصابة ج 4 / 366 ، حلية الأولياء ج 2 / 40 ، سنن ابن ماجة ك النكاح ب 56 الغيرة ج 1 / 644 ح 1998 ، كنز العمال ج 12 / 107 و 112 .

( 123 ) غضب الرسول صلى الله عليه وآله لغضب فاطمة : راجع : صحيح البخاري ك فضائل الصحابة ب مناقب قرابة رسول الله ج 5 / 26 وب مناقب فاطمة ج 5 / 36 ط مطابع الشعب ، الجامع الصغير للمناوي ج 2 / 122 ، الشرف المؤبد للنبهاني .

( 124 ) الجامع الصغير للمناوي ج 2 / 122 ، كنز العمال ج 12 / 108 و 111 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 158 . ( 1 ) كما صرح به ابن قتيبة في أوائل كتابه الإمامة والسياسة وغير واحد من إثبات أهل السير والأخبار ( منه قدس ) ( * ) .

 
 

- ص 89 -

سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن اسخط فاطمة فقد أسخطني . قالا : نعم سمعناه من رسول الله " ( 125 ) .

قلت : ان من أمعن في هذه الأحاديث فتدبرها ممن يقدر رسول الله صلى الله عليه وآله حق قدره رآها ترمى إلى عصمتها لدلالتها بالالتزام على امتناع وقوع كل من أذيتها وريبتها وسخطها ورضاها وانقباضها وانبساطها في غير محله ، كما هو الشأن في أذية النبي صلى الله عليه وآله وريبته ورضاه وسخطه وانقباضه وانبساطه وهذا هو كنه العصمة وحقيقتها كما لا يخفى .

وأخرج جماعة من أئمتهم كالإمام احمد من حديث أبي هريرة قال ( 1 ) : نظر النبي إلى علي والحسن والحسين وفاطمة ، فقال " أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم " ( 126 ) .

  ( 125 ) قول فاطمة لأبي بكر وعمر : " نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : رضى فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني . قالوا : نعم سمعناه من رسول الله . قالت فأني أشهد الله وملائكته انكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي لاشكونكما إليه . . . الخ . راجع : الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 14 ، فدك في التاريخ ص 92 .
( 1 ) كما في ص 442 من الجزء الثاني من مسنده ( منه قدس ) .
( 126 ) راجع : مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 64 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 149 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ، صحيح الترمذي ج 5 / 360 ط بيروت ، سنن ابن ماجة ج 1 / 52 ح 145 ، أسد الغابة ج 3 / 11 وج 5 / 523 ، ذخائر العقبى ص 25 ، الصواعق المحرقة ص 112 ط الميمنية وص 185 ط المحمدية ، مجمع الزوائد ج 9 / 166 و 169 ، كفاية الطالب للكنجي ص 330 و 331 ط الحيدرية وص =
>
 
 

- ص 90 -

قلت وأخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير بالإسناد إلى أبي هريرة أيضا .

وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال : " أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم " ( 127 ) .

وعن أبي بكر قال : رأيت رسول الله خيم خيمة ( 1 ) وهو متكئ على

  => 188 و 189 ط الغرى ، ينابيع المودة للقندوزي ص 35 و 165 و 172 و 194 و 230 و 261 و 294 و 309 و 370 ط اسلامبول ، شواهد التنزيل للحسكاني ج 2 / 27 ، المناقب للخوارزمي ص 91 ، مقتل الحسين للخوارزمي أيضا ج 1 / 61 و 99 ، المعجم الصغير للطبراني ج 2 / 3 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 271 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 92 ، إحقاق الحق ج 9 / 161 - 174 ، كنز العمال ج 13 / 640 الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ضمن مجموعة " الحسين والسنة " ص 10 ح 3 . وسوف يأتي مع مصادر أخرى تحت رقم ( 686 ) .

( 127 ) وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والضياء في مختارته والطبراني وابن شيبة عن زيد بن أرقم أيضا ، ورواه أبو يعلى في السنة ، والضياء في المختارة عن سعد ابن أبى وقاص ونقله جماعة من أعلام الفضل كالإمام علوي في ص 7 من الجزء 2 من قوله الفصل ( منه قدس ) . وراجع : الصواعق المحرقة ص 142 و 185 ط المحمدية وص 85 و 112 ط الميمنية ، الإصابة لابن حجر ج 4 / 378 ط السعادة ، ينابيع المودة ص 229 و 294 و 309 ط اسلامبول ، نظم درر السمطين ص 232 و 239 ، مصابيح السنة للبغوي ج 2 / 280 ، مشكاة المصابيح للعمري ج 3 / 258 ، ذخائر العقبى ص 23 ، الرياض النضرة ج 2 / 249 ط 2 .

( 1 ) لعل هذه الخيمة هي الكساء الذي جللهم به حين أوحى إليه فيهم : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وقد فصلنا ذلك في الفصل الثاني من المطلب الأول من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء ( منه قدس ) ( * ) .

 
 

- ص 91 -

قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال صلى الله عليه وآله : " معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة حرب لمن حاربهم ، ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد " ( 128 ) .

رواه الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد المصري المعاصر بعين لفظه فليراجع في كتابه عبقرية محمد تحت عنوان النبي والإمام والصحابة .

وأخرج الإمام أحمد ( 1 ) عن عبد الرحمن الأزرق عن علي عليه السلام قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن أو الحسين ، قال : فقام النبي صلى الله عليه وآله إلى شاة لنا بكئ ( 2 ) فحلبها فدرت ، فجاءه الحسن فنحاه النبي صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة : يا رسول الله كأنه أحبهما إليك . قال : لا ولكنه استسقى قبله ، ثم قال : اني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة آه ( 129 ) .

  ( 128 ) راجع : فرائد السمطين ج 2 / 40 ح 373 ، المناقب للخوارزمي ص 211 سمط النجوم ج 2 / 488 ، الرياض النضرة ج 2 / 189 ط 1 ، الغدير للعلامة الأميني ج 4 / 323 .
( 1 ) في ص 101 من الجزء الأول من مسنده ( منه قدس ) .
( 2 ) أي قل لبنها وقيل انقطع وهذا الحديث أشار إليه صاحب لسان العرب في مادة بكا ( منه قدس ) .
( 129 ) كنز العمال ج 13 / 642 ، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 117 ح 191 و 192 وقريب منه ح 182 ، فرائد السمطين ج 2 / 28 ، مسند أحمد ج 1 / 101 ط 1 وج 2 / 128 ح 792 ، الرياض النضرة ج 2 / 277 ، مجمع الزوائد ج 9 / 169 ، أسد الغابة ج 5 / 269 ، مسند أبى داود الطيالسي ص 29 رقم 190 ، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 111 ط 1 ، الإصابة ج 4 / 157 في
=>
 
 

- ص 92 -

قلت : كان من حقهم على الأمة ولاسيما على أهل الحول والطول منها أن لا يفاجأوا ( أبان رزيتهم الكارثة ) بما فوجئوا به من الاستئثار بمكانتهم في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغناء عنهم حتى في المشورة مع شدة الوطأة عليهم في أمر البيعة والتنمر لهم في فيئهم وخمسهم وارثهم ونحلتهم وسوقهم مع سائر الرعايا بعصا واحدة والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر . وكان المستولون على الأمة يومئذ ومقوية سلطانهم ابرموا أمرهم على وجه لم يبقوا لأحد من الأمة أن يخالف الا أن تشق عصا المسلمين وبهذا آمنوا من مقاومة علي وأوليائه وتفصيل ذلك كله في كتاب المراجعات فلا يفوتن أهل البحث والتدقيق ( 130 ) .

وكان من مبادئ القائمين بالأمر إذ ذاك شدة الوطأة في تنفيذ الأحكام من غير فرق بين القريب والبعيد والشريف والدنئ وإيثار بيت المال بالوفر والثراء والمساواة بين أهل السوابق وغيرهم في الأحكام . وقد أعانهم على تنفيذ مبادئهم هذه بعدهم عن الطمع والاستكثار من حطام الدنيا وتقشفهم في الحياة واستغناؤهم بالغة لهم ولمن إليهم وبهذا أرضوا العامة فاستتب لهم الأمر .

وحين جد الجد في محاكمة الزهراء كانت بضعة النبي لديهم كسائر النساء لا ينزهن عن الافتراء ( 1 ) .

  => ترجمة أبى فاختة ، وقد ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص 150 ، والشيخ الطوسي في أماليه ج 2 / 206 .

( 130 ) المراجعات ص 337 المراجعة 80 و 82 وراجع سبيل النجاة في تتمة المراجعات ط بيروت .
( 1 ) بل لم تعامل معاملتهن لان المرأة المسلمة التي لا تتنزه عن الافتراء إذا أقامت على دعواها شاهدا واحدا من عدول المسلمين يكتفي منها باليمين عوضا عن الشاهد الثاني ولا ترد دعواها إلا بعد نكولها عن اليمين أما الزهراء فقد شهد لها على ، وكان عليهم أن يستحلفونها فان نكلت ردوا حينئذ دعواها لكنهم أسرعوا في رد الدعوى ولم يطلبوا منها اليمين . على إنها عليها السلام كانت ذات اليد على فدك وذات التصرف فالبينة انما هي على المعارض لها المدعى عليها ، عملا بقوله صلى الله عليه وآله : " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " الحديث . وهذا من النصوص التي عارضوها بالاجتهاد كما لا يخفى ( منه قدس ) .

 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب