النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 238 : -

[ المورد - ( 24 ) - : إسقاط " حي على خير العمل " من الأذان الإقامة ]

وذلك ان هذا الفصل كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله جزءا من الأذان ومن الإقامة ( 329 ) لكن أولي الأمر على عهد الخليفة الثاني كانوا يحرصون على

  ( 329 ) " حي على خير العمل " كان في الأذان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله : وبه قالت الإمامية بل عندهم اجماعي كما عن السيد المرتضى في الانتصار ص 39 الجواهر ج 9 ص 81 وغيرهما ، بل اعترف به غيرهم : راجع : سنن البيهقي ج 1 / 524 - 525 ، السيرة الحلبية ج 2 / 105 ط 1382 ه‍ سعد السعود ص 100 ، مقاتل الطالبيين ص 297 ، جامع أحاديث الشيعة ج 4 / 685 - 686 ، البحار ج 84 / 107 ، جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار ج 2 / 291 و 192 ، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 5 / 283 ، ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 / 139 ، لسان الميزان ج 1 / 268 ، نيل الاوطار للشوكاني ج 2 / 32 ، دعائم الإسلام ج 1 / 45 ، البحار ج 84 / 179 ، الروض النضير ج 1 / 542 و ج 2 / 42 ، منتخب =>  
 

- ص 239 -

أن تفهم العامة ان خير العمل انما هو الجهاد في سبيل الله ليندفعوا إليه ، وتعكف هممهم عليه ، ورأوا أن النداء على الصلاة بخير العمل مقدمة لفرائضها الخمس ينافي ذلك ( 330 ) .

بل أوجسوا خيفة من بقاء هذا الفصل في الأذان والإقامة ان يكون سببا في تنشيط العامة عن الجهاد ، إذ لو عرف الناس ان الصلاة خير من العمل مع ما فيها من الدعة والسلامة لاقتصروا في ابتغاء الثواب عليها وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول بالنسبة إليها .

وكانت همم أولي الأمر يومئذ منصرفة إلى نشر الدعوة الإسلامية ، وفتح المشارق والمغارب . وفتح الممالك لا يكون الا بتشويق الجند إلى التورط في سبيله بالمهالك بحيث يشربون في قلوبهم الجهاد ، حتى يعتقدون انه خير عمل يرجونه يوم المعاد .

  => كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 3 / 276 ، كنز العمال ج 4 / 266 ، دلائل الصدق ج 3 / 99 و 100 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص 38 ، سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص 274 .
( 330 ) السبب في حذف " حي على خير العمل " من الأذان ؟ عن عكرمة قال : قلت لابن عباس أخبرني لأي شئ حذف من الأذان " حي على خير العمل " قال : أراد عمر أن لا يتكل الناس على الصلاة ويدعوا الجهاد فلذلك حذفها من الأذان . راجع : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام 1 / 238 عن الإيضاح ص 201 - 202 ، دعائم الإسلام ج 1 / 144 ، البحار ج 84 / 156 و 140 ، علل الشرائع ج 2 / 56 ، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص 38 ، الروض النضير ج 2 / 42 سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص 274 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 3 /
97 ( * ) .
 
 

- ص 240 -

ترجح في نظرهم إسقاط هذا الفصل تقديما لتلك المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الأقدس .

فقال الخليفة الثاني وهو على المنبر - فيما نص عليه القوشجي ( 1 ) في أواخر مبحث الإمامة من شرح التجريد ، وهو من أئمة المتكلمين على مذهب الأشاعرة - : " ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحي على خير العمل " ( 331 ) .

وتبعه في إسقاطها عامة من تأخر عنه من المسلمين ، حاشا أهل البيت ومن

  ( 1 ) القوشجى هو علاء الدين على بن محمد ذكره طاش كبرى زاده في كتابه ( الشقائق النعمانية ) وغير واحد من أصحاب المعاجم فذكروا انه قرأ على علماء سمرقند وأخذ العلوم الرياضية عن المولى الفاضل القاضي زاده الرومي وعلى الأمير الغ بنك ، ثم ذهب إلى بلاد كرمان فقرأ على علمائها ، ثم عاد إلى سمرقند ، ثم أتى القسطنطينية على عهد السلطان محمد خان فأكرمه وأعطاه مدرسة أيا صوفيا ورتب له في كل يوم مائتي درهم ، وعين لكل من أولاده وأتباعه منصبا . وله من التصانيف شرح التجريد المشهور بالشرح الجديد في علم الكلام ، والرسالة المحمدية في علم الحساب نسبها إلى السلطان محمد خان ، والرسالة الفتحية في علم الهيئة سماها بذلك لفتح السلطان محمد خان عراق العجم ، وله حاشية على أوائل شرح الكشاف للتفتازانى وقد جمع عشرين متنا في عشرين علما سماه محبوب الحمائل . كان بعض تلامذته يحمله ولا يفارقه .
أما شرحه للتجريد - تجريد الخواجة نصير الدين الطوسي أعلى الله مقامه - فمن أحسن الشروح علما وهو منتشر بطبعه ، وتوفى القوشجى في القسطنطينية سنة 879 ودفن بجوار أبى أيوب الأنصاري رضي الله عنهما ( منه قدس ) .

( 331 ) واعتذر بعد أن أرسله عنه إرسال المسلمات بأنه قد اجتهد في ذلك ( منه قدس ) . راجع : شرح التجريد للقوشجى ط إيران ص 484 مبحث الإمامة ، كنز العرفان للسيورى ج 2 / 158 عن الطبري في المستنير ، الغدير ج 6 / 213 ، جواهر الأخبار والآثار ج 2 / 192 عن التفتازانى في حاشيته على شرح العضدي ، الصراط المستقيم للبياضي ج . ( * ) 

 
 

- ص 241 -

يرى رأيهم " حي على خير العمل " من شعارهم ، كما هو بديهي من مذهبهم ، حتى ان شهيد فخ - الحسين بن علي بن الحسن بن أمير المؤمنين عليهم السلام - لما ظهر بالمدينة أيام الهادي من ملوك العباسيين ، أمر المؤذن أن ينادي بها ففعل . نص على ذلك أبو الفرج الأصبهاني حيث ذكر صاحب فخ ومقتله في كتابه مقاتل الطالبين ( 332 ) .

وذكر العلامة الحلبي في باب بدء الأذان ومشروعيته ص 110 على الجزء الثاني من سيرته ان ابن عمر ( رض ) والإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ، كان يقولان في الأذان - بعد حي على الفلاح - حي على خير العمل . آه ( 333 ) .

 

( 332 ) وكل من ذكر شهيد فخ - وثورته المبرورة على الظلم والظالمين - نص على ذلك ( منه قدس ) . الذي أمر هو عبد الله بن الحسن وليس الحسين بن على راجع : مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني ص 446 وفى طبع الحيدرية ص 297 ، دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 / 237 - 238 . ( 333 ) السيرة الحلبية ج 2 / 305 ط مصطفى الحلبي .

القائلون بحي على خير العمل في الأذان من الصحابة والتابعين :

 1 - عبد الله بن عمر : سنن البيهقي ج 1 / 424 و 425 ، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص 38 ، مصنف عبد الرزاق ج 1 / 464 و 460 ، جامع ابن أبى شيبة ج 1 / 145 ، الروض النضير ج 1 / 192 ، دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 / 234 ، المحلى لابن حزم ج 3 / 160 ، جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة بحر الزخار للصعيدى ج 2 / 192 ، السيرة الحلبية ط 1382 ه‍ ج 2 / 105 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 3 / 89 .

 2 - على بن الحسين ( ع ) =>

 
 

- ص 242 -

. . . . . .

 

=> سنن البيهقي ج 1 / 425 ، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص 38 ، جواهر الأخبار والآثار ج 2 / 192 ، المحلى لابن حزم ج 3 / 160 ، دعائم الإسلام ج 1 / 145 ، البحار ج 84 / 179 ، السيرة الحلبية ج 2 / 105 ط 1382 ه‍ باب الأذان ، الصحيح من سيرة النبي ج 3 / 96 .

 3 - سهل بن حنيف : سنن البيهقي ج 1 / 425 ، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص 38 ، المحلى لابن حزم ج 3 / 160 ، الصحيح من سيرة النبي ج 3 / 91 .

 4 - بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وآله : منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 3 / 276 ، دلائل الصدق ج 3 / 99 ، كنز العمال ج 4 / 266 ، الصحيح من سيرة النبي ج 3 / 91 .

 5 - الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : جواهر الأخبار والآثار ج 2 / 191 ، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 5 / 284 .

 6 - أبى محذورة أحد مؤذني رسول الله صلى الله عليه وآله : البحر الزخار ج 2 / 191 و 192 ، وجواهر الأخبار والآثار هامش نفس الصفحة ، ميزان الاعتدال ج 1 / 139 ، لسان الميزان ج 1 / 268 .

 7 - زيد بن أرقم : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 5 / 283 .

 8 - الإمام الباقر عليه السلام : البحر الزخار وجواهر الأخبار والآثار ج 2 / 192 ، دعائم الإسلام ج 1 / 145 ، البحار ج 84 / 156 .

 9 - الإمام الصادق عليه السلام : دعائم الإسلام ج 1 / 142 ، البحار ج 84 / 156 . ولأجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع : راجع : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 / 233 - 241 ، الصحيح من سيرة النبي ج 3 / 88 وما بعدها . ( * ) 

 
 

- ص 243 -

قلت : وهذا متواتر عن أئمة أهل البيت ، فراجع حديثهم وفقههم لتكون على بصيرة من رأيهم وروايتهم عليهم السلام ( 334 ) .

[ فصل ]

فصول الأذان عندنا ثمانية عشر ، الله أكبر أربعا ، أشهد أن لا اله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، الله أكبر . لا اله إلا الله . كل منها مرتان . وفصول الإقامة سبعة عشر ، هي فصول الأذان غير أنها مثنى مثنى إلا " لا اله إلا الله " فمرة واحدة ، ويزاد فيها " بعد الحيعلات الثلاث قبل التكبير " قد قامت الصلاة ، مرتين ( 335 ) .

ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد بعد ذكره صلى الله عليه وآله كما يستحب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة . وقد أخطأ وشذ من حرم ذلك ، وقال بأنه بدعة فان كل مؤذن في الإسلام

  ( 334 ) راجع : وسائل الشيعة للحر العاملي ك الصلاة باب 19 من أبواب الأذان والإقامة ح 5 و 6 و 8 و 9 و 12 ، جامع أحاديث الشيعة ج 4 / 665 و 673 و 674 و 676 679 و 680 و 683 و 684 و 685 ، بحار الأنوار ج 84 / 136 و 140 و 141 و 149 و 150 و 154 و 156 و 171 . وراجع أيضا الكافي للكليني ، التهذيب والاستبصار للطوسي ، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج 1 / 290 ح 897 . وراجع من كتب الفقه : جواهر الكلام ج 9 / 81 - 92 ، الحدائق ج 7 / 398 ، تذكرة الفقهاء ج 1 / 104 ط قديم .
( 335 ) راجع المصادر المتقدمة تحت رقم (
334 ) ( * ) .
 
 

- ص 244 -

يقدم كلمة للأذان يوصلها به كقوله : ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) ( الآية ) ، ( 336 ) أو نحوها ويلحق به كلمة يوصله بها كقوله : ( الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ) أو نحوها . وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان ، وليس ببدعة ولا هو محرم قطعا لان المؤذنين كلهم لا يرونه من فصول الأذان ، وإنما يأتون به عملا بأدلة عامة تشمله وكذلك الشهادة لعلي بعد الشهادتين في الأذان فإنما هي عمل بأدلة عامة تشملها .

على ان الكلام القليل من سائر كلام الآدميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائها ، فمن أين جاءت البدعة والحرام ؟ وما الغاية بشق عصا المسلمين في هذه الأيام ؟ .

  ( 336 ) سورة الإسراء : 111 . راجع : البحار ج 84 / 111 ، الحدائق ج 7 / 403 .  
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب