النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 307 : -

[ المورد - ( 41 ) - : نصه على صدق حاطب ونهيه صلى الله عليه وآله إياهم عن أن يقولوا له إلا خيرا ]

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي عوانة عن حصين ، قال : تنازع أبو عبدالرحمن وحبان بن عطية ، فقال أبو عبد الرحمن لحبان : لقد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء - يعني عليا - قال : ما هو ؟ لا أبا لك . قال : شئ سمعته يقوله . قال : ما هو ؟ .

قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله والزبير وأبا مرثد ، وكلنا فارس ، قال : حتى تأتوا روضة حاج ( 1 ) ( قال أبو سلمة هكذا قال أبو عوانة حاج ) فان فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأتوني بها ، فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله تسير على بعير لها ، وكان حاطب كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم ، فقلنا : أين الكتاب الذي معك ؟ . قالت : ما معي كتاب . فأنخنا بها بعيرها فابتغاه في رحلها فما وجدنا شيئا ، فقال صاحباي : ما نرى معها كتابا .

قال : فقلت لقد علمنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم حلف علي : والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لاجردنك ( 2 ) فأهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمر : يا رسول الله قد خان الله و رسوله والمؤمنين دعني فأضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا حاطب ما حملك على ما صنعت ؟ . قال يا رسول الله مالي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ،

  ( 1 ) لعل الصواب روضة خاخ وهو موضع بين الحرمين بخاءين معجمتين ( منه قدس ) .
( 2 ) انما تهددها بتجريدها من حجزتها التي كانت محتجزة بها وهى الكساء وقد كان الكتاب في تلك الحجيزة ( منه قد
س ) ( * ) .
 
 

- ص 308 -

ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي ومالي ، وليس من أصحابك أحد إلا له هناك من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله ، قال : صدق لا تقولوا له إلا خيرا ، قال فعاد عمر فقال : يا رسول الله قد خان الله و رسوله والمؤمنين دعني فلأضرب عنقه . ( الحديث ) ( 437 ) .

قلت : كان الواجب أن لا يقولها عمر بعد أن اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بصدق الرجل ونهيه إياهم عن أن يقولوا له إلا خيرا .


[ المورد - ( 42 ) - : كتابه صلى الله عليه وآله إلى أمرائه فيمن يبردونه إليه ]

أخرج الإمام مالك والبزاز - كما في مادة لقحة ( 1 ) بوزن بركة من حياة الحيوان - للدميري - عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه كتب إلى أمرائه إذا أبردتم إلي بريدا فأبردوه حسن الاسم حسن الوجه ، فقام عمر حين علم بذلك قائلا : لا أدري أقول أم أسكت ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله : بل قل يا عمر فقال : كيف نهيتنا عن الطيرة وتطيرت ؟ فقال : ما تطيرت ولكن اخترت . آه . ( 438 ).


[ المورد - ( 43 ) - : لمزه صلى الله عليه وآله في الصدقات ]

أخرج الإمام أحمد من حديث عمر في مسنده ( 2 ) عن سلمان بن ربيعة ،

  ( 437 ) فراجعه في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم من ج 4 من صحيحه ( منه قدس ) . مجمع البيان للطبرسي ج 9 / 269 ، الكامل في التاريخ ج 2 / 163 ، السيرة الحلبية ج 3 / 75 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 2 / 245 .
( 1 ) اللقحة هي الناقة الحلوب ( منه قدس ) .
( 438 ) ( 2 ) ص 20 من جزئه الأول ( منه قد
س ) ( * ) .
 
 

- ص 309 -

قال : سمعت عمر يقول : قسم رسول الله صلى الله عليه وآله قسمة، فقلت : يا رسول الله لغير هؤلاء أحق منهم ، أهل الصفة . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنكم تسألوني بالفحش ، وتبخلوني ولست بباخل . آه ( 439 ) .

قلت : وأتم القسمة على ما أراد الله ورسوله ، وعن أبي موسى ان عمر سأل النبي عن أشياء يكرهها رسول الله فغضب صلى الله عليه وآله حتى رأى عمر ما في وجهه من الغضب . ( الحديث ) ( 440 )

أخرجه البخاري في باب ، الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره ، من أبواب كتاب العلم ص 19 من الجزء الأول من صحيحه .


[ المورد - ( 44 ) - : قوله صلى الله عليه وآله لعمر حين اسلم : استر إسلامك ]

روى شيخ العرفاء محي الدين ابن العربي ( 1 ) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمر بن الخطاب حين أسلم : أستر إسلامك وان عمر أبى إلا إعلانه ( 441 )

  ( 439 ) صحيح مسلم ج 2 / 730 ط محمد فؤاد وج 3 / 103 ط مشكول ، الطرائف ص 465 . وهناك أحاديث أخرى في الاعتراض على النبي صلى الله عليه وآله في القسمة ولا يعتبر عدالة النبي صلى الله عليه وآله الا انه لقضايا سياسية لم يصرح باسم قائلها . راجع هذه الأحاديث في : صحيح مسلم ج 3 / 109 ط مشكول .
( 440 ) ( 1 ) فيما نقله عنه الكاتب محمد لطفي المصرى في تاريخ فلسفة الإسلام ص 301 ( منه قدس ) .
( 441 ) اختلاف في أي وقت أسلم عمر فهل أسلم قبل انتشار الدعوة أم بعد انتشارها وظهورها ولعل الصحيح انه أسلم قبل هجرة الرسول إلى المدينة بقليل فقد روى البخاري في صحيحه ج 5 / 163 ط مشكول عن نافع قال ان الناس يتحدثون ان ابن عمر =
>
 
 

- ص 310 -

قلت : كانت الحكمة يومئذ تضطر إلى الكتمان ، وكانت الدعوة إلى الله ورسوله لا سبيل إليها الا بالتستر ، لكن بطولة عمر تأبى عليه إلا الصراحة برأيه وان خالف النص .


[ المورد - ( 45 ) - ما كان في بدء الإسلام مما يتعلق بالصيام : ]

وذلك ان الصائم كان إذا أمسى حل له في شهر رمضان الأكل والشرب والنساء وسائر المفطرات إلى أن يصلي العشاء الآخرة أو يرقد فإذا صلاها أو رقد حرم عليه ما حرم على الصائم إلى الليلة القابلة ( 442 ) .

لكن عمر أتى أهله بعد العشاء واغتسل فندم على ما فعل ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله قائلا : يا رسول الله إني اعتذر إلى الله واليك من نفسي هذه الخاطئة ، وأخبره بما فعل ، وحينئذ قام رجال فاعترفوا بأنهم كانوا يصنعون كما صنع عمر بعد العشاء ، فأنزل الله عزوجل ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ( 1 ) )

  => أسلم قبل عمر . الخ . وابن عمر أسلم وعمره عشر سنين قبيل الهجرة . فيكون هذا المورد من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع . راجع : الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 4 / 93 .
( 442 ) راجع : الميزان في تفسير القرآن ج 2 / 45 ، تفسير القمي ، الدر المنثور وغيرها .
( 1 ) وهى الآية 187 من سورة البقرة ، فليراجع تفسيرها في الكشاف وغيره من =
>
 
 

- ص 311 -

الآية ( 443 ) وان كانت صريحة بأنهم كانوا يختانون أنفسهم غير مرة ، لكنها نص بالتوبة عليهم والعفو عنهم وقد وسع الله عليهم ، وخفف مما كان قد كلفهم به . فالحمد لله على عفوه ومغفرته ، وله الآلاء على سعة رحمته .
 

  => سائر التفاسير ، وقد أخرجه الإمام الواحدي في كتابه أسباب النزول ص 33 منه ( منه قدس ) .
( 443 ) ذكرت ان السبب في ذلك عمر عدة روايات : راجع : مجمع البيان للطبرسي ج 2 / 280 ، تفسير الطبري ، الدر المنثور ، الميزان في تفسير القرآن ج 2 / 50 .
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب