النص
والاجتهاد - السيد شرف الدين ص
311
: - |
|
[ المورد
- ( 46 ) - : حول الخمر وتحريمها ]
وذلك أن
الله عزوجل أنزل في الخمر ثلاث آيات ، الأولى قوله
تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ
وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) ( 444 ) . . ( الآية ) ، فكان من المسلمين
شارب وتارك إلى ان شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر ، فنزل
قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ
وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا
تَقُولُونَ ) ( 445 ) . . ( الآية ) ، فشربها بعد من شربها من المسلمين وتركها من
تركها ، قال أهل الاخبار حتى شربها عمر بن الخطاب فأخذ
بلحي بعير وشج به رأس عبدالرحمن بن عوف ثم قعد ينوح
على قتلى بدر بشعر الاسود بن يعفر
إذ يقول :
وكائن بالقليب
قليب بدر * من الفتيان والعرب الكرام
أيوعدنا ابن
كبشة أن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام
|
(
444 ) سورة البقرة : 219 . |
(
445 )
سورة النساء : 43
( * ) |
|
|
أيعجز أن
يرد الموت عني * وينشرني إذا بليت عظامي
ألا من مبلغ الرحمن عني * بأني تارك شهر الصيام
فقل
لله يمنعني شرابي * وقل لله يمنعني طعامي
فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج مغضبا يجر ردائه
فرفع شيئا كان في يده فضربه به فقال : أعوذ بالله من
غضبه وغضب رسوله فأنزل الله تعالى : (
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ
اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) ( 446 ) قال : فقال عمر انتهينا انتهينا (
447 ) .
|
(
446 ) سورة المائدة : 91 .
(
447 ) تجد هذه القضية بلفظها في الباب الرابع والسبعين
المختص بتحريم الخمر وذمها والنهى عنها من الجزء
الثاني من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف للإمام شهاب
الدين الابشيهى وهو من الكتب المنتشرة ، ونقلها جماعة
من الاثبات عن ربيع الأبرار للزمخشري .
وقد ألمع الإمام الرازي إلى شئ منها في تفسير قوله تعالى : (
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) من سورة المائدة ، في ص 446 من الجزء
الثالث من تفسيره الكبير إذ قال : روى أنه لما نزل
قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ
وَأَنتُمْ سُكَارَى ) قال عمر بن الخطاب : اللهم بين لنا في
الخمر بيانا شافيا ، فلما نزلت هذه الآية : (
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ
اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) .
قال عمر : انتهينا يا رب ( منه قدس ) .
الغدير للأميني
ج 6 / 251 ، عن المستطرف ج 2 / 291 ، ربيع
الأبرار
للزمخشري مخطوط ، الصحيح من سيرة النبي
الأعظم ج 4 /
48 وغيرها .
ومن أراد مزيد اطلاع على هذا الموضوع فاليراجع كتاب الغدير ج 6 / 251 فقد نقل شرب الخليفة
في الجاهلية ولم ينته عن شربه الا بعد نزول آية (
فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ
) التي في سورة المائدة ،
والمائدة آخر سورة نزلت في القرآن والتي نزلت
=> |
|
|
. . . . . . .
|
=> على الرسول في حجة
الوداع . ثم بعد ذلك صار يشرب النبيذ الشديد وكان يقول
: انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في
بطوننا أن تؤذينا . . الخ وقد " شرب شخص من النبيذ
الذي كان يشرب منه فأسكره فأقام عليه الخليفة الحد قال
الشعبي : شرب أعرابي من أدواة عمر فأغشى فحده عمر . ثم
قال وانما حده للسكر لا للشرب " .
العقد الفريد ج 3 /
416 . وقريب منه في : أحكام القرآن للجصاص ج 2 / 565 .
لأجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع راجع الغدير ج
6 / 257 .
ناد الخمر في دار أبى طلحة : ولعل
الآية الأخيرة نزلت بسبب نادي الخمر الذي عقد في دار أبى
طلحة وكان يضم أحد عشر رجلا من كبار الصحابة : ذكر
الطبري في تفسيره ج 2 / 203 وفى طبعة
أخرى ج 2 / 211
عن أبى القموص قال : أنزل الله عزوجل في الخمر ثلاث
مرات فأول ما نزل قال الله : (
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ
فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) قال : فشربها من المسلمين ما شاء الله
منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا
يهجران كلاما لا يدرى - عوف - ما هو فأنزل الله عزوجل
فيها : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ
وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا
تَقُولُونَ ) فشربها من شربها منهم
وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبوالقموص رجل فجعل ينوح على قتلى بدر :
تحيى بالسلامة أم عمرو * وهل لك
بعد رهطك من سلام ؟
ذريني اصطبح
بكرا فأنى * رأيت الموت نقب عن هشام
وود بنو المغيرة
لو فدوه * بألف من رجال أو سوام
كأني بالطوى طوى بدر
* من الشيزى يكلل بالسنام
كأني بالطوى طوى بدر * من
الفتيان والحلل الكرام
قال فبلغ ذلك رسول الله صلى
الله عليه وآله فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى
انتهى إليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول الله صلى الله
عليه
وآله شيئا كان بيده ليضربه
قال أعوذ بالله من غضب الله
=> |
|
|
. . . . . . .
|
=>
ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ
. . - إلى قوله - فَهَلْ
أَنتُم مُّنتَهُونَ ) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
انتهينا . انتهينا . وفى هذه الرواية تحريف من الطبري
أو غيره فحذف اسم ( أبو بكر ) وجعل مكانه ( رجل ) وفى
الأبيات حذف اسم ( أم بكر ) وجعل مكانه ( أم عمرو )
والذي قال الأبيات هو أبو بكر كما في
مجمع الزوائد ج 5
/ 51 وذكر القصة كل من : الحكيم الترمذي في نوادر
الأصول ص 66 ، وابن حجر في
الإصابة ج 4 / 22 ، وابن
حجر في فتح الباري ج 10 / 30 ، والعيني في
عمدة القاري ج 10 / 82 .
وكان النادي يضم أحد
عشر رجلا وهم :
1 - أبو بكر وهو الذي قرأ الأبيات .
2
- عمر
3 - أبو عبيدة بن الجراح .
4 - أبو طلحة زيد بن
سهل صاحب النادي
5 - سهيل بن بيضاء
6 - أبى بن كعب
7 -
أبو دجانة سماك بن خرشة
8 - أبو أيوب الأنصاري
9 - أبو
بكر ابن شغوب
10 - أنس بن مالك ساقي القوم ذكر هؤلاء
ابن حجر في فتح الباري ج 10 / 30 وغيره
11 - معاذ بن
جبل كما في صحيح مسلم ج 6 / 88 وغيره .
وكانت هذه
الحادثة في سنة 8 ه عام الفتح راجع : في خصوصيات هذه
الحادثة مع مصادرها والآراء في تحريم الخمر ومتى كان .
الغدير للعلامة الأميني ج 7 / 95 - 102 ، الصحيح من
سيرة النبي الأعظم ج 4 / 50 وغيرهما . |
|
|
|