النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 363 : -

[ المورد - ( 60 ) - : تشدده على سعد بن أبى وقاص بتحريق قصره عليه ]

وذلك انه استعمله على الكوفة فبلغه انه يحتجب في قصره عن الرعية ، فدعا محمد بن مسلمة فقال له : اذهب إلى سعد بالكوفة فحرق عليه قصره ، ولا تحدثن حدثا حتى تأتيني . فذهب محمد إلى الكوفة فأضرم النار في القصر يفاجئ بذلك سعدا ، فخرج سعد وهو يقول : ما هذا ؟ . فقال له محمد : هذا حزم أمير المؤمنين ، فتركه حتى أحرق ثم انصرف إلى المدينة ( الحديث ) ( 514 ) .


[ المورد - ( 61 ) - : تشدده على خالد بن الوليد ]

وذلك إذ انتجعه ( وهو على قنسرين من قبل عمر ) الأشعث بن قيس فأجازه بعشرة آلاف ، فسمع بذلك عمر بن الخطاب ، وكان لا يخفى عليه شئ من عمله ، فدعا عمر البريد ، فكتب معه إلى أبي عبيدة - عامله على حمص - : أن أقم خالدا على رجل واحدة معقول الأخرى بعمامته وانزع قلنسوته على رؤوس الأشهاد ، من موظفي الدولة ، ووجوه الشعب ، حتى يعلمك من أين

  ( 514 ) الكامل في التاريخ ج 2 / 369 ، فتوح البلدان للبلاذري ص 286 ، الغدير ج 6 / 271 ( * ) .  
 

- ص 364 -

أجاز الأشعث ، أمن ماله ، فهو الإسراف ، والله لا يحب المسرفين ، أم من مال الأمة ؟ فهي الخيانة ، والله لا يحب الخائنين ، واعزله على كل حال ، واضمم إليك عمله ، فكتب أبو عبيدة إلى خالد . فقدم عليه ، ثم جمع الناس ، وجلس لهم على المنبر في المسجد الجامع ، فقام البريد فسأل خالدا من أين أجاز الأشعث ؟ فلم يجبه ، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا ، فقام بلال الحبشي فقال ان أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا ونزع عمامته ، ووضع قلنسوته ، ثم أقامه فعقله بعمامته ، وقال : من أين أجزت الأشعث ؟ أمن مالك ؟ أم من مال الأمة ؟ . فقال من مالي . فأطلقه وأعاد قلنسوته ، ثم عممه بيده وهو يقول : نسمع لولاتنا . ونفخم ونخدم موالينا ، وأقام خالد متحيرا لا يدري أمعزول أم غير معزول ، إذ لم يعلمه أبو عبيدة بعزله تكرمة وتفخمة له ، فلما تأخر قدومه على عمر ظن الذي كان ، فكتب إلى خالد انك معزول فتنح ، ثم لم يوله بعد ذلك عملا حتى مضى لسبيله ( 515 ) .

وقد ذكر العقاد هذه القضية كما في ص 245 من أصل الكتاب إلى آخر المورد .


[ المورد - ( 62 ) - : نفيه لضبيع التميمي وضربه إياه : ]

وذلك ان رجلا جاء إليه فقال : ان ضبيعا التميمي لقينا فجعل يسألنا يا أمير المؤمنين عن تفسير آيات من القرآن . فقال لي اللهم أمكني منه . فبينا هو يوما جالس يغدي الناس إذ جاءه ضبيع وعليه ثياب وعمامة ، فتقدم فأكل مع

  ( 515 ) الكامل في التاريخ ج 2 / 375 ، الغدير ج 6 / 274 ، الحلبية ج 3 / 220 ، البداية والنهاية ج 7 / 115 ( * ) .  
 

- ص 365 -

الناس حتى إذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين ما معنى قوله تعالى : ( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ) . فقال له ويحك : أنت هو ؟ . فقام إليه فحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فإذا له ضفيرتان ، فقال : والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا ضربت رأسك . ثم أمر به فحبس في بيت ثم كان يخرجه كل يوم فيضربه مائة ! فإذا برى أخرجه فضربه مائة أخرى ! ! ثم حمله على قتب وسيره إلى البصرة ، فكتب إلى عامله أبي موسى يأمره أن يحرم على الناس مجالسته وأن يقوم في الناس خطيبا يقول لهم : ان ضبيعا قد ابتغى العلم فأخطأه . فلم يزل بعدها ضبيع عند الناس وفي قومه حتى هلك ، وقد كان من قبل سيد قومه ( 516 ) .
 


[ المورد - ( 63 ) - نفيه نصر بن حجاج ]

وذلك فيما رواه عبدالله بن بريد إذ قال ( 1 ) بينا عمر يعس ذات ليلة انتهى إلى باب مجاف وامرأة تغني نسوة :

هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج

فقال عمر : أما ، ما عاشت فلا . فلما أصبح دعا نصر بن حجاج - وهو نصر بن حجاج بن علابط البهزي السلمي - فأبصره وهو من أحسن الناس وجها وأصبحهم وأملحهم حسنا فأمر أن يطم شعره فخرجت جبهته فازدادت حسنا فقال له عمر اذهب فاعتم . فاعتم فبدت وفرته فأمره بحلقها فازداد حسنا .

  ( 516 ) أخرجها أهل الأخبار مسندة وأرسلها المتتبع ابن أبى الحديد في أحوال عمر ص 122 من المجلد الثالث من شرح النهج طبع مصر ( منه قدس ) . وج 12 / 102 ط مصر بتحقيق أبو الفضل .
( 1 ) كما في ص 99 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة ( منه قد
س ) ( * ) .
 
 

- ص 366 -

فقال له : فتنت نساء المدينة يا ابن حجاج لا تجاورني في بلدة أنا مقيم بها . ثم سيره إلى البصرة فأقام بها أياما ، ثم كتب لعمر كتابا فيه هذه الأبيات :

لعمري لئن سيرتني أو حرمتني * لما نلت من عرضي عليك حرام
أئن غنت الدلفاء يوما بمنية * وبعض أماني النساء غرام
ظننت بي الظن الذي ليس بعده * بقاء فمالي في الندي كلام
وأصبحت منفيا على غير ريبة * وقد كان لي بالمكتين مقام
فيمنعني مما تظن تكرمي * وآباء صدق سالفون كرام
ويمنعها مما تغنت صلاتها * وحال لها في دينها وصيام
فهاتان حالانا فهل أنت راجع * فقد جب مني كاهل وسنام

فقال عمر : أما ولي ولاية فلا . فلما قتل عمر ركب نصر راحلته ولحق بأهله في المدينة ( 517 )

  ( 517 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 / 285 ( * ) .  
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب