النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 370 : -

[ المورد - ( 66 ) - : يوم شكته أم هاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ]

أخرج الطبراني في الكبير عن عبدالرحمن بن أبي رافع عن أم هاني بنت أبي طالب عليه السلام انها قالت : يا رسول الله ان عمر بن الخطاب لقيني فقال لي : ان محمدا لا يغني عنك شيئا . فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقام خطيبا فقال : ما بال أقوام يزعمون ان شفاعتي لا تنال أهل بيتي ، وان شفاعتي لتنال حاء وحكم ( 523 ) .

وغضب صلى الله عليه وآله في مقام آخر إذ توفي لعمته صفية ولد فعزاها صلى الله عليه وآله ، فلما خرجت لقيها رجل ( 1 ) فقال لها : ان قرابة محمد لن تغني عنك شيئا . فبكت حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوتها ففزع من ذلك ، فخرج إليها فسألها فأخبرته فغضب فقال : يا بلال هجر بالصلاة ، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال : ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع ، ان كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي ، وان رحمي موصولة في الدنيا والآخرة ( 524 ) .

  ( 523 ) قبيلتان في اليمن بعيدتا النسب من قريش ( منه قدس ) . ينابيع المودة للقندوزي ص 267 ط اسلامبول .
( 1 ) هو عمر بن الخطاب بلا ريب ( منه قدس ) .
( 524 ) أخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى بالإسناد إلى ابن عباس ( منه قدس ) . مجمع الزوائد ج 8 / 216 وصرح بأن القائل هو عمر بن الخطاب ، المعرفة والتاريخ ج 2 / 499 ، ينابيع المودة ص 267 ط اسلامبول . وقريب منه في : فرائد السمطين ج 2 / 288 ح 548 و 549 ، المسند لأحمد ج 3 / 18 و 39 و 62 ط 1 ، تفسير ابن كثير ج 7 / 34 ، إحقاق ج 9 / 514 ، شرح نهج البلاغة ج 2 / 187 ط 2 القول الفصل للحداد ج 2 /
16 =>
 
 

- ص 371 -

[ المورد - ( 67 ) - : يوم النجوى ]

وقد فات الخير يومئذ جميع الناس حاشا عليا عليه السلام فانه الفائز بخيرها لا يشاركه فيه فاروق ولا صديق ولا غيرهما من سائر البشر .

واليك آيتها فتدبرها ولا تكن ممن عناهم الله بقوله تعالى : أم على قلوب أقفالها . والآية في سورة المجادلة وهي قوله عزوجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ) فلم يعمل بها سوى علي بإجماع هذه الأمة ، كما تراه في تفسير الآية من كل من كشاف الزمخشري ، والتفسير الكبير للطبري ، والتفسير العظيم للثعلبي ، ومفاتيح الغيب للرازي ، وسائر التفاسير .

ودونك من الصحاح ما أخرجه الحاكم في تفسير الآية ص 842 من الجزء الثاني من صحيحة المستدرك عن علي عليه السلام قال : ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدى ، آية النجوى ، كان عندي

  => قوله صلى الله عليه وآله : " كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي "
عن عمر بن الخطاب : راجع : مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 108 ح 150 و 151 و 152 و 153 ، تاريخ بغداد للخطيب ج 6 / 182 ، سنن البيهقي ج 7 / 63 و 64 ، حلية الأولياء ج 7 / 314 ، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 3 / 124 ، تذكرة الحفاظ ج 3 / 117 وفى ط 910 ، مجمع الزوائد ج 4 / 271 وج 9 / 173 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 / 463 ط بيروت ، ينابيع المودة ص 267 ط اسلامبول .
وعن ابن عباس : تاريخ بغداد للخطيب ج 10 / 271 ، مجمع الزوائد ج 9 / 173 وج 8 / 216 ، الجامع الصغير ص 236 ، كفاية الطالب ص 380 ط الحيدرية ، ينابيع المودة ص 267 ط اسلامبول
. ( * ) 
 
 

- ص 372 -

دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكنت كلما ناجيته صلى الله عليه وآله قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت بقوله تعالى : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ( 1 ) فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ( 525 ) .

فشمل هذا التقريع عمر وغيره من سائر الصحابة حاشا عليا عليه السلام فانه ما أشفق من تقديم الصدقات ولا خاف الأمر ليحتاج إلى التوبة .

وقد قام الرازي هنا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنه

  ( 1 ) قال الحاكم بعد إيراد هذا الحديث هنا بلفظه : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، قلت وصححه الذهبي من شرط الشيخين إذ أورده في تلخيص المستدرك ( منه قدس ) .

( 525 ) آية النجوى لم يعمل به إلا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 2 / 230 ح 949 و 950 و 951 و 952 و 953 و 954 و 955 و 956 و 957 و 958 و 959 و 960 و 961 و 962 و 963 و 964 و 965 و 966 و 967 ط 1 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 325 ح 372 و 373 ط 1 ، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 322 و 357 ح 283 و 284 دلائل الصدق ج 2 / 104 ، نظم درر السمطين للزرندي ص 90 ، مقام أمير المؤمنين للعسكري ص 58 ، ينابيع المودة للقندوزي ص 100 ط اسلامبول ، المستدرك للحاكم ج 2 / 481 ، مسند أحمد ج 2 / 21 ط 1 ، المناقب للخوارزمي ص 196 ط الحيدرية ، تفسير الطبري ج 28 / 19 ، كفاية الطالب ص 135 ، سمط النجوم العوالي ج 2 / 474 ، تفسير الحبرى ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 39 ط مصر ، تفسير ابن كثير ج 4 / 326 ، صحيح الترمذي ج 5 / 80 رقم - 3355 - وج 2 / 227 ط آخر الذهبي ج 3 / 146 ، أحكام القرآن للجصاص ج 3 / 526 ، صحيح ابن حبان ج 2 / 180 ، المصنف لابن أبى شيبة ج 6 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 2 / 21 ، تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن ج 4 / 242 ، تاريخ الطبري ج 8 / 184 ، دلائل الصدق ج 3 / 212 ، الاستيعاب بترجمة معاوية . ( * ) 

 
 

- ص 373 -

قال : ان الآية تضيق قلب الفقير وتوجب حزنه لعدم تمكنه من الصدقة ، وتوحش الغني بما تشتمل عليه من التكليف ، وتوجب طعن بعض المسلمين ببعض ، فالعمل بها يسبب فرقة ووحشة ، وترك العمل بها يسبب الفة ، والذي يكون سببا للالفة أولى مما يكون سببا للوحشة ، إلى آخر هذيانه المعارض لقوله تعالى : ( ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ) . والمناقض لقوله عز اسمه : ( فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) فراجع هذا الهذيان منه في ص 168 من الجزء 8 من تفسيره الكبير مفاتيح الغيب .

ولم يبق عليه إلا أن يقول : ان الزكاة والحج مثلا يضيقان قلب الفقير ويوجبان حزنه لعدم تمكنه من فعلهما ، ويوحشان الغنى بما يشتملان عليه من التكليف ، فالعمل بها يسبب فرقة ووحشة وترك العمل بهما يسبب ألفة ومحبة والذي يكون سببا للألفة أولى من الذي يكون سببا للوحشة ، فترك الزكاة والحج أولى على قياس هذا الإمام ، بل قياسه يوجب ترك الأديان كلها ترجيحا للاتفاق على الاختلاف . نعوذ بالله من سبات العقل وخطل القول وبه نستجير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


[ المورد - ( 68 ) - : تسامحه مع معاوية إذ ولاه أمر الشام ]

حيث أملى له في غيه ، وخلا بينه وبين ما أراد ، مطلقا له العنان ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، مسوما مترفا ، راكبا سجيحة رأسه ، لا يبالي في غير ما يختاره لنفسه ، على نقيض ما يعجب عمر من سيرة أمرائه ، وقد رآه في الشام أبهة كسروية ، وأزياء تنفر منها جبلة عمر ، ويبرأ منها فما قال له عندها سوى : لا آمرك ولا أنهاك ( أ ) ، يقلده حبله ، ويقرطه عنانه ، فعاث ما شاء أن يعيث ولا راد لجماح غلوائه ، ولا مقوم من صعره ، فكانت عاقبة هذا الإملاء له ما 

- ص 374 -

كان منه في صفين من بغيه على أمير المؤمنين ، وبعدها ما كان منه في ساباط مع سيد الأسباط . وبهذا اتخذ بنو أمية مال الله دولا ، وعباد الله خولا ، ودين الله دغلا ( 526 )
 

فانا لله وإنا إليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

  ( 526 ) شيخ المضيرة أبو هريرة ص 86 ط 3 ، المستدرك للحاكم ج 4 / 479 و 480 ، كنز العمال ج 6 / 39 ط 1 ، الغدير ج 8 / 250 .  
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب