النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 405 : -

[ المورد - ( 72 ) - : صلاته في السفر ]

وذلك ان الصلاة الرباعية تقصر في السفر إلى ركعتين ، سواء أكان ذلك في حال الخوف ، أم كان في حال الأمن ، وقد ثبتت مشروعية التقصير بالكتاب والسنة والإجماع . قال الله تعالى : [ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ  ] ( 599 ) .

وعن يعلى بن أمية : قال قلت لعمر : مالنا نقصر وقد أمنا فقال : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك . فقال صلى الله عليه وآله صدقة تصدق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته . أخرجه مسلم ( 600 ) .

  ( 599 ) سورة النساء : 101 .
( 600 ) في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص 258 من الجزء الأول من صحيحه ( منه قد
س )
=>
 
 

- ص 406 -

وعن ابن عمر فيما أخرجه مسلم في صحيحه ( 1 ) قال : إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر فلم يزد على الركعتين حتى قبضه الله تعالى إليه ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى ، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين ( 2 ) . وقد قال الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ( 601 )

وروى ابن أبي شيبة ان النبي صلى الله عليه وآله قال : " ان خيار أمتي من شهد أن لا اله الا الله ، وان محمدا رسول الله ، والذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أسأوا استغفروا ، وإذا سافروا قصروا " ( 602 ) .

وعن أنس بن مالك - فيما أخرجه الشيخان في صحيحيهما - قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ( 603 ) .

  => صحيح مسلم ج 1 /191 و 192 وفى طبع العامرة ج 2 / 143 ، سنن أبى داود ج 1 / 187 ، سنن ابن ماجة ج 1 / 329 ، سنن النسائي ج 3 / 116 ، سنن البيهقي ج 3 / 134 و 141 ، أحكام القرآن للجصاص ج 2 / 308 ، المحلى لابن حزم ج 4 / 267 ، الغدير ج 8 / 111 .
( 1 ) ص 259 في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ( منه قدس ) .
( 2 ) على هذا كان عمل عثمان حتى مضى من خلافته ست سنوات أو تسع ثم لم يقصر وانما كان يتم حتى مضى لسبيله كما سنبينه في الأصل ( منه قدس ) .
( 601 ) الغدير ج 8 / 111 ، مسند أحمد ج 2 / 45 ، سنن ابن ماجة ج 1 / 330 ، سنن النسائي ج 3 / 123 ، أحكام القرآن للجصاص ج 2 / 310 ، زاد المعاد هامش شرح المواهب للزرقاني ج 2 / 29 ، صحيح مسلم ج 2 / 144 ط العامرة .
( 602 ) المصنف لابن أبى شيبة .
( 603 ) صحيح البخاري ج 2 / 153 ، صحيح مسلم ج 1 / 260 وفى طبع العامرة ج 2 / 145 ، مسند أحمد ج 3 / 190 ، سنن البيهقي ج3 / 136 و 145 . ( * ) .
 
 

- ص 407 -

وعن ابن عباس - فيما أخرجه البخاري في صحيحه - قال : قام النبي في مكة تسعة عشر يقصر . . " الحديث " ( 604 )
قلت : وانما قصر مع إقامته تسعة عشر يوما لعدم نية الإقامة . وثبت عن رسول الله ( ص ) انه كان يصلي بأهل مكة إماما بعد الهجرة فيسلم في الرباعيات على رأس الركعتين الأوليين وكان قد تقدم إلى القوم بأن يتموا صلاتهم أربع ركعات معتذرا عن نفسه وعمن جاء معه بأنهم قوم سفر ( 605 ) .

وعن أنس : قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر في المدينة أربعا ، وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين ( 606 ) .
قلت : دلت الآية المحكمة على مشروعية القصر للمسافر في حال خوفه ، ودل ما بعدها من النصوص الصحاح المتظافرة على مشروعيته للمسافر مطلقا وعلى ذلك إجماع الأمة ، بلا خلاف ينقل عن أحد منها غير عائشة وعثمان ، وقد تواتر عنهما الإتمام في السفر . ( 607 )

وكان ذلك أول ما تكلم الناس فيه على

  ( 604 ) تجده في باب ما جاء في التقصير من أبواب التقصير ص 131 من ج 1 من صحيحه ( منه قدس ) .
( 605 ) سنن البيهقي ج 3 / 153 ، الغدير ج 8 / 100 .
( 606 ) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من الجزء الأول من صحيحه ( منه قدس ) . صحيح مسلم ج 2 / 144 ط العامرة .
( 607 ) صحيح البخاري ج 2 / 154 ، صحيح مسلم ج 2 / 260 وفى طبع العامرة ج 2 / 146 ، مسند أحمد ج 2 / 148 ط 1 ، سنن البيهقي ج 3 / 126 ، الموطأ ج 1 / 282 سنن النسائي ج 3 / 120 . راجع بقية المصادر في الغدير ج 8 / 98 وما بعده
ا .
 
 

- ص 408 -

عثمان وعده المؤرخون من حوادث سنة تسع وعشرين للهجرة - ( 608 ) ودلت عليه صحاح كثيرة .

فمنها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن نافع عن ابن عمر واللفظ لمسلم قال : صلى رسول الله بمنى ركعتين ، وأبو بكر بعده ، وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدرا من خلافته، ثم ان عثمان صلى بعد أربعا .. ( الحديث ) ( 609 ).

ومنها ما أخرجاه أيضا عن عبدالرحمن بن يزيد انه قال : صلى بنا عثمان ابن عفان بمنى أربع ركعات ، فقيل لعبد الله بن مسعود فاسترجع ، ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر ركعتين ، وصليت مع عمر بمنى ركعتين ، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان ( 610 ) .

وأخرجا أيضا عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : صلى بنا النبي والناس أكثر ما كانوا فكانت صلاته ركعتين ( 611 )

  ( 608 ) فراجعها في كامل ابن الأثير ج 3 / 49 وفى ج 3 / 322 من تاريخ الطبري ( منه قدس ) . الغدير ج 8 / 101 ، الكامل في التاريخ ج 3 / 51 .
( 609 ) صحيح البخاري ج 2 / 154 ، مسند أحمد ج 2 / 148 ، صحيح مسلم ج 1 / 260 وفى طبع العامرة ج 2 / 146 ، سنن البيهقي ج 3 / 126 ، الغدير ج 8 / 98 .
( 610 ) صحيح البخاري ج 2 / 154 ، الغدير ج 8 / 99 ، مسند أحمد ج 1 ، صحيح مسلم ج 1 / 261 وفى طبع العامرة ج 2 / 146 .
( 611 ) وان مما رواه حفظة الآثار في هذا الموضوع من أهل السنن والأخبار ما رواه الإمام أحمد بن حنبل من حديث معاوية في مسنده ص 94 من جزئه الرابع بالإسناد إلى عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عباد . قال لما قدم علينا معاوية حاجا قدمنا معه من مكة ( قال ) : فصلى بنا الظهر ركعتين ( قال ) : وكان عثمان حين أتم الصلاة إذا قدم مكة مسافرا
=> 
 
 

- ص 409 -

وأخرج مسلم من عدة طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة : ان الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر ، قال الزهري فقلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر . قال : انها تأولت كما تأول عثمان . انتهى بلفظ مسلم في أول كتاب صلاة المسافرين ص 258 من جزئه الأول ( 612 ) .

قلت : قال الفاضل النووي عند انتهائه إلى هذا الحديث من شرح مسلم : اختلف العلماء في تأولهما فقيل : لان عثمان أمير المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما .
قال : وأبطله المحققون بأن النبي صلى الله عليه وآله كان أولى بذلك منهما وكذلك أبو بكر وعمر .
قال : وقيل بأن عثمان تأهل بمكة . وأبطلوه بأن النبي صلى الله عليه وآله سافر بأزواجه وقصر .
وقيل : فعلا ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا ان فرض الصلاة ركعتان ابدا حضرا وسفرا . وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي صلى
الله عليه وآله بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان وعائشة أكثر مما كان

( قال ) : وقيل لان عثمان وعائشة نويا الإقامة بمكة بعد الحج . وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجرين فوق ثلاث
( قال ) : وقيل كان لعثمان أرض

  => صلى بنا الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا أربعا ، وإذا أتى منى أتم الصلاة ( فيها وفى عرفات ) . قال : فلما صلى بنا معاوية الظهر ركعتين ، نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو ابن عثمان فقالا له : ما عاب ابن عمك أحد بأقبح مما عبته به ، فقال لهما : ومم ذلك ؟ قال : فقالا له : ألا تعلم انه أتم الصلاة ( وهو إذ ذاك في سفر ) قال : فقال لهما : ويحكما وهل كان غير ما صنعت ؟ وقد صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومع أبى بكر وعمر قصرا . قالا : لكن ابن عمك قد كان أتمهما ، وان خلافك اياه لعيب له . قال : فخرج معاوية إلى العصر فصلاها أربعا ، وكان قد صلى الظهر قصرا ( منه قدس ) . صحيح مسلم ج 2 / 147 ط العامرة .
( 612 ) صحيح مسلم ج 2 / 143 ط العامرة
. ( * ) 
 
 

- ص 410 -

بمنى . وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة ، قال : والصواب انهما رأيا القصر جائزا ، والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين ( 613 ) .

قلت : والحق ان مخالفتهما للنصوص لم تكن مقصورة على هذا المورد ، على أنه مما لم تهتك به حرمات ، ولم تسفك به دماء ، ولم تبح به أموال وأعراض كغيره من موارد تأولاتهما ، فأمره سهل بالنسبة إلى ما سواه مما تأولا فيه الأدلة ( 614 ) .

  ( 613 ) الغدير ج 8 / 115 ، الكامل في التاريخ ج 3 / 51 .
( 614 ) قضائه في امرأة ولدت لستة أشهر : راجع : الغدير للأميني ج 8 / 97 وج 6 / 94 .
 1 - إبطال عثمان الحدود وصلاة الوليد وهو سكران : راجع : أنساب الأشراف ج 5 / 33 ، الغدير ج 8 / 120 ، الأغاني ج 4 / 178 ، مسند أحمد ج 1 / 144 ، سنن البيهقي ج 8 / 318 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 / 142 ، الكامل لابن الأثير ج 3 / 53 ، أسد الغابة ج 5 / 91 و 92 ، و تاريخ أبى الفداء ج 1 / 176 ، الإصابة ج 3 / 638 وغيرها .

 2 - احدوثة الأذان الثالث يوم الجمعة : راجع : الغدير ج 8 / 125 عن مصادر كثيرة .
 3 - توسعة المسجد الحرام : راجع : تاريخ الطبري ج 5 / 47 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 / 142 ، الكامل ج 3 / 51 الغدير ج 8 / 129 عن مصادر أخرى .
 4 - منعه عن متعة الحج : راجع : صحيح البخاري ج 3 / 69 و 71 ، صحيح مسلم ج 1 / 349 ، مسند أحمد ج 1 / 61 و 95 ، سنن النسائي ج 5 / 148 و 152 ، سنن البيهقي ج 4 / 352 وج 5 / 22 ، مستدرك الحاكم ج 1 / 472 ، تيسير الوصول ج 1 / 282 ، الغدير ج 8 /
130 =>

 
 

- ص 411 -

. . . . . . .

  => 5 - تعطيل الخليفة القصاص . تاريخ الطبري ج 5 / 42 ، الرياض النضرة ج 2 / 150 ، الإصابة ج 3 / 619 ، أنساب الأشراف ج 5 / 24 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 / 141 ، طبقات ابن سعد ج 5 / 8 ط ليدن ، الغدير ج 8 / 132 عن مصادر أخرى .
 6 - رأيه في الجنابة : صحيح مسلم ج 1 / 142 ، الغدير ج 8 / 143 عن مصادر كثيرة .
 7 - كتمان الحديث : راجع : الغدير ج 8 / 151 عن مصادر عديدة .
 8 - رأيه في زكاة الخيل : أنساب الأشراف ج 5 / 26 ، الغدير ج 8 / 154 عن مصادر كثيرة .
 9 - تقديم عثمان الخطبة على الصلاة في العيدين : فتح الباري ج 2 / 361 ، الغدير ج 8 / 160 عن مصادر أخرى .
 10 - رأى عثمان في القصاص والدية : سنن البيهقي ج 8 / 33 ، الغدير ج 8 / 167 عن مصادر كثيرة .
 11 - رأى عثمان في القراءة : الغدير ج 8 / 173 عن مصادر متعددة .
 12 - رأى عثمان في صلاة المسافر : الغدير ج 8 / 185 .
 13 - رأى عثمان في صيد الحرم : الغدير ج 8 / 186 عن مصادر كثيرة . وراجع بقية أفعاله في كتاب الغدير ج 8 ط بيروت
.
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب