الدرس الآخر الذي تعرضت له الخطبة هو دور الدين في حياة الإنسان ولولا الأنبياء لتاهت البشرية في غياهب الشرك والوثنية وعبادة الأصنام ولاستحوذت عليها الشياطين وحالت دون عبوديتها ومعرفتها بالله، وذلك لأنّ العقل بمفرده لا يسعه الأخذ بيد الإنسان إلى السعادة بعد تجاوز موانع الطريق ومعوقاته.

صحيح أنّ العقل نور خالد إلاّ أنّ شعاعه باهت خافت مالم يستند إلى ضياء الوحي الذي يخترق المكان ولا يقف عند حدود فيهديه في اجتياز ظلمات الطريق. ومن هنا تتضح جسامة الخطأ الذي أصاب البراهمة الذين تنكروا لبعثة الأنبياء وارسال الرسل. ولو كان العقل يدرك كافة أسرار الإنسان الباطنية والظاهرية ويحيط بالعلاقة التي تحكم الماضي والحاضر والمستقبل ولا يخطئ في تشخيصه للأحداث لأمكن القول بالاكتفاء بإدراكه وفهمه لكافة وقائع الحياة في هذا العالم والعالم الآخر، غير أنّ محدودية هذا الفهم والإدراكوضآلة المعاليم مقارنة بالمجاهيل (وهى المعاليم التي تتسم بالسعة والشمولية) لا تجعل من الصواب الاستناد إليها بمفردها.

طبعاً لا ننكر أنّ العقل هو حجة الله; الأمر الذي أكده الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة، بل تواترت الروايات التي صرّحت بأنّه «الرسول الباطني» حيث ورد في الحديث المروي عن الإمام


1. للوقوف على تفاصيل هذا الموضوع، انظر كتاب نفحات القرآن 4 / 440 فصاعداً.

[ 146 ]

الكاظم(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأمّا الحجة الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة(عليهم السلام) وأمّا الباطنة فالعقول»(1). مع ذلك فرسالة هذا الرسول الباطن محدودة، بينما ليست كذلك رسالة الرسول الظاهر الذي يستند إلى الوحي والعلم الإلهي المطلق. وبناءً على ما تقدم فقد اتضح الرد على البراهمة السوفسطائيين الذين يقولون: ما يأتي به الأنبياء لا يخرج عن حالتين: امّا أن يدرك العقول ما يقوله أو لا يدرك، فان أدركه العقل فلا حاجة للأنبياء، وإن لم يدركه فو ليس بمعقول ولا يمكن قبوله لأن الإنسان لا يقبل قبط ما لايعقل. والإشكال الذي يرد على هذا الاستدلال هو أن هؤلاء لم يفرقوا بين اللامعقول والمجهول، وكأنّهم تصوروا أنّ العقل يدرك جميع الأشياء، والحال لدينا تصنيف ثلاثي بشأن المواضيع المطروحة. فالمواضيع التي تعرض علينا إمّا أن تكن موافقة لحكم العقل أو مخالفة له أو مجهولة. ولا يسعنا هنا إلاّ أنّ نقول بكل تأكيد أن أغلب الموضوعات من قبيل القسم الثالث; أي هى من قبيل المجاهيل التي كرست رسالة الأنبياء وظيفتها في هذا المجال. أضف إلى ذلك فغالبنا ما يعترينا هاجس الخطأ والزلل في إدراكاتنا العقلية; ومن هنا برزت حاجتنا الملحة للأنبياء، وبعبارة اُخرى إلى تأييد العقل بالنقل الذي يسعه منحنا السكينة والاطمئنان في إدراكاتنا العقلية ويزيل الوساوس والهواجس ويأخذ بأيدينا إلى السبيل القويم.

 

4 ـ لا تخلو الأرض من حجة

لقد أكد الإمام علي(عليه السلام) على حقيقة اُخرى وهى عدم خلو الأرض من الحجة الإلهية الظاهرية أو الباطنية «ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة لازمة أو محجة قائمة» والطريف في كلام الإمام(عليه السلام) أنّه قرن الكتب السماوية بالأنبياء والحجج الإلهية والسيرة المعتبرة. نعم وراء كل كتاب سماوي نبي من أنبياء الله يكشف أسراره ويوضح معالمه ويبيّن أحكامه إلى جانب إجراءه وتنفيذ مفاهيمه، كما يواصل نهجه بواسطة سنته


1. أصول الكافي 1 / 16.

[ 147 ]

واستخلافه للوصي والإمام من بعده ليحفظ رسالته ويواصل نهجه. وهذه من أهم عقائدنا في هذا المجال، حيث ورد عن إمامنا الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «لو لم يبق في الأرض إلاّ اثنان لكان أحدهما الحجة»(1). وهو الأمر الذي أكده أمير المؤمنين(عليه السلام) في قصار كلماته: «اللّهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إمّا ظاهراً مشهوراً وإمّا خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته»(2).

 

5 ـ مميزات الأنبياء

إنّ الأنبياء الذين يبعثهم الله من أجل هداية الخلق ليسوا من قبيل الأفراد العاديين، بل يتصفون بجميع الخصال والمميزات اللازمة لقيامهم بوظيفتهم الرسالية الخطيرة ومنها البسالة والشجاعة الفائقة في ابلاغ الرسالة والصمود بوجه خصوم الدعوة من الأقوام الجاهلة والمعاندة والذود عن هذه الرسالة إلى حد الاستماتة والشهادة في سبيل تحقيق أهداف الرسالة. وهذا ما أشار إليه الإمام(عليه السلام)في تصدي الأنبياء لخصومهم والمكذبين والمستهزئين من أعدائهم; الأمر الذي يشاهد بوضوح في تاريخ الأنبياء ولاسيما خاتمهم المصطفى(صلى الله عليه وآله): «رسل لا تقصر بهم قلّة عددهم ولا كثرة المكذبين لهم». كما أكد القرآن الكريم على تحلي الأنبياء بصفتهم مبلغي الرسالات بهذه الصفة: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاّ اللّهَ)(3).

والذي يفهم من عبارة الإمام(عليه السلام) ـ كما صرّح بذلك صاحب منهاج البراعة ـ أن التقية لاتجوز على الأنبياء، ومن هنا يتضح بطلان ما نسبه الفخر الرازي للشيعة الإمامية من أنّها لا تجوّز على الأنبياء حتى إظهار الكفر تقية.(4) بل الأمر أبعد من ذلك لأنّ التقية حرام على الأئمة بل وحتى الأفراد العاديين في الحالات التي يتعرض فيها الدين للخطر، بعبارة اُخرى قد تكون التقية واجباً وقد تكون حراماً. فاذا كان تركها يؤدي إلى سفك الدماء دون حلها فهى واجبة،


1. الكافي 1 / 179.

2. نهج البلاغة، الكلمات القصار، 147.

3. سورة الأحزاب / 39.

4. منهاج البراعة 2 / 160.

[ 148 ]

كأن تقع جماعة من المسلمين في يد الأعداء بحيث يراق دمهم إذا أظهروا إسلامهم، فهنا يجب عليهم اخفاء دينهم كي لا يمكنوا العدو من قتلهم، في حين قد يؤدي اخفاء الدين والافصاح عن العقيدة أحياناً إلى ضعف المسلمين وذلتهم، ففي هذه الحالة يحرم على الأفراد كتم دينهم وعليهم أن يكشفوا عنها بكل شجاعة مهما كلف الأمر (وما واقعة كربلاء عنك ببعيد التي جسد فيها الإمام الحسين وصحبه الكرام حرمة التقية حفظاً للدين).

ولما كان كتم الأنبياء لمعتقداتهم يهدد أصل رسالتهم كانت وظيفتهم ترك التقية. جدير ذكره أنّ التقية ليست من المفاهيم التي تقتصر على الشيعة أو المسلمين فحسب، بل مفهوم من المفاهيم العقلائية الذي يدعو الإنسان إلى حفظ نفسه وعدم هدر دمه إذا لم يكن هناك من جدوى لابداء عقيدته.(1)

—–


1. راجع كتاب القواعد الفقهية 1 / 383، قاعدّة التقية للوقوف بصورة أشمل على مفهوم التقية وتقسيمها إلى الأحكام الخمسة (الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح) والآيات والروايات الواردة بهذا الشأن.

[ 149 ]

 

 

القسم الثالث عشر

 

«إِلَى أَنْ بَعَثَ اللّهُ سُبْحانَهُ مُحَمَّداً رَسُولَ اللّهِ(صلى الله عليه وآله) لاِِنْجازِ عِدَتِهِ وَإِتْمامِ نُبُوَّتِهِ مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِيماً مِيلادُهُ، وَأَهْلُ الاَْرْضِ يَوْمَئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَهْواءٌ مُنْتَشِرَةٌ وَطَرائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ، بَيْنَ مُشَبِّه لِلَّهِ بِخَلْقِهِ أَوْ مُلْحِد فِي اسْمِهِ أَوْ مُشِير إِلَى غَيْرِهِ فَهَداهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكانِهِ مِنَ الْجَهالَةِ ثُمَّ اخْتارَ سُبْحانَهُ لِمُحَمَّد(صلى الله عليه وآله) لِقاءَهُ وَرَضِيَ لَهُ ما عِنْدَهُ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ دارِ الدُّنْيا وَرَغِبَ بِهِ عَنْ مَقامِ الْبَلْوَى فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً(صلى الله عليه وآله) وَخَلَّفَ فِيكُمْ ما خَلَّفَتِ الاَْنْبِياءُ فِي أُمَمِها إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً بِغَيْرِ طَرِيق واضِح وَلا عَلَم قائِم».

—–

 

الشرح والتفسير

بزوغ شمس الإسلام

أشار الإمام(عليه السلام) في هذا القسم من الخطبة إلى أربعة اُمور:

1 ـ قضية بعثة نبي الإسلام محمد(صلى الله عليه وآله) وبعض خصائصه وصفاته وفضائله وعلائم نبوته.

2 ـ الوضع الذي كانت تعيشه الاُمّة أبان انبثاق الدعوة الإسلامية من حيث الانحرافات الدينية والعقائدية وانقاذها من تلك الظلمات بنور رسالة النبي(صلى الله عليه وآله).

3 ـ رحيل النبي(صلى الله عليه وآله) من الدنيا.

4 ـ الارث الذي خلفه النبي(صلى الله عليه وآله) للاُمّة (القرآن الكريم).

[ 150 ]

فقد قال(عليه السلام): «إلى أن بعث الله سبحانه محمداً(صلى الله عليه وآله) لانجاز(1) عدته واتمام نبوته(2)».

ثم أشار إلى شمة من فضائله والميثاق الذي أخذ من النبيين من قبله بالبشارة به «مأخوذاً على النبيين ميثاقه مشهورة سماته(3)، كريماً ميلاده» ولعل العبارة الأخيرة إشارة إلى كرامة آبائه وأجداده، أو بركات ولادته التي عمت أرجاء العالم، فقد صرّحت بعض السير التأريخية بتهاوي أوثان الكعبة وانطفاء نار المجوس وجفاف بحيرة ساوة التي كانت تحظى بعبادة بعض الناس وتهدم قصور بعض الجبابرة تزامناً مع الولادة الميمونة للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)وكل هذه الأحداث دلالة واضحة على بداية عصر جديد بانطلاقة شرارة التوحيد والوقوف بوجه كافة مظاهر الشرك والالحاد. ثم قال(عليه السلام): «وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة وأهواء منتشرة وطرائف متشتتة بين مشبه لله بخلقه أو ملحد في اسمه أو مشير إلى غيره».

«ملحد» من مادة «لحد» على وزن مهد بمعنى الحفرة الواقعة على جانب ومن هنا اطلق على مثل هذه الحفرة اسم اللحد، كما أطلق الالحاد على كل عمل يخرج عن حالة الاعتدال ويجنح نحو الإفراط والتفريط، ومن هنا نعتت الوثنية والشرك بالالحاد. وعليه فالمراد بقوله(عليه السلام): «ملحد في اسمه» هو ما أشرنا إليه سابقاً من نعت الأصنام بأسماء الله، على سبيل المثال كانوا يسمون أحد الأصنام باللات والآخر بالعزى والثالث بمناة، وهى الأسماء التي اشتقت على التوالي من أسماء الله والعزيز والمنان، أو أن يكون المراد منها اضفاء صفات الله على المخلوقين، ولا مانع من الجمع بين التفسيرين. ثم قال(عليه السلام): «فهداهم به من الضلالة وانقذهم بمكانه من الجهالة، ثم اختار سبحانه لمحمد(صلى الله عليه وآله) لقائه، ورضى له ما عنده، وأكرمه عن دار الدنيا ورغب به عن مقام البلوى»(4).


1. «انجاز» من مادة «نجز» على وزن رجز بمعنى الانهاء وتحقيق الشيء.

2. الضمير في (نبوته) يعود إلى النبي، أمّا الضمير في (عدته) ففيه احتمالان: أن يكون عائداً على الله أو عائداً على النبي، إلاّ أنّ الأول أنسب، وذلك لأن بعثة النبي كانت وعداً إلهياً وعد بها نبي الله إبراهيم الخليل(عليه السلام) وسائر الأنبياء، كما يحتمل أن يكون الضميران عائدين لله سبحانه.

3. «سماته» جمع «سمة» بمعنى العلامة.

4. إذا تعدت رغب بحرف في عنت الرغبة في الشيء والاقبال عليه، بينما تعنى العزوف عن الشيء والانصراف عنه، حيث يكون معنى العبارة أن الله لم يرد لنبيه أن يعيش صعاب الدنيا أكثر من هذا الحد، فقبضه من هذا العالم الدني ليضمه إلى جواره في العالم العلوي.

[ 151 ]

أجل فقد قبضه إليه قبض اختيار وكرامة «فقبضه إليه كريماً(صلى الله عليه وآله)» وقد ورث أمته ما ورثت الأنبياء من قبله اُممها «وخلف فيكم ما خلفت الأنبياء في اُممها» ـ فالأنبياء لم يتركوا اُممهم من بعدهم سدى، بل أضاءوا له معالم الطريق ونصبوا عليهم الحجج «إذ لم يتركوهم هملاً»(1) بغير طريق واضح ولا علم قائم». من البداهة أن يكون مراد الإمام(عليه السلام) من هذه العبارة ما ورد في حديث الثقلين الذي تواترت الروايات بشأنه حيث قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّي مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وقد نبأني اللطيف الخبير إنّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».(2)

وبالطبع فانّ الإمام(عليه السلام) واصل حديثه في بحث جامع عن كتاب الله (القرآن الكريم) إلاّ أنّه لم يتطرق إلى العترة، حيث تعرض بصورة مفصلة ـ كما سنشير لاحقاً ـ إلى العترة في عدّة خطب من نهج البلاغة. ولعل عبارته(عليه السلام): «علم قائم» في آخر كلامه إشارة إلى الأوصياء. على كل حال فان حرص الأنبياء على اُممهم لم يقتصر على حياتهم، بل كانوا قلقين على مستقبلهم إلى حد يفوق قلق الوالد الشفيق حال احتضاره على ولده الصغير; ومن هنا يتعذر تصور ترك الأنبياء لاممهم دون استخلافهم لأوصياءهم عليهم لكي لا تذهب مساعيهم في إرشاد الاُمّة وهدايتها أدراج الرياح.

 

تأمّلان

1 ـ الأديان قبل البعثة البنوية

لقد تضمنت عبارته(عليه السلام) إشارات مقتضبة عميقة المعنى بشأن أديان العرب وغير العرب في العصر الجاهلي وقبل البعثة النبوية. بحيث صرّح المؤرخون والمحققون بأنّ العرب وعلى غرار سائر الأقوام كانت تعيش عدّة أديان ومذاهب لا يحصى عددها إلى جانب الانحرافات والخرافات الجمة. وقد قال ابن أبي الحديد ـ الشارح المعروف لنهج البلاغة ـ بشأن أديان


1. «هملاً» من مادة «همل» على وزن حمل بمعنى ترك الشيء إلى جانب اهماله وعدم الاهتمام به.

2. راجع كتاب «نفحات القرآن» المجلد التاسع للوقوف على أسناد حديث الثقلين وتواتره عند علماء الفريقين.

[ 152 ]

العرب في الجاهلية: فأمّا الاُمّة التي بعث النبي محمد(صلى الله عليه وآله) فيها فهم العرب، وكانوا أصنافاً شتى، فمنهم معطلة ومنهم غير معطلة، فأمّا المعطلة منهم، فبعضهم أنكر الخالق والبعث والاعادة، وقالوا ما قال القرآن العزيز عنهم: (ما هِيَ إِلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاّ الدَّهْرُ)(1) فجعلوا الجامع لهم الطبع، والمهلك لهم الدهر. وبعضهم اعترف بالخالق سبحانه وأنكر البعث. وهم الذين أخبر سبحانه عنهم بقوله: (قالَ مَنْ يُحْيِ العِظامَ وَهِىَ رَمِـيمٌ)(2).

ومنهم من لا يطلق عليها لفظ الشريك، ويجعلها وسائل وذرائع إلى الخالق سبحانه، وهم الذين قالوا: (ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِـيُقَرِّبُونا إِلى اللّهِ زُلْفى)(3). وكان في العرب مشبهة ومجسمة، منهم أمية بن الصلت، وهو القائل:

من فوق عرش جالس قد حط رجليه إلى كرسيه منصوب وذهب بعض متكلمي المجسمة إلى أنّ البارئ تعالى مركب من أعضاء على حروف المعجم. وقال بعضهم: إنّه ينزل على حمار في صورة غلام أمرد، في رجليه نعلان من ذهب، وعلى وجهه فراش من ذهب يتطاير. وقال بعضهم: إنّه في صورة غلام أمرد صبيح الوجه، عليه كساء أسود، ملتحف به.(4)

وأمّا الذين ليسوا بمعطلة من العرب; فالقليل منهم، وهم المتألهون أصحاب الورع والتحرج عن القبائح كعبد الله، وعبد المطلب وابنه أبي طالب، وزيد بن عمرو بن نفيل، وقس بن ساعدّة الابادي، وعامر بن الظرب العدواني وجماعة غير هؤلاء.(5) أمّا البعض الآخر من شرّاح نهج البلاغة فقد صنفوا علماء العرب إلى عدّة طوائف منهم العارفين بالانساب، ومفسري الأحلام ومتخصصين في علم الأنواء (نوع من التنجيم المشوب بالخرافات) والكهنة الذين يوحون إلى الناس بأنّهم يخبرون عن مغيبات المستقبل. أمّا من غير العرب كان البراهمة الذين عاشوا في الهند ينكرون كافة الأديان ولا يؤمنون سوى بالأحكام العقلية. وطائفة اُخرى من عبدة الكواكب والشمس والقمر التي تمثل أنواعاً من الوثنية(6).


1. سورة الجاثية / 24.

2. سورة يس / 78.

3. سورة الزمر / 3.

4. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 227.

5. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 117.

6. شرح نهج البلاغة لابن ميثم 1/205.

[ 153 ]

وإلى جانب هذه الطائفة هناك اليهود والنصارى والمجوس. وقد شهدت كل طائفة منهم انحرافاً عقائدياً، فالمجوس قالت باله الخير والشر. وقد انطوت المجوسية ـ التي قد تكون في بدايتها منسوبة لبعض الأنبياء  ـ  على خرافات جمة حتى ذهب بعض المحققين إلى أنّهم يعتقدون باله الخير واله الشر الذين تقاتلا حتى تدخلت الملائكة فأصلحت ذات بينهما بشرط تفويض العالم السفلي لاله الشر مدّة سبعة آلاف سنة (ويفوض العالم العلوي لاله الخير).(1)

بينما ابتليت النصرانية بالتثليث (الأقانيم الثلاث) كما حرفت اليهود كتاب التوراة وشحنته بالانحرافات والخرافات التي لا يسعنا الخوض فيها في هذه الابحاث. فقد أوجز الإمام جميع هذه الطوائف في ثلاث: الاولى: المشبهة التي جعلت لله شريكاً، كالمجوس والنصارى، أو أولئك الذين يجعلون لله صفات المخلوقين كاليهود. الثانية: أولئك الذين عدلوا باسمه إلى غيره كأغلب الوثنيين الذين أسموا أوثانهم بأسماء الله سبحانه فجعلوهم شفعائهم عند الله. الثالثة: أولئك الذين عبدوا غير الله كالدهرية التي تعتقد بأنّ الطبيعة هى خالقة الوجود، أو عبدة الأصنام والكواكب والشمس والقمر التي ترى الاصالة للكواكب والأصنام; أي تراها هى الله.

أجل لقد بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) في ظل هذه الأوضاع ليحمل مشعل الهداية ويضيء الظلمات بنور القرآن. لقد أتى رسول الله(صلى الله عليه وآله) تلك الاُمم بأسمى مفاهيم التوحيد وأعظم المعارف والعلوم وأرصن الصفات الإلهية، حيث جاءهم بالحنيفية السمحاء الخالية من الأساطير والخرافات والانحرافات التي سادت سائر الأديان، ولم تهدف قوانينه وتعاليمه سوى إلى حماية المحرومين والمستضعفين وبسط العدل والقسط وحتى أوجز القرآن الكريم وظيفته في انقاذ الاُمّة من الضلال المبين وتعليمها الحكمة وتهذيب نفوس أبناءها: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّـيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَـفِي ضَلال مُبِين)(2).

نعم لقد ظهرت معالم الدين الحق بظهور هذا النبي الكريم وانهارت الأساطير والخرافات


1. شرح نهج البلاغة لابن ميثم، 1 / 206.

2. سورة الجمعة / 2.

[ 154 ]

لتشهد البشرية عصرها الجديد; الحقيقة التي أذعن لها الأعداء فضلاً عن الأصدقاء والفضل ما شهدت به الأعداء. فقد تناول الكاتب الانجليزي المعروف «برناردشو» هذا الأمر ليصف دين محمد بأنّه الدين الوحيد الذي يصلح لقيادة البشرية ويتكيف مع حياتها على مدى التأريخ بحيث يسعه استقطاب جميع الشعوب والأقوام، كما ذهب إلى القول بأن محمد منقذ البشرية جمعاء ولو قدر لزعيم على غراره أن ينهض بقيادة العالم اليوم لتغلب على كافة المشاكل التي تعاني منها الإنسانية ولقادها إلى السعادة والسلام، فمحمد أكمل إنسان عرفه الماضي والحاضر ولا يتصور أن يجود الزمان بمثله في المستقبل.(1)

 

2 ـ آفاق الأنبياء المستقبلية

يستفاد من عبارات الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة أن تفكير الأنبياء والرسل لا يقتصر على عصرهم، بل يفكرون بمستقبل الاُمّة ومصيرها بعد وفاتهم، ومن هنا جهدوا في تبيين كل مامن شأنه هدايتهم في المستقبل، فلم يألوا جهداً في إضاءة معالم الطريق وبيان سبل النجاة. ولا شك أن نبي الإسلام لم يكن بدعا من الرسل في هذا الشأن. أو يمكن تصور تركه للاُمّة بعد رحيلها عنها؟ أفكان يسعه وداع الاُمّة وايكالها إلى نفسها دون دليل على الطريق؟ أو ليس حديث الثقلين المتواتر لدى الشيعة والسنة والذي قال فيه: «إنّي مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» نموذج من نماذج إضاءة الطريق للاُمّة من بعده وصونها من اللبس والانحراف؟

—–


1. في ظلال نهج البلاغة 1 / 63.

[ 155 ]

 

 

القسم الرابع عشر

 

«كِتابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ: مُبَيِّناً حَلالَهُ وَحَرامَهُ وَفَرائِضَهُ وَفَضائِلَهُ وَناسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ وَرُخَصَهُ وَعَزائِمَهُ وَخاصَّهُ وَعامَّهُ وَعِبَرَهُ وَأَمْثالَهُ وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشابِهَهُ، مُفَسِّراً مُجْمَلَهُ وَمُبَيِّناً غَوامِضَهُ، بَيْنَ مَأْخُوذ مِيثَاقُ عِلْمِهِ وَمُوَسَّع عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِهِ وَبَيْنَ مُثْبَت فِي الْكِتابِ فَرْضُهُ وَمَعْلُوم فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ وَواجِب فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ وَمُرَخَّص فِي الْكِتابِ تَرْكُهُ وَبَيْنَ واجِب بِوَقْتِهِ وَزائِل فِي مُسْتَقْبَلِهِ وَمُبايَنٌ بَيْنَ مَحارِمِهِ مِنْ كَبِير أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرانَهُ أَوْ صَغِير أَرْصَدَ لَهُ غُفْرانَهُ وَبَيْنَ مَقْبُول فِي أَدْناهُ مُوَسَّع فِي أَقْصاهُ».

—–

 

الشرح والتفسير

خصائص القرآن

لقد بحثت أهمية القرآن الكريم وعظمته كراراً ومراراً في خطب نهج البلاغة بحيث تناولت كل خطبة جانباً من الجوانب القرآنية.

وقد أشار الإمام(عليه السلام) بشكل جامع إلى شمولية القرآن وخطوطه العريضة في هذه العبارات، فقد هدف الإمام(عليه السلام)لبيان حقيقة مهمّة وهى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله)رحل عن الاُمّة بعد أنّ ورثها كتاب الله الذي نظم جميع شؤون حياة الاُمّة المادية والمعنوية; الفردية والاجتماعية في كافة الميادين والمجالات; فقد قال(عليه السلام): «كتاب ربّكم فيكم»(1) ثم أشار(عليه السلام)إلى أربعة عشر نقطة بشأن شمولية القرآن وخصائصه:


1. كتاب منصوب بصفته عطف بيان للحرف مافي الجملة (خلف فيكم ما خلفت الأنبياء) أو أنّه مفعول لفعل تقديره (خلف) أو (أعنى).

[ 156 ]

1 ـ اتضاح الحلال والحرام والواجب والمستحب «مبيناً حلاله وحرامه وفرائضه وفضائله». والعبارة إشارة إلى الأحكام الإسلامية الخمس المعروفة، فالفرائض إلى تشيرالواجبات، والفضائل إلى المستحبات، والحرام إلى المحرمات وأخيراً الحلال الذي يشمل المباحاة والمكروهات.(1)

2 ـ بيان الناسخ والمنسوخ «وناسخه ومنسوخه».

المراد بالناسخ والمنسوخ الأحكام الجديدة التي تزيل الأحكام القديمة والتي تقتصر على عصر الرسالة حين نزول الوحي الذي كان يعني إمكانية تغيير الأحكام. فبعض الأحكام وإن كانت مطلقة في ظاهرها، غير أنّها مقيدة باطنياً ومختصة بزمان معين، فاذا انتهى ذلك الزمان نفد حكمها بحكم جديد آخر يطلق عليه اسم الناسخ من قبيل التصدق قبل مناجاة النبي(صلى الله عليه وآله): (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)(2). فقد كان هذا الأمر امتحاناً للمسلمين لم يعمل به سوى أمير المؤمنين(عليه السلام) حتى نسخ بقوله تعالى: (أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْواكُمْ صَدَقات فَإِذ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِـيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِـيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(3).

3 ـ «ورخصه وعزائمه». فلعل هذه العبارة إشارة إلى ما تعارف اليوم في علم الفقه والأصول بأن حكم الواجب أو الحرام إذا رفع قد يستبدل بحكم الاباحة كقوله: (وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(4). فمن المسلم به أنّ الصيد ليس واجباً بعد الخروج من الاحرام، بل مباح، وأحياناً يستبدل بحكم ضده، كقوله: (وَ إِذا ضَرَبْتُ فِي الأَرضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)(5) ومعلوم أنّ صلاة القصر في السفر واجبة ليست مباحة، فيقال للاولى


1. وردت كلمة «مبيناً» بصيغة اسم الفاعل وهى حال لفاعل خلق (أي الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)) والضمير في حلاله وحرامه و.. يعود على القرآن بينما ذهب بعض شرّاح النهج إلى أن مبيناً وسائر الأوصاف التي وردت لاحقاً من قبيل مفسراً هى حال لكتاب الله، والضمائر في حلاله وحرامه و... تعود إلى كتاب الله أو ربّكم، إلاّ انّ القول الأول أنسب.

2. سورة المجادلة / 12.

3. سورة المجادلة / 13.

4. سورة المائدة / 2.

5. سورة النساء / 101.

[ 157 ]

رخصة وذلك لجواز طرفي العمل ويقال للثانية عزيمة حيث يجب على المكلف جزم عزمه بالعمل. وهنالك إحتمال آخر في تفسير هاتين المفردتين، كأن يكون المراد بالرخص الأحكام الواجبة أو المحرمة التي استثنيت في بعض الموارد من قبيل قوله: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغ وَلا عاد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)(1). أمّا العزائم فهى الأحكام التي لا سبيل إلى الاستثناء اليها، كقوله: (وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(2).

4 ـ «وخاصه وعامه»، فالخاص هو الحكم الذي لا يشمل كافة المسلمين كحكم الحج الذي يختص بمن له الاستطاعة (وَلِلّهِ عَلى النّاسِ حِـجُّ البَـيْتِ مَـنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِـيلاً)(3)والعام هو الحكم الذي يشمل جميع المسلمين كاقامة الصلاة (وأقيموا الصلاة). وقيل أيضاً بأ المراد بالخاص الآيات التي لها ظاهر عام غير أنّ المراد بها حالة خاصة كآية الولاية: (إِنَّما وَلِـيُّـكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِـيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(4). حيث نعلم بوجود مصداق واحد لهذه الآية فقط وهو أمير المؤمنين علي(عليه السلام).

أمّا العام فيراد به الآيات ذات العموم والتي تشمل الجميع كقوله عز وجل: (وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمْا)(5).

5 ـ «وعبره وأمثاله»، عبر من مادة عبرة وقد اشتقت من العبور، ولذلك يصطلح بالعبرة على الحادثة التي تعرض للإنسان ويتخطاها، والقرآن الكريم مليء بالدروس والعبر بشأن تواريخ الأنبياء والأمم السالفة حيث تتضمن كل حادثة من تلك الحوادث المعاني والدروس للقيمة التي تستفيدها البشرية في مسيرتها الحياتية.

أمّا الأمثال فقد تكون إشارة إلى الأمثال التي وردت في القرآن الكريم بتلك الكثرة من قبيل: (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَـيِّبَةً كَشَجَرَة طَـيِّبَة)(6)، كما يمكن أن تكون إشارة إلى بعض


1. سورة البقرة / 173.

2. سورة النساء / 36.

3. سورة آل عمران / 97.

4. سورة المائدة / 55.

5. سورة المائدة / 38.

6. سورة إبراهيم / 24.

[ 158 ]

الأفراد الذين أصبحت سيرتهم وحياتهم مثلاً يحتذى به كقوله عز من قائل: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَك َ بَيْتاً فِي الجَنّـةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِـينَ)(1).

6 ـ كما بيّن القرآن أحكام المطلق والمقيّد «ومرسله ومحدوده» فالمطلق الأحكام التي بيّنت دون قيد أو شرط كقوله سبحانه: (وَأَحَلَّ اللّهُ البَيْعَ)(2) وأمّا المقيد فهو الحكم الذي وضعت له بعض القيود والحدود كقوله: (تِجارَةً عَنْ تَراض مِنْكُمْ)(3).

ومن الواضح أنّ الجمع بين المطلق والمقيّد يتطلب منا تقييد المطلق بواسطة المقيّد، ففي المثال المذكور لا تصح المعاملة إلاّ بتراضي الطرفين. ويمكن أن يكون المراد بالمطلق الأحكام الخالية من القيود والشروط، في حين الأحكام المقيّدة هى الأحكام المحدّدة بالقيود والشروط من قبيل كفارة القسم التي جاء فيها (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة)(4)، بينما جاء في كفارة القتل الخطأ (فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة)(5).

7 ـ «ومحكمه ومتشابهه». فالمراد بالمحكم الآيات الواضحة الدلالة التي لا تحتمل سوى وجه واحد كقوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ) بينما تحتمل الآيات المتشابهة عدّة وجوه، وإن أمكن بيانها من خلال سائر الآيات القرآنية كقوله: (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(6) حيث يزال ابهام هذه الآية وغموضها من خلال الآيات التي نزهت الله عن المكان والزمان والجهة والجسم والرؤية وما إلى ذلك كقوله: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ)(7).

8 ـ من الخصائص الاُخرى هى بيان لمجمل القرآن وغوامضه من خلال السنّة النبوية «مفسراً مجمله ومبيناً غوامضه». فالمجمل الآيات التيى تأمر باقامة الصلاة ولم تشر إلى أركانها وعدد ركعاتها فيقوم النبي(صلى الله عليه وآله) بشرحها، أمّا المراد بالغوامض الحروف القرآنية المقطعة