2. سورة البقرة / 275.

3. سورة النساء / 29.

4. سورة المائدة / 89 .

5. سورة النساء / 92.

6. سورة القيامة / 23.

7. سورة الانعام / 103.

[ 159 ]

والتي بيّنت بواسطة الأحاديث النبوية. ولعل الفارق بين الغوامض والمتشابهات هو أن المتشابهات تنطوي على معان ومفاهيم للوهلة الاولى بينما يكتنف الاولى الابهام كالمثال السابق.

9 ـ هناك بعض الحقائق القرآنية التي أخذ الميثاق على معرفتها ولا يعذر أحد بجهلها في حين يعذر في بعضها الآخر: «بين مأخوذ ميثاق علمه وموسع على العباد في جهله» فالحقائق التي لا يعذر أحد بجهلها من قبيل آيات التوحيد والصفات الإلهية التي تجب معرفتها على جميع المؤمنين، والثانية من قبيل الذات الإلهية التي ليس لأحد من سبيل إلى معرفتها وكذلك مسألة المعاد والقيامة التي ينبغي الإيمان بها، في حين ليست هنالك من ضرورة للإلمام بالتفاصيل المتعلقة بالجنّة والنار.

10 ـ وهناك بعض الأحكام القرآنية المختصة بزمان معيّن والتي نسختها السنّة النبوية «وبين مثبت في الكتاب فرضه ومعلوم في السنّة نسخه» من قبيل عقاب المرأة المحصنة بالحبس المؤبد إذا ارتكبت فاحشة الزنا (وَالـلاّتِي يَأْتِـينَ الفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِـيلاً)(1) ثم نسخت السنّة النبوية هذا الحكم بالأحاديث التي وردت في باب رجم المحصنة.

11 ـ الآيات الناسخة للسنّة بشأن بعض الأحكام التي صرّحت السنّة بالعمل بها بينما أجازت الآيات القرآنية تركها «وواجب في السنّة أخذه ومرخص في الكتاب تركه» من قبيل حكم الصوم في بداية التشريع حيث لم يكن يسع الصائم الافطار سوى أوائل الليل، فاذا نام وأفاق لم يجز له تناول شيء من المفطرات، غير أن هذه السنّة النبوية نسخت فيما بعد بالآية القرآنية الشريفة: (... وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ)(2).

12 ـ الأحكام الواجبة لبعض الأوقات «وبين واجب بوقته وزائل في مستقبله»


1. سورة النساء / 15.

2. سورة البقرة / 178.

[ 160 ]

فالعبارة تشير إلى الواجب المؤقت وغير المؤقت; الواجب المؤقت من قبيل صوم شهر رمضان وارتفاعه في غير هذا الشهر، خلافاً للتكاليف الدائمية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحق والعدل الواجبة على الدوام(1). وذهب البعض إلى أنّ العبارة تشير إلى بعض الواجبات كالحج الذي يجب على المكلف لمرة واحدة في العمر ثم يزول، واستدلوا على ذلك بالهجرة التي وجبت على المسلمين في بداية انبثاق الدعوة الإسلامية ـ حيث كان المسلمون يعيشون حالة من المحدودية ـ ثم زال هذا الوجوب بعد فتح مكة، وإن كانت الهجرة على حالها إلى يومنا هذا في المناطق التي تشهد الحالة المكية قبل الهجرة.

13 ـ فرز أنواع المحرمات عن بعضها وبيان كل واحدة منها في إشارة إلى الكبائر التي توعد الله مرتكبيها والصغائر التي وعد بمغفرتها «ومباين(2) بين محارمه من كبير أوعد عليه نيرانّه أو صغير أرصد له غفرانه» فالكبائر من قبيل الشرك وقتل النفس التي صرّحت الآيات القرآنية بتوعد مرتكبيها بالعذاب، فقد ورد في الآية 72 من سورة المائدة بخصوص الشرك (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْواهُ النّارُ ) وفي الآية 93 من سورة النساء بشأن قتل النفس (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فيها) وأمّا الصغائر فمن قبيل اللمم الواردة في الآية 32 من سورة النجم (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثْمِ وَالفَواحِشَ إِلاّ اللَّـمَمَ)حيث ذهب بعض المفسرين إلى أنّ المراد باللمم انعقاد النية على المعصية دون الإتيان بها أو المعاصي عديمة الأهمية.

14 ـ الأعمال التي يقبل القليل منها وورد الحث على كثيرها «وبين مقبول في أدناه، موسع في أقصاه». فالعبارة تشير إلى الأعمال التي ورد التأكيد على الإتيان بقليلها وللاُمّة الاتيان بالمزيد.

وقد استدل بعض شرّاح نهج البلاغة على ذلك بتلاوة القرآن(فَاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ)(3). فقراءة اليسير من القرآن مؤكدة وترك للناس قراءة الكثير (وهذا ما نلمسه


1. هناك محذوف في هذه العبارة، ففي الحالة الثانية يكون تقدير العبارة كالآتي: «وبين ما يكون واجباً دائما».

2. مباين خبر لمبتدأ محذوف تقير الجملة هو مباين، والضمير هو يعود إلى الكتاب، وهنالك إحتمال آخر إلاّ أنّ الذي أوردناه هو الأنسب.

3. سورة المزمل / 20.

[ 161 ]

بوضوح في أواخر سورة المزمل). وبالمقابل هنالك الأحكام الإلزامية التي لا يسير ولا كثير فيها من قبيل صوم شهر رمضان، حيث يلزم المكلف بصوم شهر معيّن دون زيادة أو نقيصة (الآيات 183 إلى 185 من سورة البقرة).

 

تأمّلات

1 ـ شمولية القرآن

المسألة الاولى التي تطالعنا في كلام الإمام(عليه السلام) شمولية القرآن الكريم، أو بعبارة اُخرى اعجاز القرآن من حيث المضمون; لأن خاض من خلال النقاط الأربعة عشر بشأن القرآن في تفاصيله الدقيقة وتنوع مضامينه على جميع المستويات في إطار تلبيته لمتطلبات الإنسان و احتياجاته من حيث الاُمور العقائدية والقضايا العلمية والأخلاقية والأحكام الواجبة والمحرمة والعلاقة القائمة بين القرآن والسنة والأحكام الثابتة والمؤقتة والعام والخاص والمطلق والمقيّد والناسخ والمنسوخ، حيث يفيد تأمل هذه الاُمور مدى حساسية المضامين القرآنية المدروسة والتي تنسجم ومتطلبات الإنسانية. فالمضامين الرصينة الدقيقة والعميقة المتنوعة والشاملة ـ كما أشرنا إلى ذلك في بحث اعجاز القرآن ـ تمثل أحد أبعاد اعجاز القرآن فأدنى لإنسان اُمي تربى في وسط الجهل والظلام أن يأتي بمثل هذا الكتاب مكتفياً بما يمليه عليه فكره دون الاستناد إلى فيوضات الغيب والوحي; الكتاب الذي غص بالدروس والعبر والأمثال الرائعة البليغة والأحكام الجامعة والمعارف الجمة العميقة. والطريف في الأمر أنّ الإمام(عليه السلام)بهذا البيان القصير قد استعرض دورة جامعة في الاُصول الفقهية وأشار إلى موضوعات واسعة لم تتكامل في علم الاُصول إلاّ بعد قرون طويلة، ثم فصل الأحكام عن بعضها البعض ليميط اللثام عن القواعد المتعلقة بالحلال والحرام والناسخ والمنسوخ والرخصة والعزيمة والخاص والعام والمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه والمجمل والمبين والمؤقت وغير المؤقت والواجب والمستحب المؤكد والمستحب غير المؤكد.

 

2 ـ من عنده علم الكتاب؟

يفهم من عباراته(عليه السلام) أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) موظف بتبيين بعض مجملات القرآن الكريم وإزالة

[ 162 ]

غوامضه بما لا يدع لأحد من مجال للشك، ولهذا قال القرآن المجيد: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)(1). قد يقتدح في الأذهان سؤالاً: كيف يحتاج القرآن إلى تفسير مجمله وإزالة غوامضه وتبيين مبهمه وقد نزل هداية للناس ولابدّ للعامة من فهمه وإدراكه؟

وللإجابة على هذا السؤال لابدّ من الالتفات إلى أمرين:

الأول: إن القرآن بفضله يتضمن سلسلة من القوانين والأحكام الإسلامية لا يسعه أن يخوض في التفاصيل، فهو يشير إلى هذه القوانين على نحو العموم بينما يفوض شرحها والخوض في تفاصيلها إلى النبي(صلى الله عليه وآله). على سبيل المثال فقد وردت أحكام الصلاة والحج والصوم وبعض كلياتها في القرآن الكريم، ونعلم جميعاً أنّ هذه العبادات تشتمل على شرائط واركان وفروع كثيرة يحتاج شرح كل ركن منها إلى كتاب مستقل، بل هناك الاُمور التي تتطلب عدّة مجلدات من قبيل الاُمور المرتبطة بالمعاملات والقضاء والحدود والشهادات والسياسات الإسلامية بصورة عامة.

الثاني: أنّ حاجة الاُمّة للنبي(صلى الله عليه وآله) في تبيين المبهمات وتفسير المجملات تؤدي إلى تعزيز إرتباطها بالسنّة النبوية; الارتباط الذي يهديها وينير معالم طريقها في جميع الميادين، وبعبارة اُخرى فان القرآن ليس بدعاً من الكتب التي يتطلب فهم بعض مواضيعها من قبل الطلاب وجود المعلم، الذي يسعه ايضاح الحقائق لتلامذته من خلال الرابطة السائدة بينهما. وهنا يبدو هذا السؤال: هل يوجد مثل هذا المعلم الإلهي في الوسط الإسلامي بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)أم لا؟ لاشك. لابدّ أن يستمر وجود مثل هذا المعلم وإلاّ بقيت المشاكل على حالها دون حل وبيان. ومن هنا اعتقدت الشيعة بوجود الإمام المعصوم في كل عصر والذي لديه علم الكتاب، وهذا ما يراد بالعترة الواردة في حديث الثقلين المتواتر المروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والتي أشار إلى امتناع مفارقتها للكتاب إلى يوم القيامة، فقال(صلى الله عليه وآله): «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»(2).


1. سورة الحشر / 7.

2. لقد ورد هذا الحديث بعدة تعابير في مصادر الشيعة والسنّة، فراجع احقاق الحق، 9 / 309 ـ 375; بحار الانوار 23 / 118، 132، 133، 134، 155; رسالة الثقلين 9.

[ 163 ]

3 ـ معيار التمييز بين الكبائر والصغائر

هناك اختلاف بين العلماء بشأن الكبائر والصغائر. فقد اعتبرهما البعض من قبيل الاُمور النسبية التي تخضع للمقارنة في أهميتها، فما كانت أهميتها كبيرة فهى من الكبائر وما كانت أهميتها صغيرة فهى من الصغائر (وقد نسب المرحوم الطبرسي في مجمع البيان هذا القول إلى الشيعة، ويبدو أنّه أراد بعض علماء الشيعة، لأنّ أغلبهم يرى غير ذلك كما سنشير لاحقاً). وقال البعض الآخر أنّ الكبيرة كما يتضح من اسمها هى المعصية الكبيرة حقاً والتي تحظى بأهمية لدى الشرع والعقل كقتل النفس وغصب حقوق الآخرين والربا والزنا ـ ولعل هذا هو الدليل الذي جعل الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) تصرح بأنّ المعيار في الكبائر هو الوعيد بالعذاب الإلهي على ارتكابها، فقد جاء في الحديث المعروف الذي روي عن الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الرضا(عليه السلام) انّه قال: «الكبائر التي أوجب الله عز وجل عليها النار»(1) ويتضح ممّا مر معنا أنّ الصغائر ماليست لها مثل هذه الأهمية. وقد وردت بعض الأحاديث التي أشارت إلى أنّ الكبائر سبع وقيل عشرون.

 

4 ـ الناسخ والمنسوخ وفلسفتهما

لعل هذين الحكمين يثيران الجدل والذهول لدى أغلب الناس وتعجبهم من كيفية اشتمال القرآن على الآيات الناسخة والمنسوخة (فالمراد باناسخ والمنسوخ هو الحكم الذي يلغي حكماً آخر من قبيل استقبال الكعبة في الصلاة التي نسخت حكم استقبال بيت المقدس في الصلاة). وقد تزول هذه الدهشة والذهول بالنسبة للناسخ والمنسوخ في القوانين الوضعية التي يشرعها أفراد البشر; لأهم قد يسنون اليوم قانوناً ويكتشفون غداً بعض أخطائه فيعمدون إلى نسخه، ولكن ما بال القوانين التي يشرعها الحكيم سبحانه؟

يمكن خلاصة الإجابة على السؤال المذكور في جملة واحدة وهى أنّ علم الله المطلق لا يعتريه التغيير قط، غير أنّ بعض الموضوعات تتغير بمرور الزمان. على سبيل المثال قد يكون


1. تفسير نور الثقلين 1 / 473.

[ 164 ]

هناك دواء هو شفاء لمرض اليوم، إلاّ أنّه قد يصبح خطراً ومضاعفاً لذلك المرض بعيد مدّة من الزمان. فالطبيب ينصح المريض باستعمال ذلك الدواء إلاّ أنّه ينسخه فيما بعد ويحظر استعماله على المريض. ويصدق هذا الكلام في الاُمور الدينية على القبلة مثلاً. فقد تنطوي الصلاة إلى بيت المقدس يوماً على منافع ومصالح معينة إذا كانت الكعبة بؤرة للأصنام والأوثان واتخذت لنفسها بعداً قومياً بحيث يدعو استقبالها في الصلاة أبان انبثاق الدعوة الإسلامية إلى بعض المشاكل، في حين تنتفي هذه المشاكل بالصلاة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس. بينما تتحول الكعبة إلى مركز للتوحيد بعيد الهجرة إلى المدينة فتنطوي الصلاة إلى جانبها على مصالح جمة وتنعدم الأضرار.

فالواقع هو أنّ أغلب أحكام النسخ من هذا القبيل; وبالطبع فانّ مباحث النسخ واسعة جداً لا يسعها المقام ولذلك نكتفي بهذه الإشارة العابرة إلى فلسفة النسخ.(1)

 

5 ـ تأريخ الاُمم الماضية والأمثال القرآنية

يشغل تأريخ الاُمم السابقة ولا سيما أنبياء الله حيزاً مهما من القرآن الكريم المفعم بالدروس والعبر والتجارب القيّمة التي تحتذيها البشرية في كل عصر ومصر; الأمر الذي جعل القرآن يتابع حركة الأنبياء في مختلف السور ويسلط الضوء على تأريخ أحدهم أحياناً (كسرده لوقائع النبي إبراهيم ونوح وموسى وعيسى(عليهم السلام)) ويكرر قصته في أكثر من سورة، وبالطبع لا نرى كلمة التكرار مناسبة هنا حيث إنّ القرآن يعرض لزاوية من زوايا هذه القصص في كل مرة، فقد قال عز من قائل: (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِـهِمْ عِبْرَةٌ لاُِولِي الأَلبابِ)(2). وأحياناً أبعد من ذلك واضافة إلى التأريخ يدعو البشرية لتأمل آثار الأقوام السابقة والذي يعتبر بحد ذاته نوعاً من أنواع التأريخ التكويني والحي (قُلْ سِـيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِـبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ)(3).


1. راجع تفسير الأمثل 1 / 390 ذيل الآية 106 من سورة البقرة.

2. سورة يوسف / 111.

3. سورة الروم / 42.

[ 165 ]

وإلى جانب القصص والتأريخ فقد درج القرآن على استعمال الأمثال بغية هداية الناس; وقد تكون هذه الأمثال نماذج حية واقعية مستقاة من حياة بعض الأفراد تارة، وتارة اُخرى تشبيهات بالاُمور الطبيعية في عالم النبات والحيوان وما شاكل ذلك. وقد انطوت هذه الأمثال على جمالية وروعة في الدقة والتصوير بحيث غدت من معاجز القرآن التي يقود التأمل فيها والتدبر إلى العودة إلى العقل والرشد (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِي هـذا القُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(1).

ومن هنا أشار الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة إلى شمولية القرآن الكريم مؤكداً على تدبر قصصه وأمثاله.

—–


1. سورة الزمر / 27.

[ 166 ]

[ 167 ]

 

 

القسم الخامس عشر

 

«وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلاَْنامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الاَْنْعامِ وَيَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ وَجَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلامَةً لِتَواضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَإِذْعانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَاخْتارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمّاعاً أَجابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَوَقَفُوا مَواقِفَ أَنْبِيائِهِ وَتَشَبَّهُوا بِمَلائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الاَْرْباحَ فِي مَتْجَرِ عِبادَتِهِ وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحانَهُ وَتَعالَى لِلاِْسْلامِ عَلَماً وَلِلْعائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حَقَّهُ وَأَوْجَبَ حَجَّهُ وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفادَتَهُ فَقالَ سُبْحانَهُ: (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)».

—–

 

الشرح والتفسير

أهمية فريضة الحج

لا يعلم أي الأحكام الدينية أشار إليها الإمام(عليه السلام) بعد بيانه لخصائص القرآن، لأننا نعلم بأنّ السيد الرضي ـ جامع نهج البلاغة ـ لم يروم ذكر خطبه(عليه السلام) بصورة كاملة بقدر ما كان يختار منها بعض القطوف، مع ذلك فان التأكيد على فريضة الحج من بين سائر الفرائض الإسلامية المختلفة والفردية وفي خطبة تكفلت بالحديث عن بداية نشوء الخليقة والمراحل المختلفة لسير الإنسان منذ انطلاقته حتى انبثاق الدعوة الإسلامية بظهور خاتم الأنبياء محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله)إنّما يتضمن معناً ومفهوماً خاصاً، كما يفيد أن حج بيت الله الحرام يمثل عصارة الفكر الإسلامي وشموليته للمسائل المهمّة الفردية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية والسياسية، وهذا ما سنتطرق إليه في آخر البحث. ونخوض الآن في تفسير هذا القسم من الخطبة:

[ 168 ]

فقد أشار الإمام(عليه السلام) في البداية إلى مسألة وجوب الحج، حيث اعتمد عبارات في غاية الروعة واللطافة بغية حث المسلمين على أداء هذه الفريضة الإلهية العظيمة، فقال(عليه السلام): «وفرض عليكم حج بيته الحرام» ثم كشف عن صفة هذا البيت بقوله «الذي جعله قبلة للأنام»(1) فهى القبلة التي يتجه إليها المسلمون في صلواتهم اليومية على أنّها رمز وحدة جميع المسلمين الذين ينظمون صفوفهم في الاتجاه اليها. ثم يتطرق(عليه السلام) إلى وصف الشعائر والمراسم التي يؤديها عشاق الحق فيشبههم(عليه السلام) بالعطاش الذين يردون على الماء العذب والطيور التي تبحث عن الملاذ «يردونه(2) وورود الانعام ويألهون(3) إليه ولوه الحمام(4)».

حقاً أنّ من أدرك معنى الحج فانّه يرد البيت على هذه الشاكلة فتكاد روحه وقلبه تسبقه إلى البيت فيعيش الوفادة عليه بكل كيانه ويستعيد به من شر الشياطين وأهواء النفس وتبعات الذنوب فيلبي دعوة الحبيب ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق في أجواء الكعبة التي تفيض بالمعنويات. أمّا التشبيه بالانعام فلعله إشارة إلى التواضع المطلق الذي يستشعره الحجاج تجاه بيت الله أو حالة الاضطراب حين الاقبال على الكعبة والطواف، أمّا التعبير بالحمام فذلك لأنّه يرمز إلى الحب والسلام والوئام.

جدير بالذكر أنّ مراسم الحج تستهل بالاحرام والتلبية التي تفيد اجابة الدعوة الإلهية، فالله سبحانه قد دعى زوار بيته الحرام للضيافة وقد تقاطر عليه الضيوف بقلوب مفعمة بالعشق لتعيش القرب الإلهي وهم يلمسون معاني الورع والتقوى والانس بالمحبوب. ثم


1. «أنام» فسرها البعض بالناس، والبعض الآخر بالموجودات العاقلة التي تعيش على الأرض من الإنس والجن. وعلى ضوء التفسير الأول يصبح مفهوم العبارة اختصاص القبلة بالناس، بينما تكون قبلة الانس والجن حسب التفسير الثاني. وقيل هى مشتقة من مادة ونام بمعنى الصوت ثم اطلقت فيما بعد على جميع الكائنات الحية ولا سيما الانس والجن (تاج العروس، مادة أنم).

2. «يردون» من مادة «ورود» بمعنى دخول الحيوانات على حياضها عند عطشها ثم اطلق على كل دخول لمكان.

3. «يألهون» من مادة «ألَه، ألوهاً» بمعنى العبادة. بناءً على هذا يألهون بمعنى يعبدون، كما قيل إنّ مادته تعني الحيرة; لأنّ الإنسان يتحير حين يفكر في ذات الله وصفاته. وقيل أصله (وله) وقد استدلت واوه بالهمزة (ويؤيد هذا المعنى ورود كلمة الولوه في العبارة بصيغة المفعول المطلق) والوله بمعنى التضرع بلهفة.

4. «الحمام» بالفتح بمعنى الطيور والحمام بالكسر بمعنى الموت، وقد أريد المعنى الأول في العبارة (أي الحمام بالفتح).

[ 169 ]

خاض(عليه السلام) في جانب من الجوانب الفلسفية لشعيرة الحج فقال: «وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته واذعانهم لعزته». فأعمال الحج من مناسك ومراسم إنّما تشتمل على أفعال غاية في التواضع لعظمة الله قلما نجد نظيرها في سائر الشعائر العبادية. وهذا ما يتجسد بوضوح في الاحرام والتخلي عن اللباس الفاخر والاكتفاء بثياب الاحرام البيضاء غير الموصولة والطواف في الكعبة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف على جبل عرفة والتوقف في منى والمشعر الحرام ورمي الجمرات والتقصير ما إلى ذلك من الأعمال التي تحطم ما تعيشه النفس البشرية من غرور وكبر. ثم يشير(عليه السلام) إلى أنّ الوقوف في تلك المشاهد المشرفة والوفادة على البيت لمن المفاخر الكبرى والنعم الجزيلة التي يمن الله بها على بعض عباده فيقول(عليه السلام): «واختار من خلقه سماعاً(1) أجابوا إليه(2) دعوته وصدقوا كلمته».

فقد ورد في بعض الأحاديث الإسلامية أنّ الله أمر خليله إبراهيم(عليه السلام) لما فرغ من بناء الكعبة بدعوة الناس إلى الحج.

فقال(عليه السلام): إنّ صوتي لا يبلغهم. فجاءه الخطاب: إنّما عليك دعوتهم وعلينا الابلاغ. فارتقى الخليل(عليه السلام) المقام الذي كان ملاصقاً للكعبة آنذاك فجعل اصبعيه في أذنيه وقد استقبل الشرق والغرب فنادى بأعلى صوته: «أيّها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم» فناداه من خلف البحار السبع مابين المشرق والمغرب بل حتى النطف في قرارات النساء وأصلاب الرجال ممن سمع صوته «ولبيك اللّهم لبيك»(3). كما ورد في الروايات أن من لبى حج بعدد تلبيته ومن لم يلب لم يحج(4) ثم يواصل الإمام(عليه السلام) حديثه عن فلسفة الحج وآثاره وبركاته فيقول: «ووقفوا مواقف أنبيائه وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه».

ولعل التعبير بمواقف الأنبياء يشير إلى كثرة الأنبياء من بعد إبراهيم بل حتى قبله طبقاً لبعض الروايات ممن حجوا البيت(5) أمّا العبارة التي صرّحت بتشبههم بالملائكة المطيفين


1. «سماع» على وزن طلاب جمع «سامع» كطلاب جمع طالب.

2. ليس هنالك من فارق يذكر بشأن الضمير في (إليه) ان كان عائداً لبيت الله أو إلى لفظ الجلالة.

3. نور الثقلين 3 / 488، ح 74.

4. شرح نهج البلاغة للمرحوم الخوئي 2 / 249 نقلاً عن الكافي; بحار الانوار 96 / 187.

5. ورد في الأحاديث أنّ من الأنبياء الذين حجوا البيت هم آدم ونوح وابراهيم وموسى ويونس وعيسى وسليمان ونبي الإسلام(صلى الله عليه وآله) (شرح نهج البلاغة للمرحوم الخوئي 2 / 252).

[ 170 ]

بعرشه، فقد جاء في الخبر الصحيح أنّ في السماء بيتاً يطوف به الملائكة طواف البشر بهذا البيت.(1) ثم قال(عليه السلام): «يحرزون(2) الأرباح في متجر عبادته ويتبادرون عنده موعد مغفرته» ويالها من تجارة عظيمة مربحة تلك التي يتطهر فيها الإنسان من جميع ذنوبه إذا أتى بالعمل على وجه الصحة; بل ورد أنّه يعود كيوم ولدته أمه ولا ذنب عليه كما صرّحت بذلك بعض الأحاديث الإسلامية.

ثم قال(عليه السلام): «جعله سبحانه وتعالى للإسلام علماً وللعائذين حرماً».

فالواقع هو أنّ الكعبة تمثل الراية الإسلامية الخفاقة على الدوام; الراية التي يتمحور حولها المسلمون من أجل تحقيق استقلالهم ومجدهم وعزتهم. وكل عام تنفخ روح جديدة بمشاهدتها في جسد المسلمين ويجري دم جديد في عروقهم. وما إن يفرغ الإمام(عليه السلام) من ذكر هذه الفضائل حتى يشير إلى وجوب حج البيت فيقول: «فرض حقّه وأوجب حجه وكتب عليكم وفادته(3)فقال سبحانه: (وَلِلّهِ عَلى النّاسِ حِـجُّ البَـيْتِ مَـنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِـيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِـينَ).

 

تأمّلان

هنالك عدّة مسائل ومباحث متعلقة بالحج لا يمكن استيعابها في هذا البحث، وعليه سنكتفي بالإشارة إلى بعض الاُمور التي تتمتع بأهمية كبيرة:

 

1 ـ نبذة تأريخية عن الكعبة

للكعبة ـ التي يطلق عليها اسم بيت الله الحرام أيضاً ـ تأريخ عريق يعود إلى زمان آدم(عليه السلام)


1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/124.

2. «يحرزون» من مادة «الاحراز» بمعنى الحفظ والادخار والخزن. ومن هنا يطلق الحرز على الموضع المحفوظ كالصندوق والمخزن وما شابه ذلك.

3. «وفادة» بمعنى البزوغ والطلوع، ثم أصبحت بمعنى النزول والدخول، كما يصطلح بالوفد على الهيئة والجماعة التي ترد على دولة أو زعيم أو فئة ذات مكانة.

[ 171 ]

حسب ما أشارت الروايات(1) فآدم(عليه السلام) هو أول من بناها وطاف حولها، ثم اندرست في الطوفان الذي عم الأرض زمان نبي الله نوح(عليه السلام)، ثم أعاد بنائها إبراهيم(عليه السلام) وولده إسماعيل ـ على ضوء صريح الآيات القرآنية كقوله سبحانه: (وَ إِذ يَرْفَعُ إِبْراهِـيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيْتِ وَ إِسْمـاعِـيلُ..)(2) ـ فأديا مراسم الحج حيث أصبحت الكعبة أول مركز للتوحيد للإنسانية: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْت وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)(3). وكما أشرنا سابقاً وعلى ضوء بعض الروايات الصحيحة أنّ في السماء بيتاً يطوف به الملائكة طواف البشر بهذا البيت، وانّ البيت أول من عتق من الماء(4) كما ورد هذا المعنى في قصة دحو الأرض. وقد تظافرت الروايات ـ في نهج البلاغة وغيره من المصادر الإسلامية ـ التي كشفت عن عظمة الكعبة ومدى أهميتها، ومنها ماروي عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال: «ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ـ ثم أومأ بيده نحو الكعبة ـ ولا أكرم على الله عز وجل منها» بل ورد في مقدمة هذا الحديث أنّ النظر إليها عبادة(5) فالكعبة هى رمز الوحدة الإسلامية التي تتطلع إليها الجماعة الإسلامية في العالم أجمع. جدير ذكره بشأن أهمية البيت أن زرارة ـ من كبار صحابة الإمام الباقر والصادق(عليهما السلام)ـ دخل على الإمام الصادق(عليه السلام) فقال: (جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاماً فتفتيني». فرد الإمام قائلاً: «يا زرارة بيت يحج إليه قبل آدم بألفي عام تريد أن تفتى مسائله في أربعين عاماً»(6). فالذي يستفاد من هذا الحديث أنّ الملائكة والمخلوقات التي عاشت على الأرض قبل آدم(عليه السلام) كانت تحج البيت. ففي الحديث أنّ آدم لما قضى مناسكه وطاف بالبيت لقيته الملائكة، فقالت: يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.

 


1. بحار الأنوار 12 / 86 .

2. سورة البقرة / 127.

3. سورة آل عمران / 96.

4. شرح نهج البلاغة للخوئي 2 / 235.

5. فروع الكافي 4 / 240 (باب فضل النظر إلى الكعبة).

6. وسائل الشيعة 8 / 7 (باب وجوبه على كل مكلف مستطيع).

[ 172 ]

2 ـ فلسفة الحج

لقد تضمنت عبارات الإمام(عليه السلام) إشارات عميقة لفلسفة الححج وما ينطوي عليه من أسرار. إلى جانب ذلك فقد وردت الروايات التي صرّحت بمثل هذا المعنى، والذي يخلص إليه من مجموعها أنّ هذه المناسك العظيمة تشتمل على أربعة جوانب هى:

الجانب الأخلاقي والعبادي، الجانب السياسي والاجتماعي، الجانب الثقافي والجانب الاقتصادي.

أمّا الجانب الأخلاقي والعبادي الذي يمثل أهم جوانب فلسفة الحج بفضل تنبيه لتربية النفس وتهذب الأخلاق والتحلي بالورع والتقوى والاخلاص. حيث صرّحت الروايات الإسلامية بشأن من يحج البيت «يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه»(1). والرواية بدورها دليل واضح على مدى التأثير الذي يلعبه الحج في النفس الإنسانية وتنقيتها من الذنوب والمعاصي التي دنست عفتها طيلة العمر وهذه أعظم فائدة يصيبها الوافد على بيت الله. ولو التفت الحاج إلى أسرار المناسك التي يؤديها والشعائر التي يؤتي بها فان كل خطوة ستجعله أكثر قرباً من الله ليرى مولاه حاضراً في كل مكان فهو معبوده الحق الذي لا يفارقه طرفة عين. أجل سيعود إلى الحياة من جديد كيوم ولدته أمه.

ولا غرو فمن أدرك الحج بمعناه الحقيقي سيشعر بآثاره الروحية والمعنوية إلى آخر عمره، ولعل هذا هو السبب في وجوب الحج مرة واحدة طيلة العمر.

وأمّا على صعيد الجانب السياسي والاجتماعي فانّ الإتيان بمراسم الحج على ضوء التعاليم الإسلامية والحج الإبراهيمي الذي دعي الناس لامتثاله إنّما يؤدي إلى عزة المسلمين وتحكيم دعائم الدين وارساء أسس الأخاء والوحدة وتنامي شوكة الدين وصلابته والوقوف بوجه الأعداء والمستكبرين واعلان البراءة من المشركين والملحدين. كما يمنح هذا المؤتمر الإلهي العظيم الذي يعقد كل عام في البيت العتيق المسلمين الفرصة الذهبية في إعادة بناء أنفسهم وتقوية أواصر الاخوة فيما بينهم ورص صفوفهم بما يحبط مؤامرات أعداء الدين وافشال


1. بحار الأنوار 99 / 26.

[ 173 ]

خطط الشياطين، وما يؤسف له أنّ المسلمين لم يقفوا لحد الآن على عظمة الحج ويدركوا كنهه وإلاّ لتمكنوا ـ في ظل هذه الشعيرة ـ من إسداء أعظم الخدمات للإسلام وتسديد أوجع الضربات إلى ركائز الشرك والكفر; الأمر الذي نلمسه بوضوح في الروايات الإسلامية ولاسيما تلك التي وصفته: «لايزال الدين قائماً ماقامت الكعبة»(1). وكأن أعداء الإسلام أدركوا الدور العظيم الذي يلعبه الحج على صعيد المسائل السياسية فمارسوا أقصى ردود الفعل تجاهه بغية الحؤول دون تحقيق أهدافه. فهذا «غلادستون» ـ رئيس وزراء بريطانيا ـ يخاطب مجلس العموم بأنّ المسيحية مهددة بالخطر وسنعجز عن إصلاح العالم (طبعاً ليس الإصلاح من وجهة نظرهم سوى الاستعمار) مادام اسم محمد يذكر صباح مساء من على المآذن والقرآن هو دستور حياة المسلمين، الذين يقيمون مراسم الحج كل عام بهذا الشكل(2). بل قيل أن غلادستون اختتم خطابه لمجلس العموم بقوله: يجب عليكم يا ساسة المسيحية أن تزيلوا اسم محمد من آذان المسلمين فتنسونهم ذكره وتحرقون القرآن وتخربون الكعبة. وهناك جملة اُخرى معروفة أطلقها أحد زعماء النصرانية في الغرب قائلاً: «الويل للمسلمين إن غفلوا عن معنى الحج، الويل لمن سواهم إن فهموا معناه». وبالبداهة أنّهم لا ينوون من هذا الاحراق ظاهر القرآن، كما أنّهم لن ينجحوا في تخريب الكعبة، غير أنّهم يستطيعون وفي ظل غفلة المسلمين من تحقيق مآربهم بالقضاء على أحكام الدين وافراغ الحج من محتواه الأصيل.