![]() |
![]() |
وأخيراً الجانب الرابع الذي يشير إلى الفلسفة الاقتصادية للحج. فقد وردت الروايات
1. فروع الكافي 4 / 271 (باب أنّه لو ترك الناس الحج لجاءهم العذاب).
2. دليل الحرمين الشريفين 1 / 54 (نقلاً عن قول القمر).
والأخبار التي تفيد أن من معطيات الحج تفعيل القدرة الاقتصادية للمسلمين وانقاذهم من الأزمات المالية التي تعصف بحياتهم وحياة مجتمعاتهم. ولعل البعض لا يرى من رابطة من قريب أو بعيد بالجانب الاقتصادي، إلاّ أنّ أدنى تأمل لهذه القضية سيكشف بوضوح بأنّ الخطر العظيم الذي يهدد كيان المسلمين إنّما يتمثل اليوم بالتبعية الاقتصادية للأجانب، فما الضير في اقامة المؤتمرات والندوات الاقتصادية من قبل المعنيين والمتخصصين في تلك الديار المقدسة بصفتها مراسم عبادية تهذف إلى انتشال المسلمين من مخالب الفقر والتبعية وطرح المشاريع والبرامج الاقتصادية التي من شأنها معالجة الأوضاع المزرية؟ ولا نرى لهذه القضية من طابع فردي لتعالى الأصوات بالانشغال بزخارف الدنيا وحطامها الزائل، بل الهدف أنبل وأسمى حيث يكمن في خدمة الإسلام والمسلمين في هذا الجانب الحيوي.(1) ويتضح من قوله(عليه السلام): «ووقفوا مواقف أنبيائه وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته ويتبادرون عنده موعد مغفرته» مدى الأهمية التي أولاها الإمام(عليه السلام) لحج بيت الله الحرام; ولا عجب فهى عبادة اجتماعية عامة تقسم في طياتها الدنيا والآخرة والأخلاق والمعنويات وعزة المسلمين وتنامي شوكتهم.
طبعاً واسع وشامل البحث المتعلق بالحج وأبعد ممّا ذكرنا إلاّ أننا سنستغرق أكثر في هذا الموضوع حين شرحنا لسائر خطب الإمام(عليه السلام) الواردة بهذا الشأن، ونكتفي هنا بهذا المقدار المتواضع.
—–
1. لقد أشارت الرواية التي نقلها هشام بن الحكم عن الإمام الصادق(عليه السلام) بصورة إجمالية إلى فلسفة هذه الجوانب الأربعة للحج (وسائل الشيعة 8 / 9) كما يمكن لمن أراد المزيد أن يراجع التفسير الأمثل / 14 بشأن فلسفة الحج.
ومن خطبة له(عليه السلام)
بعد انصرافه من صفين وفيها حال الناس قبل البعثة وصفة آل النبي(صلى الله عليه وآله) ثم صفة قوم آخرين.
«أَحْمَدُهُ اسْتِتْماماً لِنِعْمَتِهِ وَاسْتِسْلاماً لِعِزَّتِهِ وَاسْتِعْصاماً مِنْ مَعْصِيَتِهِ. وَأَسْتَعِينُهُ فاقَةً إِلَى كِفايَتِهِ إِنَّهُ لا يَضِلُّ مَنْ هَداهُ وَلا يَئِلُ مَنْ عاداهُ وَلا يَفْتَقِرُ مَنْ كَفاهُ فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مَا وُزِنَ وَأَفْضَلُ مَا خُزِنَ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ شَهادَةً مُمْتَحَناً إِخْلاصُها مُعْتَقَداً مُصاصُها نَتَمَسَّك بِها أَبَداً ما أَبْقانا، وَنَدَّخِرُها لاَِهاوِيلِ ما يَلْقانا فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الاِْيمَانِ وَفاتِحَةُ الاِْحْسانِ، وَمَرْضاةُ الرَّحْمَنِ، وَمَدْحَرَةُ الشَّيْطانِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ وَالْعَلَمِ الْمَأْثُورِ وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السّاطِعِ وَالضِّياءِ اللاَّمِعِ، وَالاَْمْرِ الصّادِعِ، إِزاحَةً لِلشُّبُهاتِ وَاحْتِجاجاً بِالْبَيِّناتِ وتَحْذِيراً بِالاْياتِ وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاتِ».
—–
تشتمل هذه الخطبة على خمسة مضامين (تبحث في أربعة أقسام):
المضمون الأول في حمد الله والثناء عليه والملاذ بفضله وكرمه ورحمته، والثاني في الشهادة لله بالوحدانية ومعطيات الإيمان بالتوحيد، والثالث في الشهادة بالنبوة والعبودية إلى جانب التذكير بفضائل النبي(صلى الله عليه وآله) واوضاع العصر الجاهلي والملمات والخطوب التي شهدها المجتمع الإسلامي آنذاك والجهود التي بذلها الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله)من أجل مجابهة تلك الخطوب وتحمل المصاعب والويلات بهذا الشأن، والرابع في منزلة أهل البيت وعلو مقامهم وسمو مكانتهم واللجوء إليهم في اُمور الدين، والمضمون الأخير الذي يواصل فيه المعنى المذكور بصيغة اُخرى محذراً الاُمّة من مقارنة أنفسها بهم، متطرقاً إلى عدم إمكانية تشبه أي من الأفراد بهم ومستعرضاً لفضائلهم والاعراب عن الارتياح لعودة الحق السليب لأهله.
كما مر علينا سابقاً فقد صرّح المرحوم السيد الشريف الرضي أنّ الإمام(عليه السلام)أورد هذه الخطبة بعد انصرافه من صفين.
ومضامين الخطبة ومعانيها تبدو منسجمة والمعنى المذكور; الحقيقة التي تجسدت في استعراض حياة الاُمّة في العصر الجاهلي حيث يحذرها من مغبة تكرار الجاهلية الاولى والحؤول دون تمكن من تبقى من رواد تلك الجاهلية الذين كانوا يشكلون غالبية معسكر الشام في صفين من تحقيق أطماعهم ومآربهم. كما يؤكد(عليه السلام) على ضرورة تمسك الاُمّة بأهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) بغية التحصن من الأخطار التي كانت تهدد الإسلام آنذاك، فهم الذين قال فيهم رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنِّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وإنّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فالنجاة بالتمسك بالكتاب والعترة معاً.
ومن هنا يتضح بطلان ماذهب إليه ابن أبي الحديد بشأن صدور الخطبة حيث قال: واعلم أنّ هذه الكلمات وهى قوله(عليه السلام): «الآن إذا رجع الحق إلى أهله» إلى آخرها يبعد عندي أن
تكون مقولة عقيب انصرافه(عليه السلام) من صفين، لأنّه انصرف عنها وقتئذ مضطرب الأمر، منتشر الحبل، بواقعة التحكيم، ومكيدة ابن العاص، وما تم لمعاوية عليه من الاستظهار، وما شاهد في عسكره من الخذلان، وهذه الكلمات لا تقال في مثل هذه الحال، وأخلق بها أن تكون قيلت في ابتداء بيعته، قبل أن يخرج من المدينة إلى البصرة، وأنّ الرضي رحمه الله تعالى نقل ماوجد، وحكى ماسمع والغلط من غيره، والوهم سابق له، وما ذكرناه واضح.(1)
وقد صرّح بعض العلماء بأنّ هذا الكلام ينبغي ألا يقال بشأن فرد يعتبر علماً في العلم وبحراً من الوقار واسطورة في الجهاد والمقاومة. فانّ فرداً مثل علي(عليه السلام)لاتهزه هذه الحادثة وأنى للاضطراب والقلق من سبيل إلى هذه الروح الملحمية والأفكار الربانية التي كان يتحلى بها علي(عليه السلام). بل بالعكس وكما أوردنا سابقاً فان الإمام(عليه السلام) يحذر ـ في هذه الخطبة ـ الاُمّة من الاستسلام إلى الدعايات السامة والمشاريع الشيطانية التي كان يمارسها ولاة الشام ومن مغبة العودة القهقري إلى العصر الجاهلي والصمود في الذود عن الحق بعد أن عاد إلى أهله. وعليه فلا يبدو رأي ابن أبي الحديد صائباً في أن معاوية هو الذي انتصر في الميدان ولا سيما قول الإمام(عليه السلام): «الآن إذا راجع الحق إلى اهله» وذلك للأسباب التالية:
أولاً: أنّ معاوية لم يكسب تلك المعركة قط، غاية مافي الأمر أنّه نجى من هزيمة منكرة بفعل خدعة عمرو بن العاص فما زال الإمام(عليه السلام) يرى الحق (هو وأهل بيته) ويحذر الاُمّة من التغابي عنه إلى جانب الذود عنه وعدم زحزحته عن أهله.
ثانياً: إنّ التحكيم الغادر لعمرو بن العاص ـ وخلافاً لما يراه الكثيرون ـ لم يحصل في صفين بحضور الإمام(عليه السلام)بل وقع بعيد بضعة أشهر، والطريف أنّ ابن أبي الحديد قد صرّح بهذا المعنى في موضع آخر من شرحه. ونخلص ممّا سبق إلى أنّ الدليل الذي حاول أن يتمسك به ابن أبي الحديد والذي تمثل بالجملة الأخيرة في الخطبة لإثبات صحة مدعاه في أنّ الخطبة صدرت بعد موقعة صفين، هو دليل باطل وشاهد عاري من الصحة.
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 143.
الشرح والتفسير
استهل الإمام(عليه السلام) الخطبة ـ كسائر خطبه ـ بحمد الله والثناء عليه، إلاّ أنّه يكشف عن الدوافع الثلاث لهذا الحمد والثناء:
الأول الاستزادة من النعم الإلهية، واظهار الاستسلام والخضوع للعزة الإلهية والقدرة المطلقة، وأخيراً الاعتصام بالطافه من المعاصي. فقد قال(عليه السلام): «أحمده استتماماً(1) لنعمته واستسلاماً(2) لعزته واستعصاماً(3) من معصيته». لابدّ من الالتفات هنا إلى أنّ مفهوم الحمد أشمل من الشكر، وبعبارة اُخرى فانّ الشكر ممزوج بالمدح وهذا يدعو من جانب لاستزادة النعم الإلهية كما قال سبحانه: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لاََزِيدَنَّكُمْ)(4) ويشكل القيام بوظيفة العبودية من جانب آخر وهذا هو التسليم مقابل عزة الله وأخيراً يوجب عنايات الله وألطافه الغيبية في حفظ الإنسان وعصمته من الذنوب والمعاصي. ثم يستعين(عليه السلام) بالله بعد حمده والثناء عليه موعزاً ذلك إلى حاجته إليه سبحانه وعدم غناه عنه «واستعينه فاقة إلى كفايته». أجل إذا رأى العبد نفسه محتاجاً لتلك الذات الغنية وصاحب الكمال المطلق فانه يلجأ إلى الحق سبحانه ليشمله بفضله ورحمته ويعينه في كافة شؤون حياته. آنذاك يشير إلى دليل آخر لهذه الاستعانة فيقول: «انّه لا يضل من هداه ولا يئل(5) من عاداه ولا يفتقر من كفاه». نعم فقدرته على درجة من القوة والعظمة بحيث لا يسع أحد الوقوف أمامها، وإن علمه ثاقب ليس للخطأ من سبيل إليه. وهناك إحتمال أيضاً أنّ الدوافع الثلاث دليل آخر على الحمد والثناء ودليل على الاستعانة أيضاً.
ثم يشير في آخر العبارة إلى دليل آخر يوجب الحمد لله والثناء عليه «فانه أرجح ما وزن
1. «استتمام» قد تعني الاتمام أو المطالبة بالاتمام، وقد أريد بها هنا المعنى الثاني ويؤيد ذلك الجملة اللاحقة.
2. «استسلام» بمعنى الانقياد والتسليم، وعناها بعض اللغويين بموافقة الظاهر للباطن بالنسبة للشيء والانقياد من لوازمها.
3. «استعصام» بمعنى المطالبة والحفظ ودفع الاُمور المكروهة.
4. سورة إبراهيم / 7.
5. «يئل» من مادة «وأل» على وزن وعد بمعنى النجاة واللجوء والعودة.
وأفضل ما خزن». والواقع هو أنّ الفوائد والآثار التي وردت في العبارات السابقة إنّما تتعلق بهذا العالم، بينما ترتبط الفوائد الواردة في العبارتين الاخيرتين بالعالم الآخر وزاد المعاد يوم القيامة، وهكذا يكون حمد الله والثناء عليه سبب النجاة في الدنيا والآخرة، وما أروع عبارات الإمام (عليه السلام) المقتضية التي تضمنت تلك المعاني العميقة. فلا يبدو من العبث أن يصرح ابن أبي الحديد حين يتناول بالشرح هذه الخطبة فيذهل للكنايات والبديع وعذوبة التعبير الذي تضمنته عبارات الإمام(عليه السلام) قائلاً: «فسبحان من خصه بالفضائل التي لا تنتهي السنة الفقهاء إلى وصفها وجعله إمام كل ذي علم وقدوة كل صاحب خصية».
ثم يتطرق(عليه السلام) إلى الشهادة بالوحدانية بصفتها تشكل مصدر جميع الفضائل والكمالات: «واشهد ان لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له» وتمسك الإمام(عليه السلام) بالتوحيد على أنه دعامة كافة العقائد والأفكار الطاهرة والأعمال الصالحة من جانب، ومن جانب آخر ليلتفت من يرى الوهيته(عليه السلام) إلى خطأ إعتقاده. ثم يضيف الإمام(عليه السلام) بأنّ شهادته هذه شهادة حقيقية تستند إلى الاخلاص والتقوى وليست لقلقة لسان «شهادة ممتحنا(1) اخلاصها معتقداً مصاصها(2)».
فهى شهادة حقة دائمة مادامت الحياة مدخرة حيث الأهوال والخطوب «نتمسك بها أبداً ما أبقانا وندخرها لاهاويل(3) ما يلقانا».
فالإمام(عليه السلام) يعلن عن عمق إيمانه وإذعانه بحقيقة التوحيد في كافة شؤون الحياة وعلى جميع المستويات; الحقيقة التي تجسدت في سيرته(عليه السلام) والمشهودة في كافة جوانب حياته حتى لم يتطرق الشرك إليه طرفة عين، فلم يسجد لصنم قط وكانت سكناته وحركاته في ظل التوحيد البعيد عن أدنى شرك خفي. ثم يذكر(عليه السلام)أربعة دعائم لهذا الركن الركين في الإسلام «فانها عزيمة الإيمان وفاتحة الاحسان ومرضاة الرحمن ومدحرة(4) الشيطان».
1. «ممتحن» من مادة «محن» على وزن وهن بمعنى الاختبار والامتحان، إلاّ انّ بعض أرباب اللغة قالوا أصلها استخراج التراب حين حفر البئر.
2. «مصاص» من مادة «مص» على وزن نص بمعنى التذوق والامتصاص ومن هنا اصطلح بالمصاص على عصارة الشيء الممتص حين وروده بدن الإنسان.
3. «الأهاويل» جمع أهوال «وهول» بمعنى الخشية والخوف.
4. «مدحرة» من مادة «دحر» بمعنى الطرد والابعاد.
سنرى في الأبحاث القادمة أنّ الإيمان بأي من أصول الدين إنّما هو إيمان أجوف مالم يستند إلى التوحيد، كما أنّ الصالحات بأجمعها إنّما تستقى من حقيقة التوحيد، ومن هنا كان مرضاة لله ومدحرة للشيطان، لأنّ الوسيلة المهمّة الهدامة للشيطان إنّما تتمثل بالشرك سواء كان جلياً واضحاً أم مخفياً مستتراً.
ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ المراد بفاتحة الاحسان هو الأجر والثواب الإلهي الذي التوحيد مفتاحه، غير أن التفسير الذي ذكرناه يبدو أكثر صحة من هذا. وما أن يفرغ الإمام(عليه السلام) من هذه الشهادة الخالصة الحقة حتى يردفها بمتممتها التي تتمثل بالشهادة بالنبوة: «وأشهد أن محمداً عبده ورسوله». نعم فهو عبد الله قبل أن يكون رسوله، فليس من مجال لبلوغ مقام النبوة دون العبودية، وفي هذا رد على أولئك الذين قد يبالغون في مقام الرسول ليبلغوا درجة الإلوهية. آنذاك يصف رسالة ووظيفة النبي فيقول:
«أرسله بالدين المشهور والعلم المأثور(1) والكتاب المسطور والنور الساطع(2)والضياء اللامع والأمر الصادع(3)». والواقع هنالك عدّة تفاسير بشأن هذه العبارات الست العميقة المعاني والاُمور التي تشير اليها. منها أنّ المراد بالدين المشهور هو الإسلام الحنيف والعلم المأثور المعجزات والكتاب المسطور القرآن الكريم والنور الساطع علوم النبي(صلى الله عليه وآله)والضياء اللامع سنته(صلى الله عليه وآله) والأمر الصادع ـ بقرينة الآية الشريفة 94 من سورة الحجر (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(4) ـ ترك التقية واظهار التوحيد في مقابل المشركين والكافرين. كما يحتمل أن يكون المراد بالضياء اللامع والنور الساطع تبيين القرآن الكريم، فالقرآن مصدر اشعاع أفكار المجتمعات الإنسانية. ثم يخوض الإمام(عليه السلام) في الهدف النهائي لرسالة النبي(صلى الله عليه وآله)والقرآن والمعجزات والقوانين والأحكام الشرعية، فيوضح أهداف النبي(صلى الله عليه وآله) في ثلاث محاور: ازالة
1. «المأثور» من مادة «أثر» بمعنى العلامة الباقية من الشيء ولذلك يطلق على العلوم المتبقية من الماضين «علم المأثور».
2. «الساطع» من مادة «سطوع» بمعنى الانتشار، فالنور الساطع هو النور الواسع المنتشر كما ورد بمعنى المرتفع.
3. «صادع» من مادة «صدع» بمعنى الشق في الجسم الصلب والمحكم ثم أطلق على كل شيء قاطع.
4. سورة حجر / 94.
الشبهات بالأدلة والبراهين واستقطاب الخصوم من خلال إرشادها بالآيات البيّنات وتحذيرهم من العقاب الأليم ان هم تمادوا في غيّهم وعصيانهم «إزاحة(1) للشبهات واحتجاجاً بالبيّنات وتحذيراً بالآيات وتخويفاً بالمثلات(2)».
يمكن أن يكون المراد من قوله «ازاحة الشبهات» الحقائق التي تعززها البراهين والأدلة الربانيّة والتي لا تدع مجالاً لشك أو شبهة، «واحتجاجاً بالبيّنات» المعجزات الحسية بالنسبة لاُولئك الذين لا يسلمون سوى للاستدلالات العقلية والتي من شأنها سوقهم نحو الإيمان واليقين، «تحذيراً بالآيات» الوعيد بالعذاب الاُخروي «تخويف بالمثلات» الوعيد بالعذاب الدنيوي كما ورد ذلك في بعض الآيات القرآنية كقوله سبحانه وتعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّـيِّـئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ).(3)
تعتير الشهادة لله بالواحدانية من الاُصول العقائدية المسلمة بالنسبة لسائر الاصول; إلاّ أنّ هذا استنتاج ساذج لهذا الأصل الإسلامي المهم. فالتمعن في المصادر الإسلامية والتحليلات العقلية يدل على أن التوحيد أصل جار على سائر الاُصول والفروع، بعبارة اُخرى فان كافة أصول الإسلام وفروعه تشكل بلورة لمفهوم التوحيد; ولا يقتصر هذا الأمر على المباحث العقائدية والعبادية في المسائل الاجتماعية والسياسية والأخلاقية بل تسري روح التوحيد لتحكم جميع المجالات.
فالتوحيد على مستوى الذات والصفات والافعال والعبودية لمن الاُمور المسلمة الواضحة ولا نقتصر به على نبيّنا دون سائر الأنبياء بحكم الآية الشريفة (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ
1. «ازاحة» من مادة «زيح» على وزن زيد بمعنى الأبعاد والاقصاء.
2. «مثلات» جمع «مثله» على وزن عضلة بمعنى البلاء والمصاب الذي يحل بالإنسان فيصبح مثالاً وعبرة للآخرين (مفردات الراغب، تحقيق، الصحاح ومجمع البحرين).
3. سورة الرعد / 6.
رُسُلِهِ)(1) وعليه فاننا نؤمن بأنّ جميع الأنبياء والمرسلين إنّما يتفقون في أهدافهم ووحدة رسالتهم وبرامجهم رغم أن بعض الأحكام والمشاريع والبرامج التي تلبس حللا جديدة وتتخذ طابعا حديثا بفعل تطور المجتمعات البشرية وتقدم مسيرتها.
أمّا بالنسبة للمعاد وعلى ضوء الآية الشريفة (وَكُلُّهُمْ آتِـيهِ يَوْمَ القِـيامَةِ فَـرْداً)(2) فانّ الجميع سيقف بمفرده يوماً في محكمة العدل الإلهي لينالوا جزائهم من ثواب أو عقاب يتناسب مع طبيعة أعمالهم وفقا لمعايير إلهية واحدة.
فالمجتمعات البشرية تنتمي إلى جذور واحدة تحكمها أصول ثابتة ومعينة، بل تحكم جميع عالم الوجود. والواقع صحيح أنّ هنالك تفاوتا في القوانين الإلهية في الأديان السماوية من حيث آلياتها وتفرعاتها، إلاّ أنّ مستقاها واحد، ومن هنا فاننا نؤمن بوحدة دعوة الأنبياء للمجتمع العالمي الموحد، وأنّ العالم برمته سيشهد في خاتمة المطاف حكومة العدل الإلهي.
أمّا على صعيد المسائل الأخلاقية فليس هنالك من يتردد في أنّ الفضائل الأخلاقية إنّما تنبع من التوحيد بينما تنبع الرذائل من الشرك.
و عادة ما يتورط بالشرك الأفراد المرائين وأولئك الذين يصابون بأمراض الحسد والبخل و الحرص والتكبر، وإلاّ فالفرد الذي يعيش توحيد الأفعال بكل كيانه وفي أعماقه ويؤمن بأنّ العزة والذلة والرزق والحياة والممات والنصر والغلبة لله بيده وحده لايرى من مسوغ لان يستشعر قلبه معاني الرياء والحرص والبخل والحسد.
و زبدة الكلام فانّ التوحيد ليس بمثابة حبة مسبحة بالنسبة لسائر الحبات، بل هو بمثابة الخيط الذي يشد الحبات إلى بعضها البعض الآخر.
و من هنا يتضح عمق كلمات الإمام(عليه السلام) بالنسبة لمفهوم التوحيد ـ في الخطبة ـ، فالتوحيد هو الدعامة الرئيسية للإيمان وانطلاقة الأعمال الصالحة ويستبطن رضى الرحمن وطرد الشيطان، وإذا ما أشرقت شمس التوحيد على جسم المجتمع البشري وروحه فانّه سيتخذ طابعا متبلورا في ظل أشعته الزاهرة. وإذا رأينا أمير المؤمنين ومولى المتقين علي(عليه السلام) الذي يمثل
1. سورة البقرة / 285.
2. سورة مريم / 95.
بدوره روح التوحيد لاينفك عن تكرار التعرض للتوحيد ـ في خطب نهج البلاغة ـ وتعليم أتباع مدرسة أهل البيت الاخلاص في التوحيد فإنّما يعزى ذلك إلى ضرورة الابقاء على جذوة هذه الشعلة الخالدة متقدة في القلوب وري أرض الحياة بهذه المياه العذبة لتورق ثمار أشجارها وتنضج في ظل صبغة التوحيد الإلهية.
و ممّا لا شك فيه أنّ الشهادة بالنبوة والالتفات إلى وظائفها ومسؤولياتها وكتبها السماوية إنّما يعدّ أفضل أرضية خصبة لبلورة حقيقة التوحيد في أعماق كيان الإنسانية.
كان علي(عليه السلام) مجسمة التوحيد ومظهره التام قبل أن يدعو الآخرين لهذه الحقيقة الخالصة.
لم يسجد لصنم طرفة عين طيلة حياته قط ليلوث صفو روحه غبار الشرك. كان لا يفعل شيئا إلاّ ويرى الله فيه وقبله ومعه لايروم سوى رضاه.
كما وقف كالطود الشامخ يشد أزره ويذود عنه بغية استتباب التوحيد والعبودية. ولا يخفى على أحد موقفه في الخندق ومبارزته لعمرو بن العاص، فقد صرعه الإمام(عليه السلام) وأو شك أن يقتله; وقد أصيب جيش الإسلام بالذهول حين رأى الإمام(عليه السلام)قد انصرف عن قتله (و لعله نهض من عنده وتركه لمدّة بعد أن تجول في الميدان) ثم عاد إليه وقتله.
فلما سسئل عن علة ذلك قال(عليه السلام): «قد كان شتم أمي وتفل في وجهي فخشيت أن أضربه لحظ نفسي فتركته حتى سكن ما بي ثم قتله في الله»(1) وقد وقف بكل قوة تجاه بعض أصحابه الذين اعترضوا عليه بالتسوية في العطاء من بيت المال قال: «أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه! والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجماً! لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنّما المال مال الله».(2) ولما كان يقف للصلاة كان يستغرق في صفات الله وجلاله وجماله بحيث لم يكن يرى سوى الله ولا يفكر في سواه، حتى ورد في الأخبار أن سهما أصاب رجله في موقعة أحد وكان يصعب سله من رجله فأمر
1. مناقب ابن شهر آشوب، 2 / 115 (مستدرك الوسائل; 18 / 28 وبحار الانوار، 41 / 51).
2. نهج البلاغه، الخطبة 126.
رسول الله(صلى الله عليه وآله)سسله حين يقف للصلاة. فلما فرغ(عليه السلام) من صلاته قال لم أشعر بالسهم حين الصلاة.(1) وما أكثر هذه التماذج التوحيدية في حياة الإمام(عليه السلام).
—–
1. كتاب «المناقب المرتضوية» تأليف المولى محمد صالح الكشفي الحنفي / 364، طبعة يومباي (مطابق نقل احقاق الحق 8 / 602).
«وَالنّاسُ فِي فِتَن انْجَذَمَ فِيها حَبْلُ الدِّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوارِي الْيَقِينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ وَتَشَتَّتَ الاَْمْرُ وَضاقَ الْمَخْرَجُ وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ فالْهُدَى خامِلٌ وَالْعَمَى شامِلٌ عُصِيَ الرَّحْمَنُ وَنُصِرَ الشَّيْطانُ وَخُذِلَ الاِْيمانُ فانْهارَتْ دَعائِمُهُ وَتَنَكَّرَتْ مَعالِمُهُ وَدَرَسَتْ سُبُلُهُ وَعَفَتْ شُرُكُهُ أَطاعُوا الشَّيْطانَ فَسَلَكُوا مَسالِكَهُ وَوَرَدُوا مَناهِلَهُ، بِهِمْ سارَتْ أَعْلامُهُ، وَقامَ لِواؤُهُ، فِي فِتَن داسَتْهُمْ بِأَخْفافِها وَوَطِئَتْهُمْ بِأَظْلافِها، وَقامَتْ عَلَى سَنابِكِها، فَهُمْ فِيها تائِهُونَ حائِرُونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِي خَيْرِ دار وَشَرِّ جِيران نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ بِأَرْض عالِمُها مُلْجَمٌ وَجاهِلُها مُكْرَمٌ».
—–
الشرح والتفسير
يصور الإمام(عليه السلام) بهذه العبارات القصيرة والبليغة أوضاع العصر الجاهلي وكأن السامع يشهد عن قرب تلك الأوضاع ويرى نفسه في خضم ذلك العصر ليلمس الفوضى والبؤس والشقاء الذي كان عليه الناس. ولا نرى أنفسنا نبالغ إذا ما قلنا بأنّ الإمام(عليه السلام) قد إختصر كتابا ضخما بهذه العبارات الموجزة; الأمر الذي يعدّ دلالة اُخرى على مدى رصانة بيانه وعمق الفصاحة والبلاغة والروعة في التصوير والدقة في التعبير التي تشتمل عليها كلماته وخطبه(عليه السلام).(1)
1. طبقا لما ورد آنفا فان الواو في قوله «و الناس في فتن....» حالية أي أنّ الله سبحانه بعث النبي (صلى الله عليه وآله)حين كان الناس على هذه الحالة، إلاّ أنّ بعض شرّاح نهج البلاغة إحتملوا أن الواو إبتدائية والعبارات رسمت صورة عن أوضاع الناس في عصر الإمام(عليه السلام)، غير أنّ هذا الاحتمال لا يبدو صحيحا والحق هو الاحتمال الأول، رغم انّ هذه العبارات يمكن أن تكون تحذيرا للاُمّة في عصره من العودة إلى عصر الجاهلية بفعل أمراض حب الذات واطاعة الاهواء.
ومن البديهي إلاّ تتضح عظمة رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) وسمو الخدمات التي أسداها إلى البشرية وحلاوة الإيمان التي حملها الدين الحنيف ما لم تكن هناك صورة واضحة عن الأوضاع السائدة لدى الأقوام السابقة التي سبقت عصر الرسالة وانبثاق الدعوة الإسلامية.
فمن شأن هذه المقارنة أن تميز عظمة مشاريع الأنبياء وبرامج الأولياء والعباقرة على مدى التاريخ. فقد أشار(عليه السلام) إلى الفتن التي كانت تعصف بالاُمّة آنذاك بحيث تصدعت عرى الدين وتزعزعت أعمدة الإيمان وتلوثت الفطرة وتغيرت القيم وسادت الفرقة بين الناس، فغدوا حيارى قد ضلوا المخرج «والناس في فتن إنجذم(1) فيها حبل الدين وتزعزعت(2) سواري(3)اليقين واختلف النجر(4) وتشتت الأمر وضاق المخرج وعمي المصدر».
فقد تقطعت حبائل الدين وغيبت المعارف الدينية الحقة إثر فتن الشياطين ووساوس عبدة الأهواء من جانب، ومن جانب آخر فان الفوضى عمت الاُمّة وتصاعدت بين أوساطها حدة الفرقة والاختلاف; والانكى من ذلك وفي ظل هذه الظروف لم يكن هناك من سبيل للخروج من المأزق ولا من كهف يؤى إليه; الأمر الذي اضطر الناس للبقاء على الانحراف والدنس الذي ساد ذلك المحيط والعوم في مستنقعه العفن. والعبارة «حبل الدين» ـ التي وردت بصيغة المفرد ـ إشارة إلى وحدة الدين الحق ووحدة المصدر الذي تستقى منه كافة أصول وتعاليم الأنبياء وإن شهدت هذه الاُصول والتعاليم بعض الفوارق التي تفرزها طبيعة تقادم الزمان، وهذا ما يجوزه القرآن الكريم على لسان المؤمنين الصادقين بقوله: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ)(5) وقوله(عليه السلام) «إختلف النجر» لا يشير إلى الاختلافات التي شهدها العصر
1. «إنجذم» من مادة «الانجذام» بمعنى إنقطع وإنفصل ومن هنا يطلق إسم الجذام على ذلك المرض الذي يصيب الجسم فيؤدي إلى انفصال الأعضاء.
2. «تزعزعت» من مادة «زعزع» بمعنى تحركت واضطربت، فيقال على سبيل المثال: زعزع الريح الشجرة.
3. «سواري» جمع سارية العمود و الدعامة.
4. «نجر» على وزن فجر يعني الاصل، كما يعني الاصلاح والشكل والهيئة ومنه اطلق اسم النجار. وقد وردت هذه المفردة في العبارة بالمعنى الأول.
5. سورة البقرة / 285
الجاهلي على أنّها إختلافات صورية في تفرعاتها واطيافها فحسب، بل كانت إختلافات أصولية وأساسية جذرية.
بل يمكن القول إنّ العبارة إشارة إلى معنى يتضمن تزلزل حتى أركان الفطرة الإنسانية والاُصول الفطرية التي جبل عليها الإنسان من قبيل التوحيد وعشق الأعمال الصالحة والخيرة; أو تغير قيم المجتمع الإنساني وتنكرها حتى عاد لكل معاييره الخاصة للتعامل مع القضايا; الأمر الذي أدى إلى تلك الحالة من الفرقة والتشتت و«تشتت الأمر» يمكن أن تكون أشارة إلى شدة الخلافات الدينية القصوى آنذاك (على أساس أنّ المراد بهذا الأمر هو أمر الدين) أو إشارة إلى الفرقة والشقاق في كافة الاُمور الاجتماعية، سواء الاُمور الدينية والدنيوية والمسائل المرتبطة بالمجتمع والاسرة أو القضايا الاقتصادية أو الأخلاقية.
ويبدو أنّ المعنى الثاني أكثر إنسجاما والعصر الجاهلي; وهنا تكمن الطامة الكبرى حيث يغط الإنسان في هالة من الشك والترديد وإنعدام الإيمان وأنواع الاختلافات والشقاقات والفساد والانحراف وليس هنالك من سبيل أمامه للخروج من هذا المأزق حتى يعيش اليأس والقنوط من رأسه إلى أخمص قدمه. وهذه هى الصورة الحقيقية التي رسمها الإمام(عليه السلام)لذلك العصر.
ثم يتطرق(عليه السلام) إلى المعطيات السلبية التي أفرزتها تلك الأوضاع المزرية آنذاك فوصفها(عليه السلام)قائلاً:«فالهدى خامل(1) والعمى شامل، عصي الرحمن ونصر الشيطان وخذل الإيمان».
من الطبيعي أن يتطلب سبيل طاعة الله نور الهداية من جانب والبصيرة التي تهتدي إلى ذلك النور من جانب آخر; فالاُمّة تتحول إلى رعيل شيطاني تتكالب على الفواحش والرذائل شاءت أم أبت إذا إنعدم في وسطها ذلك النور وفقدت تلك البصيرة.
والجدير بالذكر في العبارة «عصي الرحمن» أن الإمام(عليه السلام) قد إختار هنا اسم الرحمن من بين أسماء الله الحسنى في إشارة إلى أنّه ورغم الرحمة الإلهية التي عمت الجميع دون إستثناء وانّ طاعته أمر فطري وبديهي جبلت عليه النفس البشرية إلاّ أنّ هؤلاء العمي البصائر في العصر
1. «خامل» بمعنى الشيء المنسي الذي لاقيمة له.
الجاهلي قد صموا أبصارهم حتى عن رؤية هذه الحقيقة القائمة. ثم يؤكد هذه النتائج المرة التي أصيبوا بها آنذاك فيلخصها(عليه السلام) قائلا: «فانهارت(1) دعائمه وتنكرت معالمه ودرست(2) سبله و عفت شركه(3)» ولعل التعبير بالدعائم إشارة إلى أولياء الله ورواد سبيل الحق أو التعليمات الاصولية للأنبياء.
و قوله إنهارت تعود إلى القضاء على هذه الدعائم أو التعليمات; والمعالم ممكن أن تكون إشارة إلى الكتب السماوية السابقة أو التعاليم النبوية، كما أنّ المراد بالسبل والشرك طرق المعرفة سواء الطرق العقلائية والفطرية أو طريق الوحي والتعاليم السماوية.
النقطة الجديرة بالذكر هنا هى أنّ «الشرك» كما أشرنا سابقاً بمعنى الطريق الرئيسي. فالطرق الصغيرة قد تكون عرضة للاهمال والنسيان في حين ليس الطريق الرئيسي كذلك، مع ذلك ففي مثل هذا المجتمع وحتى الطرق الرئيسية قد فقدت وزالت غايتها في إرشاد المارة.
![]() |
![]() |