![]() |
![]() |
وقال(عليه السلام) في صفتهم الخامسة «قد سماه اشباه الناس عالماً وليس به» يبدو أنّ قوة الجاذبية التي تربط ذرات هذا العالم في الأرض والسماء بحيث يميل كل موجود وينجذب إلى شبهه، فانّ هذه القوة تحكم هذه الفئات والأفراد أيضاً. وما أروع تعبيره(عليه السلام) عن أتباع من تشبه بالعلماء بأشباه الناس، في إشارة واضحة إلى أنّ أشباه الناس هم خدمة أشباه العلماء. ومن البديهي أنّ شباهة هؤلاء بالناس كشباهة أئمتهم الجهال بالعلماء إنّما هى شباهة صورية ليس أكثر، وغالباً ما يستعمل هذا التعبير بشأن الموارد ذات الشبه الصوري كقوله(عليه السلام)في الخطبة 27 من نهج البلاغة «يا أشباه الرجال ولا رجال».
وما أن فرغ الإمام(عليه السلام) من بيان صفاتهم حتى تطرق إلى جانب من أفعالهم القبيحة النابعة بصورة مباشرة من تلك الصفات ونقاط الضعف التي تحكم كيانهم، فقال(عليه السلام): «بكر(1) فاستكثر من جمع; ما قل منه خير ممّا كثر»(2). يمكن ان تكون هذه العبارة إشارة إلى الإمكانات المادية والدنيوية التي تؤدي كثرتها إلى الغفلة والتكبر والانهماك الدائم بالماديات والابتعاد عن المعنويات; وغلباً مايكون قليلها أفضل من كثيرها وأنّ الكفاف والعفاف أقرب إلى السعادة والفلاح من التكاثر والتفاخر. أو إشارة إلى فضول الكلام والمسائل العلمية التي لا طائل من وراءها على حساب الاُصول والمبادئ وذهب البعض إلى أنّ المراد بها الآراء الباطلة والعقائد الفاسدة، ولكن يبدو هذا الاحتمال مستبعداً; لأنّ القليل من هذه الآراء والعقائد فيه الضرر
1. «بكر» من مادة«» بكرة على وزن لقمة بمعنى أول النهار ثم أطلقت على كل بداية وانطلاقة، وهى هنا إشارة إلى أنّ الجهال المتشبهين بالعلماء إنّما يلهثون خلف الأعمال العابثة من أول النهار حتى الليل.
2. يمكن أن تكون الجملة (ما قل منه خير ممّا كثر) صفة لجمع مفهومه: يجمع شيئاً قليله خير من كثيره، كما قيل يمكن أن تكون مضافة، وفي هذه الحالة تتطلب تقديراً; أي من جمع شيء ما قل منه خير ممّا كثر، ولكن ليس هنالك من فارق في المعنى.
أيضاً، وإن كان هذا التفسير لا ينسجم وبعض العبارات القادمة. ثم قال(عليه السلام): «حتى إذا ارتوى من ماء آجن(1) واكتثر من غير طائل(2)، جلس بين الناس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره».
أجل أنّ هذا الفرد الجاهل والضال المتشبه بالعالم الذي يتمتع برصيد علمي مشوه مفعم بالأخطاء وله روح ونفس ولعة بعالم المادة شغفة بزخارف الدنيا وزبرجها، إنّما وضع نفسه في موضع لا يتصدره سوى نبي أو وصي، كما ورد ذلك في الحديث المعروف عن الإمام علي(عليه السلام)حين خاطب شريح القاضي قائلاً: «يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلاّ نبي أو وصي نبي أو شقي»(3)، والأدهى من ذلك يزعم أنّ هنالك حقائق، ولا غرو فهذه هى المزاعم والادعاءات الفارغة التي يتشدق بها كافة الجهال المتشبهين بالعلماء.
والآن بعد أن تصدى هذا الجاهل للقضاء فما عساه أن يفعل، قال الإمام(عليه السلام)بهذا الشأن: «فان نزلت به احدى المبهمات هيا لها حشوا رثامن رأيه، ثم قطع به».
الحشو بمعنى الكلام الزائد الذي لا فائدة فيه، والرث بمعنى الخلق القديم ضد الجديد، فقوله(عليه السلام): «حشوا رثامن رأيه» كأنّها إشارة إلى أنّه ليس من أهل الخلاقية والمبادرة، كما ليس له ذهنية متفتحة، وأخيراً لايمكنه أن يجمع الأدلة المقيدة التي تعينه على اصدار الحكم. فليس له رصيد سوى حفنة من الأفكار الزائدة التي لا طائل من وراءها وهى رثة قديمة أكل الدهر عليها وشرب، وهذا هو اسلوبه وديدنه ويقينه في الحكم.
ومن الطبيعي أن لا تؤدي هذه المقدمات الباطلة والفاسدة إلى أي يقين، فهو يخدع الناس متظاهراً لهم باليقين، وعلى فرض كونه وصل إلى اليقين فانه ليس معذوراً عند الله لأنّه سلك الخطأ والتقصير في المقدمات. فالمشاكل القضائية كسائر المشاكل العلمية والاجتماعية والسياسية إنّما تعالج دائماً عن طريق دراسة المقدمات الصحيحة والمنطقية; فذلك الذي ليست لديه أدنى معرفة بهذه المقدمات الصحيحة وقد تعلقت أفكاره بالمسائل الباطلة فانّه ليس
1. «آجن» بمعنى الماء العفن.
2. «طائل» من مادة «طول» على وزن قول بمعنى الفائدة والامتداد، ومن غير طائل تعني دون فائدة.
3. الوسائل الشيعه 17 / 37 (واضح أن وصي النبي هنا تنطوي على مفهوم واسع يشمل العلماء العدول من أتباع النبي).
فقط لا يتوصل إلى النتيجة الصائبة فحسب، بل سيغط في هالة من الحيرة والتخبط والضلال كما سيسوق الآخرين إلى الضلال; والانكى من ذلك أنّه كلما تقدم أكثر في هذا المجال ابتعد اكثر عن الوقائع والحقائق.
ثم يواصل الإمام(عليه السلام) كلامه «فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت(1)». وقد اختلفت أقوال الشرّاح بشأن التشبيه الذي استعمله الإمام(عليه السلام)في هذه العبارة، فاوردوا بعض التفاسير التي لا تخلو من التكلف والتقدير والتغيير في العبارة ـ أمّا التفسير الذي يبدو مناسباً هو أنّ الإمام(عليه السلام) شبه هؤلاء الأفراد الجهال المغرورين ضعيفي الفكر بالعنكبوت حيث ينسج لنفسه خيوطاً تكون حرزاً لبيته كما تكون فخاً لصيده، امّا بيته فهو أوهن البيوت ولا يمكن الوثوق به أبداً، كما أنّ فخه لا يطيل سوى الحشرات الضعيفة العاجزة.
نعم هذا الجاهل أيضاً ليس لفخه من دور سوى صيد أمثاله من الجهال الحمقى. وعليه فهو كالعنكبوت وأفكاره كخيوطه وهمية ضعيفة وحيدة يقتصر على المغفلين عديمي العلم والمعرفة. «لا يدري أصاب أم أخطأ، فان أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وان أخطأ رجا أن يكون قد أصاب». هذا هو حال الأفراد الجهال الذين يتصدون إلى المناصب الهامّة التي لا يمتلكون الجدارة لممارستها. فهم على شك وترديد دائماً، حتى أنّ اتجهة صوب الصواب فحيث لا يؤمن بذلك فهو متزلزل يطلق سهمه في الظلام دائماً عله يصيب الهدف. ويتصور بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ الجملة الأخيرة تتناقض والعبارة «ثم قطع به» لأنّ تلك العبارة تحدثت عن القطع واليقين بينما تتحدث هذه العبارة عن الشك والترديد. والحال أنّ العبارة «ثم قطع به» تعني الحكم القاطع لا قطع القاضي ويقينه، فالواقع أنّه يحكم فقط ويتخذ لنفسه صيغة القطع، بينما يفيض باطنه بعاصفة من الشك والترديد. نعم مصيبته الكبرى في دينه، فان أصاب الواقع مصادفة شعر بالتزلزل لأنّه لا يملك الإيمان واليقين، وان هذا التزلزل يؤرقه ولا يجعله قادراً على اتخاذ القرار; وان أخطأ فان سبيل الرجوع مغلق بوجهه لأنّه ليس واقفاً على خطأه. ثم انتقل الإمام(عليه السلام) إلى صفة اُخرى ليصور حال هؤلاء الأفراد بتعبيرات قارعة
1. «العنكبوت» هى الحشرة المعروفة، وهناك اختلاف في أصلها من مادة عكب أن عنكب، وقيل اقتبست من مادة «عكوب» بمعنى الغبار لأنّ خيوطه تشبه الغبار.
وتشبيهات غاية في البلاغة والجمال فقال(عليه السلام): «جاهل خباط(1) جهالات»، فهو كالأعمى في الظلمات المليئة بالمخاطر «عاش ركاب عشوات»(2) فالإمام(عليه السلام) لا يكتفي بوصفه بالجاهل، بل يؤكد ذلك ليصفه بأنّه يغط دائماً في هالة من الجهل، كما لا يكتفي الإمام(عليه السلام)بعشوته وعماه بل يصوره بانه يمتطي الظلمة والعتمة ويحث السير دون أن يعلم أين يسير وإلى أين سينتهي به هذا المسير. المفردة عاش من مادة عشا، فسرت بالعمى المطلق، كما فسرت يضعف الرؤية وقيل أيضا يراد به عشوة الليل، ومهما كانت فانّ المراد هو أن صاحبها لا يستطيع رؤية ما حوله من الأشياء، فاذا ما تحرك سقط في الهاوية، بل قادته حركته إلى الجحيم، وهذا هو حال من يتصدى للقضاء بين الناس دون الاستناد إلى العلم والمعرفة ويزج بنفسه في هذا الطريق الشائك المليء بالمخاطر، فكلما مر عليه يوم من حياته كثر بؤسه وشقائه لنفسه وللناس حتى ينتهي به المطاف إلى السقوط في وادي الكفر والضلال، والأنكى من كل ذلك أنّ مثل هذا الفرد يرى نفسه عالماً ضالعاً بموازين القضاء والحق والعدل فلا يسع أحد احصاء خطاياه وذنوبه!
ثم ينتقل الإمام(عليه السلام) لبيان صفة اُخرى من صفات هذا الجاهل المتخبط «لم يعض على العلم بضرس قاطع»، فقد شبهه الإمام(عليه السلام) بمن يتناول الطعام دون المضغ بحيث لا يسع الجسم هضمه. ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أن المراد بالضرس هنا سن العقل الذي يظهر في مرحلة تكامل العقل، وكأن هؤلاء الجهال ليس لهم سن عقل، فهم لا يقيمون القضايا بشكل سليم، وبالمقابل هنالك الأفراد العلماء الحلماء الذين يتحدثون بالضرس القاطع; أي أنّ حديثهم يستند إلى أسس العقل والمنطق السليم.
وقال(عليه السلام) في صفتهم الثالثة أنّهم كالريح العاصف التي تهلك الحرث والزرع فهى تهب هوجاء دون هدف وهذا حال تعامل الجاهل مع الروايات الإسلامية «يذرو(3) الروايات ذرو الريح الهشيم(4)». إشارة إلى أنّه يطالع ظاهرياً الموضوعات التي تصدت لبيانها الروايات
1. «خباط» من مادة «خبط»، صيغة مبالغة من خبط الليل إذ سار فيه على غير هدى، ومن هنا يطلق خابط أو ضابط على الفرد المجنون او الذي لا يستطيع توازنه.
2. «عشوات» جمع «عشوة» بمعنى الظلمة.
3. «يذرو» من مادة «ذرو» على وزن ضرب بمعنى ينثر (وقد وردت هذه المفرة بهيئة ناقص واوي وناقص يائي).
4. «هشيم» من مادة «هشم» بمعنى ما يبس من النبات وتهشم وتفتت.
والسنّة النبوية، ولكن ما جدوى ذلك وهو يفتقر إلى تقييمها الصحيح، فهو لا يمتلك العلم بمضمونها ولا بقوة سندها من ضعفه، كما لا يعرف الجمع بين الروايات المتعارضة ولا يميز المحكمة من المتشابهة. فهو بالضبط كالريح الهشيم التي تذرو النباتات هنا وهناك. فالنباتات الجافة (الهشيم) قد لا تكون لها أية فائدة، بينما قد تفيد إذا جمعت، أمّا الريح الهوجاء تزيل حتى هذه الفائدة الضئيلة من خلال ذروها وتفريقها، وهذا ما عليه الحال بالنسبة للأفراد الجهال الذين يتعاملون مع الروايات دوتن أن تكون لهم معرفة صحيحة بغشها من سمينها وصحيحها من سقيمها.
ثم يتطرق الإمام(عليه السلام) إلى صفتهم الرابعة، ليقسم بأنّ هؤلاء الجهال ليسوا حريين بحل ما ترد عليهم من قضايا ولا جديرين بأدنى مدح واطراء يمارسه المتلمقون تجاههم «لاملي ـ والله ـ باصدار(1) ما ورد عليه، ولا أهل لما قرظ(2) به».
ممّا لا شك فيه أنّ الفصل في الخصومات القضائية والذي يصطلح عليه الفقهاء برد الفروع إلى الأصول إنّما يتطلب رصيداً علمياً ثراً لا يتحلى به هؤلاء الجهال المغرورون، وهذه الضحالة العلمية تفحمهم وتجعلهم يضلون سبل التعامل مع القضايا فلا يميزوا كيفية الدخول فيها أو الخروج منها (المراد بالدخول والخروج هنا ما تعارف بشأن الموضوعات المطروحة على العلماء فيقال أن فلاناً يعلم كيف يرد هذه المسائل وكيف يخرج منها، والفرد الجاهل يفتقر بالمرة لهذه المسألة).
أمّا إحدى مشاكل هؤلاء الأفراد هى إطاحتهم بثلة من المتملقين الذين يهدفون إلى تحقيق مطامعهم الدنيوية فيطرونهم بمختلف ألوان المدح والثناء ويضفون عليهم ما لا يستحقونه من الصفات، فيطرب هؤلاء الجهال لمثل هذه الأكاذيب والنعوت الفارغة رغم علمهم بكذبها وزيفها إلاّ أنّهم وبمرور الزمان يظنون أنّهم كذلك وهذه قمة البؤس والشقاء التي يبلغونها بحيث تغلق أمامهم كافة سبل النجاة.(3)
1. «اصدار» من مادة «صدور» ضد الدخول.
2. «قرظ» بمنى مدح.
3. ذكر بعض شرّاح نهج البلاغة هنا المفردة «فرط» من مادة التفريط و«فوض» من مادة التفويض بدلاً من «قرظ» من مادة «التقريظ» بمعنى المدح والثناء. وحيث آلينا على أنفسنا ألا نجري خلف اختلاف نسخ نهج البلاغة ونكتفي بالنسخة المعروفة المتداولة اليوم، لذلك نغض الطرف عن الخوض في ما ذكروه.
وقال(عليه السلام) في صفتهم الخامسة «لا يحسب العلم في شيء ممّا أنكره، ولا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهباً لغيره». والواقع أنّ هذا من لوازم الضحالة الفكرية وضيق العلم والمعرفة حيث يرى الإنسان نفسه هو العلم الكامل فينكر كل ما ورائه فلا يرى من حرمة لأفكار الآخرين وعلومهم، بينما لا يرى العالم الحق في العلم والمعرفة سوى الاعتراف بالجهل، فيسوقه ذلك إلى التواضع للآخرين والاستماع إلى أقوالهم (فَبَشِّرْ عِـبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(1) فهم يستمعون إلى الآخرين ويصطفون أحسن مايرد في كلامهم، في حين يطالعك الجاهل المغرور الذي يتحدث على سبيل القطع وهو ليس على شيء.
وصفته السادسة التي ذكرها الإمام(عليه السلام): «وان أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه» هذا هو الفارق والحد الفاصل بين العالم والجاهل، فالعالم إذا عرض له أمر مبهم كرس له اهتمامه فان صعب عليه حله وإزالة ابهامه استشار من حوله واستفاد من أفكارهم وانفتح على تجاربهم، بينما يهمله الجاهل ويمر عليه مروراً عابراً، لأنّ يعلم بأن التعامل معه والتفكير فيه لا تزيده سوى فضيحة. وزبدة الكلام فهو يعمل على الخلاف ممّا ورد في الروايات الإسلامية بعدم الحياء من قول لا أدري إذا عرض عليه ما لا يعلمه ولا ينبغي أن يستنكف عن تعلمه «ولايستحين أحد منكم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه»(2). والواقع هو أنّ عدم الالتزام بمضمون هذه الرواية إنّما يقود إلى اضرار فادحة تطيل الشخص والمجتمع الذي يعيش كواحد من أفراده.
ثم أشار الإمام(عليه السلام) إلى حصيلة عمل هؤلاء القضاة الجهال عديمي الورع والتقوى بقوله: «تصرخ من جور قضائه الدما، وتعج(3) منه المواريث». أجل فما أكثر الدماء التي تسفك والأموال التي تهدر وهى تضج بصراخها من الأحكام المجحفة التي يصدرها هؤلاء القضاة الجهال، فيطرق هذا الصراخ ضمير السامع فيهز أعماقه، بينما يعيش هذا الجاهل نشوة الغرور
1. سورة الزمر / 17 ـ 18.
2. نهج البلاغة، الكلمات قصار، الكلمة 82 .
3. «تعج» من مادة «عج» و«عجيج» بمعنى ارتفاع الصوت وهنا بمعنى الصراخ.
فلا يسمع ولا يرى ما حوله. امّا تعبيره(عليه السلام) بـ «تصرخ» و«تعج» فهو تعبير في منتهى الروعة والجمال، حيث عبر عن الدماء التي تراق من غير حلها بالصراخ وكأن لهذه الدماء علم وشعور وإدراك، في حين ليس لهذا الجاهل المغرور مثل هذه المعاني فهو يعيش في جهل مطلق. ومن هنا نعتقد بأنّ ما ذكره بعض الشرّاح من أنّ في الجملة تقدير ينسبون من خلاله هذه الصراخ إلى أولياء الدم وأصحاب الأموال إنّما يقضي على هذه اللطافة والروعة في التعبير. على كل حال فان رسالة القضاء والقضاة التي تهدف إلى حفظ دماء الناس وأموالهم إنّما تضيع في ظل تصدي هؤلاء الجهال لمسند القضاء; الأمر الذي يقود بالتالي إلى تغييب أمن المجتمع وسيادة الفوضى.
والكلام شبيه ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) في رواية «أبو ولاد» حين سمع(عليه السلام)اصدار بعض الأحكام القضائية الظالمة فقال: «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركاتها»(1).
لقد أشار الإمام(عليه السلام) في الخطبة إلى الآفات الخطيرة للجهال المتشبهين بالعلماء وعلماء السوء الذين يشقون أنفسهم وقومهم. وقد تتسبب بعض هذه الأخطار والآفات في سفك دماء الأبرياء وهضم حقوق المظلومين المستضعفين، فتصرخ تلك الدماء من الأحكام الظالمة كما فأن الأموال المهدروة من القضاء الجائر. فقد جاء عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح»(2) كما قال(صلى الله عليه وآله): «من أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك»(3).
والعجيب أن هؤلاء الأفراد كلما عملوا أكثر كان ضررهم أعظم، وهذا ما أشار إليه الإمام
1. وسائل الشيعة 13 / 256.
2. اصول الكافي 1 / 44.
3. اصول الكافي 1 / 43.
الصادق(عليه السلام): «العالم على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلاّ بعداً»(1).
لقد شبه(عليه السلام) علم هؤلاء الجهال المتلبسين بزي العلماء بخيوط العنكبوت; وهو التشبيه الذي اقتبس في الواقع من القرآن الكريم ـ سورة العنكبوت ـ الذي شبه أولياء المشركين ببيت العنكبوت (مَثَلُ الَّذِينَ اتـَّخَـذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْلِـياءَ كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتَّخَـذَتْ بَيْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ). والعنكبوت ينطوي على بعض خصائص العجائب في الخلقة. فالعنكبوت تنسج خيوطها من قطرة لزجة غاية في الصغر في بطنها تلصقها في الخارج بمساعدّة مخلبها; حيث لهذا المائع تركيب خاص يتصلب وينجمد بمجرد ملامسته للهواء، ويعتقد بعض العلماء أن للعنكبوت القدرة على نسج ما يعادل خمسمئة متر من هذه الخيوط بالاستفادة من تلك المادة اللزجة الصغيرة. وهذه الخيوط هى التي تشكل بيت العنكبوت وفخه، إلاّ أنّ القرآن أشار إلى أنّ أوهن البيوت هو بيت العنكبوت، فأية ريح مهما كانت خفيفة تحطم هذا البيت، كما أنّ قطرة الماء تخترقه، وأدنى شعلة نار تخربه، بل ليس له قابيلة استقطاب التراب والغبار فهى الاُخرى تقضي عليه، وهذه هى الصورة الحقيقية لأولياء الشرك وعلم الجهال. فالعلماء الذين يستندون في علمهم إلى القياس والاستحسان وما إلى ذلك إنّما علمهم كبيت العنكبوت أجوف هزيل لا يصمد أمام شيء وليس من شأنه فعل شيء.
كما يفهم من هذا التشبيه بشأن هؤلاء الجهال المتشبهين بالعلماء أنّ فرائسهم كفرائس العنكبوت حيث ينحصر في الأفراد الضحلين الذين لا قيمة لهم كفرائس العنكبوت من الحشرات التافهة.
لقد تطرق الإمام(عليه السلام) في الخطبة إلى عدم استحقاق هؤلاء إلى المدح والثناء الذي يكيله لهم
1. اصول الكافي 1 / 43.
المتملقون من أشباه الرجال; وهو الأمر الذي يستبطن البلاء الذي يعود على هؤلاء الجهال إلى الاعتقاد بالتدريج أنّ لديهم العلم والمعرفة والجدارة والأهلية، فيرون في أنفسهم الكفاءة في التصدي لهذا المنصب الخطير الذي يؤدي بالتالي إلى هلاكهم واهلاكهم. فضرر هؤلاء المتملقين الذين يحيطون بهؤلاء الجهال ويسوقونهم للتصدي للقضاء لا يقل عن خطر هؤلاء الجهال في التصدي إن لم يكن أعظم وأفدح؟ الأمر الذي ذمه القرآن الكريم إلى جانب الروايات الإسلامية. ومن ذلك أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «إذا مدح الفاجر اهتز العرش وغضب الرب»(1) وقال(صلى الله عليه وآله): «من مدح سلطاناً جائراً وتخفف وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه إلى النار»(2). ومن هنا ورد التحذير من مطلق المدح والاطراء لتنبه إلى ذلك حتى الأفراد من أهل الورع والتقوى إلى الأخطار التي ينطوي عليها هذا المديح، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أنّه قال: «احثوا في وجوه المداحين التراب»(3) وهذا ما حذر منه أمير المؤمنين(عليه السلام) مالك الأشتر في عهده الذي عهده إليه حين ولاه مصر بعد أن دعاه إلى مجالسة أهل الورع والتقوى والصدق: «ثم رضهم على ألا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله فان كثرة الاطراء تحدث الزهو وتدني من العزة»(4).
—–
1. بحار الأنوار 74 / 150.
2. بحار الأنوار 72 / 369.
3. بحار الأنوار 70 / 294.
4. نهج البلاغة، الرسالة 53.
«إلَى اللّه أشْكُو مِنْ مَعْشَرِ يَعيشونَ جُهّالاً، وَيَمُوتُونَ ضُلاَّلاً، لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتابِ إِذا تُلِيَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَلا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَلا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتابِ إِذا حُرِّفَ عَنْ مَواضِعِهِ وَلا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ!».
—–
الشرح والتفسير
يختتم الإمام(عليه السلام) خطبته بالشكوى إلى الله بقلب كسير وأنين متواصل من مثل هؤلاء الجهال المتشبهين بالعلماء والقضاة من عبدة الأهواء والشهوات الذين مردوا على الغرور وحب الذات، فقال(عليه السلام): «إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالاً، ويموتون ضلالاً». والواقع هو أنّ الإمام(عليه السلام) ينعتهم بصفات اُخرى استمراراً لما وصفهم به في السابق، فحياتهم بأكملها جهل في جهل فلم يكن موتهم سوى ضلال في ضلال (ففي الحقيقة ان العبارة الثانية نتيجة حتمية للعبارة الاولى) فكيف لا يموت على الضلال من يفني عمره في الجهل.
أمّا الصفة الاُخرى لهم والتي تعدّ علامة فارقة للتعرف عليهم هى: «ليس فيهم سلعة(1)أبور(2) من الكتاب إذا تلى حق تلاوته، ولا سلعة أنفق(3) بيعاً ولا أغلى ثمناً من الكتاب إذا
1. «سلعة» على وزن فرقة، المتاع والبضائع التجارية، وفي الأصل جاءت من مادة «سَلْع» بمعنى الفتحة أو الفُرجة أو الشق، وتطلق على ثغرة الجبل أو شق الجبل، وبما أن البضائع التجارية توضع بشكل علني في منظر ومرآى العيون، لذلك سميت «سلعة».
2. «أبور» من مادة «بَوْر» على وزن غَوْر بمعنى الهلاك والفساد، ومن هنا يطلق هذا اللفظ على الركود في السوق لانه يتسبب في أضرار لرؤوس المال.
3. «أنفق» من مادة «نفاق ونفوق»، وفي الأصل بمعنى الزوال والانعدام، ومن هنا يقال للعطاء والصرف «انفاق»، والظاهر بان ذلك يطلق على الاموال التي تصرف أو تنفق، أي التي تخرج من اليد، واذا استفيد من اللفظ في موضوع الانفاق والعطاء فيكون معناها، البذل والمساعدة، حيث يقصد بها الأموال التي يتم انفاقها.
ويطلق أيضا على رواج الأمتعة في السوق «نَفاق» على وزن «طلاق» وذلك لانها تُسْترى بسرعة من قبل الناس، وبذلك تخرج من السوق.
صرف عن مواضعه». إنّهم يريدون قرآناً ينسجم مع أهوائهم وأغراضهم الفاسدة ونياتهم السيئة، ولما كان القرآن بتفسيره الحق لا ينسجم مع تطلعاتهم، فهم ينبذوه ويعمدون إلى تحريفه وتفسيره برأيهم وما تمليه عليهم خيالاتهم.
والنقطة الجديرة بالذكر هنا هى أنّهم يعيشون في وسط يكن للقرآن منتهى القدسية والاجلال والاكبار على أنّه وحي الله الذي أوحاه إلى نبيّه(صلى الله عليه وآله); الأمر الذي يدفع بهم ولتحقيق أغراضهم ومآربهم إلى التظاهر بالانضواء تحت رايته فيسعون جاهدين لاضفاء الصيغة القرآنية على تحريفاتهم وتفسيراتهم الخاطئة، فيعود هذا الكتاب السماوي الذي يفيض نوراً وهداية إلى وسيلة لاضلال الناس.
أمّا الصفة الأخيرة التي ينعتها بهم الإمام(عليه السلام) فهى «ولا عندهم أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر».
إنّ أعظم فارق بين المؤمنين المتقين وعديمي التقوى إنّما يكمن في كون الفريق الأول يتعامل مع القرآن الكريم والأحكام الشرعية كأصل ثابت ويسعى لتكييف إرادته وشؤونه على ضوئه، فان شعروا بأنّهم أخطأوا أو خرجوا من دائرة تلك الأحكام ندموا وتضرعوا إلى الله وطلبوا منه العفو والمغفرة (إِنَّ الَّذِينَ اتَّـقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّـيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ).
أمّا الفريق الثاني الأناني المغرور فهو يمنح هذه الأصالة لإرادته وأهوائه الطائشة التي لا تعرف القيود والحدود، فهو يسعى لتكييف الآيات القرآنية مع أهوائه ورغباته; ولا عجب
فهو يرى نفسه الأصل والقرآن الفرع، فالأحكام الإلهية محترمة لديه ما كانت منسجمة مع هواه وهوسه، فان لم تكن كذلك ضربها عرض الجدار. ومن هنا وصفه القرآن بالازدواج في التعامل مع الآيات القرآنية (نُؤْمِنُ بِبَعْض وَنَكْفُرُ بِبَعْض) فهو مصداق بارز لقوله سبحانه (أَرَأَيْـتَ مَنِ اتـَّخَـذَ إِلـهَهُ هَواهُ). امّا الاسلوب الآخر الذي درج عليه هذا الفريق فانّما يكمن في التحريف المعنوى للقرآن وتفسيره برأيه، ولا ينشد من ذلك سوى خداع الناس أحياناً أو خداع نفسه أحياناً اُخرى، وهذا ما ذمته بشدة الآيات القرآنية والروايات الإسلامية. فقد أشار القرآن الكريم إلى اليهود التي مارست هذا الاسلوب بالقول: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَـكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(1) ومن المسلم به أنّ مثل هؤلاء الأفراد لا يسلمون لأية حقيقة تطرح عليهم، أنّهم كخفافيش الليل التي تعادي الشمس الحقة، وفوق ذلك أنّهم لم يؤمنوا بالله طرفة عين; ولذلك ورد في الحديث النبوي الشريف عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) انّه قال: «قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي»(2).
كما قال(صلى الله عليه وآله): «أشد ما يتخوف على اُمتي ثلاث: زلة عالم، أو جدال منافق بالقرآن، أو دنيا تقطع رقابكم»(3).
أمّا الحديث عن التفسير بالرأي ومفهومه والأخطار المترتبة عليه فهذا ما سنعرض له في محله في الأبحاث القادمة إن شاء الله.
—–
1. سورة البقرة / 75.
2. بحار الأنوار 89 / 107.
3. بحار الأنوار 89 / 108.
ومن كلام له(عليه السلام)
في ذم اختلاف العلماء في الفتيا وفيه يذم أهل الرأي ويكل أمر الحكم في اُمور الدين للقرآن.(1)
«تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِيَّةُ فِي حُكْم مِنَ الاَْحْكامِ فَيَحْكُمُ فِيها بِرَأْيِهِ، ثُمَّ تَرِدُ تِلْك الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِها عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْكُمُ فِيها بِخِلافِ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْقُضاةُ بِذَلِك عِنْدَ الاِْمامِ الَّذِي اسْتَقْضاهُمْ فَيُصَوِّبُ آراءَهُمْ جَمِيعاً، وَإِلَهُهُمْ واحِدٌ! وَنَبِيُّهُمْ واحِدٌ! وَكِتابُهُمْ واحِدٌ!».
—–
1. طبق ماورد في مصادر نهج البلاغة بشأن سند الخطبة، رواها محمد بن طلحة الشافعي في كتاب مطالب السؤال 1 / 141 وصرح بأن محمد بن طلحة وان عاش بعد الشريف الرضي إلاّ أنّ رواية هذه الخطبة مع بعض الاختلاف الطفيف دليل على وجود مصدر آخر لديه غير نهج البلاغة، ثم أضاف: يستفاد من رواية القاضي نعمان المصري فى «دعائم الإسلام» الذي عاش قبل الشريف الرضي أنّ هذه الخطبة كانت معروفة عند الشيعة. والذي يستفاد من كلام محمد بن طلحة أنّ هذا الكلام هو جزء من الخطبة السابقة، والواقع أنّهما خطبة واحدة مع سابقتها فهى مرتبطة بها تماماً، ولذلك يبرز هنا هذا السؤال: لم فصلهما الشريف الرضي عن بعضهما؟ ذهب صاحب مصادر نهج البلاغة إلى احتمالين:
الأول أن يكون الشريف الرضي نقلهما من مصدرين، والآخر أنّه كتب حقاً: ومن هذا الكلام; أي أنّ هذا الكلام جزء من الخطبة السابقة، إلاّ أنّ نساخ نهج البلاغة التبس عليهم الأمر فكتبوا «ومن كلام له(عليه السلام) الذي يفيد كونه كلاماً مستقلاً». (مصادر نهج البلاغة 1 / 362 مع شيء من التوضيح).
يعتقد بعض المحققين ـ كما ذكرنا سابقاً ـ أنّ هذه الخطبة هى جزء من الخطبة السابقة وقد فككها الشريف الرضي(ره); الأمر الذي يؤيده مضمون الخطبة ومحتواها; فالخطبة السابقة تحدثت عن القضاة والجهال المنحرفين الذين يصدرون الأحكام الجائرة في قضائهم بما يهدد بالصميم أمن الاُمّة وصيانة عرضها وأموالها وأنفسها وبالتالي استشراء الفوضى والفساد في صفوف المجتمع.
كما تحدثت هذه الخطبة هى الاُخرى عن القضاة الذين يستندون في أحكامهم إلى الأدلة الواهية الضعيفة من قبيل القياس والرأي والاستحسان فتوصلهم إلى نتائج خاطئة، والأنكى من ذلك يصوب رئيسهم كل هذه الأحكام المتناقضة ويرى فيها أحكام الله المطابقة للواقع. ثم يتطرق الإمام(عليه السلام) إلى ابطال نظرية التصويب (النظرية التي ترى أن آراء القضاة وفتيا الفقهاء تمثل الأحكام الإلهية الواقعية رغم تضادها وتضاربها مع بعضها)، على أساس الأدلة المنطقية التي تفند مثل هذه العقيدة، ثم يكشف النقاب عن السبيل الذي يقود إلى الحق في هذه القضايا الإسلامية التي ضل فيها الكثيرون.
والخطبة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: في الحديث عن الاسلوب الذي اعتمده القضاة في تعاملهم مع القضايا والتي تستبطن الأحكام المتناقضة التي تخالف أحكام الله.
والقسم الثاني: في ابطال النظرية التي تصرح بصواب الجميع.
وأخيراً القسم الثالث الذي يتحدث في الإمام(عليه السلام) عن عظمة القرآن وكونه المرجع الفصل في حل جميع الاختلافات.
—–
الشرح والتفسير
يستهل الإمام(عليه السلام) كلامه بالقول: «ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم
فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله» ثم أردفه(عليه السلام)بالقول «ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً، وإلههم واحد أو نييهم واحد! وكتابهم واحد».
![]() |
![]() |