![]() |
![]() |
جدير بالذكر أنّ الآية الشريفة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ)جعلت التقوى هى المعيار الرئيسي لكرامة الإنسان وقيمته ; الأمر الذي يؤكد المعنى المذكور في أنّ السبيل الوحيد للنجاة غداً إنّما يكمن في التقوى والتي عبّر عنه أحياناً بالزاد وأحياناً اُخرى بصفتها تمثل ملاك الكرامة الإنسانية. وهذا ما وضحته بعض العبارات الواردة في الخطبة 204 من نهج البلاغة «وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فانّ أمامكم عقبة كؤودا ومنازل مخوفة مهولة لابدّ من الورود عليها والوقوف عندها». نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لتوفير هذا الزاد القيم قبل فوات الأوان، فلا نرد ذلك السفر بأيدي خالية، والحق أنّها خالية مقارنة بما عليه تلك الدار.
لابدّ من التعامل بصورة جادة مع التحذير الذي اُختتمت به الخطبة بشأن الأخطار الكبرى التي يفرزها إتباع الهوى وطول الأمل ; فهما مكمن الخطر والمأساة التي تصيب الإنسان. فاتباع الهوى يعد أعظم عقبة تعترض سبيل سعادة الإنسان. فالاستسلام المطلق للشهوات والأهواء النفسية يعد العدو اللدود لسعادة البشرية. القرآن الكريم من جانبه حذر حتى الأنبياء من هذا العدو الفتاك، ومنهم نبي الله داود (عليه السلام)الذي قال بشأنه (وَلا تَـتَّبِـعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ)(1) كما صور هوى النفس في موضع آخر بالصنم الذي يعبد من دون الله (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّـخَذَ إِلـهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللّهُ عَلى عِلْم وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(2). والحق أن إتباع الهوى ليعمي البصيرة ويصم السمع ويختم على العقل والفكر ويحول دون الإنسان وتمييز بديهيات الحياة، فهل هنالك من خطر أعظم وأفدح منه ؟! ومن هنا اقتصر القرآن بوعده الجنّة لاُولئك الذين يخشون الله ويسيطرون على أهوائهم (وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَـأْوى)(3).
طول الأمل هو الآخر من أسوأ وأخطر العقبات التي تعترض سبيل السعادة الإنسانية ; فقد دلت التجارب على مدى التأريخ أنّ آمال الإنسان الخيالية لا تقف عند حدود، فلا يزداد نحوها إلاّ تعطشاً. ومن الطبيعي أنّ مثل هذه الآمال تشل حركة الإنسان وتسلبه جميع طاقاته الفكرية والبدنية ولا تبقى له شيئاً يشده نحو الآخرة. فاننا نعرف بعض الأفراد الذين عاشوا هذه الآمال الكاذبة حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم دون أن يلتفتوا حتى لتربية فلذات أكبادهم. ومن عجائب هذه الآمال، أنّ الإنسان كلما تقدم أكثر كانت هذه الآمال أكذب بحيث تضاعف غرور الإنسان وتصده عن الواقع. وهذا هو الوضع السائد لدى الكفّار والذي أشار إليه القرآن في خطابه لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَـتَمَـتَّعُوا وَيُلْهِـهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ
1. سورة ص / 26.
2. سورة الجاثية / 23.
3. سورة النازعات / 40 ـ 41.
يَعْلَمُونَ)(1)، المعنى الذي أشار إليه الإمام (عليه السلام) في قصار كلماته في نهج البلاغة «من أطال الأمل أساء العمل»(2).
ويبدو أن تلك الآمال متعذرة النيل من خلال الأسباب المشروعة، وهى لا تتيسر إلاّ من خلال خلط الحلال بالحرام وهضم حقوق الآخرين ونسيان الله والآخرة. ومن هنا حذر الإمام (عليه السلام) في الخطبة 86 من نهج البلاغة أولئك الذين ينشدون السعادة بالقول «واعلموا أنّ الأمل يسهي العقل وينسي الذكر فأكذبوا الأمل فانه غرور وصاحبه مغرور» ويبدو قصر الأمل على درجة من الأهمية بحيث اعتبره الإمام (عليه السلام) الركن الأصلي للزهد، وهذا ما أورده في الخطبة 81 من نهج البلاغة «أيها الناس، الزهادة قصر الأمل والشكر عند المنعم والتورع عند المحارم». وآمال الإنسان كانت ومازالت أبعد وأطول من عمر الإنسان وإمكاناته وقدراته ; الأمر الذي لا يجعل أهل الهوى وطلاب الدنيا يحققون تلك الآمال ويظفروا بها أبداً، وغالباً ما يودعون الدنيا بمنتهى الانزجار والاستياء في لحظات نزع أرواحهم. وبالطبع لا ينبغي الغفلة عن الأمل بشكل الدافع الأساس لسعي الإنسان وجهده وانطلاقته في هذه الحياة، وعليه فالأمل حسن وليس بقبيح ولا يمكن مواصلة الحياة من دونه، إلاّ أنّ المذموم إساءته وطوله وبعده عن الواقع واستناده إلى الوهم والخيال. ومن هنا ورد في الحديث «الأمل رحمة لامتي ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ولا غرس غارس شجراً»(3).
وبناءً على ما تقدم فان وظيفة أساتذة الأخلاق خطيرة ثقيلة ; وذلك لأنّهم لابدّ أن يضيئوا نور الأمل في قلوب الناس من جهة ومن جهة اُخرى ينبغي أن يبقوا عليه متوازناً بعيداً عن الإفراط. والآمال المنطقية هى تلك التي تنسجم ومتطلبات الإنسان وقدراته الواقعية بحيث لا تبعده عن هدفه المنشود. وبالطبع فانّ الإسلام لا يعارض التخطيط والبرمجة من أجل المستقبل والتطلع إلى الغد ولا سيما بالنسبة للأنشطة الاجتماعية التي تعود بالنفع على المجتمع الإسلامي وتضع حداً للتبعية لأعداء الإسلام، فانّ مثل هذه الأنشطة ليست مذمومة فحسب،
1. سورة الحجر / 3.
2. نهج البلاغة، الكلمات القصار / 36.
3. بحار الأنوار 74 / 173.
بل تعتبر عبادة والمذموم في الإسلام أنّ الإنسان يغرق في هالة من الآمال الفارغة التي تنسي الآخرة، وبالتالي لا يظفر الإنسان بها مهما جند طاقته وإمكاناته.
وفي الحياة الفردية مطلوب هو التفكير في العاقبة والذي إصطلحت عليه الروايات بالحزم. والمذموم في الإسلام أن يغرق الإنسان في الأمل حتى ينسى الآخرة، ويفنى كل طاقته وقواه في ذلك الأمل الذي لن يبلغه قط.
قال السيد الشرف(رض) وأقول: إنه لو كان كلام يأخذ بالاعناق إلى الزهد في الدنيا ويضطر إلى عمل الآخرة، لكان هذا الكلام وكفى به قاطعاً لعلائق الآمال وقادحاً زناد الاتعاظ والازدجار ومن أعجبه قوله(عليه السلام): «ألا وإنَّ الْيوم المضمار وغداً السِّباق، والسّبقة الجنّة والغاية النّار»، فإن فيه ـ مع فخامةِ اللفظ وعظم قدر المعنى وصادق التمثيل، وواقع التشبيه ـ سرّاً عجيباً ومعنى لطيفاً، وهو قوله(عليه السلام): «والسّبقة الجنّة، والغاية النّار» فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين ولم يقل: «السّبقة النّار». كما قال، «السّبقة الجنّة»; لأن الاستباق انما يكون إلى امر محبوب وغرض مطلوب وهذه صفة الجنّة وليس هذا المعنى موجوداً في النار، نعوذ باللّه منها...!
—–
ومن خطبة له (عليه السلام)
بعد غارة الضحاك بين قيس ـ صاحب معاوية ـ على الحاج بعد قصة الحكمين، وفيها يستنهض أصحابه لما حدث في الأطراف.
كما ورد في أسناد الخطبة فان بعض المحققين يرون أن هذه الخطبة جزء من الخطبة السابعة والعشرين ; ويبدو أنّها كذلك، لأنّ مضامينها واحدة تفيد مدى ضعف أهل الكوفة والعراق تجاه حملات معاوية وأهل الشام، وكأنّهم لم يشعروا بما كان يدور حولهم والجرائم البشعة التي كان يرتكبها الشاميون. فقد جعل الإمام (عليه السلام) يمطرهم بوابل الذم والتشنيع لعلهم يفيقون إلى أنفسهم وينتبهوا إلى الأخطار التي كانت محدقة بهم. فقد قال ابن أبي الحديد:
1. قال صاحب مصادر نهج البلاغة هذه من الخطب المعروفة التي رواها أغلب العلماء والمحدثين الذين عاشوا قبل السيد الرضي(ره) ومنهم:
1 ـ الجاحظ في البيان والتبيين 1 / 170.
2 ـ ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة 1 / 150.
3 ـ ابن عبد ربة في العقد الفريد 4 / 71.
4 ـ البلاذري في كتاب أنساب الأشراف (في شرح سيرة علي (عليه السلام)) / 380.
5 ـ القاضي نعمان المصري في دعائم الإسلام 1 / 391 (مع اختلاف وما ورد في النهج وقال الشارح الخوئي يستفاد من بحار الأنوار والاحتجاج والإرشاد أنّ هذه الخطبة جزء من الخطبة 27 (شرح نهج البلاغة، الخوئي 4 / 21).
كانت غارة الضّحاك بن قيس بعد الحكَمَيْن، قبل قتال النّهْرَوَان، وذلك أنّ معاويةَ لَمّا بلغه أنّ عليّاً عليه السلام بعد واقعة الحكمين تحمّل إليه مُقبلاً، هاله ذلك، فخرَج من دِمَشْق معسكراً، وبعث إلى كُور الشام، فصاح بها: إنّ عليّاً قد سار إليكم. وكتب إليهم نسخة وا حدة، فقرِئَتْ على الناس:
—–
فعند ذلك دعا معاوية الضحّاك بن قيس الفِهْريّ، وقال له: سرْ حتى تمرَّ بناحية الكوفة وترتفعَ عنها ما استطعت، فمَنْ وجدْتَه من الأعراب في طاعة عليّ عليه السلام فَأغِرْ عليه، وإن وجدتَ له مَسْلَحَةً أو خيلاً فأغِرْ عليها، وإذا أصبحتَ في بلدة فأمْس في اُخرى، ولا تُقيمنّ لخيل بلغك أنّها فقد سُرِّحت إليك لتلْقاها فتقاتلها. فسرّحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف.
فأقبلَ الضّحاك، فنهب الأموال وقتل مَنْ لِقيَ من الأعراب، حتى مر بالثّعْلَبيّة فأغار على الحاجّ، فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقيَ عمرو بن عُمَيس بن مسعود الذُّهْليّ، وهو ابن أخ عبداللّه بن مسعود، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، فقتله في طريق الحاجّ عند القُطْقُطَانة. وقتلَ معه ناساً من أصحابه.
استصرخ أميرالمؤمنين عليه السلام الناسَ عُقيبَ غارة الضحك بن قيس الفهريّ على أطراف أعماله، فتقاعدُوا عنه، فخطبهم.(1)
—–
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 / 117.
«أَيُّها النّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدانُهُمْ، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْواؤُهُمْ! كَلامُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّلابَ، وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الاَْعْداءَ! تَقُولُونَ فِي الْمَجالِسِ: كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِيدِي حَيَادِ! مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعاكُمْ، وَلا اسْتَراحَ قَلْبُ مَنْ قاساكُمْ، أَعالِيلُ بِأَضالِيلَ وَسَأَلْتُمُونِي التَّطْوِيلَ، دِفَاعَ ذِي الدَّيْنِ الْمَطُولِ».
—–
الشرح والتفسير
ذكرنا سابقاً أنّ الخطبة اُلقيت في ظروف عصيبة جدّاً، حيث شنت الغارات تلو الغارات على أهل العراق، جعلت الإمام (عليه السلام) يسعى جاهداً لا عداد الناس، إلاّ أنّ الضعف والوهن كان قد بلغ مبلغه منهم بحيث لم تعد لهم من قوة تذكر، فلم يكن أمام الإمام (عليه السلام)من سبيل سوى اللجوء إلى آخر حربة من أجل تعبئتهم واستنفار طاقاتهم وهى توبيخهم وذمهم علهم يلتفتون إلى أنفسهم ويبصروا الأخطار التي كانت تتربص بهم.
فقد استهل الإمام (عليه السلام) خطبته بالتعرض إلى العامل الرئيسي الذي يقف وراء ذلك الضعف والذلة والهوان والذي يعزى إلى عدم الانسجام بين الأقوال والأفعال الذي يستند إلى ضعف الاعتقاد الباطني بالأهداف المقدسة النبيلة فقال (عليه السلام): «أيّها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم»، أمّا كلامهم فقد كان شديد يخترق الصخور، أمّا أعمالهم فقد كانت هزيلة لا تنسجم وذلك الكلام «كلامكم يوهي(1) الصم(2) الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء».
1. «يوهي» من مادة «وهى»، عناها صاحب المقاييس بالضعف ومن هنا يصطلح على الكلام الضعيف بالواهي. فالعبارة تعني أن كلامكم يضعف ويفتت.
2. «الصم» جمع «أصم» وهو من الحجارة الصلب المصمت، و«الصلاب» جمع صليب، والصليب الشديد.
أجل إنّ ذلكم وهوانكم إنّما أفرزه شقاقكم وفرقتكم. إنّكم متحدون ظاهراً، مختلفون باطناً، وهذا ما أدى بكم إلى الاكتفاء بالأقوال الطنانة الرنانة بدلاً من الأفعال والأعمال ; الأمر الذي يؤدي إلى تآكل المجتمعات وانهيارها إذا ما عاشت هذه الحالة «تقولون في المجالس: كيت وكيت(1)، فاذا جاء القتال قلتم: حيدي حياد(2)».
فالواقع هذه بعض الصفات البارزة للمنافقين والأفراد الضعاف النفس المسلوبي الإرادة الذين يكثرون الحديث في المجالس الخاصة والعامة ويستعرضون معاني الشجاعة والبسالة والعزم والإرادة الراسخة، وكأن قدرة هؤلاء لا تتجاوز هذه الأحاديث، فاذا وردوا ميدان القتال استحوذ عليهم الخوف والهلع وكأنّهم يصرخون، إليك عنّا أيّها القتال فارقنا وابتعد، بل هم مرعبون من ميدان الحرب والقتال ويختلقون مختلف الأعذار للفرار من الميدان. والعبارة «حيدي حياد» من مادة حيد بمعنى الميل والانحراف عن الشيء وتقابلها العبارة «فيحي فياح» بمعنى الرغبة في الشيء. ولعل المخاطب بالعبارة «حيدي حياد» الجنود والمقاتلون الذين تدعوهم عناصر النفاق والانهزام إلى اعتزال الميدان، وعلى العكس من ذلك دعوة عناصر القوة والاقتدار إلى القتال بقولها «فيحي فياح». كما يحتمل أن يكون المراد قولهم للمعركة ابتعدي عنا ; الأمر الذي يكشف عمق خوفهم من قتال العدو، كما يمكن أن يكون المراد أنّهم كانوا يخاطبون أنفسهم بهذه العبارة بغية الاسراع في الابتعاد والاعتزال. وما أشبه هذه الطائفة المنافقة بمنافقي عصر الرسالة الذين صورتهم سورة الأحزاب: (قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ المُعَـوِّقِـينَ مِنْكُمْ وَالقائِلِـينَ لاِِخْوانِـهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ البَأْسَ إِلاّ قَلِـيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة حِداد أَشِحَّةً عَلى الخَيْرِ أُولـئِكَ لَمْ يُـؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللّهُ
1. «كيت وكيت» من مادة «تكييت» بمعنى اعداد جهاز الناقة أو ملأ ظرف الماء، إلاّ أنّ العبارة كيت وكيت تستعمل حيث يريد الفرد عمل كل شيء عن طريق الكلام، وهما كلمتان لا تستعملان إلاّ مكررتين ككناية عن الحديث.
2. «حيدي حياد»: صيغة فعل أمر من مادة «حيود» كنزال بمعنى أنزل، وهى كلمة يقولها الهارب عند الفرار والكتمان تأكيد لاحداهما الأخرى حيث تعني الميل والانحراف عن الشيء.
أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذ لِكَ عَلى اللّهِ يَسِـيراً)(1). لقد كانت هناك عدّة معدودة على هذه الشاكلة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، غير أنّه من المؤسف أنّ الأكثرية الساحقة لأهل الكوفة ـ التي كانت تمثل جيش الإمام (عليه السلام) ـ كانت كذلك. ثم قال (عليه السلام): «ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم» يبدون أنّ هذه العبارة تشكل رداً على أولئك الذين يشكلون على مثل هذه الخطب في أنّ الإمام (عليه السلام)لم يكتف بالموعظة ولا يمارس الضغوط من أجل حشدهم للجهاد ; الأمر المتعارف لدى الحكام في كافة أرجاء المعمورة؟ فالإمام (عليه السلام) يقول: لو تركتكم وحالكم أحراراً ودعوتكم للجهاد لم تلبوا دعوتي، ولو شددت عليكم في هذه الدعوة فأنتم كذلك، وما ذلك منكم بعجيب فأنتم أفراد ضعاف النفس والإرادة ولستم إلاّ إلباً لأعدائكم على أوليائكم. وقد أثبت التأريخ أن هؤلاء الأفراد أصبحوا جنوداً مجندة لبني أمية ومن كان على شاكلة ابن زياد والحجاج إثر خشيتهم من التهديدات التي تطيل أموالهم وأعراضهم، ولكن ليس لحكام العدل ولا سيما علي (عليه السلام) من اتباع هذا الاسلوب في تعبئة الأفراد. ثم قال (عليه السلام)«أعاليل بأضاليل(2)» كل ذلك قعوداً عن الجهاد ودفعاً بي إلى تأخيره، كالمدين الذي يناشد الدائن تمديد الأجل «وسألتموني التطويل دفاع ذي الدين المطول» نعم هذا هو حال الأفراد الضعاف من أهل المزاعم والإدعاءات دون الأفعال، ليس لهم من هم سوى خلق الأعذار والتشبث بالذرائع من أجل التهرب من المسؤولية، القرآن من جانبه صور حالة المنافقين على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)الذين كانوا يحاولون بشتى الطرق التملص من خوض القتال فعزى ذلك إلى حبهم للدنيا وإيثارها على الآخرة (يا أَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِـيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِـيلِ اللّهِ اثّـاقَلْتُمْ إِلى الأَرضِ أَرَضِـيتُمْ بِالحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إِلاّ قَلِـيلٌ).(3)
1. سورة الاحزاب / 28 .
2. «أعاليل» جمع اعلولة، ما يتعلل به و«أضاليل» جمع اضلولة بمعنى أسباب الضلالة، أي انكم تتشبثون بأسباب واهية من أجل إضلال أنفسكم والآخرين.
3. سورة التوبة / 38.
هنالك سؤال يطرح نفسه وهو: لم كل هذا الضعف الذي ساد أهل الكوفة مع وجود ذلك الإمام العادل والحكيم المعروف والمجرب في ساحات الوغى، في حين كان أهل الشام أكثر قوة وفاعلية منهم والحال كان حاكمهم معاوية؟ ويبدو أنّ الجواب على هذا السؤال كما أشرنا سابقاً يكمن في الآلية الاجتماعية التي كانت عليها الناس آنذاك. فالكوفة لم تكن تتمتع بسابقة تأريخية تذكر، بل كانت منطقة حديثة ضمت أقواماً مختلفة ذات ثقافات متنوعة، عاشت حالة من التنافس الظاهري والباطني، خلافاً لأهل الشام الذين كانوا يتمتعون بالوحدة واللحمة. أضف إلى ذلك فانّ أغلب خصوم الدعوة من منافقي المدينة وسائر المناطق كانوا قد اتجهوا صوب الكوفة وأخذوا يمارسون دعاياتهم المغرضة التي تهدف إلى شق الصفوف وزرع بذور الفرقة والاختلاف في صفوف أهل الكوفة، إلى جانب العمل على إضعافهم في مجابهة العدو. من جانب آخر فان الفتّوحات الإسلامية آنذاك قد جرت ثروات طائلة، ولا يخفى أن طبيعة الثروة إنّما تختزن الدعة والرفاه والعافية ; الطبيعة التي لا تنسجم وروح القتال والجهاد.
ومن هنا كان أهل الكوفة يقتنصون الأعذار التي تمكنهم من أداء وظيفتهم الجهادية حتى في أحلك الظروف التي شنت عليهم الغارات وجرعوا فيها غصص الذل والهوان من قبل بني أمية وجيوش الشام. نعم إنّ الأمّة كانت تلهث وراء الحكام الذين عبثوا ببيت المال وأغدقوا مافيه على الرعية، ولم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) مستعداً للتفريط بصاع من بيت مال المسلمين لأقرب المقربين كائناً من كان. وهذه هى العلة الاُخرى التي ساقها أمير المؤمنين في كشفه النقاب عن روحية الأمّة «وإنّي لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم ولكني لا أرى صلاحكم بافساد نفسي»(1).
—–
1. نهج البلاغة، الخطبة 69.
«لا يَمْنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ وَلا يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلاَّ بِالْجِدِّ! أَيَّ دار بَعْدَ دارِكُمْ تَمْنَعُونَ، وَمَعَ أَيِّ إِمام بَعْدِي تُقاتِلُونَ؟ الْمَغْرُورُ ـ وَاللّهِ ـ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَمَنْ فازَ بِكُمْ، فَقَدْ فازَ ـ وَاللّهِ ـ بِالسَّهْمِ الاَْخْيَبِ، وَمَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ ناصِل».
—–
الشرح والتفسير
أشار الإمام (عليه السلام) إلى ركن مهم في الحياة الإنسانية فقال «لا يمنع الضيم(1) الذليل، ولا يدرك الحق إلاّ بالجد» ما أجدر أن تكتب هذه العبارة بماء الذهب وتتلى صباح مساء في أفنية مستضعفي العالم حتى تصبح جزءاً من ثقافتهم وتترسخ في أعماقهم. نعم إن الطغاة جرعوا الأذلاء والعجزة صنوف العذاب والظلم والاضطهاد ولم ينصفوهم ويمنحوهم حقوقهم، فالحق يؤخذ بالقوة إستناداً لمعاني العمل والسعي الدؤوب والاثرة وحمل السلاح وخوض غمار القتال، فالطغاة الجبابرة لا يفهمون سوى لغة الحديد والنار ولابدّ من مجابهتهم بالقوة. ويبدو أنّ طبيعة العالم كذلك في أن سبيل بلوغ الأهداف العليا المادية والمعنوية إنّما عبد بالمطبات والعقبات الكؤود، ولا يظفر بهذه الأهداف من لم يقاوم هذه العقبات. ثم يقطع الإمام (عليه السلام) كافة الأعذار على هؤلاء فيخاطبهم ماذا تنتظرون، وعن أي دار تدافعون، ومع من تقاتلون وأنا بين أظهركم «أي دار بعد داركم تمنعون ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟». نعم لن يسعكم الدفاع عن أي دار طالما تخاذلتم في الدفاع عن داركم بصفتها دار الإسلام، وإذا لم تلتحقوا بي في القتال
1. «الضيم» يعني الظلم والاضطهاد.
فلن يسعكم القتال مع أي أحد بعدي. وعليه فليس أمامكم سوى الأسر والعبودية للعدو فيسلبوكم الإرادة والاختيار ـ فالواقع هو أنّ الإمام (عليه السلام) أراد حثهم على القتال من خلال بعض المعاني التي تثير في نفوسهم الحمية والغيرة، فالوطن لا يسلم دون الدفاع عنه، وإن كانت لهم أدنى رابطة بإمامهم فهم مطالبون بالقتال فما عسى أن يكون الإمام من بعده والذي يسعهم القتال معه. ثم يخلص الإمام (عليه السلام) إلى عدم إمكانية خوض القتال بمثل هذه العناصر الضعيفة الهزيلة التي فقدت مقومات المقاومة والثبات «المغرور ـ والله ـ من غررتموه»(1).
فالمحتال الخادع قد يتلاعب ببعض ممتلكات الناس ويمدّ يده إلى بعض حاجاتهم، أما أنتم فقد سلبتموني كل شيء وقد وليتم ظهوركم للعدل والطهر والتقوى والعزة والرفعة فضيعتم حقوق المسلمين ولاسيما المستضعفين والمحرومين. ثم قال (عليه السلام): «ومن فاز بكم، فقد فاز ـ والله ـ بالسهم الأخيب»(2). إشارة إلى أنّ مساعدتكم ونصرتكم ليست بشيء، ومن يعتمد عليكم كمن يشترك في اقتراح لا تنطوي نتيجته سوى على الخسران.
فالإمام (عليه السلام) يرى في نصرة أهل الكوفة الهزيمة الفشل وقد شبهها تشبيه رائع في أنّ الفوز بهم كالفوز بالسهم الأخيب الخاسر. ثم أورد شبهاً آخر فقال (عليه السلام): «ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل» في إشارة إلى أنّ أهل الكوفة فاقدون لكافة مقومات الهجوم على العدو من قبيل قوة الإيمان التقوى والشجاعة، وقد فقدوا كافة القيم إثر تعلقهم بالحياة الدنيا والاغترار بزخارفها وزبرجها.
ما نفهمه من قوله (عليه السلام) «لا يدرك الحق إلاّ بالجد» أنّ الحق يؤخذ ولا يعطى ; أي لا يمكن التطلع إلى الحصول على الحق في ظل الحكومات الغاشمة التي تعتمد اسلوب القوة وتمارس الظلم والاضطهاد بحق الطبقات المحرومة والمستضعفة ; ولا غرو فأساس قوتهم وقدرتهم إنّما
1. ان تقديم المغمور ـ الخبر للمبتدأ ـ يفيد الحصر، أي المغرور الواقعي هو هذا الفرد.
2. «أخيب» من مادة «خيب» بمعنى فقدان الشيء.
تكمن في غصبهم لحقوق الآخرين، وعليه فلا تعنى إعادة هذه الحقوق المغتصبة سوى تجريدهم من هذه القوة ; الأمر الذي لن يحدث قط. وهنا يحث الإمام (عليه السلام)كافة المحرومين والمستضعفين على الوحدة ورص الصفوف لاستعادة حقوقهم السليبة من الظلمة والطواغيت وأنّهم غالبون لا محالة، فالطغاة ليسوا مستعدين للتضحية، بينما يضحي المستضعفون بالغالي والنفيس من أجل إحقاق حقوقهم. طبعاً ملئت الدنيا اليوم بالشعارات التي تتبنى حقوق الإنسان وتطالب بإعادة حقوق المحرومين، غير أنّ التجربة أثبتت بالأدلة القاطعة أن هذه الشعارات لاتعد كونها مصائد تهدف اغفال الطبقات المسحوقة والمعدمة والاستسلام إلى ارادة الأقوياء ; الأمر الذي يثبت أنّ الحق يؤخذ ولا يعطى. فالمؤمنون لا يسعهم الوقوف مكتوفي الأيدي حيال الظالمين الذين يتلاعبون بمقدراتهم. وعليهم أن يتعلموا الدروس والعبر التي لقّنها الإمام الحسين (عليه السلام) البشرية جمعاء في الصبر والتضحية والفداء، فما زالت صرخاته تدوي في الاسماع «ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة! وهيهات له ذلك! هيهات مني الذلة! أبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحدود طهرت وحجور طابت، أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام»(1). كما أكد القرآن الكريم على جانب الصبر والصمود والمقاومة لدى المؤمنين، ومن ذلك الآية 214 من سورة البقرة (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّـرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ). وهى الحقيقة التي نلمسها بوضوح في كافة الغزوات الإسلامية من قبيل بدر وأحد والأحزاب وتبوك وحنين، التي كان ينتصر فيها المسلمون بسلاح الإيمان والصبر، صحيح أنّ النصر من عند الله، إلاّ أنّ الامداد الغيبي والعناية الإلهية كانت مكملة للأسباب الظاهرية والعدة والعدد التي كان عليها المسلمون. فهذا أحد القوانين التأريخية الثابتة، فلا يقتصر على صحب النبي(صلى الله عليه وآله) والإمام الحسين(عليه السلام)، كما لايرتبط بالأمس واليوم، بل يشمل المستقبل كالماضي على حد سواء.
1. بحار الأنوار 45 / 83 .
لقد لجأ الإمام علي (عليه السلام) إلى مختلف الأساليب من أجل إثارة مشاعر أهل الكوفة وتعبئتهم لقتال العدو، ومن ذلك تأكيده على مسألة الدفاع عن الوطن «أي دار بعد داركم تمنعون» ؟ في إشارة واضحة إلى علاقة كل فرد بوطنه وأنّه يهب للدفاع عن هذا الوطن إذا تعرض للخطر مهما كانت المدرسة والفكرة التي يؤمن بها وينتمي إليها، إلاّ أنّ المؤسف له أنّ هذه الروح هى الاخرى قد ماتت فيهم. وهنا يبرز هذا السؤال: هل حرمة الوطن في الإسلام بصفته يمثل دار الإسلام أم هناك شيء آخر ؟ أي البلد الإسلامي يكتسب حرمته كونه بلداً إسلامياً، أم هناك حرمة ذاتية لكل بلد بحيث تتضاعف هذه الحرمة لو أصبح جزءاً من دار الإسلام ؟ يمكن العثور على أجوبة هذه الاسئلة في الآيات القرآنية والروايات الإسلامية ; الأمر الذي يؤكده العقل أيضاً. فقد توالت الآيات التي ذهبت إلى أنّ الاخراج من الوطن إنّما يضاد القيم الإنسانية ; الأمر الذي يعني حرمة الوطن الذاتية، وهذا ما نلمسه بوضوح في الآيات القرآنية الثامنة والتاسعة من سورة الممتحنة (لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِـينَ * إِنَّما يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولـئِك َ هُمُ الظّالِمُونَ) فقد اعتبرت الآيتين الكريمتين الاخراج من الوطن بمثابة المقاتلة في الدين، الأمر الذي يؤكد قيمة الوطن كما صرحت بذلك الآية 246 من سورة البقرة على لسان بني اسرائيل (قالُوا وَما لَنا أَ لاّ نُقاتِلَ فِي سَبِـيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) فهى تدل على أنّ دافعهم الجهادي إلى جانب حفظ الدين ينطوي على انقاذ الوطن، وقد أقر نبيّهم هذا الدافع دون أن يعترض عليه، ونوكل الحديث في الآيات الاُخرى الواردة بهذا المجال إلى محلها.
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان شديد التأثر اثر هجرته من مكة، طبعاً صحيح أنّ مكة كانت تمثل قيمة دينية كبيرة، إلاّ أنّها كانت تعني إلى جانب ذلك بالنسبة للنبي (صلى الله عليه وآله) وطنه ومسقط رأسه، ومن هنا خفف عنه القرآن بقوله (إِنَّ الَّذِي فَـرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعاد)(1).
1. سورة القصص / 85 .
وورد في الحديث عن علي (عليه السلام): «عمرت البلدان بحب الاوطان»(1) وقال أيضاً «من كرم المرء بكائه على ما مضى من زمانه وحنينه إلى أوطانه»(2).
وجاء في الحديث المعروف «حبّ الوطن من الإيمان»(3).
فالذي نخلص إليه أنّ حبّ الوطن والتعلق به يستند إلى جذور قرآنية ونبوية إلى جانب تأييد العقل والمنطق. الا ان هذا لا يعني تعلق الفرد بوطنه بصورة مطلقة بحيث لا يتركه طلب العلم والتكامل ونيل المنافع المعنوية والقيم الإلهية ومن هنا ورد الحديث عن علي (عليه السلام): «ليس بلد بأحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك»(4). وأخيراً فان الوطن يكتسب قيمة مضاعفة إذا ما انضمت إليه الجوانب المعنوية علاوة على الجوانب المادية، فيصبح دار الإسلام، فيهب الفرد بكل ما أوتي من قوة للدفاع عنه والذود عن كيانه.
—–
1. بحار الأنوار 75 / 45.
2. بحار الأنوار 7 / 264.
3. سفينة البحار، مادة وطن.
4. نهج البلاغة، الكلمات القصار، 442.
«أَصْبَحْتُ وَاللّهِ لا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَلا أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ، وَلا أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ. ما بالُكُمْ؟ ما دَواؤُكُمْ؟ ما طِبُّكُمْ؟ الْقَوْمُ رِجالٌ أَمْثالُكُمْ أَقَوْلاً بِغَيْرِ عِلْم؟ وَغَفْلةً مِنْ غَيْرِ وَرَع؟! وَطَمَعاً فِي غَيْرِ حَقّ؟»
—–
الشرح والتفسير
يختتم الإمام(عليه السلام) هذه الخطبة ـ التي تعدّ من الخطب الأليمة للإمام (عليه السلام) بمعاودة ذم اُولئك القوم الذين ماتت أرواحهم علهم يفيقون قليلاً فيعبئوا أنفسهم ويستغلوا إمكاناتهم ويهبوا للقاء عدّوهم فيريحوا الاُمّة الإسلامية من شر أهل الشام الذين يمثلون حثالات زمان الجاهلية، فقد قال (عليه السلام): «اَصبحت والله لا أصدق قولكم، ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدو بكم».
![]() |
![]() |