![]() |
![]() |
فاستاء الإمام(عليه السلام) وقال: «هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله» وقيل إنّ الإمام (عليه السلام) لم يأذن لابن جرموز بالدخول عليه وقال: «بشر قاتل ابن صفية بالنار» وقال البعض أنّ ابن جرموزغضب غضباً شديداً فقتل نفسه. وقد صرحت بعض المصادرالتأريخية أن معاوية هو الذي شجع طلحة والزبير على نقض البيعة والقيام ضد علي (عليه السلام)(1).
لا شك إنّ قضية طلحة والزبير بينبغي أن تكون لنا درساً وعبرة فلا ننغر بأعمالنا، وكيف أنّ الإنسان يعيش مع الحق ويجاهد في سبيله ثم يستلل حب الدنيا والحياه إلى قلبه فيقوده إلى الباطل اللّهم إجعل عاقبة أمرنا خيراً.
لقد تضمنت رسالة الإمام (عليه السلام) الإشارة إلى أحد الشروط المهمّة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألا وهو إحتمال التأثير.
فقد قال (عليه السلام):«لا تلقين طلحة فانك إن تلقه تجده كالثور عاقصاً قرنه، ولكن إلق الزبير فانه ألين عريكة» فمن الطبيعي أنّ طاقة الإنسان وقدرته محدودة ولابدّ له من استهلاكها في محلها الذي يتوقع فيه التأثير.
فاذا أحتمل عدم التأثير فلا ينبغي له أن يصرف جهده عبثاً، وبالطبع فقد قلنا احتمال التأثير وليس اليقين فيتعلل بعدم الأمر لعدم وجود اليقين في التأثير! كلا إلى جانب ذلك
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 231.
ينبغي معرفة المعروف والمنكر وعدم وجود الخطر آنذاك تبرز وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويفهم من رسالة الإمام (عليه السلام) أنّ لبعض الناس طباع كطباع الحيوانات فالبعض كالثعلب أو الذئب وبعضهم شجاع كالأسد وآخر من أهل الشهوات كالخنزير وبعضهم جاهل كالبقر و... و قد شبه الإمام (عليه السلام) طلحة بالبقر العاقص القرن حيث يستكبر في التسليم إلى الحق ويخطى في إدراك الواقع وتمييزه، وإذا اتجه صوب الأعمال العصية ظنها سهلة حتى تؤدى به إلى الفشل.
—–
ومن خطبة له(عليه السلام)
وفيها يصف زمانه بالجور، ويقسم الناس فيه خمسة أصناف، ثم يزهد في الدنيا.
تتألف الخطبة من أربعة أقسام:
القسم الأول يتحدث عن الوضع المأساوي للمجتمع على عهد الإمام (عليه السلام) والمشاكل التي كانت تعترض سبيل الصلحاء والأتقياء. ويصنف الإمام (عليه السلام) الناس في القسم الثاني آنذاك (ولعله في كل عصر ومصر) إلى أربعة أصناف:
أ ـ الصنف الأول من يقعد به عن طلب الإمرة قلّة ماله، وحقارته في نفسه. فهو مغتم في الواقع لعدم إمتلاكه الامكانات.
ب ـ الصنف الثاني من يشمر ويطلب الامارة ويفسد في الأرض ويكاشف
ج ـ الصنف الثالث من يتظاهر بالدين ويطلب به الدنيا لا الآخرة
د ـ الصنف الرابع من لامال له أصلاً، ولا يكاشف، ويطلب الملك ولا يطلب الدنيا بالرياء والناموس، بل تنقطع أسبابه كلها فيخلد إلى القناعة، ويتحلى بحلية الزهادة في اللذات الدنيوية، لاطلباً للدنيا، بل عجزاً عن الحركة فيها، وليس بزاهد على الحقيقة.
1. نقل هذه الخطبة محمد بن طلحة الشافعي في كتاب مطالب السئول وأضاف أنّ الإمام (عليه السلام)خطبها في مسجد الكوفة، ويتضح من هذا أنّ له سند غير نهج البلاغة، لأنّ نهج البلاغة لم يشر إلى موضع الخطبة. كما رواها الجاحظ في البيان والتبيين، وأنّ أخطأ في البداية حيث نسبها إلى معاوية إلاّ أنّه يعترف أخيراً بأنها لاتشبه كلام معاوية وهى من كلمات علي بن أبي طالب. مصادر نهج البلاغة 1 / 417.
ثم يتطرق الإمام (عليه السلام) إلى بيان خصائص كل صنف من هذه الأصناف الأربعة ـ التي تعيش في كل مجتمع، ويتحدث القسم الثالث عن صنف آخر ذكره الإمام(عليه السلام)بصورة مستقلة وهم الأبرار الأتقياء الذين أراق دموعهم خوف الآخرة.
ثم يقسمهم الإمام (عليه السلام) إلى عدّة أقسام ويذكر صفات كل قسم منهم، أمّا القسم الرابع والأخير من الخطبة فيدعو فيه الإمام (عليه السلام)الناس إلى الزهد وعدم الاغترار بالدنيا الذي يقود إلى الذنوب والمعاصي. وقد بين حق الكلام بعبارات قصيرة.
—–
«أَيُّها النّاسُ إِنّا قَدْ أَصْبَحْنا فِي دَهْر عَنُود، وَزَمَن كَنُود، يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً وَيَزْدادُ الظّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً. لا نَنْتَفِعُ بِما عَلِمْنا، وَلا نَسْأَلُ عَمّا جَهِلْنا وَلا نَتَخَوَّفُ قارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنا».
—–
الشرح والتفسير
إستهل الإمام(عليه السلام) الكلام بخطاب عامة الناس ثم أشار الإمام (عليه السلام) في الخطبة إلى الزمن الذي كان عليه الناس فقال:
«أيّها الناس أنا قد أصبحنا في دهر عنود، وزمن كنود».
طبعا ليس المراد بالزمن الأيام واليالي والشهور والسنين بحيث توصف بالقبح والحسن والبغض والتنكر، بل أهل العصر والزمان الذين يتصفون بهذه الصفات، فاذا ما ذكر الزمان بالحسن والقبح فالمراد الناس، وإلاّ فليس هنالك من تغيير في شروق الشمس أو القمر ولا في حركة القمر حول نفسه أو حول الشمس.
فالشمس تشرق والمطر ينزل والأرض تخرج بركاتها للبشر ولا من تغيير، إلاّ أنّ الناس هم الذين يوصفون بسوء الأعمال وحسنها.
فقد عاش الإمام (عليه السلام) في عصر لم يسع أغلب أفراده ـ سوى النزر اليسير ـ إدراك عظمة روحه وسعة فكره والاحاطة بفضائله ومناقبه، وقد أدت بهم الثروات العظيمة التي أفرزنها الفتوحات الإسلامية واتساع رقعة البلاد إلى التكالب على الدنيا والتهافت على زينتها والحرص على جمع الأموال وحب الجاه والمقام وتناسي القيم والمبادئ.
ثم تناول الإمام (عليه السلام) بعض خصائص الزمان آنذاك والذي يتصف بعناد الناس وجحودهم ليصفه في خمس عبارات فقال: «يعد فيه المحسن مسيئاً ويزداد الظالم فيه عتوا» أو يمكن أن يتهم المحسن بالاثم ويثنى على الظالم؟ بلى إذا تغيّرت قيم المجتمع عد المحسن مسيئاً والمسيىء محسناً.
فإذا كان المال والثراء والقوة هى القيم ومعايير الشخصية، فستكون الصدارة في ذلك المجتمع للظلمة والطغاة والجبابرة، بينما تميع فى هذا المجتمع شخصية المحسنين الذين يمدون يد العون إلى الفقراء والضعفاء وينفقون عليهم الأموال وينعتونهم بالحماقة والبلاهة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض نماذج الفساد الذي طال المجتمعات البشرية بفعل فساد التعامل مع القيم والتنكر لها ومن ذلك ما أورده بشأن قوم لوط الذين عزموا على إخراج نبيّهم ومن معه من المؤمنين الصالحين ولا ذنب لهم سوى الطهر والعفاف (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَـهَّرُونَ)(1).
كما اعتبر الظلمة من قوم نوح تلك الثلة الخيرة التي آمنت باللّه والنبي بأنّها من أراذل القوم والسذج الذين ليس لهم من مزية على من سواهم («ما نَراكَ إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراك اتَّبَعَكَ إِلاّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِىَ الرَّأْىِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْل بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِـينَ).(2)
نعم إذا فسد الناس وازداد حجم الظلم والاضطهاد تغير وجه المجتمع وغيبت فيه القيم، وازداد الظالم طغياناً وتجبرا وعدّ المحسن مجرما فيقصى من ذلك المجتمع.
وليس هنالك من نتيجة سوى ما أشار إليها الإمام (عليه السلام):«لاننتفع بما علمنا، ولا نسأل عمّا جهلنا».
والواقع أنّ هذه أسوأ حالة يعيشها الفرد أو المجتمع، أي أنّه لايستثمر علومه ومعارفه في حل مشاكله ولايهم بالقضاء على الجهل و الاقبال على العلم، وليس هنالك من نتيجة لهذين الأمرين سوى العوم في بحر الجهل والجريمة، وهذا هو حال كافة الأفراد الذين يغضون الطرف عن مفاسد المجتمع ولايرون لأنفسهم من مسؤولية في ردعها سواء من خلال اليأس من
1. سورة النمل / 56.
2. سورة هود / 27.
الإصلاح أو التعود على هذا الفساد والتكيف معه.
ثم قال:«ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا.» الجدير بالذكر أنّ الإمام (عليه السلام) أورد العبارات الأخيرة بصيغة التكلم مع الغير وينسبها إلى نفسه ومن حوله; مع القطع بأنّه مبرأ من ذلك بفضل عصمته وورعه وتقواه، ولعل العبارة تهدف عدم جرح مشاعرهم وإثارة حفيظتهم فيجعل نفسه كأحدهم في مثل هذه الاُمور.
ذكرنا آنفا أنّ الزمان لايراد به هنا المّدة الزمنية لحركة الشمس والقمر (أو دوران الأرض حول نفسها والشمس) فالأزمنة متشابهة ذاتاً، والأشخاص هم الذين يتغيرون والحوادث والواقائع التي تجعل العصر والحياة حلوة أو مرة.
و عليه فاذا قيل بفساد الزمان فالمراد فساد الناس.
ويصدق هذا الأمر على المكان أيضاً، فاذا قيل أنّ المنطقة الفلانية أو البلد الفلاني فاسد فالمقصود فساد أهل تلك المنطقة أو ذلك البلد.
وبالطبع فان هنالك من يحاول استغلال هذه العبارات ليجعل من فساد الزمان أو المكان ذريعة لفساده وانحطاطه.
فاذا سئل عن سبب فساده وانحرافه، إنبرى للجواب: وماذا أفعل فقد فسد العصر أو البيئة التي أعيش فيها، والحال هو ومن حوله مصدر الفساد. ولعلنا نلمس هذا المعنى في الاشعار التي تنسب إلى عبدالمطلب جد النبي (صلى الله عليه وآله) حيث أنشد قائلا:
و يعيب الناس كلهم زمانا *** وما لزماننا عيب سوانا
نعيب زماننا والعيب فينا *** ولو نطق الزمان بنا هجانا
وان الذئب يترك لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا(1)
1. عيون أخبار الرضا (نقلا عن بحار الانوار 49 / 111).
و من البديهي أنّ زوال فساد الزمان مرهون بتغيير الناس فيشملوا بلطف الله وعنايته (إِنَّ اللّهَ لا يُغَـيِّرُ ما بِقَوْم حَتّى يُغَيِّـرُوا ما بِأَنْفُسِـهِمْ)(1). وبذلك فالإنسان هو المقصر الأصلي على كل حال.
المسألة التي تلعب دوراً مهما في مصير المجتمعات البشرية والتي قد يغفل عنها الأعم الأغلب من الناس إنّما تتمثل بنظام القيم والمبادى التي تسود المجتمع.
فالمجتمع إنّما ينطلق في مسيرته نحو المثل والقيم التي يلهمها لأفراده والمقرة من قبلهم، وعليه فالمجتمع يتجه نحو التأكل والزوال إذا ما شهد تغيبب القيم والمبادئ.
ونقصد بالمجتمع حركة جميع أفراده ولايقتصر ذلك على بعض الأفراد الذين يتحلون بالايمان والتقوى فيقفون دائما ضد حالات الفساد والانحراف.
وبناءاً على ما تقدم فانّ القيم المقرة في المجتمع إذا كانت تتجسد في المال والثروة فانّ كافة الأفراد سيتجهون نحو الثراء كهدف دون الإكتراث لمسائل الحلال والحرام.
والإنسان يتجه بوحي من طبعه إلى صنع الشخصية ولايأل جهدا في السعي لتحقيق هذا الأمر، فاذا كانت القيم السائدة تتمثل بالشخصية الكاذبة فان الأفراد سيتحركون لامحالة لمثل هذه الشخصية.
والشباب عادة يلهثون خلف السمعة والشهرة ويعشقون الابطال، و عليه فلا يبدو غريباً تقليد الشباب لهؤلاء الابطال حتى في الثياب واسلوب المشي، ولو كان هؤلاء الابطال هم العلماء والمفكرين فمن الطبيعي أن ينطلق الشباب نحو العلم والمعرفة.
بالمناسبة هنالك قصة طريفة مشهورة بشأن العلاّمة الكبير الشيخ البهائي، حيث قرر الشاه عباس الصفوي مكافئة جهوده العلمية وخدماته العمرانية بتقديم هدية تليق بشأنه، فطلب الشيخ أن يستقل مركبه الخاص ويمشي الشاه خلفه لمسافة معينة في الشوارع والازمة ـ
1. سورة الرعد / 11.
فالواقع أراد الشيخ بهذا العمل أن يثبت بأنّ القيم والمثل التي تسود المجتمع ينبغي أن تتمحور حول العلم والمعرفة.
و قد قيل أنّ إقبالاً منقطع النظير قد حدث للعلم بما لم يشهده أبداً في السابق. جدير بالذكر أنّ القيم والمثل التي كانت تحكم المجتمع الجاهلي قبل الإسلام مصداقاً لقوله (عليه السلام):«بأرض عالمها ملجم وجاهلها مكرم».(1)
حيث أبطالها هم أبوسفيان وأبوجهل وأمثالهما، حتى انبثق الإسلام ليرفع شعار التقوى «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ» فيقضي على اولئك الابطال الكاذبين ويستبدلها بالابطال من قبل أبي ذر وأمثاله. وممّا يؤسف له أن هناك بعض الأعمال الخاطئة التي وقعت في عصر الخلافة الراشدة فادت إلى تغييب تلك القيم الإسلامية المثلى لتعود النعرة الجاهلية من جديد فتصدر المجتمع عمرو بن العاص وأبو موسى الاشعري بدلاً من مالك الاشتر وأبي ذر وعمار بن ياسر; الأمر الذي كان يدمي قلب الإمام (عليه السلام)، وأدنى ذلك ما أورده (عليه السلام) بقوله «يعد فيه المحسن، مسيئا ويزداد الظالم فيه عتواً».
ومن هنا كان هدف الإمام (عليه السلام) في أغلب خطبه في نهج البلاغة يكمن في إحياء القيم والمثل التي كانت سائدة في صدر الإسلام.
—–
1. نهج البلاغة، الكلمات القصار، 126 .
«فَالنّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْناف: مِنْهُمْ مَنْ لا يَمْنَعُهُ الْفَسادَ فِي الاَْرْضِ إِلاَّ مَهانَةُ نَفْسِهِ، وَكَلالَةُ حَدِّهِ، وَنَضِيضُ وَفْرِهِ. وَمِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِهِ، وَالْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ، وَالْمُجْلِبُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ، وَأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطام يَنْتَهِزُهُ، أَوْ مِقْنَب يَقُودُهُ، أَوْ مِنْبَر يَفْرَعُهُ. وَلَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيا لِنَفْسِكَ ثَمَناً، وَمِمّا لَكَ عِنْدَ اللّهِ عِوَضاً!
وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيا بِعَمَلِ الاْخِرَةِ، وَلا يَطْلُبُ الاْخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيا قَدْ طامَنَ مِنْ شَخْصِهِ، وَقارَبَ مِنْ خَطْوِهِ وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلاَْمانَةِ، وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللّهِ ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِهِ، وَانْقِطاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتْهُ الْحالُ عَلَى حالِهِ، فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَناعَةِ، وَتَزَيَّنَ بِلِباسِ أَهْلِ الزَّهادَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَراح وَلا مَغْدًى».
—–
الشرح والتفسير
يعرض الإمام (عليه السلام) ـ في هذا القسم من الخطبة ـ بالتحليل لطلاب الدنيا الذين يصنفهم في أربعة أصناف وبالطبع فانّ هذه الأصناف لا تختص بمجتمع دون آخر ولا زمان دون آخر بل هى عامة شاملة فقال (عليه السلام):
«فالناس على أربعة أصناف، منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلاّ مهانة نفسه،
وكلالة(1) حده ونضيض(2) وفره».
فالمشكلة في عدم وجود الماء والا فهم سباحون ماهرون، فباطنهم مفعم بالشر والفساد الا أنهم يفتقرون للالة التي يمارسون بها الظلم والفساد، ومن الطبيعي أن مثل هولاء الأفراد إنّما يتربصون بظاهرهم الوديع الذي لايشوبه أذى.
كما يتوجب على قادة المجتمع إذا ما تعرفوا على هولاء الأفراد الحذار من تزويدهم بالا مكانات فيعيثوا في الأرض فسادا، وقد أشار القرآن إلى ذلك (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ * وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِـيُفْسِدَ فِـيها وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ).(3)
ثم تطرق(عليه السلام) إلى الصنف الثانى «و منهم المصلت(4) لسيفه والمعلن بشره والمجلب بخيله ورجله» فقد أعد هذا الصنف من الناس باطنه للظلم والفساد ومحق دينه «قد أشرط(5)نفسه وأوبق (6) دينه».
ولكن ما هدف هولاء؟ لا شك أن هدفهم ما أشار إليه الإمام (عليه السلام)وليس ذاك سوى الحصول على شي من متاع الدنيا أو الأمرة على بعض الأفراد او إرتقاء المنبر ليظهر نفسه للناس بمظهر الخطيب الواعظ «لحطام(7) ينتهزه(8)، أو مقتب(9) يقوده، أو منبر يفرعه(10)».
1. «كلالة» على وزن ضلالة بمعنى ضعف السلاح عن القطع فيقال كل السيف إذا لم يقطع.
2. «نضيض» بمعنى قليل، والنضيض وفره، بمعنى القليل ماله.
فالعبارة رغم قصرها فقد أشارت إلى أعمالهم الظاهرية إلى جانِب فسادهم الباطنى واهدافهم الرخيصة، فهؤلاء الأفراد يستفرغون ما في وسعهم ليصبحوا على غرار فرعون أو قارون أو السامرى. وما اُولئك الذين أججوا نيران الجمل وصفين إلاّ مصاديق بارزة لذلك الصنف من الأفراد، فالبفض اندفع من أجل المال وآخر من أجل المقام والمنصب والآخر من أجل الخلافة. ثم تطرق (عليه السلام) إلى نتيجة أعمال هؤلاء فقال «و لبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا، وممالك عند الله عوضا»، ومن الطبيعي أنّ هذا الصنف من الناس الفاسد والشرير ـ الذي يخبط خبطا عشواء من أجل الظفر بالمال والمقام ـ لا يقيم لأحكام الله وزنا ولا يصغي لصوت الضمير والوجدان ولا ينقاد لدليل العقل، فقد باع هذا الخزين الثمين بذلك الثمن البخس، باع الدين بالدنيا (أُولـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَلالَةَ بِالهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)(1).
بينما تظافرت الروايات التى تؤكد على قيمة الإنسان وأنّه لا ينبغي له بيع نفسه إلاّ بثمنها وثمتها الجنّة. كما صرحت الآيه القرآنية بأن بيع النفس بغير الجنّة ورضى الله لا يستبطن سوى الخسران المبين (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤوفٌ بِالعِبادِ)(2).
فالآية تفيد أنّ بعض الناس (كعلي (عليه السلام) الذي نام على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الهجرة) يبيعون أنفسهم من أجل رضى الله سبحانه. وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام)أنّه قال: «إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها إلاّ بها»(3).
ثم تعرض (عليه السلام) للصنف الثالث الذي يتصف بالتزوير ـ وأوضح صفاته «و منهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا».
فهدف هذا الصنف هو ذات الهدف الذي ينشده الصنف الثانى المذكور مع فارق بسيط هو أنّ اُولئك يجنون حطام الدنيا من خلال المنطق الغاشم والظالم والجور، بينما يعتمد هؤلاء على التزوير والخداع والغرور.
1. سورة البقرة / 16.
2. سورة البقرة / 207.
3. نهج البلاغة، الكلمات القصار 456.
فالصنفان وإن كانا ضالين ظالمين وخاطئين، إلاّ أنّ حال هذا الصنف أسوأ من الصنف الذي سبقة; وذلك لأنّه جعل دين الله جسراً لدنياه، وعليه فقد أهلكوا دنيا الآخرين إلى جانب إهلاك دينهم.
آنذاك خاض الإمام (عليه السلام) في صفات هذا الصنف «قد طامن(1) من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر(2) من ثوبه، وزخرف من نفسه للامانة، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية.»
فالعبارة تشير إلى ظاهر متواضع وسكين ووقار وعدم إلتفات إلى الدنيا وحطامها والتزين بشعار الصالحين واستغلال ستر الله سبحانه للعيوب في حين هنالك حركة نحو الذنب والمعصية.
وقد يؤمن هذا الصنف بالله واليوم الآخر على مستوى الظاهر، إلاّ أنّ هذا الإيمان يقتصر على الظاهر ولم يخترق قلوبهم أبداً، وإلاّ فكيف إرتضوا لأنفسهم هذه المعاملة المجحفة بحيث باعوا آخرتهم بدنياهم ومن هنا وردت الروايات التي تصرح بأنّ هؤلاء الخاسرين يوم القيامة ـ حين تطرح الحجب وتتضح حقيقة كل فرد كما هى ـ ينادون يا كافر!
يا فاجر! يا غادر! يا خاسر! وينادون «حبط عملك وبطل أجرك فلا خلاص لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له»(3).
وممّا لاشك فيه أن هذا الصنف ـ كسائر الأصناف الأربعة ـ لايقتصر في وجوده على عصر الإمام (عليه السلام)، بل هو موجود في كل عصر و مصر وأنّه لأعظم خطراً من سائر الأصناف على دين المجتمع ودنياه.
وعليه فلابدّ لاتباع الحق من مراقبة هؤلاء والحذار من الوقوع في فخهم ولحسن الحظ فانّ أغلب هولاء الأفراد يفتضحون عملياً فاذا بلغوا مفترق طرق بين الدين والدنيا ولوا ظهورهم للدين وتهافتوا على الدنيا وآثروا سخط الله على رضى خلقه طمعاً في الدنيا
1. «طامن» و«اطمينان» من مادة واحدة بمعنى السكينة والهدوء، وهى تشير في العبارة إلى الوقار والتواضع الصوري والظاهري.
2. «شمر» من مادة «شمر» بمعنى الترتيب والاعداد.
3. وسائل الشيعة 1 / 51.
وحطامها، فأفكارهم منحطة وهمتهم وضيعة وروحهم ملوثة وباطنهم قبيح والازدواج هو الغالب على شخصيتهم.
وأخيرا يتعرض الإمام (عليه السلام) للصنف الرابع ـ أهل التقى الكاذب والزهد الفارغ ـ فيقول «ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة(1) نفسه، وإنقطاع سببه فقصرته الحال على حاله، فتحلى باسم القناعة، وتزين بلباس أهل الزهادة وليس من ذلك في مراح(2) ولا مغدي».(3)
فهم أفراد ضعفاء عجزة لا كفاءة لهم يحاولون التستر بالزهد للتغطية على عجزهم وانعدام جدارتهم والتظاهر بالقوة لاخفاء ضعفهم، والحال ليس لديهم شمة من الزهد والقناعة باطنهم وهم على قسمين: فمنهم من يتستر لخداع النفس ومنهم يخدع نفسه محاولاً إقناع نفسه بأنّه من أهل الزهد والتقوى لا الضعف والعجز يدفعه للتظاهر بذلك. أمّا المراح والمغدي فقد ذهب أغلب أرباب اللغة وشرّاح نهج البلاغة إلى أنّها اسم مكان لاستقرار الماشية في الصباح والمساء بينما ذهب البعض الآخر إلى أنّها اسم زمان بمعنى الذهاب والاياب ليل نهار.
كيفما كان فان المفردتين تعبران عن حماقة هؤلاء الأفراد وبلاهتهم التى تجعلهم بهيئة الزهد والقناعة. هناك كلام كثير بين بين المفسرين بشأن فارق الصنف الرابع والأول من جهة والصنف الرابع والثالث من جهة اُخرى.
ويبدو أنّ الصنف الأول الذي ينشد الدنيا قد قبع فى زاوية إثر ضعفه وعجزه ولم ينطلق نحو المال والحياه والمقام، وهو لا يصر على ابراز ضعفه وعجزه على أنّه قوة وإقتدار، فى حين يحاول الصنف الرابع أستغلال ضعفه وعجزه بغية الظفر بمكانته فى المجتمع على أنّ ذلك الضعف زهد وقناعة. أمّا فارق الصنف الرابع مع الصنف الثالث هو أنّ الصنف الثالث يعتمد النفاق والتزوير لتحقيق أطماعه ومآربه، بعبارة اُخرى ما يجنيه الظلمة من حطام الدنيا بواسطة الظلم والجور يحصل عليه هؤلاء من خلال الرياء وخداع الناس.
1. «ضوولة» بمعنى الضعف و العجز.
2. «مراح» من مادة «روح» مصدر ميمي من راح إذا ذهب في العشي
3. «مغدى» من مادة «غدو» مصدر ميمي من غدا إذا ذهب في الصباح، وقيل مكان الحيوانات في النهار في مقابل المراح في الليل.
فهم يبيعون دينهم بدنياهم ويحصلون على الدنيا ومتاعها من خلال الدين، أمّا الصنف الرابع فهو لا يحصل على جاه ومقام، ويكتفي بأن المجتمع ينظر إليه كزاهد قانع.
وأخيراً يشترك الصنف الأول والرابع في أنّه ليس أقل تكالباً من الصنفين الآخرين إذا ما توفرت الأرضية الخصبة أمامهما للظلم والفساد.
لقد أماط اللثام عن حقيقة هذه الأصناف الأربعة ولفت إنتباه المجتمع إلى الأخطار التي تفرزها حركتها في المجتمع بفعل فسادها وظلمها وريائها وزهدها الكاذب، ثم خاض (عليه السلام)في صفات كل صنف ليتعرف عليه أفراد المجتمع فلا يقعوا في شباكهم.
وتشترك هذه الأصناف جميعاً في الفساد العقائدي والتعلق بالدنيا والجاه والمقام، إلاّ أنّها تختلف في إعداد الأسباب والمقدمات التي تمكنها من الوصول إلى أهدافها، وبعبارة اُخرى فانّ الأصناف الأربعة يمكن تقسيمها إلى طائقتين:
طائفة تحقق أهدافها الرخيصة عن طريق الرياء والتزوير: وطائفة لا تحقق أهدافها إلاّ أنّها تخفي هذا الفشل في الزهد والقناعة، ولو تأملنا التأريخ لرأينا هذه الأصناف في كل عصر ومصر.
وممّا يؤسف له اليوم أنّ المجتمعات الإسلامية هى الاُخرى تشهد تغلغل هذه الأصناف; الأمر الذي جر عليها الويلات والمصائب. والحق ليس هنالك من وسيلة للحد من أخطار هذه النماذج سوى في اتباع كلام الإمام (عليه السلام) وتشخيص هولاء الأفراد وفضح مخططاتهم وموامرتهم وتحذير الاُمّة من الوقوع في شباكهم أو الاغترار بزهدهم الكاذب.
—–
«وَبَقِيَ رِجالٌ غَضَّ أَبْصارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ وَأَراقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ، فَهُمْ بَيْنَ شَرِيد نادّ، وَخائِف مَقْمُوع وَساكِت مَكْعُوم وَداع مُخْلِص وَثَكْلانَ مُوجَع قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ فَهُمْ فِي بَحْر أُجاج أَفْواهُهُمْ ضامِزَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ، قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا وَقُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا، وَقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا».
—–
الشرح والتفسير
بعد أن فرغ الإمام (عليه السلام) من ذكر الأصناف الأربعة، تطرق إلى الصنف الخامس، وهم أولياء الله وجنود الحق وأخيار الاُمّة الذين اقصوا عن المجتمع وعادوا غرباء فيه بفعل تسلم زمام الاُمور من قبل الأصناف الأربعة المذكورة.
وقد لفت الانتباه إلى عظمتهم بالتعبير عنهم بالرجال، بينما عبر عن الأصناف الأربعة بالناس.
والحق أنّ الإمام (عليه السلام) يرى الصنف الخامس هو محور المجتمع ويحث أتباعه لان يكونوا ضمن هذا الصنف. فقد قال(عليه السلام):«وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع وأراق دموعهم خوف المحشر».
وقوله: «غض أبصارهم» لايراد به إغماض العين، بل النظرة الشمولية والشعور بمسؤوليتهم تجاه الله سبحانه ويوم القيامة، الشعور الذي إرعش قلوبهم وأراق دموعهم.
فليس هنالك أكثر خشية من ذلك اليوم لمن آمن بالله واليوم الآخر ومحكمة العدل الإلهي،
كيف لا وهو اليوم الذي تطرح فيه الحجب وتبلى فيه السرائر وتتمثل الأعمال التي صدرت من الإنسان طيلة عمره فتنتظر الحساب والجزاء.
ويرى بعض شرّاح نهج البلاغة(1) أنّ المرجع في العبارة المذكورة بمعنى القبر والمحشر القيامة، ولكن بالاستناد إلى التعبيرات القرآنية فان المفردتين وردتا بمعنى واحد، وعليه فيبدو الفارق في عدم تكرار اللفظ لا المعنى.
والواقع أنّ هذه التعبيرات قد اُقتبست من الآية القرآنية الشريفة (رِجالٌ لا تُلْهِـيهِمْ تِـجارَةٌ وَلا بَـيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَـوْماً تَتَقَـلَّبُ فِـيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصار).(2)
ثم تطرق (عليه السلام) إلى مصير هذا الصنف في المجتمعات التي تسودها الأصناف الأربعة، بحيث لاينجو كل فرد فيه من خمس: النزوح من البلد والتشريد والتغريب، الخوف واللواذ في زاوية، السكوت والصمت، الاشتباك بفعل عدم إعارتهم الاذان الصاغية وسماع كلماتهم الحق أو الدعوة إلى الله باخلاص بعيون باكية وقلوب حرى أملا في التأثير «فهم بين شريد(3) ناد(4)وخائف مقموع(5) وساكت مكعوم(6) وداع مخلص وثكلان (7) موجع».
وبالالتفات إلى «شريد» وناد من مادة فد بمعنى المنفرد الهارب من الجماعة إلى الوحدة(8)فانّ العبارات المذكورة إشارة إلى أنّ هولاء الأفراد ليسوا مع بعضهم حتى في المنفى، وكل واحد منهم قد قذف في بقعة; فالطغاة يخشون حتى اجتماعهم في المهجر والعبارة «خائف مقموع» إشارة إلى أنّ الطغاة لايكتفون بتهديد هؤلاء الأفراد وإرعابهم، بل لايتورعون عن التضييق
1. في ظلال نهج البلاغة، الخطبة المذكورة.
2. سورة النور / 37.
3. «شريد» من مادة «شرد» بمعنى هروب الناقة، ثم اطلقت على كل من يهرب من قومه.
4. «ناد» من مادة «ند» بمعنى المنفرد الهارب من الجماعة إلى الوحدة.
5. «مقموع» من مادة «قمع» بمعنى المقهور والمغلوب، وتعني الاقتلاع أيضاً.
6. «مكعوم» من مادة «كعم»، كعم البعير بمعنى شد فاه، ثم اتسعت لتطلق على كل فم يشد.
7. «ثكلان» من مادة «ثكل» بمعنى فقد الاحبة، كما وردت بالنسبة للإنسان الذي يعيش العزاء بمعنى الشخص الباكى الحزين.
8. شرح نهج البلاغة محمد عبده والعلامة الخوئي وابن أبي الحديد.
عليهم واستئصال شأفتهم واجتثاث جذورهم.
والعبارة «ساكت مكعوم» أنّ الظلمة لايقتنعون بصمت هؤلاء الأفراد وسكوتهم، بل يسعون دائما لكم أفواههم دون أن ينبسوا ببنت شفة.
والعبارة «داع مخلص» لا تفيد دعوة الناس من أجل نيل المقام والثروة أو ليست هى دعوة دنيوية، بل الدافع من هذه الدعوة هو رضى الله وقيل بل المراد بالعبارة والداعي المخلص من يدعو الناس إلى الله والارتقاء بالمجتمع.
وأخيراً تشير العبارة «ثكلان موجع» إلى أنّ الحزن والآسى، يخترق ظاهرهم ليعيشوه في قلوبهم وأرواحهم. ثم عرض (عليه السلام) إلى سائر صفاتهم بعبارات قصيرة بعيدة المعاني يتخللها الاسى والأسف فقال (عليه السلام): «قد أخملتهم(1) التقية».
![]() |
![]() |