1. الاعلام للزركلي 3/96.

2. سيد مصطفى الحسيني الدشتي، المعارف والمعاريف، ج 3 ذيل المفردة بني أمية.

3. سورة الاسراء / 60.

4. تفسير الفخر الرازي 20/237.

5. راجع تفسير الأمثل للمؤلف 10/341 و 12/172.

[ 150 ]

ب) بني أمية في أحاديث العامة

جاء في كتاب كنزالعمال من مصادر العامة عن سعيد بن عامر قال: أغلظ أبوبكر يوماً لأبي سفيان فقال له: يا أبابكر لأبي سفيان تقول هذه المقاله. قال يا أبت إنّ اللّه رفع بالإسلام بيوتاً ووضع فكان بيتي فيما رفع وبيت أبي سفيان فيما وضع.(1)

وعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: إنّ أول من يبدل سنّتي رجل من بني أمية.(2) وقال(صلى الله عليه وآله): إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإنّ أشد قومنا لنا بغضاً بنوأمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم.(3)

وعن علي(عليه السلام) قال: لكل أُمّة آفة وآفة هذه الاُمّة بنوأمية.(4)

 

ج) بني أمية في نهج البلاغة

تعرض أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) في عدّة خطب من نهج البلاغة لبني أمية والمفاسد التي كبدوها الإسلام والمسلمين، ومن ذلك ما أورده في الخطبة 77 و93 و98. فقد وصف(عليه السلام)حكومة بني أمية باكبر وأبشع الفتن على الاُمّة الإسلامية فقال(عليه السلام): «ألا وإنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة فإنّها فتنةٌ عمياء مظلمةٌ...».

 

د) مفاسد حكومة بني أمية

كثيرة هى المفاسد والجنايات التي إرتكبتها حكومة بني أمية في التأريخ الإسلامي، بحيث لايسع المقام الخوض في تفاصيلها، وعليه نكتفي بالإشارة هنا إلى بعضها:

 

1 ـ انحراف الخلافة عن مسارها الصحيح واستبدالها بالسلطة

فقد صرح معاوية بأنّه استولى على الخلافة بالسيف لامن خلال محبّة الناس أو رضاهم


1. كنزالعمال 1/299.

2. كنزالعمال، ح 31062.

3. كنزالعمال، ح 31074.

4. كنزالعمال، ح 31755.

[ 151 ]

عن حكومته.(1) وقال الجاحظ أنّ معاوية أسمى العام الذي ولى فيه الخلافة بعام الجماعة والحال كان ذلك العام، عام الفرقة والقهر والغلبة، العام الذي أصبحت الخلافة فيه وراثة على غرار حكومة كسرى وقيصر(2). وقد دفعت حياة الترف والبذخ لمعاوية ونهجه في الخلافة لئن يخاطبه سعد بن أبيوقاص بالملك حين كان يرد عليه.(3) وقد عد المؤرخون معاوية أول ملك.(4)

 

2 ـ مسخ وتحريف الحقائق والمعارف الإسلامية مثل:

1 ـ سب أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) ووضع الأحاديث في ذمه ومدح معاوية. وروي أنّ قوماً من بني أمية قالوا لمعاوية: إنّك قد بلغت ما أملت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل فقال: لا واللّه حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكراً فضلاً.(5) ولما سئل مروان عن ذلك أجاب: لايستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك.(6) وذكر ابن أبي الحديد أنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي(عليه السلام)تقتضي الطعن فيه والبراءة منه; وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبوهريرة وعمرو و بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير(7).

2 ـ إشاعة مذهب الجبر بين المسلمين، فقد صرح معاوية أن لافائدة من السعي والعمل فكافة الأمور بيداللّه(8)، ولايقصد معاوية من هذا الكلام المسائل العقائدية، بل يهدف إلى فرض خلافته على الناس، حيث قال: «هذه الخلافة أمرٌ من أمر اللّه وقضاءٌ من قضاء اللّه»(9); الأمر الذي جعل زياد بن أبيه والي معاوية على البصرة والكوفة يخاطب الناس بأنّه


1. العقدالفريد 4/81 ـ 82 .

2. رسالة الجاحظ في بني أمية /124 تم نقله من التاريخ السياسي للاسلام 2/396.

3. مختصر تاريخ دمشق 8/210 وتاريخ اليعقوبي 2/217.

4. تاريخ الخلفاء /222.

5. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4/57.

6. أنساب الاشراف 1/184 نقلا عن التأريخ السياسي للإسلام 2/409.

7. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4/63.

8. حياة الصحابة 3/529 نقلاً عن التأريخ السياسي للإسلام 2/410.

9. مختصر تأريخ دمشق 9/85 .

[ 152 ]

يدافع عنهم من خلال السلطنه التى  منحهم اللّه إياها.(1)

3 ـ قتل كبار الشخصيات الإسلامية وأئمة الدين كالإمام الحسن(عليه السلام)والإمام الحسين(عليه السلام)وزيد بن علي بن الحسين(عليه السلام) وحجر بن عدي.

4 ـ قصف الكعبة والمسجدالحرام بالمنجنيق على عهد يزيد.

5 ـ سلب الاُمّة أمنها واستقرارها. فقد شاع على عهد زياد بن أبيه الد عبداللّه في العراق المثل المعروف: «أنج سعد فقد هلك سعيدٌ» الذي يرمز إلى سفك دماء الأبرياء بدون حق.(2)

6 ـ تعذيب أبناء الاُمّة الإسلامية وممارسة ألوان الاهانة من قبيل كوي وجه وعنق بعض الشيعة، وهذا ما فعله الحجاج بن يوسف بأنس بن مالك وسهل بن سعد وجابر بن عبداللّه الانصاري لحبّهم لعلي(عليه السلام).(3) وخلاصة القول فانّ جنايات ومفاسد بني أمية أكثر من أن تحصى، وما مر معنا غيض من فيض جرائم بني أمية، ولانرانا نبالغ إذا قلنا أنّها تتطلب عدّة كتب ومجلدات. والعجيب أن بعض المغفلين والجهال يرون هذه الحكومة من قبيل الحكومات الإسلامية; الأمر الذي يكشف عن ضحالة أفكارهم وعدم إطلاعهم على السلوكية المنحرفة لبني أمية.


1. تأريخ الطبري 5/220 نقلا عن التأريخ السياسي للإسلام 2/410.

2. نقلا عن: الحسين النفس المطمئنة، ص 10.

3. المصدر السابق.

[ 153 ]

 

 

الخطبة(1) 78

 

 

 

ومن دعاء له (عليه السلام)

 

من كلمات كان(عليه السلام) يدعو بها

 

نظرة إلى الخطبة

يشتمل كلامه(عليه السلام) على أربعة أدعية عظيمة، تفيد بعض القرائن أنّ الإمام(عليه السلام)كان يتلوا كراراً هذه الأدعية ويتضرع بها إلى اللّه سبحانه وتعالى. طبعاً صحيح أن الإمام(عليه السلام)معصوم ولايصدر عنه أي ذنب أو معصية علانية أو خفية، في الباطن أو الظاهر باللسان أو بالعين، إلاّ أنّ مقامه لدى الحق سبحانه يجعله يخشى الغفلة عن أدنى مصداق لترك الاولى، فيسأل اللّه الرحمة على الدوام. أضف إلى ذلك فانّ كلماته تعليمية لعموم الأُمّة لتتعرف على كيفية الاسلوب الذي تناجي به خالقها، كما تفيض عليها بعض المعارف والعلوم والمضامين الإسلامية.

—–


1. سند الخطبة: السند الوحيد لهذا الدعاء ما أورده قبل السيد الرضي (ره) الجاحظ في كتاب المائة المختارة، والذي يرتبط بالعبارات التي اختتم بها الدعاء: «اللهم إغفرلي رمزات الألحاظ...».

[ 154 ]

[ 155 ]

 

 

 

«اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي ولَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدِي اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسانِي ثُمَّ خالَفَهُ قَلْبِي اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزاتِ الاَْلْحاظِ وَسَقَطاتِ الاَْلْفاظِ وشَهَواتِ الْجَنانِ وهَفَواتِ اللِّسانِ».

—–

 

الشرح والتفسير

من الأدعية التربوية للإمام على(عليه السلام)

أوردنا سابقا أنّ الإمام(عليه السلام) يسأل اللّه سبحانه العفو والمغفرة من أربعة أشياء والتي يشكل كل واحد منها في الواقع مشكلة من المشالك الأخلاقية المهمة والعقبات المعنوية التي تعترض سبيل الإنسان ومما لاشك فيه أنّ الإنسان إذا تغلب على هذه العقبات فانه سيبلغ شاطئ الأمان وينال الفلاح والسعادة. فقد استهل دعائه(عليه السلام) بالقول: «اللّهمّ اغفرلي ما أنت أعلم به منّي، فإن عدت فعد علىّ بالمغفرة» فرصيد الإنسان هو النسيان فيقارف الكثير من الذنوب والمعاصي إلى درجة نسيانها وعدم الاعتذار إلى اللّه منها وطلب العفو والمغفرة، أو الاصرار عليها وعدم الكف عنها دون الالتفات إليها حتى تثقل كاهله. وهنا ينبغي التضرع إلى اللّه سبحانه: «اللّهم اغفر لي ما انت أعلم به مني، فان عدت فعد علي بالمغفرة» كما ينبغي استحضار الذنوب والمعاصي وسؤال اللّه العفو والصفح. وممّا لاشك فيه أنّ هذا النسيان آفة سعادة الإنسان، بحيث يؤدي إلى بعض المشاكل التي يتعذر على الإنسان حلها، ومن هنا يتوجب على الإنسان الاستعاذة باللّه من هذا النسيان، وسؤال اللّه العافية من الذنوب المنسية، وقد أبلغ القرآن في التعبير عن مثل هذه الذنوب فقال: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِـيعاً

[ 156 ]

فَيُنَبِّـئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ وَاللّهُ عَلى كُلِّ شَيء شَهِـيدٌ)(1). أمّا بعض شرّاح نهج البلاغة فقد ذهبوا إلى أنّ المراد بالعبارة الذنوب التي يجهل الإنسان كونها ذنوباً، أو إذا علم بها فان علمه باهت لايكترث له بهذا الشأن. ويرد على أصحاب هذا التفسير أنّ الذنوب التي يقارفها الإنسان جهلا مغفورة فلا حاجة لسؤال اللّه المغفرة عليها، إلاّ أنّهم أجابوا عن ذلك بقولهم إن كان هذا الجهل نابعاً من القصو وكان الجاهل قاصر فالأمر كذلك، أما إذا كان ذلك الجهل يستند إلى التقصير وكان الجاهل مقصراً ولم يجد نفسه في الالمام بالعلم فانّ العقاب واللوم والتوبيخ يطال مثل هذا الجاهل، ومن هنا عليه أن يسأل اللّه الفعو والصفح عن ذنوبه أو أن يكون المراد الذنوب التي ينسى الإنسان كونها ذنوباً أو يخطئ في تشخيصها بحيث يجب عليه طلب المغفرة إن كان ذلك النسيان هذا الخطأ وليد التقصير; الأمر الذي أشار إليه القرآن الكريم بقوله: (رَبَّنا لا تُـؤاخِذنا إِْن نَسِـينا أَوْ أَخْطَأْنا)(2) والواقع هو أنّ التفسير الذي أوردناه في البداية يعود إلى نسيان. موضوع الذنب، بينما يعود التفسير الثاني إلى حكمه. إلاّ أنّ التفسير الأول أنسب من التفسير الثاني، وإن قال جمع من الشرّاح بالتفسير الثاني. وأخيراً يبقى احتمال الجمع قائماً وقد سأل الإمام(عليه السلام) اللّه العفو عنها جميعا. أمّا الدعاء الثاني فقد تضمن الاشارة إلى موضوع مهم آخر والذي يكمن في عدم وفاء الإنسان بالعهود والمواثيق التي يقطعها على نفسه أو مع ربّه فقال(عليه السلام): «اللّهمّ اغفرلي ما وأيت من نفسي، ولم تجد له وفاءً عندي»(3) قد تتكون العبارة «ما وأيت من نفسي» اشارة إلى العهود والمواثيق التي يتمثل طرفيها بنفس الإنسان، كأن يعاهد نفسه، ومما لاشك فيه أن الالتزام بهذه العهود والعمل بمضامينها يكشف عن شخصية الإنسان عزمه على ممارسة الانشطة والفعاليات، بينما يفيد نقضها ضعف إرادته فيتوجب عليه الاستعاذة باللّه منه. أو يمكن أن يكون طرفها الأول الإنسان والطرف الآخر اللّه سبحانه تعالى بحيث يكون هذا المعنى مقدرا في العبارة السابقة(4)،


1. سورة المجادلة / 6.

2. سورة البقرة / 287.

3. «وأيت» من مادة و«أى» على وزن رأى بمعنى العزم على الشي مع قصد الوفاء به، وبعبارة اُخرى الموعود التي يقطعها الإنسان على نفسه، وقد يعنى الوأي والوعد بشأن الذات والآخرين.

4. وتقدير العبارة: «وأيت من نفسي مع ربي».

[ 157 ]

وعلى وهذا الضوء فهى إشارة إلى جميع العهود والمواثيق الشرعية التي يعاهد الإنسان فيها اللّه سبحانه ولايلتزم بها. وذلك لأنّ الكثير من الأفراد يعاهدون اللّه في الشدائد والنوائب فاذا ما كشفت عنهم نسوا تلك العهود; الأمر الذي صرح به القرآن الكريم قائلاً: (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَـصَّـدَّقَـنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصّالِحِـينَ * فَلَمّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(1). أمّا في الدعاء الثالث فالإمام(عليه السلام)يستعيذ باللّه من الرياء والنفاق ويسأل اللّه العفو والمغفرة فيقول: «اللّهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني، ثمّ خالفه قلبي» فالتظاهر بالأعمال الحسنة ـ من خلال اللسان أو الرياء في العبادات وسائر الطاعات ـ يعد من أخطر شعب الشرك، الأمر الذي أكد التحذير منه في الآيات القرآنية والروايات الإسلامية، غير أنّ الذي يؤسف له هو أنّ الرياء والنفاق من الأعمال الشائعة التي تكبد الإنسان أضرارا تفوق التصور، حيث يفيد هذا الأمر أنّ مثل هذا الإنسان لايؤمن في الواقع بتوحيد اللّه على مستوى الأفعال، ولا غرو فهو يرى العزة والذلة بيد الناس ويؤثر ولاية الناس ومحبتهم على ولاية اللّه ومحبته. بينما إذا علم هذا الإنسان بأنّ العزة والذلة بيداللّه، يعز من يشاء ويذل من يشاء وأنّ القلوب بين إصبعين من أصابع اللّه يقلبها كيف يشاء، فانّه لايسأل سوى اللّه ولا يعمل إلاّ له سبحانه. ولا يقتصر التناقض بين القول والنية بالنسبة للرياء، بل إنّ كل تناقض إنّما يشمل الظاهر والباطن، فكل ما ينطق به الإنسان ولايلتزم به حين العمل، أو أن يعزم على خلافه إنما يشير إلى تناقض الظاهر مع الباطن، وإن لم يكن قد قصد الرياء. فقد صرح القرآن الكريم بهذا الخصوص قائلاً: (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ * كَبـُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)(2) أننا لنناجي الحق سبحانه وتعالى في صلواتنا اليومية (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِـين)والحال قد تعيش قلوبنا عباة اُخرى وإستعاذة ثانية، كما نتشهد في صلواتنا بالوحدانية للّه «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له» بينما نعيش الشرك في إيماننا ومن ذلك الشيطان المتمثل بهوى النفس الذي يلقي بظلاله على جميع زوايا الحياة البشرية، والدعاء الوارد في الخطبة من الدروس القيمة التي


1. سورة التوبة / 75 ـ 76.

2. سورة الصف / 2 ـ 3.

[ 158 ]

تحذر من هذا الخطر العظيم. وأخيراً يستغفر اللّه سبحانه من أربعة أشياء ويستعيذ باللّه منها «اللّهمّ اغفر لي رمزات(1) الألحاظ،(2) وسقطات(3) الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات(4)اللّسان» فالعبارة إشارة إلى ذنوب العين والقلب واللسان التي قد تكون من أخطر الذنوب والمعاصي. فنظرات الازدراء للمؤمنين والإشارات المشوبة بالغرور والاستخفاف، وارسال الكلام على عواهنه دون إجالة الفكر والذي قد يقود إلى الاضغان والاحقاد وإثارة الخلافات والتوتراث واراقة ماء وجه الآخرين إلى جانب النزوع نحو الشهوات والرغبات التي تقذف بالإنسان في أودية الخطيئة والاثم ومقارفة بعض المعاصي التي تفرزها حالة العبثية في الحديث والتي تؤدي إلى عدّة مفاسد، كل هذه الاُمور من أعدى أعداء سعادة الإنسان وفلاحه، والإمام(عليه السلام) حين يسأل اللّه العفو عن هذه الاُمور إنّما يهدف التحذير العملي من مغبة هذه الاُمور الأربعة وعدم الاستخفاف بمدى خطورة ذنوبها. وأما الفارق بين رمزات الالحاظ وشهوات الجنان فهو واضح، غير أنّ هنالك خلاف بين شرّاح نهج البلاغة بشأن الفارق بين «سقطات الالفاظ» و«هنوات اللسان». فقد ذهب المرحوم مغنية إلى أنّ المراد واحد، بينما ذهب المرحوم الشارح الخوئي إلى أنّ المراد بسقطات الالفاظ هو الالفاظ التي لاتترتب عليها فائدة في الآخرة سواء كانت محرمة أم لم تكن كذلك، أمّا هفوات اللسان فهى الكلام الحرام من قبيل الغيبة والنميمة والبهتان والاستهزاء والسب والشتم والتهمة. ولكن إستناداً إلى أنّ سقطات جمع سقط بمعنى الشئ التافه الذي لا قيمة له، يبدو أن العبارة «سقطات الالفاظ» إشارة إلى الكلام العبثي واللغو والركيك أحياناً الذي يصدر من الأفراد اللا اباليين الجهال; أمّا هفوات اللسان وبالاستناد إلى مفهوم الهفوة الذي يعني الزله، فان العبارة تشير إلى ما يجرى


1. «رمزات» جمع «رمزة» على وزن غمزة الإشارة بالعين والحجاب وأحياناً بالشفة، وقال البعض الرمز في الأصل بمعنى حركة الشفاه لبيان مطلب دون أن يتخلله الصوت، كما تأتي بمعنى الإشارة بالعين والحاجب.

2. «الالحاظ» جمع «لحظ» على وزن محض بمعنى النظر بطرف العين الذي يكون أحياناً بقصد الازدراء والتحقير، كما يراد به الاستهزاء والسخرية أيضاً.

3. «سقطات» جمع «سقط» على وزن فقط كل وضيع لاقيمة له من متاع اَو كلام اَو فعل وقيل سقطات جمع سقطة بمعنى الزلة وسقطات الالفاظ لغوها.

4. «هفوات» جمع «هفوة» على وزن دفعة بمعنى الزلة في الكلام أو العمل، كما وردت هذه المفردة بمعنى السرعة، ولما كانت السرعة تقود إلى الزلة فالمعنيان يعدان إلى مادة واحدة.

[ 159 ]

على لسان الإنسان من كلمات دون التأمل والتفكير، ولعلها تختزن بعض الذنوب الخطيرة كالغيبة والتهمة والاستهزاء بالمؤمن(1).

 

فصل في الدعاء ودوره في حياة الإنسان

يلعب الدعاء دورا هاما في تربية النفس البشرية وسوقها نحو مدارج السمو والرفعة والكمال، وهى الحقائق التي قد يغفلها أغلب الداعين. والدعاء كمطر الربيع الذي يسقى بغيثه أرض القلوب فتتفتح أوراق الإيمان والاخلاص والعشق والعبودية والدعاء هو النسيم القدسي الذي يطبع الروح بمعاني الطهر والعفة إلى جانب القوة والقدرة التي تهب ا لعظام الرميم الحياة كدعاء السيد المسيح(عليه السلام)، ناهيك عما تشتمل عليه بعض الأدعية من فضائل أخلاقية ومعارف ربانية تسبغ بها النفس فتمنحها الهدوء والسكينة فالنفس حية بالدعاء نابضة بالورع والتقوى ومن هنا فانّ الدعاء هو الأكسير العظمى وكيمياء السعادة وماء الحياة وروح العبادة، حتى ورد في الحديث أن «الدعاء مخ العبادة»(2) والجدير بالذكر أنّ القرآن يرى قيمة الإنسان تكمن في دعائه وتضرعه إلى اللّه: (قُلْ ما يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ)(3). وكيف لايكون الدعاء بهذه الأهمية وهو يدعو الإنسان إلى معرفة اللّه وعشق والمعبود بغية نيل رحمته والظفر بعفوه ومغفرته من خلال التوسل باسمائه الحسنى، من جانب آخر فانّه يحث الداعي على التحلي بشرائط الاستجابة وفى مقدمتها التوبة من الذنوب والمعاصي والتعفف عن مقارفتها. أضف إلى ذلك فانّ الدعاء يدفع بصاحبه إلى إزالة موانع الاستجابة ويتمثل أبسطها في المواظبة على الحلال في المأكل وا لملبس وإجتناب المال الحرام والسعي لأداء حقوق الآخرين وترك الذنوب والمعاصي من قبيل الغيبة والنميمة وشرب الخمر وقطيعة الرحم التي تعدّ من موانع إستجابة الدعاء. ولذلك يمكن القول إنّ ما يترتب على ذات الدعاء بالنسبة للإنسان يفوق يكثير ما يعود عليه من إستجابته. وناهيك عن كل ماسبق فانّ


1. العبارة سقطات الألفاظ من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، تعني الألفاظ الساقطة، أمّا العبارة «هفوات اللسان» ليست كذلك.

2. بحارالأنوار 90/300.

3. سورة الفرقان / 77.

[ 160 ]

المضامين العميقة التي تضمنتها أدعية أئمة الدين تعدّ دروساً قيمة والمتاع العظيم الذي يتزود به السالكين إلى اللّه سبحانه على سبيل المثال إذا ألقينا نظرة إلى دعاء يوم الأحد من أدعية أيام الاسبوع تطالعنا العبارة «و اجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومى» التي ترشدنا إلى أهمية العمر وضرورة إغتنام كل لحظاته بحيث تكون اللحظة الحاضرة أفضل من الماضية والقادمة أعظم من الحاضرة وهكذا، وبخلافه فمن العبث أن يرى الإنسان لعمره معنى دون أنّ يستثمر أوقاته. أو تطالعنا هذه العبارة في دعاء كميل «اللّهمّ اغفرلي الذّنوب الّتي تحبس الدّعاء» فنقف على حجاب النفس الذي يحول دون إستجابة الدعاء; الأمر الذي يجعلنا نفتش عن مواضع الضعف في ذاتنا. كما نرى أنفسنا مطالبين باستئناف نهارنا على أساس نور الهداية ونختتمه بالغلبة على العدو; الأمر الذي ورد في دعاء عرفة «واجعل غناي في نفسي» أن غنى النفس ليس بالشئ الذي يتحقق في الخارج بواسطة جمع الثروات الطائلة وسكن القصور الفخمة ونيل المناصب الرفيعة، بل لابدّ من البحث عن الغنى في الذات التي ألا تشبع وتعيش الغني من ذاتها فانّها تبقى عطشى وان صبت عليها الدنيا بما فيها، فلا تكون سوى كالمصاب بمرض الاستسقاء فيطلب الماء دائماً بينما تستقر روح الإنسان ويكفيها أدنى ما في هذه الدنيا إذا تنورت بالمعارف الإلهية. كما نقرأ في دعاء الندبة: «واجعل صلاتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ودعائنا به مستجاباً واجعل ارزقنا به مبسوطة وهمومنا به مكفية وحوائجنا به مقضية» فنفهم أن كافة الابواب مغلقة بوجوهنا دون إدراك حقيقة الولاية، فقبول صلاتنا وغفران ذنوبنا واجابة دعائنا وسعة رزقنا وتفريج همنا مرهون بالولاية، يالها من حقيقة عظيمة؟!

وإذا عدنا قليلاً إلى الدعاء الذي نحن بصدره نرى أنّ علياً(عليه السلام) قد قدم شرحاً وافياً واضحاً للدروس الأخلاقية والفضائل الانسانية من خلال هذه العبارات الأربع العميقة المعنى إلى جانب التحذير من الرذائل الأخلاقية التي تقود الإنسان إلى السقوط. نعم فادعية المعصومين(عليه السلام) على الدوام دروس في التربية والتهذيب وزاد ومتاع السالكين إلى اللّه.

—–

[ 161 ]

 

 

الخطبة(1) 79

 

 

 

ومن كلام له (عليه السلام)

 

قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج وقد قال له: إن سرت يا أميرالمؤمنين في هذا الوقت خشيت ألا تظفر بمرادك، من طريق علم النجوم. فقال(عليه السلام):

 

نظرة إلى الخطبة

يتضح مما مر معنا أنّ ما ورد في هذه الخطبة ينفي على نحو الاجمال صحة تكهنات المنجمين ويراها تتناقض وتوحيد اللّه، أو بعبارة اُخرى فانّ مزاعم المنجمين في تنجيمهم هى من قبيل المسائل الخرافية المضادة القرآن وعلى الامة الحذر من التعامل مع هذه الأفكار وأنّ أساس النصر والغلبة يكمن في التوكل على اللّه وتشتمل الخطبة على قسمين، يخاطب الإمام في القسم الأول المنجمين وفي الثاني الناس.


1. سند الخطبة: نقل ذلك قبل الرضي جماعة منهم: إبراهيم بن الحسن بن ديزيل المحدث في كتاب صفين والشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا نقله بثلاثة أسانيد، ونقله أيضاً في الامالي في المجلس الرابع والستين، ونقله أيضاً في عيون الجواهر. وأضاف صاحب مصادر نهج البلاغة بعد أن نقل هذا الكلام قائلاً: ولسنا بحاجة إلى ذكر من رواه بعد السيد الرضي فانّه كلام مشتهر دونته الخاصة والعامة بطرق مختلفة وصور شتى لاتختلف عما رواه الرضي إلاّفي بعض الالفاظ (مصادر نهج البلاغة 2/82).

[ 162 ]

[ 163 ]

 

 

القسم الأول

 

«أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى السّاعَةِ الَّتِي مَنْ سارَ فِيها صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ؟ وَتُخَوِّفُ مِنَ السّاعَةِ الَّتِي مَنْ سارَ فِيها حاقَ بِهِ الضُّرُّ؟ فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ، واسْتَغْنَى عَنِ الاِسْتِعانَةِ بِاللّهِ فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ ودَفْعِ الْمَكْرُوهِ; وتَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ، لاَِنَّكَ ـ بِزَعْمِكَ ـ أَنْتَ هَدَيْتَهُ إِلَى السّاعَةِ الَّتِي نالَ فِيها النَّفْعَ وأَمِنَ الضُّرَّ!!»

—–

 

الشرح والتفسير

خطأ المنجمين

ذكرنا سابقاً أنّ الإمام(عليه السلام) ردّ بهذا الكلام على من قال له حين عزم على المسير إلى الخوارج: خشيت أن لاتظفر بمرادك من طريق على النجوم إذا خرجت في هذه الساعة. فرفض الإمام(عليه السلام) ذلك رفضاً قاطعاً، ثم تطرق إلى العواقب الفكرية الوخيمة التي تترتب على مثل هذا التفكير والاعتقاد بالتأثير الذي تلعبه النجوم على مصير الإنسان، فيحذر ذلك المنجم إلى جانب الناس من مغبة هذا الأمر. فقد إستهل كلامه(عليه السلام) بالقول: «أتزعم أنّك تهدي إلى السّاعة الّتي من سار فيها صرف عنه السّوء؟ وتخوّف من السّاعة الّتي من سار فيها حاق(1) به الضّرّ؟» من الواضح أنّ هذا الاستفهام إستنكاري; أي لن يحصل قط مثل هذه المعارف عن طريق علم النجوم. ثم أشار الإمام(عليه السلام) إلى نتيجتين تترتبان على هذا الاعتقاد


1. «حاق» من مادة «حيق» على وزن حيف بمعنى احاط ونزل وعَمَّ، ويستفاد من هذا الاصطلاح في الاشارة إلى تأثير ضربات السيف ونزول العذاب وذلك بسبب وجود نوع من الاحاطة والعمومية في نزول العذاب.

و«حاق» في الاصل من مادة «حق» بمعنى التحقق وقد أشتقت من كلمة «حق» حيث بُدلت القاف الاولى بواو وبعد ذلك بُدلت بألف.

[ 164 ]

السيئ «فمن صدّقك بهذا فقد كذّب القرآن، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب و دفع المكروه» ولا يقتصر الأمر على ذلك بل «و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه، لاِنّك ـ بزعمك ـ أنت هديته إلى السّاعة الّتي نال فيها النّفع، وأمن الضّرّ!!» هاتان النتيجتان الخطيرتان المترتبتان على زعم المنجم امّا فغرزهما طبيعة الفارق الكامن ـ حسب إعتقاد المنجمين الماضين ـ بين أحوال النجوم وأحكامها. وتوضيح ذلك أنّ علم النجوم كان سائداً بين أفراد البشر منذ قديم الزمان، ولعل أولئك الأفراد الذين عاشوا قبل التأريخ قد كان لهم علم ومعرفة بالنجوم، إلاّ أنّ علم النجوم قد تطور تطوراً ملحوظاً كسائر العلوم الاُخرى بعد إكتشاف الكتابة، فحصلت الاكتشافات وتمّ التعرف على الأنظمة الخاصة التي تحكم الكواكب السيارة والمنظومة الشمسية والمجرات والثوابت حتى ظهر التقويم الذي يستند إلى حركة النجوم والقمر والشمس. أمّا إقتران بعض حركات النجوم ببعض الحوادث جعل طائفة من المنجمين تعتقد بالتدريج بأنّ هنالك تأثير لحركة النجوم في مصير الإنسان، ثم إتسع نطاق هذا الاعتقاد حتى قيل بأنّ لكل إنسان كوكب في السماء وأنّ مصيره يعتمد إلى حد بعيد على حركات هذا الكوكب، حتى ظهر علم جديد يصطلح عليه باحكام النجوم إلى جانب أحوال النجوم. وأحوال النجوم قائمة على أساس المشاهدات والمحاسبات المتعلقة بحركة الكواكب وشروقها واُفولها; أمّا أحكام النجوم فيراد بها العقائد التي تنسب حوادث الأرض ومصير من يعيش عليها إلى النجوم. ولم تمض مدة وانطلاقا من هذا الاعتقاد إلى عبادة النجوم والاستعانة بها من أجل حل المشاكل، وقد ظلت مثل هذه الافكار والعقائد سائدة في أذهان البعض حتى إبان ظهور الدعوة الإسلامية وشروق شمس التوحيد التي أضاءت ظلمات الشرك، فكان بعض المنجمين يخبرون عن بعض الأحداث الآتية من خلال إستعانتهم بحركات النجوم، ونموذج ذلك ما قاله هذا المنجم لأميرالمؤمنين(عليه السلام)استناداً لحركة النجوم في أنّه لايظفر بمراده إذا تحرك في تلك الساعة لقتال الخوارج في النهروان، ففند الإمام(عليه السلام)ما قاله المنجم ثم خالفه عملياً بأن سار في تلك الساعة إلى قتال الخوارج فهزمهم هزيمة منكرة وانتصر عليهم ذلك النصر الحاسم. نكتفي بهذا المقدار على أن نعرض له بتفصيل أكثر آخر الخطبة في بحث التأملات.

—–

[ 165 ]

 

 

القسم الثاني

 

«أَيُّها النّاسُ، إِيّاكُمْ وتَعَلُّمَ النُّجُومِ، إِلاَّ ما يُهْتَدَى بِهِ فِي بَرّ أَوْ بَحْر، فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهانَةِ، والْمُنَجِّمُ كالْكاهِنِ والْكاهِنُ كالسّاحِرِ، والسّاحِرُ كالْكافِرِ، والْكافِرُ فِي النّارِ، سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللّهِ».

—–

 

الشرح والتفسير

اجتناب نبوءات المنجمين

يحذر الإمام(عليه السلام) أفراد الاُمّة من تعلم النجوم، والواقع هو أنّ الإمام(عليه السلام)يفرق أحوال النجوم عن أحكامها، إلى جانب بيان ما تقود إليه من مساوئ «أيّها النّاس، إيّاكم وتعلّم النّجوم، إلاَّ ما يهتدى به في برٍّ أو بحر» فعلم النجوم والتعرف عليه والاستفادة من أوضاع النجوم في السماء بغية الاهتداء في البحار والصحارى وسائر الاُمور المشابهة القائمة على أساس وضع الكواكب ليست ممنوعة فحسب، بل هى جزء من العلوم الضرورية، وذلك لصلتها الوثيقة بنظام المجتمع البشري. القرآن من جانبه أشار إلى هذا الأمر بصفته نعمة إلهية وآية من آيات التوحيد فقال: (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(1). كما قال في موضع آخر: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُم النُّجومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنا الآياتِ لِقَوْم يَعْلَمُونَ)(2) فمثل هذه التعبيرات تفيد حث القرآن للإنسان على الانفتاح على هذا النوع من علم النجوم، أمّا المحظور فما عرف بأحكام النجوم; أي كشف بعض الأشياء من أوضاع الكواكب وكيفية إرتباطها مع بعضها (قربها وبعدها من بعضها البعض الآخر) والأخبار عن بعض الأحوادث بالنسبة


1. سورة النحل / 16.

2. سورة الانعام / 97.

[ 166 ]