![]() |
![]() |
—–
تطرق الإمام(عليه السلام) في هذا المقطع من الخطبة إلى نقطة مهمة مكملة للقسم السابق، وهى أنّ العبد المخلص للّه ـ الذي دار الحديث عنه سابقاً ـ بعد أن يتم مرحلة تهذيب النفس والوصول إلى المقامات العالية في العلم والعمل والتقوى يهب لهداية الخلق ويصبح رائدا على الطريق لينجي الناس من ظلمات الجهل والوهم والضلال. فالواقع أنّ مثل هذا العبد ما إن يجتاز مرحلة السير إلى الحق وفى الحق حتى يستأنف مرحلة السير إلى الخلق فينهض بعبئ تبليغ الرسالة التي حمل مشعلها الأنبياء. فقد قال(عليه السلام): «قد نصب نفسه للّه ـ سبحانه ـ في أرفع الاْمور»، آنذاك خاض الإمام(عليه السلام) في شرح هذه الوظائف بعبارات قصيرة بعيدة المعاني فقال: «من إصدار كلّ وارد عليه، وتصيير كلّ فرع إلى أصله»، فالعبارة تشير إلى نقطة مهمّة وهى أنّ هذا العبد العالم المخلص قد إنطوى على إحاطة بعلوم الدين وأحكامه إلى درجة
جعلته قادراً على الرد على كل ما يطرح من سؤال وإستفسار. كما تتضمن العبارة تلميحاً إلى عدم وجود سؤال في الدين لايحمل جواباً، كما ليس هنالك من مشكلة في المعارف الإلهية والأحكام الفرعية دون حلول; الأمر الذي أكده رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في خطبته المعروفة في حجة الوداع، إذا قال: «يا أيها الناس! واللّه ما من شئ يقربكم من الجنّة، ويباعدكم من النار، إلا وقد أمرتكم به، وما من شئ يقربكم من النار، ويباعدكم من الجنّة، إلا وقد نهيتكم عنه»(1)، وهو ما تعارف في فقه الإمامية بعنوان: «ليس هنالك من واقعة إلاّ وللّه فيها حكم». والعبارة «تصيير كل فرع إلى أصله» تشير في الواقع إلى التعريف الذي ذكره علماء الدين للاجتهاد والاستنباط، حيث صرحوا بأن حقيقة الاجتهاد هى: «رد الفروع إلى الاصول»; أي الاجابة على كل فرع بالاستفادة من القواعد والاُصول الكلية المستقاة من الكتاب والسنة ودليل العقل، والمجتهد من يعلم بأنّ الفرع لأي أصل يعود. كما تشير العبارة ضمنياً إلى فتح باب الاجتهاد في كل مكان وزمان، وقد بينت شرائط المجتهد من حيث العلم والعمل في الابحاث السابقة. ثم قال(عليه السلام): «مصباح ظلمات، كشّاف عشوات(2) مقفتاح مبهمات، دفّاع معضلات، دليل فلوات»(3). فقد كشف الإمام(عليه السلام) بهذه الصفات الخمس كيف يخترق هذا العبد المخلص الورع والمتقي حجب الجهل الظلمانية، فيكشف ما خفي من المعارف، ويفتح أقفال الغوامض والمبهمات ويحل مشاكل الناس، كما يهدي الناس إلى الحق والنجاة في صحراء الحياة المليئة بالحيرة والضلالة وخشية الوقوع في مخالب اللصوص وقطاع الطرق. ثم واصل الإمام(عليه السلام) كلامه بالحديث عن خمس صفات اُخرى لهذا العالم الرباني فقال: «يقول فيفهم، ويسكت فيسلم». نعم كلامه هادف، وسكوته هو الآخر هادف أيضاً، فهو يتكلم حيث لابدّ من الكلام، بينما يسكت حين يخشى الذنب والمعصية من جراء الكلام، فكلامه وسكوته للّه ولايهدف فيها سوى رضاه. فالحق إننا نعرف بعض الأفراد الذين يسعون جاهدين لاحاطة
1. اصول للكافي 2/74 ح 2.
2. «عشوات» جمع «عشوة» مايقدم عليه الإنسان من عمل جهلا، ومن الواضح أنّ نتيجة مثل هذا العمل هى الندامة، وكشاف عشوات من يطرح حجب الجهل وينجي أهل الضلالة.
3. «فلوات» جمع «فلاة» وهى الصحراء الواسعة، مجاز عن مجالات العقول في الوصول إلى الحقائق، ودليل الفلوات العالم بها.
ما يقولون ويكتبون بهالة من التعقيد والابهام ليفهموا الآخرين بمستواهم العلمي، والحال لايجني القارئ أو المستمع سوى المفاهيم المغلقة التي لاجدوى من ورائها; أمّا العلماء المخلصون فلا يصابون بهذه الأمراض، فهم لايرومون من كلامهم سوى هداية الطرف المقابل، أمّا سكوتهم فلا يستند إلى الهروب من المسؤولية والخلود إلى الراحة والدعة، بل لايرومون من سكوتهم سوى السلامة من الخطيئة والاثم ومجانبة الهوى ومعصية اللّه. ثم أشار(عليه السلام) إلى مقام هذا العارف الإلهي فقال: «قد أخلص للّه فاستخلصه»، يمكن أن تكون هذه العبارة إشارة إلى نقطة لطيفة وهى أنّ الشوائب الأخلاقية للإنسان على قسمين: قسم قابل للرؤية ويمكن التغلب عليه من خلال الجهاد الأكبر وإصلاح النفس، بينما يتعذر رؤية القسم الآخر. واللّه سبحانه في عون من ينتصر في المرحلة الاولى. وقد صورت الروايات الإسلامية الشرك بأعظم صورة حيث قالت: «إنّ الشرك أخفى من دبيب النمل، على صفاة سوداء، في ليلة ظلماء»(1). ومن الطبيعي أن تطهير القلب من هذا الشرك لايبدو سهلاً إلاّ في ظل العناية الإلهية. ثم أردف الإمام(عليه السلام) تلك الصفات الثلاث بصفتين فقال: «فهو من معادن، دينه وأوتاد أرضه»، نعم من خلص كيانه من كل الجوانب وكان عمله هو التربية والتعليم فهو بمنزلة المعدن الذي لايفنى والذي تستخرج منه المجوهرات والفلزات الثمينة، وهو كالجبل الراسخ الذي لاتزعزعه عواصف الشرك ورياح الذنوب والمعاصي والوساوس والمكائد الشيطانية التي تتقاذف الإنسان وتلقى به في مهالك الردى، وقد عبر عنه القرآن الكريم بوتد الأرض الذي يحفظها من الزلازل: (ألم نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهاداً * وَالجِبالَ أَوْتاداً)(2) وتشبيه هذا العالم الرباني والعبد المخلص بالجبل الي يمثل وتد الأرض تفيد عظم بركته على المجتمع الإسلامي. فمثل هذا الفرد هو الذي يحفظ المجتمع الإسلامي من عواصف الانحراف والفساد. ثم واصل الإمام(عليه السلام) كلامه بالإشارة إلى أربع صفات اُخرى من صفات هذا العالم الرباني فقال: «قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه» فنحن نعلم بأنّ حقيقة العدل الخلقي أن تكون كافة صفات ومميزات الفرد منسجمة وحد الاعتدال والاتزان، بحيث لاتنطوي
1. بحارالأنوار 69/93.
2. سورة النبأ / 6 ـ 7.
شخصيته على الرغبات المفرطة التي تسوقه إلى الهوى، إلى جانب عدم الانزواء والتقوقع عن الدنيا، فلابد له أن يستسيغ الحلال ويمج الحرام ويسلك خط الاعتدال. فالعبارة «أول عدله...» تفيد انطلاقه في العدل من ذاته، والحق أنّه مالم يكن كذلك فليس لكلامه من أثر في الآخرين في الدعوة إلى العدالة. ثم قال في الصفة الثانية «يصف الحقّ ويعمل به» فان كان نصيرا للحق لم يقتصر ذلك على لقلقة اللسان، بل كانت دعوته ونصرته للحق على مستوى السلوك والأفعال قبل اللسان والأقوال، وذلك لأنّ كلامه النابع من إيمانه واعتقاده إنّما ينعكس مباشرة على سلوكه وتصرفه، ولولا ذلك الانعكاس لأفاد الأمر عدم إيمان ذلك الفرد بما يقول. ثم قال(عليه السلام) في الصفة الثالثة: «لا يدع للخير غايةً إلاّ أمّها، ولا مظنّةً إلاّ قصدها» انه طالب كل خير وإحسان وسعادة، بل يقتفي آثار حتى تلك الحالات التي يرتجى من وراءها خيراً، فهو عاشق للخير وكأنّه ذلك الفرد الذي يبحث عن ضالته النفيسه، فهو لاينفك عن مطاردتها هنا وهناك. وقال في الصفة الرابعة «قد أمكن الكتاب من زمامه، فهو قائده وإمامه، يحلّ حيث حلّ ثقله،(1) وينزل حيث كان منزله» وهكذا يرى هذا العبد المخلص نفسه مكلّفاً بهداية الناس منطلقاً قبل ذلك من إصلاح نفسه واجتثاث جذور الهوى من أعماقها; فلسانه يصدع بالحق دائماً، كما يعمل بهذا الحق إلى جانب سعيه الدؤوب خلف الصالحات وأعمال الخير، والأهم من كل ذلك أنّه جعل القرآن إمامه الذي يقوده حيث شاء فقد فوض إليه كافة اُموره، فكانت سكناته وحركاته مستندة إلى القرآن.
—–
يرى أتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) أنّ باب الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية من
1. «ثَقَل» على وزن أجل، وله معان مختلفة، ففي بعض الأحيان يأتي بمعنى أمتعة المسافر واحيانا بمعنى الاشياء الثمينة.
و«حل» بمعنى نزل في منزل جديد وحل الرحال فيه، والجملة الواردة اعلاه، كناية عن أن المؤمن المخلص والسائر على هدى القرآن الكريم، فان حاله كحال المسافر الذي سار وراء قافلة كلما نزلت القافلة في مكان وحلت رحالها، فانه يتبع هذه القافلة فينزل معها ويحل رحاله معها.
أدلتها المعروفة (الكتاب والسنة والإجماع والعقل) مفتوح على الدوام; الأمر الذي رقى بالفقه الإسلامي وأخذ بيده نحو الكمال. بينما نعلم أنّ فريقاً من المسلمين قد ذهب إلى غلق باب الاجتهاد، ليحصره ويجعله حكراً على الأئمة الأربع! رغم عدم قلّة الأفراد الذين كانوا يفوقونهم علماً في الأمة الإسلامية، فالواقع ليس هنالك من دليل يدعو إلى حصر الاجتهاد في ذلك العدد المذكور. في حين تحدث الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة عن خصائص المسلم المخلص العالم وفي مقدمتها إجتهاده في أحكام الدين فقال: «قد نصب نفسه للّه ـ سبحانه ـ في أرفع الأمور ، من إصدار كلّ وارد عليه، وتصيير كلّ فرع إلى أصله، مصباح ظلمات، كشّاف عشوات مقفتاح مبهمات، دفّاع معضلات» كما أشار ضمنياً في عدة مواضع من هذه الخطبة إلى الشرائط التي ينبغي توفرها في الفقيه المجتهد، والتي تدل على أن الفقيه لايتصدى لهذه المسؤولية الخطيرة مالم تكن له رابطة خالصة بالحق سبحانه وتعالى. وهذا وقد تناولنا في شرحنا للخطبة الثامنة عشرة في المجلد الأول أهمية الاجتهاد وفتح بابه أمام العلماء، إلى جانب الحديث عن الاضرار الفادحة التي أفرزتها فكرة الاعتقاد بغلق باب الاجتهاد من قبل فقهاء العامة.
لقد أشار الإمام(عليه السلام) كراراً ومراراً في أغلب خطب نهج البلاغة إلى أهمية القرآن الكريم، فكان يتناول أحد الأبعاد في كل خطبة. وقد تحدث في هذه الخطبة عن خصائص العبد المخلص، فكان من بينها تسليمه المطلق لكلام اللّه، بحيث جعل القرآن قائده وإمامه ليتبعه في حركاته وسكناته، وبعبارة اُخرى فهو ينظر إلى القرآن كمحور لكافة جوانب حياته، لاوسيلة لتوجيه عقائده وأفكاره، فهو على العكس من أولئك الذين يتشدقون بتبعبتهم للقرآن، بينما يسعون لتكييف القرآن ومتطلباته وآرائهم، ليكونوا مصداقا لقوله: (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْض وَنَكْفُرُ بِبَعْض)(1) فما لاينجسم ورغباتهم نسوه وهجروه، ولو كان ظاهره لايخدمهم عمدوا
1. سورة النساء / 150.
إلى باطنه على ضوء نزعاتهم، والعكس صحيح فقد يتخلون عن باطن القرآن ويتمسكون بظاهره عله ينسجم وأهوائهم. فهم منحرفون لم يؤمنوا بالقرآن قط على أنّه دليلهم وإمامهم، بل هم في الواقع ليسوا عبيد اللّه، بل عبدة الأهواء، والتفسير بالرأي الذي نهت عنه أغلب الروايات إنّما هو شعبة من شعب عبادة الهوى والشرك الخفي; فاين هؤلاء من العلماء المخلصين؟
—–
«وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عالِماً ولَيْسَ بِهِ، فاقْتَبَسَ جَهائِلَ مِنْ جُهّال،أَضالِيلَ مِنْ ضُلاَّل، ونَصَبَ لِلنّاسِ أَشْراكاً مِنْ حَبائِلِ ]حبال[ غُرُور، وقَوْلِ زُور; قَدْ حَمَلَ الْكِتابَ عَلَى آرائِهِ ]رأيه[; وعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوائِهِ، يُؤْمِنُ النّاسَ مِنَ الْعَظائِمِ، ويُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرائِمِ، يَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهاتِ، وفِيها وَقَعَ، وَيَقُولُ: أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ، وبَيْنَها اضْطَجَعَ، فالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسان، والْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوان. لا يَعْرِفُ بابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ، ولا بابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ،ذَلِكَ مَيِّتُ الاَْحْياءِ».
—–
كان الكلام في الأبحاث السابقة عن العلماء المخلصين الذين كانوا هداة على الطريق، منهم مصباح ظلمات، وكشاف عشوات ومفتاح مبهمات ودفاع معضلات، وهو ملاذ الضعفاء ومفزع العباد، وقد بين الإمام(عليه السلام) صفاتهم على أكمل وجه، أمّا هنا فقد تحدث الإمام(عليه السلام) عن المتشبهين بالعلماء من أهل الضلال الذين كمنوا للخلق وصدوهم عن الحق بباطلهم ومكرهم واستغلال سذاجتهم من أجل تحقيق أطماعهم المادية. فقد عدّ الإمام(عليه السلام)عشر من صفاتهم فقال: «و آخر قد تسمّى عالماً وليس به». فالتعبير بالفعل «تسمى» بصيغة المتعدي تفيد أن اليقظين من أبناء الاُمّة لايرونهم علماء، وهم ليسوا كذلك أيضاً عنداللّه، بل يزعم أحدهم أنّه عالم، إلى جانب شلة من الجهال المتأثرة بكذبهم ودجلهم. ثم قال في الصفة الثانية: «فاقتبس جهائل من جهّال، وأضاليل من ضلاّل». فالمفردة «إقتبس» التي تعني هنا التعلم، تفيد أن هذا
العالم المزيف إنّما أجاء هذا الفن في الخداع والتضليل إثر تعلمه ممن سبقه، فوظف ما تعلم في هذا الانحراف دون أن يجعل جهاده وسعيه للعلم والعمل في خدمة الحق، وهذا لعمري قمة البؤس والشقاء. ولعل الفارق بين «جهائل» و«أضاليل» أن جهائل (جمع جهالة) تعني الجهل المركب; أي أنّه جاهل ولايدري أنّه كذلك (ولايدري أنّه لايدري) أمّا أضاليل (جمع أضلولة) فهى تعني الاُمور المضلة التي يتجه إليها عن علم. ثم قال في الصفة الثالثة «و نصب للنّاس أشراكاً(1) من حبائل غرور، وقول زور»; ياله من تعبير رائع! نعم فهو كالصياد الذي ينشر الحبوب فيجعلها فخاً للطيور والحيوانات البلهاء، فيبيعها ويتغذي على لحومها، وهذا ما يفعله هذا العالم المزيف تجاه السذج من الناس فيجني أطماعه المادية ومنافعه الشخصية. وما أبرز مصاديق هؤلاء على مر التأريخ في كل عصر ومصر، الذين يسخرون الدين لخدمة دنياهم، فقد جاء في الخبر أنّ الإمام(عليه السلام) وصف عبداللّه بن الزبير قائلاً: «ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا»(2) (وقد قال الإمام(عليه السلام) ذلك حين لم تتضح شخصيته ويكشف عن مواقفه). ثم قال في الصفة الرابعة: «قد حمل الكتاب على آرائه وعطف الحقّ على أهوائه»، بالضبط على عكس العالم الذي طالعتنا صفاته في أنّه أمكن الكتاب من زمامه وجعله قائده وإمامه، يحل حيث حل ثقله، وينزل حيث كان منزله، فهو تابع للقرآن بكل كيانه. والحق ليس هنالك من وسيلة أفضل من هؤلاء المزيفين للتعرف على العلماء العاملين. فذاك الذي جعل القرآن قائده وإمامه هو العالم المخلص، أمّا هذا الذي يفسر القرآن برأيه ويسعى لتطبيق القرآن على متطلباته ورغباته. لهو عالم سوء مزيف. وقد جاء في الحديث عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «من فسر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار»(3). كما عنه(صلى الله عليه وآله) أنّ اللّه سبحانه وتعالى قال: «ما آمن بي من فسر برأيه كلامي»(4) والدليل واضح فمن آمن باللّه علم أنّ الحق ما كان من اللّه، فان رأى غييره الحق فهو على خطأ. كما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «من فسرّ برأيه
1. «اشراك» جمع «شرك» بمعنى اشباك الصياد.
2. الكنى والألقاب 1/294.
3. عوالي اللئالي 4/104.
4. بحارالأنوار 89/107، ح 1.
آية من كتاب اللّه فقد كفر»(1). ثم قال في الصفة الخامسة من صفات هذا الذي تشبه بالعلماء: «يؤمن النّاس من العظائم، ويهوّن كبير الجرائم» وهكذا فانّ الآثمين من الأفراد ـ الذين يشكلون الأكثرية في المجتمعات ـ يسعون لحشد الآراء لصالحهم، وبعبارة اُخرى فانّ هنالك الأغلبية الساحقة في المجتمع التي تسعى للتظاهر بالدين، أمّا في داخلهم فهم يسعون من خلال ذلك لجمع الأفراد حولهم واستقطابهم بواسطة مماشاتهم وتصغير الكبائر لديهم. ثم قال في الصفة السادسة واصفا حال هذا العالم المزيف: «يقول: أقف عند الشّبهات، وفيها وقع»، فهذا المرائي الماكر يتظاهر أمام الناس بالدين إلى درجة أنّه يزعم لهم: (لا أجتنب المحرمات فحسب، بل أنا محتاط حتى في الشبهات) والحال تعج حياته بالشبهات، وأبعد من ذلك المحرمات. وقيل في تفسير هذه العبارة أنّ اقتحامه للشبهات نابع من جهله، فمثل هؤلاء الأفراد إنّما يعانون عادة من الجهل المركب، فيرون ضلالهم هدى ومعاصيهم تقوى. ومن الواضح أنّ هؤلاء الجهال يتحلون بهاتين الصفتين، فلا مانع من الجمع بين التفسيرين (لامكانية استعمال اللفظ في أكثر من معنى). أمّا الشبهات فتطلق عادة على الاُمور التي لاتعرف بصورة تامة، فهل هى حرام أم حلال؟ بعبارة اُخرى فقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك»(2); أي أن الشبهات هى حد الحرام. ومن هنا فمن أراد أن يصون نفسه عن الذنب وجب عليه عدم الاقتراب من هذا الحد، وإلاّ هوى في مستنقع الذنوب ووصل المعاصي. ولذلك جاء في آخر الحديث: «فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لايعلم».
ثم قال في الصفة السابعة: «و يقول: أعتزل البدع، وبينها اضطجع(3)»، يمكن أن يكون هذا الادعاء ممّا يفرزه المكر والخداع أو الجهل المركب، فاساس نشاط مثل هؤلاء الأفراد قائم على التشبث بالبدع وهجر السنن إرضاءاً لاهواء العامة; الأمر الذي لايمكن تحقيقه إلاّ من خلال البدع والأحداث في الدين، وحقيقة البدعة إدخال ما ليس من الدين فيه، أو إخراج ما كان
1. تفسير البرهان 1/19.
2. الكافي 1/68.
3. «اضطجع» من مادة «ضجع» على وزن زجر بمعنى نام ووضع جنبه على الارض.
من الدين، وعليه فالبدعة حرام، ولا يعني هذا رفض أساليب التجدد في الحياة في كافة جوانبها العلمية والادبية والاجتماعية. فالبدعة أن تحدث شيئا وتنسبه إلى الدين وهو ليس منه، والعكس صحيح. وما حالات الافراط والتفريط التي يمارسها الجهال الا إفرازات طبيعية لعدم إدراك حقيقة البدعة. أمّا في الصفة الثامنة والتاسعة العاشرة التي تعد بمثابة نتيجة الصفات السابقة حيث أوردها الإمام(عليه السلام) بفاء التفريع فقد قال: «فالصّورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان. لا يعرف باب الهدى فيتّبعه، ولا باب العمى فيصدّ عنه، وذلك ميّت الأحياء». حقا ليس هنالك من تعبير يصور وضع هؤلاء العلماء المزيفون أبلغ وأدق من هذا التعبير. فصورتهم ومظهرهم صورة إنسان، بل إنسان كامل ورع وعالم، في حين يسبح هذا الإنسان ـ بهذه الصفات ـ في بحر من الجهل المركب، فاذا فكر يوما في الهداية، ضل الطريق بسبب ذنوبه ومعاصيه، فهو لايعرف سبيل الحق والهدى ليهتدي إليه، ولا يعرف سبيل الباطل والضلال ليصد عنه، بالتالي فهو ميت يتحرك بين الأحياء، وقد ماتت فيه كل مقومات الحياة الانسانية. والواقع إنهم مصداق بارز للآية الشريفة: (إِنَّكَ لا تُسْمِـعُ المَوْتى وَلا تُسْمِـعُ الصُّـمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّـوْا مُدْبِـرِينَ)(1)، أو الآية الكريمة (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَـنَّمَ كَثِـيراً مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولـئِك كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولـئِك هُمُ الغافِلُونَ).(2)
لايخفى على أحد خطر علماء السوء والضلالة، فأغلب الجرائم البشعة ا لتي يرتكبها الجهال، إنّما تعود جذورها إلى ما يسمى بهؤلاء العلما، المتطفلين على الدين المفارقين لأحكامه وتعاليمه، أو الذين جعلوا الدين مطية لدنياهم. فقد وصفهم أميرَالمؤمنين علي(عليه السلام)بأدق وصف، فهم جهال خلطوا الجهل بالضلال، فجعلوا أنفسهم أئمة للقرآن يفسرونه برأيهم ويحملون آياته
1. سورة النمل / 80 .
2. سورة الاعراف / 179.
على رغباتهم وأهوائهم، فاصبحت حياتهم قائمة على أساس البدع والشبهات والذنوب والمعاصي، إلى جانب تصغيرها في أعين الناس وتزيينها لهم. فلم تبق لهم من الإنسانية سوى صورتها، أمّا السيرة فهى حيوانية تماماً. وقد تواترت الأخبار والروايات إلى جانب الآيات القرآنية التي لفتت إنتباه الأمّة إلى أخطارهم، لتحذر الناس من مغبة الاستجابه لهم والسقوط في حبائلهم وشباكهم. فقد روى أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه»، بل إنّ الندم يصيبه وتعود مثل هذه الاُمور بالوبال عليه، ومن هنا ورد في ذيل الحديث السابق: «وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة، رجل دعا عبدا إلى اللّه، فاستجاب له، وقبل منه، فأطاع اللّه، فأدخله اللّه الجنّة، وأدخل الداعي بترك علمه، واتباعه الهوى وطول الأمل»(1). وقال الإمام الصادق(عليه السلام) أنّ اللّه أوحى إلى نبيّه داود(عليه السلام): «لاتجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدك عن طريق محبتي; فان أولئك قطاع طريق عبادي المريدين إلي، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم، أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم»(2). فمن بين العلامات التي صرحت بها الروايات والأخبار بشأن علماء السوء والضلالة، ترك العمل بعلمهم، حيث قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «لايكون المرء عالماً حتى يكون بعلمه عاملا»(3). أمّا العلاّمة البارزة الاُخرى فهى اندفاعهم نحو البدع وتوجيه الضلال والانحراف والانغماس في الدنيا، وكثرة الزعم والادعاء.
—–
إنّ من أعظم آفات الدين وعقبات العبودية طلب الحق والحركة إليه إنّما تتمثل بمعضلة «التفسير بالرأي»; المعضلة التى تهدد الدين بخطرها العظيم وتقضي على روح أغلب الآيات القرآنية والروايات الإسلامية، فتحيلها إلى إلعوبة بيد هذا وذاك لتوجيه أهوائهم وسوء
1. الكافي 1/44، باب استعمال العلم، ح 1.
2. علل الشرايع /394.
3. منهاج البراعة 6/185.
مقاصدهم، بعبارة أخرى تحيل الآيات والروايات إلى عجينة يصنع منها هذا المفسر ما يشاء ولايهدف سوى إلى تبرير فساده وإنحرافه وضلاله. وأبسط تعريف للتفسير بالرأي هو إخلاء الآيات والروايات من معناها الحقيقي وصبغها بالطابع المطلوب ومن الواضح أن الآيات والروايات لا تفقد حقيقتها في الهداية على ضوء هذه المعضلة ـ التفسير بالرأي فحسب، بل تصبح وسيلة لتبرير الضلال والانحراف. ومن هنا أكدت الروايات والأخبار بشدة النهي عن التفسير بالرأي، وقد مرّت علينا طائفة من هذه الأخبار والروايات في الأبحاث السابقة، ثم رأينا كيف أنّ أميرَالمؤمنين علي(عليه السلام) يذكر هذه الصفة في إطار وصفه لعلماء السوء والضلالة على أنّ أهم صفة من صفاتهم تكمن في التفسير بالرأي. فالعبارة التي تضمنها الحديث المعروف «من فسر برأيه آية من كتاب اللّه فقد كفر»(1) تفيد أنّ التفسير بالرأي أرضية خصبة للنزوع نحو الكفر، وكذلك ما ورد في الحديث الآخر بهذا الشأن: «من فسر القرآن برأيه، إن أصاب لم يؤجر، إنّ أخطأخر أبعد من السماء».(2)
وزبدة الكلام فانّ أخطار التفسير بالرأي كثيرة نشير إلى جانب منها:
1 ـ ايجاد حالة من الفوضى والا رباك في فهم الآيات والروايات.
2 ـ إحالة وسائل الهداية والصلاح إلى ادوات للضلال والفساد ومضاعفة الاخطاء.
3 ـ إيجاد الاختلاف والتشتت والنفاق واثارة التخريب في القضايا العقائدية والدينية.
4 ـ الهبوط بالكتاب والسنة من مقام الزعامة والإمامة إلى مستوى التابع والمقلد.
5 ـ تكييف التعاليم السماوية على ضوء انحرافات الأوساط الموبوءة.
6 ـ إحالة المفاهيم السامية المطلقة المستندة إلى الوحي إلى أفكار الإنسان المحدودة الضيقة.
7 ـ تمهيد السبل والذرائع للأفراد الضالين المضلين.
طبعاً ليس هنالك من علاقة بين التفسير بالعقل للآيات والروايات وتفسيرها بالرأي. والمراد بالتفسير بالعقل هو الاستفادة من الأدلة والقرائن العقلية من أجل فهم معنى الآيات
1. تفسير البرهان 1/19.
2. وسائل الشيعة 18/149، ح 66 الباب 13، أبواب صفات القاضي.
والروايات. على سبيل المثال فان القرائن العقلية القطعية تصرح بأن المراد باليد في الآية الشريفة: (يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(1) القدرة والقوة، لاهذه اليد العضو من أعضاء بدن الإنسان المركبة من اللحم والعظم والجلد. أمّا المراد بالتفسير بالرأي فهو الاستعانة بالقرائن الظنية أو الوهمية الخالية دون القرائن لتفسير الآيات والروايات وفقا للأهواء والرغبات. على كل حال فانّ هذا العمل نابع من الجهل أو الأهواء الشيطانية. ويتضح مما مر معنا أنّ اُولئك الذين حاولوا توجيه ضلالهم وانحرافهم بواسطة التفسير بالرأي، قد ضلوا حتى في مسألة التفسير الرأي وفسروها بوحي من رأيهم، ومن هنا نقف على أهمية ما ورد في الخبر الذي صرح بعدم إثابة من فسر برأيه وإن أصاب. فليس هنالك من ركن يستند إليه في التفسير بالرأي سوى الفرضيات الجوفاء والآراء الظنية والوهمية، الأمر الذي يقضي على روح إصالة الوحي واشاعة جو الفوضى والاضطراب في بيان المسائل الشرعية، كما يقدح في نورية القرآن ويهدد بالغرق سفينة النجاة المتمثلة بأئمة العصمة(عليهم السلام). وإلاّ لو كانت هنا لك الفرضيات العلمية المسلمة إلى جانب القرائن العقلية لتعذر تسمية هذا التفسير بالتفسير بالرأي، فهذا تفسير بالعقل. ومما يؤسف له أنّ المنحرفين قد فسروا حتى مسئلة التفسير بالرأي برأيهم ليتخذوا من الوحي وسيلة لتوجيه انحرافهم وتحقيق أطماعهم وأغراضهم.
—–
ذكر الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة البدع التي تعد من الصفات التي يتصف بها هذا الصنف ممن تسمى بالعلماء، والحال أنّهم يدعون أنّهم بعيدون كل البعد عن البدع، وهم يسبحون في هالة منها. وكما أشرنا سابقاً فانّ البدعة أن تحدث في الدين ما ليس منه، أو أن تخرج منه ما هو فيه، وعليه فهى لاتصدق على الابداع والتجديد والخلاقية في الميادين السياسة والاجتماعية والاقتصادية وشؤون الحياة اليومية، أو بعبارة أخرى قد تكون البدعة في الدين وقد تكون في
1. سورة الفتح / 10.
غيره، فما كانت في الدين فهى حرام ومضلة، وما كانت في غيره فهى ممدوحة مطلوبة مالم تسيىء إلى الدين. على سبيل المثال فانّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أتى بحج التمتع; أي خرج من الاحرام بعد أداء العمرة ثم أحرم للحج بعد فاصلة، كما أجاز الزواج المنقطع، فان انبرى من يقول لا أستسيغ حج التمتع، ولابدّ أن يكون الحج والعمرة معا، ولا أومن بالزواج المنقطع، فمثل هذا الشخص مبتدع في دين اللّه، وهو والأمر الذي ذمته الروايات بشدّة، حتى قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «أهل البدع شر الخلق والخليقة»(1) كما قال(صلى الله عليه وآله): «من تبسم في وجه مبتدع، فقد أعان على هدم دينه»(2) وما ذلك إلاّ للأخطار العظيمة الناجمة عن البدع وفى مقدمتها القضاء على إصالة الدين، ولو فتح باب الدين بوجه البدع وتصرف الأفراد في العقائد والمفاهيم كما يحلولهم فسوف لن يمر وقت طويل حتى تنعدم آثار الدين ولايبقى إلاّ إسمه، وبالتالي سوف لن يكون إلاّ أداة طيعة بيد المهووسين والمنحرفين المتطفلين على الدين. ومن هنا جاء في الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) في جوابه لمن سأله عن أقل ما يتعامل به ذلك الكافر قال «أن يبتدع شيئا، فيتولى عليه، ويبرء ممن خالفه».(3)
ولو تمعنا في تاريخ الأديان الباطلة لرأينا أنّها إنّما استندت في الغالب إلى البدع.
—–
1. كنزالعمال 1/218، ح 1095.
2. بحارالأنوار 47/217، ح 4.
3. سفينة البحار، مادة «بدع»; بحارالأنوار 69/220.
«فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ»؟ «وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»! والاَْعْلامُ قَائِمَةٌ، والاْيَاتُ وَاضِحَةٌ، والْمَنارُ مَنْصُوبَةٌ. فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ! وكَيْفَ تَعْمَهُونَ، وبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ! وهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وأَعْلامُ الدِّينِ، وأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ! فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ، ورِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ.
—–
لقد وصف الإمام(عليه السلام) في المقطع السابق من هذه الخطبة العالم المخلص والآخر المزيف، ثم واصل الكلام في هذا الموضع من الخطبة بالحديث عن أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) ومكانتهم في المجتمع الإسلامي، بغية معرفة الفريق الأول وتمييزه عن الثاني، إلى جانب الاقتداء به، إلاّ أنّه أشار بصورة كلية إلى هذه المسألة فقال: «فأين تذهبون، وأنّى تؤفكون(1)، والأعلام قائمةٌ، والآيات واضحةٌ، والمنار منصوبةٌ». فلا يحق لكم القول إننا نعيش في عصر تتقاذفنا فيه التيارات ولسنا لنا معرفة الحق من الباطل بعد أن إمتزجامعاً، كلا ليس الأمر كذلك، فكل شئ واضح والموازين جلية بينه، وقد اعذر من انذر. فقد جرت العادة على نصب العلائم في الطرقات بغية الاهتداء وعدم الضياع، فأحياناً توضع العلامات في مفترقات الطرق المنعطفات، وأحياناً اُخرى توضع المصابيح المضاءة على المرتفعات (ولا سيما في الليالي الظلماء) ويكفي أي من هذه الطرق لمعرفة السبيل، فاذا إجتمعت هذه الطرق معا، بلغ الإنسان المطلوب وسارع في خطاه نحو الهداية والصواب، فالذي أراد الإمام(عليه السلام) أنّ هذه الطرق قد سخرها اللّه سبحانه لكم. ثم طبق الإمام(عليه السلام) هذا الكلي على مصداقه فانتقل من العام إلى الخاص، كيلا يقال أنّ هذه
1. «تؤفكون» من مادة «إفك» على وزن فكر، الانحراف والميل، ومن هنا يطلق الافك على الكذب والتهمة.
![]() |
![]() |