![]() |
![]() |
الآيات القرآنية وجود التوبة سابقاً، كما تفيد آيات اُخرى وجودها لا حقاً، ويمكن الجمع بينهما، في أنّ آدم(عليه السلام) تاب مرات من خطيئته من قبل الهبوط وبعده، وما أكثر ما يخطئى الإنسان ويكثر من الاستغفار كلما عرض له ذلك الخطاء. العبارة «لم يخلهم بعد أن قبضه»(1)، تفيد أنّ آدم(عليه السلام) هو أحد أنبياء الله وحججه، وأنّ الله واتر أنبيائه بعد آدم(عليه السلام) حتى ختمهم بالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، وهنا يبرز هذا السؤال: إذا كان اتمام الحجة ضرورة في كل زمان ومكان / لم ختمت النبوة بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) فكان(صلى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء؟ وتتضح الاجابة على هذا السؤال من خلال التفات إلى هذه النقطة وهى أنّ الله أنزل آخر أوامره وأحكامه وأكمل قوانينه وتعاليمه على نبي الإسلام، فكانت شريعته أكمل الشرائع وأشملها، بحيث يمكن للبشرية برمتها أن تحتذيها في مسيرتها إلى السعادة والفلاح، ولا سيما أنّ نسل الأوصياء(عليه السلام)الامتداد الحقيقي للنبي(صلى الله عليه وآله)ماثل إلى يوم القيامة، ومن أراد المزيد فليراجع المجلد الثامن من كتاب نفحات القرآن بحث الخاتمية.
—–
1. جملة «ليقيم الحجة به على عباده» «في حالة عود الضمير «به» على آدم(عليه السلام) أيضاً يمثل دليلا آخراً على نبوة آدم(عليه السلام).
و تعبير «عباده» يشير إلى حواء و أولاد آدم، بالاضافة إلى مصير آدم و زوجته بعد الخروج من الجنة بعد ارتكاب الخطأ، و هى حجة على بني آدم كافة إلى يوم القيامة.
«وَقَدَّرَ الأرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَقَلَّلَها، وَقَسَّمَهَا عَلَى الضَّيقِ والسَّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا وَمَعْسُورِهَا، وَلِيَخْتَبِرَ بِذلِك الشُّكْرَ وَالصَّبْرَ مِنْ غَنِيَّهَا و فَقِيرِهَا. ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا، وَبِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا، وَبِفَرَجِ أَفْرَحِهَا غُصَصَ أتراحها، وَخَلَقَ الآجَالَ فَأَطَالَهَا وَقَصَّرَهَا، وَقَدَّمَهَا وَأَخَّرَهَا، وَوَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا، وَجَعَلَهُ خَالِجاً لأَشْطَانِهَا، وَقَاطِعاً لَمَرائِرِ أَقْرَانِهَا».
—–
الشرح والتفسير
واصل الإمام(عليه السلام) كلامه بالأدلة الدامغة و الواضحة بشأن اتمام الله سبحانه للحجة على العباد من خلال إ نزال الكتب السماوية وبعث الأنبياء والرسل بالحديث هنا عن وسيلتين للامتحان الإلهي للعباد في مختلف مراحل تكليفهم، فأشار في الاولى إلى مسألة الرزق التي قدرها وتعرضها للزيادة والنقيصة: «وقدر الارزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة» وبغية الحيولة دون التصور بأنّ هذا التفاوت في الرزق بين العباد يتناقض والعدالة، بادر الإمام(عليه السلام) إلى القول بتقسيمها على ضوء العدل «فعدل فيها» في إشارة إلى أنّ العدالة لاتعني المساواة والتكافى، بل العدالة تعني الايصال على ضوء مصلحة الشخص، فقد ورد في الحديث عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)أنّ الله سبحانه وتعالى قال: «إنّ من عبادي من لا يصلحه إلاّ الفاقة ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإنّ من عبادي من لايصلحه إلاّ الصحة ولو أمرضته
لأفسده ذلك»(1)، ثم تعرض(عليه السلام) بصورة أعمق لهذا الأمر قائلاً: «ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها»، يمكن أن يكون هذا التفاوت في الأشخاص مختلفاً; فتتمتع فئة بنعمة جمة لترى في ميدان الاختبار هل أدت شكر هذه النعمة وأفاضت بعضها على المحرومين، ووضعت الأموال مواضعها الصحيحة، أم بالعكس فانّ زيادة الثروة أبعدها تماماً عن الخالق والمخلوق وجعلها تسبح في بحر من الغرور والغفلة. أم أن ضيق الرزق حطم صبر هذه الجماعة وقضى على استقامتها واضطراها إلى مقارفة الحرام وجحود النعمة والأعراض عن الله سبحانه وتعالى.
بل إنّ هاتين الحالتين قد تتحققان في نفس الشخص، فقد يكون غنياً أحياناً، كما قد يكون فقيراً أحياناً اُخرى، وهو ممتحن في الحالتين في شكره وصبره وجحوده وجزعه ثم يواصل الإمام(عليه السلام) كلامه بالإشارة إلى هذه النقطة في أنّ الغنى والفقر والصحة والمرض ليست من الاُمور المنفصلة عن بعضها ليستند الإنسان على واحدة منها، بل هى قريبة متداخلة مع بعضها، في أنّ البارىء سبحانه خلط سعة الرزق بما يتبقى من الفقر والفاقة، والصحة والعافية والسلامة بالحوادث الإلهيّة، والسرور والافراح بالأحزان والاتراح: «ثم قرن بسعتها عقابيل فاقتها، وبسلامتها طوارق آفاتها، وبفرج أفراحها غصص أتراحها(2)»، حتى لا يغتر أحد بغناه وعافيته وفرحه وسروره، ويعلم الجميع بان هذه الاُمور معرضة للزوال والتبدل والعدم على الدوام وفي كل مكان ولدى كائن من كان و أنها تنقلب يوماً إلى ما يضادها.
وسالمتك الليالي فاغتررت بها *** وعند صفو الليل يحدث الكدر
و بالنظر إلى أنّ «عقابيل» جمع عقبولة على وزن جرثومة تعني الشدائد وبقايا الأمراض والمشاكل التي تتمثل بقروح صغيرة تخرج يالشفة: فانّ العبارة المذكورة تفيد أنّ المشاكل والمصائب وآثارها وبقاياها تلازم دائما الراحة والهدوء ولا تفارقهما أبداً، والعبارة: «يفرج أفراحها غصص أتراحها» تأكيد آخر لهذا المعنى; لأنّ أتراح جمع ترح على وزن فرح بمعنى
1. بحارالأنوار 68/140، وقد ورد شبه هذا المعنى في الغنى والفقر والصحة والمرض والتوفيق للعبادة من عدمه في بحارالانوار 5/284 عن النبي(صلى الله عليه وآله) عن الله سبحانه.
2. «أتراح» جمع «ترح» على وزن فرح بمعنى الغم والهم، وفسر ضد الفرح كما فسر أيضاً بالهلاك وقطع الخير والاحسان.
الحزن والغم والهم. فبالنتيجة ذكر الإمام(عليه السلام) أنّ هذه الافراح والسرور مقرونة با لهم والحزن، النقطة الآخرى التي أشار إليها الإمام(عليه السلام) هى الوقت المحدد. للحياة، فلها نهاية حتمية عاجلا أم آجلاً، والشيء الذي ليس للإنسان منه وسيلة للهرب هو الموت: «وخلق الاجال فأطالها وقصرها، وقدمها وأخرها». فالموت موصول بالحياة (وجعل الأمراض وسيلة لانهاء الحياة) من شأنه القضاء عليها «و وصل بالموت أسبابها، وجعله خالجا(1) لأشطانها(2)، وقاطعا لمرائر(3) أقرانها»، فقد أشار الإمام(عليه السلام) في هذه العبارة القصيرة إلى عدّة نقاط، منها أنّ البعض يعمر كثيراً بصورة طبيعية، والبعض الآخر يعمر قليلاً، كما قد يقصر ذلك العمر الطويل بفعل بعض الأعمال الشائنة أو الذنوب والمعاصى، بينما قد يطال في ذلك العمر القصير إثر رعاية القضايا المرتبطة بالصحة والسلامة، أو بفعل الأعمال الطيبة والخير والاحسان. كما أشار(عليه السلام)إلى أنّ للموت عدّة أسباب، إذا هرب الإنسان من بعضها وقع في مخالب الاخر، بل لاينجو من الموت أقوى الأقوياء. وعليه لاينبغي لأحد أن يغتر بصحته وسلامته وشبابه وقوته، ولابدّ لكل أحد أن يتأهب للموت ويعد له الزاد المطلوب متوقعاً الموت في أي وقت.(4) كما احتمل بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ المراد بالتقديم والتأخير، هو أنّ الله سبحانه وتعالى خلق البعض في الأزمنة الماضية والبعض الآخر في الأزمنة اللاحقة على ضوء المصالح، إلاّ أنّ المعنى الأول أنسب.
لا يستفاد من عبارات هذه الخطبة تقدير رزق الإنسان فحسب، بل يستفاد ذلك من
1. «خالج» من مادة «خلج» بمعنى الجذب، والخلجان شيء في ذهن الإنسان يعنى انجذابه أمام الشيء، ومن هنا اطلق الخليج لجذبه ماءاً كثيراً من البحر.
2. «أشطان» جمع «شطن» على وزن وطن وهو الحبل الطويل، كما وردت هذه المفردة بمعنى العبد، ومنه «الشيطان» لبعده عن الهداية والرحمة.
3. «مرائر» جمع «مرير» الحبل المحكم.
4. اوردنا بحثاً مفصلاً في الخطبة 62 من المجلد الثالث بشأن الأجل ونهاية عمر الإنسان.
أغلب الآيات القرآنية الواردة بهذا الشأن، فقد طالعتنا مختلف المصادر الإسلامية بأنّ سعة الرزق أوضيقه إنّما هى خاضعة لإرادة الله ومشيته بغية اختبار العباد وتمحيصهم. بعبارة اُخرى: لقد منح الإنسان ما يوافق مصلحته. وهذا الأمر يثير عدّة أسئلة منها: أولاً: إذا كان الأمر كذلك، فما معنى السعي والجهد من أجل الرزق.
ثانياً: إنّ مثل هذا الاستنتاج يؤدي إلى سكون الأنشطة الاجتماعية وتخلف المجتمعات البشرية; المجتمعات التي ينبغي أن تعيش حالة النشاط والمثابرة بغية عدم تخلفها عن سائر المجتمعات ولاسيما غير الإسلامية، فقد صرح القرآن الكريم بهذا الشأن قائلاً: (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِـيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجات)(1)، إلاّ أنّ الإجابة على السؤال المذكور وردت في الروايات الإسلامية، بحيث لايبقى من مجال للغموض إذا تأملناها بأجمعها، فقد جاء في كلمات أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) في نهج البلاغة: «إنّ الرزق رزقان; رزق تطلبه، ورزق يطلبك، فان أنت لم تاته أتاك»(2).
والواقع كذلك فالقسم الأعظم من الرزق يتطلب سعي الإنسان وجهده وتوظيفه لكافة إمكاناته واستعداداته وطاقاته وليس له الظفر به دون ذلك، إلاّ أنّ القسم الآخر من الرزق يأتي إلى الإنسان دون السعي إليه، ليدل الإنسان على أن السعي والجهد و إن كان أصلا مسلما إلاّ أنّ رازقية الله لا تقتصر على ذلك، فلابد من التوجه إلى الله وطلب الرزق منه.
من جانب آخر جاء في الخبر أن من بين الأدعية التي لاتستجاب دعاء الإنسان الصحيح الذي لزم بيته و قعد عن السعي و هو يدعو الله: اللهم إرزقني فتناديه الملائكة بان دعائك ليس بمستجاب، قم و إعمل. فقد ورد في الرواية أن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «أربع لايستجاب لهم دعاء: الرجل جالس في بيته، يقول: يارب ارزقني! فيقول له: ألم آمرك بالطلب».(3)
أضف إلى ذلك فانّ التقديرات الإلهية في أغلب الموارد إنّما تنسجم وتدبيرنا وتخطيطنا، أي أنّ الله قدر سهما وخيرا لمن سعى وبذل جهده، بينما قدر أقل من ذلك لمن تقاعس وكسل. فهذا
1. سورة الزخرف/32.
2. نهج البلاغة، الرسالة 31.
3. ميزان الحكمة 2 / ح 5701.
الانسجام بين التقدير والتدبير يعد اجابة واضحة لاولئك الذين يستسلمون للكسل والخنوع والخمول، ويفرون من الواقع تحت ذريعة التقدير.
وناهيك عما تقدم فمما لا شك فيه أن الناس ليست سواسية في الاستعداد البدني والفكري والإدارة الاقتصادية والقدرة على العمل وتوظيف الإمكانات المتاحة; وهدا بدوره ما أدى إلى تفاوت الأرزاق. وعليه فليس من الصواب بعد كل هذا التصور أن يتساوي الرزق عل كافة الأفراد بغض النظر عما سبق، فهذا من قبيل توقع تساوي جميع أعضاء البدن و العظام و العضلات، في حين لكل عضو وظيفته في هذا البدن و قدرته بقدر نشاطه، فعالم البشرية كالبدن يختلف في رزقه على أساس إختلافه في سعيه و جهده. والنتيجة التي نخلص إليها: هو أن تقدير الرزق الذي ورد في هذا الخطبة، إنّما هو إشارة لما استعرضناه آنفا; الأمر الذي لايتنافى قط ومفهوم العدالة، بل هو عين العدالة والحكمة.
—–
«عَالِمَ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ، وَنَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ، وَخَواطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَعُقِدَ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ، وَمَسَارِقِ إِيمَاضِ الْجُفُونِ، وَمَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ الْقُلُوبِ، وَغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ، وَمَاأَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الأَسْمَاعِ، وَمَصَائِفُ الذَّرِّ، وَمَشَاتِي الْهَوامِّ، وَرَجْعِ الْحَنِينِ مِنَ الْمُولَهَاتِ، وَهَمْسِ الأَقْدَامِ، وَمُنْفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الأَكْمَامِ، وَمُنْقَمَعِ الوحوش مِنْ غِيرَانِ الْجِبَالِ وَأَوْدِيَتِهَا وَمُخْتَبَاءِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ الأَشْجَارِ وَأَلْحِيَتِهَا، و مغرز الأَوْرَاقِ مِنَ الأَفْنَانِ، وَمَحَطِّ الأمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الأصْلاَبِ، وَنَاشِئَةِ الْغُيُومِ وَمُتَلاَحِمِهَا، وَدُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِي مُتَرَاكِمِهَا، وَمَا تَسْفِي، الأَعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا، وَتَعْفُو الأَمْطَارُ بِسُيُولِهَا، وَعَوْمِ بَنَاتِ الأَرضِ فِي كُثْبَانِ الأَعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا، وَتَعْفُوا الأَمْطَارُ بِسُيُولِهَا، وَعَوْمِ بَنَاتِ الأَرضِ فِي كُثْبَانِ الرِّمَالِ».
—–
الشرح والتفسير
يتضح من خلال تامل الأقسام المختلفة لهذه الخطبة العجيبة أنّ الإمام(عليه السلام) قد اختط مساراً دقيقاً في معرفة الله، ومن ثم التعرف على هذا العالم مرورا بمعرفة الإنسان وتربيته، بعبارات رائعة تأخذ بيد الإنسان نحو هذاالمسار الطويل و تقوده نحو الهدف، يعني يسلك به سبيل السمو والتكامل.
فقد تحدث الإمام(عليه السلام) في السابق عن خلق الأرض ومصادر الحياة ومن ثم خلق آدم
وقصته مع الجنّة و ما تضمنته من عبر ومن ثم هبوطه إلى الأرض، وتقسيم الأرزاق وتعيين الاجال. ولما فرغ من ذلك واصل حديثه في هذا المقطع من الخطبة عن علم الله سبحانه بكل شيء وكل شخص وفي كل زمان ومكان، والعالم بكافة الخفايا والاسرار. فقد أورد الإمام(عليه السلام)ذلك بعبارات دقيقة رائعة، مؤكداً على تفاصيل هذه الاُمور، بحيث يشعر الإنسان بكل كيانه أنّ العالم برمته حاضر لدى الله بكل حركاته وسكناته; و هو الشعور الذي يلعب دورا، حيوياً في تربية الإنسان وسوقه نحو الخير والاحسان.
فقال(عليه السلام): «عالم السر من ضمائر المضمرين، ونجوى المتخافتين وخواطر رجم الظنون، وعقد عزيمات اليقين».
فالعبارة تفيد علمه سبحانه بكل شيء: ما يقتدح في الأذهان، وما يمثل في الواقع، وما يجري في الأوهام والظنون، والشك والترديد، وما يجول في باطنه ونجواه وهمسه مع الاخرين، ثم قال(عليه السلام): «ومسارق(1) إيماض(2) الجفون،(3) وما ضمنته أكنان القلوب، وغيابات الغيوب، وما أصغت لاستراقه مصائخ(4) الأسماع»، ولما كانت أهم مصادر علم الإنسان تكمن في قلبه (عقله) وعينه واذنه، كما صرح بذلك القرآن الكريم: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(5) والله محيط بجميع هذه المصادر; فهو عليم بكافة خفايا الإنسان وأسراره. ثم تجاوز (عليه السلام)خفايا الإنسان وما تنطوي عليه جوانحه ليتجه صوب أصغر الكائنات، ليكشف عن علمه سبحانه وتعالى بخفايا وأوكار الهوام والحشرات وآهات الالم واصوات الحزن ووقع الاقدام: «ومصائف(6) الذر،
1. «مسارق» جمع «مسرق» من مادة «سرقة» النظر خلسة.
2. «ايماض» من مادة «ومض» على وزن رمز اللمعان القصير والمخفي.
3. «جفون» جمع «جفن» على وزن جفت، بمعنى جفن العين.
4. «مصائخ» جمع «مصيخة» من مادة «صوخ» على وزن صوت الشق، والمراد هنا شق الاذان الذي يسمع به الإنسان الأصوات.
5. سورة النحل/78.
6. «مصائف» جمع «مصيف» موضع اقامتها في الصيف.
ومشاتي(1)الهوام(2) ورجع الحنين(3) من المولهات(4) وهَمْسِ(5) الاقدام».
ثم واصل(عليه السلام) كلامه بالاشارة إلى اُمور اُخرى لطيفة وظريفة وخفية ومكتومة، ليكشف النقاب عن إحاطة العلم الإلهي المطلق بها من خلال عبارات غاية في الروعة والدقة فقال(عليه السلام): «ومنفسح(6) الثمرة من ولائج(7) غلف(8) الاكمام(9)، ومنقمع(10) الوحوش من غيران(11) الجبال وأوديتها، مختباء البعوض بين سوق(12) الاشجار والحيتها(13)، ومغرز(14) الاوراق من الافنان(15)، ومحط الامشاج(16) من مسارب(17) الأصلاب»، العبارة «لامنفسح» بمعنى المكان الفسيح الواسع إشارة إلى أنّ الله سبحانه خلق مكاناً واسعاً في جوف البراعم لنمو الثمار. والعبارة: «منقمع الوحوش» تفيد لجوء الحيوانات الصحراوية إلى الغيران والكهوف بغية حفظ أنفسها من سائر الحيوانات الوحشية المفترسة و تخرج حين الحاجة أو صيد سائر الحيوانات. و التعبير «مغرز الأوراق...» لا إشارة إلى الأوراق و لا الأغصان، بل إشارة إلى موضع خاص تلتصق فيه الورقة بالغصن و تنطلق جذورها في أعماقه فتحفظه من الريح و العواصف.
1. «مشاتي» جمع «مشتى» موضع اقامتها في الشتاء.
2. «هوام» جمع «هامة» الحشرات (الخطيرة، كما تطلق على مطلق الحشرات.)
3. «حنين» الألم من مادة «حنان» ورجع الحنين ترديده.
4. «مولهات» الحزينات من مادة «وله» على وزن فرح.
5. «همس» على وزن لمس، بمعنى الصوت الهادىء الخفي، يطلق أحيانا على صوت الاقدام الحافية.
6. «منفسح» المكان الواسع من مادة «فسح» على وزن مسح.
7. «ولائج» جمع «وليجة» البطانة الداخلية.
8. غلف جمع غلاف معروف المعنى.
9. «الأكمام»، جمع «كم» غطاء النوار ولايبعد اضافة الغلف إليها أنّها إضافة بيانية.
10. «منقمع» موضع الاختفاء من مادة «الانقماع» بمعنى الاختفاء.
11. «غيران» جمع «غار»، والواسع منها يطلق عليه الكهف.
12. «سوق» جمع «ساقه» أسفل الشجرة.
13. «ألحية» جمع «لحاء» قشر الشجرة.
14. «مغرز» موضع جذور الشيء.
15. «أفنان» جمع «فنن» على وزن قلم بمعنى الغصون.
16. «أمشاج» جمع «مشج» على وزن سبب الشيء المخلوط.
17. «مسارب» جمع «مسرب» على وزن مركب وهى ما يتسرب المعني فيها عند نزوله أو عند تكونه.
و التعبير «محط الأمشاج...» إشارة إلى حركة نطفة الرجل من غدده الداخلية و تختلط مع نطفة المرأة حين نزولها في الرحم حتى تنمو و تتحول إلى إنسان كامل. فالله سبحانه يعلم بهذا المسار و كيفية التركب و موضع النزول، و يمكن أن تكون «أمشاج» إشارة إلى تركيب نطفة الرجل من مياه مختلفة و الذي أثبته العلم الحديث، حيث لكل منها هدف معين عند إختلاطه مع الآخر و التي تشكل نطفة الرجل، ثم تتحرك نحو الرحم. ثم تطرق الإمام(عليه السلام)إلى تفاصيل دقيقة لعالم الخلقة والحوادث المبرمجة، ليكشف عن علمه سبحانه برقيق السحب التي تظهر في السماء وتتصل مع بعضها البعض الآخر، إلى جانب هطول قطرات المطر من تلك السحب والرياح التي تحيط بها وتبعث بها هنا وهناك: «وناشئة الغيوم ومتلاحهمها، ودرور قطر السحاب في متراكمها، وما تسفي(1) الاعاصير(2) بذيولها، وتعفو(3) الأمطار بسيولها، وعوم(4) بنات الأرض في كثبان(5) الرمال».
نعم فهو عالم بتمام دقائق عالم الوجود وجزئيات الكائنات الحية والجمادات في السموات والأرض; وهو محيط بظهورها وحركاتها وسكناتها. فكيف بنا وهو الخبير بما في أعماقنا ويجول في أذهاننا وخواطرنا.
رغم تركز الكلام في هذا المقطع من الخطبة على علم الله الواسع بكافة الأشياء وجميع الكائنات، إلاّ أنّ هناك إشارة ضمنية لنقطة مهمّة اُخرى، إلاّ وهى التنوع العجيب للكائنات، من المسائل الفكرية والذهنية للإنسان إلى الاجزاء المختلفة للعين والاذن، والكائنات الصغيرة
1. «تسفي» من مادة «سفي» على وزن نفي الرياح التي تثير الغبار والتراب.
2. «أعاصير» جمع «إعصار» على وزن إجبار الريح التي تثير السحاب.
3. «تعفو» من مادة «عفو» بمعنى المحو وتستعمل هذه المفردة في الذنوب بمعنى محوها، ومن هنا يقال العافية بمعنى محو المرض.
4. «عوم» على وزن قوم السباحة والطوفان.
5. «كثبان» جمع «كثيب» التل والمرتفع.
والكبيرة للعالم من قبيل الهوام ومصائفها والحشرات ومشاتيها، مروراً بتشكيل نطفة الإنسان المركبة من ماء الرجل والمرأة، وظهور السحب والغيوم وتراكمها وسقوط حبات المطر وهبوب الرياح والأعاصير وجريان السيول واختفاء الحشرات في المرتفعات والتلال وما إلى ذلك من الاُمور التي سنتطرق إليها في البحث القادم. والخلاصة فانّ كل أمر دلالة على علمه سبحانه وقدرته وابداعه، وكلما تعمق الإنسان في تأمل هذه الاُمور تعرف أكثر على عظمة الحق سبحانه وعلمه، ويسمع باذن البصيرة تسبيح هذه الكائنات وحمدها، ويشعر بتوحيدها وتوجهها لخالقها. الأشياء التي لايدركها سوى من تحسسها و إنطلق منها لما وراءها.
—–
«وَمُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الأَجْنِحةِ بِذُرَاً شَنَاخِيبِ الْجِبَالِ، وَتغريد ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الأَوْكَارِ، وَمَا أَوْعَبَتْهُ الأَصْدَافُ، وحَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ، وَمَا غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْل، أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهَار، وَمَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ الدَّيَاجِيرِ، وَسُبُحَاتُ النُّورِ; وَأَثَرِ كُلِّ خَطْوَة، وَحِسِّ كُلَّ حَرَكَة، وَرَجْعِ كُلِّ كَلَمَة، وَتَحْرِيكِ كُلِّ شَفِة، وَمُسْتَقَرَّ كُلِّ نَسَمَة، وَمِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةِ، وَهَمَاهِمِ كُلِّ نَفْس هَامَّة، ومَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَة، أَوْ ساقِطِ وَرَقَة; أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَة، أَوْ نُقَاعَةِ دَم وَمُضْغَة، أَوْ نَاشِئَةِ خَلْق وَسُلاَلَة; لَمْ يَلْحَقْهُ فِي ذلِكَ كُلْفَةٌ، وَلاَ اعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ، وَلاَ اعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ الأُمُورِ وَتَدَابِيرِ الْمَخلُوقِينَ مَلاَلَةٌ وَلاَ فَتْرَةٌ، بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ، و وسعهم عَدْلُهُ، وَغَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ».
—–
الشرح والتفسير
واصل الإمام(عليه السلام) كلامه السابق بالحديث عن علم الله سبحانه وتعالى بكافة جزئيات عالم الوجود، حيث يتعرض إلى ذلك بعبارات رائعة غاية في الدقة والجمال، والحق أنّ كلام الإمام(عليه السلام) يفيد بما لايقبل الشك أنّه يستند إلى ارتباطه بما وراء هذه الطبيعية بحيث لايضاهيه كلام، وان علمه(عليه السلام)إنّما يتصل بمصادر العلم الإلهي فقد تطرق بادىء بدء إلى الطيور العائمة في
السماء: «ومستقر ذوات الأجنحة بذراً(1) شناخيب(2) الجبال، وتغريد(3) ذوات المنطق في دياجير(4) الأوكار(5)».
فنحن نعلم أنّ كل طائر يصنع لنفسه ما يناسبه من عش، بحيث تتنوع حسب أصناف الطيور، كما نعلم أنّ أنغام الطيور على أقسام، كل واحد منها يبيّن موضوعاً، الأهم من كل ذلك هو علم الله بتمام جزئياتها.
ثم يغوص الإمام(عليه السلام) في أعماق البحار ليتحدث عن الاصداف واللؤلؤ والأمواج: «وما أوعبته(6) الاصداف، وحضنت عليه أمواج البحار»، ثم خاض(عليه السلام)في نظام النور والظلمة في عالم الخلق وحياة الإنسان فقال: «وما غشيته سدفه(7) ليل أو ذر(8) عليه شارق نهار، وما اعتقبت عليه أطباق الدياجير، سبحات(9) النور» ثم إتجه صوب مختلف حركات الإنسان قال(عليه السلام): «وأثر كل خطوة، وحس كل حركة، ورجع كل كلمة، وتحريك كل شفة، ومستقر كل نسمة».
ثم تناول(عليه السلام) أصغر الذرات وأخفى الأصوات في أنّ الله عالم بها: «ومثقال كل ذرة، وهماهم(10) كل نفس هامة(11)» ثم ينتقل إلى الأشجار و الثمار و الناس و النطف التي تشبه إلى حد كبير بعضها البعض فقال «وما عليها من ثمر شجرة، أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة(12) دم ومضغة، أو ناشئة خلق وسلالة».
1. «ذرا» جمع «ذروة» المكان المرتفع وأعلى الشيء.
2. «شناخيب» جمع «شنخوب» على وزن بهلول رؤوس الجبال.
3. «تغريد» أصوات الطيور.
4. «دياجير» جمع «ديجور» الظلمة.
5. «أوكار» جمع «وكر» على وزن مكر العش.
6. «أوعبت» من مادة «وعب» على وزن صعب جمعت.
7. «سدفة» ظلمة.
8. «ذرّ» بمعنى نَثَرَ و تأتي ايضاً بمعنى انتشار ضوء الشمس.
9. «سبحات» جمع «سبحة» على وزن لقمة بمعنى شعاع النور، و «سبحات النور» في الجملة أعلاه جاءت بمعنى أشعة النور.
10. «هماهم» جمع «همهمة» مجاز من المهمة تريد الصوت في الصدر من الهم.
11. «هامة» قال بعض شرّاح نهج البلاغة من له همة عالية، كما يراد بها الهموم من الهم والغم وهذا ما اُريد بها في العبارة.
12. «نقاعة» من مادة «نقع» على وزن نفع جمع الماء و«نقاعة دم» الحفرة التي يجمع فيها الدم، وهى هنا 2إشارة إلى رحم (الام) وقال البعض اُريد بها هنا العلقة.
ويشير الإمام(عليه السلام) في آخر الخطبة إلى نقطة مهمّة اُخرى وهى أنّ تلك الاُمور بتلك السعة والشمولية التي أشار اليها الإمام(عليه السلام)ما يجعل التبادر إلى الذهن صعوبة حسابها والاحاطة بها، بعبارة اُخرى قد يقتدح في الأذهان هذا السؤال: هل علم الله سبحانه تعالى بهذه الاُمور لايوجد من مشكلة لذاته المطهرة؟ فالإنسان يصاب بالتعب والأعياء من جراء احاطته بقسم غاية في الصغر بالنسبة لحوادث هذا العالم وأسراره إلاّ أنّ الإمام(عليه السلام) يعلن بكل صراحة أن ليس هناك أدنى مشقة على الله بهذا الشأن (ليس فقط من ناحية العلم والاحاطة بها بل) في حفظ ما أبدع من مخلوقات، كما ليس هنالك من ملل أو فتور عرض له سبحانه في انفاذ أمره وتدبير شؤون خلقه: «لم يلحقه في ذلك كلفة، ولا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة، ولا اعتورته(1) في تنفيذ الاُمور وتدابير المخلوقين ملالة ولافترة»، بل نفذ فيها علمه واحصاها عددا بقدرته وضمها جميعا تحت لواء عدالته، كما عم المقصرين منهم بفضله وعفوه ولطفه: «بل نفذهم علمه، وأحصاهم عدده، ووسعهم عدله، وغمرهم فضله، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله»، فقد أكد الإمام(عليه السلام)بهذه العبارات على عدّة اُمور:
الأول: أنّ احاطة لله سبحانه العلمية بجزئيات جميع عالم الوجود لاتنطوي على أية مشكلة بالنسبة له (وذلك لأنّ علم الله علم حضوري وليس علم حصولي، كما سيأتي شرح ذلك في البحث القادم).
الثاني: اضافة إلى الاحاطة العلمية فهو حافظها جميعاً; الأمر الارفع من العلم; وهذا أيضاً لايسبب أية مشكلة لذاته المطلقة سبحانه (لأنّ الكل متوقف على وجوده سبحانه).
الثالث: اضافة إلى العلم والحفظ فهو مدبرها وهاديها إلى السمو و الكمال; الأمر الذي لاينطوي على أي ملل أو فتور لذاته المطلقة، وبعيداً عن معرفة الخلائق وأدائها للشكر، فانّ فضله ولطفه شامل للجميع عدله فيهم نافذ شامل، نعم فعلمه ليس بمحدود وقدرته مطلقة لامتناهية وفضله مطلق شامل، ولايرتجى منه سوى ذلك.
1. اعتورت من مادة اعتوار تداولته وتناولته.
كلماته(عليه السلام) في هذا المقطع من الخطبة بشأن سعة علمه سبحانه واحاطته الشاملة بكافة دقائق الاُمور، لتذكر الإنسان بالآية الشريفة التي وردت في سورة لقمان: (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَة أَقْلامٌ وَالبَحْرُ يَمُـدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِـيمٌ)(1).
وهنا لابدّ أن نلتفت إلى نقطة مهمّة وهى أنّ ما أورده أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) إنّما يرتبط بالكرة الأرضية ومخلوقاتها، والحال يغص هذا الفضاء العظيم بملايين، بل ملياردات الكرات السماوية العجيبة والتي تخضع برمتها لعلم الله واحاطته، كما لابدّ من الالتفات إلى أن هذا العالم قد وجد قبل ملايين السنوات قبل خلقنا، ولا يعلم إلى متى سيستمر، فاحصاء الحوادث التي تقع طيلة هذا الزمان انّما تتعذر على كائن من كان سوى الحق سبحانه مع ذلك لاينبغي أن ننسى بأنّ هدف الإمام(عليه السلام) من بيان هذه الحقائق مضاعفة معرفة الله من جانب، ومن جانب آخر تهذيب النفوس البشرية وأنّها حاضرة عند الله وأنّه محيط بنياتها وكوامنها. وشاهد ذلك ما قاله الإمام(عليه السلام) في الخطبة 198 من نهج البلاغة: «يعلم عجيج الوحوش في الفلوات، ومعاصي العباد في الخلوات، واختلاف النيان في البحار الغامرات، وتلاطم الماء بالرياح العاصفات».
يرى جمع من قدماء الفلاسفة أنّ الله لايسعه أن يكون عالماً فهم يعتقدون أنّ الجزئيات متعددة ومتكثرة وليس للمتعدد من سبيل إلى ذاته الواحدة من جميع الجهات. فهذا الكلام واضح البطلان وأساسه أنّهم يرون أن علمه سبحانه وتعالى حصولياً، ويعتقدون بأنّ الصور الخارجية تنتقل إلى ذاته المقدسة، والحال كلنا نعلم أنّ علمه سبحانه بالموجودات ليس عن
1. سورة لقمان/27.
![]() |
![]() |