![]() |
![]() |
حين بلغ هذا العالم المشهور ـ شارح نهج البلاغة ـ هذا الموضوع من الخطبة بشأن علم الله قال: لوسمع النضر بن كنانة هذا الكلام لقال لقائله ما قاله علي بن العباس بن جريح لاسماعيل بن بلبل:
جريح لاسماعيل بن بلبل *** قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم
وكم أب قد علا يابن ذرا شرف *** كما علا برسول الله عدنان
إذ كان يفخر به على عدنان وقحطان، بل كان يقر به عين أبيه إبراهيم خليل الرحمن، ويقول له: أنّه لم يعف ما شيدت من معالم التوحيد، بل أخرج الله تعالى لك من ظهري ولدا ابتدع من علوم التوحيد في جاهلية العرب ما لم تبتدعه أنت في جاهلية النبط. بل لو سمع هذا الكلام أرسطو طاليس، القائل بانه تعالى لايعلم الجزئيات، لخشع قلبه و وقف شعره، واضطرب فكره، ألاترى ما عليه من الرواء والمهابة، والعظمة والفخامة، والمتانة والجزالة! مع ما قد أشرب من الحلاوة والطلاوة واللطف والسلاسة، لا أرى كلاماً يشبه هذا إلاّ أن يكون كلام الخالق سبحانه، فانّ هذا الكلام نبعه من تلك الشجرة، وجدول من ذلك البحر، وجذوة من تلك النار; وشرح لآيات الخالق سبحانه(1).
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7/23 بتصرف طفيف.
«الَّلهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِيلِ، والتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ، إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُول، وَإِنْ تُرْجِ فَخَيْرُ مَرْجُوٍّ. اللَّهُمَّ وَقَدْ بَسَطْتَ لي فِيمَا لاَأَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ، وَلاَأُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ وَمَوَاضِعِ الرِّيبَةِ، وَعَدَلْتَ بِلِسَاني عَنْ مَدَائِحِ الآدمِيِّينَ; وَالثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ الْمَخْلُوقِينَ. الَّلهُمَّ وَلِكُلِّ مُثْن عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاء أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاء، وَقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ. اللَّهُمَّ وَهذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ، وَلَمْ يَرَ مُستَحِقّاً لِهذِهِ المَحَامِدِ وَالْمَمادِحِ غَيْرَكَ ; وَبِي فَاقَةٌ إِلَيكَ لاَيَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إلاّ فَضْلُكَ، وَلاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلاَّ مَنُّك وَجُودُك، فَهَبْ لَنَا فِي الْمَقَامِ رِضَاك، وَأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الأَيْدِي إِلَى سِوَاكَ; «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ!»».
—–
الشرح والتفسير
لاننسى أنّ الإمام(عليه السلام) أورد هذه الخطبة الجامعة والمفصلة رداً على من سأله الحديث عن صفات الله، فخاض الإمام(عليه السلام) في البداية بأدق العبارات وأظرفها في بحث صفات الله الجمالية والكمالية، ثم تطرق إلى فعله من قبيل خلق الملائكة والسماء والأرض، ثم خلق الإنسان وما أفاض عليه من النعم، وأخيراً علمه سبحانه وتعالى بجمع جزئيات عالم الوجود وكلياته.
ثم يختتم الخطبة بهذا القسم الذي يطرق فيه باب الله متضرعاً إليه بالدعاء، فيصف الله سبحانه بأفضل صفاته التي لاتجوز على أحد سواه، كما تدل على التوحيد في مقام الدعاء
«اللّهم أنت أهل الوصف الجميل، والتعداد(1) الكثير»، نعم فقد جمعت كافة الصفات العظيمة في ذاته القدسية، فهو الكريم والرحيم وأهل الفضل والثناء، ومن هنا فانّ أمله الإنسان فهو خير مأمول، وان رجاه فهو خير مرجو لايقطع رجاء من رجاه: «إن تؤمل فخير مأمول، وإن ترج فخير مرجو»، ثم قال(عليه السلام):«اللّهم وقد بسطت لي فيما لا أمدح به غيرك، و أثني به على أحد سواك ولا أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع الريبة، وعدلت بلساني عن مدائح الادميين; والثناء على المربوبين المخلوقين».
الجدير بالذكر أنّ الإمام مزج مدح الله وثنائه بالشكر، وقد أعرب(عليه السلام) عن سروره أن وفقه الله سبحانه ففتح لسانه بمدحه سبحانه، وهل يليق هذا المدح والثناء بأحد سواه، و أي عمل أفضل من أن يغض الإنسان طرفه عن عالم الأسباب و لا يتطلع سوى إلى «مسبب الأسباب» فيمطره بحمده و ثناءه. ثم أردف ذلك بقوله: «اللّهم ولكل مثن على من أثنى عليه مثوبة من جزاء أو عارفة من عطاء; وقد رجوتك دليلاً على ذخائر الرحمة وكنوز المغفرة»، يمكن أن تكون العبارة بمعنى طلب المزيد من رحمته سبحانه ومغفرته، أو بمعنى طلب التوفيق والاستعداد لكسب هذه الرحمة. والفرق بين «جزاء» و«عارفة» قد يكون في أنّ الجزاء هو ثواب العمل، والعارفة بمعنى الفضل والرحمة إلى جانب الثواب. و لما كان الله معروفا بالفضل و العطاء فقد عبر بعارفة (فالعارفة في الواقع وردت هنا بمعنى المعروف).
ثم إختتم هذه الخطبة الفريدة و العظيمة بدعائين جامعين عميقي المعنى قال(عليه السلام): «اللّهم وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي الذي هو لك، ولم ير مستحقاً لهذه المحامد والممادح غيرك; وبى فاقة إليك لا يجبر مسكنتها إلاّ فضلك، ولاينعش(2) من خلتها(3) إلاّ منك وجودك»، فالواقع هو أنّ الإمام(عليه السلام) أراد أن يطرح هذه الحقيقة وهى أني لاأثني الاعليك ولاأومل سواك، وليس هناك قادر على طلبتي غيرك، وهذه هى حقيقة توحيد الصفات وتوحيد الأفعال، ثم
1. «تعداد» بفتح التاء له كما صرح بذلك أرباب اللغة، ويعنى عد الشيء (واعتبره البعض مصدر ثلاثي مجرد، وقيل من باب تفعيل، كان تعديد ثم بدلت ياء، بالف وتلفظ تعداد بكسر التاء قليل جداً).
2. «ينعش» من مادة «نعش» وهى في الاصل بمعنى رفعه و أقامه، ويقال لجسد الانسان اذا خرجت منه الروح نعشاً، و كذلك للآلة التي يرفع فيها الميت بالنعش، و الذي يرفع لينقل إلى مكان مناسب.
3. «خلة» الحاجة والفقر، كما وردت بمعنى الضعف.
يختتم الخطبة: «فهب لنا في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مد الايدي إلى سواك، إنّك على كل شيء قدير»، ما أروع هذا الرجل العظيم الذي فاض كل هذه الفصاحة والبلاغة والعلم والمعرفة، ثم يختتم عباراته بهذا الدعاء العظيم الذي يكشف عن مدى تواضعه وتذلله لله فيسأله رضاه ولايلتفت إلى أحد سواه.
كما أنّ القرآن الكريم من المعاجز الخالدة لنبي الإسلام(صلى الله عليه وآله) فانّ بعض خطب نهج البلاغة حقاً لفي حد الاعجاز! أي لايمكن أن تصدر سوى عن المعصوم، وليس ذلك لاحد سواه. ومن ذلك هذه الخطبة المسماة بالاشباح. التي نعرض لشرحها.
فقد انطوت هذه الخطبة على عبارات غاية في الفصاحة والبلاغة، إلى جانب رقتها وحلاوتها وعذوبة الفاظها بحيث تتسلل إلى أعماق روح الإنسان فتملأها معنوية ونوراً وانفتاحاً على الله سبحانه، أمّا المفردات التي استعملها الإمام(عليه السلام) فهى غاية في العمق والرصانة بحيث لايمكن (الوقوف عليها دون الرجوع إلى مصادر العربية وآدابها. أمّا مضمونها فهو الآخر (رصين) عميق لايمكن تصور مثيله بشأن صفات الله وعلمه واحاطته بكل شئي; الأمر الذي يكشف عن حقيقة ما أورده الإمام (عليه السلام) في الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية: «ينحدر عني السيل ولايرقى الاالطير».
وأمّا من ناحية الآثار التربوبية، فقد تطرق(عليه السلام) إلى نعم الله سبحانه بأدق تفاصيلها بما يثير حس الشكر لأي إنسان يتأملها ويرى نفسه مقصرا أمام كل هذه النعم التي أفاضها عليه سبحانه، وإذا تأمل سعة علمه سبحانه وحضوره يدرك بكل كيانه معنى هذه العبارة «أنّ العالم حاضر عند الله، وعليه فلاينبغي معصيته والتمرد عليه» أمّا الأدعية العرفانية آخر الخطبة والتواضع التام للإمام(عليه السلام) بعد كل هذا البيان فهو الآخر درس لكافة الأفراد في عدم الغفلة والغرور والتوجه إلى الله وطلب الحاجات منه، كيف لا وهو الكريم، الرحيم، المنعم والغفور الودود.
ومن كلام له(عليه السلام)
لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان
قال المرحوم العلاّمة الخوئي ـ أحد شرّاح نهج البلاغة ـ: اعلم أنّ المستفاد من الروايات الآتية وغيرها في سبب هذا الكلام هو أنّ خلفاء الجور بعد ما غيروا سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وسيرته التي كان يسيرها من العدل بالقسمة والمساواة بين الرعية، ففضلوا العرب على العجم، والموالي على العبيد، والرؤ ساء على السفلة، وآثر عثمان أقاربه من بني امية على سائر الناس وجرى على ذلك ديدنهم سنين عديدة، واعتاد الناس ذلك أزمنة متطاولة حتى نسوا سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) وكان غرض الطالبين لبيعته(عليه السلام)أن يسير فيهم مثل سيرة من سبق عليه من المتخلفين من تفضيل الشريف على الوضيع، وكان(عليه السلام) تفرس ذلك منهم وعرفه من وجنّات حالهم فخاطبهم بهذا الكلام اتماماً للحجة واعلاماً لهم بأنّه(عليه السلام) ان قام فيهم بالأمر لا يجيبهم إلى
1. سند الخطبة: قال صاحب مصادر نهج البلاغة في ذيل هذه الخطبة. رواه الطبرى وابن الأثير في حوادث 35 هـ بتفاوت يسير جدا وكلام هذا نسجه لا سبيل إلى انكاره، ولذاترى الناس اختلفوا في توجيهه بعد أن لم يسعهم رده. ويستفاد من المصدرين المذكورين أنّ الإمام (عليه السلام) لم يرد هذه العبارات لخطبة واحدة، بل حدث كلام بينه(عليه السلام) وبين الناس في الخلافة، فحذف السيد الرضي كلام الناس وذكر الإمام (عليه السلام). فالمعروف ان مصدرين من مصادر العامة ذكرت هذه الخطبة قبل السيد الرضي (تاريخ طبرى 3/456، تاريخ الكامل لابن أثير 3/190) والشيخ المفيد في الجمل /48 وابن الجوزي في تذكره الخواص /57.
ما طمعوا فيه من الترجيح والتفضيل فقال(عليه السلام): «دعوني والتمسوا غيري» للبيعة، «فانا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان» وهو إنذار لهم بالحرب وإخبار عن ظهور الفتن واختلاف الكلمات وتشتت الاراء وتفرق الأهواء(1)، كما أشار ضمنيا إلى زهده (عليه السلام)بالخلافة والمقامات الظاهرية. وقد رفض بيعة القوم، حتى لايتصور أحد أنّ قبول الإمام(عليه السلام)بيعة الناس كانت لرغبته بالخلافة.
—–
1. منهاج البراعة 7/62.
«دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْري; فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ. وَإِنَّ الاْفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ، وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَناَ كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلَّي أسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً!».
—–
الشرح والتفسير
أورد شرّاح نهج البلاغة أبحاثاً مسهبة بشأن هذه الخطبة، وقد خاضوا بصورة مفصلة في الإشكالات ذات الصلة بمسألة الإمامة. غير أنّ البعض منهم لم يتعرض لشرح هذه الخطبة واتجه مباشرة للردّ على الإشكالات. ونرى من الضروري أن نخوض في البداية في شرح الخطبة، ثم نسلط الضوء على بعض الاسئلة والاستفسارات في آخر البحث.
فقد ردّ الإمام(عليه السلام)على اُولئك الذين بسطوا إليه يدهم بالبيعة وانهالوا عليه من كل جانب، ظانين أنّ الإمام(عليه السلام)سيواصل سياسة التمييز في العطاء من بيت مال المسلمين، إلى جانب إغداق المناصب والمقامات بالقول: «دعوني والتمسوا غيري»، ثم أشار(عليه السلام) إلى الدليل على ذلك بقوله: «فانا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان; لاتقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول»، فقد فقدت الأُمّة وحدتها إثر الأفعال الباهتة التي مارسها الخلفاء ولا سيما عثمان، فكان لكل رأيه، فأصبح الأعم الأغلب منهم كالصياد الذي يبحث عن صيده، ليجدوا في البحث عن الأموال والمناصب الدنيوية، وعليه فانّ القضاء على هذه الفرقة والتشتت وإعادة الاُمّة إلى سابق عزّها ووحدتها على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يبدوا أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد
ولايمكن توقعه فضلاً عن تحققه على الواقع العملي.
ثم واصل الإمام(عليه السلام) كلامه بالحديث عن الآفاق المظلمة التي تلوح في الآفاق وعدم التعرف على الحق وصراطه المستقيم في ظل هذه الأوضاع المضطربة: «وإن الافاق قد أغامت(1)، والمحجة(2) قد تنكرت»، وذلك لأنّ الأهواء الشيطانية والاطماع الدنيوية قد قلبت الموازين الفكرية للمجتمع بحيث يصعب عليه تمييز الصحيح من السقيم، وكيف يتخلص من المطبات التي تواجهه في حياته.
ثم أكد الإمام(عليه السلام) هذا الموضوع بأنّي إذا تقلدت هذه المسؤولية فسوف لن أنتهج السياسة الخاطئة التي كانت سائدة سابقاً، بل سأقتدي بهدي رسول الله(صلى الله عليه وآله)في بسط الحق والعدل: «اعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب(3) العاتب» ـ حيث لم يكن الطمع الذي عاشه الناس على عهد عثمان يدعهم يتساوون مع الآخرين فكانوا يهربون من عدالة علي(عليه السلام) و يثيرون الفتن ـ فلم يكن أمام الإمام(عليه السلام) من سبيل سوى مخالفة الشرع و مواصلة الظلم أو السيرفيهم بالعدل الذي نشده من قام ضد عثمان، فلما سار بهم بعدله حدثت تلك الفتن التي توقعها الإمام(عليه السلام).(4)
في إشارة إلى أنّ الإمام(عليه السلام) كان يعلم بأنّ طلاب الدنيا من أهل المطامع والمصالح سيقفون حجرة عثرة في طريقه من أجل اشاعة الحق وإجراء العدل وبسط القسط، وسيؤلبون الآخرين عليه ويهبوا لمعارضته والوقوف بوجهه، وكأنّ المبادي السياسة لتلك المرحلة كانت تتطلب مواصلة الفوضى التي كانت سائدة والتطاول على بيت المال واغداق المناصب والمهام على أصحاب النفوذ والسطوة دون أي إستحقاق، وإن إنعكس ذلك سلباً على الاُمّة وهضمها حقوقها; الأمر الذي كان في مقدمة أهداف الأنبياء والرسل القضاء عليه: (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا
1. «أغامت» من مادة «غيم» غطيت بالغيم، كناية عن اضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية للمسلمين في ذلك الزمان.
2. «محجة» الطريق المستقيمة والواضحة سواء الظاهرية أم المعنوية، وقد اقتبست في الأصل من مادة «حج» بمعنى القصد، لأنّ الإنسان يقصد دائما المشي على الطريق المستقيم ليصل إلى الهدف.
3. «عتب» مصدر بمعنى اللوم و التأنيب و التوبيخ.
4. شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده، ذيل الخطبة 92/233.
بِالبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالمِـيزانَ لِـيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ)(1).
ثم ناشدهم(عليه السلام) اتماماً لحجة وإثبات مدى زهده بمقامات الدنيا ومظاهرها، تركه ليكون كاحدهم في الاُمّة: «وإن تركتموني فانا كأحدكم; ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم».
فالعبارة تشير إلى أنّ الإمام(عليه السلام) كان يعيش عالما أخر غير ذلك الذي تكالب عليه أهل المصالح من الذين ركنوا إلى الدنيا، هو لم يفكر لحظة قط في أن تكون الخلافة لقمة سائغة، بقدر ما كان يراها مسؤولية ثقلية تهدف أول ما تهدف إليه إحياء القيم والمفاهيم الإسلامية. وإلاّ فهى لاتعدل عنده أكثر من عفطة عننر. ثم عاد القول(عليه السلام) على أولئك الجماعة المتكالبة على الدنيا والتي تطمع إلى المزيد «وأنا لكم وزيراً، خير لكم مني أميراً».
وذلك إنّي ان كنت أميراً لحيل بينكم وبين العلو والاستبداد والتطاول على حقوق المحرومين، أمّا أن أكون وزيراً فلكم أن تشيروا عليَّ وتنتفعون بما أريكم من الحق، دون أن أتحمل مسؤولية أعمالكم. والحق أثبت التاريخ كل ما تكهن به الإمام(عليه السلام)في هذه الكلمات الشريفة، وخلافاً لما يزعمه البعض من أصحاب النظرة الضيقة فانّ الإمام(عليه السلام) كان عالماً بكافة الظروف والملابسات التي أحاطت بخلافته، كما كان على علم تام بردود الفعل التي سيمارسها الخصوم ضده، وعليه فلم يقع ما لم يكن يتحسبه الإمام(عليه السلام)، إلاّ أنّ الإمام(عليه السلام) كان ينتمي إلى مدرسة تملي عليه القيام بالمسؤولية وإحياء الدين ومفاهيمه السامية وتعاليمه الحقة وإن كلفه ذلك حياته، على العكس من المدارس المادية التي ترى في الحكومة هدفاً وكل ما سواها وسيلة يمكن التضحية بها وقد مارس الإمام(عليه السلام) ما كان يقوله عملياً، كيف لا وهو الذي اشتاط غضباً حين سأله عقيل ما لايستحقه من بيت المال فعامله بتلك الشدة والصرامة، ليثبت أنّه يسير في الناس بما يعلم ولايأبه بعتب العاتب كائناً من كان. لم يكن اُسلوبه اُسلوب من سبقه من الخلفاء قط، وهو الذي لم يجمع لنفسه شيئاً من حطام الدنيا، حتى خاطب الاُمّة قائلاً: «دخلت بلادكم با شمالي هذه ورحلتي، وراحلتي،ها هى فان أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنني من الخائنين»،(2) والعجيب أنّ الإمام(عليه السلام) قد سلك سبيلاً يتناقض تماماً وما
1. سورة الحديد/25.
2. بحارالانوار 40/325.
ينتهجه اليوم الحكام والرؤوساء حين شروع الحملات الانتخابية، حيث يبذلون قصارى جهدهم لتقديم الوعود المعسولة للاُمّة والشعارات المزيفة الفارغة، بل لايتورعون عن ارتكاب أي خلاف من أجل كسب ود الناس والحصول على آرائهم. فالإمام(عليه السلام) يعلن بكل وضوح أهدافه، وان تعارضت هذه الأهداف مع الكثير منهم ولم تنسجم مع طموحاتهم ورغباتهم. وبغية التنبيه إلى عدم الغفلة والخداع، فانّه يكشف النقاب عن جسامة الأوضاع في المستقبل; الأمر الذي لايرى له مثيلاً على مدى التأريخ بالنسبة للخلفاء والحكام.
استغرق شرّاح نهج البلاغة وسائر علماء الإسلام كثيراً في كلام أميرالمؤمنين علي(عليه السلام): دعوني والتمسوا غيري. فذهب البعض إلى أنّه قال ذلك لعدم وجود النص على الإمامة والولاية، فهبت طائفة من مثقفي العصر لترى في ذلك الكلام انه يشكل الدليل على إصالة رأي الامة في الحكومة واختيار القائد، ونرى من الضرورة بمكان أن نسلط الضوء على الشرائط الزمانية والمكانية التي كانت سائدة آنذاك والتي دفعت بالإمام(عليه السلام) إلى هذا الكلام قبل أن نعلن عن رأينا بهذا الشأن بغية تفادي الزلل والانحراف عن حقيقة الأمر:
1 ـ إنّما صدر هذا الكلام من الإمام(عليه السلام) إثر مقتل عثمان بفعل ذلك البذخ والتطاول على بيت المال المسلمين وتسليط بني أمية على رقاب المسلمين، وظهور حالة الاستياء العامة في أغلب مناطق البلاد الإسلامية آنذاك، ممّا دفع بالاُمّة إلى الهجوم على الإمام(عليه السلام) وبسط يدها إليه بالبيعة. فقد اعتاد كبار الاُمّة سياسة عثمان ليتوقعوا من الإمام تحقيق رغباتهم وتقسيم بيت المال بينهم حسبما يحلو لهم، إلى جانب أولئك الذين كانوا يحلمون بأن يمنحهم الإمام(عليه السلام) مقابل بيعتهم بعض المناصب الحساسة في البلاد ليكونوا عماله وولاته على بعض الأمصار فيحكموا سيطرتهم على البلاد.
أضف إلى ذلك فانّ الاُمّة قد ابتعدت عن قيمها الإسلامية، وقد دفعتها الفتوحات وما جرتها عليها من غنائم وثروات إلى الاقبال على الدنيا وزخارفها وتفشي الأفكار الجاهلية
ونسيان حياتها التي شهدتها على عهد النبي(صلى الله عليه وآله) بفعل عدم التفات الخلفاء لهذا الأمر. ومن هنا رأى الإمام(عليه السلام) نفسه أمام مفترق طرق; إمّا الاستسلام للبيعة في تلك الظروف العصيبة والتأهب لتلك الحوادث والأزمات، وأمّا رفض البيعة وترك الاُمّة وشأنها.
2 ـ لم يكن الإمام(عليه السلام) كساسة الدنيا ليخفي أهدافه الحقيقية التي سيسعى إلى تطبيقها فيما لو تولى الخلافة والحكومة الإسلامية، فيجر الاُمّة بوعوده المعسولة إلى البيعة، ثم يكشف عن برامجه وخططه بعد أن يتربع على عرش السلطة وتستتب له الاُمور ويحكم قبضته على الناس! نعم هيهات أن يفكر الإمام(عليه السلام) بمثل هذه المراوغات والأساليب المظللة. ومن هنا حذر الاُمّة من عظم المسؤولية التي ينبغي أن تنهض بها فيما لو لبى بيعتها وتولى زعامتها. فمن الطبيعي الا يكون هناك من مبرر لخداع الاُمّة بغية حصول الأهداف الإسلامية واشاعة المفاهيم السماوية.
3 ـ لاشك أنّ الإمام(عليه السلام) أجدر أفراد الاُمّة على الخلافة ليس في ذلك الزمان فحسب، بل في الزمان الذي سبقه حيث ولايقتصر الإعتراف بذلك على الإمام صرح قائلاً: «إنّه ليعلم أن محلي منها محك القطب من الرحا»(1)، وحين جعله عمر أحد أعضاء الشورى فقال: «متى إعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر»(2)، ولما أرادت الاُمّة أن تبايعه بعد عثمان إذ قال: «ولقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري»(3)، بل كان يراه كذلك حتى خصومه (وإن لم تشهد السياسة مثل هذا الأمر) ومن ذلك ما قاله عمر حين انتخاب الشورى: «أمّا والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح والمحجة البيضاء»(4)، كما ذكر الطبري أنّ أبابكر حين ولي الخلافة، تطرق لعدم أحقيته فيها طبق أغلب الروايات فقال: «أيهاالناس! فانّي وليت عليكم ولست بخيركم»(5).
1. نهج البلاغة، الخطبة 3.
2. نهج البلاغة، الخطبة 3.
3. نهج البلاغة، الخطبة 74.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/186; وقد نقل هذا المضمون الطبري في 3/294 حوادث عام 23 هـ باختلاف طفيف.
5. تاريخ الطبري 2/405.
بل ورد في بعض الروايات أنّ أبابكر قال: «أقيلوني! فلست بخيركم وعلي فيكم»(1)، فبالنظر إلى ما أوردنا من محكمات التأريخ والأخبار، يمكن القول بأنّ الإمام(عليه السلام) أراد أن ينفي عن نفسه في هذه الخطبة رغبته بمسألة الخلافة، ويكشف عن ذروة تواضعه في هذا الأمر، كما أراد أن يفهم الاُمّة التي أصرت على البيعة انه ان ولي أمرها فسوف لن يسير بتلك الأساليب الخاطئة، وليس أمامه سوى سلوك سبيل الحق واحياء عصر النبي(صلى الله عليه وآله)، وأنّ أثار ذلك حفيظة البعض وأدى إلى إنزعاجه، ليؤدّي به ذلك إلى رفع راية المعارضة والوقوف بوجه الإمام(عليه السلام). وعلى هذا الضوء لانرى هناك من حاجة لأن نبحث في هذه المسألة، هل الخطبة دليل على عدم النص على الإمامة، أو القول بأنّ معيار الإمامة والخلافة إنّما يكمن في آراء الاُمّة لاغير. وذلك لأنّ هذا القول إنّما يصدر ممن اكتفى بالنظر إلى ظاهر الخطبة، واغمض عينيه عن جميع القرائن التأريخية وسائر كلمات الإمام(عليه السلام) في نهج البلاغة.
لاشك أن بيعة علي(عليه السلام) ـ وطبق أقوال جميع المؤرخين ـ كانت الأعظم والأكمل بيعة، ولاسيما مقارنة ببيعة السقيفة التي لم تتجاوز بضعة أشخاص، وقد استندت بيعة عمر إلى وصية الخليفة الأول، كما تمت البيعة لعثمان بثلاثة آراء من تلك الشورى المؤلفة من ستة أعضاء، أمّا البيعة لعلي(عليه السلام) فقد تمت من قبل جميع أبناء الاُمّة، مع ذلك كان الإمام(عليه السلام) مكرها على قبولها بسبب تلك الظروف الصعبة والملابسات التي عاشها المجتمع الإسلامي من جراء سياسة الخلفاء، فقد أورد المؤرخ المعروف ابن أثير في الكامل بهذا الشأن قائلاً: أتى المصريون علياً(عليه السلام) بعد مقتل عثمان وقال بعضهم لبعض لئن رجع الناس إلى أمصارهم بغير إمام لم نأمن الاختلاف وفساد الاُمّة. فغشى الناس علياً(عليه السلام) بعد أن باعدهم وقالوا له: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام وما ابتلينا به من بين القرى. فقال علي(عليه السلام): «دعوني والتمسوا غيري فانا مستقبلون أمرا له وجوه وله ألوان لاتقوم به القلوب ولاتثبت عليه العقول». فقالوا:
1. احقاق الحق 8/240.
ننشدك الله! ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى الإسلام؟ ألاترى الفتنة؟ ألا تخاف الله؟ فقال: «قد أجبتكم، واعلموا أني إن اجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وان تركتموني فانما أنا كاحدكم، الا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه»، ثم افترقوا على ذلك واتعدوا الغد. وتشاور الناس فيما بينهم وقالوا: إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت، فبعث البصريون إلى الزبير حكيم بن جبلة وقالوا: احذر تحابه ومعه نفر، فجاؤوا به يحدونه بالسيف، فبايع، وبعثوا إلى طلحة الأشتر ومعه نفر، فاتى طلحة، فقال: دعوني أنظر ما يصنع الناس، فلم يدعه، فجاء به يتله تلاً عنيفاً، وصعد المنبر فبايع ـ ثم خاض ابن أثير في تفاصيل بيعة عامة الاُمّة.(1)
فالحق أنّ علياً(عليه السلام) كان يعلم مدى صعوبة السير على الحق وبسط العدل في ربوع هذه الجماعة التي تربت على مفردات الظلم والجور، مع ذلك لم يكن يتوانى(عليه السلام) من التضحية حتى بنفسه من أجل حفظ المبادىء الإسلامية فلم يكن هدف الإمام(عليه السلام)الاستيلاء على الخلافة مهما كان الثمن، بل كان يرى الحكومة وسلية لحفظ القيم الإسلامية; الأمر الذي يصعب إدراكه على من ليس له علم بفحوى رسالة الأنبياء والاولياء، فقد نقل ابن أبي الحديد عبارة رائعة عن بعض العلماء بهذا الشأن إذ قال: وبهذا ونحوه استدل أصحابنا المتكلمون على حسن سياسته وصحة تدبيره، لأنّ من مني بهذه الرعية المختلفة الأهواء، وهذا الجيش العاصي له، المتمرد عليه، ثم كسر بهم الأعداء، فليس يبلغ أحد في حسن السياسة وصحة التدبير مبلغه. إنّ سياسته (عليه السلام) إذا تاملها المنصف متدبراً لها بالاضافة إلى احواله التي دفع اليها مع أصحابه، جرت مجرى المعجزات لصعوبة الأمر وتعذره.(2)
إضافة إلى إمكانية حمل عبارة الإمام(عليه السلام) «أنا لكم وزيراً، خير لكم مني أميراً»، على نوع من التواضع واتمام الحجة، فانه يمكن توجيهها بشكل آخر، وهو أنّ علياً(عليه السلام) لو أصبح أميراً لكانت معارضته والوقوف بوجهه مدعاة إلى الكفر، وذلك لأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال له كما روي
1. الكامل لابن أثير 3/193.
2. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7/73.
في الخبر المعروف «حربك حربي»(1)، ولما كانت حرب رسول الله(صلى الله عليه وآله) كفراً، فان حرب علي(عليه السلام)كفراً. أمّا لو كان(عليه السلام) وزيراً فانّ الخروج على تلك الحكومة لايؤدى إلى الكفر.
—–
وزبدة الكلام فان بعض المغرضين حاول استغلال هذه الخطبة وتفسيرها خلافاً لاُصول وعقائد التشيع، والحال ليس فيها ما يدعوا إلى هذا الأمر، لأنّ الإمام(عليه السلام) أراد أن يبين زهده بهذا المقام الظاهري من جانب وأنّ الآخرين يفقدون صوابهم لأدنى من هذا الأمر. ومن جانب آخر فقد كشف الإمام(عليه السلام) قمة تواضعه بهذه العبارات للمؤمنين من أبناء الاُمّة. كما حذر فيها واتم الحجة بانّي إذا نهضت بالأمر فلن أعمل سوى بالكتاب والسنة والحق والعدل ورضى الله، ولا تتوقعوا أن أواصل ما شهدتم من سياسة، وترسيخ دعائم الحكم على الظلم والجور.
وأخيراً لا تعتقدوا بأنّي غافل عن عواصف المستقبل وأنّي متطلع إلى الخلافة لأراها سهلة ذلول، فأنّي لعلى يقين من أنّ الخلافة في هذه الظروف خطيرة كركوب الدابة الجموح كالمركب الجموح ولا اقبلها إلاّ بفضلها وظيفة وتكليف إلهي، وبخلافه فلا قيمة لها عندي.
—–
1. روى ابن المغازلي أحد علماء العامة في مناقبه عن ابن عباس أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعلي(عليه السلام): «سلمك سلمي وحربك حربي» (مناقب ابن المغازلي/50).
ومن خطبة له(عليه السلام)
وفيها ينبّه أميرالمؤمنين(عليه السلام) على فضله وعلمه ويبيّن فتنة بني أمية
أشار(عليه السلام) نظرة إلى الخطبة في هذا الخطبة إلى فتنة بني أمية وقدنبّه إلى عظم خطورتها، لأنّ الناس كلهم كانوا يهابون قتال أهل القبلة، ولا يعلمون كيف يقاتلونهم، هل يتبعون موليهم أم لا؟ وهل يجهزون على جريحهم أم لا؟ واستعظموا أيضاً حرب عاشئة وحرب طلحة والزبير، لمكانهم في الإسلام، فلولا أنّ الإمام(عليه السلام) اجترأ على سل سيفه فيها. ما أقدم أحد عليها حتى الحسن(عليه السلام). ثم قال (عليه السلام) سلوني قبل أن تفقدوني. فقد روى صاحب كتاب الاستيعاب بن عبد البر عن جماعة من الرواة والمحدثين، قالوا لم يقل أحد من الصحابه «سلوني» إلاّ علي بن أبي طالب.(2)
—–
1. سند الخطبة: قال ابن أبي الحديد هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السيرة، وهى متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها علي(عليه السلام)بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يروها الرضي (ره) (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7/57) كما ورد في مصادر نهج البلاغة أنّ من رواها ابن واضع في تاريخه (تاريخ اليعقوبى 2/193) وأبو نعيم في حلية الأولياء وابن أثير في النهاية. كما رواها العلاّمة المجلسى عن كتاب الغارات الثقفي (مصادر نهج البلاغة 2/178) فالذي يستفاد من هذه النقول أنّ هذه الخطبة من الخطب المعروفة التي ذكرت في عدة مصادر.
![]() |
![]() |