![]() |
![]() |
الدعق: الدق، أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم، ونواحر أرضهم: متقابلاتها ويقال: منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل، انتهى كلام السيد الرضي.
—–
ولكن فسّر أغلب أرباب اللغة النواحر بمعنى المناطق البعيدة وهذا ما يناسب الخطبة.
—–
وَمِنْ كَلام لهُ(عليه السلام)
في التحكيم وذلك بعد سماعه لأمر الحكمين
كما ورد في السابق انّ هذه الخطبة وردت بصورة عامّة بشأن التحكيم بعد معركة صفين، وهى تتألف من عدّة أقسام، فقد بيّن الإمام (عليه السلام) قبول التحكيم من خلال الاستدلال بالآيات القرآنية.
وفي القسم الثاني يتكفّل بالردّ على الاعتراضات
والقسم الثالث والأخير ينصح الإمام (عليه السلام) بالكفّ عن الخلاف وإعداد أنفسهم من أجل الوقوف بوجه ظلمة الشام كما ذمّهم على ما أبدوه من تقصير واعتراض وعدم انضباط.
1. سند الخطبة:
تطرق المؤرخ المعروف الطبري في حوادث عام 37 هـ إلى هذه الخطبة وشأن صدورها وخلاصته أنّ الإمام (عليه السلام) أورد هذا الكلام في الخوارج حين حاججهم ابن عباس، حيث أمر الإمام (عليه السلام) ابن عباس بالسكوت، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال لهم:
«من إمامكم؟ قالوا: ابن الكواء، قال: لم خالفتموني، قالوا: لقبولك التحكيم في صفين، فقال: ناشدتكم الله ألم تطالبوني بالكفّ عن القتال حين رفعت المصاحف على أسنة الرماح، فقلت: لكم إني أعلم بهم منكم، فلا دين لهم ولا قرآن، فلم تسمعوا قولي وأبيتم إلاّ التحكيم فقبلت، لكنّي اشترطت عليهم أن يحكموا القرآن وإلاّ لا نستجيب لحكمهم؟
قالوا: أمن العدل تحكيم الأفراد في دماء المسلمين؟ قال (عليه السلام): إننا لم نحكم الرجال بل حكمنا القرآن.
ثم أورد الطبري جانباً من الخطبة، كما نقلها باختلاف طفيف السبط بن الجوزي في تذكرة الخواص، والمرحوم المفيد في الإرشاد، والطبرسي في الاحتجاج.
«إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ، وَإِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ. هذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْتُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، لاَ يَنْطِقُ بِلِسَان، وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَان. وَإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ. وَلَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ عَنْ كِتَابِ اللّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ سُبْحَانَهُ: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ). فَرَدُّهُ إِلَى اللّهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ، وَرَدُّهُ إِلَى الرَّسُولِ أَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّتِهِ; فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللّهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وَأَوْلاَهُمْ بِهَا».
—–
الشرح والتفسير
كما ورد سابقاً فانّ الخطبة ردّ على اعتراض قبول الإمام (عليه السلام) للتحكيم، ومضمون كلام المعترضين: لم قبلت تحكيم فردين في هذا الأمر الديني المهم؟ والحال لا حـكم إلاّ لله وليس لعامة الأفراد من حق في الحكم في الوظائف الدينية، أمّا الإمام (عليه السلام) فقد أشار في ردّه إلى نقطة مهمّة فقال: «إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ، وَإِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ. هذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْتُورٌ(1)بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ(2)، لاَ يَنْطِقُ بِلِسَان، وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَان. وَإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ».
1. «مستور»: الشيء الخفي، إلاّ أن هذه المفردة وردت مسطورة في بعض النسخ من مادة سطر وردت صفة للخط في العبارة وهي أنسب.
2. «دفتين»: مثنى «دفة» بمعنى جانب كل شيء ويقال دفتين لجانبي الكتاب أو القرآن.
إشارة إلى أنّ القرآن الكريم بيّن طائفة من الأحكام الكلية وعلى العالمين بالقرآن استنباط الأحكام الجزئية وإبلاغها إلى عموم الناس، أو بعبارة أخرى تطبيق تلك الكليات على المصاديق، على سبيل المثال قال القرآن الكريم: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(1).
لا شك أنّ معركة صفين أحد مصاديق هذه الآية، ووظيفة الحكمين ـ إن كانا على الصواب وعالمين بالاُمور ـ أن يقولا: لمّا بايع الناس علياً (عليه السلام) إضافة إلى نص النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)عليه فانّ عامة الاُمة والصحابة قد قبلت خلافته، فمن سلك غير هذا السبيل كان مصداقاً للباغي والظالم وعليه العودة إلى الاُمة و التوبة، فان أبى وجب على المسلمين مقاتلته حتى يرعوي عن غيه.
ومسألة التحكيم لا تشذ عن هذا الأمر، فهى ليست سوى ما يقوم به قضاة الإسلام، أي أنهم يطبقون أحكام الكتاب والسنّة على مصاديقها ويصدرون الأحكام بهذا الخصوص، فهل هناك من اعتراض على هذا الكلام؟ للأسف لم يدرك الخوارج الجهال هذا المطلب الواضح ولم يدعهم تعصبهم وجهلهم ليفهموا ذلك فيعوا الهدف الأصلي من الحكومة.
ثم خاض الإمام (عليه السلام) في توضيح هذا المعنى قائلاً: «وَلَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ عَنْ كِتَابِ اللّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ سُبْحَانَهُ: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ)(2)».
فوضح الإمام (عليه السلام) الآية بالقول: «فَرَدُّهُ إِلَى اللّهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ، وَرَدُّهُ إِلَى الرَّسُولِ أَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّتِهِ; فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللّهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وَأَوْلاَهُمْ بِهَا».
ومن هنا فقد أثبت الإمام (عليه السلام) بوضوح أنّ تحكيم الكتاب والسنّة لا تعني سوى الرجوع إليهما، ولما كنّا مأمورين بهذا الأمر، فليس لأحد أن يعترض علينا لم قبلنا التحكيم، فخطأ
1. سورة الحجرات / 9.
2. سورة النساء / 59.
المعترض في تصوره أننا قبلنا تحكيم الأشخاص، والحال إننا لم نقبل سوى تحكيم كتاب لله.
وهنا سؤال يطرح نفسه: يفهم من كلام الإمام (عليه السلام) هذا أنّه قبل التحكيم على ضوء رغبته ورضاه ووظيفته الشرعية، والحال يفهم من عدّة خطب وردت في نهج البلاغة أنّ التحكيم فرض على الإمام (عليه السلام) وكان ممتعظاً من هذا الأمر، فكيف يمكن حلّ هذا التناقض؟
لابدّ من القول في الإجابة عن هذا السؤال أنّ الإمام (عليه السلام) لم يكن مخالفاً للتحكيم قط، بل كان الإمام (عليه السلام) يؤكد على أمرين: الأول: هو أنّ رفع المصاحف على أسنة الرماح كان خديعة ومؤامرة تهدف الحيلولة دون انتصار جيش الإمام (عليه السلام) في اللحظات الأخيرة من المعركة، وإيجاد الفرقة والاختلاف بين صفوف عسكر الإمام (عليه السلام)، وإلاّ فأهل الشام لم يكونوا مستعدين لقبول تحكيم القرآن الكريم، فلم يكونوا من أهل الدين ولا القرآن حسب تعبير الإمام (عليه السلام)(1).
الأمر الآخر: هو أنّ الإمام (عليه السلام) كان معترضاً على أبي موسى الأشعري كممثل له في تحكيم القرآن، وعليه فليس هنالك من تناقض بين هذه الخطبة وسائر الخطب نهج البلاغة، والشاهد على ذلك ما فعله الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء طبق نقل أرباب المقاتل أنّه وضع المصحف على رأسه وخاطب أهل الكوفة: «يـا قَومِ إِنّ بَينِي وَبَينَكُم كِتابُ اللهِ وَسُنَّةُ جَدِّي رَسُولُ اللهِ»(2).
—–
نعلم أنّ جيش معاوية حين أشرف على الهزيمة المنكرة في صفين، فبادر عمرو بن العاص المعروف بمكره إلى توصية أهل الشام برفع المصاحف على أسنة الرماح والقول بالتسليم لحكم القرآن، من جانبه قال الإمام (عليه السلام)بأنّ هؤلاء لا يسلمون لحكم القرآن وليس ذلك سوى خدعة بهدف منع تلك الهزيمة الحتميه، إلاّ أنّ فئة من جهّال عسكر الإمام (عليه السلام) إلى جانب
1. كما ورد في سند هذه الخطبة.
2. مسند الإمام الشهيد 2/43، وقد نقل هذا الأمر في الأصل مقتل الحسين، للمقرّم وقد نقله عن تذكرة الخواص لابن الجوزي (مقتل الحسين /233).
المنافقين لم يسمعوا كلام الإمام (عليه السلام) وأصروا على إيقاف المعركة، حتى هددوا الإمام (عليه السلام) بالقتل، فلم يكن من الإمام (عليه السلام) وبهدف الحيلولة دون ذلك الاختلاف والشقاق وبحكم الإجبار إلاّ أنّ أصدر أوامره بايقاف القتال.
ثم قالوا بوجوب انتخاب فردين من العسكرين لتحكيم القرآن، والعجيب أن طائفة منهم بعد ذلك وقفوا بوجه الإمام وهبّوا لمخالفته والاعتراض عليه في قبوله للتحكيم، الخطأ الآخر الذي بدر من الجهّال والمنافقين هو اختيارهم لأبي موسى الأشعري الجاهل كحَكم وفرضوه على الإمام (عليه السلام) وهو الأمر الذي أدّى إلى تلك الانتكاسة المريرة والعجيب في الأمر فئة بعد هذه الحادثة رفعت راية التمرد على الإمام (عليه السلام) معترضة على قبوله للتحكيم، في حين هذا القرآن يصرّح قائلاً: (إنِ الحُكْمُ إِلاّ للهِ)(1)، فكان من نتائج ذلك وقوع معركة أخرى عرفت بمعركة النهروان، وقد رجعت طائفة منهم إلى نفسها بعد أن سمعت كلام الإمام (عليه السلام) فتابت إلى الله سبحانه، ولم تبق إلاّ فئة قليلة لم يكتب لها الدوام، وقد كان عمل الإمام (عليه السلام) واضحاً في هذا الأمر للأسباب التالية:
1 ـ تحكيم القرآن في حلّ الخلافات العالقة بين المسلمين ليس بخفي على أحد، وقد أمر القرآن المسلمين صراحة بالرجوع إلى كتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) في حالة حدوث اختلاف بينهم (الآية 59 من سورة النساء التي استشهد بها الإمام (عليه السلام) في كلامه). وبناءاً على ما سبق فتحكيم القرآن واستناداً لعقيدة كافة المسلمين الذين للقرآن الكلمة الفصل في حل المنازعات ليست بالأمر الذي يدعو إلى الاعتراض على الإمام (عليه السلام)، لكن لم يكن من اُولئك الجهّال إلا أن يصوروا الأمر على أنّه نقطة ضعف في الإمام (عليه السلام).
2 ـ لا شك أنّ الذين أثاروا فتنة رفع المصاحف على أسنة الرماح لم يكن لهم من اعتقاد بحكم القرآن ولا الحق والعدل، بل لم يكن لساسة الكفر عديمي الإيمان من همّ سوى التسلط على الاُمة والهيمنة على إمكانهاتها المادية، وقد كشف الإمام (عليه السلام) اللثام منذ البداية عن كنه هذه المؤامرة، ولكن ما جدوى ذلك حيال الجهّال الذين رفضوا منطق الإمام (عليه السلام).
1. سورة يوسف / 67.
3 ـ قطعاً ليس للقرآن من دور في التحكيم من خلال نفسه، وإنّما يتسنى ذلك بواسطة أهل الذكر العالِمين بالقرآن فيجتهدون في استنباط أحكامه في كل مسألة وإبلاغها إلى الناس، ولو حصل هذا الأمر في حادثة صفين لتبيّن أنّ عسكر معاوية مشمولون بالآية التاسعة من سورة الحجرات القائلة: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى...) فينبغي إدانتهم بصفتهم بغاة طغاة هبّوا للوقوف بوجه إمام المسلمين والحكومة الإسلامية.
والمؤسف أنّ الحكمين هما أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص اللذان ليس لهما من علم بالقرآن، ونهض بالأمر من هو عارف بالقرآن، فانّ ذلك ليس خلافاً فحسب، بل يمثل عملاً بالقرآن وأحكامه، لكن حيث لم تحصل الشرائط اللازمة في أية مرحلة، وكانت النتيجة مريرة على تلك الفئة الجاهلة، فعمدت إلى لوم الإمام (عليه السلام) بدلاً من ذمّها لنفسها، فلم تعمد لإصلاح منظرها، بل اتجهت إلى كسر المرآة، طبعاً لا ينبغي تصور قضية التحكيم على أنّها ترتبط بحادثة تاريخي عابرة، بل هى قضية تكرر في مختلف العصور والأزمنة وحتى في عصرنا الحاضر، فهناك من يتستر خلف بعض المقدسات من ثم يحملوها بعض القراءات الخاطئة عن علم وبدونه ويختارون ما يتماشى ومصالحهم اللامشورعة.
فلعمروا بن العاص وأبو موسى الأشعري ـ هذان الجاهلان ـ أشباههما في كل زمان، وأما أكثر ما تتكرر واقعة صفين وحمل المصاحف على السنان والتحكيم التي تتخذ لنفسها صوراً مختلفة، فلا تتمخض سوى عن النتائج التي تؤدّي إلى مظلومية من يسير على النهج العلوي.
—–
«وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لِمَ جَعَلْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ أَجَلاً فِي التَّحْكِيمِ؟ فَإِنَّمَا فَعَلْتُ ذلِكَ لِيتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ، وَيَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ; وَلَعَلَّ اللّهَ أَنْ يُصْلِحَ فِي هذِهِ الْهُدْنَةِ أَمْرَ هذِهِ الاُْمَّةِ; وَلاَتُؤْخَذُ بِأَكْظَامِهَا، فَتَعْجَلَ عَنْ تَبَيُّنِ الْحَقِّ، وَتَنْقَادَ لاَِوَّلِ الْغَيِّ. إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ ـ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَرَثَهُ ـ مِنَ الْبَاطِلِ وَإِنْ جَرَّ إِلَيْهِ فَائِدَةً وَزَادَهُ. فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ! وَمِنْ أَيْنَ أُتِيتُمْ! اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى قَوْم حَيَارَى عَنِ الْحَقِّ لاَ يُبْصِرُونَهُ، وَمُوزَعِينَ بِالْجَوْرِ لاَ يَعْدِلُونَ بِهِ، جُفَاة عَنِ الْكِتَابِ، نُكُب عَنِ الطَّرِيقِ. مَا أَنْتُمْ بِوَثِيقَة يُعْلَقُ بِهَا، وَلاَ زَوَافِرَ عِزٍّ يُعْتَصَمُ إِلَيْهَا. لَبِئْسَ حُشَّاشُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ! أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ لَقِيتُ مِنْكُمْ بَرْحاً، يَوْماً أُنَادِيكُمْ وَيَوْماً أُنَاجِيكُمْ، فَلاَ أَحْرَارُ صِدْق عِنْدَ النِّدَاءِ ]القَاء[، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَة عِنْدَ النَّجَاءِ!».
—–
الشرح والتفسير
يتألف كلام الإمام (عليه السلام) في الواقع من قسمين: الأول يعالج شبهات الخوارج وأمثالهم، ثم يحثهم على جهاد ظلمة الشام، فكلام الإمام (عليه السلام) في القسم الأول إشارة إلى ميثاق التحكيم الذي وقع بين الإمام (عليه السلام) ومعاوية (وسيأتي شرح ذلك في موضوع تأملات) وعلى ضوء العهد فقد منح الحكمان مدّة سنة لحلّ اختلاف الاُمة دون التسرع في ذلك، والمعترضون الجهّال يشكلون أحياناً على أصل التحكيم والذي أجاب عليه الإمام (عليه السلام) في القسم السابق من الخطبة، وأحياناً أخرى كانوا يشكلون على تفاصيله، أي مسألة المدّة، ومن هنا ردّ الإمام (عليه السلام) على الإشكال
الأخير بالقول: «وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لِمَ جَعَلْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ أَجَلاً فِي التَّحْكِيمِ؟ فَإِنَّمَا فَعَلْتُ ذلِكَ لِيتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ، وَيَتَثَبَّتَ(1) الْعَالِمُ».
ثم أضاف: «وَلَعَلَّ اللّهَ أَنْ يُصْلِحَ فِي هذِهِ الْهُدْنَةِ(2) أَمْرَ هذِهِ الاُْمَّةِ; وَلاَتُؤْخَذُ بِأَكْظَامِهَا(3)، فَتَعْجَلَ عَنْ تَبَيُّنِ الْحَقِّ، وَتَنْقَادَ لاَِوَّلِ الْغَيِّ».
فقد بيّن الإمام (عليه السلام) عدّة فوائد للأجل الوارد في مسألة التحكيم، الأولى: أن يتريث الجهّال ويكفّوا عن شططهم وتعصبهم ويحققوا في المسألة المصيرية، والأخرى: أنّ يقوم القوم علماء الاُمّة من أصحاب علي (عليه السلام) بدراسة جوانب المسألة ويختاروا ما ينطوي على الحدّ الأدنى من الخسائر ويهدوا الحكمين لانتخاب الصحيح، والثالثة: التفكير خلال هذه المدّة في الطرق التي تتكفّل بإصلاح أمر الاُمة بصورة كلية واجتناب الأفعال المتسرعة التي تقود إلى الضلال، والغريب في الأمر التسرع والطيش الذي مارسه الخوارج الجهّال بهذا الشأن ليعرضوا مصير الامة للخطر دون أدنى دراسة وتحقيق، وهذا هو ديدن الجهّال من الأفراد في كل عصر ومصر.
أمّا العبارة: «لاَتُؤْخَذُ بِأَكْظَامِهَا» فهى كناية عن الحرية من أجل المطالعة واتخاذ القرار والانتخاب، وهى كناية فصيحة وبليغة،. والعبارة: «تَنْقَادَ لاَِوَّلِ الْغَيِّ» إشارة إلى أنّ التسرع في القرار ضلالة عادة.
وذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ المراد بأول الغي رفع المصاحف على أسنة الرماح التي تعدّ أول خطوة في الضلال(4)، ويبدو التفسير الأول بقرينة الجملة التي سبقتها أنسب.
ثم خاض الإمام (عليه السلام) في نصحهم ووعظهم بالانقياد للحق وعدم مجابهته بالتعصب واللجاجة وملاحظة المنافع الشخصية، فقال: «إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ ـ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَرَثَهُ(5) ـ مِنَ الْبَاطِلِ وَإِنْ جَرَّ إِلَيْهِ فَائِدَةً وَزَادَهُ».
1. «يتثبت»: من مادة «ثبت» بمعنى التحقيق.
2. «هدنة»: من مادة «هدون» على وزن قرون بمعنى الهدوء والسكون، وتستعمل عادة بمعنى المصالحة بعد القتال أو وقف اطلاق النار.
3. «أكظام»: جمع «كظم» على وزن عزم وجمع كظم على وزن قلم بمعنى مخرج النَفَس.
4. منهاج البراعة، للعلاّمة الخوئي 8/180.
5. «كرث»: من مادة «كرث» بمعنى شدّة الغم.
الواقع إنّ علامة المؤمن الحقيقي هى هذه، يعني ان وقف على مفترق طرق بحيث كان الحق في جانب والمنافع الشخصية في جانب آخر، ولى ظهره لمنافعه الشخصية واندفع نحو الحق، وإلاّ فلا فخر في تعصب الإنسان للحق الذي ينسجم مع حفظ مصالحه الشخصية، ومن هنا ذمّ القرآن الكريم طائفة من اليهود التي عملت على هذا الضوء فقالوا: (نُؤْمِنُ بِبَعْض وَنَكْفُرُ بِبَعْض...)(1)، كانت تلك الطائفة تذعن للقوانين الموافقة لميلها ورغبتها وتحقق منافعها، بينما تتمرد على تلك التي تتعارض ورغباتها، والحق إنّ مثل هذا التفكيك لا يعني عبادة الله سبحانه، بل عبادة الهوى، ويصدق هذا الكلام على الأفراد الذين يهبّون لنصرة الباطل بدافع التعصب واللجاجة ودعم الأصدقاء والقرابة، وقد ورد مثل هذا الكلام عن علي (عليه السلام) في خطابه لعمرو بن العاص حيث أقسم أنّه يعرف الحق، إلاّ أنّه يتجاهله، ولم يدفعه للإلتحاق بصفوف أعداء الله سبحانه سوى منافعه(2).
ثم واصل الإمام (عليه السلام) كلامه قائلاً: «فَأَيْنَ يُتَاهُ(3) بِكُمْ! وَمِنْ أَيْنَ أُتِيتُمْ(4)!».
آنذاك دعاهم لجهاد القوم الظالمين، وقد نعتهم بخمس صفات سلبية تتمثل بحيرتهم عن الحق وعدم رؤيته وقد شجعوا على الظلم و الجور، ومن هنا فلا يسعهم الاقلاع عنه، وقد ابتعدوا عن كتاب الله وانحرفوا عن الصراط، رغم حملهم المصاحف ووضعها على الرماح وكلامهم عن تحكيم القرآن الكريم: «اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى قَوْم حَيَارَى عَنِ الْحَقِّ لاَ يُبْصِرُونَهُ، وَمُوزَعِينَ(5) بِالْجَوْرِ لاَ يَعْدِلُونَ بِهِ، جُفَاة عَنِ الْكِتَابِ، نُكُب(6) عَنِ الطَّرِيقِ».
وهكذا أشار الإمام (عليه السلام) إلى إننا نمتلك خمسة أدلّة قاطعة إن أردنا قتال هؤلاء وكل واحد من هذه الأدلة يكفي سبباً لقتالهم!
1. سورة النساء / 150.
2. شرح نهج البلاغة، للمرحوم التستري 10/263; تاريخ الطبري 4/50 طبعة الأعلمي بيروت.
3. «يتاه»: من مادة «تيه» على وزن قيد بمعنى الحيرة والاضطراب، ويقال التيه للصحراء التي يحتار فيها الإنسان.
4. «اتيتم»: من مادة «إتيان» لها معاني مختلفة وتعني هنا الانخداع والتسليم للباطل.
5. «موزعين»: من مادة «ايزاع» بمعنى التشجيع وإيجاد الرغبة في شيء وترد بمعنى الإلهام والتوفيق، والمعنى الأول هو ا لمراد بها في هذه العبارة.
6. «نكب»: جمع «ناكب» من مادة نكب على وزن نفى الانحراف عن الشيء.
فقد حادوا عن الصواب وانحرفوا عن الصراط، ولا يكترثون للقرآن الكريم، اعتادوا على الظلم والجور، وقد عجزت أعينهم عن رؤية الحق فأصبحوا يدورون حول ذواتهم.
ثم لهج لسان الإمام (عليه السلام) بالشكوى في عباراته الأخيرة وعرضّهم لأشدّ الذمّ واللوم، لعلهم يفيقون إلى أنفسهم ويعيدون النظر في أعمالهم فقال: «مَا أَنْتُمْ بِوَثِيقَة يُعْلَقُ بِهَا، وَلاَ زَوَافِرَ(1)عِزٍّ يُعْتَصَمُ إِلَيْهَا. لَبِئْسَ حُشَّاشُ(2) نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ!».
ثم شدد (عليه السلام) في تقريعهم فقال: «أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ لَقِيتُ مِنْكُمْ بَرْحاً(3)، يَوْماً أُنَادِيكُمْ وَيَوْماً أُنَاجِيكُمْ ، فَلاَ أَحْرَارُ صِدْق عِنْدَ النِّدَاءِ ]القَاء[، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَة عِنْدَ النَّجَاءِ(4)!».
فقد تطرق الإمام (عليه السلام)إلى حقيقة في هذه العبارات وهى إن كانت هنالك من مشكلة قد ظهرت في أمر الجهاد وحكومته (عليه السلام) فانّما مرد ذلك إلى عدم كفاءة جمع من صحبه، وذلك لأنّهم كانوا يبدون الضعف والوهن في كل ميدان يطرقه الإمام (عليه السلام)، ومن الطبيعي أنّ هناك ضرورة للصولة المقتدرة في بداية المعركة والتي ينبغي أن تحصل من قبل الرجال الأشداء والشجعان والمخلصين، ولم يكن من ينهض بهذا الدور في معسكر الإمام (عليه السلام)، من جانب آخر فان القائد حين ينادي أن أحملوا! فلابدّ من حركة الجميع بشكل منسجم، إلاّ أنّهم كانوا أضعف وأوهن من ذلك، وإن كانت هناك من خطط حربية يطلعون عليها بصورة سرية، لابدّ أن يجدوا ويجتهدوا في حفظها، إلاّ أنّهم لم يكونوا من حفظة الأسرار ويوثق بهم، وعليه لا يبدو من الصواب توقع حصول نصر خاطف في ظلّ وجود مثل هؤلاء الأفراد، والعجيب في الأمر فانّ مثل هؤلاء الأفراد وبهذا المدى من الضعف والوهن حين يصابون بفشل، فهم يوعطونه إى الخارج ويحملوا الإمام (عليه السلام) مسؤولية زلاتهم دون أن يهموا ويفتشوا عن أسباب ذلك في أنفسهم، وهذه مشكلة كبرى.
—–
1. «زوافر»: جمع «زافرة» من مادة على وزن فقر بمعنى الألم والصراخ، ولما كان أعوان الإنسان بصفتهم المواسين في الألم والأنين فقد اطلقت مفردة الزافرة على النصير وهذا هو المعنى المراد في العبارة.
2. «حشاش»: حمع «حاش» من مادة حش على وزن شك بمعنى إيقاد النار، والمراد بها هنا الأفراد الذين يسددون أولى الضربات للعدو.
3. «برح»: بفتح الباء الشدّة والغضب.
4. «نجاء»: ونجوى الهمس في الاذن والشيء الذي يقال للآخرين سراً.
حين استغل ظلمة الشام قضية رفع المصاحف على أسنة الرماح وخدعوا بها أهل العراق، ففرض الصلح على أميرالمؤمنين علي (عليه السلام) كتب هذا العهد بين الفريقين:
«هـذا مَا تَقـاضى عَلَيهِ عَلَيِّ بِن أَبِي طَالب(1) وَمُعاوِيةُ بِنْ وأَبِي سُفيـانِ، قـاضِي عَلَيِّ بِن أَبِي طَالب عَلَى أَهْلِ العِراقِ وَمنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِيعَتِهِ مَنَ المُؤمِنِينَ وَالمِسلِمِينَ وَقـاضِي مُعاوِيةُ بِنْ وأَبِي سُفيـانِ عَلَى أَهْلِ الشّامِ وَمنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِيعَتِهِ مَنَ المُؤمِنِينَ وَالمِسلِمِينَ أَنّا نَنْزِلَ عِنْدَ حُكمِ اللهِ وَكِتـابِهِ وَلا يَجمَعُ بَينَنا إلاّ إِيّاهُ وإنَّ كِتـابَ اللهِ سُبحـانَهُ بَينَنا مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلى خـاتِمَتِهِ نُحيي مَا أَحيـا القُرآنُ ونُمِيتُ مَا أَمـاتَ القُرآنُ فإنْ وَجَدَ الحَكَمانِ أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابَ اللهِ إِتَّبَعنَاهُ وَإن لَمْ يَجِداه أَخَذا بِسُّنَّةِ العـادِلَةِ غَيرِ المُفَرِّقَةِ وَالحَكَمَانِ عِبْدَاللهِ بِن قَيْسِ وَعَمرو بِنْ العـاصِ»(2).
وقد نقل هذا الصلح أو العهد (أو مهما سميته) في مختلف الكتب مع اختلاف طفيف، وكلها تشير إلى أنّ المسألة كانت مسألة تحكيم القرآن الكريم لا تحكيم الأشخاص، وبعبارة أخرى فانّ الأشخاص كانوا مكلّفين باستنباط ما في القرآن بهذا الشأن وتطبيقه على مصاديقه، بينما اعتبرها الخوارج تحكيم للأفراد في دين الله فأثاروا مختلف الويلات والمأسي التي أفرزتها الجهل والحماقة.
روي أنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أرسل عبدالله بن عباس إلى الخوارج وكان بمرآى منهم
1. ورد في أغلب التواريخ أنّ كتّاب الإمام (عليه السلام) كتبوا أميرالمؤمنين إلى جانب إسمه، فاعترض عمرو بن العاص وقال: لو علمناك أميراً للمؤمنين فلابد أن يكون من يعاديك أميراً للفاسقين، لابدّ من محو هذه الكلمة، فأطرق علي (عليه السلام) وذكر صلح الحديبية فقال: «الله أكبر لقد كتبت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاعترض الكفّار وطالبوا بمحو رسول الله، فلم أفعل، فأشار عليَّ النبي أن أمحوها ثم محاها بنفسه دفعاً للفتنة، فغضب عمرو بن العاص وقال تشبهنا بالكفّار فلن أبق في هذا المجلس ـ فقال (عليه السلام): أسأل الله أن يطهر مجلسي من مثلك، ثم استمر الكلام حول كتابة لقب أمير المؤمنين حيث رأى البعض عدم محوها وإن شهرت السيوف، ولكن محيت تلك الكلمة آخر الأمر (انظر تاريخ الطبري 4/37 والتواريخ الأخرى).
2. بحار الانوار 32/542; وقد ورد هذا العهد في تاريخ الطبري 4/38 مع بعض الاختلاف.
ومسمع ليسألهم ما الذي نقموا عليه؟ فقالوا في الجواب: نقمنا يابن عباس على صاحبك خصالاً كلها موبقة مكفرة تدعو إلى النار:
أمّا أولها: فانّه محى اسمه من إمرة المؤمنين، ثم كتب بينه وبين معاوية فإذا لم يكن أمير المؤمنين فنحن المؤمنون فلسنا نرضى أن يكون أميرنا.
وأمّا الثانية: فانّه شك في نفسه حين قال للحكمين: انظر فانّ كان معاويه أحق بها فأثبتاه، وإن كنت أولى بها فأثبتاني، فاذا هو شك في نفسه، فنحن فيه أشدّ شكاً.
والثالثة: أنّه جعل الحكم إلى غيره وقد كان عندنا أحكم الناس.
الرابعة: أنّه حكّم الرجال في دين الله ولم يكن ذلك إليه.
الخامسة: أنّه قسم بيننا الكراع والسلاح يوم البصرة ومنعنا النساء والذرية.
السادسة: أنّه كان وصيّاً فضيّع الوصيّة.
قال ابن عباس: قد سمعت يا أمير المؤمنين مقالة القوم فأنت أحق بجوابهم. فقال (عليه السلام): نعم، ثم قال له: قل لهم بابن عباس أترضون حكم الله ورسوله؟ فقالوا: بلى، ثم قال: أمّا الاُولى فقد كتبت عهد الصلح يوم الحديبية «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اصطلح عليه رسول الله وأبوسفيان وسهيل بن عمرو» فقال سهيل: إنا لا نعرف الرحمن الرحيم أولاً، وثانياً ولا نقرّ أنّك رسول الله، وثالثاً ولكنّا نحسب ذلك شرفاً لك أن تقدّم اسمك قبل أسمائنا، .إن كنّا أسن منك، فأمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أكتب بدلاً من «بسم الله الرحمن الرحيم» «بسمك اللهم» وبدلاً من «رسول الله» «محمد بن عبدالله»، ثم قال لي: إنّك تدعي إلى مثلها فتجيب وأنت مكره، وهكذا كتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص، فقال الخوارج: هذه لك خرجت منها.
وأمّا الثانية إنّي شككت في نفسي حيث قلت للحكمين: انظروا فان كان معاوية أحق بها مني فأثبتاه، فان ذلك لم يكن شكا منّي فقد قال القرآن: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلاَل مُبِين)(1).
ولم يكن ذلك شكاً وقد علم الله أنّ نبيّه على الحق، فقالوا: وهذا لك، وأمّا قولكم أنّي جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس، فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد جعل الحكم إلى سعد
1. سورة سبأ / 24.
![]() |
![]() |