![]() |
![]() |
—–
1. سورة الأحزاب / 21.
2. سورة المائدة / 90.
3. الاحتجاج للطبري 1/442، (يتصرف ونقل بالمعنى) ووردت في مناقب ابن المغازلي /406 مع اضافة، وبحار الانوار 33/377 مع اختلاف.
وَمِنْ كَلام لهُ(عليه السلام)
لمَّا عُوتِب على التَّسوِيَةِ فِي الْعَطاء
يبدو الهدف من هذه الخطبة كما يفهم من عنوانها هو جواب الإمام (عليه السلام) لمن أشار عليه باغداق أموال بيت المال على الأشراف وزعماء القبائل الذين يمكنهم التأثير على الحكومة، فيعطيهم سهماً أكثر من غيرهم ويميزهم بالعطاء، وذلك من أجل ترسيخ حكومته، وقد تضمنت إجابة الإمام (عليه السلام) الإشارة إلى أمرين:
الأول: ليس لي قط ترسيخ دعائم حكومتي من خلال الظلم والجور والتمييز بين الناس وإعطاء حق أحد لآخر، فلا يسعني بلوغ الحق والعدل بواسطة المعصية.
الثاني: أنّ من يمارس هذا الفعل فانّ عاقبته جحود اُولئك الأفراد الذين أغدق عليهم.
—–
1. سند الخطبة:
هذه الخطبة جزء من خطبة طويلة للإمام (عليه السلام) في تقسيم بيت المال لما اعترض عليه، ويبدو أنّها مرتبطة بالخطبة 142، والجزءان من خطبة واحدة، وقد نقلها الكثيرون ممن عاشوا قبل السيد الرضي وبعده ومنهم: ابن قتيبة في الإمامة السياسة، وابن شعبة في تحف العقول، والكليني في فروع الدين، والشيخ المفيد في كتاب المجالس، والمرحوم الشيخ الطوسي في كتاب الآمالي (مصادر نهج البلاغة 2/282).
«أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ! وَاللّهِ لاَ أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً! لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللّهِ! أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الاْخِرَةِ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللّهِ. وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَلاَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلاَّ حَرَمَهُ اللّهُ شُكْرَهُمْ، وَكَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ. فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ يَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيل وَأَلاَْمُ خَدِين!».
—–
الشرح والتفسير
أورد المرحوم الكليني في بداية نقله لهذه الخطبة عن أبي مخنف أنّ جماعة من شيعة أميرالمؤمنين(عليه السلام) اقترحوا علي تقسيم أموال بيت مال المسلمين على الزعماء والأشراف (في أن يعطيهم من سهمهم) لتستقر الحكومة ومن ثمّ يعود إلى التسوية في العطاء، فانزعج الإمام (عليه السلام)وأورد هذه الخطبة ليوضح لهم عدم إمكانية الوصول إلى هدف مقدّس من خلال وسيلة ليست مقدّسة، فهذ الأمر لا ينسجم مع تعاليم الإسلام فقال: «أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ!».
أو ليس الهدف من الحكومة هو بسط العدل والقسط؟ كيف تقترحون عليّ تثبيت هذه الحكومة بالظلم والجور؟ هذا تناقض واضح للعيان، وهو أمر لا يرتضيه الحق تبارك وتعالى.
ثم أضاف (عليه السلام) قائلاً: «وَاللّهِ لاَ أَطُورُ(1) بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ(2)، وَمَا أَمَّ(3) نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً!».
فقد بيّن الإمام (عليه السلام) رسوخ عزمه بهذا الشأن بعبارات صريحة وقوية، فهو يقسم من جانب، ويستعمل العبارة لا أطور من جانب آخر، والمراد ليس فقط لا أفعل هذا، بل لا أقاربه ولا أحوم حوله، إلى جانب ذلك أشار إلى الحركة المتواصلة والأبدية للنجوم في السماء والليل والنهار في الأرض، كناية عن مراده لو كان عمري خالداً فلست مستعداً للمارسة مثل هذا الظلم والتمييز، ثم أكّد ذلك بقوله: «لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللّهِ!».
فالعبارة وإن بدت صعبة على الأفراد الذين ليس لهم بُعد نظر واُولئك الذين يضحون بالحق والحقيقة من أجل المصلحة، إلاّ أنّ الحق هو أنّ هذه العبارة إنّما تتفق وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعاليم القرآن الكريم والقيم الإسلامية العليا، وهذا ما سنعرض له في البحث القادم.
ثم أشار الإمام علي (عليه السلام) إلى مفاسد الظلم والجور والتقسيم غير العادل لأموال بيت المال فقال: «أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الاْخِرَةِ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللّهِ».
قد يكون التبذير والاسراف بمعنى واحد ويرادف كلّ منهما الآخر تارة، وتارة أخرى بمعنيين، لأنّ التبذير بالمعنى الواقعي يختلف عن الاسراف، فالتبذير من مادة بذر بمعنى نثر البذور وتستعمل حين يضيع الإنسان نعمة الله ويطرحها جانباً، وبعبارة أخرى ينفق الأموال في غير موضعها، أمّا الاسراف فهو المبالغة في إستهلاك النعم بحيث يخرج من حالة الإعتدال دون أن يضيع شيئاً ظاهرياً، كأن يعد طعاماً كثيراً للغاية وفاخراً لبضعة أفراد، بينما يمكن
1. «أطور»: من مادة «طور» على وزن غور بمعنى حام حول الشيء، والمفردة طور وجمعها أطوار وردت بمعنى نوع وحالة وصيغة.
2. «سمير»: من مادة «سمر» على وزن تمر حديث الليل، وقال البعض أن المعنى الأصلي لهذه المادة هو الاختلاط بالنور والظلمة، ولما كانت أحاديث الليل تتم أحياناً في ظلّ النور، فقد ستخدمت هذه المفردة بشأن أحاديث الليل، وإن اطلق الأسمر على بعض الأفراد فذلك لأنّ بياض بشرتهم مشوب باللون الغامق.
3. «أمّ»: من مادة «أم» على ورن غم بمعنى القصد، والعبارة (ما أمّ نجم في السماء نجماً) كناية عن طلوع النجوم وغروبها متتابعة، وكأنّ كل نجم يقصد متابعة الآخر.
إطعام عشرات الأفراد بتلك القيمة، فقد أشار الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع من خطبته إلى الآثار المعنوية السيئة لصرف الأموال في غير مواضعها، حيث يمكن أن يحظى الإنسان في ظلهاً بمكانة معينة إلى أجل بين الناس، بينما يسقط بالمرة أمام الله ويعرض نفسه لأشد العقاب في يوم الجزاء، وأمّا نعته مثل هذا العطاء بالتبذير والاسراف، فذلك لأنّه يؤدّي إلى اشاعة التبذير والإسراف في وسط المجتمع، فاُولئك الذين يأخذون أكثر من الحدّ اللازم، لا يسعهم غالباً إفاضة جزء منه على الآخرين، كما لا يستطيعون احتماله بأنفسهم، فلا مناص من بروز حالة التبذير والإسراف.
ثم إختتم الإمام (عليه السلام) خطبته بالإشارة إلى الآثار الدنيوية السيئة لذلك العمل فقال: «وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَلاَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلاَّ حَرَمَهُ اللّهُ شُكْرَهُمْ، وَكَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ. فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ يَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيل وَأَلاَْمُ خَدِين(1)!».
والعبارة ألأم خدين إشارة إلى أنّ اُولئك الأفراد الذين أحسن إليهم ليس فقط لا يقدمون المساعدة لمن أحسن إليهم في يوم عوزه فحسب، بل تبلغ بهم الوضاعة واللؤم أن يتحولوا إلى ذامّين، أمّا ما فهمه بعض شرّاح نهج البلاغة من أنّ العبارة تعني اللوم والتوبيخ، فلعل ذلك كون الصديق هو المصداق الواضح للوضاعة حين الحاجة، وقد دلّ التاريخ والتجارب الشخصية كراراً ومراراً على أن أغلب الظلمة والأثرياء الذين يغدقون الأموال على أصدقائهم، لم يمهد أحد لهم يد العون حين ذاقوا وبال أعمالهم، بل نفر عنهم أقرب أصدقاؤهم القدماء، ولعل بيت الشعر المعروف للشاعر المشهور حافظ الشيرازي والذي تتناقله الألسن ومضمونه «أني لم أتأثر قط بما يفعله الأجانب، بقدر ما أتأثر مما يفعله الصديق) إشارة إلى هذا المعنى.
—–
يستفاد من هذه الخطبة الشريفة أنّ الإمام (عليه السلام) كان شديد الحرص على تقسيم أموال بيت
1. «خدين»: من مادة «خدن» بمعنى الصداقة وخدن على وزن اذن بمعنى الصديق وجمع ذلك أخدان.
مال المسلمين بينهم بالسوية دون أن يكون هناك أدنى امتياز لشريف على وضيع وشخصية سياسية واجتماعية وحتى السابقين في الإسلام، بل حتى أهل الحاجة على أحد من الناس، وهذا ما كانت عليه الحال على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويبدو أنّه كان النهج الذي اعتمده الخليفة الأول أيضاً، حتى خلافة عمر حيث إتّبع التمييز والاخذ بنظر الاعتبار الاُمور السياسية والاجتماعية في تقسيم بين المال.
قال ابن أبي الحديد: أمّا عمر فانّه لما ولّى الخلافة فضل بعض الناس على بعض، ففضّل السابقين على غيرهم، وفضّل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضّل المهاجرين كافة على الأنصار كافة، وفضلّ العرب على العجم، وفضّل الصريح على المولى، وقد كان أشار على أبي بكر في أيّام خلافته بذلك، فلم يقبل وقال هذا خلاف كتاب الله، ولما ولّى عثمان الخلافة بلغ التمييز قمته، فقد فضّل آنذاك كافة قرابته وبطانته، فقسم بينهم أغلب أموال بيت المال(1)، وقد ذكر العلاّمة الأميني(رحمه الله) في المجلد الثامن من كتابه الغدير الصفحة (486) عنواناً أسماه (الفوضى في مال الله) جمع فيه الأرقام الدقيقة التي روتها مختلف مصادر العامّة بشأن هباته إلى قبيلته وأعوانه، وهى الأرقام التي تذهل كلّ إنسان حين يتأملها، فكان هذا أحد العوامل التي دعت الناس للقيام عليه، كما أنّ رفع هذه الامتياز من قبل الإمام (عليه السلام) كان أحد العوامل التي جعلت زعماء القبائل يتمردون عليه (كما يفهم من هذه الخطبة وسائر خطب نهج البلاغة)(2).
والطريف في الأمر أنّ أصحاب الإمتيازات في ذلك الزمان لم يخفوا هذا الأمر، كما نقل ذلك الطبري في تاريخه، حيث قال رجل لأبي عبدالرحمن السلمي (الذي كان معروفاً آنذاك)(3): ناشدتك الله متى عاديت علياً (عليه السلام) أليس ذلك حين قسم العطاء ولم يعطك وأهلك شيئاً (وقد استغلوا بيت المال قبل ذلك)؟ قال أبو عبدالرحمن: بلى هو كذلك.(4)
1. مرّت تفاصيل ذلك في شرحنا للخطبة الشقشقية.
2. انظر الخطبة 232.
3. ابو عبدالرحمن السلمي من مشاهير التابعين، ولم يكن من الصحابة وقال البعض كان بادىء الأمر من خواص أميرالمؤمنين (عليه السلام) (الكني والالقاب).
4. كتاب منتخب ذيل المذيل، ص147 نقلاً عن العلاّمة التستري في شرحه لنهج البلاغة 6/491.
على كلّ حال لابدّ من بحث جذور مسألة المساواة التي تأكدت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)وعلي (عليه السلام)، قطعاً إن ذلك يعود إلى ماهية الأموال التي كانت ترد بيت المال، وتوضيح ذلك أنّ الأموال التي كانت ترد بيت المال تستند إلى نواحي:
الأولى: غنائم الحرب وتعلم أنّ ليس هناك أي تفاوت بين المقاتلين بخصوص الغنائم الحربية، سوى أنّ الفارس كان يأخذ ضعف الراجل (بسبب التكاليف المتعلقة بالمركب، فهم الذين كانون يعدونه، إضافة إلى دور الفارس مقارنة بدور الراجل في المعركة).
الثانية: أموال الخراج وهى الأموال المتعلقة بالأراضي الإسلامية والتي كانت تشكل أغلب بين المال على عهد الخلفاء، فهذه الأموال تتعلق بجميع المسلمين ولابدّ من تقسيمها بالسوية عليهم، وذلك لأنّ أراضي الخراج ملك لعامّة المسلمين وينبغي توزيعها عليهم بالسوية، حيث يتقسم دخل الملك المشاع بالتساوي على جميع المالكين، لأنّ سهم ملكية الجميع متساوي.
الثالثة: الجزية والأموال التي تجبى من غير المسلمين إزاء ما يتمتعون به من دعم وحماية من جانب الحكومة الإسلامية إلى جانب حفظ أموالهم وأعراضهم، ويرى طائفه من كبار الفقهاء أنّ مصاريف الجزية هى مصارف الخراج المتعلقة بجميع المسلمين.
الرابعة: الزكاة التي تفرض على بعض الأجناس بمقدار معين وقد تكفل القرآن الكريم ببيان مصاريفها الثمانية، وقد قسمت بصورة عامّة إلى الفقراء، والمساكين، حسب حاجتهم وفي موارد مصاريف الجهاد حسب الحاجات، وعليه فالمعيار في تقسيمها الحاجة لا المساواة.
الخامسة: الخمس وهى الأموال المفروضة على كافة الإيرادات بعد طرح التكاليف ومخارج السنة، وعلى وضوء ما أورده القرآن الكريم والروايات فانّ الخمس نصفان، نصف يتعلق بأهل الحاجة من بني هاشم، والنصف الآخر بإمام المسلمين والذي ينفقه في حاجيات الحكومة الإسلامية.
السادسة: الأنفال التي تشمل جميع الأموال التي ليس لها ملكية خاصة كالأراضي الموات والبساتين وبعض المعادن وسواحل البحار والأرضي البوار التي غادرها أصحابها وانصرفوا عنها، فهى الأخرى جزء من أموال الدولة وتتعلق بجميع المسلمين، ولكل مصدر من المصادر
الست الماضية بحث مفصّل ورد في الكتب الفقهية مثل كتاب الخمس وكتاب الزكاة وكتاب الجهاد.
وهنا يطرح هذا السؤال: أي من هذه الأموال الست التي ينبغي توزيعها بصورة مساوية بين المسلمين وقد عمل بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستمر العمل بها حتى في زمان الخليفة الأول، وواصلها الإمام علي (عليه السلام) إحياءً للسنّة بعدما إندرست على عهد الخليفة الثاني والثالث؟
يبدو أنّ تلك الأموال هى أموال الخراج (ويحتمل إلحاق الجزية بها) والتي كانت تشكل في ذلك الزمان القسم الأعظم من بيت المال، وقد كانت إلى درجة من الكثرة بحيث لم تكن هناك من أهميّة لسائر موارد بيت المال في مقابلها، ولذلك فانّ أحد البرامج الرئيسية للولاة الذين يتجهون إلى مختلف المناطق جباية الخراج، ويستفاد هذا المعنى من أغلب الرسائل الواردة في نهج البلاغة، ومن ذلك عهد الإمام (عليه السلام) إلى مالك الأشتر(رضي الله عنه) ورسالته (عليه السلام) إلى مصقلة بن هبيرة (الرسالة 53 و 43).
وبناءاً على ما تقدم فانّ وزع قسم آخر من أموال بيت المال بصورة غير متساوية على أساس مصالح المسلمين والحكومة الإسلامية على ضوء المدارك الفقهية، فليس هناك من منافاة مع ما ورد في هذه الخطبة وأمثالها.
أضف إلى ذلك فانّ هناك تقسيماً لأموال بين المال على أساس مصالح المسلمين والخدمات التي يقوم بها بعض الأفراد، لا على أساس المصالح الشخصية كما كان يفعل ذلك معاوية، حيث كان يشتري زعماء القبائل بما يغدق عليهم من أموال، حتى كان يغرر ببعض الأفراد ضعاف الإيمان من جيش الإمام (عليه السلام) فيغريهم بما ينفقه عليهم من أموال كثيرة(1)، وهذا بحدّ ذاته يمثل جناية عظمى لا يمكن تداركها والإغماض عنها، وقد كان الإمام (عليه السلام) كما ورد في هذه الخطبة يتنفر من هذا العمل، وقد غضب بشدّة على من اقترح عليه استمالة الأشراف وزعماء القبائل بالأموال.
وبالطبع فانّ هذه مدرسة الأحرار والأتقياء الأوفياء التي كانت وما زالت تتضاد ومدرسة سماسرة السياسة وعبدة المناصب وأسرى الأهواء.
1. ورد عن معاوية أنّه قال: «واللهِ لأستَمِيلنّ بالأموالِ أَهلَ ثُقاتِ عليٍّ ولااُقسِمَنَّ فِيهِم المالَ حتّى تَغلِبَ دُنياي عَلَى آخِرَتِهِ» شرج نهج البلاغة للعلاّمة التستري 6/491.
وَمِنْ كَلام لهُ (عليه السلام)
وفيه يبيّن بعض أحكام الدين
ويكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين
خاطب الأمام (عليه السلام) الخوارج بهذه الخطبة، رغم عمومية نفع الخطبة، تتألف الخطبة من عدّة أقسام، فنّد الإمام (عليه السلام) في القسم الأول عقيدة الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة وحكمهم بقتل عامّة اُمّة النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك من خلال الأدلة المحكمة، وأشار (عليه السلام) في القسم الثاني إلى غفلة الخوارج وجهلهم وسلوكهم المفرط في عدوانهم، بينما أفرط البعض الآخر منهم في موالاتهم، فكلاهما على ظلالة، والقسم الثالث تضمن التأكيد على متابعة جميع المسلمين وعدم الإنفراد عنهم والتحذير من الفرقة، وأنّ شعار الخوارج هو شعار مضل وخطير، وأخيراً القسم الرابع وهو إشارة إلى خطأ الحكمين، كما يوضح أن وظيفة الحكمين العمل بأحكام القرآن، ولكنّهم ضلوا الطريق، وعليه فليست هنالك أية قيمة لحكمهم.
—–
1. سند الخطبة:
نقل هذه الخطبة المؤرخ المعروف الطبري في حوادث سنة 37 هـ عن أبي مخنف باختلاف طفيف، وابن الأثير في كتاب النهاية وأشار إلى المفردة (بجر). (مصادر نهج البلاغة 2/285).
«فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُظَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، بِضَلاَلِي، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي، وَتُكَفِّرُونَهُمْ نبِذُنُوبِي! سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ. وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) رَجَمَ الزَّانِيَ الُْمحْصَنَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ; وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ. وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الُْمحْصَنِ، ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ، وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ; فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللّهِ(صلى الله عليه وآله)، بِذُنُوبِهِمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللّهِ فِيهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الاِْسْلاَمِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ».
—–
الشرح والتفسير
هذا المقطع من الخطبة ناظر إلى الردّ على شبهات الخوارج التي لحقت بهم بفعل جهلهم وتعصبهم وتقليدهم الأعمى، فهم يعتقدون بكفر من إرتكب الكبيرة، والكافر يجب قتله، فقد صنعوا لأنفسهم صغرى وكبرى وعلى أساسهما أجازوا لنفسهم قتل أي فرد من أصحاب علي (عليه السلام) أينما وجدوهم، ومن هنا حمل هؤلاء الضالون المتعطشون لدماء الأبرياء سيوفهم على عواتقهم ليسفكوا دماء من شاءوا من الأبرياء في مختلف مناطق البلاد الإسلامية، فأتوا بالأفعال الشنيعة التي يندى لها جبين التاريخ، نعم لقد ابتكروا لأنفسهم صغرى وكبرى وقالوا: إن علياً (عليه السلام) قبل تحكيم الأفراد في مقابل القرآن، وعليه فقد إرتكب الذنب، وكل من إرتكب الذنب فهو كافر، واتباع علي (عليه السلام) كذلك فهم كفرة، والكافر يجب قتله وقد رد الإمام علي (عليه السلام)
بالعبارة المذكورة على خطأهم ليتم الحجة عليهم، فلو فرض (وفرض المحال ليس بمحال) أنّه ضل فما الذي يدعو إلى الحكم بضلالة كافة اُمّة محمد (صلى الله عليه وآله) بضلاله: «فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُظَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، بِضَلاَلِي، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي، وَتُكَفِّرُونَهُمْ نبِذُنُوبِي!».
ثم واصل كلامه بالقول: «سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ(1) تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ».
فهذا العبارات تتضمن إشارة إلى عدّة أجوبة: الأول بطلان التصور القائم على أني أحطأت وضللت، فأولاً: أنّي قبلت التحكيم بفعل ضغوطكم، وثانياً: لو تمّ التحكيم بصورة صحيحة لكان مطابقاً للقرآن، فالواقع أنّ الحكم هو القرآن، ومن ينهض بالتحكيم إنّما يرجع إلى القرآن ويستنبط منه حكم الله سبحانه، فيطبق الكليات على مصاديقها، كما مرّ ذلك في الخطب السابقة، وعليه فليس هنالك من عمل مخالف حكم الله حتى يؤدّي إلى الخطأ والضلالة، ثالثاً: على فرض أنّي إرتكبت خلافاً فما معنى حمل ذلك على سائر المسلمين؟ لم تكفرونهم وتريقون دماء الأبرياء؟ أي قانون هذا الذي تتمسكون به؟ وبأي شرع تؤمنون؟
ثم إتّجه الإمام (عليه السلام) صوب خطأهم الأصلي المتمثل بقولهم كل مذنب كافر، فردّ عليهم ردّاً قاطعاً فقال: «وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) رَجَمَ الزَّانِيَ الُْمحْصَنَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ; وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ. وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الُْمحْصَنِ، ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ، وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ; فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللّهِ(صلى الله عليه وآله)، بِذُنُوبِهِمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللّهِ فِيهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الاِْسْلاَمِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ».
فقد أراد الإمام (عليه السلام) عدّة شواهد من سنّة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) تؤكد وضوح خطأ الخوارج، الأول أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعدم الزاني والقاتل، ثم يصلّي عليهما ويوّرث أهلهما، لو كفر هؤلاء بارتكابهم الزنا وقتل النفس لما وجب توريث أهلهم لهم حسب عقيدتكم، لأنّ المسلم لا يرث الكفّار، (هذه عقيدة أغلب فقهاء العامّة)، كما حدّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) سائر المذنبين كالسارق
1. «عواتق»: جمع «عاتق» قسم من الجسم يقع بين الرقبة والكتف.
والزاني غير المحصن، فقطع يد الأول وجلد الثاني، لكنّهم بقوا في صفوف المسلمين فأجازهم جميع الأحكام الإسلامية كالزواج من المسلمات وأخذهم سهمهم من بيت المال، والحال لا تجرى عليه أي من هذه الأحكام إن كفر بارتكاب الكبيرة.
—–
يستفاد من هذه الخطبة أنّ الخوارج يعتقدون بأنّ إرتكاب الكبيرة يوجب الخروج من دين الإسلام، بناءاً على هذا فمن إرتكب الكبيرة وكان قبل ذلك مسلماً فهو مرتد يجب إعدامه، وقد استدلّ هؤلاء الجهّال بظاهر بعض آيات القرآن التي لم يدركوا مفهومها، ومن ذلك الآية الشريفة 97 من سورة آل عمران بشأن تارك الحج والتي تقول: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ)، والآية 44 من المائدة: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)، والآيه 23 من سورة الجن التي تحدثت عن المذنبين جمعاء: (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَد).
فقد أطلقت هذه الآيات على بعض المذنبين كلمة الكفر أحياناً، وأحياناً أخرى الخلود في جهنم الذي يختص بالكفّار، وقد غفلوا عن أنّ مفردة الكفر في اللغة واصطلاح الشرع لا تعني على الدوام الخروج من الإسلام، بل الكفر درجات ومراحل: فقد يكون بمعنى إرتكاب الذنب، ويكون أحياناً أخرى بمعنى إنكار الله والعقائد الدينية، وبعبارة أخرى الكفر بمعنى مجانبة الحق أو ستره وهو على مراحل ودرجات، ولكل أحكامه الخاصة، كما للإيمان درجات، لكل منها أحكامه الخاصة، فقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) في الرواية المعروفة في اصول الكافي خمسة معاني للكفر الوارد في القرآن، أحدهما: أنّ الكفر بمعنى ترك أوامر الله والعصيان، ثم يورد الإمام شواهد من القرآن الكريم على هذه المعاني الخمسة(1).
1. أصول الكافي 2/389، باب وجوه الكفر، ح1.
وأوضح دليل على بطلان هذه العقيدة ما أورده أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في هذه الخطبة من كثرة عدد المذنبين في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والذين كان يقيم عليهم الحد، مع ذلك كان يجري عليهم كافة أحكام الإسلام، حتى وإن لم يتوبوا من قبيل إقامة صلاة الميت والدفن في مقابر المسلمين وأحكام الارث، ومن كان حياً بعد إقامة الحد; أجرى عليه سائر الأحكام كأخذه لسهمه من بيت المال والزواج من المسلمات وأمثال ذلك، هذه هى سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتي تواصلت في العهود اللاحقة حتى عصرنا الحاضر بين جميع مسلمي العالم والتي تدل على أن مرتكب الكبيرة ليس بكافر بمعنى خروجه من الإسلام قط، وليس فقط لا يراق دمه فحسب، بل هناك ديّة على أدنى جرح يعرّض له.
—–
إنّ أدنى مطالعة لجانب من التاريخ المظلم للخوارج تكفي لأن نقف على مدى فضاعة الفئة التي وقفت بوجه أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والأسباب التي عاقت برامجه (عليه السلام) في النهوض بالاُمّة، فليست هنالك فئة تشبه الخوارج شهدها التاريخ، فهى فئة متعصبة عاشت جميع التناقضات ويسفكون الدماء بكل بساطة ولا يرحمون كبيراً ولا صغيراً حتى الجنين في بطن اُمّه، كما وصفهم أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الخطبة حيث وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيريقون دم من يريدون، ولم يأمن أحد في منطق حكومتهم التي لم تدم طولاً لحسن الحظ، وكأنّهم يرون أنفسهم المالكين والناس عبيد فلهم أن يفعلوا بهم ما يشاؤون من قتل وتعذيب وتشريد.
قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة: حين مضى الخوارج إلى النهروان أصابوا في طريقهم مسلماً ونصرنياً، فقتلوا المسلم لأنّه عندهم كافر، إذ كان على خلاف معتقدهم، واستوصوا بالنصراني، قالوا: احفظوا ذمّة نبيّكم، ونحو ذلك أنّ واصل بن عطاء (وهو من مشاهير علماء عصره) أقبل في رفقة فأحسوا بالخوارج، فقال واصل لأهل الرفقة: إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإيّاهم، فقالوا: شأنك، فخرج إليهم، فقالوا: ما أنت وأصحابك؟ فقال: قوم مشركون مستجيرون بكم، ليسمعوا كلام الله، ويفهموا حدوده، قالوا:
قد أجرناكم، قال واصل: فعلمونا، فجعلوا يعلمونهم أحكامهم، ويقول واصل: قد قبلت أنا ومن معي، قالوا: فمضوا مصاحبين فقد صرتم إخواننا.
فقال: بل تبلغوننا مأمننا لأنّ الله تعالى يقول: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ)(1).
فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قالوا: ذاك لكم، فساورا معهم بجمعهم حتى أبلغهم المأمن(2).
ومعروفة هى قصة قتلهم صحابي النبي (صلى الله عليه وآله) المعروف: عبدالله بن خباب وقتلهم لإمرأته وهى حامل، وقد عرضنا لشرح ذلك سابقاً، وهذا غيض من فيض جرائم الخوارج، هذا في الوقت الذي إذا قتل أحدهم خنزيراً، واعترضوا عليه على وأن ذلك فساد في الأرض وأنكروا قتل الخنزير(3)، يبدو أنّ الجهل والتعصب والعجب هى العوامل الأصلية لظهور هذه الفئة السفّاكة التي لا تتورع عن إرتكاب أية جريمة وجناية، أو ليس جزاء هؤلاء تلك الحملات المتتالية التي شنها عليهم جيش الإمام علي (عليه السلام) بعد إتمام الحجّة وتوبة المخدوعين منهم، لكي لا تبقى لهم من باقية، كما حدث في النهروان؟!
—–
تصدى الإمام (عليه السلام) في الخطبة المذكورة للردّ على الخوارج الذين يقولون بكفر من إرتكب الكبيرة، في أنّ ذلك خلاف سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إقامته للحدود على مرتكبي الكبائر، وفي الموارد التي تتطلب إعدام صاحبها من قبيل قصاص القاتل، فقد كان يحكم بقتلهم ويورثهم أهلهم من المسلمين.
هذا في الوقت الذي نعتقد فيه على ضوء مذهبنا بأنّ المسلم لا يرث الكفّار وعليه فان إيصال إرثهم إلى وارثهم المسلمين ليس دليلاً على نفي كفرهم، وللإجابة على هذا السؤال لابدّ
1. سورة التوبة / 6.
2. سرح ابن أبي الحديد 2/279 ـ 281.
3. انظر نفحات الولاية 2/377.
من القول بأنّ الإمام (عليه السلام) أورد هذا الكلام طبق مذهب أغلب العامّة والخوارج الذين يعتقدون بعدم إرث الكافر للمسلم ولا المسلم من الكافر، وبناءاً على هذا فقد استدلّ على ضوء مسلمات مذهبهم، أمّا مذهب أهل البيت(عليهم السلام)الكافر لا يرث المسلم بينما يرث المسلم الكافر، للرواية الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام): «إِنَّ الإِسلامَ لَم يَزد المسُلِمَ إلاّ عِزَّاً فِي حَقِّهِ»(1).
—–
1. وسائل الشيعة 17/377.
«ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ، وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّيْطَانُ مَرَامِيَهُ، وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ! وَسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَخَيْرُ النَّاسِ فِيَّ حَالاً الَّنمَطُ الاَْوْسَطُ فَالْزَمُوهُ، وَالْزَمُوا السَّوَادَ الاَْعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ اللّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ. وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ!
فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ، كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ. أَلاَ مَنْ دَعَا إِلَى هذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هذِهِ».
—–
الشرح والتفسير
![]() |
![]() |