«العقد الثمين‏»
«في اثبات وصاية امير المؤمنين‏»

محمد بن علي بن محمد الشوكاني
تقديم وتحقيق عدنان السيد علي الحسيني

كلمة المركز
منذ ان هبط آدم على سطح هذا الكوكب وبدات البشرية اولى
خطاها في تاريخها الطويل، والصراع الانساني يرافق
تلك‏المسيرة حتى اننا لنلمح في الصراع الذي نشب بين ابني
آدم نورا سماويا يضي‏ء من كلمات هابيل وقد تقبل قربانه،
ونجدالشرور تتطاير من عيني قابيل وهو يهدد اخاه بالقتل!
وبعد مصرع هابيل لم يكن ليرث آدم، والاسماء التي تعلمها، الا
الانسان المثال والنموذج الذي يريده اللّه لعباده، وبالطبع
لم‏يكن ذلك ليتجسد في قابيل، فوهبه اللّه شيثا (ع).
من هنا يمكن القول ان ظاهرة الوصية رافقت التاريخ الانساني
من لدن آدم الى نبينا وسيدنا محمد (ص).
فالرسالات الالهية كانت ترافق مسار الانسان، والانبياء الذين
كانوا يبلغون كلمات السماء كانوا يوصون من بعدهم
لمن‏سيكون حجة على الناس واماما لهم ومنارا في طريقهم،
وربما كان الوصي نبيا يوحى اليه، وربما كان اماما امينا على
رسالة‏ربه.
قال سيدنا جعفر الصادق (ع): ((ما زالت الارض الا وللّه فيها
الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس الى سبيل
اللّه))((1)).
ويقول الامام علي (ع): ((اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم للّه
بحجة))((2)).
ومن غير المعقول ان تتوقف ظاهرة الوصاية التي رافقت
الرسالات الالهية في رسالة اللّه الاخيرة ليكون نبينا (ص)
استثناءوقد خاطبه اللّه سبحانه: (وما كنت بدعا من
الرسل)((3))
ولذا نجد المسعودي مثلا يؤلف كتابه (اثبات الوصية) في هذا
الاطار، وفي الاطار نفسه ينبري العلامة جمال الدين ابوالقاسم
المتوفى سنة 726ه المعروف بالعلامة الحلي ليؤلف رسالة
تحت نفس العنوان المذكور((4)).
ثم ياتي الشوكاني القاضي والمحدث اليمني ليؤلف رسالته
الموسومة ب (العقد الثمين في اثبات وصاية امير المؤمنين).
والمؤلف هو القاضي والاديب والمحدث محمد بن علي بن
محمد الشوكاني المولود في ذي القعدة سنة 1173ه /
1760م،نشا في صنعاء وفيها توفي عن عمر ناهز السبعة
والسبعين. وقد ظل قاضيا للمدينة (صنعاء) مدة ربع قرن من
الزمن، ولعله‏القاضي الوحيد في بلده الذي لم يتقاض على
عمله اجرا حتى لقد عوتب في ذلك!
اما رسالته هذه فقد جاءت في الحقيقة جوابا عن سؤال، وهي
على ايجازها تكشف عن شخصية علمية عميقة الغور.
والشوكاني فقيه مجدد نادى بوجوب الاجتهاد وله راي فريد
في ذلك يجعل من فهم اللغة العربية وسبر اغوارها
ومعرفة‏دقائقها شرطا محوريا اساسيا.
اما الجهد التحقيقي فقد جاء في عدة محاور: توثيق الايات
القرآنية والاحاديث الشريفة، وكتابة ترجمة لحياة
المؤلف،واضافة ملحق في طائفة من شعر الصحابة والتابعين
مما يؤيد وصاية الامام علي بن ابي طالب (ع) ولما تنطوي عليه
من قيمة‏تاريخية.
ومركز الغدير اذ يقدم هذا الكتيب الصغير حجمه والكبير في
اهميته انما يرمي الى اثراء المكتبة العربية والاسلامية
في‏موضوع اثار الجدل قديما وحديثا.
مركز الغدير
مقدمة التحقيق
الحمد للّه رب العالمين، واحمده على كل حمد، حمدا بما هو
اهله، واستعينه على كل سراء وضراء، وفي كل شدة
ورخاء،واصلي واسلم على اشرف الخلق سيدنا وشفيعنا وحبيب
قلوبنا المصطفى الامين محمد (ص)، وعلى اخيه ووصيه
الشاري‏بنفسه سلامة دينه ونبيه، وحامل لوائه وآياته، والساقي
على حوضه، المجيز على الصراط.
واصلي واسلم على اهل بيته الذين اذهب اللّه عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا، وعلى صحبه الميامين الذين ثبتوا على
الحق‏وعملوا به، وحفظوا وصية نبيهم في الكتاب والعترة
فانماثوا بهما بما حفظ للدين رونقه وجلاله، وللعقيدة ان
تترسخ،وللعدالة ان تنشر ظلالها هنا وهناك.
وبعد، فكم هو عظيم ان يتحلى المرء بصفة ((قل الحق ولو على
نفسك))، ((فان اتقى الناس من قال الحق فيما له و عليه))؟!
فهذاخلق يحمل في طياته اكثر من مدلول اخلاقي نبيل، منها:
الشجاعة والاقدام.. والثقة بالنفس.. والموضوعية..
وما احوجنا اليوم الى ان يحمل العالم الديني، والكاتب
والمحقق، والداعية المبلغ.. روحا موضوعية تحض الجميع
على‏الاخاء، وترفع الحق فتضعه في الصدور والعقول بدل ان
يظل متمرغا تحت الاقدام.
وكم هو خلق اسلامي فريد ورائع ان يتمحض الفرد المسلم
الدعوة الى الحق، والى جلو الحقيقة وابرازها؟ وكم هو
نافع‏لتاريخنا وتراثنا الاسلامي الاصيل ان يكون حاملو هذه
الروح، وهذا الخلق، علماء قد استوعبوا من العلوم غاية
مايستطيعون، فتكونت لديهم ثروة علمية معرفية مكنتهم من
خوض الغمار، وركوب اللجج، فلم يبق عليهم الا ان يصفوا
الحق‏ويعملوا به.
ورغم قلة ما يفصل بين الحق والباطل من الاصابع الاربعة، فقد
استطاع بعض هؤلاء التمييز بينهما واختيار الراجح منهما
في‏ميزان العدالة.
وقد برز في هذا الميدان رجال كثر، عرفوا الحق فعرفوا اهله،
حفلت بهم صفحات التاريخ ما بين عصرنا الحاضر وبين
عصربدء الدعوة وبزوغ فجر الاسلام العظيم.
والشوكاني واحد من اولئك العمالقة الذين تركوا بصمات جليلة
على صحائف بيضاء من تاريخ هذه الامة المجيدة. فهوالباحث
العالم، والناقد المنصف، والمصنف المدقق. وهو مع هذا: فقيه،
اصولي، محدث، مفسر، مؤرخ، اديب، نحوي،شاعر، منطقي،
متكلم، حكيم((5)).
ونظرة سريعة الى مصنفاته المئة واربعة عشر تعطيك المامة
بعبقرية الشوكاني، ودقة نظره، وبعد مداه.
فقد ترك ثروة علمية وفكرية احدثت ثورة، وشكلت مدرسة
خاصة‏حكت آراءه وافكاره التجديدية. وانه يخيل الى البعض آمن
خلال بعض كتبه وفتاواه انه يميل الى (الشيعة الامامية). لكن
الحقيقة هي خلاف هذا التصور، اذ خالف الامامية الاثني‏عشرية
في العديد من الاحكام.
او ان آخر يستشف انه اقرب الى (مذهب اهل السنة) من غيره،
في حين ان فتاواه الكثيرة وفي مختلف ابواب الفقه
تحكي‏خلاف ذلك.
كما لا يظن ظان ان الشوكاني يعادي (المذهب الزيدي) او
يتعصب عليه. فهو انما شن حملته التجديدية ضد
الانحرافات‏والتشويهات التي دخلت على المذهب الزيدي
والمذاهب الاسلامية الاخرى رويدا رويدا. ومؤلفاته جميعا كانت
تطبيقالارائه المذهبية الخاصة، ولذلك قلنا: انها اوجدت
مدرسة خاصة بمسلكه الفقهي.
واما رسالته (العقد الثمين) هذه فهي على صغرها تثبت لك
صحة المدعى، فالرسالة كانت جوابا عن سؤال طرح عليه
من‏قبل البعض، فاجاب عنه تحريريا بهذه الاوراق القلائل.
وهي على وجازتها فقد اسفرت عن سعة علمه، وبراعته في
المناقشة والحوار العلمي القائم على الدليل، المستند
الى‏حصيلة علمية لها افقها الرحيب المتحرر من اسر العصبية،
والجدل الضيق، ومهاجمة الاشخاص، بل اتجه في نقده
الى‏الافكار والاراء، ونقضها بالادلة الصحيحة المقنعة.
ومن المستغرب ان لا يذكر الشوكاني رسالته هذه (العقد
الثمين) التي نحن بصدد تحقيقها واعادة نشرها ضمن تعداد
تصانيفه‏في كتابه البدر الطالع((6))، رغم انه كتبها سنة (1205
ه) اي قبل البدء بتحرير البدر الطالع الذي بدا العمل فيه سنة
(1213 ه)واتمه في الشهر الاخير من السنة نفسها، ولعل
الرسالة كانت مما لم يخطر في باله كما ذكر. وقد ذكرها له
اسماعيل باشاالبغدادي في الذيل على كشف الظنون، وهدية
العارفين((7)).
عملنا في التحقيق: تحديدا لمراحل عملنا في تحقيق هذه
الرسالة راينا ادراجها في نقاط، وكما يلي:
1- اعتمدت على نسخة مطبوعة حديثا (سنة 1411 ه) في
صنعاء باليمن، نشرتها مكتبة دار التراث، على نسخة كانت
آحسب الظاهر لدى العلامة المؤرخ محمد بن محمد بن
يحيى زبارة الحسني الصنعاني صاحب كتاب (نيل الوطر، من
تراجم‏رجال اليمن في القرن الثالث عشر) وغيره من المؤلفات،
المولود سنة 1301 والمتوفى سنة 1381ه (1884 1961م)،
وقدكتب عليها تنبيها بتوقيعه تصدر الرسالة ثم ختمها بترجمة
مختصرة للمؤلف الشوكاني تركناها كما هي وان لم تكن جزءا
من‏الكتاب.
2- قمت اولا بتخريج الايات القرآنية الواردة في الرسالة.
3- ثم حاولت جهد الامكان تخريج الاحاديث النبوية
والنصوص‏من مصادرها التي ذكرها الشوكاني، الا ما كان من
بعضها آوهي لا تعدو بضعة موارد لعدم عثورنا عليها، كمسند
البزار مثلا، فقد اشرت الى مصدر آخر بكلمة (راجع) يحيل
اليه اويذكر النص المخرج منه.
4- قمت بتقويم النص، ومراعات علامات الترقيم وحرصت
على اخراج فني حديث للكتاب.
5- ثم عمدت الى كتابة ترجمة للمصنف صدرت بها الرسالة،
وقد راعيت فيها الشمولية لمختلف جوانب حياته الى
جانب‏الايجاز بما يتناسب وصغر حجم هذه الرسالة.
ويجد القارئ‏ترجمة اخرى في آخر الرسالة وقبل الملحق
بعنوان: (نبذة يسيرة من ترجمة المؤلف)، وهي بقلم محمد
زبارة‏الحسني الصنعاني صاحب كتاب نيل الوطر، ابقيتها كما
هي، لكونها بقلم احد مؤرخي اليمن، ومن ابناء بلدة
الشوكاني(صنعاء). وقد اشرت اليها في الفقرة (1) ايضا، ولهذا
اقتضى التنويه لئلا يلتبس الامر ويظن التكرار.
6- ولاهمية (وصية النبي (ص) لعلي (ع)) وهي موضوع
الرسالة، وقد اثبتها الشوكاني بالاحاديث الصحيحة المتواترة،
فقدتناولها الشعراء على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم، بمناسبة
او دون مناسبة، فجاء شعر كثير في ان علي بن ابي طالب
(ع)وصي رسول اللّه (ص)، وخليفته من بعده.
هذا في الوقت الذي كان فيه الشعر المنبر الاعلامي الاول، وهو
احد الوثائق التاريخية التي يمكن اعتمادها في التدليل
على‏وقوع الحدث، وصحة الحادثة.
وليس ادل دليل على ثبوت وصيته (ص) الى علي بعد
الاحاديث الصحيحة والاخبار الثابتة، هو عدم رد المخالفين
لوصاية‏علي على المثبتين لها من الشعراء. فانك تجد عشرات
الابيات ان لم نقل المئات من الصدر الاول وحتى يومنا هذا
تصرح بان‏عليا وصي رسول اللّه (ص) فيما لا تجد في قبال ذلك
من ينفي او يرد على ما قيل في بيان هذه الحقيقة التاريخية.
من هنا كان حقيقا بنا الحاق هذه الرسالة بطائفة من شعر
الصحابة والتابعين فقط، من الذين رصدوا في شعرهم حقيقة
الوصية‏هذه لما في شعر هاتين الطبقتين من قيمة تاريخية.
وقد حاولت قدر ما يسمح لي به الوقت والجهد من استقصاء
اكبر عدد من‏الشعراء والابيات التي صرحت او اشارت الى هذا
الموضوع مما تيسر لدي من مصادر ومراجع، وجعلت ذلك
ملحقا للرسالة‏كي تتكامل به الصورة في اثبات وصاية امير
المؤمنين (ع).
ثم‏نسقت‏نظم‏الشعراءوفق‏الترتيب الهجائي للابيات. ولعل اكثر
من قافية تكون لشاعر واحد، لذا سعيت الى ترجمة مختصرة‏تلم
بحال القائل عند ورود اسمه لاول مرة،مع اثبات اهم مصادر
الترجمة، ثم مصدر الابيات.
اخذ اللّه بقلوبنا وقلوبكم الى الحق.. فماذا بعد الحق الا الضلال
المبين. وآخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين، وهو حسبي.
قم المقدسة
في المولد النبوي الشريف 1419ه
عدنان علي الحسيني
ترجمة المصنف الشوكاني
محمد بن علي بن محمد بن عبداللّه، ابو عبداللّه الشوكاني
الخولاني الصنعاني، وقد رفع نسبه في ترجمته لابيه في
كتابه(البدر الطالع)((8)) الى ابي البشر آدم (ع)، مما يكشف
لك عن زهو في شخصيته كان يتردد في جنبات نفسه الناظرة
الى‏اسلافها العظام والملوك، في وقت كان المجتمع اليمني
يتجه الى صناعة الانساب، والفخر بامجاد الجدود الاوائل،
الامرالذي اتخذته بعض الاسر والطبقات سلما او سلاحا
للوصول الى الحكم والتسلط والهيمنة على المجتمع العام.
ولد الشوكاني يوم الاثنين 28 ذي القعدة من سنة (1173ه /
1760م) في هجرة شوكان من بلاد خولان باليمن، ثم
نشابصنعاء حيث كان والده قد استوطنها من قبل، وفيها كانت
وفاته. فلم يذكر المترجم له ولا الذين ترجموا له، انه خرج
من‏صنعاء الى غيرها قط طيلة مدة حياته((9)) ، بل يشير بنفسه
الى ان ابويه كانا يمانعان من خروجه عن البلد ايام شبابه
حتى‏لغرض التحصيل الدراسي، ولانه لم يكن ميسور الحال
في‏اوائل حياته((10)). ثم بعد ذلك لم يجد هو متسعا او فرصة
للسفرلشدة انهماكه في الدرس والتدريس.
بعد هذه التقدمة الوجيزة ندخل الى رحاب فقيه، مجتهد،
محقق، حافظ، قاض، من كبار علماء المذهب الزيدي في
صنعاءاليمن. وهو مع كل هذا شاعر، وشعره جيد مسبوك
ويكشف عن رقة طبع لديه. له منظومتان ذكرهما في جملة
تصانيفه هما:بغية الاريب من مغني اللبيب، وكفاية المحتض.
وقد نظمهما في اوائل ايام طلبه((11)).
ومن شعره قوله:
انا راض بما قضى
واقف تحت حكمه
سائل ان افوز بالخير من حسن ختمه‏واستحسن قول من قال:
العفو يرجى من بني آدم
فكيف لا يرجى من الرب
فقال مجيزا:
فانه اراف بي منهم
حسبي به حسبي به حسبي
وله قصيدة طويلة في الاشارة والمديح لاهل نجد ايام ثورتهم
اثبتها له صاحب نيل الوطر في ترجمته((12)).
والشوكاني فوق ما فيه من النزاهة عن الاخذ مما في ايدي
الناس، فقد كان ذا نفسية شفافة، وطبع منسجم فيه نفاسة
وميل‏يشتمل على حب‏المعيشة الانيقة، ولبس الفاخر من
الثياب، وهو ما يكشف لك عن تطلعاته الكبيرة في ان يضارع
الملوك‏والامراء او يسمو عليهم. وكان يحب الاجتماع ومجالسة
كبار الناس واعيانهم، وهذا السلوك الاخر يكشف لك عن
نفسيته‏العالية، وروحيته التواقة الى تسلق المكانة والشرف
الباذخ.
قرا القرآن الكريم في اول صباه على جماعة من المعلمين
وختمه، ثم قرا تجويده على جماعة آخرين، حفظ القرآن كما
حفظ‏عددا كبيرا من المتون والمختصرات والمنظومات قبل
شروعه بالدرس، وقبل بلوغه الحلم على الاكثر.
كانت له همة عالية في تلقي الدروس، فقد درس كثيرا من
العلوم على عدد كبير من اساتذة زمانه، فما كان ينتهي من
قراءة‏كتاب حتى يلقي ما اخذه عن شيوخه الى تلامذته، بل ربما
كان الطلاب ياخذون عنه قبل ان يفرغ من قراءة الكتاب،
ومن‏همته العالية وسعيه الحثيث في طلب العلم وتعليمه انه
كان يقرا الكتاب الواحد عدة مرات على اساتذة متعددين
حتى‏يستفرغ ما عندهم من مادة ونقد وتحليل. كما كانت
دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو ثلاثة عشر درسا قراءة
واقراء((13)).
وبعد ان استوفى قراءة العديد من الكتب كالمسانيد والصحاح
والشروح والحواشي في الفقه والاصول والحديث
والبيان‏والصرف والمنطق وغيرها، عكف على تدريس ما
استحصله من علوم الى طلبته، وحتى والده العالم الكبير
وقاضي صنعاء آوهو اعلى منصب قضاء في‏البلاد اليمنية قرا
عليه في آخر ايامه صحيح البخاري((14)).
بل واكثر من ذلك ان طلبته كانوا ياخذون عنه فنون دقيقة لم
يقرا في شي‏ء منها على استاذ كعلم الحكمة التي منها
علوم:الرياضيات والطبيعيات، والالهيات، والفلك، وعلم
المناظر، وعلم الوضع.
تصدى للافتاء ايام قراءته على شيوخ عصره واقرائه لتلامذته،
وكان في نحو العشرين من عمره. فكان يفتي اهل صنعاء
ومن‏يفد اليها من انحاء اليمن، وكانت ترد اليه الفتاوى من
الديار التهامية، وكبار شيوخه اذ ذاك احياء، وكادت الفتيا تدور
عليه‏وحده من عوام الناس وخواصهم لما ذاع صيته في بلاد
اليمن. وكان متعارفا ان يؤخذ على الفتيا والنظر في المسائل
وحل‏المنازعات اجر من قبل القضاة. بل كان مستغربا ان لا
يتقاضى على ذلك اجرة، فكان الشوكاني يتنزه عن ذلك، فاذا
عوتب‏فيه، قال: انا اخذت العلم بلا ثمن، فاريد انفاقه كذلك.
وغالب الظن ان المترجم تصدر للتدريس ولما يبلغ العشرين
من عمره، وكان يومها قد انهى دراسة مجاميع كبيرة من
كتب‏ورسائل في الحديث والفقه والاصول والنحو والصرف
وغيرها من العلوم في مسيرة دراسية جادة وشاقة لا تعرف
الكلل‏والملل، ولا النوم واللعب كما يحلو لاقرانه في سن الصبا
والشباب.
والذي خطا بالشوكاني هذه الخطوات السريعة فاهله للمكانة
العلمية الرفيعة في سن مبكرة انما هو الذكاء الفطري الذي
كان‏يتمتع به، بالاضافة الى تكامل شخصيته، ودابه المتواصل
على التحصيل، وحرصه‏الجاد على طلب اكثر العلوم. هذا
من‏جانب، ومن جانب آخر ان الشوكاني كان يحمل فكرة في
ذهنه الوقاد منذ صباه يوم دخل المكتب لتعلم القراءة والكتابة،
فقدسال الصبي والده عن اعلم من بالديار اليمنية، فاشار الوالد
الى احدهم.
هذا السؤال وجوابه ظل يخامر تفكير الشوكاني، فجعله هدفا
حدده الصبي الصغير لنفسه منذ الصغر، وبقيت كلمة
(الاعلم)تدور في ذهنه وهو يغذ المسير على هذا الطريق
للوصول الى الهدف المنشود((15)).
في عام (1209 ه)((16)) وعلى التحديد في شهر رجب تولى
القضاءوالمحاكم في صنعاء بعد قاضيها العلامة يحيى بن
صالح‏الشجري السحولي في ايام خليفة ذلك الوقت على اليمن
الامام المنصور باللّه علي ابن العباس المتوفى منتصف رمضان
من‏سنة (1224 ه). وبقي الشوكاني على قضاء صنعاء حتى وفاته
سنة (1250 ه).
والشوكاني الى جنب ذلك، فقيه مجدد له آراؤه الفقهية التي
خالف فيها علماء عصره ومن سبقهم خاصة في مسالة
الاجتهاد،وهي من المسائل الحساسة التي ما كان احد يجرؤ
على ابداء النظر فيها فضلا عن مخالفة الراي السائد.
لقد نادى الشوكاني بوجوب الاجتهاد، وتحريم التقليد على من
يملك المقدار الكافي من لغة العرب ما يفهم به كتاب اللّه
بعدان يقيم لسانه بشي‏ء من علم النحو والصرف وشطر من
مهمات كليات اصول الفقه.. هذا هو راي الشوكاني في
شرائط‏المجتهد، ثم يتابع حديثه فيقول: فانه من بلغ في العلم
الى رتبة يفهم بها تراكيب كتاب اللّه ويرجح بها بين ما ورد
مختلفا من‏تفسير السلف الصالح، ويهتدي به الى كتب السنة
التي يعرف بها ما هو صحيح وما ليس بصحيح، فهو مجتهد لا
يحل له ان‏يقلد غيره((17)).
اءحصيت مؤلفاته ما بين كتاب يبلغ عدة مجلدات، ورسالة اءو
حاشية اءو شرح فكانت (114) مصنفا او قد تزيد. طبع
بعضها،ومنها ما تزال خطية، وقد ذكر منها في ترجمته التي
افردها لنفسه في البدر الطالع((18))سبعاوتسعين عنوانا حين
تاليف كتاب‏البدر الطالع، نذكر منها:
1- اتحاف الاكابر باسناد الدفاتر. وهو ثبت مروياته عن شيوخه،
مرتب على حروف الهجاء، مطبوع.
2- ادب الطلب ومنتهى الارب.
3- ارشاد الغبي الى مذهب اهل البيت في صحب النبي.
4- ارشاد الفحول الى تحقيق الحق من علم الاصول. في اصول
الفقه، مطبوع.
5- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع. وهو تراجم
لاعيان العلماء من مختلف البلدان الاسلامية، وجاء اغلبه
في‏علماء اليمن، مطبوع في مجلدين.
6- الدرر البهية في المسائل الفقهية مع شرحه المسمى
بالدراري المضية. وهو متن في الفقه اورد فيه اجتهاداته
الفقهية،مطبوع.
7- الدر النضيد في اخلاص كلمة التوحيد. مطبوع.
8- السيل الجرار المتدفق على حدائق الازهار. وهو من اخطر
اعمال الشوكاني العلمية التي واجه بها علماء عصره
والمجتمع‏الذي جبل على الجمود الفكري سنين طوال.
فاحدث بكتابه هذا ثورة فقهية، شهدت له سوحها بانتصاره
فيها، وقد بلغ فيه‏المؤلف من الدقة والاناة واعادة النظر ان
مكث في تصنيفه ما يقرب من عشرين سنة((19)). مطبوع.
9- الفتح الرباني في فتاوي الشوكاني.
10- فتح القدير. في التفسير، مطبوع في خمسة مجلدات.
11- الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة، مطبوع.
12- قطر الولي على حديث الولي. مطبوع مع التحقيق باسم:
ولاية اللّه والطريق اليها.
13- القول المفيد في حكم التقليد. مطبوع.
14- نيل الاوطار من اسرار منتقى الاخبار. مطبوع في ثماني
مجلدات.
15- در السحاب في مناقب القرابة والاصحاب. مطبوع في
مجلد كبير.
وفي جمادى الاخرة من سنة (1250 ه / 1834م) يودع الحافظ
الشوكاني دار الدنيا ليستقر في مثواه الاخير في مقبرة(خزيمة)
المشهورة بصنعاء، عن عمر ناهز السبع والسبعين سنة، وقبيل
وفاته بشهر مات ولده العلامة علي، ولا نعلم ما اذاكان قد خلف
غيره ام لا، غير ان صاحب هدية العارفين كناه بابي
عبداللّه((20)).
العقد الثمين في اثبات وصاية امير المؤمنين
القاضي المحدث
محمد بن علي بن محمد الشوكاني
(1173 1250ه)
(( تنبيه ))
كتب المؤلف شيخ الاسلام الشوكاني في ظاهر النسخة التي
بخطه من هذه الرسالة ما نصه:
((لم اذكر في هذه الرسالة الاحاديث التي في كتب اهل
البيت(ع)ولا التي في كتب الشيعة بل اقتصرت على ما في
كتب‏المحدثين لاقامة الحجة على الخصم بما هو صحيح عنده
فليعلم ذلك)) انتهى بلفظه وحروفه.
وكتب هذا محمد بن محمد بن يحيى زبارة الحسني الصنعاني
غفر اللّه له وللمؤمنين آمين.
مقدمة المؤلف
وبه الاعانة.
احمدك لا احصي ثناء عليك، انت كما اثنيت على نفسك.
واصلي واسلم على رسولك وآله الاكرمين.
وبعد: فانه سالني بعض آل الرسول (ص) الجامعين بين فضيلة
العلم والشرف من سكان المدينة المعمورة بالعلوم مدينة
زبيدعن انكار عائشة ام المؤمنين زوجة النبي (ص) لصدور
الوصية من رسول اللّه (ص)، لما ذكروا عندها ان امير المؤمنين
عليا(ع) كان وصيا لرسول اللّه (ص)، وهذا ثابت من قولها في
الصحيحين والنسائي عن طريق الاسود بن يزيد بلفظ: متى
اوصى‏اليه؟ وقد كنت مسندته الى صدري، فدعا بالطست، فلقد
انخنث في حجري وما شعرت انه مات، فمتى اوصى
اليه((21))؟وفي رواية‏عنها انها انكرت الوصية مطلقا((22))
ولم تقيد بكونها الى علي (ع)، فقالت: ومتى اوصى وقد مات
بين سحري‏ونحري؟
ولنقدم قبل الشروع في الجواب مقدمة ينتفع بها السائل،
فنقول:
ينبغي ان يعلم اولا: ان قول الصحابي ليس بحجة، وان المثبت
اولى من النافي، وان من علم حجة على من لم يعلم،
وان‏الموقوف لا يعارض المرفوع على فرض حجيته. وهذه
الامور قد قررت في الاصول، ونيطت بادلة تقصر عن نقضها
ايدي‏الفحول، وان تبالغت في الطول.
ويعلم ثانيا: ان ام المؤمنين رضي اللّه عنها كانت تسارع الى رد
ما خالف اجتهادها، وتبالغ في الانكار على راويه كما يقع
مثل‏ذلك لكثير من المجتهدين.
وتتمسك تارة بعموم لا يعارض ذلك المروي كتغليطها لعمر
لما روى مخاطبته (ص) لاهل قليب بدر وقوله عند
ذلك:يارسول اللّه انما تخاطب امواتا. فقال له: ((ما انتم باسمع
منهم)). فردت هذه الرواية عائشة بعد موت عمر وتمسكت
بقوله‏تعالى(وما انت بمسمع من في القبور)((23))     ((24))،
وهذا التمسك غير صالح لرد هذه الرواية من مثل
هذاالصحابي.وغاية ما فيه بعد تسليم صدقه على اهل القليب انه
عام، وحديث اسماعهم خاص، والخاص مقدم على العام،
وتخصيص‏عمومات القرآن بما صح من آحاد السنة هو مذهب
الجمهور.
وتارة تتمسك بما تحفظه كقولها لما بلغها رواية عمر رضي اللّه
عنه عن رسول اللّه (ص) بلفظ ((ان الميت ليعذب ببكاء
اهله))فقالت: يرحم اللّه عمر ما حدث رسول اللّه (ص) ان الميت
ليعذب ببكاء اهله، ولكن قال: ((ان اللّه ليزيد الكافر عذابا ببكاء
اهله‏عليه)) ثم قالت: حسبكم القرآن (ولا تزر وازرة وزر
اخرى)((25)). اخرجه الشيخان والنسائي.
وفي رواية: انه ذكر لها ان ابن عمر يقول: ان الميت ليعذب
ببكاء الحي((27)) فقالت: يغفر اللّه لابي عبدالرحمن اما انه
لم‏يكذب، ولكنه نسي او اخطا، انما مر رسول اللّه (ص) على
يهودية يبكى((28)) عليها، فقال: انهم ليبكون عليها، وانها
لتعذب‏في قبرها))((29)) اخرجها الشيخان ومالك والترمذي
والنسائي.
وقد ثبت هذا الصحيح في صحيح البخاري وغيره من طريق
المغيرة بلفظ ((من ينح عليه يعذب ما نيح عليه))((30))
فهذاالحديث قد ثبت عن رسول اللّه (ص) من طريق ثلاثة من
الصحابة.
ثم ان عائشة ردت ذلك متمسكة بما تحفظه، وبعموم القرآن.
وانت تعلم ان الزيادة مقبولة بالاجماع ان وقعت غير
منافية،والزيادة‏ها هنا في رواية عمر وابنه والمغيرة، لانها
متناولة بعمومها للميت من المسلمين،ولم تجعل عائشة
روايتها مخصصة‏للعموم او مقيدة للاطلاق حتى يكون قولها
مقبولا من وجه، بل صرحت بخطا الراوي او نسيانه وجزمت بان
رسول اللّه (ص)لم يقل ذلك. واما تمسكها بقول اللّه تعالى (ولا
تزر وازرة وزر اءخرى) فهو لا يعارض الحديث لانه عام
والحديث‏خاص.
ولهذه الواقعات نظائر بينها وبين جماعة من الصحابة كابي
سعيد وابن عباس وغيرهما. ومن جملتها الواقعة المسؤول
عنها،اعني انكارها الوصية منه (ص) الى علي (ع). وقد وافقها
في عدم وقوع مطلقها منه (ص)، غير معتد بكونها الى علي
(ع)، ابن‏ابي اوفى((31)) ، فاخرج عنه البخاري ومسلم
والترمذي والنسائي من طريق طلحة بن مصرف، قال: سالت
ابن ابي اوفى: هل‏اوصى رسول اللّه (ص)؟ قال: لا. قلت: فكيف
كتب على الناس الوصية وامر بها ولم يوص؟ قال: اوصى بكتاب
اللّهتعالى((32)). وانت تعلم ان قوله: اوصى بكتاب اللّه تعالى لا
يتم معه قوله: لا، في اول الحديث، لان صدق اسم الوصية لا
يعتبرفيه ان يكون بامور متعددة حتى يمتنع صدقه على الامر
الواحد لا لغة ولا شرعا ولا عرفا، للقطع بان من اوصى بامر
واحديقال له موص لغة وشرعا وعرفا.فلابد من تاويل قوله: لا،
والا لم يصح قوله: اوصى بكتاب اللّه تعالى، وقد تاوله بعضهم
بانه‏اراد انه لم يوص بالثلث كما فعله غيره وهو تاويل حسن
لسلامة كلامه معه من التناقض.
اذا عرفت هذه المقدمة فالجواب عن اصل السؤال ينحصر في
بحثين:
البحث الاول:في اثبات مطلق الوصية منه (ص).
والبحث الثاني: في اثبات مقيدها اعني كونها الى علي (ع).
البحث الاول
اما البحث الاول: فاخرج مسلم من حديث ابن عباس ان رسول
اللّه اوصى بثلاث: ان يجيزوا الوفد بنحو ما كان‏يجيزهم((33)).
الحديث.
وفي حديث انس عند النسائي((34)) واحمد((35)) وابن
سعد((36))واللفظله: كانت عامة((37)) وصية رسول اللّه
(ص) حين‏حضره الموت ((الصلاة وما ملكت ايمانكم)) وله
شاهد من حديث علي عند ابي داود((38))، وابن ماجة((39))،
«وآخر من‏رواية نعيم بن يزيد عن علي‏»((40))ادوا الزكاة بعد
الصلاة)) واخرجه احمد((41)).
واخرج سيف بن عمر في الفتوح من طريق ابن ابي مليكة عن
عائشة: ان النبي (ص) حذر من الفتن في مرض موته وامر
بلزوم‏الجماعة والطاعة((42)).
واخرج الواقدي من مرسل العلاء بن عبدالرحمن انه (ص)
اوصى فاطمة « فقال: » ((قولي اذا مت انا للّه وانا
اليه‏راجعون))((43)).
واخرج الطبراني في الاوسط((44)) من حديث عبدالرحمن بن
عوف: قالوا: يارسول اللّه اوصنا يعني في‏مرض موته ، قال:
((اوصيكم بالسابقين الاولين من المهاجرين وابنائهم من
بعدهم)).
وقال «الطبراني‏»: لا يروى‏«هذا الحديث‏»((45)) عن
عبدالرحمن الا بهذا الاسناد.
تفرد به عتيق بن يعقوب((46)). «انتهى‏»((47)).
وفيه من لا يعرف حاله((48)).
وفي سنن ابن ماجة من حديث علي قال: قال رسول اللّه (ص):
((اذاانا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري، بئرغرس))((49))
وكانت بقباء.
وفي مسند البزار ومستدرك الحاكم بسند ضعيف انه (ص)
اوصى ان يصلى عليه ارسالا بغير امام((50)).
واخرج احمد وابن سعد ان رسول اللّه (ص) سال عائشة عن
الذهيبة في مرض موته فقال: ((ما فعلت الذهيبة))؟قالت: هي
عندي، قال: ((انفقيها))((51)) واخرج ابن سعد من وجه آخر:
انه (ص) قال: ((ابعثي بها الى‏علي‏ليتصدق بها))((52)).
وفي المغازي لابن اسحاق قال: لم يوص رسول اللّه (ص) عند
موته الابثلاث لكل من الداريين والرهاويين‏والاشعريين بخادم
ومئة وسق من خيبر، وان لا يترك في جزيرة العرب دينان، وان
ينفذ بعث اسامة((53)).
وقد سبق حديث ابن ابي اوفى انه (ص) اوصى بالقرآن، وثبت
في الامهات((54)) وغيرها انه (ص) قال:((استوصوا بالانصار
خيرا. استوصوا بالنساء خيرا. اخرجوا اليهود من جزيرة العرب))
ونحو هذه الامور التي‏كل واحد منها لو انفرد لم يصح ان يقال
ان رسول اللّه (ص) لم يوص، وثبت في الصحيح من حديث
ابي‏موسى: اوصاني خليلي بثلاث((55)).
ولعل من انكر ذلك اراد انه (ص) لم يوص على الوجه الذي يقع
من غيره من تحرير امور في مكتوب، كماارشد الى ذلك بقوله:
((ما حق امرئ مسلم له شي‏ء يريد ان يوصي فيه يبيت ليلتين
الا ووصيته مكتوبة‏عنده))((56))اخرجه البخاري ومسلم من
حديث ابن عمر. ولم يلتفت الى ان رسول اللّه (ص) قد نجز
اموره قبل‏دنو الموت.
وكيف يظن برسول اللّه (ص) ان يترك الحالة الفضلى؟ اعني
تقديم التنجيز قبل هجوم الموت وبلوغهاالحلقوم وقد ارشد الى
ذلك وكرر وحذر، وهو اجدر الناس بالاخذ بما ندب اليه.
وبرهان ذلك ان رسول اللّه(ص) قد كان سبل ارضه، ذكره
النووي((57)) . واما السلاح والبغلة والاثاث وسائر المنقولات
فقد اخبر بانهاصدقة كما ثبت عنه في الصحيح((58))، وقال
في الذهيبة التي لم يترك سواها ما قال كما سلف. اذا عرفت
هذا،علمت انه لم يبق من امور رسول اللّه (ص) عند موته ما
يفتقر الى مكتوب.
نعم، قد اراد (ص) ان يكتب لامته مكتوبا عند موته يكون عصمة
لها عن الضلالة وجنة تدرا عنها ما تسبب‏من المصائب الناشبة
عن اختلاف الاقوال، فلم يجب الى ذلك وحيل بينه وبين ما
هنالك، ولهذا قال الحبرابن عباس: الرزية كل الرزية ما حال
بين رسول اللّه (ص) وبين كتابه، كما ثبت ذلك عنه في
صحيح‏البخاري((59)) وغيره((60)).
فان قلت: لا شك ان في هذه الادلة التي سقتها كفاية، وان
المطلوب يثبت بدون هذا، وان عدم علم عائشة‏بالوصية لا
يستلزم عدمها، ونفيها لا ينافي الوقوع، وغاية ما في كلامها
الاخبار بعدم علمها، وقد علم غيرها،ومن علم حجة على من لم
يعلم، او نفي الوصية حال الموت لا يلزم من نفيها في الوقت
الخاص نفيها في كل‏وقت. الا ان ثمة اشكالا وهو ما ثبت انه
(ص) مات وعليه دين ليهودي آصع من شعير((61))، فكيف لم
يوص‏به كما اوصى بسائر تركته؟
قلت: قد كان (ص) رهن عند اليهودي في تلك الاصع درعه،
والرهن حجة لليهودي كافية في ثبوت الدين،وقبول قوله لا
يحتاج معه الى الوصية كما قال اللّه تعالى في آية الدين (ولم
تجدوا كاتبا فرهان‏مقبوضة)((62))على ان علم ذلك لم يكن
مختصا به (ص) بل قد شاركه فيه بعض الصحابة، ولهذا اخبرت
به‏عائشة، وليس المطلوب من الوصية للشارع الا التعريف بما
على الميت من حقوق اللّه وحقوق الادميين وقدحصل هاهنا.
البحث الثاني
واما البحث الثاني: فاخرج احمد بن حنبل عن انس: ان النبي
(ص) قال: ((وصيي ووارثي ومنجز موعدي‏علي بن ابي
طالب)).
واخرج احمد من حديثه، قال: قلنا لسلمان: سل رسول اللّه
(ص)من وصيه؟ قال سلمان: يارسول اللّه من‏وصيك؟ قال: ((يا
سلمان من كان وصي موسى؟)) قال: يوشع بن نون. قال: ((فان
وصيي ووارثي ويقضي ديني‏وينجز موعدي علي بن ابي
طالب))((63)).
واخرج الحافظ ابو القاسم البغوي في معجم الصحابة عن بريدة،
قال: قال رسول اللّه (ص): ((لكل نبي وصي‏ووارث وان عليا
وصيي ووارثي))((64)).
واخرج ابن جرير عن علي (ع) قال: قال رسول اللّه (ص):
((يابني عبدالمطلب اني قد جئتكم بخيري الدنياوالاخرة، وقد
امرني اللّه ان ادعوكم اليه، فايكم يؤازرني على هذا الامر على ان
يكون اخي ووصيي وخليفتي‏فيكم؟)).
قال: فاحجم القوم عنها جميعا، وقلت: انا يا نبي اللّه اكون
وزيرك. فاخذ برقبتي ثم قال: ((هذا اخي ووصيي‏وخليفتي
فيكم فاسمعوا له‏واطيعوا))((65)).
واخرج محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في مناقبه من حديث
ذكره متصلا برسول اللّه (ص)، وفيه في‏وصف علي (ع): ((ووعاء
علمي ووصيي))((66)).
واخرج ايضا عن علي (ع) انه قال: امرني رسول اللّه (ص) بقتال
ثلاثة الناكثين والقاسطين والمارقين. واخرج‏ايضا عن جابر: ان
رسول اللّه (ص) قال لعلي بن ابي طالب: ((سلام عليك يا ابا
ريحانتي اوصيك بريحانتي‏خيرا)).
قال: هذا حديث حسن من حديث جعفر بن محمد((67)).
واخرج الطبراني عن عمار عنه (ص): ((الا ارضيك يا علي؟ انت
اخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي‏وتبرئ
ذمتي))((68)) الحديث بطوله. واخرج نحوه ابو يعلى.
واخرج البزار عن انس مرفوعا: ((علي يقضي ديني))((69))،
وروي‏بكسر الدال.
واخرج ابن مردويه والديلمي عن سلمان الفارسي مرفوعا:
((علي ابن ابي طالب ينجز عداتي ويقضي‏ديني))((70)).
واخرج الديلمي عن انس مرفوعا: ((علي انت تبين للناس ما
اختلفوا فيه من بعدي))((71)).
واخرج ابو نعيم في الحلية والكنجي في المناقب من حديث
طويل وفيه: وقائد الغر المحجلين وخاتم‏الوصيين((72)).
واخرج العلامة ابراهيم بن محمد الصنعاني في كتابه اشراق
الاصباح عن محمد بن علي الباقر، عن آبائه،عنه (ص) من
حديث طويل، وفيه: ((وهو يعني عليا وصيي ووليي)). قال
المحب الطبري((73)) بعد ان ذكرحديث الوصية الى علي
(ع): والوصية محمولة على ما رواه انس من قوله (ص):
((وصيي ووارثي، يقضي‏ديني وينجز موعدي علي بن ابي
طالب)). او على ما اخرجه ابن السراج من قوله (ص): ((يا علي
اوصيك‏بالعرب خيرا))((74)). او على ما رواه حسين بن علي
(ع) عن ابيه عن جده،قال: اوصى رسول اللّه (ص) عليا
ان‏يغسله. فقال: يارسول اللّه اخشى ان لا اطيق. قال: ((انك
ستعان عليه((75)))) انتهى.
والحامل له على هذا الحمل حديث عائشة السابق. والواجب
علينا الايمان بان عليا (ع) وصي رسول اللّه(ص)، ولا يلزمنا
التعرض للتفاصيل الموصى بها، فقد ثبت((76)) انه امره بقتال
الناكثين والقاسطين‏والمارقين، وعين له علاماتهم، واودعه
جملا من العلوم، وامره بامور خاصة كما سلف، فجعل الموصى
بهافردا منها ليس من داب المنصفين.
واورد بعضهم على القائلين بان عليا (ع) وصي رسول اللّه
سؤالا، فقال:
ان كانت الوصاية اخباره بما لم يخبر به غيره من الملاحم
ونحوها فقد شاركه في ذلك حذيفة((77))، فانه‏خصه رسول
اللّه (ص) بمعرفة المنافقين واختصه بعلم الفتن. وان حملت
على الوصاية بالعرب كما ذكرالطبري((78)) فقد اوصى
(ص) المهاجرين بالانصار واوصى اصحابه باصحابه. وانت تعلم
انا لم نقصرالوصية بالعرب، ولم نتعرض للتفصيل((79)) بل
قال رسول اللّه (ص): انه وصيه، فقلنا: انه وصيه، فلا يرد
عليناشي‏ء من ذلك.
تنبيه
اعلم ان جماعة من المبغضين للشيعة عدوا قولهم: ان عليا (ع)
وصي لرسول اللّه من خرافاتهم، وهذا افراط‏وتعنت ياباه
الانصاف، وكيف يكون الامر كذلك وقد قال بذلك جماعة من
الصحابة، كما ثبت في‏الصحيحين ان جماعة ذكروا عند عائشة
ان عليا وصي، وكما في غيرهما، واشتهر الخلاف بينهم في
المسالة‏وسارت به الركبان، ولعلهم تلقنوا قول عائشة في اوائل
الطلب، وكبر في صدورهم حتى ظنوه مكتوبا في‏اللوح
المحفوظ، وسدوا آذانهم عن سماع ما عداه، وجعلوه كالدليل
القاطع.
وهكذا فليكن الاعتساف والتنكب عن مسالك الانصاف، وليس
هذا بغريب بين ارباب المذاهب، فان كل‏طائفة في الغالب لا
تقيم لصاحبتها وزنا، ولا تفتح لدليلها وان كان في اعلى رتبة
الصحة اذنا، الا من عصم اللّهوقليل ما هم.
وقد اكتفينا بايراد هذا المقدار من الادلة الدالة على المراد، وان
كان المقام محتملا للاكثار لكثرة الاثاروالاخبار، فمن رام
الاستيفاء فليراجع الكتب المصنفة في مناقب علي (ع)((80).
حرره المجيب غفر اللّه له محمد بن علي الشوكاني ختم اللّه له
ولوالديه بالحسنى في اليوم التاسع والعشرين‏من شهر شعبان
1205. ولا حول ولا قوة الا باللّه العلي العظيم.
نبذة يسيرة من ترجمة المؤلف ،
«بقلم: محمد بن محمد زبارة الصنعاني‏»
هو القاضي الحافظ الضابط المحدث شيخ الاسلام محمد بن
علي ابن محمد بن عبداللّه الشوكاني الخولاني‏ثم الصنعاني،
مولده بقرية شوكان من خولان العالية في ذي القعدة الحرام
سنة (1173) ثلاث وسبعين ومئة‏والف هجرية. نشا بصنعاء
اليمن فاخذ بها عن والده وعن السيد عبدالرحمن بن قاسم
المداني، والفقيه احمدبن عامر الحدائي الصنعاني، والقاضي
احمد بن محمد الحرازي الصنعاني، والسيد اسماعيل بن حسن
ابن‏المهدي، والفقيه عبداللّه بن اسماعيل النهمي، والقاسم بن
يحيى الخولاني، والحسن بن اسماعيل المغربي،وعلي بن
هادي عرهب، وهادي ابن حسين القارني، وعبدالرحمن بن
حسن الاكوع، والسيد عبدالقادر بن‏احمد، والسيد علي بن
ابراهيم عامر، والسيد يحيى بن محمد الحوثي الصنعاني
وغيرهم. وبرع في جميع‏المعارض، وتبحر في علوم الحديث،
ونظم الشعر الحسن، وتولى القضاء العام بمدينة صنعاء،
وصنف‏المصنفات العديدة. فمن اجلها:
كتاب فتح القدير، الجامع لفني الدراية والرواية من التفسير،
في اربع مجلدات ضخمة. ونيل الاوطار شرح‏منتقى الاخبار،
المطبوع مرارابالقاهرة في ثمان مجلدات. وقد تعقبه تلميذه
القاضي الحافظ الحسين بن‏احمد الرباعي الزيدي الصنعاني
المتوفى سنة (1276) بمؤلف سماه فتح الغفار بجمع احكام
سنة المختار،استوعب فيه ما في المنتقى ونيل الاوطار، وزاد
على ذلك زوائد وفوائد شوارد مفيدة. ومن مؤلفات
صاحب‏الترجمة كتاب در السحابة في فضائل القرابة والصحابة،
في مجلد. وتحفة الذاكرين شرح عدة الحصن‏الحصين. والرسالة
المكملة في ادلة البسملة، والفتح الرباني في فتاوي الشوكاني
وغير ذلك من رسائله‏ومؤلفاته العديدة، وقد ذكر معظمها في
كتابه البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع. وترجمه
تلميذه‏الشجني الذماري في التقصار ترجمة بسيطة جدا،
وترجمه تلميذه جحاف الصنعاني في تواريخه، والسيدابراهيم
الحوثي في النفحات، وترجمه ايضا تلميذه الحسن بن احمد
عاكش الضمدي التهامي الشافعي في‏كتابه حدائق الزهر فقال
في اثناء ذلك:
وعندي ان زمانه في ظهور رونق العلم، والعناية بالكتاب
والسنة في اليمن كزمان الحافظ ابن حجر بالديارالمصرية. وله
كتاب السيل الجرار، المتدفق على حدائق الازهار، تكلم فيه
على عيون من المسائل، وصحح ماهو مقيد بالدلائل، وزيف ما
لم يكن عليه دليل، وخشن العبارة في الرد والتعليل، فيما بني
على قياس اومناسبة او تخريج او اجتهاد.
وطريق الانصاف ان الخطب يسير، لان الخلاف في المسائل
العلمية الظنية سهل لان مطارح الانظاروالاجتهاد يدخلها،
وقد جردت مسائل السيل الجرار في مؤلف مختصر واف
بالمقصود من غير تعرض‏لمايقع به بسط الالسن وسميت ذلك
نزهة الابصار من السيل الجرار الخ.
واختصر السيل الجرار ايضا اختصارا نافعا مفيدا جامعا لكل
المرغوب فيه الحافظ العمراني الصنعاني‏وغيره.
ومن شعر الشوكاني (رحمه‏اللّه)قوله:
فكرت في علمي وفي اعمالي
ونظرت في قولي وفي افعالي
فوجدت ما اخشاه منها فوق ما
ارجو فطاحت عند ذا آمالي
ورجعت نحو الرحمة العظمى الى
ما ارتجي من فضل ذي الافضال
فغدا الرجا والخوف يعتلجان في
صدري وهذا منتهى احوالي
ومات حاكما بصنعاء اليمن في جمادى الاخرة سنة (1250) عن
ست وسبعين سنة وسبعة اشهر من مولده‏رحمه اللّه تعالى.
لخص هذه الترجمة بالقاهرة محمد بن محمد بن يحيى زبارة
الحسني الصنعاني غفر اللّه تعالى له ولوالديه‏وللمؤمنين، آمين.
ملحق الوصية في شعر الصحابة والتابعين
وبعد، فهذا ملحق وجيز في ما قاله الصحابة والتابعون فحسب،
من الشعر في ان الامام عليا (ع) هو وصي‏رسول اللّه، وخليفته
من بعده على امته. وقد اطلعت وقرات قبل هذا من
الاحاديث الصحيحة التي عرضهاالشوكاني، واثبت بها الوصاية
لابي الحسن علي بن ابي طالب (ع). وستقرا في هذا الملحق
من شعر العرب‏الاوائل، شهود ذلك العصر.. نصوصا صريحة في
موضوع الوصية، ومعنى الولاية والاستخلاف، وبهذا تكون‏خلافة
الامام علي (ع) للنبي (ص) ثابتة بنص السنة النبوية الشريفة،
وشواهد الادب العربي، بلا ادنى شك،ولا ريب.
ولو تتبعنا الشعراء الى ازمنة متاخرة، لالفيت ملحقنا هذا مجلدا
ضخما يزخر بمئات بل بلاف الابيات،لكنني اقتصرت فيه على
الصحابة والتابعين، لما لهاتين الطبقتين من مميزات
وخصائص في اسناد وثبوت‏الخبر او الواقعة التاريخية، فالشاعر
الصحابي لما سمع بنفسه نص الوصية من النبي (ص) مباشرة
في مواطن‏عديدة، او نقل اليه الحادث والحديث وهو بعد
معاصره، ورسول اللّه (ص) عنه غير بعيد. ثم ان الوصية
كانت‏على ما يبدو حديث المجالس والناس كما ذكر
المبرد((81)) (ت‏286ه / 899م)،فمن الطبيعي ان تاتي
الوصية‏بعد ذلك على لسانه نظما. وقول الصحابي حجة عند
البعض، فنلزمه بما الزم به نفسه. وان كنا نقبله بتوافرشروطه
مع التحفظ.
واما التابعون، فانهم ليسوا بعيدين عن عصر النبي (ص)، فما
زال العهد النبوي غضا طريا، يتجلى امامهم في‏وجوه الصحابة،
وفي اهل البيت (ع) وفي ازواجه (ص)، بل ما زالت طرقات
المدينة المنورة، ومكة المكرمة‏التي كان الرسول (ص) يمر بها،
والمساجد التي يصلي فيها، والمحاريب التي يتعبد بها.. وما
زالت بدر،وخيبر، وغدير خم.. وغيرها من المواطن شاخصة
تردد صوت الرحمة والهداية الالهية، وتعيد ذكريات‏السنين
القلائل التي خلت، والنبى (ص) يؤاخي، ويوالي، ويستوزر،
ويوصي، ويرفع بضبعي ابن عمه علي‏بن ابي طالب (ع). اضف
الى ذلك ان التابعي ياخذ عن رسول اللّه (ص) بواسطة واحدة،
وهذه خصيصة‏تجعل اسناده عاليا معتبرا فيما لو تحققت
شروطه.
واخيرا فقد كانت حصيلة توفري على الملحق ان استطعت
استقصاء ثلاثة واربعين نصا، لاثنين وثلاثين‏شاعرا او قائلا. ولعل
الطرف غفل عن آخرين، فان حصل هذا فانه يستوجب مني
اعتذارا، ومن القارئ انباهامشكورا، كي نتعقب الامر بالتلافي
فيما يلي من طبعات.
ولاتمام الفائدة في هذا المجال اوجه القارئ الى مراجعة كتاب
(مصادر نهج البلاغة واسانيده) في اربعة‏مجلدات للخطيب
السيد عبدالزهراء الحسيني(رحمه‏اللّه): 1/121 151 الطبعة
الثالثة لدار الاضواء بيروت‏1405ه / 1985م، ففيه المزيد من
شعر الوصية.
الهمزة
1- عبيداللّه بن قيس الرقيات (ت 85 ه):
شاعر قريش، يعتبر من التابعين، كان يقيم في المدينة المنورة،
خرج مع مصعب بن الزبير، وانصرف الى‏الكوفة فسكنها بعد
مقتله، رحل الى الشام فلجا الى عبداللّه بن جعفر بن ابي طالب،
وبقي فيها الى ان توفي،اكثر شعره في الغزل، وله في اغراض
المديح والفخر ابيات ذكرت له، منها ما انشده فيما نحن
بصدده من ذكرالوصية في شعر الصحابة والتابعين قوله:
نحن منا النبي احمد والصد
يق منا التقي والحكماء
علي وجعفر ذو الجناحين
هناك الوصي والشهداء
مصادر الترجمة: الاغاني: 5/80، خزانة الادب للبغدادي:
3/267، الاعلام: 4/196.
مصدر الابيات: الكامل في اللغة والادب للمبرد: 2/170.
الالف
2- خزيمة بن ثابت بن الفاكه، ابو عمارة الانصاري الخطمي ذو
الشهادتين (ت 37 ه):
صحابي جليل، بل من كبارهم، من اشراف الاوس في الجاهلية
والاسلام، ومن شجعانهم. سكن المدينة.شهد اءحدا وما بعدها.
وفي شهوده بدرا اختلاف. كان يحمل راية بني خطمة يوم فتح
مكة.
سماه رسول اللّه (ص) ذا الشهادتين، وقال: ((من شهد له
خزيمة او شهد عليه فحسبه)).
وكان خزيمة قد شهد لرسول اللّه (ص) على سواء بن قيس
اليهودي بقضاء دين، ولم يكن يعلم به، فصير النبي(ص)
شهادته بشهادة رجلين. شارك مع امير المؤمنين علي بن ابي
طالب (ع) في حربي الجمل وصفين،واستشهد في الاخيرة.
قال في ذكر تصدق علي بن ابي طالب (ع) بخاتمه، ونزول
سورة هل اتى في حقه مع اهل بيته فاطمة‏وابناهما(ع):
فديت عليا امام الورى
سراج البرية ماوى التقى
وصي الرسول وزوج البتول
امام البرية شمس الضحى
تصدق خاتمه راكعا
فاحسن بفعل امام الورى
ففضله اللّه رب العباد
وانزل في شانه هل اتى
مصادر الترجمة: اءسد الغابة: 2/133 رقم 1446، الاصابة: 1/425
رقم 2251، سير اعلام النبلاء: 2/485 رقم‏100، الوافي بالوفيات:
13/310 وفي هامشه جملة كبيرة من مصادر ترجمته، الاعلام:
2/305.
مصدر الابيات: اخبار شعراء الشيعة للمرزباني: ص‏42، مناقب
آل ابي طالب لابن شهراشوب: 3/9 10 طبعة‏دار الاضواء
المحققة، اعيان الشيعة: 6/319 نقلا عن المناقب.
3 زياد بن لبيد بن ثعلبة، ابو عبداللّه الانصاري الخزرجي
البياضي (ت 41 ه):