[161]
صوت المغني والباكي والقاري .
وقال في النهاية : الصحل - بالتحريك - : كالبحة ومنه " فإذا أنا بهاتف
يهتف بصوت صحل " ومنه : " أنه كان يرفع صوته بالتلبية حتى يصحل " أي
يبح .
ثم في تلك الرواية : " الله من وراء هذا الامة لو أراد أن يعهد فيك ، بله
أن قد نهاك عن الفرطة في البلاد " .
قال الجوهري : بله كلمة مبنية على الفتح
مثل كيف ، ومعناها : دع ، ويقال معناها .
سوى .
وقال الفيروزآبادي : بله ككيف اسم له كدع ، ومصدر بمعنى الترك ،
واسم مرادف لكيف وما بعدها منصوب على الاول مخفوض على الثاني مرفوع
على الثالث وفتحها بناء على الاول والثالث اعراب على الثاني .
والفراطة بالضم
أيضا بمعنى التقدم .
ثم فيها : " ما كنت قائلة لو [ إن " خ ظ " ] كان رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودا من منهل إلى منهل إن بعين الله
مثواك وعلى رسول الله تعرضين ، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن
ألقى محمدا هاتكة حجابا جعله الله علي فاجعليه سترك ، وقاعة البيت قبرك
حتى تلقينه وهو عنك راض " .
قولها : " وما أنا بمغتمزة بعد التغريد " لعل المعنى أني بعدما أعلنت
العداوة وعلم الناس بخروجي لا أرجع إلى إخفاء الامر والاشارة بالعين
والحاجب .
ويمكن أن يقرأ " بمغتمزة " على بناء المفعول أي لا يطعن علي أحد بعد
تغريدي ورفعي الصوت بأمري قال الجوهري : فعلت شيئا فاغتمزه فلان أي
طعن علي ووجد بذلك مغمزا .
وقال الغرد - بالتحريك - : التطريب في الصوت والغناء والتغريد مثله .
[162]
128 - ختص : محمد بن علي بن شاذان عن أحمد بن يحيى النحوي أبي
العباس ثعلب عن أحمد بن سهل عن يحيى بن محمد بن إسحاق بن موسى عن
أحمد بن قتيبة عن عبد الحكم القتيبي عن أبي كبسة ويزيد بن رومان قالا :
لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت أم سلمة رضي الله عنها
وكانت بمكة فقالت : يا ابنة أبي أمية كنت كبيرة أمهات المؤمنين وكان رسول
الله ( صلى الله عليه ) يقمؤ في بيتك وكان يقسم لنا في بيتك وكان ينزل الوحي في بيتك .
قالت لها : يا بنت أبي بكر لقد زرتيني وما كنت زوارة ولامر ما تقولين
هذه المقالة قالت : إن بني وابن أخي ( 1 ) أخبراني أن الرجل قتل مظلوما وأن
بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون فهل لك أن أخرج أنا وأنت لعل الله أن
يصلح بين فئتين متشاجرتين .
فقالت : يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين ؟ فلقد كنت أشد الناس عليه
وإن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد بايعه المهاجرون
والانصار إنك سدة بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبين أمته وحجابه
مضروبة على حرمه وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه وسكنى عقيراك فلا
تضحي [ فلا تفضحي " خ ل " ] بها ، الله من وراء هذه الامة قد علم رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) مكانك ولو أراد أن يعهد إليك فعل قد نهاك رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) عن الفراطة في البلاد إن عمود الاسلام لا ترأبه النساء
إن انثلم ولا يشعب بهن إن انصدع حماديات النساء غض بالاطراف وقصر
الوهادة وما كنت قائلة لو أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عرض لك
ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك وعلى
رسول الله تردين وقد وجهت سدافته وتركت عهيداه أقسم بالله لو سرت
مسيرك هذا ثم قيل لي : ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا ( صلى الله
___________________________________________________________
128 - رواه الشيخ المفيد رفع الله مقامه في أواسط كتاب الاختصاص ص 113 ،
ط النجف .
( 1 ) كذا في طبعة الكمباني من أصلي ، ولعل الصواب : " وابن أختي " ومرادها منه هو
" عبدالله بن الزبير " .
( * )
[163]
عليه وآله ) هاتكة حجابا قد ضربه علي اجعلي حصنك بيتك وقاعة الستر قبرك
حتى تلقيه وأنت على ذلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته وانصر ما تكونين
للدين ما جلست عنه .
ثم قالت : لو ذكرتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمسا في علي
صلوات الله عليه لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الخبب أتذكرين إذ
كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرع بين : نسائه إذا أراد سفرا فأقرع
بينهن فخرج سهمي وسهمك فبينا نحن معه وهو هابط من " قديد " ومعه علي
صلوات الله عليه ويحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك : رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) معه ابن عمه ولعل له إليه حاجة فعصيتني ورجعت باكية
فسألتك فقلت بأنك هجمت عليهما فقلت : يا علي إنما لي من رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) يوم من تسعة أيام وقد شغلته عني فأخبرتيني أنه قال لك
أتبغضينه فما يبغضه أحد من أهلي ولا من أمتي إلا خرج من الايمان أتذكرين
هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم .
ويوم أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سفرا وأنا أجش له جشيشا
فقال : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فرفعت
يدي من الجشيش وقلت : أعوذ بالله أن أكونه .
فقال : والله لابد لاحداكما أن
تكونه اتقى الله يا حميراء أن تكونيه .
أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم .
ويوم تبدلنا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلبست ثيابي ولبست ثيابك
فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فجلس إلى جنبك فقال : أتظنين يا حميراء
أني لا أعرفك ؟ أما إن لامتي منك يوما مرا - أو يوما أحمر ! ! - أتذكرين هذا يا
عائشة ؟ قالت : نعم .
ويوم كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجاء أبوك
وصاحبه يستأذنان فدخلنا الخدر فقالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر مقامك
فينا فعلو جعلت لنا إنسانا نأتيه بعدك .
قال : أما إني أعرف مكانه وأعلم موضعه
ولو أخبرتكم به لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن عيسى بن مريم فلما .
[164]
خرجا خرجت إليه أنا وأنت وكنت جريئة عليه فقلت من كنت جاعلا لهم ؟
فقال : خاصف النعل وكان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يصلح نعل
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا تخرفت ويغسل ثوبه إذا اتسخ فقلت : ما
أرى إلا عليا فقال : هو ذاك أتذكرين هذا يا عائشة قالت : نعم .
قالت ويوم جمعنا رسول الله في بيت ميمونة فقال : يا نسائي اتقين الله
ولا يسفر بكن أحد .
أتذكرين هذا يا عائشة قالت : نعم ما أقبلني لوعظك
وأسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج وإن أقعد ففي غير بأس .
فخرجت [ من عندها ] فخرج رسولها فنادى في الناس من أراد أن يخرج
[ فليخرج ] فإن أم المؤمنين غير خارجة فدخل عليها عبدالله بن الزبير فنفث في
أذنها وقلبها في الذروة فخرج رسولها تنادى من أراد أن يسير فليسر فإن أم
المؤمنين خارجة .
فلما كان من ندمها [ بعد انقضاء حرب الجمل ما كان ] أنشأت أم سلمة
تقول :
لو أن معتصما من زلة أحد * كانت لعائشة الرتبى على الناس
كم سنة [ من ] رسول الله تاركة * وتلو آري من القرآن مدراس
قد ينزع الله من ناس عقولهم * حتى يكون الذي يقضي على الناس
فيرحم الله أم المؤمنين لقد * كانت تبدل إيحاشا بإيناس
قال أبوالعباس ثعلب قوله : " يقمؤ في بيتك " يعني يأكل ويشرب .
" وقد
جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه " البذخ : النفخ والريا والكبر " سكنى عقيراك " :
مقامك وبذلك سمي العقار لانه أصل ثابت .
وعقر الدار : أصلها وعقر
المرأة : ثمن بضعها .
" تضحي بها " قال الله عزوجل : " إنك لا تظمؤ فيها
ولا تضحى " أي لا تبرز للشمس وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لرجل
محرم : " أضح لمن أحرمت له " أي أخرج إلى البراز والموضع الظاهر المنكشف
من الاغطية والستور .
" الفراطة في البلاد " : السعي والذهاب .
" لا ترأبه
النساء " : لا تضمه النساء .
[ و ] " حمادي النساء " : ما يحمد منهن .
" غض
[165]
بالاطراف " [ أي ] لا يبسطن أطرافهن في الكلام .
" قصر الوهادة " [ هي ] جمع
وهد ووهاد ، والوهاد : الموضع المنخفض .
" ناصة قلوصا " النص : السوق
بالعنف ومن ذلك الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه كان إذا
وجد فجوة نص أي أسرع ومن ذلك نص الحديث أي رفعه إلى أصله بسرعة .
" من منهل إلى آخر " المنهل : الذي يشرب منه المأء .
[ و ] " مهواك " : الموضع
الذي تهوين وتستقرين فيه قال الله عزوجل : " والنجم إذا هوى " أي نزل
" سدافته " من السدفة وهي شدة الظلمة .
قاعة الستر [ و ] قاعة الدار :
صحنها .
[ و ] السدة : الباب .
إيضاح : قال في النهاية فيه أنه ( عليه السلام ) كان يقمأ إلى منزل عائشة
كثيرا أي يدخل .
وقماءت بالمكان قمأ : دخلته وأقمت [ به ] كذا فسر في
الحديث قال الزمخشري : ومنه إقتمأ الشئ إذا جمعه .
وفي القاموس : قمأت الابل بالمكان : أقامت لخصبه فسمنت .
وتقمأ
المكان : وافقه فأقام به كقماء .
وبذخ - من باب تعب - : طال أو تكبر .
ولم أر في كتب الغة [ مجئ بذخ ]
بمعنى النفخ .
ولعله قراء على بناء الافعال واستعمل في هذا المعنى تجوزا أو كان
هذا هو أصل واستعمل في الكبر تجوزا ثم صار حقيقة فيه .
" والخبب " محركة ضرب من العدو .
[ و ] " القديد " كزبير اسم واد
وموضع .
[ قوله : ] " أجش له جشيشا " بالجيم والشين المعجمة قال الفيروز
ابادي : جشه : دقه وكسره ، والجشيش : السويق .
وحنطة تطحن جليلا فتجعل
في قدر ويلقى فيه لحم أو تمر فيبطخ .
والتبذل : ترك التنزين ولبس ثياب
المهنة .
والابتذال : ضد الصيانة ولعل المراد هنا جعلهما نفسهما عرضة للطفه
كأنهما خلقنا واتبذلتا كما ورد في خبر آخر في كيفية معاشرة الزوجين : " ولم تبذل
له تبذل الرجل " وكان [ لفظ المصدر ] المأخوذ منه يحتمل الدال المهملة أيضا
فالمراد الزينة وتغيير الثياب .
" أو يوما أحمر " أي يوما صعبا شديدا ويعبر عن الشدة بالحمرة يقال :
أحمر البأس أي اشتد إما لحمرة النار أو لحمرة الدم .
[166]
قوله ( صلى الله عليه وآله ) " ولا يسفر بكن أحد " قال الجوهري : سفرت
المرأة : كشفت عن وجهها فهي سافر .
ويقال : سفرت أسفر سفورا : خرجت
إلى السفر فأنا سافر انتهى .
والظاهر في الخبر المعنى الاخير وإن كان [ المعنى ] الاول أيضا محتملا .
قوله " في الذروة " أي كان هذا النفث حال كونه في ذروتها و " راكبا على
سنامها " كناية عن التسلط عليها ولعل فيه سقطا .
قال في النهاية : في حديث الزبير : " سأل عائشة الخروج إلى البصرة فأبت
عليه فما زال يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته " جعل فتل وبرذروة البعير
وغاربه مثلا لازالتها عن رأيها كما يفعل بالجمل النفور إذا أريد تأنيسه وإزالة
نفاره انتهى .
ولا يخفى تصحيف " الوهادة " وبعدما ذكره ثعلب في " السدافة " وإن
وردت في اللغة بهذا المعنى .
وقال ابن أبي الحديد : ( 1 ) قولها : " الله من وراء هذه الامة " أي محيط بهم
وحافظ لهم وعالم بأحوالهم كقوله تعالى : * ( والله من ورائهم محيط ) * .
وقال " إن بعين الله مهواك " أي إن الله يرى سيرك وحركتك .
والهوى :
الانحدار في السير من النجد إلى الغور " وعلى رسول الله تردين " أي تقدمين
في القيامة .
وقال : " وجهت سدافته " أي نظمتها بالخرز ، والوجيهة خرزة معروفة
وعادة العرب أن تنظم على المحمل خرزات إذا كان للنساء .
وقال : " وتركت عهيداه " لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لقولها
" عقيراك " .
___________________________________________________________
( 1 ) ذكره في شرحه على المختار : ( 79 ) من نهج البلاغة : ج 2 ص 412 طبع الحديث
ببيروت .
( * )
[167]
قولها : " وأنت على تلك " أي على تلك الحال .
قولها : " أطوع ما تكونين " أطوع مبتدأ " وإذا لزمته " خبر المبتدأ والضمير
في لزمته راجع إلى العهد والامر الذي أمرت به .
قولها : " لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة " أي لعضك ونهشك ما أذكره
لك وأذكرك به كما ينهشك أفعى رقشاء .
والرقش : في ظهرها هو النقط .
والافعى يوصف بالاطراق وكذلك الاسد والنمر والرجل الشجاع وكان معاوية
يقول في علي : الشجاع المطرق .
129 - أقول وروى أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه أن عائشة أتت أم
سلمة فقالت لها : أنت أقرب منزلة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في
نسائه وأول من هاجر معه وكان رسول الله يبعث إلى بيتك ما يتحف له ثم
يقسمه بيننا وأنت تعلمين ما نال عثمان من هذه الامة من الظلم والعدوان ولا
أنكر عليهم إلا أنهم استتابوه فلما تاب ورجع قتلوه وقد أخبرني عبدالله بن
عامر وكان عثمان على البصرة ( 1 ) أنه قد اجتمع بالبصرة مائة ألف من
الرجال يطلبون بثاره وأخاف الحرب بين المسلمين وسفك الدماء بغير حل
لعزمت على الخروج لاصلح بينهم فلو خرجت معنا لرجونا أن يصلح الله بنا
أمر هذه الامة .
فقالت أم سلمة : يا بنت أبي بكر أما كنت تحرضين الناس على قتله
وتقولين : اقتلو نعثلا فقد كفر ! ! وما أنت والطلب بثأره وهو رجل من بني
عبد مناف وأنت امرأة من تيم بن مرة ؟ بينك وبينه قرابة وما أنت والخروج
على علي بن أبي طالب أخي رسوله ( صلى الله عليه وآله ) وقد اتفق المهاجرون
والانصار على إمامته .
___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الصواب ، وفي الاصل الحاكي : " وكان عامل عثمان على مكة ... " .
( * )
[168]
ثم ذكرت طرفا من مناقبه وعدت نبذة من فضائله وقد كان عبدالله بن
الزبير واقفا على الباب يسمع كلامها فناداها : يا أم سلمة قد علمنا بغضك
لآل الزبير وما كنت محبة لنا ولا تحبينا أبدا .
فقالت أم سلمة : أتريد أن نخرج على خليفة رسول الله ومن علم
المهاجرون والانصار أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولاه أمر هذه الامة .
فقال : ما سمعنا ذلك من رسول الله فقالت : إن كنت لم تسمع فقد
سمعته خالتك هذه فاسألها تحدثك وقد سمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي
طالب : أنت خليفتي في حياتي وبعد موتي من عصاك فقد عصاني أهكذا يا
عائشة ؟ فقالت : نعم سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأشهد بها
فقالت أم سلمة : فاتقي الله يا عائشة واحذري ما سمعت من رسول الله وقد
قال لك : لا تكوني صاحبة كلاب الحوأب .
ولا يغرنك الزبير وطلحة فإنهما لا
يغنيان عنك من الله شيئا .
فقامت عائشة مغضبة فخرجت من بيتها .
130 - وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : روى هشام بن محمد الكليني
في كتاب الجمل أن أم سلمة كتبت إلى علي ( عليه السلام ) من مكة :
أما بعد فإن طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا
بعائشة إلى البصرة ومعهم عبدالله بن عامر بن كريز ويذكرون أن عثمان قتل
مظلوما وأنهم يطلبون بدمه والله كافيهم بحوله وقوته ولولا ما نهانا الله عنه من
الخروج وأمرنا به من لزوم البيت لم أدع الخروج إليك والنصرة لك ولكني
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 168 سطر 19 الى ص 176 سطر 18
باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة فاستوص به يا أمير المؤمنين
خيرا .
قال : فلما قدم عمر على علي ( عليه السلام ) أكرمه ولم يزل مقيما معه حتى
___________________________________________________________
130 - رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار : ( 79 ) من نهج البلاغة من شرحه : ج 2
ص 410 ط الحديث ببيروت .
( * )
[169]
شهد مشاهده كلها ووجهه علي ( عليه السلام ) أميرا على البحرين وقال لابن
عم له بلغني أن عمر يقول الشعر فابعث إلي [ شيئا ] من شعره .
فبعث إليه
بأبيات له أولها :
جزتك أمير المؤمنين قرابة * رفعت بها ذكري جزاء موفرا
فعجب علي ( عليه السلام ) من شعره واستحسنه .
قال : وقال أبومخنف : جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج
للطلب بدم عثمان فقالت لها : يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت كبيرة أمهات المؤمنين وكان رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) يقسم لنا من بيتك وكان جبرئيل أكثر ما يكون في
منزلك .
فقالت أم سلمة : لامر ما قلت هذه المقالة .
فقالت عائشة : إن عبدالله
أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام وقد
عزمت الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن
يصلح هذا الامر على أيدينا وبنا ! ! ! فقالت أم سلمة : إنك كنت بالامس
تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان امسه عندك إلا نعثلا
وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
أفأذكرك ؟ قالت : نعم .
قالت : أتذكرين يوم أقبل [ النبي ] عليه السلام ونحن معه حتى إذا هبط
من " قديد " ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال فأردت أن تهجمي عليهما
فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما فما لبثت أن رجعت باكية فقلت : ما شأنك ؟
فقلت : إني هجمت عليهما وهما تتناجيا فقلت لعلي : ليس لي من رسول الله
إلى يوم من تسعة أيام فما تدعني يا ابن أي طالب ويومي ؟ فأقبل رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) علي وهو غضبان محمر الوجه فقال : ارجعي وراءك والله
لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من
الايمان فرجعت نادمة ساقطة فقالت : عائشة نعم أذكر ذلك .
[170]
قالت : وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع رأسه وقال :
" ليست شعري أيتكن صاحبه الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة
عن الصراط " فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ بالله ورسوله من ذلك ثم
ضرب على ظهرك وقال : إياك أن تكونيها .
ثم قال : يا بنت أبي أمية إياك أن
تكونيها [ ثم قال ] " يا حميراء أما إني فقد أنذرتك " قالت عائشة : نعم أذكر
هذا .
قالت وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في
سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله فيخصفهما ويتعاهد أثبواه فيغسلها
فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر
فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا فحادثاه فيما أرادا ثم قالا : يا رسول
الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا
بعدك مفزعا فقال لهما : أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما
تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) قلت له وكنت أجرأ عليه منا : من كنت يا رسول الله
مستخلفا عليهم ؟ فقال : خاصف النعل .
فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت :
يا رسول الله ما أرى إلا عليا فقال : هو ذاك .
فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك
فقالت : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟ فقالت : إنما أخرج للاصلاح بين
الناس وأرجوا فيه الاجر إنشاء الله تعالى .
فقالت : أنت ورأيك فانصرفت
عائشة عنها وكتبت أم سلمة بما قالت وقبل لها إلى علي ( عليه السلام ) .