[181]
فقال الحجاج بن عمر الانصاري :
يا معشر الانصار قد جاء الاجل * إني أرى الموت عيانا قد نزل
فبادروه نحو أصحاب الجمل * ما كان في الانصار جبن وفشل
فكل شئ ما خلا الله جلل
وقال خزيمة بن ثابت :
لم يغضبوا الله إلا للجمل * والموت خير من مقام في خمل
والموت أحرى من فرار وفشل * والقول لا ينفع إلا بالعمل
وقال شريح بن هانئ :
لا عيش إلا ضرب أصحاب الجمل * ما إن لنا بعد علي من بدل
وقال هانئ بن عروة المذحجي :
يا لك حربا جثها جمالها * قائدة ينقصها ضلالها
هذا علي حوله أقيالها
وقال سعيد بن قيس الهمداني :
قل للوصي اجتمعت قحطانها * إن يك حرب أضرمت نيرانها
وقال عمار :
إني لعمار وشيخي ياسر * صاح كلانا مؤمن مهاجر
طلحة فيها والزبير غادر * والحق في كف علي الظاهر
وقال الاشتر :
هذا علي في الدجى مصباح * نحن بذا في فضله فصاح
وقال عدي بن حاتم :
[182]
أنا عدي ونماني حاتم * هذا علي بالكتاب عالم
لم يعصه في الناس إلا ظالم
وقال عمرو بن الحمق :
هذا علي قائد يرضى به * أخو رسول الله في أصحابه
من عودة النامي ومن نصابه
وقال رفاعة بن شداد البجلي :
إن الذين قطعوا الوسيلة * ونازعوا على علي الفضيلة
في حربه كالنعجة الاكيلة
وشكت السهام الهودج حتى كأنه جناح نسر أو شوك قنفذ .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج اعقروا
الجمل .
وفي رواية [ أخرى ] عرقبوه فإنه شيطان .
وقال لمحمد بن أبي بكر : أنظر إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها .
فعرقب رجل منه فدخل تحته رجل ضبي ثم عرقب [ رجل ] أخرى [ منه ]
عبدالرحمان فوقع على جنبه فقطع عمار نسعه .
فأتاه علي ودق رمحه على الهودج وقال : يا عائشة أهكذا أمرك رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) أن تفعلي ؟ فقالت : يا أبا الحسن ظفرت فأحسن وملكت
فأسجح .
فقال [ علي ] لمحمد بن أبي بكر : شأنك وأختك فلا يدنو أحد منها سواك .
فقال [ محمد ] : فقلت لها : ما فعلت بنفسك ؟ عصيت ربك وهتكت سترك
ثم أبحت حرمتك وتعرضت للقتل فذهبت بها إلى دار عبدالله بن خلف
الخزاعي فقالت : أقسمت عليك أن تطلب عبدالله بن الزبير جريحا كان أو
قتيلا .
[183]
فقال : إنه كان هدفا للاشتر فانصرف محمد إلى العسكر فوجده فقال :
اجلس يا ميشوم أهل بيته فأتاها به فصاحت وبكت ثم قالت : يا أخي
استأمن له من علي فأتى [ محمد ] أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فستأمن له منه
فقال ( عليه السلام ) : أمنته وأمنت جميع الناس .
وكانت وقعة الجمل بالخريبة ووقع القتال بعد الظهر وانقضى عند المساء
فكان مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عشرون ألف رجل منهم البدريون
ثمانون رجلا وممن بايع تحت الشجرة مائتان وخمسون ومن الصحابة ألف
وخمسمائة رجل .
وكانت عائشة في ثلاثين ألف أو يزيدون منها المكيون ست مائة رجل .
قال قتادة قتل يوم الجمل عشرون ألفا .
وقال الكلبي : قتل من أصحاب علي ( عليه السلام ) ألف راجل وسبعون
فارسا منهم زيد بن صوحان وهند الجملي وأبوعبدالله العبدي وعبدالله بن
رقية .
وقال أبومخنف والكلبي : قتل من أصحاب الجمل من الازد خاصة أربعة
آلاف رجل ومن بني عدي ومواليهم تسعون رجلا ومن بني بكر بن وائل
ثمانمائة رجل ومن بني حنظلة تسعمائة رجل ومن [ بني ] ناجية أربعمائة رجل
والباقي من أخلاط الناس إلى تمام تسعة آلاف إلى تسعين رجلا القرشيون منهم
طلحة والزبير وعبدالله بن عتاب بن أسيد وعبدالله بن حكيم بن حزام وعبد -
الله بن شافع بن طلحة ومحمد بن طلحة وعبدالله بن أبي بن خلف الجمحي
وعبدالرحمان بن معد وعبدالله بن معد .
وعرقب الجمل أولا أمير المؤمنين ويقال : المسلم بن عدنان ويقال رجل
من الانصار ويقال : رجل ذهلي .
وقيل لعبد الرحمان بن صرد التنوخي : لم عرقبت الجمل ؟ فقال :
عقرت ولم أعقر بها لهوانها * علي ولكني رأيت المهالكا
[184]
إلى قوله :
فياليتني عرقبته قبل ذلكا ( 1 ) .
وقال عثمان بن حنيف :
شهدت الحروب فشيبنني * فلم أر يوما كيوم الجمل
أشد على مؤمن فتنة * وأقتل منهم لحرق بطل
فليت الظعينة في بيتها * ويا ليت عسكر لم يرتحل
بيان رجله بالدم أي لطخه .
والمشرفية : سيوف نسب إلى مشارف وهى
قرى من أرض العرب تدنو من الريف ذكره الجوهري وقال : المهند : السيف
المطبوع من حديد الهند .
وقال الفيروز آبادي : جرفه جرفا وجرفة : ذهبت به كله .
والنذل :
الخسيس من الناس .
والاسمر : الرمح .
والعنطنط : الطويل .
والخط : موضع
باليمامة تنسب إليه الرماح الخطية لانها تحمل من بلاد الهند فتقوم به .
والملئ -
بالهمز وقد يخفف - : الثقة وبغير همز : طائفة من الزمان .
والسميدع بالفتح :
السيد الموطوء الاكتاف .
والكمي : الشجاع المتكمي في سلاحه لانه كمى نفسه
أي سترها بالدرع والبيضة .
والبذخ : الكبر .
والفتر بالكسر : ما بين طرف
السبابة والابهام إذا فتحتهما .
والصارم .
والسيف القاطع .
والوتر بالفتح
والكسر : الحقد والطلب الدم .
والهزبر : الاسد .
وسعطه الدواء كمنعه ونصره
وأسعطه : أدخله في أنفه .
وأسعطه الرمح : طعنه به في أنفه .
والسعيط : دردى
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 184 سطر 19 الى ص 192 سطر 18
الخمر .
وصعطه وأصعطه : سعطه .
واختله بسهم أي انتظمه .
ورجل عبل
الذراعين أي ضخمهما .
ودلق السيف من غمده : أخرجه .
والحيا - بالقصر - :
الخصب والمطر .
قولها : كبر عمرو عن الطوق " أي لم يبق للصلح مجال .
___________________________________________________________
( 1 ) وإليك بقية الابيات كاملة :
وما زالت الحرب العوان تحثها * بنوها بها حتى هوى القود باركا .
فأضجعته بعد البروك لجنبه * فخر صريعا كالثنية مالكا
فكانت شرارا إذ أطيفت بوقعه * فياليتني عرقبته قبل ذالكا ( * )
[185]
قال الزمخشري في المستقصى هو عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة قد
طوق صغيرا ثم استهوته الجن مدة فلما عاد همت أمه بإعادة الطوق إليه فقال
جذيمة ذلك .
وقيل : إنها نظفته وطوقته وأمرته بزيارة خاله فلما رأى لحيته والطوق قال
ذلك انتهى .
والعماعم : الجماعات المتفرقة .
والعوان من الحرب : التي قوتل
فيها مرة .
والجلل بالتحريك : العظيم والهين .
وهو من الاضداد .
وشكه بالرمح :
انتظمه .
133 - شي عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقال : دخل
علي أناس من أهل البصرة فسألنوني عن طلحة والزبير فقلت لهم : كانا إمامين
من أئمة الكفر إن عليا يوم البصرة لما صف الخيول قال لاصحابه : لا تعجلوا
على القوم حتى أعذر فيها بيني وبين الله وبينهم فقام إليهم فقال : يا أهل
البصرة هل تجدون علي جورا في حكم ؟ قالوا : لا .
قال : فحيفا في قسم ؟
قالوا : لا .
قال : فرغبة في دنيا أصبتها لي ولاهل بيتي دونكم فنقمتم علي
فنكثتم علي بيعتي ؟ قالوا : لا .
قال : فأقمت فيكم الحدود وعطلتها عن
غيركم ؟ قالوا : لا .
قال : فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث إني
ضربت الامر أنفه وعيينه ولم أجد إلا الكفر أو السيف .
ثم ثنى إلى أصحابه فقال : إن الله يقول في كتابه " وإن نكثوا أيمانهم من
بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم
ينتهون " فقال أمير المؤمنين : والذي فلق الحبة وبرئ النسمة واصطفى محمدا
بالنبوة إنهم لاصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت .
___________________________________________________________
133 - 134 - وراهما العياشي مع أحاديث أخر في معناهما في تفسيرالآية : ( 11 ) من سورة
الانفال من تفسيره .
ورواهما عنه السيد هاشم البحراني رحمه الله في تفسير الآية الكريمة من تفسير
البرهان : ج 2 ص 107 .
( * )
[186]
134 - ب : محمد بن عبدالحميد وعبد الصمد بن محمد جميعا عن حنان
بن سدير قال : سمعت أبا أ عبدالله وذكر مثله .
135 - شي : عن أبي الطفيل قال : سمعت عليا ( عليه السلام ) يوم الجمل
وهو يحرض الناس على قتالهم ويقول : والله ما رمي أهل هذه الآية بكنانة قبل
اليوم * ( فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) * فقلت لابي
الطفيل : ما الكنانة ؟ قال : السهم موضع الحديد فيه عظم يسميه بعض
العرب الكنانة .
بيان : الكنانة بهذا المعنى غير معروف فيما عندنا من كتب اللغة .
136 - جا : المراغي عن الحسن بن علي عن جعفر بن محمد بن مروان عن
أبيه عن إسحاق بن يزيد عن خالد بن مختار عن الاعمش عن حبة العرني
قال : سمعت حذيفة اليماني قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة وهو يقول :
كأني بأمكم الحميراء قد سارت يساق بها على جمل وأنتم آخذون بالشوى
والذنب معها الازد أدخلهم الله النار وأنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم .
قال فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) لا يبدأن أحد منكم بقتال حتى آمركم .
قال : فرموا
فينا .
فقلنا : يا أمير المؤمنين قد رمينا .
فقال : كفوا ثم رمونا فقتلوا منا .
قلنا : يا
أمير المؤمنين قد قتلونا .
فقال : احملوا على بركة الله .
قال : فحملنا عليهم فأنشب
بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشى ماش لمشى عليها ثم نادى منادي علي
( عليه السلام ) عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبو لنا .
قال : فنادى
منادي أمير المؤمنين : عليكم بالاقدام .
قال : فما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام
منه .
قال : فذكرت حديث حذيفة أنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم فعلمت
___________________________________________________________
134 - رواه الحميري رحمه الله في الحديث : ( 311 ) من كتاب قرب الاسناد ، ص 46 .
ورواه عنه البحراني في تفسير البرهان : ج 2 ص 106 .
136 - رواه الشيخ المفيد في المجلس : ( 7 ) من أماليه ص 59 ( * )
[187]
أنها دعوة مستجابة ثم نادى منادي أمير المؤمنين عليكم بالبعير فإنه شيطان
قال : فعقره رجل برمحه وقطع إحدى يديه رجل آخر فبرك ورغا وصاحت
عائشة صيحة شديدة فولى الناس منهزمين .
فنادى منادي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تجيزوا على جريح ولا تبتغوا
مدبرا ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن .
بيان : الشوى [ بفتح الشين ] : اليدان والرجلان والرأس من الآدميين .
وشوى الفرس : قوائمه ذكره الجوهري وقال : جددت الشئ أجده جدا :
قطعته .
وقال : نبأ السيف : إذا لم يعمل في الضريبة .
وقال : قال الاصمعي :
أجهزت على الجريح : إذا أسرعت قتله وتممت عليه ولا تقل أجزت على
الجريح انتهى .
والرواية مع ضبط النسخ تدل على كونه فصيحا بهذا المعنى .
137 - قب : دعى أمير المؤمنين محمد بن الحنفية يوم الجمل فأعطاه رمحه
وقال له : اقصد بهذا الرمح قصد الجمل فذهب فمنعوه بنو ضبه فلما رجع إلى
والده انتزع الحسن رمحه من يده وقصد قصد الجمل وطعنه برمحه ورجع إلى
والده وعلى رمحه أثر الدم فتمغر وجه محمد من ذلك فقال أمير المؤمنين : لا
تأنف فإنه ابن النبي وأنت ابن علي .
138 - كش : جبرئيل بن أحمد عن موسى بن معاوية بن وهب عن علي بن
معبد عن عبيدالله بن عبدالله الواسطي عن واصل بن سليمان عن عبد
الله بن سنان :
___________________________________________________________
137 - ورواه ابن شهر آشوب في عنوان : " سيادة الحسن عليه السلام " في ترجمته من مناقب
آل أبي طالب : ج 3 ص 185 .
138 - رواه الكشي رحمه الله في ترجمة زيد بن صوحان تحت الرقم : ( 18 ) من رجاله
ص 63 .
( * )
[188]
عن أبي عبدالله قال : لما صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل
جاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حتى جلس عند رأسه فقال : رحمك الله يا
زيد قد كنت خفيف المؤنة عظيم المعونة .
قال فرفع زيد رأسه إليه ثم قال :
وأنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين فو الله ما علمتك إلى بالله عليما وفي أم
الكتاب عليا حكيما وإن الله في صدرك لعظيم والله ما قتلت معك على جهالة
ولكني سمعت أم سلمة زوج النبي تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
وانصر من نصره واخذل من خذله " فكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله .
139 - ختص جعفر بن الحسين وجماعة من مشايخنا عن محمد الحميري
عن أبيه عن موسى بن جعفر البغدادي عن علي بن معبد عن عبيدالله بن
الدهقان ، عن واصل مثله .
140 - كشف لما تراءى الجمعان وتقاربا ورأى علي تصميم عزمهم على
قتاله فجمع أصحابه وخطبهم خطبة بليغة قال فيها واعلموا أيها الناس أني قد
تأنيت هاؤلاء القوم وراقبتهم وناشدتهم كيما يرجعوا يرتدعوا فلم يفعلوا ولم
يستجيبوا وقد بعثوا إلي أن أبرز إلى الطعان واثبت للجلاد ! ! ! وقد كنت وما
أهدد بالحرب ولا أدعي إليها وقد أنصف القارة من راماها منها ( 1 ) فأنا أبو
الحسن الذي فللت حدهم وفرقت جماعتهم فبذلك القلب ألقى عدوي وأنا
على بينة من ربي لما وعدني من النصر والظفر وإني لعلى غير شبهة من أمري .
___________________________________________________________
139 - رواه الشيخ المفيد في الحديث : ( 134 ) في أوائل كتاب الاختصاص ص 74 ط
النجف .
140 - رواه الاربلي في وقعة الجمل من كشف الغمة : ج 1 ، 240 .
( 1 ) هذا هو الظاهر الموافق لما رويناه عن مصادر في المختار : ( 95 ) وتاليه من كتاب نهج
السعادة : ج 1 ، ص 309 - 316 ، وفي كشف الغمة وطبع الكمباني من البحار : " من
راماها منها " .
فكلمة " منها " لا مورد لها .
( * )
[189]
ألا وإن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ومن لم يقتل يمت فإن
أفضل الموت القتل والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من
متة على الفراش .
ثم رفع يده إلى السماء وقال : اللهم إن طلحة بن عبيدالله أعطاني صفقة
يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله ولا تمهله وإن الزبير بن العوام قطع
قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم أنه ظالم لي
اللهم فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت .
ثم تقاربوا وتعبوا لابسي سلاحهم ودروعهم متأهبين للحرب كل ذلك
وعلي ( عليه السلام ) بين الصفين عليه قميص ورداء وعلى رأسه عمامة سوداء
وهو راكب على بغلة .
فلما رأى أنه لم يبق إلا مصافحة الصفاح والمطاعنة بالرماح صاح بأعلى
صوته أين الزبير بن العوام فليخرج إلي فقال الناس : يا أمير المؤمنين أتخرج إلى
الزبير وأنت حاسر وهو مدجج في الحديد ؟ فقال عليه السلام : ليس علي منه
بأس .
ثم نادى ثانية فخرج إليه [ الزبير ] ودنا منه حتى واقفه فقال له علي : يا أبا
عبد الله ما حملك على ما صنعت ؟ فقال الطلب بدم عثمان ! ! فقال : أنت
وأصحابك قتلتموه فيجب عليك أن تقيد من نفسك ! ! ولكن أنشدك الله الذي
لا إله إلا هو الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) أما تذكر
يوما قال لك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يا زبير أتحب عليا ؟ فقلت : وما
يمنعني من حبه وهو ابن خالي ؟ ! فقال لك : أما أنت فستخرج عليه يوما وأنت
له ظالم .
فقال الزبير : اللهم بلى فقد كان ذلك .
فقال علي ( عليه السلام ) : فأنشدك الله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد
( صلى الله عليه وآله ) أما تذكر يوما جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من
عند ابن عوف وأنت معه وهو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك
في وجهي فضحكت أنا إليه فقلت : أنت لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبدا
فقال لك النبي ( صلى الله عليه وآله ) مهلا يا زبير فليس به زهو ولتخرجن
[190]
عليه يوما وأنت ظالم له ! ! فقال الزبير : اللهم بلى ولكن أنسيت فأما إذا ذكرتني
ذلك فلانصرفن عنك ولو ذكرت هذا لما خرجت عليك .
ثم رجع إلى عائشة فقالت : ما وراءك يا أبا عبدالله ؟ فقال الزبير : والله
ورائي إني ما وقفت موقفا في شرك ولا إسلام إلا ولي فيه بصيرة وأنا اليوم على
شك من أمري وما أكاد أبصر موضع قدمي .
ثم شق الصفوف وخرج من بينهم ونزل على قوم من بني تميم .
فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعي فقلته حين نام وكان في ضيافته فنفذت دعوة
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فيه .
وأما طلحة فجاءه سهم وهو قائم للقتال فقتله ثم التحم القتال .
وقال علي ( عليه السلام ) يوم الجمل * ( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم
وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) *
[ 12 / التوبة ] ثم حلف حين قرأها أنه ما قوتل عليها منذ نزلت حتى اليوم
واتصل الحرب وكثر القتل الجروح .
ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له : عبدالله فجال بين الصفوف
وقال : أين أبوالحسن فخرج إليه علي وشد عليه وضربه بالسيف فأسقط عاتقه
ووقع قتيلا فوقف عليه وقال : لقد رأيت أبا الحسن فكيف وجدته ؟ ! ولم يزل
القتل يؤجج ناره والجمل يفني أنصاره حتى خرج رجل مدجج يظهر باسا
ويعرض بعلي [ بذكر علي " خ ل " ] حتى قال .
أضربكم ولو أرى عليا * عممته أبيض مشرفيا
فخرج إليه علي متنكرا وضربه على وجهه فرمى بنصف قحف رأسه ثم
انصرف فسمع صائحا من ورائه فالتفت فرآى ابن أبي خلف الخزاعي من
أصحاب الجمل فقال : هل لك يا علي في المبارزة ؟ فقال علي : ما أكره ذلك
ولكن ويحك يا ابن أبي خلف ما راحتك في القتل وقد علمت من أنا ؟ فقال :
ذرني يا ابن أبي طالب من بذخك بنفسك وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه