[221]
173 - ج روى يحيى بن عبدالله بن الحسن عن أبيه عبدالله بن الحسن
قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يخطب بالبصرة بعد دخولها بأيام فقام
إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة ؟
ومن أهل البدعة ومن أهل السنة ؟ فقال [ أمير المؤمنين عليه السلام ] : ويحك
أما إذا سألتني فافهم عني ولا عليك أن لا تسأل عنها أحدا بعدي أما أهل
الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا وذلك الحق عن أمر الله وعن أمر رسوله .
___________________________________________________________
173 - رواه الطبرسي رفع الله مقامه في عنوان : " احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام بعد
دخولة البصرة ... " من كتاب الاحتجاج : ج 1 ، ص 168 ، ط بيروت .
ورواه الطبرسي بصورة مطولة في الحديث : ( 1781 ) من مسند علي عليه السلام
من كتاب جمع الجوامع : ج 2 ، 129 .
ورواه أيضا المتقي الهندي نقلا عن وكيع في الحديث : ( 3529 ) من كتاب كنز
العمال : ج 8 ص 215 ط 1 .
وقد رواه أيضا في كتاب المواعظ من منتخب العمال المطبوع بهامش مسند
أحمد بن حنبل : ج 6 ص 315 ط 1 .
وقد رويناه حرفيا - وذكرنا لكثير من فقراته شواهد ومصادر - في المختار : ( 122 )
من كتاب نهج السعادة : ج 1 ، ص 372 ط 2 .
( * )
[222]
و [ أما ] أهل الفرقة [ ف ] المخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا .
وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وإن قلوا .
وأما أهل البدعة فالمخالفون لامر الله تعالى وكتابه ولرسوله والعاملون
برأيهم وأهوائهم وإن كثروا وقد مضى منهم الفوج الاول وبقيت أفواج وعلى
الله فضها واستيصالها عن جدد الارض .
فقام إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين إن الناس يذكرون الفئ ويزعمون
أن من قاتلنا فهو وماله وولده فئ لنا .
فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس وكان ذا عارضة ولسان
شديد فقال : يا أمير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت بالرعية ! !
فقال : ولم ويحك ؟ قال : لانك قسمت ما في العسكر وتركت النساء والاموال
والذرية .
فقال [ عليه السلام ] : أيها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسمن
فقال عباد : جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات ! ! فقال له أمير المؤمنين ( عليه
السلام ) : إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف .
فقيل ومن
غلام ثقيف ؟ فقال : رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها .
فقيل : أفيموت أو
يقتل ؟ فقال : يقصمه قاصم الجبارين يموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما
يجري من بطنه ! ! .
يا أخا بكر أنت امرء ضعيف الرأي أو ما علمت أنا لا نأخذ الصغير
بذنب الكبير وأن الاموال كانت لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رشدة وولدوا على
فطرة وإنما لكم ما حوى عسكرهم و [ أما ] ما كان في دورهم فهو ميراث
[ لذريتهم ] فإن عدا [ علينا ] أحد منهم أخذناه بذنبه وإن كف عنا لم نحمل
عليه ذنب غيره .
يا أخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في
أهل مكة فقسم ما حوى العسكر ولم يتعرض لما سوى ذلك وإنما اتبعت أثره
حذو النعل بالنعل .
[223]
يا أخا بكر أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها وأن دار الهجرة يحرم ما
فيها إلا بحق فمهلا مهلا رحمكم الله فإن لم تصدقوني وأكثرتم علي وذلك أنه
تكلم في هذا غير واحد فأيكم يأخذ عائشة بسهمه ؟ !
فقالوا : يا أمير المؤمنين أصبت وأخطأنا وعلمت وجهلنا فنحن نستغفر الله
تعالى ونادى الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك
الرشاد والسداد .
فقام عمار فقال : أيها الناس والله إن اتبعتموه وأطعتموه لن يضل عن
منهل نبيكم ( عليه السلام ) حتى قيس شعره وكيف لا يكون ذلك وقد استودعه
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علم المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهج
هارون ( عليه السلام ) وقال له : " أنت مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا
نبي بعدي " فضلا خصه الله به وإكراما منه لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) حيث
أعطاه ما لم يعطه أحدا من خلقه .
ثم قال أمير المؤمنين : انظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له فإن
العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس الاخس فإني حاملكم إنشاء الله إن
أطعتموني على سبيل النجاة وإن كانت فيه مشقة شديدة ومرارة عتيدة ، والدنيا
حلوة الحلاوة لمن اغتر بها من الشقوة والندامة عما قليل .
ثم إني أخبركم أن جيلا من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من
النهر .
فلجوا في ترك أمره فشربوا منه إلا قليلا منهم فكونوا رحمكم الله من
أولئكم الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم .
وأما عائشة فأدركها رأي النساء ولها بعد ذلك حرمتها الاولى والحساب
على الله يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء .
بيان فلان ذو عارضة أي ذو جلد وصرامة وقدرة على الكلام ذكره
الجوهري وقال : قال الاصمعي : الترهات : الطرق الصغار غير الجادة تتشعب
عنها .
الواحدة : ترهة فارسي معرب ثم استعير في الباطل .
وقال : يقال بينهما
قيس رمح وقاس رمح أي قدر رمح .
والعتيد : الحاضر المهيأ .
[224]
174 - ج عن المبارك بن فضالة عن رجل ذكره قال : أتى رجل أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) بعد الجمل فقال له : يا أمير المؤمنين رأيت في هذه
الواقعة أمرا هالني من روح قد بانت وجثة قد زالت ونفس قد فاتت لا أعرف
فيهم مشركا بالله تعالى فالله الله فما يحللني من هذا فإن يك شرا فهذا يتلقى
بالتوبة وإن يك خيرا ازددنا أخبرني عن أمرك هذا الذي أنت عليه أفتنة
عرضت لك ؟ فأنت تنفح الناس بسيفك أم شئ خصك به رسول الله صلى
الله عليه وآله ؟ .
فقال له علي : إذا أخبرك إذا أنبئك إذا أحدثك إن ناسا من المشركين أتوا
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأسلموا ثم قالوا لابي بكر : استأذن لنا على
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى نأتي قومنا فنأخذ أموالنا ثم نرجع فدخل
أبوبكر على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاستأذن لهم فقال عمر : يا
رسول الله أيرجع من الاسلام إلى الكفر ؟ قال : وما علمك يا عمر ان ينطلقوا
فيأتوا بمثلهم معهم من قومهم ؟ ثم إنهم أتوا أبا بكر في العام المقبل فسألوه أن
يستأذن لهم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاستأذن لهم وعنده عمر فقال مثل
قوله فغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : والله ما أراكم تنتهون حتى
يبعث الله عليكم رجلا من قريش يدعوكم إلى الله فتختلفون عنه اختلاف
الغنم الشرد فقال له أبوبكر : فداك أبي وأمي يا رسول الله أنا هو ؟ فقال :
لا .
فقال عمر : فأنا هو يا رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : لا .
قال
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 224 سطر 19 الى ص 232 سطر 18
عمر : فمن هو يا رسول الله فأومى إلي وأنا أخصف نعل رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) فقال : هو خاصف النعل عندكما انب عمي وأخي وصاحبي ومبرئ
ذمتي والمؤدي عني ديني وعدتي والمبلغ عني رسالتي ومعلم الناس من بعدي
ويبين لهم من تأويل القرآن مالا يعلمون فقال الرجل : اكتفي منك بهذا يا
أمير المؤمنين ما بقيت .
فكان ذلك الرجل أشد أصحاب علي عليه السلام فيما بعد على من
خالفه .
بيان قال الجوهري : نفحه بالسيف .
تناوله من بعيد .
وفي بعض النسخ
" تنصح " بالصاد المهملة والاول أظهر .
قوله ( عليه السلام ) " غنم الشرد " من
[225]
قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة .
وفي بعض النسخ : " الغنم " بالتعريف وهو
أظهر .
" والشرد " إما بالتحريك جمع شارد كخدم وخادم أو بضمتين جمع
شرود كزبور وزبر من شرد البعير إذا نفر .
175 - ج عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما فرغ أمير المؤمنين ( عليه
السلام ) من قتال أهل البصرة وضع قتبا على قتب ثم صعد عليه فخطب
فحمد الله وأثنى عليه فقال :
يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة يا أهل الداء العضال يا أتباع البهيمة يا
جند المرأة رغا فأجبتم وعقر فهربتم ماؤكم زعاق ودينكم نفاق وأحلامكم
دقاق .
ثم نزل يمشي بعد فراغه من خطبته فمشينا معه فمر بالجسن البصري
وهو يتوضأ فقال : يا حسن أسبغ الوضوء فقال : يا أمير المؤمنين لقد قتلت
بالامس أناسا يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله يصلون الخمس ويسبغون الوضوء فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا ؟ فقال : والله لاصدقنك يا
أمير المؤمنين لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي
___________________________________________________________
174 - 175 - رواهما الطبرسي رحمه الله في عنوان : " احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام
بعد دخوله البصرة ... " من كتاب الاحتجاج : ج 1 ص 170 - 171 .
والحديثان مرسلان لم يعلم حال روايتهما - كحديث آخر بعد الحديث الثاني ذكره
في الاحتجاج أيضا - فلا يمكن بلا قرينة قطعية على صدقهما أو كذبهما الاستدلال بهما
على إثبات شئ أو نفيه كما تحقق في علم الاصول .
إذا فلا يمكن جعلهما دليلا على
انحراف الحسن البصري لاسيما مع قيام شواهد كثيرة على حسن حاله وإنه كان
يدافع عن علي عليه السلام ويذكر خصائصه وأنه كان على الحق وأن من خالفه كان
على الباطل .
والحق أن الرجل لم يكن من المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام
وإن لم يكن من حواريهم أيضا .
( * )
[226]
وأنا لا أشك في أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هم الكفر فلما انتهيت إلى
موضع من الخريبة نادى مناد : يا حسن ارجع فإن القاتل والمقتول في النار
فرجعت ذعرا وجلست في بيتي .
فلما كان اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر
فتحنطت وصببت على سلاحي وخرجت أريد القتال حتى انتهيت إلى موضع
من الخريبة فناداني مناد من خلفي يا حسن إلى أين مرة بعد أخرى فإن القاتل
والمقتول في النار .
قال علي : صدقت أفتدري من ذاك المنادي ؟ قال لا .
قال : ذالك أخوك
أبليس وصدقك أن القاتل والمقتول منهم في النار .
فقال الحسن البصري : الآن عرفت يا أمير المؤمنين أن القوم هلكى .
بيان قال الفيروزآبادي : الخريبة كجهينة موضع بالبصرة تسمى البصرة
الصغرى .
176 - فس " والمؤتفكة أهوى " قال : المؤتكفة البصرة والدليل على ذلك
قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة يا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم
وعقر فهربتم ماؤكم زعاق وأحلامكم دقاق وفيكم خم النفاق ولعنتم على
لسان سبعين نبيا إن رسول الله أخبرني أن جبرئيل أخبره أنه طوى له الارض
فرأى البصرة أقرب الارضين من الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار
الشر والداء العضال المقيم فيها مذنب والخارج منها برحمة وقد ايتفكت بأهلها
مرتين وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة .
___________________________________________________________
176 - رواه علي بن إبراهيم رحمه الله في تفسير الآية : ( 53 ) من سورة : " والنجم " من
تفسيره : ج 2 ص 339 ط 2 .
ورواه عنه السيد هاشم البحراني رفع الله مقامه في تفسير الآية الكريمة من سورة
" النجم " من تفسير البرهان : ج 4 ص 256 .
( * )
[227]
بيان قال البيضاوي : المؤتفكة : القرى التي ايتفكت بأهلها أي انقلبت .
وقال في النهاية : في حديث أنس " البصرة أحدى المؤتفكات " يعني إنها غرقت
مرتين فشبه غرقها بانقلابها .
وقال الجوهري : داء عضال أي شديد أعيى
الاطباء .
177 - فس " والمؤتفكات بالخاطئة " المؤتفكات : البصرة والخاطئة فلانة .
بيان قال البيضاوي : " بالخاطئة " أي بالخطأ أو بالفعلة أو بالافعال ذات
الخطأ .
وأما التأويل الذي ذكره علي بن إبراهيم فقد رواه مؤلف تأويل الآيات
الباهرة عن محمد البرقي عن سيف بن عميرة عن أخيه عن منصور بن حازم
عن حمران قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقرأ " وجاء فرعون " يعني
الثالث " ومن قبله " يعني الاولين " والمؤتفكات " أهل البصرة " بالخاطئة "
الحميراء فالمراد بمجيئ الاولين والثالث بعائشة أنهم أسسوا لها بما فعلوا من
الجور على أهل البيت عليهم السلام أساسا به تيسر لها الخروج والاعتدا على
أمير المؤمنين عليه السلام ولولا ما فعلوا لمن تكن تجترئ على ما فعلت ، والمراد
بالمؤتفكات أهل المؤتفكات والجمع باعتبار البقاع والقرى والمحلات .
178 - ما المفيد عن الكاتب عن الزعفراني عن الثقفي عن أبي الوليد
___________________________________________________________
177 - رواه علي بن إبراهيم رضي الله عنه في تفسير الآية : ( 9 ) من سورة الحاقة من
تفسيره : ج 2 ص ...
ورواه السيد البحراني وعن شرف الدين النجفي في كتاب تأويل الآيات
الباهرة في تفسير الآية الكريمة من سورة الحاقة من تفسير البرهان : ج 4 ص 375
ط 3 .
178 - رواه الشيخ الطوسي رفع الله مقامه في الحديث : ( 29 ) من الجزء الخامس من أماليه
ص 134 .
وقريبا منه جدا رواه السيد الرضي في المختار : ( 262 ) من باب قصار نهج
البلاغة .
( * )
[228]
الضبي عن أبي بكر الهذلي قال : دخل الحارث بن حوط الليثي على أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين ما أرى طلحة
والزبير وعائشة أضحوا إلا على حق .
فقال [ له أمير المؤمنين عليه السلام ] :
يا حار إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك جزت عن الحق إن الحق
والباطل لا يعرفان بالناس ولكن اعرف الحق باتباع من اتبعه والباطل باجتناب
من اجتنبه .
قال : فهلا أكون تبعا لعبد الله بن عمر ، وسعد بن مالك ؟ فقال أمير
المؤمنين : إن عبدالله بن عمر وسعدا خذلا الحق ولم ينصرا الباطل متى كانا
إمامين في الخير فيتبعان .
بيان إنك نظرت تحتك لعله كناية عن الغفلة عن معالي الامور أو أنه
اقتصر على النظر إلى أمثاله ومن هو أدون منه ولم يتبع من يجب اتباعه ممن هو
فوقه .
179 - ما بالاسناد المتقدم عن الهذلي عن محمد بن سيرين قال : سمعت
غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون : لما فرغ علي بن أبي طالب ( عليه
السلام ) من [ حرب ] الجمل عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخر عنها وقال
لابنه الحسن : انطلق يا بني فاجمع بالناس فأقبل الحسن إلى المسجد فلما استقل
على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد .
وصلى على رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) ثم قال :
___________________________________________________________
179 - رواه الشيخ الطوسي رفع الله مقامه في الحديث : ( 30 ) من الجزء ( 3 ) من أماليه
ج 1 ، ص 80 .
( * )
[229]
أيها الناس إن الله اختارنا لنبوته واصطفانا على خلقه وأنزل علينا كتابه
ووحيه وأيم الله لا ينتقصنا أحد من حقنا شيئا إلا ينقصه الله في عاجل دنياه
وآجل آخرته ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ولتعلمن نبأه بعد حين .
ثم جمع بالناس وبلغ أباه كلامه فلما انصرف إلى أبيه ( عليه السلام ) نظر
إليه فما ملك عبرته أن سالت على خديه ثم استدناه إليه فقبل بين عينيه وقال :
بأبي أنت وأمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم .
180 - مع ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن سفيان الحريري عن
علي بن الحزور عن ابن نباته قال : لما أقبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من
البصرة تلقاه أشراف الناس فهنوه وقالوا : إنا نرجوا أن يكون هذا الامر فيكم
ولا ينازعكم فيه أحد أبدا .
فقال : هيهات - في كلام له - أنى ذلك ولما ترمون
بالصلعاء .
قالوا : يا أمير المؤمنين وما الصلعاء ؟ قال : يؤخذ أموالكم قهرا فلا
تمنعون [ فلا تمتنعون " خ ل " ] .
بيان قال في النهاية : الصلعاء : الارض التي لا تنبت .
وفي حديث
عائشة أنها قالت لمعاوية حين ادعى زيادا : ركبت الصليعاء أي الداهية والامر
الشديد أو السوءة الشنيعة البارزة المكشوفة .
181 - يج روي عن أبي الصيرفي عن رجل من مراد : قال : كنت واقفا
على رأس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوم البصرة إذ أتاه ابن عباس بعد القتال
فقال : إن لي [ إليك ] حاجة فقال ( عليه السلام ) : ما أعرفني بالحاجة التي
جئت فيها تطلب الامان لابن الحكم ؟ قال : نعم أريد أن تؤمنه قال : آمنته
___________________________________________________________
180 - رواه الشيخ الصدوق رحمه الله في " باب معنى الرمي بالصلعاء " وهو الباب من كتاب
معاني الاخبار ، ص 163 .
181 - رواه قطب الدين الراوندي رحمه الله في كتاب الخرائج .
( * )
[230]
ولكن اذهب إليه وجئني به ولا تجئني به إلا رديفا فإنه أذل له فجاء به ابن
عباس ردفا فكأنه قرد [ ف ] قال [ له ] أمير المؤمنين : أتبايع ؟ قال : نعم وفي
النفس ما فيها .
قال : الله أعلم بما في القلوب .
فلما بسط بيده ليبايعه أخذ كفه
عن كف مروان فترها فقال لا حاجة لي فيها إنها كف يهودية لو بايعني بيده
عشرين مرة لنكث بإسته ثم قال : هيه يا ابن الحكم خفت على رأسك أن تقع
في هذه المعمعة كلا والله حتى يخرج من صلبك فلان وفلان يسومون هذه
الامة خسفا ويسقونه كأسا مصبرة .
بيان قوله : " فترها " كذا في أكثر النسخ بالتاء والراء المهملة [ قال
الفيروز آبادي ] في القاموس : تر العظم يتر ويتر [ على زنة يمد ويفر ] ترا وترورا .
بان وانقطع وقطع كأتر .
و [ تر ] عن بلده : تباعد .
والتترتر .
التزلزل والتقلقل .
وترتروا السكران : حركوه وزعزعوه واستنكهوه حتى يوجد منه الريح .
وفي بعض النسخ : " فنثرها " بالنون والثاء المثلثة أي نفضها .
وفي بعضها
بالنون والتاء المثناة من النتر وهو الجذب بقوة .
وقال في القاموس : يقال : لشئ
يطرد : هيه هيه بالكسر وهي كلمة استزادة أيضا .
وفي النهاية : المعامع : شدة
الموت .
والجد في القتال .
والمعمعة في الاصل : صوت الحريق .
والمعمعان .
شدة
الحر .
182 - شا [ و ] من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالبصرة حين ظهر
على القوم بعد حمد الله تعالى والثناء عليه :
أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة ، وعفو جم وعقاب أليم .
قضى أن رحمته ومغفرته وعفوه لاهل طاعته من خلقه ، ويرحمته اهتدى
___________________________________________________________
182 - رواه الشيخ المفيد رفع الله مقامه في الفصل : ( 27 و 28 ) مما اختار من كلام أمير
المؤمنين عليه السلام في كتاب الارشاد ص 137 .
والقسم الاول - أعني خطبته عليه
السلام - رواه أيضا الشيخ المفيد في كتاب الجمل ص 214 ط النجف .
( * )