[351]
334 - شا : من كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين قدم الكوفة من
البصرة بعد حمد الله تعالى والثناء عليه :
أما بعد فالحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل
الكاذب المبطل عليكم يا أهل [ هذا ] المصر بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من
أهل بيت نبيكم الذي هم أولى بطاعتكم من المنتحلين المدعين القائلين
إلينا ( 1 ) يتفضلون بفضلنا ويجاحدونا أمرنا وينازعونا حقنا ويدفعونا عنه ، وقد
ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا ( 2 ) .
___________________________________________________________
334 - رواه الشيخ المفيد رفع الله مقامه في الفصل : ( 29 ) مما اختار من كلام أمير المؤمنين
عليه السلام في كتاب الارشاد ، ص 138 .
( 1 ) كذا في طبعة الكمباني من البحار ، وفي طبع النجف من كتاب الارشاد : " القائلين
إلينا إلينا ... " .
( 2 ) كذا في أصلي من طبع الكمباني من البحار .
واجترحوا : اكتسبوا أو ارتكبوا كما في الآية :
21 - من سورة الجاثية : " أم حسب الذين اجترحوا السيآت أن نجعلهم كالذين
آمنوا ... " .
وفي طبع النجف من كتاب الارشاد : " وقد ذاقوا وبال ما ا ؟ ؟ موا ... " .
( * )
[352]
قد قعد عن نصرتي منكم رجال وأنا عليهم عاتب زار فاهجروهم
وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبونا ونرى منهم ما نحب .
بيان : قال الجوهري : زريت عليه بالفتح إذا عتبت عليه .
وقال : أعتبني
فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الاساءة .
335 - جا : المرزباني عن محمد بن موسى عن محمد بن سهل عن هشام
بن محمد بن السائب عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن الحارث بن حصيرة :
عن عبدالرحمان بن عبيد أبي الكنود قال : قدم أمير المؤمنين عن البصرة
إلى الكوفة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجل فأقبل حتى صعد المنبر فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد فالحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل
الكاذب المبطل عليكم يا أهل هذا المصر بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من
أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وآله الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله
فيه من المنتحلين المدعين الغالين الذين يتفضلون بفضلنا ويجاحدوناه وينازعونا
حقنا ويدفعونا عنه وقد ذاقوا وبال ما اجترموا فسوف يلقون غيا .
إنه قد قعد عن نصري رجال منكم فأنا عليهم عاتب زار فاهجروهم
وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا أو نرى منهم ما نرضى .
قال : فقام إليه مالك بن حبيب التميمي ثم اليربوعي - وكان صاحب
شرطته - فقال : والله إني لارى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا والله لئن أمرتنا
لنقتلهم .
فقال له أمير المؤمنين يا مال جزت المدى وعدوت الحق وأغرقت في
___________________________________________________________
335 - رواه الشيخ المفيد قدس الله نفسه في الحديث : ( 5 ) من المجلس : ( 15 ) من أماليه
ص 82 .
( * )
[353]
النزع ! ! فقال : يا أمير المؤمنين لبعض الغشم أبلغ في أمور تنوبك من مهادنة
الاعادي .
فقال أمير المؤمنين : ليس هكذا قضاء الله يا مال قال الله تعالى : * ( النفس
بالنفس ) * فما بال بعض الغشم ؟ وقال سبحانه : * ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ) * .
فقام إليه أبوبردة بن عوف الازدي - وكان عثمانيا تخلف عنه يوم الجمل
وحضر معه صفين على ضعف نية في نصرته - فقال : يا أمير المؤمنين أرأيت
القتلى حول عائشة وطلحة والزبير بم قتلوا ؟
فقال أمير المؤمنين : قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي وبقتلهم أخا ربيعة -
العبدي رحمه الله في عصابة من المسلمين قالوا : لا ننكث البيعة كما نكثتم ولا
نغدر كما غدرتم .
فوثبوا عليهم فقتلوهم ظلما وعدوانا فسألتهم أن يدفعوا إلي
قتلة إخواني منهم لنقتلنهم بهم ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم فأبوا علي
وقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي ودماء نحو ألف من شيعتي فقتلهم بذلك أفي شك
أنت من ذلك ؟ فقال : قد كنت في شك فأما الآن فقد عرفت واستبان لي خطأ
القوم وأنك أنت المهتدي المصيب .
ثم إن عليا تهيأ لينزل فقام رجال ليتكلموا فلما رأوه قد نزل جلسوا ولم
يتكلموا .
قال أبوالكنود : وكان أبوبردة مع حضوره صفين ينافق أمير المؤمنين
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 353 سطر 19 الى ص 361 سطر 18
( عليه السلام ) ويكاتب معاوية سرا فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة
وكان عليه كريما .
336 - الكافية في إبطال توبة الخاطئة : عن عمرو بن شمر عن جابر عن
___________________________________________________________
336 - الكافية لا تزال في مكمن الغيب عنا .
( * )
[354]
أبي جعفر ( عليه السلام ) أن أمير المؤمنين لما دنا إلى الكوفة مقبلا من البصرة ،
خرج الناس مع قرظة بن كعب يتلقونه فلقوه دون نهر النضر بن زياد فدنوا منه
يهنونه بالفتح وإنه ليمسح العرق عن جبهته فقال له قرظة بن كعب : الحمد لله
يا أمير المؤمنين الذي أعز وليك وأذل عدوك ونصرك على القوم الباغين الطاغين
الظالمين .
فقال له عبدالله بن وهب الراسبي : إي والله إنهم الباغون الظالمون
الكافرون المشركون .
فقال له أمير المؤمنين : ثكلتك أمك ما أقواك بالباطل وأجراك على أن
تقول ما لم تعلم أبطلت يا ابن السوداء ليس القوم كما تقول لو كانوا مشركين
سبينا وغنمنا أموالهم وما ناكحناهم ولا وارثناهم .
337 - قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : قال نصر بن مزاحم في
كتاب صفين : دخل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الكوفة بعد رجوعه من البصرة
ومعه أشراف من أهل البصرة وغيرهم فاستقبلهم أهل الكوفة فيهم قراؤهم
وأشرافهم فدعوا له وقالوا : يا أمير المؤمنين أين تنزل أتنزل القصر ؟ قال : لا
ولكن أنزل الرحبة فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الاعظم فصلى فيه ركعتين
ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال :
أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكن في الاسلام فضلا ما لم تبدلوا أن تغيروا ،
دعوتكم إلى الحق فأجبتم وبدأتم بالمنكر فغيرتم ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين
الله فأما في الاحكام والقسم فأنتم أسوة غيركم ممن أجابكم ودخل فيما دخلتم
فيه .
___________________________________________________________
337 - القصة رواها نصر بن مزاحم رحمه الله في أول كتاب صفين ص 3 - 8 ط مصر .
ورواها عن نصر ابن أبي الحديد بإيجاز في بعض مواضيعها في شرح المختار : ( 43 )
من نهج البلاغة : ج 3 ص 102 ، ط الحديث بمصر ، وفي ط الحديث بيروت : ج 1 ،
ص 572 .
( * )
[355]
ألا إن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول الامل أما اتباع الهوى
فيصد عن الحق وأما طول الامل فينسى الآخرة .
ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة
منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ! ! ! اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا
عمل .
الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث
المبطل .
عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم الذين هم
أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المستحلين المدعين القالين لنا يتفضلون
بفضلنا ويجاحدوننا أمرنا وينازعوننا حقنا ويباعدوننا عنه ، فقد ذاقوا وبال ما
اجترحوا فسوف يلقون غيا .
ألا إنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم وأنا عليهم عاتب زار فاهجروهم
وأسمعوهم ما يكرهون ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة .
فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي وكان صاحب شرطته فقال : والله إني
لارى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا .
إلى آخر ما مر برواية المفيد رحمه الله ثم قال :
قال نصر : ولما قدم علي ( عليه السلام ) الكوفة نزل على باب المسجد
فدخل فصلى ثم تحول فجلس إليه الناس فسأل عن رجل من الصحابة كان
نزل الكوفة فقال قائل : استأثر الله به .
فقال : إن الله تعالى لا يستأثر بأحد
من خلقه إنما أراد الله جل ذكره بالموت إعزاز نفسه وإذلال خلقه وقرأ * ( وكنتم
أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) * .
قال نصر : فلما لحقه ثقله ( عليه السلام ) قالوا [ له ] : أتنزل القصر ؟ قال :
قصر الخبال لا تنزلونيه ! ! قال : وأنب عليه [ السلام ] جماعة ممن أبطأوا عنه ولم
يحضروا القتال وقال : ما بطأ بكم عني وأنتم أشراف قومكم ؟ والله إن كان من
[356]
ضعف النية وتقصير البصيرة فإنكم لبور ، وإن كان من شك في فضلي
ومظاهرة علي إنكم لعدو .
فقالوا : حاش لله يا أمير المؤمنين نحن سلمك
وحرب عدوك ثم اعتذر القوم .
قال نصر : وأتم علي ( عليه السلام ) صلاته يوم دخل الكوفة فلما كانت
الجمعة خطب الناس فقال :
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه ، وأعوذ بالله من الضلالة ، من يهدى الله
فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله
وانتجبه لامره واختصه بنبوته أكرم خلقه عليه وأحبهم إليه فبلغ رسالة ربه
ونصح لامته وأدى الذي عليه .
أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله وأقربه إلى
رضوان الله وخيره في عواقب الامور عند الله وبتقوى الله أمرتم وللاحسان
والطاعة خلقتم فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه فإنه حذر بأسا شديدا
واخشوا الله خشية ليست بتعذير واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإنه من عمل
لغير الله وكله الله إلى من عمل له ، ومن عمل لله مخلصا تولى الله ثوابه .
وأشفقوا من عذاب الله فإنه لم يخلقكم عبثا ولم يترك [ شيئا ] من أمركم
سدى قد سمى آثاركم وعلم أعمالكم وكتب آجالكم فلا تغتروا بالدنيا فإنها
غرارة لاهلها ، مغرور من اغتر بها ، وإلى فناء ما هي ، وإن الآخرة هي دار
الحيوان لو كانوا يعلمون .
أسأل الله منازل الشهداء ومرافقة الانبياء ومعيشة السعداء فإنما نحن به
وله ( 1 ) .
___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الظاهر المذكور في شرح ابن أبي الحديد : ج 1 ، ص 577 ط الحديث ببيروت .
وفي كتاب صفين : " فانما نحن له وبه " وفي أصلي من البحار : " فإنما نحن به أولى " .
( * )
[357]
قال نصر : ثم استعمل علي ( عليه السلام ) العمال وفرقهم في البلاد
وكتب مع جرير بن عبدالله البجلي كتابا إلى معاوية يدعوه إلى البيعة .
بيان : قال في النهاية : و [ في ] حديث ابن مسعود : إن قوما بنوا مسجدا
بظهر الكوفية فقال : جئت لافسد مسجد الخبال أي الفساد .
أقول : أورده نصر في كتابه على وجه البسط ثم قال :
[ و ] بعث يزيد بن قيس الارحبي على المدائن ومخنف بن سليم على
إصببهان وهمذان وقرظة بن كعب على البهقباذات ، ( 1 ) وقدامة بن مظعون على
كسكر وعدي بن حاتم على مدينة بهر سير وآستانها وأبا حسان البكري على
آستان العالي وسعد بن مسعود الثقفي على آستان الزوابي وربعى بن كاس على
سجستان - وكاس أمه يعرف بها - وخليد إلى خراسان فسار خليد حتى إذا دنا
من نيسابور بلغه أن أهل خراسان قد كفروا ونزعوا يدهم من الطاعة وقدم
عليهم عمال كسرى من كابل فقاتل أهل نيسابور فهزمهم وحصر أهلها وبعث
إلى علي ( عليه السلام ) بالفتح والسبي .
ثم صمد لبنات كسرى فنزلن على أمان فبعث بهن إلى علي ( عليه السلام )
فلما قدمن عليه قال : أزواجكن ؟ قلن : لا إلا أن تزوجنا ابنيك فإنا لا نرى لنا
كفوا غيرهما فقال علي ( عليه السلام ) : إذهبا حيث شئتما .
فقام نرسا فقال : مر لي بهن فإنها منك كرامة وبيني وبينهن قرابة .
ففعل
___________________________________________________________
( 1 ) " البهقبات ذات " بالباء الموحدة ثم الهاء ثم القاف يم الالف بعده ياء مثناة تحتانية .
ثم ذال معجمة ثم ألف ثم تاء في آخرها رستاق من رساتيق المداين مملكة كسرى
دفن فيها سلمان الفارسي رضي الله عنه .
كذا أفاده في مجمع البحرين عليم ما في هامش ط الكمباني من كتاب البحار هذا .
( * )
[358]
فأنزلهن نرسا معه وجعل يطعمهن ويسقيهن في الذهب والفضة ويكسوهن
كسوة الملوك ويبسط لهن الديباج .
وبعث الاشتر على الموصل ونصيبين ودارا وسنجار وآمد وهيت وعانات وما
غلبت عليه من تلك الارضين من أرض الجزيرة .
وبعث معاوية بن أبي سفيان الضحاك بن قيس على ما في سلطانه من
أرض الجزيرة وكان في يديه حران والرقة والرها وقرقيسا وكان من كان بالكوفة
وبالبصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية .
فخرج الاشتر وهو يريد الضحاك بحران فلما بلغ ذلك الضحاك بعث إلى
أهل الرقة فأمدوه وكان جل أهلها عثمانية فجاؤا وعليهم سماك بن مخرمة
وأقبل الضحاك يستقبل الاشتر فالتقى الضحاك وسماك بين حران والرقة
ورحل الاشتر حتى نزل عليهم فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كان عند المساء فرجع
الضحاك بمن معه فسار ليلته كلها حتى أصبح بحران فدخلها وأصبح الاشتر
فرأى ما صنعوا فتبعهم حتى نزل عليهم بحران فحصرهم وأتى الخبر معاوية
فبعث إليهم عبدالرحمان بن خالد في خيل يغيثهم .
فلما بلغ ذلك الاشتر كتب كتائبه وعبا جنوده وخيله ثم ناداهم الاشتر : ألا
إن الحي عزيز ألا إن الذمار منيع ألا تنزلون أيها الثعالب الرواغة احتجرتم
احتجار الضباب فنادوا يا عباد الله أقيموا قليلا ، علمتم والله أن قد أتيتم .
فمضى الاشتر حتى مر على أهل الرقة فتحرزوا منه ، ثم مضى حتى مر
على أهل قرقيسا فتحرزوا منه وبلغ عبدالرحمان بن خالد انصراف الاشتر
فانصرف .
338 - وروى نصر أيضا عن عبدالله بن كردم بن مرثد قال : لما قدم علي
عليه السلام حشر إليه أهل السواد فلما اجتمعوا أذن لهم فلما رأى كثرتهم قال :
إني لا أطيق كلامكم ولا أفقه عنكم فأسندوا أمركم إلى أرضاكم في أنفسكم
وأعمه نصيحة لكم .
[359]
قالوا : نرسا ما رضى فقد رضيناه وما سخط سخطنا [ ه ] .
فتقدم [ نرسا ]
فجلس إليه فقال : يا نرسا أخبرني عن ملوك فارس كم كانوا ؟ قال : كانت
ملوكهم في هذه المملكة الآخرة إثنين وثلاثين ملكا .
قال : فكيف كانت
سيرتهم ! ! قال : ما زات سيرتهم في عظم أمرهم واحدة حتى ملكنا كسرى بن
هرمز فاستأثر بالمال والاعمال وخالف أولينا وأخرب الذي للناس وعمر الذي
له واستخف بالناس وأوغر نفوس فارس حتى ثاروا إليه فقتلوه فأرملت نساؤه
ويتم أولاده ( 1 ) .
فقال : يا نرسا إن الله عز وجل خلق الخق بالحق ولا يرضى من أحد إلا
بالحق وفي سلطان الله تذكرة مما خول الله وإنها لا تقوم مملكة إلا بتدبير ولابد
من إمرة ولا يزال أمرنا متماسكا ما لم يشتم آخرنا أولنا فإذا خالف آخرنا أولنا
وأفسدوا هلكوا وأهلكوا .
ثم أمر عليهم أمرا أهم .
ثم إن عليا بعث إلى العمال في الآفاق وكان أهم الوجوه إليه الشام .
339 - وروى عن محمد بن عبيدالله القرشي عن الجرجاني قال : لما بويع علي
( عليه السلام ) وكتب إلى العمال في الآفاق كتب إلى جزير بن عبدالله
البجلي - وكان عاملا لعثمان على ثغر همدان - مع زحر بن قيس الجعفي :
أما بعد فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله
بقوم سوءا فلا مرد له ومالهم من دونه من وال .
وإني أخبرك عمن سرنا إليه من جموع طلحة والزبير عه نكثهم بيعتهم
وما صنعوا بعاملي عثمان بن حنيف أني هبطت من المدينة ب ؟ لهاجرين والانصار
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في كتاب صفين ، وفي ط الكمباني من بحار الانوار : " فأمت نساؤه " ولعله كان
في الاصل : " فأويمت نساؤه " فصحف .
( * )
[360]
حتى إذا كنت بالعذيب بعثت إلى أهل الكوفة بالحسن بن علي وعبدالله بن
العباس وعمار بن ياسر وقيس بن سعد بن عبادة فاستنفروهم فأجابوا فسرت
بهم حتى نزلت بظهر البصرة فأعذرت [ في ] الدعاء وأقلت العثرة وناشدتهم
عقد بيعتهم فأبوا إلا قتالي فاستعنت بالله عليهم فقتل من قتل وولوا مدبرين
إلى مصرهم فسألوني ما كنت دعوتهم إليه قبل اللقاء فقبلت العافية ورفعت
[ عنهم ] السيف واستعملت عليهم عبدالله بن عباس وسرت إلى الكوفة وقد
بعثت إليكم زحر بن قيس فاسأل عما بدا لك .
فلما قرأ جرير الكتاب قام فقال : يا أيها الناس هذا كتاب أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو المأمون على الدين والدنيا وقد كان من
أمره وأمر عدوه ما نحمد الله عليه وقد بايعه السابقون الاولون من المهاجرين
والانصار والتابعين بإحسان ولو جعل هذا الامر شورى بين المسلمين كان أحقهم
بها .
ألا وإن البقاء في الجماعة ، والفناء في الفرقة ، وعلي حاملكم على الحق ما
استقمتم فإن ملتم أقام ميلكم .
فقال الناس : سمعا وطاعة ورضينا رضينا فأجاب جرير وكتب جواب كتابه
[ بالطاعة ] .
ثم قام زحر بن قيس خطيبا فكان مما حفظ من كلامه أن قال : الحمد لله
الذي اختار الحمد لنفسه وتولاه دون خلقه لا شريك له في الحمد ، ولا نظير
له في المجد ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائم الدائم ، إله السماء
والارض ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق الواضح والكتاب
الناطق داعيا إلى الخير وقائدا إلى الهدى .
ثم قال : أيها الناس إن عليا كتب إليكم كتابا لا يقال بعده إلا رجيع من
القول ولكن لابد من رد الكلام إن الناس بايعوا عليا بالمدينة غير محاباة