[371]

وأنت فيه خامل يتصاغر أمرك فالحق بجماعة أهل الشام فكن يدا من أيديها واطلب بدم عثمان فإنك قد استسلمت فيه إلى بني أمية ( 1 ) .
فقال عمرو : أما أنت يا عبدالله فأمرتني بما هو خير لي في ديني وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي وأنا ناظر فيه .
فلما جنه الليل رفع صوته ينشد أبياتا في ذلك يرددها ( 2 ) فقال عبدالله ترحل الشيخ .
قال : ودعا عمرو غلاما له يقال له : وردان وكان داهيا ماردا فقال : ارحل يا وردان ثم قال : حط يا وردان .
فقال له ورادن : خلطت أبا عبدالله أما إنك إن شئت أنبأتك بما في نفسك ؟ قال : هات ويحك قال : اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك فقلت : علي معه الآخرة في غير دنيا ، وفي الآخرة عوض من الدنيا ، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة وليس في الدنيا عوض من الآخرة فأنت واقف بينهما ! ! قال [ عمرو ] : فإنك والله ما أخطأت فما ترى يا وردان ؟ قال : أرى أن تقيم في بيتك فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم وإن ظهر الدنيا لم يستغنوا عنك ! ! ! قال : الآن لما شهدت العرب مسيري إلى معاوية ( 3 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، وفي شرح ابن أبي الحديد : " فإنه سيقوم بذلك بنو أمية " .
وفي ط مصر من كتاب صفين : " فإنك قد استنمت فيه إلى بني أمية " وهو الظاهر ، واستنمت : سكنت .
( 2 ) والابيات مذكورة في كتاب صفين وأنساب الاشراف وتاريخ الطبري وشرح ابن أبي الحديد ، وللقصة مصادر كثيرة يجد الباحث كثيرا من محتوياتها في صدر المختار : ( 176 ) من نهج السعادة وتعليقاته : ج 2 ص 5 ط 2 ، وفي ط 1 : ج 2 ص 57 - 83 .
( 3 ) ومثله في كتاب صفين ، وفي شرح ابن أبي الحديد : " قال : الآن لما أشهرت العرب سيرى إلى معاوية " .
وفي كتاب الامامة والسياسة : " الآن حين شهرتني العرب بمسيري إلى معاوية " .
( * )

[372]

فارتحل وسار حتى قدم على معاوية وعرف ذلك معاوية فباعده وكايد كل واحد منهما صاحبه ! ! ! فلما دخل عليه قال : أبا عبدالله طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة أخبار ليس فيها ورد ولا صدر .
قال [ عمرو ] : وما ذاك ؟ قال ذاك إن محمد بن أبي حذيفة قد كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه وهو من آفات هذا الدين .
ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم إلي ليغلب على الشام .
ومنها أن عليا نزل الكوفة متهيئا للمسير إلينا .
قال [ عمرو ] : ليس كل ما ذكرت عظيما ( 1 ) .
أما أمر ابن أبي حذيفة فما يعظمك من رجل خرج في أشباهه أن تخرج [ إليه ] الخيل [ حتى ] تقتله أو تأتيك به وإن فاتك لا يضرك ( 2 ) وأما قيصر فاهد له من وصفاء الروم ووصائفها ( 3 ) وآنية الذهب والفضة وسله الموادعة فإنه إليها سريع .
وأما علي فلا والله يا معاوية لا تسوى العرب بينك وبينه في شئ من الاشياء وإن له في الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش وإنه لصاحب ما هو فيه إلا أن تظلمه .

___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الظاهر الموافق لما في ط مصر من كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد ، وفي ط الكمباني من البحار : " قال : كل هذا عظيم " .
( 2 ) هذا هو الظاهر الموافق لكتاب صفين غير أن فيه : " أن تبعث إليه خيلا تقتله ... " .
وفي أصلي من البحار : " أن تخرج [ إليه ] الخيل تقتله ولا يضرك ... " .
( 3 ) هذا هو الصواب الموافق لكتاب صفين ، وفي أصلي : " وصفائها " .
الوصفاء : جمع الوصيف : : الغلام دون المراهق .
والمؤنث : وصيفة وجمعها : وصائف .
( * )

[373]

وروى نصر عن عمر بن سعد بإسناده قال : قال معاوية لعمرو : يا أبا عبدالله إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى ربه وشق عصا المسلمين وقتل الخليفة وأظهر الفتنة وفرق الجماعة وقطع الرحم ! ! قال عمرو : إلى من ؟ قال : إلى جهاد علي قال : فقال عمرو : والله يا معاوية ما أنت وعلي بعكمي بعير مالك هجرته ولا سابقته ولا صحبته ولا فقهه ولا علمه ووالله وإن له مع ذلك جدا وجدودا وحظا وحظوة وبلاء من الله حسنا فما تجعل لي إن شايعتك على ما تريد ؟ قال : حكمك .
قال : مصر طعمة .
قال : فتلكأ عليه معاوية .
قال نصر وفي حديث غير عمر قال : قال له معاوية : يا أبا عبدالله إني أكره أن تحدث العرب أنك إنما دخلت في هذا الامر لغرض دنيا ! ! قال : دعني منك قال معاوية : إني لو شئت أن أمنيك وأخدعك لفعلت قال عمرو : لا لعمر الله ما مثلي يخدع ولانا أكيس من ذلك .
قال له معاوية : ادن مني برأسك أسارك .
قال : فدنا منه عمرو [ كي ] يساره فعض معاوية أذنه وقال : هذه خدعة هل ترى في البيت أحدا غيري وغيرك .
ثم رجع [ الكلام ] إلى حديث عمر ( 1 ) فقال معاوية : يا أبا عبدالله ألم تعلم أن مصرا مثل العراق ؟ قال : بلى ولكنها إنما تكون لي إذا كانت لك وإنما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق .
قال فدخل عليه عتبة بن أبي سفيان فقال : أما ترضى أن تشتري عمروا بمصر إن هي صفت لك ؟ فليتك لا تغلب على الشام .

___________________________________________________________
( 1 ) وفي كتاب صفين هكذا : ثم رجع [ الكلام ] إلى حديث عمر : قال : فأنشأ عمرو يقول : معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل * بذلك دنيا فانظرن كيف تصنع وساق بقية الابيات إلى أن قال : [ ف ] قال [ معاوية ] : يا أيا عبدالله ألم تعلم أن مصر مثل العراق ؟ ... ( * )

[374]

فقال معاوية : يا عتبة بت عندنا الليلة قال : فلما جن على عتبة الليل رفع صوته ليسمع معاوية بأبيات يحثه فيها على إرضاء عمرو ، فلما سمع معاوية ذلك أرسل إلى عمرو وأعطاها إياه .
قال : فقال عمرو : ولي الله عليك بذلك شاهد ؟ قال له معاوية : نعم لك الله علي بذلك لئن فتح الله علينا الكوفة .
قال عمرو : والله على ما نقول وكيل .
قال : فخرج عمرو من عنده فقال له ابناه : ما صنعت ؟ قال : أعطانا مصر .
فقالا : وما مصر في ملك العرب ؟ قال : لا أشبع الله بطونكما إن لم يشبعكما مصر .
قال : فأعطاها إياه وكتب له كتابا وكتب معاوية : على أن لا ينقض شرط طاعة ( 1 ) فكتب عمرو على أن لا تنقض طاعته شرطا .
وكايد كل منهما صاحبه ( 2 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) وأشار في أصلي وكتب تحت هذه الجملة إشارة أن في بعض النسخ من كتاب صفين بدل هذه الجملة هكذا : " على أن لا ينقض شرطه طاعته " .
( 2 ) كذا في ط الكمباني من البحار ، ولكن أشار تحت قوله : " على أن لا ينقض شرط طاعة " أن في نسخة هكذا : " على أن لا ينقض شرطه طاعته " .
قال ابن أبي الحديد في شرحه على المختار : ( 26 ) من نهج البلاغة : ج 1 ، ص 138 ، وفي ط الحديث ببيروت : ج 1 ، ص 322 : وقد ذكر هذا اللفظ أبوالعباس محمد بن يزيد المبرد في كتابه الكامل ولم يفسره ، وتفسيره : أن معاوية قال للكاتب : " اكتب على أن لا ينقض شرط طاعة " يريد أخذ إقرار عمر وله أنه قد بايعه على الطاعة بيعة مطلقة غير مشروطة بشئ .
وهذه مكايدة له ، لانه لو كتب ذلك لكان لمعاوية أن يرجع في إعطائه مصر ، ولم يكن لعمرو أن يرجع عن طاعته ، ويحتج عليه برجوعه عن إعطائه مصر ، لانه مقتضى المشارطة المذكورة أن طاعة معاوية واجبة عليه مطلقا ، سواء أكانت مصر مسلمة إليه أو لا .
( * )

[375]

وكان مع عمرو ابن عم له فتى شاب وكان داهيا فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتى وقال : ألا تخبرنا يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش أعطيت دينك ومنيت دنيا غيرك أترى أهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها إلى معاوية وعلي حي ؟ وتراها إن صارت إلى معاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب ؟ فقال عمرو : يا ابن الاخ إن الامر لله دون علي ومعاوية فأنشد الفتى في ذلك شعرا فقال له عمرو : يا ابن أخي لو كنت مع علي وسعني بيتي ولكني الآن مع معاوية .
فقال له الفتى : إنك إن لم ترد معاوية لم يردك ولكنك تريد دنياه ويريد دينك .
وبلغ معاوية قول الفتى فطلبه فهرب ولحق بعلي فحدثه بأمر عمرو ومعاوية قال : فسر ذلك عليا وقربه .
قال : وغضب مروان وقال ما بالي لا أشترى كما اشتري عمرو ؟ قال : فقال له معاوية : إنما نبتاع الرجال لك .
قال : فلما بلغ عليا ما صنع معاوية وعمرو قال : يا عجبا لقد سمعت منكرا * كذبا على الله يشيب الشعراء إلى آخر ما سيأتي من الابيات في آخر الابواب .
وروى نصر عن محد بن عبيد الله عن الجرجاني قال : لما بات عمرو عند

___________________________________________________________
فلما انتبه عمرو إلى هذه المكيدة منع الكاتب من أن يكتب ذلك وقال : بل اكتب " على أن لا تنقض طاعة شرطا " يريد أخذ إقرار معاوية له بأنه إذا كان أطاعه لا تنقض طاعته إياه ما شارطه عليه من تسليم مصر إليه .
وهذا أيضا مكايدة من عمرو لمعاوية ، ومنع له من أن يغدر بما أعطاه من مصر .
وسيأتي عن المصنف نقل كلام ابن أبي الحديث هذا في ص 472 .
( * )

[376]

معاوية وأصبع أعطاه مصر طعمة وكتب له بها كتابا وقال : ما ترى ؟ قال : امض الرأي الاول .
فبعث [ معاوية ] مالك بن هبيرة في طلب ابن أبي حذيفة فأدركه فقتله وبعث إلى قيصر بالهدايا فوادعه .
ثم قال : [ معاوية لعمرو ] : ما ترى في علي ؟ قال : أرى فيه خيرا أتاك في هذه البيعة خير أهل العراق ومن عند خير الناس في أنفس الناس ودعوتك أهل الشام إلى رد هذه البيعة خطر شديد ورأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندي وهو عدو لجرير فأرسل إليه ووطئ له ثقاتك فليفشوا في الناس أن عليا قتل عثمان وليكونوا أهل الرضا عند شرحبيل فإنها كلمة جامعة لك أهل الشام على ما تحب ومن تعلق بقلبه شئ لم يخرجه شئ أبدا .
فدعا معاوية يزيد بن لبيد وبسر بن أرطأة وعمرو بن سفيان ومخارق بن الحرث الزبيدي وحمزة بن مالك وحابس بن سعيد الطائي ثم كتب إلى شرحبيل أن جرير بن عبدالله قدم علينا من قبل علي بأمر فظيع فاقدم .
فاستشار شرحبيل أهل اليمن من أهل حمص فاختلفوا عليه ، فقام إليه عبدالرحمان بن غنم وهو صاحب معاذ وختنه وكان أفقه أهل الشام فنهاه عن المسير إلى معاوية ووعظه ونهاه أيضا عياض اليماني وكان ناسكا .
فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية .
فلما قدم على تلقاه الناس فأعظموه ودخل على معاوية فقال له معاوية : يا شرحبيل إن جرير بن عبدالله يدعونا إلى بيعة علي وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان وحبست نفسي عليك وإنما أنا رجل من أهل الشام أرضى ما رضوا وأكره ما كرهوا .
فقال شرحبيل : أخرج فانظر فخرج فلقيه هؤلاء النفر الموطئون له كلهم يخبره بأن عليا قتل عثمان فرجع مغضبا إلى معاوية فقال : يا معاوية أبى الناس إلا أن عليا قتل عثمان والله لئن بايعت له لنخرجنك من الشام أو لنقتلنك !

[377]

قال معاوية : ما كنت لاخالف عليكم ما أنا إلا رجل من أهل الشام .
قال فرد هذا الرجل إلى أصحابه [ إذن ] .
قال : فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق وأن أهل الشام مع شرحبيل .
فخرج شرحبيل فأتى حصين نمير فقال : ابعث إلى جرير فبعث إليه حصين أن زرنا فإن عندنا شرحبيل بن السمط فاجتمعا عنده .
فتكلم شرحبيل فقال : يا جرير أتيتنا بأمر ملفق لتلقينا هي لهوات الاسد أوردت أن تخلط الشام بالعراق وأطريت عليا وهو قاتل عثمان والله سائلك عما قلت يوم القيامة .
فأقبل عليه جرير وقال : يا شرحبيل أما قولك إني جئت بأمر ملفف فكيف يكون أمرا ملففا وقد اجتمع عليه المهاجرون والانصار وقوتل على رده طلحة والزبير .
وأما قولك : إني ألقيتك في لهوات الاسد ففي لهواتها ألقيت نفسك .
وأما خلط العراق بالشام فخلطها على حق خير من فرقتها على باطل .
وأما قولك إن عليا قتل عثمان فو الله ما في يديك من ذلك إلا القذف بالغيب من مكان بعيد ، ولكنك ملت إلى الدنيا وشئ كان في نفسك علي زمن سعد بن أبي وقاص .
فبلغ معاوية قول الرجلين فبعث إلى جرير وزجره وكتب جرير إلى
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 377 سطر 19 الى ص 385 سطر 18 شرحبيل أبياتا يعظه فيها فزعر شرحبيل وفكر فاستزله القوم ولفف له معاوية الرجال ولم ينفعه زجر قومه [ له ] ولا غيرهم حتى أنه بعثه معاوية إلى مدائن الشام يدعوهم إلى الطلب بدم عثمان فبدأ بأهل حمص فأجابوه إلا نساك من أهل حمص فإنهم قاموا إليه فقالوا : بيوتنا قبورنا ومساجدنا وأنت أعلم بما ترى .

[378]

وجعل شرحبيل يستنهض مدائن الشام حتى استفرغها لا يأتي على قوم إلا قبلوا ما أتاهم به .
فآيس جرير [ عند ذلك ] من معاوية ومن عوام الشام .
قال [ نصر ] : وكان معاوية قد أتى جريرا قبل ذلك في منزله فقال : يا جرير إني قد رأيت رأيا .
قال : هاته .
قال : اكتب إلى صاحبك يجعل لي الشام ومصر جباية فإذا حضرته الوفاة لم يجعل لاحد بعده بيعة في عنقي وأسلم له هذا الامر واكتب إليه بالخلافة ! ! ! فقال جرير : اكتب بما أردت واكتب معك فكتب معاوية بذلك إلى علي .
فكتب علي إلى جرير : أما بعد فإنما أراد معاوية أن لا يكون لي في عنقه بيعة وأن يختار من أمره ما أحب ، وأراد أن يريثك حتى يذوق أهل الشام ، وإن المغيرة بن شعبة قد كان أشار علي أن أستعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة فأبيت ذلك عليه .
ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا ، فإن يايعك الرجل وإلا فأقبل .
وفشا كتاب معاوية في العرب .
وفي حديث صالح بن صدقة قال : أبطأ جرير عند معاوية حتى اتهمه الناس وقال علي : " وقت لرسولي وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا " وأبطأ على علي ( عليه السلام ) حتى آيس منه .
وفي حديث محمد وصالح بن صدقة قالا : وكتب علي ( عليه السلام ) إلى جرير : أما بعد فإذا أتاك كتابي [ هذا ] فاحمل معاوية على الفصل ثم خيره وخذه

[379]

بالجواب بين حرب مخزية أو سلم محظية ( 1 ) فإن اختار الحرب فانبذ له ، وإن اختار السلم فخذه ببيعته ( 2 ) .
فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى به إلى معاوية فأقرأه الكتاب وقال : يا معاوية إنه لا يطبع على قلب إلا بذنب ولا ينشرح إلا بتوبة ولا أظن قلبك لا مطبوعا أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يدي ؟ ؟ ؟ فقال معاوية ألقاك بالفيصل في أول مجلس إنشاء الله .
فلما بايع معاوية أهل الشام وذاقهم قال : يا جرير الحق بصاحبك وكتب إليه بالحرب ( 3 ) فأجابه علي ( عليه السلام ) : من علي إلى معاوية بن صخر أما بعد فقد أتاني كتاب امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه وقاده [ الضلال ] فاتبعه ( 4 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، ومثله في شرح ابن أبي الحديد : ج 1 ، ص 562 ط الحديث ببيروت .
وفي ط مصر من كتاب صفين : " فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل ، وخذه بالامر الجزم ، ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم محظية ... " .
( 2 ) كذا في أصلي ، وفي أواخر الجزء الاول من كتاب صفين والمختار : ( 8 ) من الباب الثاني من نهج البلاغة : " فخذ بيعته " .
وللكلام مصادر أخر يجد الباحث بعضها في ذيل المختار : ( 47 ) من باب الكتب من نهج السعادة : ج 4 ص 98 ط 1 .
( 3 ) ورسالة معاوية إلى الامام أمير المؤمنين عليه السلام في إعلانه بالحرب ذكرها المبرد في كتاب الكامل ص 148 ، ورواها عنه محقق كتاب صفين في هامش المقام منه ص 56 ط 2 .
( 4 ) هذا هو الظاهر المذكور في شرح المختار : ( 43 ) من شرح ابن أبي الحديد ، والمختار : ( 7 ) من الباب ألثاني من نهج البلاغة غير أن فيه : " قد دعاه الهوى فأجابه ... " .
وفي كتاب صفين : " ليس له نظر يهديه ولا قائد يرشده ... " .
وها هنا في ط الكمباني من البحار تقديم وتأخير .
( * )

[380]

زعمت أنه إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا وما كان الله ليجمعهم على ضلالة ولا ليضربهم بالعمى وما أمرت فيلزمني خطيئة الامر ، ولا قتلت فيجب علي قصاص .
وأما قولك : إن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز فهات رجلا من قريش الشام يقبل ففي الشورى أو تحل له الخلافة ؟ فإن زعمت ذلك كذبك المهاجرون والانصار وإلا أتيتك به من قريش الحجاز .
وأما قولك : ادفع إلينا قتلة عثمان ، فما أنت وعثمان ؟ إنما أنت رجل من بني أمية وبنو عثمان أولى بذلك منك .
فإن زعمت أنك أقوى على دم أبيهم منهم فادخل في طاعتي ثم حاكم القوم إلي أحملك إياهم على المحجة .
وأما تمييزك بين الشام والبصرة وبينك وبين طلحة والزبير فلعمري ما الامر فيما هناك إلا واحد لانها بيعة عامة لا يثنى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار .
وأما ولوعك بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حق العيان ولا يقين بالخبر وأما فضلي بالاسلام وقرابتي من النبي صلى الله عليه وآله وشرفي في قريش فلعمري لو استطعت دفع ذلك لدفعته ( 1 ) .
[ نصر ، عن ] صالح بن صدقة بإسناده قال : لما رجع جرير إلى علي ( عليه

___________________________________________________________
( 1 ) وقريبا منه جدا رواه السيد الرضي في المختار : ( 6 - 7 ) من باب كتب أمير المؤمنين في نهج البلاغة .
( * )