[ 31 ]
استجابوا لربهم والله ما لكم ولا لغيركم إلا ذلك ألهمنا الله وإياكم الصبر
عليه .
فذهب عبدالله بن الزبير يتكلم فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد
فخرج وهو يصيح ويقول : اردد إليه بيعته .
فقال علي ( عليه السلام ) : لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه ولا مدخلكما
في أمر خرجتما منه .
فقاما منه وقالا : أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء قال :
فقال ( عليه السلام ) : رحم الله عبدا رأى حقا فأعان عليه أو رأى جورا فرده
وكان عونا للحق على من خالفه ( 1 ) .
بيان : يخرق به الصراط أي من الاعوام التي يخرق بها الصراط أي يقطع
بها .
وفي النهاية : " قناة " : واد من أودية المدينة عليه حرث ومال وزرع .
وقال
في حديث علي ( عليه السلام ) : " أنا أبوحسن القرم أي المقدم في الرأي ،
والقرم فحل الابل أي أنا فيهم بمنزلة الفحل في الابل .
قال الخطابي : وأكثر الروايات " القوم " بالواو ولا معنى له وإنما هو بالراء
أي المقدم في المعرفة وتجارب الامور .
10 - 18 - الكافية لابطال توبة الخاطئة ( 2 ) عن الحسين بن عيسى عن زيد عن
أبيه قال : حدثنا أبوميمونة عن أبي بشير العائذي قال : كنت بالمدينة حين قتل
عثمان فاجتمع المهاجرون فيهم طلحة والزبير فأتوا عليا ( عليه السلام ) فقالوا :
يا أبا الحسن هلم نبايعك ، قال : لا حاجة لي في أمركم أنا بمن اخترتم راض ،
قالوا : ما نختار واختلفوا إليه بعد قتل عثمان مرارا .
___________________________________________________________
( 1 ) رواه الشيخ الطوسي في الحديث الاخير من المجلس : ( 26 ) من المجلد الثاني من أماليه
ص 735 .
( 2 ) هذا الكتاب من تأليف معلم الامة الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، ومع
الفحص الاكيد عنه لم نظفر بعد به .
( * )
[ 32 ]
وعن إسحاق بن راشد عن عبدالحميد بن عبدالرحمن القرشي عن أبي
أروى قال : لا أحدثك إلا بما رأته عيناي وسمعته أذناي لما برز الناس للبيعة
عند بيت المال قال علي ( عليه السلام ) لطلحة : ابسط يدك للبيعة ، فقال له
طلحة : أنت أحق بذلك مني وقد استجمع لك الناس ولم يجتمعوا لي فقال
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 32 سطر 5 الى ص 40 سطر 5
علي ( عليه السلام ) لطلحة : والله ما أخشى غيرك ! ! ! فقال طلحة : لا تخشى
فو الله لا تؤتى من قبلى أبدا فبايعه وبايع الناس .
وعن يحيى بن سلمة عن أبيه قال : قال ابن عباس : والذي لا إله إلا هو
أن أول خلق الله عزوجل ضرب على يد علي بالبيعة طلحة بن عبيد الله .
وعن محمد بن عيسى النهدي عن أبيه عن الصلت بن دينار عن الحسن
قال : بايع طلحة والزبير عليا ( عليه السلام ) على منبر رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) طائعين غير مكرهين .
وعن عبيدالله بن حكيم بن جبير عن أبيه عن علي بن الحسين عليهما
السلام قال : إن طلحة والزبير بايعا عليا .
وعن الحسن بن مبارك عن بكر بن عيسى قال : إن طلحة والزبير أتيا
عليا ( عليه السلام ) بعدما بايعاه بأيام فقالا : يا أمير المؤمنين قد عرفت شدة
مؤنة المدينة وكثرة عيالنا وإن عطاءنا لا يسعنا قال : فما تريدان نفعل ؟ قالا :
تعطينا من هذه المال ما يسعنا ! فقال : اطلبا إلى الناس فإن اجتمعوا على أن
يعطوكما شيئا من حقوقهم فعلت .
قالا : لم نكن لنطلب ذلك إلى الناس ولم
يكونوا يفعلوا لو طلبنا إليهم ! قال : فأنا والله أحرى أن لا أفعل فانصرفا
عنه .
وعن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي عليهما السلام إن طلحة
والزبير أتيا عليا ( عليه السلام ) فاستأذناه في العمرة فقال لهما : لعلكما تريدان
الشام والبصرة ؟ فقالا : اللهم غفرا ما ننوي إلا العمرة .
وعن الحسين بن مبارك عن بكر بن عيسى ( عليه السلام ) أن عليا أخذ
عليهما عهد الله وميثاقه وأعطم ما أخذ على أحد من خلقه أن لا يخالفا ولا
[ 33 ]
ينكثا ولا يتوجها وجها غير العمرة حتى يرجعا إليها فأعطياه ذلك من أنفسهما
ثم أذن لهما فخرجا .
وعن أم راشد مولاة أم هانئ أن طلحة والزبير دخلا على علي ( عليه
السلام ) فاستأذناه في العمرة فأذن لهما فلما وليا ونزلا من عنده سمعتهما
يقولان : لا والله ما بايعناه بقلوبنا إنما بايعناه بأيدينا [ قالت : ] فأخبرت عليا
( عليه السلام ) بمقالتهما فقال : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله
فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه
أجرا عظيما " ( 1 ) .
19 - شا : [ و ] من كلامه صلوات الله عليه - حين تخلف عن بيعته عبد
الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وحسان بن ثابت وأسامة بن
زيد - ما رواه الشعبي قال : لما اعتزل سعد ومن سميناه أمير المؤمنين ( عليه
السلام ) وتوقفوا عن بيعته حمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي وإنما الخيار
للناس قبل أن يبايعوا فإذا بايعوا فلا خيار لهم وإن على الامام الاستقامة وعلى
الرعية التسليم وهذه بيعة عامة من رغب عنها رغب من دين الاسلام واتبع
غير سبيل أهله ولم تكن بيعتكم إياي فلتة وليس أمري وأمركم واحدا وإني
أريدكم لله وأنتم تريدونني لانفسكم وأيم الله لانصحن للخصم ولانصفن
للمظلوم وقد بلغني عن سعد وابن مسلمة وأسامة وعبدالله وحسان بن ثابت
أمور كرهتها والحق بيني وبينهم .
___________________________________________________________
( 1 ) اقتباس من الآية العاشرة من سورة الفتح : ( 48 ) .
19 - رواه الشيخ المفيد في الفصل : ( 16 ) مما اختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في
كتاب الارشاد ص 130 وللكلام مصادر أخر يجدها الباحث في ذيل المختار : ( 59 )
من كتاب نهج السعادة : ج 1 ، ص 208 ط 2 .
( * )
[ 34 ]
بيان : " وإنما الخيار " أي بزعمكم وعلى ما تدعون من ابتناء الامر على
البيعة " لم تكن بيعتكم [ إياي فلتة ] " تعريض ببيعة أبي بكر .
20 - 22 - قب : في جمل أنساب الاشراف أنه قال الشعبي في خبر لما قتل عثمان
أقبل الناس لعلي ( عليه السلام ) ليبايعوه وقالوا إليه فمدوا يده فكفها وبسطوها
فقبضها حتى بايعوه ( 1 ) .
وفي سائر التواريخ : أن أول من بايعه طلحة بن عبيدالله - وكانت إصبعه
أصيبت يوم أحد فشلت فبصرها أعرابي حين بايع فقال : ابتدأ هذا الامر يد
شلاء لا يتم - ثم بايعه الناس في المسجد .
ويروى أن الرجل كان عبيد بن ذويب فقال : يد شلاء وبيعة لا تتم وهذا
عنى البرقي في بيته :
ولقد تيقن من تيقن غدرهم * إذ مد أولهم يدا شلاءا
جبلة بن سحيم عن أبيه أنه قال : لما بويع علي ( عليه السلام ) جاء إليه
المغيرة بن شعبة فقال إن معاوية من قد علمت قد ولاه الشام من كان قبلك
فوله أنت كيما تتسق عرى الاسلام ثم أعزله إن بدا لك فقال أمير المؤمنين
( عليه السلام ) : أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه ؟ قالا :
لا .
قال : لا يسألني الله عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا
" وما كنت متخذا المضلين عضدا " الخبر .
ولما بويع علي ( عليه السلام ) أنشأ خزيمة بن ثابت يقول :
___________________________________________________________
20 - 22 - رواه ابن شهر أشوب إلى آخر الابيات المذكورة ها هنا في آخر قضايا الحكمين
والخوارج من كتاب مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 375 ط الغري .
( 1 ) ولذيل الكلام مصادر ، وقد ذكره البلاذري بسندين في الحديث : ( 258 ) وما بعده من
ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الاشراف : ج 2 ص 209 - 210 .
( * )
[ 35 ]
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبوحسن مما نخاف من الفتن
وجدناه أولى الناس بالناس أنه * أطب قريش بالكتاب وبالسنن
وإن قريشا لا تشق غباره * إذا ما جرى يوما على ضمر البدن
ففيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم مثل الذي فيه من حسن
وصي رسول الله من دون أهله * وفارسه قد كان في سالف الزمن
وأول من صلى من الناس كلهم * سوى خيرة النسوان والله ذي المنن
وصاحب كبش القوم في كل وقعة * يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن
فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه * إمامهم حتى أغيب بي الكفن
[ وقال ابوالعباس : احمد بن ] عطية .
رأيت عليا خير من وطى الحصا * وأكرم خلق الله من بعد أحمد
وصي رسول المرتضى وابن عمه * وفارسه المشهور في كل مشهد
تخيره الرحمان من خير أسرة * لاطهر مولود وأطيب مولد
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * بيعته بعد النبي محمد
بيان : أطب قريش أي أعلمهم ورجل طب - بالفتح - أي عالم .
" تكون
لها " أي لشدة الواقعة " نفس الشجاع " وروحه للخوف منها " عند الذقن "
أي مشرفة على مفارقة البدن .
أقول : سيأتي في أعمال يوم النيروز عن المعلى بن خنيس عن أبي عبدالله
( عليه السلام ) إن اليوم الذي بويع فيه أمير المؤمنين ثانية كان يوم النيروز .
23 - نهج ومن كلام له [ عليه السلام ] لما أريد على البيعة بعد قتل
عثمان : دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان لا يقوم له
القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد أغامت والحجة قد تنكرت
___________________________________________________________
23 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 90 ) من كتاب نهج البلاغة .
( * )
[ 36 ]
واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول الفائل وعتب
العاتب وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه
أمركم وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا .
تبيين : المخاطبون بهذا الخطاب [ هم ] الطالبون للبيعة بعد قتل عثمان ،
ولما كان الناس نسوا سيرة النبي واعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من
تفضيل الرؤساء والاشراف لانتظام أمورهم وأكثرهم إنما نقموا على عثمان
استبداده بالاموال كانوا يطمعون منه عليه السلام أن يفضلهم أيضا في العطاء
والتشريف ولذا نكث طلحة والزبير في اليوم الثاني من بيعته ونقموا عليه
التسوية في العطاء وقالوا آسيت بيننا وبين الاعاجم وكذلك عبدالله بن عمر
وسعيد بن العاص ومروان وأضرابهم ولم يقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما
طلبوا البيعة بعد قتل عثمان قال عليه السلام " دعوني والتمسوا غيري ... "
إتماما للحجة عليهم وأعلمهم باستقبال أمور لها وجوه وألوان لا يصبرون عليها
وإنه بعد البيعة لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه ولا يصغي إلى قول القائل وعتب
العاتب بل يقيمهم على المحجة البيضاء ويسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله
عليه وآله .
[ قوله ] : " وإن الآفاق قد أغامت " أي أظلمت بغيم سنن أرباب البدع
وخفاء شمس الحق تحت سحاب شبه أهل الباطل .
" والمحجة " : جادة
الطريق " وتنكرها " تغيرها وخفاؤها .
قوله عليه السلام : " ركبت بكم " أي
جعلتكم راكبين .
وتركهم إياه عدم طاعتهم له واختيار غيره للبيعة حتى لا تتم
شرايط الخلافة لعدم الناصر كقوله ( عليه السلام ) في الشقشقية : " لولا حضور
الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر لالقيت حبلها على غاربها " وليس الغرض
ردعهم عن البيعة الواجبة بل إتمام للحجة وإبطال لما علم عليه السلام من
ادعائهم الاكراه على البيعة كما فعل طلحة والزبير بعد النكث ، مع أن المرء
حريص على ما منع والطبع نافر عما سورع إلى إجابته " والوزير " من يحمل
عن الملك ثقل الزبير .
[ 37 ]
وقال ابن أبي الحديد ( 1 ) - كما هو دأبه أن يأتي بالحق ثم عنه يحيد - : هذا
الكلام يحمله أصحابنا على ظاهره يقولون : أنه ( عليه السلام ) لم يكن
منصوصا عليه بالامامة وإن كان أولى الناس بها لانه لو كان منصوصا عليه لما
جاز أن يقول : دعوني والتمسوا غيري .
ثم ذكر تأويل الامامية منه أن يسير فيهم بسيرة الخلفاء ويفضل بعضهم
على بعض في العطاء أو بأن الكلام خرج مخرج التضجر والتسخط لافعال
الذين عدلوا عنه ( عليه السلام ) قبل ذلك لاغراض الدنيوية أو بأنه خرج
مخرج التهكم كقوله تعالى : * ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) * أي بزعمك ثم
قال :
واعلم أن ما ذكروه ليس ببعيد لو دل عليه دليل فأما إذا لم يدل عليه
دليل فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره .
ولا يخفى على اللبيب أنه بعد الاغماض عن الادلة القاهرة والنصوص
المتواترة لا فرق بين المذهبين في وجوب التأويل ولا يستقيم الحمل على ظاهره
إلا على القول بأن إمامته على السلام كانت مرجوحة وأن كونه وزيرا أولى من
كونه أميرا وهو ينافي القول بالتفضيل الذي قال به فإنه ( عليه السلام ) إذا كان
أحق الامامة وبطل تفضيل المفضول على ما هو الحق واختاره أيضا كيف يجوز
للناس أن يعدلوا عنه إلى غيره وكيف يجوز له ( عليه السلام ) أن يأمر الناس
بتركه والعدول عنه إلى غيره مع عدم ضرورة تدعو إلى ترك الامامة ، ومع
وجود الضرورة كما جاز ترك الامامة الواجبة بالدليل جاز ترك الامامة
المنصوص عليها فالتأويل واجب على التقديرين ولا نعلم أحدا قال بتفضيل
غيره عليه ورجحان العدول إلى أحد سواه في ذلك الزمان .
___________________________________________________________
( 1 ) ذكره في شرح المختار : ( 91 ) من خطب نهج البلاغة من شرحه : ج 2 ص 597 طبع
الحديث ببيروت .
( * )
[ 38 ]
على أن الظاهر للمتأمل في أجزاء الكلام حيث علل بالتماس الغير
باستقبال أمر لا تقوم له القلوب وتنكر المحجة وأنه إن أجابهم حملهم على
الحق هو أن السبب في ذلك المانع دون عدم النص وأنه لم يكن متعينا
للامامة أو لم يكن أحق وأولى به ونحو ذلك ولعل الوجه في قوله ( عليه
السلام ) " لعلي أسمعكم وأطوعكم " هو أنه أذا تولى الغير أمر الامامة ولم تتم
الشرائط في خلافته ( عليه السلام ) لم يكن ليعدل عن مقتضى التقية بخلاف
سائر الناس حيث يجوز الخطأ عليهم .
وأما قوله : " فأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا " فلعل المراد بالخيرية فيه
موافقة الغرض أو سهولة الحال في الدنيا فأنه ( عليه السلام ) على تقدير الامامة
وبسط اليد لا يجب عليه العمل بمحض الحق وهو يصعب على النفوس ولا
يحصل به آمال الطامعين بخلاف ما إذا كان وزيرا فإن الوزير يشير بالرأي مع
تجويز التأثير في الامير وعدم الخوف ونحوه من شرايط الامر بالمعروف ولعل
الامير الذي يولونه الامر يرى في كثير من الامور ما يطابق آمال القوم ويوافق
أطماعهم ولا يعمل بما يشير به الوزير فيكون وزارته أوفق لمقصود القوم
فالحاصل أن ما قصدتموه من بيعتي لا يتم لكم ووزارتي أوفق لغرضكم
والغرض إتمام الحجة كما عرفت .
24 - ما : الحسين بن عبدالله عن أحمد بن جعفر البزوفري عن حمد بن
زياد عن العباس بن عبيدالله الدهقان عن إبراهيم بن صالح الانماطي رفعه
قال :
لما أصبح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد البيعة دخل بيت المال ودعى
بمال كان قد اجتمع فقسمه ثلاثة دنانير بين من حضر من الناس كلهم فقام
سهل بن حنيف فقال يا أمير المؤمنين قد اعتقت هذا الغلام فأعطاه ثلاثة دنانير
مثل ما أعطى سهل بن حنيف .
___________________________________________________________
24 - رواه الشيخ الطوسي رفع الله مقامه في الحديث الاخير من المجلس ( 20 ) من المجلد
الثاني من أماليه ص 697 .
( * )
[ 39 ]
25 - نهج : ومن خطبة له [ عليه السلام ] : قد طلع طالع ولمع لامع ولاح
لايح واعتدل مائل واستبدل الله بقوم قوما وبيوم يوما وانتظرنا الغير انتظار
المجدب المطر وإنما الائمة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده ولا يدخل
الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه .
وإن الله تعالى خصكم بالاسلام واستخلصكم له وذلك لانه اسم سلامة
وجماع كرامة اصطفى الله تعالى منهجه وبين حججه من ظاهر علم وباطن
حكم لا تفنى غرائبه ولا تنقضي عجائبه فيه مرابيع النعم ومصابيح الظلم لا
تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه ولا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه قد أحمى حماه
وأرعى مرعاه فيه شفاء المشتفى وكفاية المكتفى
توضيح : قيل هذه خطبة خطب بها ( عليه السلام ) بعد قتل عثمان
وانتقال الخلافة إليه ويمكن أن يكون المراد بطلوع الطالع ظهور إمرته وخلافته
( عليه السلام ) وأن يشير ب " لموع " اللامع إلى ظهورها من حيث هي حق له
وسطوع أنوار العدل بصيرورتها إليه ، وب " لوح اللائح " إلى الحروب والفتن
الواقعة بعد انتقال الامر إليه .
وقيل المراد بالجميع واحد فيحتمل أن يكون المراد طلع ما كان طالعا فإن
الخلافة كانت له ( عليه السلام ) حقيقة أي طلع ظاهرا ما كان طالعا حقيقة
كقوله ( عليه السلام ) : " واعتدل مائل " أي الخلافة التي كانت مائلة عن
مركزها أو أركان الدين القويم .
ولعل انتظار الغير كناية عن العلم بوقوعه أو الرضى بما قضى الله من
ذلك والمراد " بالغير " ما جرى قبل ذلك من قتل عثمان وانتقال الامر إليه
عليه السلام أو ما سيأتي من الحروب والوقايع والاول أنسب .
قوله ( عليه السلام ) : " قوام الله " أي يقومون بمصالحهم وقيم المنزل هو
___________________________________________________________
25 - رواه الشريف الرضي رحمه الله في المختار : ( 150 ) من باب خطب نهج البلاغة .
( * )
[ 40 ]
المدبر له " والعرفاء " جمع عريف وهو القيم بأمور القبيلة والجماعة يلي أمورهم
ويتعرف الامير منه أحوالهم " فعيل " بمعنى فاعل .
" إلا من عرفهم " أي
بالامامة " وعرفوه " أي بالتشيع والولاية .
ومنكرهم من لم يعرفهم ولم يقر بما أتوا
به من ضروريات الدين فهو منكر لهم .
قوله ( عليه السلام ) : لانه أسم سلامة أي الاسلام مشتق من السلامة
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 40 سطر 6 الى ص 48 سطر 6
وقال الجوهري : جماع الشئ بالكسر : جمعه يقال : الخمر جماع الاثم .
والمرابيع : الامطار التي تجئ في أول الربيع فيكون سببا لظهور الكلا .
ويقال :
أحميت المكان أي جعلته حمى .
قال ابن أبي الحديد أحمأه أي جعله عرضة لان يحمي أي عرض الله
سبحانه حماه ومحارمه لان يجتنب وأرعى مرعاه لان يرعى أي مكن من الانتفاع
بمواعظه لانه خاطبنا بلسان عربي مبين .
ويمكن أن يقال المعنى جعل له حرمات ونهى عن انتهاكها .
أو إرتكاب نواهيه
وتعدى حدوده ورخصا أباح للناس التمتع بها .
أو المراد بقوله عليه السلام " قد أحمى حماه " منع المغيرين من تغيير قواعده
وبقوله : " أرعى مرعاه " مكن المطيعين من طاعته التي هي الاغذية الروحانية
للصالحين كما أن النبات غذاء للبهائم .
26 - نهج : ومن خطبة له ( عليه السلام ) في أول خلافته : إن الله تعالى
أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر فخذوا نهج الخير تهتدوا واصدفوا عن
سمت الشر تقصدوا الفرايض الفرائض أدوها إلى الله تؤدكم إلى الجنة إن
الله تعالى حرم حراما غير مجهول وأحل حلالا غير مدخول وفضل حرمة المسلم
على الحرم كلها وشد بالاخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها
فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق ولا يحل أذى المسلم إلا
بما يجب .
___________________________________________________________
26 - ذكره السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 165 ) من باب خطب نهج البلاغة .
وقريبا منه رواه أيضا الطبري في أوائل حوادث سنة : ( 35 ) من تاريخه .
( * )