[ 41 ]
بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم وهو الموت فإن الناس أمامكم وإن
الساعة تحدوكم من خلفكم تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم اتقوا الله
في عباده وبلاده فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم .
أطيعوا الله ولا تعصوه وإذ رأيتم الخير فخذوا به وإذا رأيتم الشر
فأعرضوا عنه .
بيان : واصدفوا أي اعرضوا عن طريقه .
والقصد : العدل .
ونصب
الفرائض على الاغراء .
قوله ( عليه السلام ) : " وشد بالاخلاص " أي ربط الحقوق بها فأوجب
على المخلصين الموحدين المحافظة على حقوق المسلمين .
قوله : " وخاصة أحدكم " قال ابن أبي الحديد : الموت وإن كان عاما لكل
حيوان إلا أن له مع كل حيوان خصوصية وكيفية مخالفة مع غيره .
" فإن
الناس أمامكم " أي سبقوكم إلى الموت وفي بعض النسخ : " الباس " بالباء
الموحدة مع الهمزة أى الفتنة تحدوكم أي تسوقكم .
والحداء : سوق الابل والغناء
لها " تخففوا " أي بالقناعة من الدنيا باليسير وترك الحرص عليها وارتكاب المأثم
فإن المسافر الخفيف أحرى بلحوق أصحابه وبالنجاة " إنما ينتظر " أي للبعث
والنشور .
27 - فس : أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبدالله قال : خطب
أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعدما بويع له بخمسة أيام خطبة فقال :
واعلموا أن لكل حق طالبا ولكل دم ثائرا والطالب كقيام الثار بدمائنا والحاكم
في حق نفسه هو العدل الذي لا يحيف والحاك الذي لا يجور وهو الله الواحد
القهار .
___________________________________________________________
27 - رواه علي بن إبراهيم رفع الله مقامه في تفسير الآية : ( 25 ) من سورة النحل من
تفسيره : ج 1 ، ص 384 ، ولفقرات الكلام شواهد ومصادر ذكر بعضها في ذيل
المختار : ( 68 ) من باب خطب نهج السعادة : ج 1 ص 235 ط 2 .
( * )
[ 42 ]
واعلموا أن على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتد به من بعده إلى
يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيئا وسينقم الله من الظلمة
مأكل بمأكل ومشرب بمشرب من لقم العلقم ومشارب الصبر الادهم فليشربوا
الصلب من الراح السم المذاف وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ولهم بكل ما
أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الادهم فوق ما أتوا وعملوا أما أنه لم يبق ألا
الزمهرير من شتائهم وما لهم من الصيف إلا رقدة ويحبسهم وما توازروا وجمعوا
على ظهورهم من الآثام .
فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور وأوزار الاثام مع الذين ظلموا اسمعوا
واعقلوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا أي منقل ينقلبون .
فأقسم ثم أقسم لتحملنها بنو أمية من بعدي وليعرفنها في دار غيرهم عما
قليل فلا يبعد الله إلا من ظلم وعلى البادي - يعني الاول - ما سهل لهم من
سبيل الخطايا مثل أوزارهم وأوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيامة ، ومن
أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون .
إيضاح : والطالب كقيام الثائر أي طلب الطالب للحق كقيام الطالب
بدمائنا ، والثار بالهمز : الدم والطلب به وقاتل حميمك " والثائر " : من لا يبقى
على شئ حتى يدرك ثاره ذكره الفيروز آبادي " والحاكم في حق نفسه " ولعل
المعنى أن في قتلنا حقا لنا وحقا لله تعالى حيث قتلوا حجته ووليه والقائم يطلب
حقنا والله العادل يحكم في حق نفسه أن على كل شارع بدعة وزره ، شرع لهم
كمنع : سن .
وقوله : " وزره " اسم إن وخبره الظرف المقدم إي يلزم مبدع
البدعة ومحدثها وزر نفسه ووزر كل من اقتدى به " من لقم العلقم " اللقم
جمع اللقمة والعلقم : الحنظل وكل شئ مر " والاديم " : الاسود " فليشربوا
الصلب " أي الشديد الغليظ فإن شربه أعسر أو هو تصحيف " الصئب "
بالهمز يقال : صئب من الشراب كفرح إذ روى وامتلا " والصبب " بالباء
محركة بمعنى المصوب " والراح " : الخبر أطلق تهكما .
و " الدوف " الخلط
والبل بماء ونحوه .
وقال الفيروز آبادى : الفرقة : السقأ الممتلئ لا يستطاع
يمخض حتى يفرق .
والطائفة من الناس والجمع : فرق وجمع الجمع : أفاريق
[ 43 ]
" إلا الزمهرير من شتائهم " أي لم يبق من شدائد الدنيا إلا ما أصابهم من
تلك الشدة وليس لهم في ذلك أجر " إلا رقده " - بالهاء - أي إلا نومة .
وفي
بعض النسخ بالفاء مع الضمير .
والرفد بالكسر : العطاء وبالكسر والفتح :
القدح الضخم والحاصل أنه لم يبق لهم من راحة الدنيا إلا راحة قليلة ذهبت
عنهم " ويحبسهم ما توازروا " أي يحبسهم يوم القيامة أوزارهم .
وفي بعض
النسخ : " وما توازروا " أي يحبسهم الله " ويا زور الزور " قال في القاموس
الزورة : الناقة التي تنظر بمؤخر عينها لشدتها .
ولعل في بعض الفقرات
تصحيفات .
28 - شا : مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله [ عليه السلام ] قال : خطب
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناس بالمدينة فقال بعد حمد الله والثناء عليه :
أما بعد فإن الله لم يقصم جباري دهر قط ألا من بعد تمهيل ورخاء ولم
يجبر كسر عظم أحد من الامم إلا من بعد أزل وبلاء أيها الناس وفي دون ما
استقبلتم من خطب واستدبرتم من عتب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب ولا
كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير .
ألا فاحسنوا النظر عباد الله فيما يعنيكم ثم أنظروا إلى عرصات من قد أباده
الله بعلمه كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام
كريم فها هي عرصة المتوسمين وإنها لبسبيل مقيم تنذر من يأتها من الثبور بعد
النضرة والسرور ومقيل من الامن والحبور ولمن صبر منكم العاقبة ولله عاقبة
الامور .
فواها لاهل العقول كيف أقاموا بمدرجة السيول واستضافوا غير مأمون .
ويسا لهذه الامة الجائرة في قصدها الراغبة عن رشدها لا يقتفون أثر نبي
ولا يقتدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يرعوون من عيب كيف
___________________________________________________________
28 - رواه الشيخ المفيد رحمه الله في الفصل : ( 52 ) مما اختار من كلام الامام أمير المؤمنين
عليه السلام في كتاب الارشاد ص 155 .
( * )
[ 44 ]
ومفزعهم في المبهمات إلى قلوبهم وكل امرئ منهم إمام نفسه أخذ منها فيها
يرى بعرى ثقات لا يألون قصدا ولن يزدادوا إلا بعدا لشدة أنس بعضهم
ببعضهم وتصديق بعضهم بعضا حيادا كل ذلك عما ورث الرسول ونفورا عما
أدى إليه من فاطر السموات والارضين العليم الخبير فهم أهل عشوات وكهوف
شبهات قادة حيرة وريبة ممن وكل إلى نفسه فاغرورق في الاضاليل هذا .
وقد ضمن الله قصد السبيل " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي
عن بينة وان الله لسميع عليم " [ 42 / الانفال : 8 ] فيا ما أشبهها من أمة
صدرت عن ولائها ورغبت عن رعاتها .
ويا أسفا أسفا يكلم القلب ويد من الكرب من فعلات شيعتنا بعد
مهلكي على قرب مودتها وتاشب ألفتها كيف يقتل بعضها بعضا وتحول ألفتها
بغضا .
فلله الاسرة المتزحزحة غدا عن الاصل ، المخيمة بالفرع ، المؤملة الفتح
من غير جهة ، المتوكفة الروح من غير مطلعه ، كل حزب منهم معتصم
بغصن آخذ به ، أينما مال الغصن مال معه .
مع أن الله - وله الحمد - سيجمعهم كقزع الخريف ويؤلف بينهم ويجعلهم
ركاما كركام السحاب يفتح الله لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم إليها كسيل
العرم حيث لم تسلم عليه قارة ولم تمنع منه أكمة ولم يرد ركن طود سنته
يغرسهم الله في بطون أودية يسلكهم ينابيع في الارض ينفى بهم عن حرمات
قوم ويمكن لهم في ديار قوم لكي لا يغتصبوا ما غصبوا يضعضع الله بهم ركنا
وينقض به على الجندل من ارم ويملا منه بطنان الزيتون .
[ 45 ]
الخيرة بل لله الخيرة والامر جميعا ( 1 ) .
بيان : [ قوله عليه السلام : ] " إلى عرصات من قد أباده الله " أي
أنظروا إلى ديار من قد أهلكه الله بعمله كالخلفاء الثلاثة خصوصا عثمان فيها
هي أي عرصات هؤلاء عرصة المتوسمين المتفكرين في الدنيا وعواقبها
المعتبرين بها " وإنها لسبيل مقيم " أي عرصاتهم ومنازلهم على سبيلكم تنظرون
إليها صباحا ومساء تنذر تلك العرصة من يأتها معتبرا بلسان الحال بالوليل
والثبور بعدما كان أصحابها في النضرة والسرور " والحبور " كالسرور لفظا
ومعنى .
" واستضافوا " أي طلبوا الضيافة أو قبلوها لا يؤمن من الغدر وهو
الدنيا .
" ويسا لهذه الامة " [ قال الفيروز آبادي ] في القاموس : ويس كلمة
تستعمل في موضع رأفة واستملاح للصبي ، والويس : الفقر .
وفي بعض النسخ : " ويا لهذه الامة " أي : يا قوم اعجبوا لهم " لا يألون
قصدا " أي لا يقصرون في قصد الخيرات أو في طلب قصد السبيل ووسطه
بزعمهم لكن لقصور علمهم لا يزيدون ألا بعدا .
وفي بعض النسخ : " لا يأتون " وهو أصوب .
" وقد ضمن الله " إشارة
إلى قوله تعالى : " وعلى الله قصد السبيل " " فياما أشبهها ( 2 ) " أي يا قوم ما أشبه
هذه الامة بأمة كذا تعريضا لهم وإعراضا من التصريح بصدور هذه الاعمال
منهم .
والاظهر ما في الكافي " فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها " وفي
الصحاح : تأشب القوم : اختلطوا وائتشبوا أيضا يقال : جاء فلان فيمن تأشب
___________________________________________________________
( 1 ) رواه الشيخ المفيد رحمه الله في الفصل : ( 52 ) مما اختار من كلام أمير المؤمنين عليه
السلام في كتاب الارشاد ص 155 .
( 2 ) وكان في اصلي مكتوب فوق هذه الجملة بين الاسطر : " فيامن اشبهها " .
( * )
[ 46 ]
إليه أي انضم إليه : وقال : تزحزح : تنحى .
وقال : خيم بالكان أي أقام .
والتوكف : والترقب والانتظار والحاصل أنهم تفرقوا عن أئمة الحق ولم ينصروهم
وتعلقوا بالاغصان والفروع التي لا ينفع التعلق بها كمختار وأبي مسلم وزيد
ويحيى وإبراهيم وأمثالهم ( 1 ) .
قوله ( عليه السلام ) : " سيجمعهم " إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم
لدفع بني أمية .
والآنك بضم النون : الاسرب .
قوله ( عليه السلام ) : " ولعل الله يجمع شيعتي " إشارة إلى ظهور القائم
( عليه السلام ) وقد مر [ وسيأتي " خ ل " ] مزيد توضيح للخطبة عند إبرادها
بسند آخر .
29 - ني : الكليني عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن يعقوب السراج
عليه السلام بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب خطبة ذكرها يقول فيها :
وعلي بن رئاب عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : لما بويع أمير المؤمنين
ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتهان يوم بعث الله نبيكم والذي بعثه بالحق
لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم
وليسبقن سباقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا والله ما كتمت
وشمة ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم .
___________________________________________________________
( 1 ) ذكر المثال في القضية بالمختار وأبي مسلم ليس بصواب اذ كل ما قيل في حق المختار
من جهات الضعف والانحراف فهو من مفتريات شيعة بني أمية ، وأما أبومسلم فهو
من شيعة بني العباس لا غير .
29 - رواه النعماني رحمه الله في الحديث : ( 132 ) في باب : " ما يلحق الشيعة من
التمحيص ... " وهو الباب ( 12 ) من كتاب الغيبة ص 135 ، ط بيروت .
( * )
[ 47 ]
30 - نهج : ذمتي بما أقول رهينة وأنابه زعيم أن من صرحت له العبر عما
بين يديه من المثلات حجره التقوى عن تقحم الشبهات .
ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه ( صلى الله عليه وآله )
والذي بعثه بالحق لتبلبن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى
يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا
ليقصرن سباقون كانوا سبقوا والله ما كتمت وشمة ولا كذبت كذبة ولقد
نبئت بهذا المقام وهذا اليوم .
ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت
بهم في النار .
ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتها فأوردتهم
الجنة .
حق وباطل ولكل أهل فلئن أمر الباطل لقديما فعل ولئن قل الحق لربما
ولعل ولقل ما أدبر شئ فأقبل .
بيان : الزعيم الكفيل " أن من صرحت " أي كشفت .
والمثلات :
العقوبات : وقحم في الامر وتقحمه : رمى بنفسه فيه : والشبهات : ما اشتبه
حقيته وحليته .
وقيل : أراد بالشبهات ما يتوهم كونه حقا ثابتا باقيا من الامور الزائلة
الفانية .
وقد مر تفسير باقي الكلام في باب شكايته ( عليه السلام ) .
___________________________________________________________
30 - ذكر السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 16 ) من باب الخطب من نهج البلاغة ثم
قال السيد رحمه الله إن في هذا الكلام الادنى من مواقع الاحسان ما لا تبلغة مواقع
الاستحسان وإن حظ العبج منه أكثر من خط العجب به وفيه مع الحال التي وصفنا
زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ولا يطلع فجها إنسان ولا يعرف ما أقوله إلا من
ضرب في هذه الصناعة بحق وجرى فيها على عرق وما يعقلها إلا العالمون .
( * )
[ 48 ]
31 - نهج [ وقال عليه السلام وقد ] قال له طلحة والزبير : نبايعك على
أنا شركاؤك في هذه الامر .
فقال : ( عليه السلام ) : ولا ولكنكما شريكان في القوة
والاستعانة وعونان على العجز والاود .
بيان : قال ابن أبي الحديد أي إذا قوي أمر الاسلام بي قويتما أنتما أيضا
والاستعانة هنا الفوز والظفر " وعونان على العجز والاود " : أي العوج .
[ و ] قال ابن ميثم رحمه الله : أي على رفع ما يعرض منهما أو حال وجودهما
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 48 سطر 7 الى ص 56 سطر 7
إذ كلمة على تفيد الحال .
وروى ابن أبي الحديد أنه قال في جوابهما : إما المشاركة في الخلافة فكيف
يكون ذلك وهل يصح أن يدبر أمر الرعية إمامان ؟ وهل يجمع السيفان ويحك
في غمد ؟
32 - نهج ومن كلام له ( عليه السلام ) لما عوتب على التسوية في العطاء :
أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه والله لا أطور به ما سمر
سمير وما أم نجم في السماء نجما لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما
المال لهم [ فكيف وأنما المال مال الله " خ ل " ] ثم قال ( عليه السلام ) :
ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف وهو يرفع صاحبه في
الدنيا ويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله ولم يصنع أمرؤ ماله
___________________________________________________________
31 - ذكره السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 202 ) من قصار نهج البلاغة .
وما ذكره المصنف عن ابن أبي الحديد ، ذكره في شرح الكلام في ج 5 ص 488 .
ط الحديث ببيروت .
32 - ذكره السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 125 ) من نهج البلاغة .
وله مصادر أخر يجدها الباحث في ذيل المختار : ( 278 ) من نهج السعادة : ج 2
ص 453 .
( * )
[ 49 ]
في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم فإن زلت
به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خدين وألام خليل .
إيضاح : قوله ( عليه السلام ) " أتأمروني " أصله تأمرونني فأسكنت الاولى
وأدغمت : " لا أطور به " أي لا أقربه أبدا ولا أدور حوله .
و [ قال الفيروز آبادى ]
في القاموس : السمر محركة الليل وحديثه .
" وما أفعله ما سمر السمير " أي ما اختلف الليل والنهار .
" وما أم نجم "
أي قصد أو تقدم لان النجوم لا تزال يتبع بعضها بعضا فلابد فيها من تقدم
وتأخر ولا يزال يقصد بعضها بعضا .
" فإن زلت به النعل " أي إذا عثر
وافتقر .
والخدين : الصديق .
33 - نهج ومن كلام له ( عليه السلام ) : لم تكن بيعتكم إياي فلتة وليس
أمري وأمركم واحدا إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لانفسكم أيها الناس
أعينوني على أنفسكم وأيم الله لانصفن المظلوم ولاقودن الظالم بخزامته حتى
أورده منهل الحق وإن كان كارها .
إيضاح الفلتة : الامر يقع من غير تدبر ولا روية وفيه تعريض بيعة
أبي بكر كما روت العامة عن عمر أنه قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله
المسلمين شرها ومن عاد إلى مثلها فاقتلوه .
وقوله ( عليه السلام ) : " إني أريدكم " الخطاب لغير الخواص من أصحابه
( عليه السلام ) والمعنى : [ إني ] أريد إطاعتكم إياي لله وتريدون أن تطيعوني
للمنافع الدنيوية .
وقال الجوهري : خزمت البعير بالخزامة وهي حلقة من شعر تجعل في وترة
أنفه ليشد فيها الزمام .
___________________________________________________________
33 - ذكره السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 134 ) من نهج البلاغة .
( * )
[ 50 ]
34 - نهج ومن كلام له ( عليه السلام ) كلم به طلحة والزبير بعد بيعته
للخلافة وقد عتبا من ترك مشورتهما والاستعانة في الامور بما :
لقد نقمتما يسيرا وأرجأتما كثيرا ألا تخبراني أي شئ كما فيه حق دفعتكما
عنه ؟ وأي قسم استأثرت عليكما به ؟ أم أي حق رفعه إلي أحد من المسلمين
ضعفت عنه ؟ أم جهلته أم أخطأت بابه ؟ والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا
في الولاية إربة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها فلما أفضت إلي نظرت
إلى كتاب الله وما وضع لنا وأمرنا بالحكم به فاتبعته وما استسن النبي صلى الله
عليه وآله فاقتديته فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما ولا رأي غيركما ولم يقع حكم
جهلته فأستشيركما وإخواني من المسلمين ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن
غيركما .
وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي ولا وليته
هوى مني بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله قد
فرغ منه فلم أحتج إليكما فيما قد فرغ الله من قسمه وأمضى فيه حكمه فليس
لكما والله عندي ولا لغيركما في هذا عتبى أخذ الله بقلوبكم وقلوبنا إلى الحق
وألهمنا وإياكم الصبر .
رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه أو رأى جورا فرده وكان عونا بالحق
على صاحبه .
توضيح : قال [ إبن الاثير ] في النهاية نقم [ فلان ] إذا بلغت به الكراهة حد
السخط .
وقال ابن أبي الحديد : أي نقمتما من أحوالي اليسير وتركتما الكثير الذي
___________________________________________________________
34 - ذكره السيد الرضي قدس الله نفسه في المختار : ( 204 ) من نهج البلاغة .
( * )