[391]

الحمد لله قديما وحديثا ما عاداني الفاسقون فعاداهم الله ألم تعجبوا أن هذا لهو الخطب الجليل أن فساقا غير مرضيين وعن الاسلام وأهله منحرفين خدعوا بعض هذه الامة وأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهواءهم بالافك والبهتان قد نصبوا لنا الحرب وهبوا في إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون .
اللهم إن ردوا الحق فاقضض خدمتهم ( 1 ) وشتت كلمتهم وابسلهم بخطاياهم فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت .
362 - نهج : [ و ] من كلام له ( عليه السلام ) عند عزمه على المسير إلى الشام : اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في النفس والاهل والمال .
اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الاهل ولا يجمعهما غيرك لان المستخلف لا يكون مستصحبا والمستصحب لا يكون مستخلفا .
قال السيد رضي الله عنه : وابتداء هذا الكلام مروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد قفاه [ أمير المؤمنين عليه السلام ] بأبلغ كلام وتممه بأحسن تمام من قوله : " لا يجمعهما غيرك " إلى آخر الفصل .
بيان : قال ابن ميثم : روي أنه [ عليه السلام ] دعا بهذا الدعاء عند وضعه رجله في الركاب متوجها إلى حرب معاوية .
والوعث ؟ : المشقة .
والكآبة :

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، وفي طبعة النجف من كتاب الارشاد : " فأفضض حرمتهم ... " .
362 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 46 ) من نهج البلاغة ، وقريبا منه رويناه في المختار : ( 184 ) من نهج السعادة : ج 2 ص 124 ، ط 1 .
( * )

[392]

الحزن .
والمنقلب : مصدر [ من قولهم ] : انقلب منقلبا : رجع .
وسوء المنظر : هو أن يرى في نفسه أو أهله أو ماله ما يكرهه .
363 - نهج : ومن كتاب له ( عليه السلام ) إلى جرير بن عبدالله البجلي لما أرسله إلى معاوية : أما بعد فإذا أتاك كتابي فاحمل معاوية على الفصل وخذه بالامر الجزم ثم خيره بين حرب مجلية ، أو سلم مخزية ، فإن اختار الحرب فانبذ إليه وإن اختار السلم فخذ بيعته والسلام .
تبيين : قال ابن ميثم : روي أن جريرا أقام عند معاوية حين أرسله ( عليه السلام ) حتى اتهمه الناس قال علي ( عليه السلام ) : " قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا .
فأبطأ [ جرير ] حتى أيس منه فكتب إليه بعد ذلك هذا الكتاب فلما انتهى إليه أتى معاوية فأقرأه إياه وقال : يا معاوية إنه لا يطبع على قلب إلا بذنب ولا يشرح إلا بتوبة ولا أظن قلبك إلا مطبوعا أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يد غيرك .
فقال معاوية : ألقاك بالفصل في أول مجلس إنشاء الله ثم أخذ في بيعة أهل الشام فلما انتظم أمره لقي جريرا وقال له : الحق بصاحبك وأعلمه بالحر فقدم جرير إلى علي ( عليه السلام ) .
قال : والبجلي منسوب إلى بجيلة قبيلة .
والمجلية من الاجلاء وهو الاخراج عن الوطن قهرا .
والمخزية : المهينة والمذلة وروي مجزية بالجيم أي كافيه .
والحرب والسلم مؤنثان لكونهما في معنى المحاربة والمسالمة .
والنبذ : الالقاء والرمي والمقصود أن يجهر له بذلك من غير مداهنة كقوله تعالى : * ( وإما

___________________________________________________________
363 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 8 ) من الباب الثاني من نهج البلاغة .
( * )

[393]

تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ) * [ 58 / الانفال : 8 ] .
364 - نهج : [ و ] من كلام له ( عليه السلام ) وقد أشار إليه أصحابه بالاستعداد للحرب بعد إرساله جرير بن عبدالله إلى معاوية : إن استعدادي لحرب أهل الشام وجرير عندهم إغلاق للشام وصرف لاهله عن خير إن أرادوه ولكن قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا والرأي عندي مع الاناة فأرودوا ولا أكره لكم الاستعداد لحرب أهل الشام .
ولقد ضربت أنف هذا الامر وعينه وقلبت ظهره وبطنه فلم أر لي إلا القتال أو الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله .
إنه قد كان على الامة وال أحدث أحداثا وأوجد الناس مقالا فقالوا ثم نقموا فغيروا .
بيان : جرير بن عبدالله البجلي كان عاملا لعثمان على ثغر همدان فلما صار الامر إليه طلبه فأجاب بالسمع والطاعة وقدم إليه ( عليه السلام ) فأرسله إلى معاوية .
365 - : وروى أنه ( عليه السلام ) لما أراد بعثه قال جرير : والله يا أمير المؤمنين ما ادخرك من نصري أيئا وما أطمع لك في معاوية فقال ( عليه السلام ) قصدي حجة أقيمها ثم كتب معه " فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام " إلى آخر ما مر برواية نصر بن مزاحم .

-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 393 سطر 19 الى ص 401 سطر 18

___________________________________________________________
364 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 43 ) من نهج البلاغة .
ورويناه عن مصادر في المختار : ( 174 ) من كتاب نهج السعادة : ج 2 ص 89 ط 1 .
( * )

[394]

فأجابه معاوية أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان ولكنك أغريت بعثمان وخذلت عنه الانصار فأطاعك الجاهل وقوي بك الضعيف وقد أبي أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين .
ولعمري ما حجتك علي كحجتك على طلحة والزبير لانهما بايعاك ولم أبايعك ولا حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة لانهم أطاعوك ولم يطعك أهل الشام .
فأما شرفك في الاسلام وقرابتك من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وموضعك من قريش فلست أدفعه .
وكتب في آخر الكتاب قصدة كعب بن جعيل : أرى الشام يكره أهل العراق * وأهل العراق لها كارهونا 366 - ويروى أن الكتاب الذي كتبه ( عليه السلام ) مع جرير كانت صورته : إني قد عزلتك ففوض الامر إلى جرير والسلام .
وقال لجرير : صن نفسك عن خداعه فإن سلم إليك الامر وتوجه إلي فأقم أنت بالشام وإن تعلل بشئ فارجع .
فلما عرض جرير الكتاب على معاوية تعلل بمشاورة أهل الشام وغير ذلك فرجع جرير وكتب معاوية في أثره في ظهر كتاب علي ( عليه السلام ) : من ولاك حتى تعزلني والسلام .

___________________________________________________________
366 - إلى حين كتابة هذ االتعليق وهو ( 29 ) من جماد الاولى عام ( 1404 ) ما رأيت صورة هذا الكتاب في مصدر موثوق .
( * )

[395]

ويقال : أغلق الباب إذا جعله بحيث يعسر فتحه .
والمراد بالخير : الطاعة .
والاناه كالقناة اسم من التأني .
و " أرودوا " على صيغة الافعال أي ارفقوا .
والاعداد : التهية كالاستعداد .
وربما يتوهم التنافي بين ذكر مفسدة الاستعداد أولا وعدم كراهة الاعداد ثانيا .
ودفع بوجوه : منها أنه كره استعداد نفسه بجمع العسكر وعرضهم وتحريضهم على القتال دون إعداد أصحابه بإصلاح كل منهم فرسه وأسلحته .
ومنها أن المكروه إظهار الاعداد دون الاعداد سرا وتركنا بعض الوجوه لوهنها .
وضرب الانف والعين مثل للعرب يراد منه الاستقصاء في البحث والتأمل .
وقلب الظهر والبطن : التأمل في ظاهر الامر وباطنه .
وإطلاق الكفر هنا على المبالغة أو بالمعنى الذي يطلق على ترك الفرايض وفعل الكبائر كما سيأتي في أبواب الايمان والكفر .
ويحتمل على بعد اختصاص ذلك بالامام والمراد بالوالي عثمان وبالاحداث البدع والامور المنكرة .
و " أوجد الناس مقالا " أي أبدى لهم طريقا إليه بأحداثه .
وتفسير " أوجدها " هنا بأغضب كما قيل غريب .
و " نقموا " كضربوا أي عتبوا وطعنوا عليه .
367 - نهج : [ و ] من وصية [ له عليه السلام ] لمعقل بن قيس الرياحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف مقدمة له :

___________________________________________________________
367 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 12 ) من باب الكتب من نهج البلاغة .
( * )

[396]

اتق الله الذي لابد لك من لقائه ولا منتهى لك دونه ، ولا تقاتلن إلا من قاتلك وسر البردين وغور الناس ورفه في السير ، ولا تسر أول الليل فإن الله جعله سكنا ، وقدره مقالا لا ظعنا ، فأرح فيه بدنك وروح ظهرك فإذا وقفت حين ينبطح السحر أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله .
فإذا لقيت العدو فقف من أصحابك وسطا ولا تدن من القوم دنو من يريد أن ينشب الحرب ولا تباعد منه تباعد من يهاب البأس حتى يأتيك أمري .
ولا يحملنكم شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إلهيم .
بيان : قال ابن ميثم [ روي أنه ] ( عليه السلام ) : بعثه من المدائن وقال له : امض على الموصل حتى توافيني بالرقة أوصاه بذلك .
والبردان : الغداة والعشي .
وقال الجوهري : التغوير : القيلولة .
يقول : غوروا أي انزلوا للقائلة .
قال أبوعبيد : يقال للقائلة : الغائرة .
والترفيه : الاراحة .
والسكن : ما يسكن إليه .
والظعن : الارتحال .
و [ قال ابن الاثير ] في النهاية : الظهر الابل الذي يحمل عليها ويركب .
قوله ( عليه السلام ) : " فإذا وقفت " قال ابن أبي الحديد أي إذا وقفت ثقلك وجملك لتسير فليكن ذلك " حين ينبطح السحر " أي حين يتسع ويمتد أي لا يكون السحر الاول بل ما بين السحر الاول وبين الفجر الاول .
وأصل الانبطاح : السعة ومنه الابطح بمكة .
وقال الجوهري : نشب الشئ في الشئ بالكسر نشوبا أي علق فيه .
وأنشبته أنا فيه .
ويقال : نشب الحرب بينهم : [ ثارت ] .
والشنآن : البغض .
وفي بعض النسخ " شبابكم " .
" قبل دعائهم " أي إلى الاسلام .
ويقال : أعذر الرجل إذا بلغ أقصى الغاية في العذر .

[397]

368 - نهج [ و ] قال ( عليه السلام ) وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الانبار فترجلوا له واشتدوا بين يديه : وما هذا الذي صنعتموه ؟ فقالوا : خلق منا نعظم به أمراءنا فقال ( عليه السلام ) : والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم وإنكم لتشقون به على أنفسكم وتشقون به في آخرتكم وما أخسر المشقة وراءها العقاب وأربح الدعة معها الامان من النار .
بيان : الدهقان بكسر الدال وضمها : رئيس القرية .
والشد العدو ، واشتد : عدا .
" وتشقون به " لعله لكون غرضهم التسلط على الناس والجور عليهم للتقرب عند الامام وإظهاره عند الناس أو يكون غرضه ( عليه السلام ) تعليمهم ونهيهم عن فعل ذلك مع غيره ( عليه السلام ) من أئمة الجور .
369 - 373 - كتاب صفين لنصر بن مزاحم روى عن عبدالرحمان بن عبيد الله قال : لما أراد علي ( عليه السلام ) المسير إلى الشام دعا من كان معه من المهاجرين والانصار فجمعهم ثم حمد الله وأثنى عليه وقال : أما بعد فإنكم ميامين الرأي مراجيح الحلم [ الحكم " خ ل " ] مباركوا الامر مقاويل بالحق وقد عزمنا على المسير إلى عدونا وعدوكم فأشيروا علينا برأيكم .
فقام هاشم بن عتبه وعمار بن ياسر وقيس بن سعد بن عبادة وسهل بن حنيف فصوبوا رأبه وبذلوا إليه نصرته .
أقول : وتركنا كلامهم مخافة التطويل والاسهاب .

___________________________________________________________
368 - رواه السيد الرضي في المختار : ( 37 ) من الباب الثالث من نهج البلاغة ، ورويناه أيضا في المختار : ( 190 ) من نهج السعادة : ج 2 ص 141 .
369 - رواه نصر - مع التوالي - في أوائل الجزء الثاني من كتاب صفين ص 92 ط 2 بمصر ، ورواه عنه ابن أبي الحديد في شرح المختار ( 46 ) من نهج البلاغة : ج 3 ص 171 .
( * )

[398]

ثم روى نصر عن معبد قال : قام علي ( عليه السلام ) على منبره خطيبا فكنت تحت المنبر أسمع تحريضه الناس وأمره لهم بالمسير إلى صفين فسمعته يقول : سيروا إلى أعداء الله سيروا إلى أعداء القرآن والسنن ، سيروا إلى بقية الاحزاب وقتلة المهاجرين والانصار .
فعارضه رجل من بني فزارة ووطأه الناس بأرجلهم وضربوه بنعالهم حتى مات فوداه أمير المؤمنين من بيت المال .
فقام الاشتر وقال : يا أمير المؤمنين لا يهدنك ما رأيت ولا يؤيسنك من نصرنا ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن إلى آخر ما قال : [ رفع الله مقامه ] وبالغ في إظهاره الثبات على الحق وبذل النصرة .
فقال ( عليه السلام ) : الطريق مشترك والناس في الحق سواء ومن اجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى ما عليه .
ثم نزل [ عليه السلام عن المنبر ] فدخل منزله .
فدخل عليه عبدالله بن المعتم العبسي وحنظلة بن الربيع التميمي والتمسا منه ( عليه السلام ) أن يستأني بالامر ويكاتب معاوية ولا يعجل في القتال فتكلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال : بعد حمد الله والثناء عليه : أما بعد فإن الله وارث العباد والبلاد ورب السماوات السبع والارضين السبع وإليه ترجعون يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء أما الدبرة فإنها على الضالين العاصين ظفروا أو ظفر بهم .
وأيم الله إني لاسمع كلام قوم ما يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا .
فقال الحاضرون : هما من أصحاب معاوية ويكاتبانه وكثر الكلام بين أصحابه في ذلك .
( * )

[399]

وروى نصر عن عبدالله بن شريك قال : خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام فأرسل علي ( عليه السلام ) إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما فأتياه فقالا : يا أمير المؤمنين ألسنا محقين ؟ قال : بلى .
قالا : فلم منعتنا من شتمهم ؟ قال : كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرؤن ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم : من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر و [ لو ] قلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم : اللهم احقن دماءهم ودماءنا وأصلح ذات بينهم وبيننا واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لج به لكان أحب إلي وخيرا لكم .
فقالا : يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك .
قال نصر : وقال له عمرو بن الحمق يومئذ : والله يا أمير المؤمنين إني ما أجبتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك ولا إرادة ما تؤتينيه ولا إرادة سلطان ترفع به ذكري ولكني أجبتك بخصال خمس : أنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأول من آمن به وزوج سيدة نساء الامة فاطمة بنت محمد ووصيه وأبوالذرية التي بقيت فينا من رسول الله وأسبق الناس إلى الاسلام وأعظم المهاجرين سهما في الجهاد فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي حتى يأتي على يومي في أمر أقوي به وليك وأهين به عدوك ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك .
فقال علي ( عليه السلام ) : اللهم نور قلبه بالتقى واهده إلى صراطك المستقيم ليت أن في جندي مائة مثلك ! ! فقال حجر : إذا والله يا أمير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يغشك .
قال : وكتب علي ( عليه السلام ) إلى عماله حينئذ يستنفرهم فكتب إلى مخنف بن سليم .
سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن جهاد

[400]

من صدف عن الحق رغبة عنه وهب في نعاس العمى والضلال اختيارا له فريضة على العارفين إن الله يرضى عمن أرضاه ويسخط على من عصاه وإنا قد هممنا بالمسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله [ في كتاب الله " خ ل " ] بغير ما أنزل الله واستأثروا بالفئ وعطلوا الحدود وأماتوا الحق وأظهروا في الارض الفساد واتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين فإذا ولي الله أعظم أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه وأدنوه وبروه ! ! ! فقد أصروا على الظلم وأجمعوا على الخلاف وقديما ما صدوا عن الحق وتعاونوا على الاثم وكانوا ظالمين .
فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك وأقبل إلينا لعلك تلقى معنا هذا العدو المحل فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتجامع المحق وتباين المبطل فإنه لا غناء بنا ولا بك عن أجر الجهاد وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في سنة سبع وثلاثين .
قال فاستعمل مخنف على إصبهان الحارث بن أبي الحارث بن الربيع واستعمل على همدان سعيد بن وهب وأقبل حتى شهد مع علي ( عليه السلام ) صفين .
قال وكتب عبدالله بن العباس من البصرة إلى علي يذكر له اختلاف أهل البصرة فكتب [ علي ] ( عليه السلام ) إليه : أما بعد فقد قدم علي رسولك وقرأت كتابك تذكر فيه حال أهل البصرة واختلافهم بعد إنصرافي عنهم وسأخبرك عن القوم : هم بين مقيم لرغبة يرجوها أو خائف من عقوبة يخشاها فارغب راغبهم بالعدل عليه والانصاف له والاحسان إليه واحلل عقدة والخوف عن قلوبهم وانته إلى أمري وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة وكل من قبلك فأحسن إليهم ما استطعت إنشاء الله .
قال نصر : وكتب إلى الاسود بن قصبة :