[411]

كمين ( 1 ) .
ولا تسيرن الكتائب من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة فإن دهمكم دهم أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبئة .
فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم [ عدو ] فليكن معسكركم في قبل الاشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الانهار كيما يكون لكم رداء ودونكم مردا ، ولتكن مقاتلكم من وجه [ واحد ] أو إثنين .
واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب لئلا يأتيكم العدو من مكان مخافة أو أمن وإياكم والتفرق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا وإذا رحلتم فارحلوا جميعا .
وإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح والترسة ولتكتن رماتكم من وراء ترستكم ورماحكم يلونهم وما أقمتم فكذلكم فافعلوا كيلا تصاب لكم غفلة ولا تلفى لك غرة فما من قوم يحفون عسكرهم برماحهم وترستهم من ليل أو نهار إلا كانوا كأنهم في حصون .
واحرسا عسكركما بأنفسكما وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة يم ليكن ذلك شأنكما ورأيكما إلى أن تنتهيا إلى عدوكما وليكن عندي كل يوم خبركما ورسول من قبلكما فإنني - ولا شئ إلا ما شاء الله - حثيث السير في آثاركما .

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي وهو أظهر مما في شرح المختار : ( 46 ) من نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد وط مصر من كتاب صفين ص 123 : " كيلا يغتركما عدو فيكون لكم كمين . . . " .
( * )

[412]

وعليكما في حربكما بالتوأدة ( 1 ) وإياكم والعجا ؟ إلا أن يمكنكما فرصة بعد الاعذار والحجة .
وإياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلا أن تبدئا أو يأتيكما أمري إنشاء الله .
أقول : أورد ابن ميثم هذا المكتوب في شرحه وأورد السيد [ الرضي ] رضي الله عنه في النهج ( 2 ) بعض هذا المكتوب على خلاف الترتيب وآخره : وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرماح كفة ولا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة .
وقال ابن ميثم : العين : الجاسوس .
وطليعة الجيش : الذي يبعث ليطلع على حال العدو ونفض الشعاب : استقراؤها .
أقول : قال في النهاية : فيه أنا انفض لك ما حولك أي أحرسك وأطوف هل أرى طلبا يقال : نفضت المكان واستنفضته وتنفضته إذا أظهرت [ نظرت ] جميع ما فيه والنفضة والنفيضة قوم يبعثون متجسسين هل يرون عدوا أو خوفا .
وقال ابن ميثم : الخمر ما واراك من شجر أو جبل ونحوهما .
والكمين : الواحد أو الجمع يستخفون في الحرب حيلة للايقاع بالعدو .
والكتيبة : الجيش وتعبئته : جمعه وإعداده .

___________________________________________________________
( 1 ) ومثله في ط مصر ، من كتاب صفين ص 125 ، وفي طبع الحديث بيروت من شرح ابن أبي الحديد : " وعليكما في جريكما بالتوأدة " .
والتوأدة - بضم التاء وسكون الواو ، وفتح الهمزة والدال - والتوآد - كتوراة - التأني .
الرزانة .
( 2 ) رواه في المختار : ( 11 ) من باب الكتب من نهج البلاغة .
( * )

[413]

وتكرير الاستثناء في عقيب النهي عن تسيير الكتائب للحصر أما الاولى : فيفيد حصر التسيير في الوقت المشار إليه وأما الثانية فيفيد حصره في حال التعبئة .
ودهمه الامر كمنع وسمع : غشيه .
والدهم : العدد الكثير .
والمعسكر بفتح الكاف : موضع العسكر .
وقال الجوهري : الاشراف : الاماكن العالية .
وقال : القبل والقبل نقيض الدبر والدبر يقال : أنزل بقبل هذا الجبل أي بسفحه ولي قبل فلان حق أي عنده .
وسفح الجبل : أسفله حيث يسفح فيه الماء .
والثنى من الوادي والجبل : منعطفه ذكره الجوهري والردء : العون في المقاتلة .
قوله ( عليه السلام ) : مردا أي حاجزا بينكم وبين العدو أي تكون تلك الاماكن حافظة لكم من ورائكم مانعة من العدو أن يأتيكم من تلك الجهة وبذلك كانت معينة [ لهم ] .
ثم وصاهم بأن يكون مقاتلتهم من وجه واحد فإن لم يكن فمن وجهين حيث يحفظ بعضهم ظهر بعض وأما المقاتلة من وجوه كثيرة فتستلزم التفرق والضعف .
والرقباء : الحفظة .
و [ قال الفيروز آبادي ] في القاموس : الرقيب : الحافظ والمنتظر والحارس .
واصل الصياصي القرون ثم استعير للحصون لانه يمتنع بها كما يمتنع ذو القرن بقرنه .
وقال ابن ميثم : صياصي الجبال : أعاليها وأطرافها .
ومناكب الهضاب .
أعاليها .
وقال الجوهري : الهضبة الجبل المنبسط على وجه الارض والجمع هضب وهضاب .
قوله ( عليه السلام ) : " كفة " قال ابن أبي الحديد : أي مستديرة حولكم وكل ما استدار فهو كفة بالكسر نحو كفة الميزان ، وكل ما استطال فهو كفة [ بالضم ] نحو كفة الثوب [ وهي حاشيته وكفة الرمل وهي ما كان منه كالحبل ] .
وقال في النهاية : غرار النوم : قلته وقال في [ مادة " مضمض " نقلا عن

[414]

الهروي ] في حديث علي : " لا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة " لما جعل النوم ذوقا أمرهم أن لا ينالوا منه إلا بألسنتهم ولا يسيغوه لشبهه بالمضمضة بالماء والقائه من الفم من غير ابتلاع انتهى .
والترسة : جمع الترس وقوله ( عليه السلام ) : " ولا شئ إلا ما شاء الله " جملة معترضة بين اسم إن وخبره قوله ( عليه السلام ) : " إلا أن تبدآ " على بناء المجهول أي يبدؤكم العدو بالقتال .
374 - نهج : [ و ] من كتاب له ( عليه السلام ) إلى أميرين من أمراء جيشه : وقد أمرت عليكما وعلى من في حيزكما مالك بن الحارث الاشتر فاسمعا له وأطيعا [ ه ] واجعلاه درعا ومجنا فإنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته ولا بطؤه عما الاسراع إليه أحزم ولا إسراعه إلى ما البطؤ عنه أمثل .
بيان : قال ابن ميثم : الاميران هما زياد بن النضر وشريح بن هانئ وذلك إنه حين بعثهما مقدمة له في إثني عشر ألفا لقيا أبا الاعور السلمي في جند من أهل الشام فكتبا إليه يعلمانه بذلك ، فأرسل إلى الاشتر فقال له : يا مالك إن زياد بن النضر وشريحا أرسلا إلي يعلماني أنهما لقيا أبا الاعور السلمي في جند من أهل الشام بسور الروم فنبأتي الرسول أنه تركهم متواقفين فالنجا إلى أصحابك النجا فإذا أتيتهم فأنت عليهم إياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدؤك حتى تلقاهم وتسمع منهم .
ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم مرة بعد مرة .
واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا وقف من أصحابك وسطا

___________________________________________________________
374 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 13 ) من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب نهج البلاغة .
( * )

[415]

ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب ولا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس حتى أقدم إليك فإني حثيث السير إليك إنشاء الله .
وكتب إليهما : " أما بعد فإني أمرت عليكما " إلى آخر الكتاب .
والحيز : الناحية .
والسقطة : الزلة .
والامثل : الافضل .
375 - 385 وقال ابن أبي الحديد : قال نصر بن مزاحم : وكتب عليه السلام إلى أمراء الاجناد - وكان قد قسم عسكره أسباعا فجعل على كل سبع أميرا - : أما بعد فإني أبرأ إليكم من معرة الجنود فاعزلوا الناس عن الظلم والعدوان ( 1 ) وخذوا على أيدي سفهائكم واحرسوا ( 2 ) أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد بها علينا وعليكم دعاءنا فإنه تعالى يقول : * ( ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم ) * [ 77 / الفرقان : 25 ] وإن الله إذا أمقت قوما من السماء هلكوا في الارض .
فلا تألوا أنفسكم خيرا ، ولا الجند حسن سيرة ولا الرعية معونة ، ولا دين الله قوة ، وابلوه في سبيله ما استوجب عليكم فإن الله قد اصطنع عندنا وعندكم ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا وأن ننصره ما بلغت قوتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله .

___________________________________________________________
375 - ورواه ابن أبي الحديد في أواخر شرحه على المختار : ( 48 ) من خطب نهج البلاغة : ج 1 ، ص 648 ط الحديث ببيروت .
( 1 ) كذا في أصلي ومثله في طبع مصر من كتاب صفين ، وأرى قول : " فاعزلوا " محرفا عن لفظة " فاعذبوا " بالذال المعجمة أو بالزاء المعجمة أي أبعدوا الناس عن الظلم أو امنعوهم واصرفوهم منه ، أي من يريد أن يظلم الناس اصرفوه وامنعوه وأبعدوه عن ظلم الناس .
( 2 ) كذا في أصلي المطبوع ، وفي كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد : " واحترسوا " .
( * )

[416]

قال : وكتب ( عليه السلام ) إلى جنوده يخبرهم بالذي لهم وعليهم : أما بعد فإن الله جعلكم في الحق جميعا سواءا أسودكم وأحمركم وجعلكم من الوالي وجعل الوالي منكم بمنزلة الولد من الوالد والوالد من الولد ، فجعل لكم عليه إنصافكم والتعديل بينكم والكف عن فيئكم فإذا فعل معكم ذلك وجبت عليكم طاعته فيما وافق الحق ونصرته والدفع عن سلطان الله فإنكم وزعة الله في الارض فكونوا له أعوانا ولدينه أنصارا ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها إن الله لا يحب المفسدين .
قال نصر : وروى عن ابن نباتة قال : قال علي ( عليه السلام ) : ما يقول الناس في هذا القبر بالنخيلة ؟ - وبالنخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله - فقال الحسن بن علي عليهما السلام : يقولون : هذا قبر هود لما عصاه قومه جاء فمات ها هنا .
فقال : كذبوا لانا أعلم به منهم هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بكر يعقوب .
ثم قال : أها هنا أحد من مهرة ؟ فأتي بشيخ فقال أين منزلك ؟ قال : على شاطئ البحر .
قال : أين أنت من الجبل [ الاحمر ؟ ] قال : أنا قريب منه .
قال : فما يقول قومك فيه ؟ قال : يقولون : إن فيه قبر ساحر .
قال : كذبوا ذاك قبر هود النبي ( عليه السلام ) وهذا قبر يهودا بن يعقوب [ بكره ] .
ثم قال : يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس يدخلون الجنة بلا حساب .
قال نصر : فلما نزل علي النخيلة متوجها إلى الشام وبلغ معاوية خبره وهو يومئذ بدمشق قد ألبس منبر دمشق قميص عثمان مختضبا بالدم وحول المنبر سبعون ألف شيخ يبكون حوله فخطبهم وحثهم على القتال فأعطوه الطاعة وانقادوا له وجمع إليه أطرافه واستعد للقاء علي ( عليه السلام ) .
بيان : جدت [ الحديث ] في كتاب صفين مثله .
وقال في النهاية : فيه : " اللهم إني أبرء إليك من معرة الجيش " هو أن

[417]

ينزلوا بقوم فيأكلوا من زروعهم بغير علم .
وقيل هو قتال الجيش بدون إذن الامير .
والمعرة : الامر القبيح المكروه والاذى إنتهى .
والتعميم أولى أي [ إني ] أبرء إليكم من كل ما فعلتموه وفعل جنودكم من الظلم والعدوان فإني أنهاكم عنه وأعلمكم آداب السير والنزول " فلا تألوا أنفسكم خيرا " أي لا تقصروا في كسب الخير لانفسكم ولا في أمر الجند بحسن السيرة ولا في إعانة الرعية ولا في تقوية الدين " وأبلوه " أي أعطوه .
وفي النهاية : " فيه أقيد من وزعة الله ؟ " الوزعة : جمع وازع وهو الذي يكف الناس ويحبس أولهم على آخرهم أراد أقيد من الذين يكفون الناس عن الاقدام على الشر ؟ ومنه حديث الحسن لما ولي القضاء قال : " لابد للناس من وزعة " أي من يكف بعضهم عن بعض يعني السلطان وأصحابه .
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين - ووجدته في أصل كتابه أيضا - قال : لما وضع علي ( عليه السلام ) رجله في ركاب دابته يوم خرج من الكوفة إلى صفين قال : بسم الله ، فلما جلس على ظهرها قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون .
اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الاهل والمال والولد ، ومن الحيرة بعد اليقين .

-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 417 سطر 19 الى ص 425 سطر 18 اللهم أنت الصاحب في السفر ، وأنت الخليفة في الاهل ، ولا يجمعهما غيرك ، لان المستخلف لا يكون مستصحبا والمستصحب لا يكون مستخلفا .
قال : فخرج ( عليه السلام ) حتى إذا جاز حد الكوفة صلى ركعتين .
وروي عن زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام أن عليا ( عليه السلام ) خرج وهو يريد صفين حتى إذا قطع النهر أمر مناديه فنادى بالصلاة فتقدم فصلى ركعتين حتى إذا قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه فقال : أيها الناس

[418]

ألا من كان مشيعا أو مقيما فليتم الصلاة فإنا قوم سفر ألا ومن صحبنا فلا يصومن المفروض والصلاة المفروضة ركعتان .
قال نصر : ثم خرج حتى أتي دير أبي موسى وهو من الكوفة على فرسخين فلما انصرف من الصلاة قال : سبحان الله ذي الطول والنعم سبحان الله ذي القدرة والافضال أسأله الرضا بقضائه والعمل بطاعته والانابة إلى أمره إنه سميع الدعاء .
ثم خرج ( عليه السلام ) حتى نزل على شاطئ نرس بين مسجد حمام أبي بردة وحمام عمر فصلى بالناس المغرب فلما انصرف قال : الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل والحمد لله كلما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق .
ثم أقام حتى صلى الغداة ثم شخص حتى بلغ إلى بيعة إلى جانبها نخل طوال ( 1 ) فلما رآها قال : " والنخل باسقات لها طلع نضيد " فنزلها ومكث بها قدر الغداء .
قال نصر : [ و ] روي عن محمد بن مخنف أنه قال : إني لانظر إلى أبي وهو يسائر عليا ( عليه السلام ) وهو يقول : إن بابل أرض قد خسف بها ( 2 ) فحرك دابته وحرك الناس دوابهم في أثره فلما جاز جسر الصراة نزل فصلى بالناس العصر .
قال : وحدثني عمر بن عبدالله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن عبد خير قال : كنت مع علي ( عليه السلام ) أسير في أرض بابل قال : وحضرت

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، وفي طبع مصر من كتاب صفين : " ثم شخص بلغ قبة " قبين " [ و ] فيها نخل طوال إلى جانب البيعة " .
( 2 ) كذا في الاصل المطبوع ، وفي كتاب صفين : " إن ببابل أرضا قد خسف بها فحرك دابتك لعلنا أن نصلي العصر خارجا منها " .
( * )

[419]

الصلاة : صلاة العصر قال : فجعلنا لا نأتي مكانا إلا رأيناه أفيح من الآخر قال : حتى أتينا على مكان أحسن ما رأينا وقد كادت الشمس أن تغيب قال : ونزل علي ( عليه السلام ) ونزلت معه قال : فدعا الله فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر قال : فصلينا العصر ثم غابت الشمس .
ثم خرج حتى أتى دير كعب ثم خرج منه فبات بساباط فأتاه دهاقينها يعرضون عليه النزل والطعام فقال : لا ليس ذلك لنا عليكم فلما أصبح وهو بمظلم ساباط قال : " أتبنون بكل ريع آية تعبثون " [ 128 / الشعراء : 26 ] .
قال نصر : وحدثنا منصور بن سلام عن حيان التيمي عن أبي عبيدة عن هرثمة بن سليم قال : غزونا مع علي ( عليه السلام ) صفين فلما نزل بكربلاء صلى بنا فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال : واها لك يا تربة ليحشرن معك قوم يدخلون الجنة بغير حساب .
قال : فلما رجع هرثمة من غزاته إلى إمرأته جرداء بنت سمير وكانت من شيعة علي ( عليه السلام ) حدثها هرثمة فيما حدث فقال لها : ألا أعجبك من صديقك أبي حسن ؟ قال : لما نزلنا كربلاء وقد أخذ خفنة من تربتها فشمها وقال : " واها لك أيتها التربة ليحشرن منكم قوم يدخلون الجنة بغير حساب " وما علمه بالغيب ؟ فقالت المرأة له : دعنا منك أيها الرجل فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا .
قال : فلما بعث عبيدالله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين ( عليه السلام ) كنت في الخيل التي بعث إليهم فلما انتهيت إلى الحسين وأصحابه عرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع علي والبقعة التي رفع من تربتها والقول الذي قاله فكرهت مسيري فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين ( عليه السلام ) فسلمت عليه وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل فقال الحسين ( عليه السلام ) : أمعنا أم علينا ؟ فقلت : يا ابن رسول الله لا معك ولا عليك تركت ولدي وعيالي وأخاف عليهم من ابن زياد .
فقال ( عليه السلام ) : اذهب حتى لا ترى مقتلنا فو الذي نفس حسين بيده لا يرى اليوم أحد مقتلنا

[420]

ثم لا يعيننا إلا دخل النار .
قال : فأقبلت في الارض اشتد هربا حتى خفي علي مقتلهم .
وري أيضا عن سعيد وهب قال : بعثني مخنف بن سليم إلى علي ( عليه السلام ) عند توجهه إلى صفين فأتيته بكربلاء فوجدته يشير بيده ويقول : ها - هنا ها هنا فقال له رجل : وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : ثقل لآل محمد ينزل ها هنا فويل لهم منكم وويل لكم منهم .
فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين ؟ قال : ويل لهم منكم تقتلونهم وويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم إلى النار .
قال نصر : وقد روي هذا الكلام على وجه آخر : قال : فويل لكم منهم وويل لكم عليهم .
فقال الرجل : أما ويل لنا منهم فقد عرفناه فويل لنا عليهم ما معناه ؟ فقال : ترونهم يقتلون لا تستطيعون نصرتهم .
قال نصر : وحدثنا سعيد بن حكيم العبسي عن الحسن بن كثير عن أبيه أن عليا ( عليه السلام ) أتى كربلاء فوقف بها فقيل له : يا أمير المؤمنين هذه كربلاء ؟ فقال : نعم ذات كرب وبلاء ثم أومئ بيده إلى مكان آخر فقال : ها - هنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم ثم أومى بيده إلى مكان آخر ثم قال : ها هنا مراق دمائهم ! ! ثم مضى إلى ساباط حتى إنتهى إلى مدينة بهر سير .
386 - نهج : ومن خطبة له ( عليه السلام ) عند المسير إلى الشام : الحمد لله كلما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق ، والحمد لله غير مفقود الانعام ولا مكافأ الافضال .

___________________________________________________________
386 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : " 48 ) من خطب نهج البلاغة .
( * )