[471]

في دين قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم فإن الفرار فيه سلب العز والغلبة على الفئ وذل المحيا والممات وعار الدنيا والآخرة وسخط الله وأليم عقابه .
ثم قال : أيها الناس أخلصوا إلي مذحجا فاجتمعوا إليه فقال عضضتم بصم الجندل والله ما أرضيتم اليوم ربكم ولا نصحتم له في عدوه وكيف ذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات وفرسان الطرار وحتوف الاقران ومذحج الطعان الذين لم يكونوا يسبقون بثارهم ولم تطل دماؤهم ولم يعرفوا في موطن من المواطن بخسف ، وأنتم سادة مصركم ( 1 ) وأعز حي في قومكم وما تفعلوا في هذا اليوم مأثور بعد اليوم فأتقوا مأثور الحديث في غد واصدقوا عدوكم اللقاء فإن الله مع الصابرين والذي نفسي بيده ما من هؤلاء - وأشار بيده إلى أهل الشام - رجل في مثل جناح البعوضة من دين الله ، الله ما أحسنتم اليوم القراع أجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي [ و ] عليكم بهذا السواد الاعظم فإن الله لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع السيل مقدمه .
فقالوا : خذ بنا حيث أحببت فصمد بهم نحو عظمهم واستقبله سنام من همدان ( 2 ) وهم نحو ثمان مائة مقاتل قد انهزموا آخر الناس وكانوا قد صبروا في ميمنة علي حتى قتل منهم مائة وثمانون رجلا وأصيب منهم أحد عشر رئيسا كلما قتل منهم رئيسا أخذ الراية آخر [ فانصرفوا وهم يقولون ليت لنا عديدا من العرب يحالفوننا ثم نستقدم نحن وهم فلا ننصرف حتى نقتل أو نظهر ] ( 3 )

___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الصواب الموافق لما في شرح ابن أبي الحديد ، وكتاب صفين وتاريخ الطبري غير أن في كتاب صفين : " أحد أهل مصركم " .
وفي ط الكمباني من بحار الانوار : " بجبن ، وسادة من حضركم ... " .
قوله : " ولم تطل دماؤهم " أي لم يهدر .
والخسف : الذل .
( 2 ) كذا في أصلي ومثله في ط القديم من كتاب صفين ، فإن صح فالكلام خرج مخرج الكناية والاستعارة .
وفي شرح ابن أبي الحديد : " وأستقبله أشباههم من همدان " .
وفي تاريخ الطبري " يستقبله شباب من همدان ... " .
( 3 ) ما بين المعقوفين زيادة محتاجة إليها أخذناها من كتاب صفين .
( * )

[472]

فقال لهم الاشتر إني أحالفكم وأعاقدكم على أن لا نرجع أبدا حتى نظفر أو نهلك فوقفوا معه على هذه النية والعزيمة وزحف نحو الميمنة وثاب إليه ناس تراجعوا من أهل الصبر والوفاء والحياء فأخذ لا يصمد لكتيبة إلا كشفها ولا بجمع الاجازه ورده .
410 - فروي عن مولى للاشتر قال : لما اجتمع إلى الاشتر من كان انهزم من الميمنة حمل على صفوف أهل الشام حتى كشفهم فألحقهم بمضارب معاوية وذلك بين العصر والمغرب .
411 - وعن زيد بن وهب أن عليا عليه السلام لما رأى ميمنته قد عادت إلى موقفها ومصافها وكشفت من بإزائها أقبل حتى انتهى إليهم فقال : قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم الجفاة الطغام أعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الاعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا قتالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف وكنتم فيما أرى من الهالكين .
ولقد هون علي بعض وجدي وشفى بعض لاعج نفسي أن رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم فأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحسونهم بالسيف يركب أولهم آخرهم كالابل المطرودة الهيم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم اليقين .
وليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه وفي الفرار موجدة الله عليه والذل لازم عليه ( 1 ) ومفسدة العيش عليه وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ولا يرضي ربه لموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في ط الكمباني من بحار الانوار .
وفي شرح ابن أبي الحديد : " وفي الفرار موجدة الله عليه ، والذل اللازم له وفساد العيش ... " .
( * )

[473]

بالتلبيس بها والاصرار عليها ( 1 ) .
قال نصر : فحمل أبوكعب الخثعمي رأس خثعم العراق على خثعم الشام واقتتلوا أشد قتال فجعل أبوكعب يقول لاصحابه : يا معشر خثعم خذموا أي اضربوا الخذمة وهي الخلخال يعني اضربوهم في سوقهم .
فحمل شمر بن عبدالله على أبي كعب فطعنه فقتله ثم انصرف يبكي ويقول : رحمك الله أبا كعب لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس إلي رحما وأحب إلي منهم نفسا ولكني والله لا أدري ما أقول ولا أرى الشيطان إلا قد فتننا ولا أرى قريشا إلا قد لعبت بنا ( 2 ) .
فوثب كعب بن أبي كعب إلى راية أبيه فأخذها ففقئت عينه وصرع ثم أخذها شريح بن مالك فقاتل القوم تحتها حتى صرع منهم حول رايتهم نحو ثمانين رجلا وأصيب من خثعم الشام مثل ذلك ثم ردها شريح إلى كعب بن أبي كعب .
412 - وقال [ نصر : وحدثنا عمرو ، قال : حدثنا عبدالسلام بن عبدالله بن جابر ] ( 3 ) : ان راية بجيلة في صفين مع أهل العراق كانت في أحمس مع أبي

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ، وفي ط الكمباني من بحار الانوار : " يموت الرجل ... خير من الرضا بالتلبيس بها ... " .
وفي كتاب صفين : " خير من التلبس بها والاقرار عليها " .
وفي تاريخ الطبري : " إن في الفرار موجدة الله عزوجل عليه ، والذل اللازم ،
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 473 سطر 19 الى ص 481 سطر 18 والعار الباقي واعتصار الفئ من يده وفساد العيش عليه ... فموت المرء محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتأنيس لها والاقرار عليها .
ورواه قريبا منه أيضا الاسكافي المتوفى سنة ( 240 ) في كتاب المعيار والموازنة ص 149 ، ط 1 ، وفيه : " فيموت المرء محقا خير من الحياة على الفرار بهذه الخصال " .
( 2 ) ورواه أيضا الاسكافي في كتاب المعيار والموازنة ص 156 ، ط 1 .
( 3 ) ما بين المعقوفين أخذناه من كتاب صفين وكان سقط عن طبع الكمباني من كتاب البحار .
( * )

[474]

شداد فقالت له بجيلة خذ رايتنا قال : غيري خير لكم مني قالوا : لا نريد غيرك قال : فو الله لئن أعطيتها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب الذي هو قائم على رأس معاوية يستره من الشمس فقالوا : اصنع ما شئت فأخذها ثم زحف بها وهم حوله يضربون الناس بأسيافهم حتى انتهى إلى صاحب الترس المذهب وهو في خيل عظيمة من أصحاب معاوية فاقتتل الناس هناك قتالا شديدا وشد أبوشداد بسيفه نحو صاحب الترس فتعرض له رومي فضرب قدم أبي شداد فقطعها وضرب أبوشداد ذلك الرومي فقتله فأشرعت إليه الاسنة فقتل .
فأخذ الراية عبدالله بن قلع الاحمسي وقاتل حتى قتل فأخذها أخوه عبدالرحمن فقاتل حتى قتل ثم أخذها عفيف بن أياس فلم يزل بيده حتى تحاجز الناس فحمل غطفان العراق على غطفان الشام وقتل منهما كثير وكذا أزد العراق على أزد الشام وكذا كل قبيلة على من بإزائهم .
413 - قال نصر : وروى عمر بن سعد عن الحارث بن حصيرة عن أشياخ النمر أن عتبة بن جوبة ( 1 ) قال يوم صفين : إن مرعى الدنيا قد أصبح هشيما وأصبح شجرها حصيدا وجديدها سملا وحلوها مر المذاق .

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في ط الكمبانى من البحار ، وفي ط مصر من كتاب صفين : " عتبة بن جويرية " وفي أواسط شرح المختار : ( 65 ) من نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد : ج 2 ص 230 .
قال نصر : وحدثنا عمرو ، عن الحارث بن حصين ، عن أشياخ الحي أن عتبة بن حومة قال يوم صفين ... وفي قصة حرب صفين من تاريخ الطبري : ج 5 ص 27 ط بيروت : قال : قال أبومجنف : وحدثني الحارث بن حصيرة ، عن أشياخ النعر أن عقبة بن حديد النعري قال يوم صفين ... والحديث رواه أيضا أبوجعفر الاسكافي في كتاب المعيار والموازنة ص 159 .
( * )

[475]

ألا وإني أنبئكم نبأ امرئ صادق أني سئمت الدنيا وعزفت نفسي عنها وقد كنت أتمنى الشهادة وأتعرض لها في كل حين فأبى الله إلا أن يبلغني هذا اليوم ألا وأني متعرض ساعتى هذه لها وقد طمعت أن لا أحرمها .
فما تنتظرون عباد الله من ج ؟ اد أعداء الله أخوف الموت القادم عليكم الذاهب بأنفسكم لا محالة ؟ أو من ضربة كف أو حس بالسيف أتستبدلون الدنيا بالنظر إلى وجه الله عزوجل ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار القرار ما هذا بالرأى السديد .
ثم قال : يا إخوتاه إني قد بعت هذه الدار بالدار التي أمامها وهذا وجهي إليه لا يبرح الله وجوهكم ولا يقطع الله أرحامكم .
فتبعه أخواه عبيد الله وعوف وقالا : لا نطلب رزق الدنيا بعدك قبح الله العيش بعدكم اللهم إنا نحتسب أنفسنا عندك فاستقدموا فقاتلوا حتى قتلوا .
قال : فاقتتل الناس قتالا شيديدا يوم الاربعاء فقال رجل من أصحاب علي عليه السلام والله لاحملن على معاوية حتى أقنله فأخذ فرسا فركبه ثم ضربه حتى إذا قام على سنابكه دفعه فلم ينهنهه شئ عن الوقوف على رأس معاوية ودخل معاوية خباءه فنزل الرجل عن فرسه ودخل عليه مخرج معاوية من الخباء وطلع الرجل في أثره فخرج معاوية فأحاط به الناس وقال : ويحكم إن السيوف لم يؤذن لها في هذا ولولا ذلك لم يصل إليكم علكيم بالحجارة فرضخوه بالحجارة حتى همد الرجل ثم عاد معاوية إلى مجلسه .
قال نصر : فلما انقضى هذا اليوم بما فيه أصبحوا في اليوم الثانى والفيلقان متقابلان فخرج رجل من أهل الشام فسأل المبارزة فخرج إليه رجل من أهل العراق فاقتتلا قتالا شديدا ثم إن العراقى اعتنقه فوقعا جميعا وعاد الفرسان ثم إن العراقي قهره فجلس على صدره وكشف المغفر عنه يريد [ أن ] يذبحه فإذا هو أخوه لابيه فصاح به أصحاب علي عليه السلام ويحك أجهز عليه .
قال : إنه أخي قالوا : فاتركه قال : لا والله حتى يأذن أمير المؤمنين فأخبر علي عليه السلام بذلك فأرسل إليه أن دعه فتركه وعاد إلى صف معاوية .

[476]

414 - وعن الجرجاني قال : كان معاوية يعد لكل عظيم حريثا ومولاه وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به فإذا قاتل قال الناس : ذاك معاوية وإن معاوية دعاه وقال : يا حريث إتق عليا وضع رمحك حيث شئت .
فأتاه عمرو بن العاص وقال : يا حريث إنك والله لو كنت قريشا لاحب لك معاوية أن تقتل عليا ولكن كره أن يكون لك حظها فإن رأيت فرصة فاقتحم .
وخرج علي عليه السلام في هذا اليوم وكان أمام الخيل فحمل عليه حريث .
وفي رواية عمرو بن شمر عن جابر ( 1 ) قال : برز حريث مولى معاوية هذا اليوم وكان شديدا ذا بأس لا يرام فصاح يا علي هل لك في المبارزة ؟ فأقدم أبا حسن إن شئت فأقبل علي وهو يقول : أنا علي وابن عبدالمطلب * نحن لعمر الله أولى بالكتب منا النبي المصطفى غير كذب * أهل اللواء والمقام والحجب نحن نصرناه على كل العرب ثم خالطه فما أمهله أن ضربه ضربة واحدة فقطعه نصفين فجزع معاوية عليه جزعا شديدا وعاب عمروا في إغرائه بعلي .
فما قتل حريث برز عمرو بن الحصين السكسكى فنادى أبا حسن هلم إلى المبارزة فأومى علي إلى سعيد بن قيس الهمداني فبارزه فضربه بالسيف فقتله .
قال نصر : وكان لهمدان بلاء عظيم في نصرة علي عليه السلام في صفين ومن الشعر الذي لا يشك أن قائله علي لكثرة الرواية له : دعوت فلباني من القوم عصبة * فوارس من همدان غير لئام بكل رديني وعضب تخاله * إذا اختلف الاقوام شعل ضرام لهمدان أخلاق كرام يزينهم * وبأس اذا لاقوا وجد خصام

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في اصلي ، وفي كتاب صفين ص 273 : " عرض جابر عن تميم قال ... " إنهم ليعلمون ... .
( * )

[477]

وجد وصدق في الحروب ونجدة * وقول إذا قالوا بغير أثام متى تأتهم في دارهم تستضيفهم * تبت ناعما في خدمة وطعام جزى الله همدان الجنان فإنها * سمام العدى في كل يوم زحام فلو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان : ادخلوا بسلام 415 - قال نصر : وحدثنا عمرو بن شمر قال : ثم قام علي بين الصفين ونادى : يا معاوية يكررها فقال معاوية : سلوه ما شأنه ؟ قال : أحب أن يظهر لي فأكلمه بكلمة واحدة فبرز معاوية ومعه عمرو بن العاص فلما قارباه لم يلتفت إلى عمرو وقال لمعاوية : ويحك علام تقتل الناس بيني وبينك ويقتل بعضهم بعضا أبرز إلي فأينا قتل فالامر إلى صاحبه .
فالتفت معاوية إلى عمرو فقال : ما ترى يا أبا عبدالله ؟ قال : قد أنصفك الرجل فاعلم أنك إن نكلت عنه لم تزل سبة عليك وعلى عقبك ما بقي على ظهر الارض عربي فقال معاوية : يا ابن العاص ليس مثلي يخدع عن نفسه والله ما بارز ابن أبي طالب شجاع قط إلا وسقى الارض بدمه ثم انصرف معاوية راجعا حتى انتهى إلى آخر الصفوف وعمرو معه فلما رأى علي عليه السلام ذلك ضحك وعاد إلى موقفه .
قال : وحقدها معاوية عل عمرو باطنا ( 1 ) .
قال نصر : ثم التقى الناس واقتتلوا قتالا شديدا وحاربت طي مع أمير المؤمنين عليه السلام حروبا عظيمة وقتل منهم أبطال كثيرون وقاتلت النخع أيضا معه ذلك اليوم قتالا شديدا وقطعت رجل علقمة بن قيس النخعي وقتل أخوه أبي بن قيس فكان علقمة يقول بعد : ما أحب أن رجلي أصح ما كانت لما أرجو بها الثواب وقال : رأيت أخي في نومي فقلت له : ما الذي قدمتم عليه ؟ قال : التقينا نحن وأهل الشام بين يدي الله سبحانه فاحتججنا عنده فحججنا فسررت بذلك .

___________________________________________________________
( 1 ) وهذا إيجاز من المصنف ، وفي القصة تفصيل وأبيات حذفها المصنف كما صنع فيما تقدم وفيما يأتي أيضا .
( * )

[478]

416 - وروي عن الحضين بن المنذر أنه لما تصاف الناس ذلك اليوم وحمل بعضهم على بعض وضعضعت ميمنة أهل العراق جاءنا علي عليه السلام ومعه نبوه فنادى بصوت جهر : لمن هذه الرايات ؟ فقلنا : رايات ربيعة فقال : بل هي رايات عصم الله أهلها وصبرها وثبت أقدامها ثم قال لي وأنا حامل راية ربيعة : يا فتى ألا تدني [ رايتك ] هذه ذراعا ؟ [ فقلت : بلى والله وعشرة أذرع ثم ملت بها هكذا [ فأدنيتها ( 1 ) فقال لي : حسبك .
وروي أنهم أعطوا الراية الحضين بن المنذر الرقاشي وهو يومئذ غلام وهو يزحف براية ربيعة وكانت حمراء فأعجب عليا عليه السلام زحفه وثباته فقال : لمن راية حمراء يخفق ظلها * إذا قيل قدما حضين تقدما ويدنو بها في الصف حتى يديرها * حمام المنايا تقطر الموت والدماء جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى البأس حرا ما أعز وأكرما وأحزم صبرا يوم يدعي إلى الوغى * إذ كان أصوات الكماة تغمغما ربيعة أعني إنهم أهل نجدة وبأس * إذا لاقوا خميسا عرمرما وقد صبرت عك ولخم وحمير * لمذحج حتى لم تفارق دم دما ونادت جذام يا لمذحج ويحكم * جزى الله شرا أينا كان أظلما اما تتقون الله في حرماتكم * وما قرب الرحمن منها وعظما أذفنا ابن حرب طعننا وضرابنا * بأسيافنا حتى تولى وأحجما وسر ينادي الزبرقان مراطم ( 2 ) * ونادى كلاعا والكريب وأنعما

___________________________________________________________
( 1 ) هذا الظاهر المذكور في كتاب صفين ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ الطبري : ج 5 ص 23 وشرح ابن أبي الحديد ، وما بين المعقوفين أيضا مأخوذ منهما .
وفي ط الكمباني من البحار : " يا ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ هدي هذه ذراعا ؟ فأبديتها فقال لي : حسبك .
( 2 ) كذا في أصلي ، وفي كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد : " وفر ينادي الزبرقان وظالما " .
( * )

[479]

وعمرا وسفيانا وجهها ومالكا * وحوشب والغاوي سريحا وأظلما وكرز بن نبهان وعمرو بن جحدر * وصباحا العبسي به عفو واسلما ( 1 ) قال نصر : وأقبل ذو الكلاع في الحمير ومن لف لفها ومعهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف من قراء أهل الشام فحملوا على ربيعة وهم ميسرة أهل العراب وفيهم عبدالله بن العباس حملة شديدة ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ رايات ربيعة ثم إن أهل الشام انصرفوا فلم يلبثوا إلا قليلا حتى كروا ثانية وعبيد - الله بن عمر في أولهم يقول : يا أهل الشام هذا الحي من العمراني قتلة عثمان وأنصار علي فإن هزمتم هذه القبيلة أدركتم ثأركم في عثمان ف ؟ ؟ وا على الناس شدة عظيمة فثبتت لهم ربيعة وصبرت صبرا حسنا إلا قليلا من الضعفاء واشتد القتال بين ربيعة وحمير وعبيد الله بن عمر وكثرت القتلى .
ثم خرج نحو خمس مائة فارس أو أكثر من أصحاب علي عليه السلام على رؤوسهم البيض غائصون الحديد لا يرى منهم إلا الحدق وخرج إليهم من أهل الشام نحوهم في العدة فاقتتلوا بين الصفين والناس وقوف تحت راياتهم فلم يرجع من هؤلاء مخبر ( 2 ) لا عراقي ولا شامي قتلوا جميعا بين الصفين .
وكان بصفين تل يلقى عليه الجماجم من الرجال فكان يدعى تل الجماجم .
قال نصر : ثم ذهب هذا اليوم بما فيه فأصبحوا من اليوم التاسع من صفر وقد خطب معاوية أهل الشام وحرفهم فحمل عبيد الله وقرأ أهل الشام

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، وفي كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد : " القيني " .
ثم قال ابن أبي الحديد : هكذا روى نصر بن مزاحم ، وسائر الرواة رووا له عليه السلام الابيات الستة الاولى ، ورروا باقي الابيات من قوله : " وقد صبرت عك " للحضين بن المنذر صاحب الراية .
أقول : وقد روى الطبري ستة منها في تاريخه : ج 5 ص 37 ط بيروت .
( 2 ) هذا هو الصواب ، وفي أصلي : " يخبر إلا عراقي ... " .
( * )

[480]

ومعه ذو الكلاع في حمير على ربيعة في ميسرة علي عليه السلام فقاتلوا قتالا شديدا .
فأتى زياد بن خصفة إلى عبدالقيس فقال : لا يكونن وائل بعد اليوم إن ذا الكلاع وعبيد الله بن عمر قد أبادا ربيعة فانهضوا لهم وإلا هلكت فركبت عبدالقيس وجاءت كأنها غمامة سوداء فشدت أزر الميسرة وعظم القتال فقتل ذو الكلاع قتله رجل من بكر بن وائل اسمه خندف وتضعضعت أركان حمير وثبتت بعد ذي الكلاع تحارب مع عبيد الله بن عمر .
فأرسل عبيد الله إلى الحسن بن علي عليه السلام إن لي إليك حاجة فالقني فلقيه الحسن عليه السلام فقال له عبيد الله : إن أباك قد وتر قريشا أولا وآخرا وقد شنئه الناس فهل لك في خلعه وأن تتولى أنت هذا الامر فقال : كلا والله .
ثم قال : يا ابن الخطاب والله لكأني أنظر إليك مقتولا في يومك أو في غدك أما إن الشيطان قد زين لك وخدعك حتى أخرجك مخلقا بالخلوق تري نساء أهل الشام موقفك وسيصرعك الله ويبطحك لوجهك قتيلا ( 1 ) .
قال : فو الله ما كان إلا بياض النهار حتى قتل عبيد الله وهو في كتيبة رقطاء وكانت تدعى الخضرية كانوا أربعة آلاف عليهم ثياب مخضر فمر الحسن فإذا رجل متوسد رجل قتيل وقد ركز رمحه في عينه وربط فرسه برجله فقال الحسن لمن معه : انظروا إلى هذا وإذا رجل من همدان وإذا القتيل عبيد الله بن عمر قد قتله الهمداني في أول الليل وبات عليه حتى أصبح .
قال نصر : وقد اختلف الرواة في قاتله فقالت همدان : نحن قتلناه قتله هانئ بن الخطاب وقالت حضرموت : نحن قتلناه قتله مالك بن عمرو وقال بكر بن وائل : قتله منا محرز بن الصحصح وروي أن قاتله حريث بن جابر بن الجعفي .

___________________________________________________________
( 1 ) هذا ذكره نصر في أواسط الجزء ( 5 ) من كتاب صفين ص 297 ط مصر ، وهذا خبر غيبي أخذه ريحانة رسول الله إما عن جده أو عن أبيه أو أمة .
( * )